إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء الثالث عشر

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء الثالث عشر

    مع الشيخ الطوسي في غيبته - 9 / لِمَ الغيبة ؟

    إبراهيم عبد علي

    وبعد إنتهائه من موضوع " الوكلاء " الممدوحين منهم ، والمذمومين ، حسب وجهة النظر " الطوسية " ، والتي هي ، بالتأكيد ، تمثّل وجهة النظر العقائدية للقسم الأكبر من الإثني عشرية المعاصرين ؛ ينتقل بنا " رحمه اللهُ وأسكنه فسيح جنّاته " إلى موضوع آخر ، مهم أيضا ، فيما يتّصل ببحثه حول " الغيبة " وكان محلّ جدل محتدم ، لم ينته بعد ، ما بين " الرّافضة " وخصومهم ، حول السّبب الذي استدعى غيبة " الغائب " واستتاره ، فيقول المؤلف ، موضّحا إلينا هذا الأمر :

    ( لا علة تمنع ظهوره ، إلاّ خوفه على نفسه من القتل ، لأنه لو كان غير ذلك ؛ لما ساغ له الإستتار ، وكان يتحمّل المشاقّ ، والأذى ، فإنّ منازل الأئمة ، وكذلك الأنبياء ، إنما تعظم لتحمّلهم المشاقّ العظيمة في ذات الله ... "فـ " إن قيلَ ؛ أليسَ أباؤه " ع " كانوا ظاهرين ، ولم يخافوا ، ولا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد .. قلنا ؛ أباؤه " ع " حالهم بخلاف حاله ، لأنه كان المعلوم من حال آبائه ، لسلاطين الوقت ، وغيرهم ، أنهم لا يرون الخروج عليهم ، ولا يعتقدون أنهم يقومون بالسّيف ، ويُزيلون الدول ، بل كان المعلوم من حالهم أنّهم ينتظرون مهديّا لهم ، وليس يضرّ السلطان ، إعتقاد من يعتقد إمامتهم ، إذا أمنوهم على مملكتهم ، ولم يخافوا جانبهم ، وليس كذلك صاحب الزمان " ع " لأنّ المعلوم منه أنه يقوم بالسّيف ، ويُزيل الممالك ، ويقهر كل سلطان ، ويُبسط العدل ، ويُميت الجور ، فمَن هذه صفته ، يُخاف جانبه ، ويُتقى فورته ، فيُتتبَّع ، ويُرصَد ، وتُوضَع العيون عليه ، ويُعنى به ، خوفا من وثبته ، ورهبة من تمكّنه .. فيَخاف حينئذ ، ويحوج إلى التحرّز والإستظهار ، بأن يُخفي شخصه عن كل مَن لا يأمنه من وليٍّ ، وعدوّ ، إلى وقت خروجه ... ) ـ2ـ

    إذن ؛ الشيخ هنا يحدّد لنا سبب الغيبة بـ " خوف " الإمام على نفسه من القتل ، ويؤكّد أنه لا سبب هنالك ، يمنعه من الظهور ، غير ذلك .. ولنا أن نتسائلُ ؛ هل أنّ الإمام ، في حال خروجه " في أوان خروجه " سيأمنُ على نفسه من القتل ؟.. أليستْ " رواياتنا " تقول بأنه سيدخل إلى " المدينة " خائفا يترقّبْ ؟ .. أليس هنالك مَن يريد حربه ، ويسعى جاهدا لقتله ؟ .. ممَّ يخافُ ويترقّبُ ويحذر ؟ .. أليس من القتل ؟ .. ثمّ أليستْ رواياتنا كلها ، تقول ؛ أنه سيُقتل ؟ ..

    المؤلف يقول ، وهو يتفق في ذلك مع الكثير من علماء الإثني عشرية ؛ أنه لا علة تمنع من ظهوره إلاّ خوفه على نفسه من القتل ... وهذا يعني أنه سيخرج في حال أمنه على نفسه ، وتأكّده من عدم قتله من قبَل " أعداء الله " وهذا الأمر يكون بأحد سبيلين : إمّا بشكل إعجازي ، عن طريق الحفظ الإلهي ـ المُعجز ، للإمام .. أو أنّ الإمام نفسه ، تتوفر له من القوة ، والمنعة ، والحماية ، ما يمنع به إحتمالية قتله .. فإن كان الأول ، قلت ؛ ما المانع إذن من إظهاره في الأزمنة السابقة ، وعدم إنتظار كل هذه المدة الزمنية الطويلة ، التي تجاوزتْ ( 1200 ) عام ، ما دام الحفظ من القتل ، سيكون حفظا إعجازيا ـ غيبيا ، وما دام الشيخ يؤكد أنّ " الخوف من القتل " هو سبب الغيبة ، وهو المانع من الظهور ؟ ...

    أمّا إن كان الأمر الثاني ، قلنا ؛ فلمَ يخرج خائفا يترقب ، ويهرب من المدينة إلى الكوفة ، خوفَ القتل ، ووَئد الدعوة ؟ .. ولمَ يُقتل في النهاية ، حسب ما تذكره لنا الروايات ؟ .. فأمر تنقّله ، حال ظهوره ، من مكة إلى المدينة ، خائفا يترقب ، ثمّ هروبه من المدينة إلى الكوفة ، كل هذا يعني أنّ الخوف من القتل " وهو العلة المانعة من ظهوره " لمْ تنته بعد ... فكلا " الطريقين " الإعجازي ، والطبيعي ، لا يدلاّن على رجاحة تغليب عامل " الخوف من القتل " كسبب أوحد وأساسي للغيبة ...

    هذا من جانب .. ومن جانب آخر ؛ تبدو لنا مسألة إختلاف حال آباءُ المهدي عنه ، التي يؤكد عليها المؤلف ، غير مقنعة ، فقول الشيخ " رحمه الله " أنه كان المعلوم لسلاطين الوقت ، زمن الأئمة السابقين للمهدي ، هو عدم خروجهم عليهم ، أو قيامهم بالسّيف ، من أجل تغيير نظام الحكم ، بل إنهم ينتظرون مهديّا لهم ، هو مَن يقوم بتلك المهمة ... هذا القول يناقض الواقع التاريخي لأئمة أهل البيت " ع " ، فكيف نفسّر خروج الإمام الحسين بن علي " ع " بالسّيف حدّ القتل ؟ .. وكيف نفسّر السجون ، والإقامات الجبريّة ، التي تعرّض لها بعض هؤلاء الأئمة ، من قبل السلطات الحاكمة ، في أزمانهم ، إنْ لم يكن هنالك خوفٌ من قبل هذه السلطات من خروجهم عليهم ؟ .. وكيف نفسّر موت بعض هؤلاء الأئمة بالسّمَ من قبل بعض الحاكمين ؟ ..

    إذن ؛ الأمر ليس كما ذهبَ إليه الشيخ ، من أنه كان المعلوم لدى الحاكمين أنّ هؤلاء " الأئمة " لا يرون الخروج ...

    ثمّ أنّه ليس هنالك من إثبات تاريخي يؤكّد أنّ الحكّام العبّاسيون ، زمن العسكريّ الأب ، والمهدي الإبن ، كانوا على علم مسبق بأنّ إبن الحسن العسكريّ هو المهدي ، الذي يقوم بالسّيف ، ويُزيل الممالك ، ويهدم العروش ، ويجرّدهم من سلطانهم على العالم الإسلامي .. وإلاّ لاستدعى ذلك ، أن تذكر لنا المصادر التاريخية ، حالة واضحة وواسعة ، من الحذر والترقّب ، الكبيرين ، من قبل الحكومة العبّاسية ، وتتبّعاً دقيقا من قبلهم ، لهذا الأمر ، وبحثا مستمرا ، عن هذا المولود " المشؤوم " حتى قبل ولادته ، لمنع هكذا ولادة ، ستعمل على إنهاء مملكتهم ، وحكمهم .. بينما نجد ، وعلى العكس من ذلك ، أنهم لم يقوموا بأي إجراء من هذا القبيل ، بل نراهم في يوم وفاة سيدنا الحسن العسكري " رض " يحضَرون الجنازة ، ويشاركون بالصّلاة على " الميّتْ " في يوم سامرائيّ عظيم ، ولم نجد مِن ذِكر للبحث عن وَلد له ، أو حتى مجرّد السؤال حول إن كان له وَلد ، أم لم يكن .. مع أنه من المفترض ـ إنْ سلّمنا برأي المؤلف ـ أن يكون هنالك بحثٌ جادٌ ، ودؤوبٌ ، وعملية تجسّس كبيرة ، لمراقبة دار العسكري ، وتحركات أهله وأصحابه .. لكن ؛ لم يحدث شيء من هذا القبيل ، على الإطلاق .. وهذا يعني أنه لم يكن هنالك من تصوّر مسبق لدى الحاكمين على أنّ ولداً للعسكري ، هو " الثاني عشر " الذي سيقوم بالسّيف ، ويهدم " عروش الظالمين " وهذه الحقيقة تمتدّ ، أيضا ، لتشمل " شيعة علي " زمن العسكريّ نفسه ، وزمن الولادة المفترَضة نفسها ، فهذه " القواعد " الشعبية العريضة ، من الشيعة ، لم يكن لديها ، أيضا ، تصوّر مسبق ، أنّ " ولدا " للعسكري ، هو " المهديّ " الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما مُلئتْ ظلما وجورا ...

    فالإدّعاء " الإثنا عشري " بأنّ هنالك " تواترا " و " إستفاضة " و " شهرة " في الأحاديث التي تؤكّد أنّ " التاسع من وُلد الحسين " هو المهديّ الذي يقوم بالسّيف ، وأنّ إسمه محمدا ، وأنه إبن الحسن العسكري ؛ كل هذا يستدعي ، ويتطلّب ، وبقوّة ، أن يكون محمداً بن الحسن هذا ، معروفا ، ومُنتَظرا ، من قبَل الشيعة ، لأنه هو مَن سيكون علي يديه خلاصهم .. لكنّنا نرى ، إنّ الأمر مختلف ، عن هذا ، تماما ، فالشيعة افترقتْ بعد وفاة إمامهم العسكري لـ ( 14 ) فرقة ، مختلفة فيما بينها ، وأنّ كثيرا منهم ، حتى على مستوى فقهاء وأصحاب الأئمة السّابقين ، كانوا ، يتسائلون ، بكل حرقة الروح ، وتلهّف الألم ؛ هل للعسكري عقب أم لا ؟.. السؤال إذن ، هو حول " طفلٍ " وُلدَ أم لم يلده من أحدٍ أبدا ، وليس عن مهديِّ ، يتحتّم وجوده من العسكري ، وبالتالي فلا داعٍ هنالك للسؤال ، إن كان الحتم موجودا ، ومُصدّقا به ...

    وقد مرّ معنا ، كيف أنّ هنالك الكثير من علماء الشيعة ، وفقهائهم ، في تلك الفترة الزمنية العصيبة ، والتي أطلقوا عليها " زمن الحيرة " كانوا يسألون السيدة حكيمة بنت الجواد عن وجود " خلف " للعسكري ، من عدمه .. وكذلك تكرّرَ السؤال مع العمريّ الأول والعمريّ الثاني ، وغير ذلك من الشواهد .. وهذا يعني عدم وجود هذه الشهرة والإستفاضة التي " يدّعونها " حول " الحجة بن الحسن " ...

    ولا أدري كيف أوفّق ما بين ما يذكره " الإثنا عشرية " من هذه " الإستفاضة " في النصوص ، ومِن ( 300 ) عقيقة ، عُقّتْ عن " الطفل " الذي لم يُعق عن مولود في الدنيا ، كما عُقّ عنه ، وتعدّد أماكنها ، واختلاف زمنها ، حتى تشتهر ، بمثل هذا الإعلان ، قضية الولادة المباركة ، وبين زمن " الحيرة " والإختلاف الشيعي لفرق عديدة ، والتساؤلات المستمرة : ألَهُ ولدْ ؟ ..

    إذن ؛ فقضية " محمد بن الحسن " وكونه هو المهديّ ، لم تكن بالوضوح ، والشهرة ، التي يؤكّد عليها المؤلف ، سواءً بالنسبة لسلاطين الوقت ، أم لشيعة الوقت .. وبالتالي فـ " غيبة الطفل " بسبب " خوفه من القتل " غير منطقية ، وغير مقنعة ، ولا تتّفق مع البحث التاريخي ، والأدلة التاريخية التي وصلتنا ......



    ــــــــــــ

    1ـ الكتاب : 201

    2ـ الكتاب : 199 ـ 200
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎