بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما
النتيجة الأولى: إن الطائفة الأولى تثبت أن للامام المهدي عليه السلام اولاداً وذرية،كما ان الطائفة الثانية تثبت أن بعد الامام المهدي إثنا عشر مهدياً، وتنص على أنهم من أهل البيت عليهم السلام ؛حيث ورد فيها لفظ (منا) في الرواية الثانية والثالثة من الطائفة الثانية، فجاء في الرواية الثالثة،عن أبي عبد الله عليه السلام (إنّ منّا بعد القائم عليه السلام إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين عليه السلام).والمتبادر من هذا اللفظ : إنّ المهديين يكونون من آل محمد عليهم السلام؛لذا قال السيد محمد صادق الصدر رحمه الله بعد ذكره لأخبار المهديين عليهم السلام ( والمفهوم من قوله (منا) أنّهم من نسل أهل البيت عليهم السلام إجمالاً).(تاريخ ما بعد الظهور:419).
هذا بالإضافة إلى أنّ الروايتين قد صرحتا بأنّ المهديين هم من ولد الحسين عليه السلام، فمع الأخذ بعين الاعتبار بعد المسافة الزمنية ينحصر نسب هؤلاء المهديين عليهم السلام بكونهم من ذرية الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، وهذا المعنى ذكره السيد الصدر رحمه الله ،حيث قال (وحيث لا يحتمل ان يكونوا من نسل إمام آخر غير الإمام المهدي عليه السلام باعتبار بعد المسافة الزمنية ،إذاً فهم من أولاد المهدي نفسه.وهذا افتراض واضح تعضده بعض الأخبار ولا تنفيه الأخبار الأخرى).(تاريخ ما بعد الظهور:419).
فالأخبار التي تعضد هذه الحقيقة هي ما ذكرناه في الطائفة الاولى من ثبوت الذرية للامام المهدي عليه السلام، ويعضدها ثانياً: ما جاء في الطائفة الثالثة،إذ جاء فيها قوله عليه السلام (وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده)، وثالثاً: ما جاء في الطائفة الرابعة،فقد ورد التصريح فيها بما ينسجم مع ما جاء في الطائفة الثانية ايضاً؛إذ جاء فيها قوله عليه السلام (اللهم ! إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته ، بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها ، ولما يطأ لابتيها قتيل العبرة وسيد الأسرة الممدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتله أن الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار...). فهذه الفقرة تصرح على ان الأوصياء هم من ذرية الحسين عليه السلام، وإنهم لهم الوصية بعد القائم عليه السلام، والمراد بالقائم هنا الامام المهدي عليه السلام.
نعم غاية ما في الامر انّ الطائفة الثانية اسمتهم المهديين ،والطائفة الثالثة اسمتهم القوّام، والطائفة الرابعة اسمتهم الأوصياء.
وعليه فيسنتج مما تقدّم في الملاحظة الاولى أمران :
الاول: ان المراد من الاثني عشر مهدياً هو عين المراد من القوّام ،وعين المراد من الأوصياء، فكلها ألفاظ تدل على معنى واحد.
الثاني: ان هؤلاء المهديين كما جاء في الطائفة الثانية، أو القوّام كما جاء في الطائفة الثالثة، أو الأوصياء كما جاء في الطائفة الرابعة ،هم من آل محمد عليهم السلام،ومن ذرية الامام المهدي عليه السلام ،وهم أولاده عليهم السلام، وعليه فتكون الطوائف الاربع تشير الى حقيقة واحدة ، وهي ان هؤلاء المهديين والقوّام والأوصياء هم من نسل الإمام المهدي عليه السلام .وممّا يدلّل على ذلك هو ما ذكرناه في الطائفة الأولى حيث ورد فيها هذا التعبير(فليسلمها إلى ابنه أول المقربين) ،أي: يسلم الولاية ومنصب الحجّة على الخلق الى إبنه عليهما السلام،وقوله عليه السلام (فتهدى إلى ابن صاحب الوصيّات)، اي: ان الرايات تأتي وتبايع ابن الامام المهدي الذي هو- أي:الإمام- صاحب الوصيّات عليه السلام،وقوله عليه السلام ( لا يطّلع على موضعه أحداً من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره)، أي: ان الامام المهدي له اولاد لكن لا يطلع عليه احد منهم باستثناء واحد فقط،وهو المولى الذي يلي أمره ، وقد وضّحت المراد من المولى وصية الرسول صلى الله عليه وآله التي تقدّمت في الطائفة الاولى ؛إذ ورد فيها اسمه وانه ابنه عليه السلام الذي يسلم اليه ابوه الامام المهدي قيادة الامة الاسلامية وحفظ مصالح الدين وأهله ، ومن هنا نعرف معنى هذه العبارات الآتية التي تقدمت في الطائفة الاولى ، كقوله عليه السلام ( وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده )،فان ولاة عهده هم المهديون الإثني عشر ،او الأوصياء،أو القوّام عليهم السلام،وهم أبناءه وهم آل بيته وأهل بيته عليه وعليهم السلام الذي ورد ذكرهم في هاتين العبارتين (صلى الله عليك وعلى آل بيتك)،(صلوات الله عليك وعلى اهل بيتك الطاهرين).
وبما انه من أولاد الامام المهدي عليه السلام ،فلابد ان يكون مقطوع النسب؛ اذ ان ذرية الامام المهدي عليه السلام مجهولة ولا يعرفها احد، وهي خارجة عن قانون المعرفة لدى علماء الانساب ،فلا ينقض بقول من يدعي علم الانساب، ومن هنا ورد بان صاحب الرايات السود مقطوع النسب وخامل الأصل.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : على منبر الكوفة : إن الله عز وجل ذكره قدر فيما قدر وقضى وحتم بأنه كائن لا بد منه أنه يأخذ بني أمية بالسيف جهرة ، وإنه يأخذ بني فلان بغتة . وقال عليه السلام : لا بد من رحى تطحن فإذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها بعث الله عليها عبداً عنيفاً خاملاً أصله ، يكون النصر معه أصحابه الطويلة شعورهم ، أصحاب السبال ، سود ثيابهم ، أصحاب رايات سود ، ويل لمن ناواهم ، يقتلونهم هرجا ، والله لكأني أنظر إليهم وإلى أفعالهم ، وما يلقى الفجار منهم والأعراب الجفاة يسلطهم الله عليهم بلا رحمة فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية والبحرية ، جزاء بما عملوا وما ربك بظلام للعبيد .( الغيبة للنعماني : 264 ، بحار الأنوار : 52 / 232، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب : 2 / 141،معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) : 3 / 255).
النتيجة الثانية: إنّ روايات الطائفة الخامسة تصرّح بأنّ رجلاً يخرج من قبل المشرق،وهذا الرجل قد أعطاه أمير المؤمنين عليه السلام صفة الهداية ؛لأنّه يسلك بمن اتبعه بمناهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عليه السلام ( واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله ، فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له)،وهذا يعني ان الإنحراف عنه انحرافاً عن مسلك الرسول صلى الله عليه وآله،اذن فهذا الرجل صاحب مكانة عظيمة بحيث الاقتداء به يمثل اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وآله ،والانحراف عنه إنحرافاً عن سيرة الرسول ومنهاجه.
بينما نجد الطائفة السادسة تعطي تعريفاً أكثر لطالع المشرق، فتعرّفه بأنّه يخرج قبل الامام المهدي عليه السلام، وأنّه من أهل بيت الإمام عليه السلام، فقال عليه السلام ( يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر).وهذا الرجل هو الذي تدور رحى المعركة بينه وبين المناوئين له كالسفياني؛لذا روي في مختصر بصائر الدرجات ،قوله عليه السلام:… ويبعث- أي السفياني- خيلاً في طلب رجل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين…( مختصر بصائر الدرجات :199).
وهذا يعني أن طالع المشرق يخرج قبل الإمام المهدي عليه السلام،وأنّه من ذريّة الإمام عليه السلام ؛لأنّ الرواية تصرّح بأنّ طالع المشرق من آل البيت عليهم السلام و من أهل بيت الإمام المهدي ، و ليس هم إلاّ أولاده وولاة عهده كما تقدّم في الملاحظة الاولى.
ومن هنا يضاف الى ما استنتج من الملاحظة الاولى شيئاً آخر،هو: أنّ طالع المشرق يكون من آل محمد عليهم السلام،وهو الرجل الذي يطلبه السفياني كما اشارت لذلك الرواية المتقدّمة،ويكون حصراً إبناً للامام المهدي عليه السلام،ويكون أحد القوّام وأحد الأوصياء وأحد المهديين الإثني عشر؛لذا جاء قوله عليه وآله الصلاة والسلام في الرواية الثانية من الطائفة السادسة: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي).(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/381).
فهذا التشديد على البيعة له ؛لأنّه حجّة من الحجج،وأنّه خليفة الله تعالى ؛لأنّه الوصي الأول من أوصياء خاتم الأئمة عليه السلام. ولايضر بهذه النتيجة اختلاف تعبير الرواية،حيث وردت الرواية بشكلين: الأول: خليفة الله المهدي. الثاني: خليفة المهدي.
فالمقصود منها شخص واحد،ويصدق عليه التعبيران؛اما الاول ؛ فسيأتي ان احد اسماء طالع المشرق الذي نحن بصدد البحث عنه (المهدي) وهذا الشخص الذي يقول عنه الرسول صلى الله عليه وآله (فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج)،ويقول فيه أمير المؤمنين عليه السلام (واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله ، فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق …)،فالذي يسلك بالناس مسالك الرسول صلى الله عليه وآله،وبطاعته تتداوى الناس من العمى والصم والبكم لا يكون الا من قبل الله تعالى ولا يمكن ان تثبت هذه الصفات لشخص الا ان يكون خليفة لله تعالى.
مضافاً الى ذلك أن طالع المشرق خليفة للإمام المهدي عليه السلام ،فيصدق عليه أنّه خليفة الله بلا تكلّف،كما صدق على علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة الله في أرضه ؛لأنّه وصي الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما التعبير الثاني؛ فالمقصود منه عين المقصود من التعبير الاول ؛إذ تقدّم ان طالع المشرق هو من أهل بيت الإمام المهدي عليه السلام ومن ولاة عهده ومن أوصيائه ومن القوّام من بعده ،فهو إذن خليفة المهدي عليه السلام.
ثم ان هناك ما يؤكد ان احمد هو طالع المشرق والذي يكون من آل محمد (ع)،وهذا يدل عليه قول الرسول (ص) ( ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي).(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/425).
وقول الإمام الباقر (ع) : ( أن لله كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولافضة إثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم (أحمد أحمد ) يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء عليه عصابة حمراء كأني أنظر إليه عابر الفرات فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج .( منتخب الانوار المضيئة : 343).
حيث ورد الحث على اتباع طالع المشرق من الرسول وحفيده الامام الباقر عليهما السلام؛ ولذا تجد انهما عليهما السلام حثّوا الناس على الالتحاق به ولو كان حبوا على الثلج،وهكذا الامام الباقر (ع) فهذه العبارة -ولو حبواً على الثلج -جاءث من الرسول (ص) في الحث على اتباع الرايات الاتية من قبل المشرق والتي يكون فيها خليفة الله المهدي ،وجاءت عن الامام الباقر (ع) في الحث على اتباع شاب من بني هاشم اسمه احمد والذي يكون اسمه شعاراً لكنوز طالقان وخراسان.
وهذا المعنى جاءت بذكره كثير من الروايات الشريفة، فعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : انا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وان أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود ، فيسألون الخير فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا ، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤوها قسطا كما ملؤها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/381).
وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي.(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/387).
وعن الإمام علي ( عليه السلام ) : ويحاً لك يا طالقان ، فإن لله عز وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته ، وهم أنصار المهدي ( عليه السلام ) في آخر الزمان .( أهل البيت في الكتاب والسنة : 498).
وعن الإمام علي عليه السلام : كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة ، يعلمون الناس القرآن كما انزل .( ميزان الحكمة : 1 / 355).
وفي خطبة البيان التي تقول : ألا يا ويل بغداد من الري ، من موت وقتل وخوف يشمل أهل العراق إذا حل بهم السيف فيقتل ما شاء الله . فعند ذلك يخرج العجم على العرب ويملكون البصرة .( الزام الناصب : 2 /191).
الإمام الحسن عليه السلام : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذكر بلاء يلقاه أهل بيته ( عليهم السلام ) ، حتى يبعث الله راية من المشرق سوداء ، من نصرها نصره الله ، ومن خذلها خذله الله ، حتى يأتوا رجلا اسمه كاسمي ، فيولونه أمرهم ، فيؤيده الله وينصره ( 4 ) .( أهل البيت في الكتاب والسنة : 498).
عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام : كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر . (الغيبة للنعماني : 281، بحار الأنوار: 52 / 243، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) : 3 / 269).
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله تعالى ( بعثنا عليهم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلا يدعون وترا لآل محمد ( صلى الله عليه وآله ) إلا قتلوه . (ميزان الحكمة : 1 / 357).
ثم إن الرواية التي ذكرت كنوز الطالقان ذكرت ان الذي يقودهم رجل شاب من بني هاشم ،وهو المقصود بقول الامام الصادق عليه السلام: لو قد قام القائم لأنكره الناس ، لأنه يرجع إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه إلا من قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول.
وفي غير هذه الرواية : أنه قال ( عليه السلام ) : وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً. (الغيبة للنعماني : 194).
ومن هنا نعرف ان هذا الشاب الذي يقود كنوز الطالقان هو نفسه طالع المشرق والمهدي الاول الذي ترفع احد اسماءه كنوز الطالقان شعاراً لها،كما تقدم في الرواية.
النتيجة الثالثة: ان الرواية الاولى من الطائفة السابعة تؤكد وبوضوح على وجود شخص يتولى البيعة للامام المهدي ويأخذ البيعة له من الناس، وهذا الشخص اسمته الرواية. (المولى الذي ولي البيعة).
بينما الرواية الثانية تؤكد بأن الاطلاع على الامام انما هو محصور فقط في المولى الذي يلي امره، فمن هنا يأتي هذا السؤال: هل المقصود في الرواية الاولى شخص غير المقصود في الرواية الثانية،أم أن المراد منهما شخص واحد؟
والجواب :ان الروايتين تشيران لشخص واحد؛إذ كيف يتولى انسان البيعة للامام ولم يكن عنده اطلاع بإمامه؟ بل لابد ان يكون عنده اطلاع تفصيلي حول كيفية أخذ البيعة والطرق التي يأتي بها للناس ليأخذ البيعة منهم لإمامهم عليه السلام؛لذا لابد أن يكون هو نفسه المولى الذي يطلع على امر الامام المهدي في زمن غيبته التامة او الكبرى؛لأنّ الرواية الثانية حصرت الاطلاع به.
وقد تقدم سابقاً : بأنّ المولى الذي يلي أمر الإمام المهدي ليس هو إلا ابنه اول المهديين،كما نصّت بذلك وصية الرسول (ص) التي ذكرناها في الطائفة الاولى.
وهذا المولى الذي يلي البيعة لا يكون قطعاً الا اول المؤمنين بقيادة الامام المهدي وإمامته،بحيث لايسبقه بالايمان بحركة الامام احد؛لذا جاء في الوصية التي ذُكرت في الطائفة الاولى وصفاً لهذا الشخص بأنه ( اول المؤمنين ،اول المقربين)،وهذا هونفسه الذي ورد ذكره في الطائفة الثامنة،التي بينت مسكن اول المؤمنين ،بأنه من البصرة.
ومن هنا نخرج بنتيجة حاصلها إنّ المولى الذي يكون مسؤولاً عن أخذ البيعة من الناس للإمام المهدي عليه السلام،هو نفس المولى الذي يطلع على امر الامام في زمن غيبته، وليس هو إلا أول المؤمنين بحركة الإمام المهدي عليه السلام والذي يكون من البصرة كما نصّت على ذلك الرواية التي ذكرناها في الطائفة الثامنة.
النتيجة الرابعة: لقد ذكرنا في الطائفة التاسعة مجموعة من الروايات تبيّن اسم شخص له المنزلة العظيمة ،بحيث يكون اسمه شعاراً ترفعه الكنوز الآتية من طالقان وخراسان،والذي عبر عنه بأنه من بني هاشم، وأنّ اسمه (أحمد).ولقد ذكرت روايات أُخرى هذا الإسم المبارك وأعطت لصاحبه اسمين آخرين، فيكون المجموع ثلاثة اسماء، وجاءت هذه الأسماء الثلاثة في وصية رسول الله قال (ص) : فإذا حضرته الوفاة -أي الإمام المهدي (ع)- فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي : اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين).
وجاءت اسماؤه الثلاثة ايضاً في الرواية الثانية من الطائفة التاسعة ،عن حذيفة بن اليمان قال : سمعت رسول الله (ص) يقول ـ وذكر المهدي- ( إنه يبايع بين الركن والمقام اسمه أحمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماءه ثلاثتها ).
إلا أنّ الوصية تبيّن :أن أحمد هو ابن الإمام المهدي عليه السلام، وأنه أول المؤمنين وأول المقربين، وأول المهديين الاثني عشر الذين ذكرهم رسول الله وآل بيته(ع) في كلماتهم،وأول انصار الامام المهدي (ع) و هو المولى الذي يلي البيعة، وهو الذي يطلّع على أمر الإمام المهدي عليه السلام فقط ، وهو طالع المشرق الذي يكون من آل محمد (ع) والذي يكفي من اتبعه مؤنة الطلب والذي يسير بالناس بمناهج الرسول (ص)، وهو خليفة الله المهدي الذي تقدّم ذكره الذي يخفى اسم من اسمائه ويظهر آخر، فالمخفي أحمد والظاهر محمد عليهم سلام الله ،وهو الذي يكون مسكنه في البصرة كما تقدّم.
النتيجة الخامسة: إنّ الطائفة العاشرة تبيّن حرمة التسمية، وتغيي الحرمة بالظهور فقالت (حتى يظهر أمره) ، وفي رواية اُخرى (حتى يبعثه الله)، فعن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : ( سال عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرني عن المهدي ما اسمه ؟ فقال : اما اسمه فإن حبيبي عليه السلام عهد إلي ألا أحدث به حتى يبعثه الله …).( الإرشاد : 2 /382).
ولا يتصور عاقل التناقض في كلامهم عليهم السلام ؛لأنّهم أوصياء محمد صلى الله عليه وآله الذين لا ينطقون عن الهوى، فالروايات في الحقيقة تشير الى شخصين أحدهما لا يسمى ولا يكنى وهو المهدي الأول حتى يظهر الله تعالى أمره، والآخر الذي يسمى ويكنى وهو خاتم الأئمة الامام محمد بن الحسن العسكري عليه وعلى آبائه وأبنائه الآف التحية والسلام ،ومن هنا يظهر للقارئ المنصف أنّ الاسم الذي يعلن هو محمد والاسم الذي يخفى هو أحمد عليهما السلام ،كما جاء فيما تقدم .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 41/سنة 2 في 15/02/2011 – 11 ربيع الاول 1432هـ ق)
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما
النتيجة الأولى: إن الطائفة الأولى تثبت أن للامام المهدي عليه السلام اولاداً وذرية،كما ان الطائفة الثانية تثبت أن بعد الامام المهدي إثنا عشر مهدياً، وتنص على أنهم من أهل البيت عليهم السلام ؛حيث ورد فيها لفظ (منا) في الرواية الثانية والثالثة من الطائفة الثانية، فجاء في الرواية الثالثة،عن أبي عبد الله عليه السلام (إنّ منّا بعد القائم عليه السلام إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين عليه السلام).والمتبادر من هذا اللفظ : إنّ المهديين يكونون من آل محمد عليهم السلام؛لذا قال السيد محمد صادق الصدر رحمه الله بعد ذكره لأخبار المهديين عليهم السلام ( والمفهوم من قوله (منا) أنّهم من نسل أهل البيت عليهم السلام إجمالاً).(تاريخ ما بعد الظهور:419).
هذا بالإضافة إلى أنّ الروايتين قد صرحتا بأنّ المهديين هم من ولد الحسين عليه السلام، فمع الأخذ بعين الاعتبار بعد المسافة الزمنية ينحصر نسب هؤلاء المهديين عليهم السلام بكونهم من ذرية الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، وهذا المعنى ذكره السيد الصدر رحمه الله ،حيث قال (وحيث لا يحتمل ان يكونوا من نسل إمام آخر غير الإمام المهدي عليه السلام باعتبار بعد المسافة الزمنية ،إذاً فهم من أولاد المهدي نفسه.وهذا افتراض واضح تعضده بعض الأخبار ولا تنفيه الأخبار الأخرى).(تاريخ ما بعد الظهور:419).
فالأخبار التي تعضد هذه الحقيقة هي ما ذكرناه في الطائفة الاولى من ثبوت الذرية للامام المهدي عليه السلام، ويعضدها ثانياً: ما جاء في الطائفة الثالثة،إذ جاء فيها قوله عليه السلام (وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده)، وثالثاً: ما جاء في الطائفة الرابعة،فقد ورد التصريح فيها بما ينسجم مع ما جاء في الطائفة الثانية ايضاً؛إذ جاء فيها قوله عليه السلام (اللهم ! إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته ، بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها ، ولما يطأ لابتيها قتيل العبرة وسيد الأسرة الممدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتله أن الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار...). فهذه الفقرة تصرح على ان الأوصياء هم من ذرية الحسين عليه السلام، وإنهم لهم الوصية بعد القائم عليه السلام، والمراد بالقائم هنا الامام المهدي عليه السلام.
نعم غاية ما في الامر انّ الطائفة الثانية اسمتهم المهديين ،والطائفة الثالثة اسمتهم القوّام، والطائفة الرابعة اسمتهم الأوصياء.
وعليه فيسنتج مما تقدّم في الملاحظة الاولى أمران :
الاول: ان المراد من الاثني عشر مهدياً هو عين المراد من القوّام ،وعين المراد من الأوصياء، فكلها ألفاظ تدل على معنى واحد.
الثاني: ان هؤلاء المهديين كما جاء في الطائفة الثانية، أو القوّام كما جاء في الطائفة الثالثة، أو الأوصياء كما جاء في الطائفة الرابعة ،هم من آل محمد عليهم السلام،ومن ذرية الامام المهدي عليه السلام ،وهم أولاده عليهم السلام، وعليه فتكون الطوائف الاربع تشير الى حقيقة واحدة ، وهي ان هؤلاء المهديين والقوّام والأوصياء هم من نسل الإمام المهدي عليه السلام .وممّا يدلّل على ذلك هو ما ذكرناه في الطائفة الأولى حيث ورد فيها هذا التعبير(فليسلمها إلى ابنه أول المقربين) ،أي: يسلم الولاية ومنصب الحجّة على الخلق الى إبنه عليهما السلام،وقوله عليه السلام (فتهدى إلى ابن صاحب الوصيّات)، اي: ان الرايات تأتي وتبايع ابن الامام المهدي الذي هو- أي:الإمام- صاحب الوصيّات عليه السلام،وقوله عليه السلام ( لا يطّلع على موضعه أحداً من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره)، أي: ان الامام المهدي له اولاد لكن لا يطلع عليه احد منهم باستثناء واحد فقط،وهو المولى الذي يلي أمره ، وقد وضّحت المراد من المولى وصية الرسول صلى الله عليه وآله التي تقدّمت في الطائفة الاولى ؛إذ ورد فيها اسمه وانه ابنه عليه السلام الذي يسلم اليه ابوه الامام المهدي قيادة الامة الاسلامية وحفظ مصالح الدين وأهله ، ومن هنا نعرف معنى هذه العبارات الآتية التي تقدمت في الطائفة الاولى ، كقوله عليه السلام ( وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده )،فان ولاة عهده هم المهديون الإثني عشر ،او الأوصياء،أو القوّام عليهم السلام،وهم أبناءه وهم آل بيته وأهل بيته عليه وعليهم السلام الذي ورد ذكرهم في هاتين العبارتين (صلى الله عليك وعلى آل بيتك)،(صلوات الله عليك وعلى اهل بيتك الطاهرين).
وبما انه من أولاد الامام المهدي عليه السلام ،فلابد ان يكون مقطوع النسب؛ اذ ان ذرية الامام المهدي عليه السلام مجهولة ولا يعرفها احد، وهي خارجة عن قانون المعرفة لدى علماء الانساب ،فلا ينقض بقول من يدعي علم الانساب، ومن هنا ورد بان صاحب الرايات السود مقطوع النسب وخامل الأصل.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : على منبر الكوفة : إن الله عز وجل ذكره قدر فيما قدر وقضى وحتم بأنه كائن لا بد منه أنه يأخذ بني أمية بالسيف جهرة ، وإنه يأخذ بني فلان بغتة . وقال عليه السلام : لا بد من رحى تطحن فإذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها بعث الله عليها عبداً عنيفاً خاملاً أصله ، يكون النصر معه أصحابه الطويلة شعورهم ، أصحاب السبال ، سود ثيابهم ، أصحاب رايات سود ، ويل لمن ناواهم ، يقتلونهم هرجا ، والله لكأني أنظر إليهم وإلى أفعالهم ، وما يلقى الفجار منهم والأعراب الجفاة يسلطهم الله عليهم بلا رحمة فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية والبحرية ، جزاء بما عملوا وما ربك بظلام للعبيد .( الغيبة للنعماني : 264 ، بحار الأنوار : 52 / 232، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب : 2 / 141،معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) : 3 / 255).
النتيجة الثانية: إنّ روايات الطائفة الخامسة تصرّح بأنّ رجلاً يخرج من قبل المشرق،وهذا الرجل قد أعطاه أمير المؤمنين عليه السلام صفة الهداية ؛لأنّه يسلك بمن اتبعه بمناهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عليه السلام ( واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله ، فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له)،وهذا يعني ان الإنحراف عنه انحرافاً عن مسلك الرسول صلى الله عليه وآله،اذن فهذا الرجل صاحب مكانة عظيمة بحيث الاقتداء به يمثل اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وآله ،والانحراف عنه إنحرافاً عن سيرة الرسول ومنهاجه.
بينما نجد الطائفة السادسة تعطي تعريفاً أكثر لطالع المشرق، فتعرّفه بأنّه يخرج قبل الامام المهدي عليه السلام، وأنّه من أهل بيت الإمام عليه السلام، فقال عليه السلام ( يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر).وهذا الرجل هو الذي تدور رحى المعركة بينه وبين المناوئين له كالسفياني؛لذا روي في مختصر بصائر الدرجات ،قوله عليه السلام:… ويبعث- أي السفياني- خيلاً في طلب رجل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين…( مختصر بصائر الدرجات :199).
وهذا يعني أن طالع المشرق يخرج قبل الإمام المهدي عليه السلام،وأنّه من ذريّة الإمام عليه السلام ؛لأنّ الرواية تصرّح بأنّ طالع المشرق من آل البيت عليهم السلام و من أهل بيت الإمام المهدي ، و ليس هم إلاّ أولاده وولاة عهده كما تقدّم في الملاحظة الاولى.
ومن هنا يضاف الى ما استنتج من الملاحظة الاولى شيئاً آخر،هو: أنّ طالع المشرق يكون من آل محمد عليهم السلام،وهو الرجل الذي يطلبه السفياني كما اشارت لذلك الرواية المتقدّمة،ويكون حصراً إبناً للامام المهدي عليه السلام،ويكون أحد القوّام وأحد الأوصياء وأحد المهديين الإثني عشر؛لذا جاء قوله عليه وآله الصلاة والسلام في الرواية الثانية من الطائفة السادسة: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي).(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/381).
فهذا التشديد على البيعة له ؛لأنّه حجّة من الحجج،وأنّه خليفة الله تعالى ؛لأنّه الوصي الأول من أوصياء خاتم الأئمة عليه السلام. ولايضر بهذه النتيجة اختلاف تعبير الرواية،حيث وردت الرواية بشكلين: الأول: خليفة الله المهدي. الثاني: خليفة المهدي.
فالمقصود منها شخص واحد،ويصدق عليه التعبيران؛اما الاول ؛ فسيأتي ان احد اسماء طالع المشرق الذي نحن بصدد البحث عنه (المهدي) وهذا الشخص الذي يقول عنه الرسول صلى الله عليه وآله (فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج)،ويقول فيه أمير المؤمنين عليه السلام (واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله ، فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق …)،فالذي يسلك بالناس مسالك الرسول صلى الله عليه وآله،وبطاعته تتداوى الناس من العمى والصم والبكم لا يكون الا من قبل الله تعالى ولا يمكن ان تثبت هذه الصفات لشخص الا ان يكون خليفة لله تعالى.
مضافاً الى ذلك أن طالع المشرق خليفة للإمام المهدي عليه السلام ،فيصدق عليه أنّه خليفة الله بلا تكلّف،كما صدق على علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة الله في أرضه ؛لأنّه وصي الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما التعبير الثاني؛ فالمقصود منه عين المقصود من التعبير الاول ؛إذ تقدّم ان طالع المشرق هو من أهل بيت الإمام المهدي عليه السلام ومن ولاة عهده ومن أوصيائه ومن القوّام من بعده ،فهو إذن خليفة المهدي عليه السلام.
ثم ان هناك ما يؤكد ان احمد هو طالع المشرق والذي يكون من آل محمد (ع)،وهذا يدل عليه قول الرسول (ص) ( ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي).(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/425).
وقول الإمام الباقر (ع) : ( أن لله كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولافضة إثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم (أحمد أحمد ) يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء عليه عصابة حمراء كأني أنظر إليه عابر الفرات فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج .( منتخب الانوار المضيئة : 343).
حيث ورد الحث على اتباع طالع المشرق من الرسول وحفيده الامام الباقر عليهما السلام؛ ولذا تجد انهما عليهما السلام حثّوا الناس على الالتحاق به ولو كان حبوا على الثلج،وهكذا الامام الباقر (ع) فهذه العبارة -ولو حبواً على الثلج -جاءث من الرسول (ص) في الحث على اتباع الرايات الاتية من قبل المشرق والتي يكون فيها خليفة الله المهدي ،وجاءت عن الامام الباقر (ع) في الحث على اتباع شاب من بني هاشم اسمه احمد والذي يكون اسمه شعاراً لكنوز طالقان وخراسان.
وهذا المعنى جاءت بذكره كثير من الروايات الشريفة، فعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : انا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وان أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود ، فيسألون الخير فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا ، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤوها قسطا كما ملؤها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/381).
وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي.(معجم احاديث الامام المهدي(ع):1/387).
وعن الإمام علي ( عليه السلام ) : ويحاً لك يا طالقان ، فإن لله عز وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته ، وهم أنصار المهدي ( عليه السلام ) في آخر الزمان .( أهل البيت في الكتاب والسنة : 498).
وعن الإمام علي عليه السلام : كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة ، يعلمون الناس القرآن كما انزل .( ميزان الحكمة : 1 / 355).
وفي خطبة البيان التي تقول : ألا يا ويل بغداد من الري ، من موت وقتل وخوف يشمل أهل العراق إذا حل بهم السيف فيقتل ما شاء الله . فعند ذلك يخرج العجم على العرب ويملكون البصرة .( الزام الناصب : 2 /191).
الإمام الحسن عليه السلام : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذكر بلاء يلقاه أهل بيته ( عليهم السلام ) ، حتى يبعث الله راية من المشرق سوداء ، من نصرها نصره الله ، ومن خذلها خذله الله ، حتى يأتوا رجلا اسمه كاسمي ، فيولونه أمرهم ، فيؤيده الله وينصره ( 4 ) .( أهل البيت في الكتاب والسنة : 498).
عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر عليه السلام : كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر . (الغيبة للنعماني : 281، بحار الأنوار: 52 / 243، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) : 3 / 269).
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله تعالى ( بعثنا عليهم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلا يدعون وترا لآل محمد ( صلى الله عليه وآله ) إلا قتلوه . (ميزان الحكمة : 1 / 357).
ثم إن الرواية التي ذكرت كنوز الطالقان ذكرت ان الذي يقودهم رجل شاب من بني هاشم ،وهو المقصود بقول الامام الصادق عليه السلام: لو قد قام القائم لأنكره الناس ، لأنه يرجع إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه إلا من قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول.
وفي غير هذه الرواية : أنه قال ( عليه السلام ) : وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً. (الغيبة للنعماني : 194).
ومن هنا نعرف ان هذا الشاب الذي يقود كنوز الطالقان هو نفسه طالع المشرق والمهدي الاول الذي ترفع احد اسماءه كنوز الطالقان شعاراً لها،كما تقدم في الرواية.
النتيجة الثالثة: ان الرواية الاولى من الطائفة السابعة تؤكد وبوضوح على وجود شخص يتولى البيعة للامام المهدي ويأخذ البيعة له من الناس، وهذا الشخص اسمته الرواية. (المولى الذي ولي البيعة).
بينما الرواية الثانية تؤكد بأن الاطلاع على الامام انما هو محصور فقط في المولى الذي يلي امره، فمن هنا يأتي هذا السؤال: هل المقصود في الرواية الاولى شخص غير المقصود في الرواية الثانية،أم أن المراد منهما شخص واحد؟
والجواب :ان الروايتين تشيران لشخص واحد؛إذ كيف يتولى انسان البيعة للامام ولم يكن عنده اطلاع بإمامه؟ بل لابد ان يكون عنده اطلاع تفصيلي حول كيفية أخذ البيعة والطرق التي يأتي بها للناس ليأخذ البيعة منهم لإمامهم عليه السلام؛لذا لابد أن يكون هو نفسه المولى الذي يطلع على امر الامام المهدي في زمن غيبته التامة او الكبرى؛لأنّ الرواية الثانية حصرت الاطلاع به.
وقد تقدم سابقاً : بأنّ المولى الذي يلي أمر الإمام المهدي ليس هو إلا ابنه اول المهديين،كما نصّت بذلك وصية الرسول (ص) التي ذكرناها في الطائفة الاولى.
وهذا المولى الذي يلي البيعة لا يكون قطعاً الا اول المؤمنين بقيادة الامام المهدي وإمامته،بحيث لايسبقه بالايمان بحركة الامام احد؛لذا جاء في الوصية التي ذُكرت في الطائفة الاولى وصفاً لهذا الشخص بأنه ( اول المؤمنين ،اول المقربين)،وهذا هونفسه الذي ورد ذكره في الطائفة الثامنة،التي بينت مسكن اول المؤمنين ،بأنه من البصرة.
ومن هنا نخرج بنتيجة حاصلها إنّ المولى الذي يكون مسؤولاً عن أخذ البيعة من الناس للإمام المهدي عليه السلام،هو نفس المولى الذي يطلع على امر الامام في زمن غيبته، وليس هو إلا أول المؤمنين بحركة الإمام المهدي عليه السلام والذي يكون من البصرة كما نصّت على ذلك الرواية التي ذكرناها في الطائفة الثامنة.
النتيجة الرابعة: لقد ذكرنا في الطائفة التاسعة مجموعة من الروايات تبيّن اسم شخص له المنزلة العظيمة ،بحيث يكون اسمه شعاراً ترفعه الكنوز الآتية من طالقان وخراسان،والذي عبر عنه بأنه من بني هاشم، وأنّ اسمه (أحمد).ولقد ذكرت روايات أُخرى هذا الإسم المبارك وأعطت لصاحبه اسمين آخرين، فيكون المجموع ثلاثة اسماء، وجاءت هذه الأسماء الثلاثة في وصية رسول الله قال (ص) : فإذا حضرته الوفاة -أي الإمام المهدي (ع)- فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي : اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين).
وجاءت اسماؤه الثلاثة ايضاً في الرواية الثانية من الطائفة التاسعة ،عن حذيفة بن اليمان قال : سمعت رسول الله (ص) يقول ـ وذكر المهدي- ( إنه يبايع بين الركن والمقام اسمه أحمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماءه ثلاثتها ).
إلا أنّ الوصية تبيّن :أن أحمد هو ابن الإمام المهدي عليه السلام، وأنه أول المؤمنين وأول المقربين، وأول المهديين الاثني عشر الذين ذكرهم رسول الله وآل بيته(ع) في كلماتهم،وأول انصار الامام المهدي (ع) و هو المولى الذي يلي البيعة، وهو الذي يطلّع على أمر الإمام المهدي عليه السلام فقط ، وهو طالع المشرق الذي يكون من آل محمد (ع) والذي يكفي من اتبعه مؤنة الطلب والذي يسير بالناس بمناهج الرسول (ص)، وهو خليفة الله المهدي الذي تقدّم ذكره الذي يخفى اسم من اسمائه ويظهر آخر، فالمخفي أحمد والظاهر محمد عليهم سلام الله ،وهو الذي يكون مسكنه في البصرة كما تقدّم.
النتيجة الخامسة: إنّ الطائفة العاشرة تبيّن حرمة التسمية، وتغيي الحرمة بالظهور فقالت (حتى يظهر أمره) ، وفي رواية اُخرى (حتى يبعثه الله)، فعن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : ( سال عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرني عن المهدي ما اسمه ؟ فقال : اما اسمه فإن حبيبي عليه السلام عهد إلي ألا أحدث به حتى يبعثه الله …).( الإرشاد : 2 /382).
ولا يتصور عاقل التناقض في كلامهم عليهم السلام ؛لأنّهم أوصياء محمد صلى الله عليه وآله الذين لا ينطقون عن الهوى، فالروايات في الحقيقة تشير الى شخصين أحدهما لا يسمى ولا يكنى وهو المهدي الأول حتى يظهر الله تعالى أمره، والآخر الذي يسمى ويكنى وهو خاتم الأئمة الامام محمد بن الحسن العسكري عليه وعلى آبائه وأبنائه الآف التحية والسلام ،ومن هنا يظهر للقارئ المنصف أنّ الاسم الذي يعلن هو محمد والاسم الذي يخفى هو أحمد عليهما السلام ،كما جاء فيما تقدم .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 41/سنة 2 في 15/02/2011 – 11 ربيع الاول 1432هـ ق)