بسم الله الرحمن الرحيم
التصميم الذكي Intelligent design : هو المفهوم الذي يشير إلى أن "بعض الميزات في الكون والكائنات الحية لا يمكن تفسيرها إلا بمسبب ذكي، وليس بمسبب غير موجه كالاصطفاء الطبيعي ".
هذا المفهوم عبارة عن شكل معاصر للدليل الغائي لوجود الله بصورته التقليدية، الذي تم تعديله لتجنب الحديث حول ماهية المصمم أو طبيعته
يقول مؤيدو النظرية والذين يتبعون معهد ديسكفري : إن التصميم الذكي هو نظرية علمية تقف على قدم المساواة أو تتفوق على النظريات الحالية التي تتعلق بالتطور وأصل الحياة تنظر الأغلبية الساحقة من المجتمع العلمي إلى نظرية التصميم الذكي كنظرية غير علمية، علم زائف أو علم تافه
الأكاديمية الأمريكية القومية للعلوم صرّحت بأن التصميم الذكي والادعاءات التي تخص الإنشاء الخارق للطبيعة في أصل الحياة ليست علماً بسبب عدم إمكانية اختبارها بالتجربة؛ ولأنها لا تعطي أية توقعات، ولا تقترح أية فرضيات خاصة بها.
وفي أواخر عام 2005، حكم قاض فيدرالي أمريكي برفض قرار إدارة مدرسة في ولاية بنسلفانيا القاضي بتدريس نظرية التصميم الذكي كبديل عن نظرية التطور مؤكداً أن قرار المدرسة يعد خرقاً للتعديل الأول في الدستور الأمريكي وهو التعديل الذي يحظر على المسئولين الأمريكيين استغلال مناصبهم لتمرير أو فرض عقيدة محددة. وحكم قاضي المقاطعة جون إي جونز الثالث بأن التصميم الذكي ليس علماً، وبأنه يحمل طبيعة دينية في جوهره.
قدّم التصميم الذكي نفسه على أنه البديل للتفسير الطبيعي للتطور، فيما يقف بذلك معارضاً لعلم الأحياء التقليدي الذي يعتمد على التجربة لشرح العالم الطبيعي عن طريق العمليات الفيزيائية القابلة للملاحظة والدراسة كالطفرات والاصطفاء الطبيعي.
إن الهدف المصرّح هو التحقيق بوجود أو عدم وجود دليل تجريبي يؤكد أن الحياة على الأرض يجب أن تكون قد صُمّمت من قبل مسبب ذكي واحد أو أكثر. وليم ديمبسكي، أحد أكثر المؤيدين للتصميم الذكي، صرّح بأن أحد الادعاءات الأساسية للتصميم الذكي أنه "هناك العديد من الأنظمة التي لا يمكن تفسيرها بشكلٍ مقنع بالاستعانة بقوى التطور غير الموجه؛ هذه الأنظمة التي تبدي ميزات كنا سنعزوها للذكاء في أية حالةٍ أخرى".
يبحث مؤيدو التصميم الذكي عن دليل ما يسمونه "علامات الذكاء": وهي الخصائص الفيزيائية في الشيء التي تدل على مصممه. على سبيل المثال، إذا وجد أحد علماء الآثار تمثالاً مصنوعاً من الحجر في حقل، سيستنتج أن التمثال قد صُنع، بعد ذلك سيبحث بشكل منطقي لتحديد صانع التمثال. لكنه أيضاً لن يبرر بنفس الادعاء إذا وجد قطعة صخرية عشوائية الشكل ومن نفس الحجم.
يستشهد مؤيدو النظرية بما يسمى "علامات الذكاء" وهي تتضمن التعقيد غير القابل للاختزال ، آليات الإعلام ، والتعقيد المخصص . ويقول هؤلاء بأن الأنظمة الحية تُظهر واحداً أو أكثر من هذه العلامات؛ ومنها يستنتجون أن بعض جوانب الحياة قد صُمّمت.
ويقول مؤيدو النظرية إنه بالرغم من عدم وجود أدلة محسوسة بشكل مباشر تدل على طبيعة "المصمم الذكي" أو الخالق، فإنه يمكن اكتشاف آثاره على الطبيعة.
يقول ديمبسكي عن علامات الذكاء: "مؤيدو التصميم الذكي يعتبرونه كبرنامج للبحث العلمي يحقق في آثار المسبب الذكي. لاحظ أن التصميم الذكي يدرس آثار المسبب الذكي وليس المسبب الذكي نفسه". على ضوء ذلك، وبما أنه لا يمكن اختبار هوية المؤثرات خارج نظام مغلق من داخله، تقع الأسئلة التي تتعلق بهوية المصمم خارج حدود المفهوم.
اصل المفهوم
ناقش الفلاسفة مطولاً قضية أن التعقيد الموجود في الطبيعة يدل على وجود مصمم/خالق طبيعي أو فوق-طبيعي.
مثل هذه النقاشات نجدها في الفلسفة الإغريقية حول وجود خالق طبيعي. برز هنا مصطلح فلسفي هو اللوغوس , الذي يشير إلى ترتيب ضمني في بنية الكون.
يُعزى هذا المصطلح أساساً لهيراكليتوس في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث قام بشرحه في محاضراته.
في القرن الرابع قبل الميلاد, وضع أفلاطون ما يدعوه "demiurge" طبيعي للحكمة العليا والذكاء العلوي كخالق للكون في عمله الشهير Timaeus, وتحدث أرسطو أيضاً ومطولاً عن فكرة الخالق للكون وغالباً ما كان يشير إليه بالمحرك البدئي وذلك في كتابه الميتافيزيقا.
أما شيشرون فهو يذكر في أعماله De natura deorum, أي "في طبيعة الآلهة (عام 45 ق.م), أن "القوة الإلهية موجودة في مبدأ العقل الذي يسيطر على كامل الطبيعة" هذا الأسلوب في الاحتجاج والاستنتاج وتطبيقه للوصول لإثبات وجود خالق فوق-طبيعي عرف لاحقاً باسم الدليل الغائي لوجود الله. الشكل الأكثر أهمية لهذه الحجة نجدها عند توما الأكويني في عمله
موضوع التصميم أصبح خامس براهين الأكويني الخمسة لإثبات وجود الله الخالق، ولاحقاً من قبل ويليام بالي في كتابه Natural Theology 1802 حيث استمر باستخدام مماثلة صانع الساعات watchmaker analogy, التي ما تزال تُستخدم حتى اليوم في حجج التصميم الذكي.
في أوائل القرن التاسع عشر قادت مثل هذه الحجج إلى تطوير ما يُدعى اليوم بالإلهيات الطبيعية Natural theology، أي دراسة علم الأحياء ضمن البحث عن "عقل الإله" "mind of God" (طريقته في خلق وترتيب الكون).
هذه الحركة أنعشت من جديد حركة جمع المستحاثات والعينات البيولوجية التي أدت إلى نظرية التطور التي صاغها داروين في كتابه أصل الأنواع. نفس النهج لكن بافتراض أن مصمم إلهي قد وضع عملية التطور في مسارها قاد لتشكل ما يُدعى اليوم بنظرية التطور الإلهي theistic evolution, وهو اعتقاد بأن نظرية التطور والعلوم الحديثة متوافقة تماماً مع فكرة وجود خالق فوق-طبيعي.
في أواخر القرن العشرين بدأت حركة التصميم الذكي كتطور ضمن الإلهيات الطبيعية التي تبحث عن تغيير في أسس العلوم والتنقيب في نظرية التطور وصياغتها. يمكن اعتبار التصميم الذكي كنوع من نظرية ثورية تحاول توسيع النظريات القديمة لتفسير النتائج الجديدة (من مكتشفات حديثة وتطور علم الإحاثة) لكن الحجج الأساسية تبقى نفسها: النظم المعقدة تقتضي وجود مصمم ولا يمكن وجودها اعتباطاً. من الأمثلة التي اُستخدمت سابقاً في هذا السياق: العين (أو النظام الإبصاري), الجناح المرّيش لطيران الطيور, أما حالياً فهناك أمثلة بيوكيميائية مثل: وظائف البروتين, تخثر الدم، وسياط الجراثيم
نظرية التصميم الذكي في ويكيبيديا