بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِْصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ، قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ،اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الاَْرْضُ وَعُمّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما
اخوتي المؤمنين ... اخواتي المؤمنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بينا في الجزءالثاني من سلسلة الغيبة والظهور ما جرى من أمر غيبة أدريس النبي ع وخوفه من البطش كان اهم من اسباب غيبته وتشابهها مع غيبة الامام المهدي ع في ذلك وحسب روايات اهل البيت ع
عن محمد بن مسعود قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد قال حدثني أحمد بن هلال عن عثمان بن عيسى الرواسي عن خالد بن نجيح الجواز عن زرارة قال قال أبو عبد الله ع (يا زرارة لا بد للقائم من غيبة قلت و لم قال يخاف على نفسه و أومأ بيده إلى بطنه) (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 487-500
كذلك بينا ماجرى من امر غيبة صالح النبي ع وتشابه ظهوره بعد غيبته مع روايات آل البيت ع في كيفية ظهور الامام المهدي ع بعد غيبته لكونه يغيب بعمر معين ويعود بعمر آخر ينكره كثيرون ويشك به آخرون ويصدق به المؤمنون
واستكمالاً لحديثنا نتناول في الجزء الثالث من هذه السلسلة في امر غيبة ابراهيم النبي ع وغيبة يوسف النبي ع
3. باب في غيبة إبراهيم ع
و أما غيبة إبراهيم خليل الرحمن ع فإنها تشبه غيبة قائمنا ع بل هي أعجب منها لأن الله عز و جل غيب أثر إبراهيم ع و هو في بطن أمه حتى حوله عز و جل بقدرته من بطنها إلى ظهرها ثم أخفى أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله.
حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال كان أبو إبراهيم ع منجما لنمرود بن كنعان و كان نمرود لا يصدر إلا عن رأيه فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا فقال له نمرود و ما هو فقال رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه فيكون هلاكنا على يديه و لا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به فعجب من ذلك نمرود و قال له هل حملت به النساء فقال لا و كان فيما أوتي به من العلم أنه سيحرق بالنار و لم يكن أوتي أن الله تعالى سينجيه قال فحجب النساء عن الرجال فلم يترك امرأة إلا جعلت بالمدينة حتى لا يخلص إليهن الرجال قال و وقع أبو إبراهيم على امرأته فحملت به و ظن أنه صاحبه فأرسل إلى نساء من القوابل لا يكون في البطن شيء إلا علمن به فنظرن إلى أم إبراهيم فألزم الله تعالى ذكره ما في الرحم الظهر فقلن ما نرى شيئا في بطنها فلما وضعت أم إبراهيم به أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود فقالت له امرأته لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله و لا تكون أنت تقتل ابنك فقال لها فاذهبي به فذهبت به إلى غار ثم أرضعته ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه فجعل الله عز و جل رزقه في إبهامه فجعل يمصها فيشرب لبنا و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم إن أمه قالت لأبيه لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلت قال فافعلي فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم ع و إذا عيناه تزهران كأنهما سراجان فأخذته و ضمته إلى صدرها و أرضعته ثم انصرفت عنه فسألها أبوه عن الصبي فقالت له قد واريته في التراب فمكثت تعتل و تخرج في الحاجة و تذهب إلى إبراهيم ع فتضمه إليها و ترضعه ثم تنصرف فلما تحرك أتته أمه كما كانت تأتيه و صنعت كما كانت تصنع فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها فقالت له ما لك فقال لها اذهبي بي معك فقالت له حتى أستأمر أباك فلم يزل إبراهيم ع في الغيبة مخفيا لشخصه كاتما لأمره حتى ظهر فصدع بأمر الله تعالى ذكره و أظهر الله قدرته فيه ثم غاب ع الغيبة الثانية و ذلك حين نفاه الطاغوت عن مصر فقال ( وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) قال الله عز و جل ( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) مريم :50 يعنى به علي بن أبي طالب ع لأن إبراهيم قد كان دعا الله عز و جل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين فجعل الله تبارك و تعالى له و لإسحاق و يعقوب لسان صدق عليا فأخبر علي ع بأن القائم من ولده و أنه المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و أنه تكون له غيبة و حيرة يضل فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون و أن هذا كائن كما أنه مخلوق و أخبر ع في حديث كميل بن زياد النخعي أن الأرض لا تخلو من قائم بحجة إما ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته و لإبراهيم ع غيبة أخرى سار فيها في البلاد وحده للاعتبار . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 137- 139 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج1 ص 32 -34
اخوتي واخواتي الأعزاء... اما ما جرى في امر غيبة يوسف النبي ع
4. باب في غيبة يوسف ع
و أما غيبة يوسف ع فإنها كانت عشرين سنة لم يدهن فيها و لم يكتحل و لم يتطيب و لم يمس النساء حتى جمع الله ليعقوب شمله و جمع بين يوسف و إخوته و أبيه و خالته كان منها ثلاثة أيام في الجب و في السجن بضع سنين و في الملك باقي سنيه و كان هو بمصر و يعقوب بفلسطين و كان بينهما مسيرة ثمانية عشر يوما فاختلفت عليه الأحوال في غيبته من إجماع إخوته على قتله ثم إلقائهم إياه في غيابت الجب ثم بيعهم إياه بثمن بخس دراهم معدودة ثم بلواه بفتنة امرأة العزيز ثم بالسجن بضع سنين ثم صار إليه بعد ذلك ملك مصر و جمع الله تعالى ذكره شمله و أراه تأويل رؤياه .
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الحسن الواسطي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قدم أعرابي على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه فلما فرغ قال له يوسف أين منزلك قال له بموضع كذا و كذا قال فقال له فإذا مررت بوادي كذا و كذا فقف فناد يا يعقوب يا يعقوب فإنه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم فقل له لقيت رجلا بمصر و هو يقرئك السلام و يقول لك إن وديعتك عند الله عز و جل لن تضيع قال فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه احفظوا علي الإبل ثم نادى يا يعقوب يا يعقوب فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقي الحائط بيده حتى أقبل فقال له الرجل أنت يعقوب قال نعم فأبلغه ما قال له يوسف قال فسقط مغشيا عليه ثم أفاق فقال يا أعرابي أ لك حاجة إلى الله عز و جل فقال له نعم إني رجل كثير المال و لي ابنة عم ليس يولد لي منها و أحب أن تدعو الله أن يرزقني ولدا قال فتوضأ يعقوب و صلى ركعتين ثم دعا الله عز و جل فرزق أربعة أبطن أو قال ستة أبطن في كل بطن اثنان فكان يعقوب ع يعلم أن يوسف ع حي لم يمت و أن الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته و كان يقول لبنيه ( إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) يوسف:96 و كان أهله و أقرباؤه يفندونه على ذكره ليوسف حتى أنه لما وجد ريح يوسف قال ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) يوسف:96 و هو يهودا ابنه و ألقى قميص يوسف (عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ). يوسف:96 (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 141- 142 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 440 -441
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي إسماعيل السراج عن بشر بن جعفر عن المفضل الجعفي عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول أ تدري ما كان قميص يوسف ع قلت لا قال إن إبراهيم ع لما أوقدت له النار أتاه جبرئيل ع بثوب من ثياب الجنة و ألبسه إياه فلم يضره معه حر و لا برد فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة و علقه على إسحاق و علقه إسحاق على يعقوب فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه و كان في عضده حتى كان من أمره ما كان فلما أخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه و هو قوله ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) يوسف:94 فهو ذلك القميص الذي أنزل من الجنة قال قلت جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص قال إلى أهله ثم قال كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد ص .
فروي أن القائم ع إذا خرج يكون عليه قميص يوسف و معه عصا موسى و خاتم سليمان ع و الدليل على أن يعقوب ع علم بحياة يوسف ع و أنه إنما غيب عنه لبلوى و اختبار أنه لما رجع إليه بنوه يبكون قال لهم يا بني لم تبكون و تدعون بالويل و ما لي ما أرى فيكم حبيبي يوسف قالُوا ( يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ) يوسف:17 و هذا قميصه قد أتيناك به قال ألقوه إلي فألقوه إليه و ألقاه على وجهه فخر مغشيا عليه فلما أفاق قال لهم يا بني أ لستم تزعمون أن الذئب قد أكل حبيبي يوسف قالوا نعم قال ما لي لا أشم ريح لحمه و ما لي أرى قميصه صحيحا هبوا أن القميص انكشف من أسفله أ رأيتم ما كان في منكبيه و عنقه كيف خلص إليه الذئب من غير أن يخرقه إن هذا الذئب لمكذوب عليه و إن ابني لمظلوم ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ). يوسف:18
فاصل
و تولى عنهم ليلتهم تلك لا يكلمهم و أقبل يرثي يوسف و يقول حبيبي يوسف الذي كنت أوثره على جميع أولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أرجوه من بين أولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي أوسده يميني و أدثره بشمالي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أونس به وحدتي فاختلس مني حبيبي يوسف ليت شعري في أي الجبال طرحوك أم في أي البحار غرقوك حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الذي أصابك.
و من الدليل على أن يعقوب ع علم بحياة يوسف ع و أنه في الغيبة قوله ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً و قوله لبنيه يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) يوسف:87 .
و قال الصادق ع إن يعقوب ع قال لملك الموت أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة قال بل متفرقة قال فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح قال لا فعند ذلك قال لبنيه (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ) يوسف:87 فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب زماننا الغائب ع حال يعقوب ع في معرفته بيوسف و غيبته و حال الجاهلين به و بغيبته و المعاندين في أمره حال أهله و أقربائه الذين بلغ من جهلهم بأمر يوسف و غيبته حتى قالوا لأبيهم يعقوب (تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيم) يوسف:95.
و قول يعقوب لما ألقى البشير قميص يوسف على وجهه فارتد بصيرا ( أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) يوسف:96 دليل على أنه قد كان علم أن يوسف حي و أنه إنما غيب عنه للبلوى و الامتحان (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 142- 144 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج4 ص 441 -442
حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن فضالة بن أيوب عن سدير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن في القائم سنة من يوسف قلت كأنك تذكر خبره أو غيبته فقال لي و ما تنكر هذه الأمة أشباه الخنازير أن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف و بايعوه و هم إخوته و هو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال لهم ( أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي ) يوسف:90 فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز و جل في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته عنهم لقد كان يوسف يوما ملك مصر و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله تبارك و تعالى أن يعرفه مكانه لقدر على ذلك و الله لقد سار يعقوب و ولده عند البشارة في تسعة أيام إلى مصر فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز و جل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير فيما بينهم و يمشي في أسواقهم و يطأ بسطهم و هم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز و جل له أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف ع حين قال لهم ( هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي) يوسف:90 . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 144- 145
فما تنكر هذه الامة الملعونة ان يفعل الله عز وجل بحجته في وقت من الاوقات كما فعل بيوسف ع كان اليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماًُ، فلو اراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب ع وولده عند البشارة تسعة ايام من بدوهم الى مصر فما تنكر هذه الأمة ان يفعل الله عز وجل لحجته كما فعل بيوسف، ان يمشي في اسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك كما اذن ليوسف، قالوا: ائنك لانت يوسف؟ قال : انا يوسف.
وكما تبين اخوتي المؤمنين واخواتي المؤمنات ماجرى من امر غيبة ابراهيم النبي ع والتي هي دليل آخر على ان الغيبة سنة جرت في الانبياء والاوصياء وتشابه غيبته ع مع غيبة الامام المهدي ع بمسألة اخفاء حمل امه ع به وهذه مسألة معروفة كون ان الامام العسكري ع كان الوحيد الذي يعلم بذلك وحتى عمته السيدة حكيمة ع لم تكن تعلم بذلك ثم أخفى أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله.
ومن ثم غيبة قائم آل ابراهيم يوسف النبي ع عن ابيه واخوته وقومه وقصة قميصه الذي هو من مواريث الانبياء ع والذي انتهى إلى آل محمد ص حيث أن قائم آل محمد ع إذا خرج يكون عليه قميص يوسف و معه عصا موسى و خاتم سليمان ع اليس في هذه الحوادث عبرة لأولي الالباب . نكتفي بهذا القدر في الجزءالثالث من سلسلة الغيبة والظهور والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِْصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ، قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ،اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الاَْرْضُ وَعُمّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما
اخوتي المؤمنين ... اخواتي المؤمنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بينا في الجزءالثاني من سلسلة الغيبة والظهور ما جرى من أمر غيبة أدريس النبي ع وخوفه من البطش كان اهم من اسباب غيبته وتشابهها مع غيبة الامام المهدي ع في ذلك وحسب روايات اهل البيت ع
عن محمد بن مسعود قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد قال حدثني أحمد بن هلال عن عثمان بن عيسى الرواسي عن خالد بن نجيح الجواز عن زرارة قال قال أبو عبد الله ع (يا زرارة لا بد للقائم من غيبة قلت و لم قال يخاف على نفسه و أومأ بيده إلى بطنه) (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 487-500
كذلك بينا ماجرى من امر غيبة صالح النبي ع وتشابه ظهوره بعد غيبته مع روايات آل البيت ع في كيفية ظهور الامام المهدي ع بعد غيبته لكونه يغيب بعمر معين ويعود بعمر آخر ينكره كثيرون ويشك به آخرون ويصدق به المؤمنون
واستكمالاً لحديثنا نتناول في الجزء الثالث من هذه السلسلة في امر غيبة ابراهيم النبي ع وغيبة يوسف النبي ع
3. باب في غيبة إبراهيم ع
و أما غيبة إبراهيم خليل الرحمن ع فإنها تشبه غيبة قائمنا ع بل هي أعجب منها لأن الله عز و جل غيب أثر إبراهيم ع و هو في بطن أمه حتى حوله عز و جل بقدرته من بطنها إلى ظهرها ثم أخفى أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله.
حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال كان أبو إبراهيم ع منجما لنمرود بن كنعان و كان نمرود لا يصدر إلا عن رأيه فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا فقال له نمرود و ما هو فقال رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه فيكون هلاكنا على يديه و لا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به فعجب من ذلك نمرود و قال له هل حملت به النساء فقال لا و كان فيما أوتي به من العلم أنه سيحرق بالنار و لم يكن أوتي أن الله تعالى سينجيه قال فحجب النساء عن الرجال فلم يترك امرأة إلا جعلت بالمدينة حتى لا يخلص إليهن الرجال قال و وقع أبو إبراهيم على امرأته فحملت به و ظن أنه صاحبه فأرسل إلى نساء من القوابل لا يكون في البطن شيء إلا علمن به فنظرن إلى أم إبراهيم فألزم الله تعالى ذكره ما في الرحم الظهر فقلن ما نرى شيئا في بطنها فلما وضعت أم إبراهيم به أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود فقالت له امرأته لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله و لا تكون أنت تقتل ابنك فقال لها فاذهبي به فذهبت به إلى غار ثم أرضعته ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه فجعل الله عز و جل رزقه في إبهامه فجعل يمصها فيشرب لبنا و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم إن أمه قالت لأبيه لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلت قال فافعلي فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم ع و إذا عيناه تزهران كأنهما سراجان فأخذته و ضمته إلى صدرها و أرضعته ثم انصرفت عنه فسألها أبوه عن الصبي فقالت له قد واريته في التراب فمكثت تعتل و تخرج في الحاجة و تذهب إلى إبراهيم ع فتضمه إليها و ترضعه ثم تنصرف فلما تحرك أتته أمه كما كانت تأتيه و صنعت كما كانت تصنع فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها فقالت له ما لك فقال لها اذهبي بي معك فقالت له حتى أستأمر أباك فلم يزل إبراهيم ع في الغيبة مخفيا لشخصه كاتما لأمره حتى ظهر فصدع بأمر الله تعالى ذكره و أظهر الله قدرته فيه ثم غاب ع الغيبة الثانية و ذلك حين نفاه الطاغوت عن مصر فقال ( وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) قال الله عز و جل ( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) مريم :50 يعنى به علي بن أبي طالب ع لأن إبراهيم قد كان دعا الله عز و جل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين فجعل الله تبارك و تعالى له و لإسحاق و يعقوب لسان صدق عليا فأخبر علي ع بأن القائم من ولده و أنه المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و أنه تكون له غيبة و حيرة يضل فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون و أن هذا كائن كما أنه مخلوق و أخبر ع في حديث كميل بن زياد النخعي أن الأرض لا تخلو من قائم بحجة إما ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته و لإبراهيم ع غيبة أخرى سار فيها في البلاد وحده للاعتبار . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 137- 139 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج1 ص 32 -34
اخوتي واخواتي الأعزاء... اما ما جرى في امر غيبة يوسف النبي ع
4. باب في غيبة يوسف ع
و أما غيبة يوسف ع فإنها كانت عشرين سنة لم يدهن فيها و لم يكتحل و لم يتطيب و لم يمس النساء حتى جمع الله ليعقوب شمله و جمع بين يوسف و إخوته و أبيه و خالته كان منها ثلاثة أيام في الجب و في السجن بضع سنين و في الملك باقي سنيه و كان هو بمصر و يعقوب بفلسطين و كان بينهما مسيرة ثمانية عشر يوما فاختلفت عليه الأحوال في غيبته من إجماع إخوته على قتله ثم إلقائهم إياه في غيابت الجب ثم بيعهم إياه بثمن بخس دراهم معدودة ثم بلواه بفتنة امرأة العزيز ثم بالسجن بضع سنين ثم صار إليه بعد ذلك ملك مصر و جمع الله تعالى ذكره شمله و أراه تأويل رؤياه .
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الحسن الواسطي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قدم أعرابي على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه فلما فرغ قال له يوسف أين منزلك قال له بموضع كذا و كذا قال فقال له فإذا مررت بوادي كذا و كذا فقف فناد يا يعقوب يا يعقوب فإنه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم فقل له لقيت رجلا بمصر و هو يقرئك السلام و يقول لك إن وديعتك عند الله عز و جل لن تضيع قال فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه احفظوا علي الإبل ثم نادى يا يعقوب يا يعقوب فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقي الحائط بيده حتى أقبل فقال له الرجل أنت يعقوب قال نعم فأبلغه ما قال له يوسف قال فسقط مغشيا عليه ثم أفاق فقال يا أعرابي أ لك حاجة إلى الله عز و جل فقال له نعم إني رجل كثير المال و لي ابنة عم ليس يولد لي منها و أحب أن تدعو الله أن يرزقني ولدا قال فتوضأ يعقوب و صلى ركعتين ثم دعا الله عز و جل فرزق أربعة أبطن أو قال ستة أبطن في كل بطن اثنان فكان يعقوب ع يعلم أن يوسف ع حي لم يمت و أن الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته و كان يقول لبنيه ( إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) يوسف:96 و كان أهله و أقرباؤه يفندونه على ذكره ليوسف حتى أنه لما وجد ريح يوسف قال ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) يوسف:96 و هو يهودا ابنه و ألقى قميص يوسف (عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ). يوسف:96 (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 141- 142 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 440 -441
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي إسماعيل السراج عن بشر بن جعفر عن المفضل الجعفي عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول أ تدري ما كان قميص يوسف ع قلت لا قال إن إبراهيم ع لما أوقدت له النار أتاه جبرئيل ع بثوب من ثياب الجنة و ألبسه إياه فلم يضره معه حر و لا برد فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة و علقه على إسحاق و علقه إسحاق على يعقوب فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه و كان في عضده حتى كان من أمره ما كان فلما أخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه و هو قوله ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) يوسف:94 فهو ذلك القميص الذي أنزل من الجنة قال قلت جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص قال إلى أهله ثم قال كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد ص .
فروي أن القائم ع إذا خرج يكون عليه قميص يوسف و معه عصا موسى و خاتم سليمان ع و الدليل على أن يعقوب ع علم بحياة يوسف ع و أنه إنما غيب عنه لبلوى و اختبار أنه لما رجع إليه بنوه يبكون قال لهم يا بني لم تبكون و تدعون بالويل و ما لي ما أرى فيكم حبيبي يوسف قالُوا ( يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ) يوسف:17 و هذا قميصه قد أتيناك به قال ألقوه إلي فألقوه إليه و ألقاه على وجهه فخر مغشيا عليه فلما أفاق قال لهم يا بني أ لستم تزعمون أن الذئب قد أكل حبيبي يوسف قالوا نعم قال ما لي لا أشم ريح لحمه و ما لي أرى قميصه صحيحا هبوا أن القميص انكشف من أسفله أ رأيتم ما كان في منكبيه و عنقه كيف خلص إليه الذئب من غير أن يخرقه إن هذا الذئب لمكذوب عليه و إن ابني لمظلوم ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ). يوسف:18
فاصل
و تولى عنهم ليلتهم تلك لا يكلمهم و أقبل يرثي يوسف و يقول حبيبي يوسف الذي كنت أوثره على جميع أولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أرجوه من بين أولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي أوسده يميني و أدثره بشمالي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أونس به وحدتي فاختلس مني حبيبي يوسف ليت شعري في أي الجبال طرحوك أم في أي البحار غرقوك حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الذي أصابك.
و من الدليل على أن يعقوب ع علم بحياة يوسف ع و أنه في الغيبة قوله ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً و قوله لبنيه يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) يوسف:87 .
و قال الصادق ع إن يعقوب ع قال لملك الموت أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة قال بل متفرقة قال فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح قال لا فعند ذلك قال لبنيه (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ) يوسف:87 فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب زماننا الغائب ع حال يعقوب ع في معرفته بيوسف و غيبته و حال الجاهلين به و بغيبته و المعاندين في أمره حال أهله و أقربائه الذين بلغ من جهلهم بأمر يوسف و غيبته حتى قالوا لأبيهم يعقوب (تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيم) يوسف:95.
و قول يعقوب لما ألقى البشير قميص يوسف على وجهه فارتد بصيرا ( أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) يوسف:96 دليل على أنه قد كان علم أن يوسف حي و أنه إنما غيب عنه للبلوى و الامتحان (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 142- 144 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج4 ص 441 -442
حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن فضالة بن أيوب عن سدير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن في القائم سنة من يوسف قلت كأنك تذكر خبره أو غيبته فقال لي و ما تنكر هذه الأمة أشباه الخنازير أن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف و بايعوه و هم إخوته و هو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال لهم ( أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي ) يوسف:90 فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز و جل في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته عنهم لقد كان يوسف يوما ملك مصر و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله تبارك و تعالى أن يعرفه مكانه لقدر على ذلك و الله لقد سار يعقوب و ولده عند البشارة في تسعة أيام إلى مصر فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز و جل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير فيما بينهم و يمشي في أسواقهم و يطأ بسطهم و هم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز و جل له أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف ع حين قال لهم ( هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي) يوسف:90 . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 144- 145
فما تنكر هذه الامة الملعونة ان يفعل الله عز وجل بحجته في وقت من الاوقات كما فعل بيوسف ع كان اليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماًُ، فلو اراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب ع وولده عند البشارة تسعة ايام من بدوهم الى مصر فما تنكر هذه الأمة ان يفعل الله عز وجل لحجته كما فعل بيوسف، ان يمشي في اسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك كما اذن ليوسف، قالوا: ائنك لانت يوسف؟ قال : انا يوسف.
وكما تبين اخوتي المؤمنين واخواتي المؤمنات ماجرى من امر غيبة ابراهيم النبي ع والتي هي دليل آخر على ان الغيبة سنة جرت في الانبياء والاوصياء وتشابه غيبته ع مع غيبة الامام المهدي ع بمسألة اخفاء حمل امه ع به وهذه مسألة معروفة كون ان الامام العسكري ع كان الوحيد الذي يعلم بذلك وحتى عمته السيدة حكيمة ع لم تكن تعلم بذلك ثم أخفى أمر ولادته إلى وقت بلوغ الكتاب أجله.
ومن ثم غيبة قائم آل ابراهيم يوسف النبي ع عن ابيه واخوته وقومه وقصة قميصه الذي هو من مواريث الانبياء ع والذي انتهى إلى آل محمد ص حيث أن قائم آل محمد ع إذا خرج يكون عليه قميص يوسف و معه عصا موسى و خاتم سليمان ع اليس في هذه الحوادث عبرة لأولي الالباب . نكتفي بهذا القدر في الجزءالثالث من سلسلة الغيبة والظهور والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما