لكي يتضح لنا من خلال كتب اللغة وكتب الحديث ما المراد من كلمة اليماني ، هل البلد أم اليُمن أم القوة أم اليمين أم ماذا ، وهل هي محددة بأهل بلاد اليمن اليوم أم أن هناك يمانية في البلاد الأخرى من حيث انتسابهم للموطن.
ورد في كتاب مجمع البحرين ص 582 .(ي م ن قوله تعالى ( ضَرْباً بِالْيَمِينِ) أي بيمينه ، وقيل القوة والقدرة . قوله ( تأتوننا عن اليمين ) قيل هي مستعارة لجهة الخير وجانبه ، ومعناه ( كنتم تأتوننا من قبل الدين فتزينون لنا ضلالتنا ، فتروننا عن الحق والدين ما تضلوننا به ) . وقيل : إنها مستعارة للقوة والقهر ، لان اليمين موصوفة بالقوة ، وبها يقع البطش . قوله (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قيل أي بالقوة والقدرة ، وقيل لأخذنا بيمينه ومنعناه من التصرف … واليمين : القسم ، والجمع أيُمن وأيمان ، يقال سمي بذلك لأنهم كانوا إذا حالفوا ضرب كل منهم يمينه على يمين صاحبه . وقيل هو مأخوذ من اليمين بمعنى القوة ، لان الشخص به يتقوى على فعل ما يحلف على فعله ، وترك ما يحلف على تركه . وقيل هو مأخوذ من اليمن بمعنى البركة ، لحصول التبرك بذكر الله ،… وفي الحديث ( الحجر يمين الله ، يصافح بها ما يشاء من عباده ) قيل : هذا تمثيل وتشبيه ، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحدا قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنزلة اليمين للملك ، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين . وإنما خص بذلك لان الميثاق المأخوذ من بني آدم في قوله تعالى (ألست بربكم قالوا بلى) - على ما نقل - قد جعله الله مع الحجر ، وأمر الناس بتعاهده . ولذا جاء في الدعاء عنده " أمانتي أديتها ، وميثاقي تعاهدته ، فاشهد لي عند ربك بالموافاة يوم القيامة " . واليمين : يمين الإنسان وغيره . واليمنة : خلاف اليسرة . واليمن : بلاد العرب اليمن : من دول الجزيرة العربية بين البحر الأحمر والمملكة العربية وعدن . تلتحق بها بعض الجزر في البحر الأحمر . سكانها بين 4 و 5 ملايين ، ارضها ساحل تهامة . تشرف عليه جبال اليمن والانجاد الخصيبة الكثيرة المياه . ومنها سميت اليمن قديما " بلاد العرب السعيدة " . وعاصمتها ( صنعاء ) ، والنسبة إليهم يمني ، ويمان مخفف ، والألف عوض عن ياء النسبة ، فلا يجتمعان . وبعضهم يقول (يماني) بالتشديد نقلا عن سيبويه . وفي الحديث (الإيمان يمان ، والحكمة يمانية) قيل إنما قال ذلك لان الإيمان بدأ من (مكة) وهي في ( تهامة ) تهامة - بكسر التاء - : هي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة ( سيناء ) شمالا إلى أطراف اليمن جنوبا ، وفيها مدن ( نجران ) و ( مكة ) و ( جدة ) و ( صنعاء ) . تبوك : مدينة في طريق الحج من دمشق إلى المدينة . اشتهرت بالغزوة العظيمة التي قام بها النبي صلى الله عليه وآله لإخضاع عرب الشمال . فهي واقعة على شمال مكة والمدينة ). انتهى مجمع البحرين ج 4 ص 581 . و ( تهامة ) من أرض ( اليمن ) ولهذا يقال (الكعبة اليمانية) وقيل إنه قال هذا القول وهو بتبوك ، ومكة والمدينة بينه وبين اليمن وأشار إلى ناحية اليمن ، وهو يريد مكة والمدينة ، وقيل أراد بهذا : الأنصار لأنهم يمانيون ، وهم نصروا الأيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم . واليمن : البركة . وقد يمن فلان على قومه فهو ميمون : إذا صار مباركا عليهم . وتيمنت به : تبركت به وفي الخبر " كان النبي صلى الله عليه وآله يحب التيمن ما استطاع " التيمن في اللغة المشهورة : التبرك بالشيء ، من اليمن : البركة . والمراد البدأة بالأيمن … ومكة من تهامة من ارض اليمن وسكان مكة هم يمانيون أيضاً والرسول محمد (ص) كان من سكان مكة فهو يماني أيضاً كما ورد في الحديث
عن سليم بن قيس الهلالي قال لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين ع نزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ ….من نسل حواري عيسى ابن مريم ……{ قال} عندي إملاء عيسى ابن مريم و خط أبينا … إن الله تبارك و تعالى يبعث رجلا من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض يقال لها تهامة من قرية يقال لها مكة يقال له أحمد له اثنا عشر اسما و ذكر مبعثه و مولده و مهاجرته و من يقاتله و من ينصره و من يعاديه و ما يعيش و ما تلقى أمته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء و في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله و من أحب خلق الله إليه و الله ولى لمن والاهم و عدو لمن عاداهم) الغيبة للنعماني ص74.
وينسب إلى أمير المؤمنين بيت الشعر التالي :
أنا الغـلام القرشـي المؤتمـن الماجـد الأبلج ليث كالشـطن
يرضى به السادة من أهل اليمن من ساكني نجد ومن أهـل عدن
وهذا الأمر صريح لا يحتاج التوضيح : فنجد وعدن كلاهما من اليمن .
وعن رسول الله ( ص) في مدح اليمن : وأن الإيمان يماني والحكمة يمانية ولولا الهجرة لكنت امرءاً من أهل اليمن . وفي حديث آخر قال النبي (ص) : إن خير الرجال أهل اليمن ، والإيمان يمان وأنا يماني ، وأكثر قبائل دخول الجنة يوم القيامة مذحج . بيان : إنما قال ذلك لأن الإيمان بدا من مكة وهي من تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا يقال : الكعبة اليمانية . قال الجوهري : اليمن بلاد العرب ، والنسبة إليهم يمني ، ويمان مخففة والألف عوض من ياء النسب فلا يجتمعان . قال سيبويه وبعضهم يقول : يماني بالتشديد . إنتهى.
أقول : قال الفيروز آبادي في قوله : أجد نفس ربكم من قبل اليمن : المراد ما تيسر له من أهل المدينة ، وهم يمانون من النصرة والأيواء ). إنتهى . مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي ج 01 ص 601
(و أبو عبد الله ، حذيفة بن اليمان ، واسم اليمان : حسل ، أو حسيل وإنما سمى باليمان لأنه : أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بنى عبد الأشهل ، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية ). الاحتجاج ج 1 ص 185 :
وكما هو واضح انه هرب إلى المدينة وليس إلى اليمن ونصت بعض الروايات أن الكعبة تدعى بالقبلة اليمانية وبعض الروايات الكعبة اليمانية واليك بعض من هذه الروايات :
ورد في كتاب مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب ج1 ص 133 من دعاء طويل نأخذ منه قدر الفائدة ( …… الخلق يوم الحساب صاحب القضيب العجيب ، والفناء الرحيب ، والرأي المصيب ، المشفق على البعيد والقريب محمد الحبيب . صاحب القبلة اليمانية ، والملة الحنيفية ، والشريعة المرضية ، والأمة المهدية ، والعترة الحسنية والحسينية . صاحب الدين والإسلام ، والبيت …) .
وورد في بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج15 ص310. في دعاء أبي طالب قبل ولادة رسول الله (ص) ( … قائل لكم : وحق إله الحرم ، وبارئ النسم ، أني لأعلم عن قليل ليظهرن المنعوت في التوراة والإنجيل الموصوف بالكرم والتفضيل ، الذي ليس له في عصره مثيل ، ولقد تواترت الأخبار ، أنه يبعث في هذه الإعصار ، رسول الملك الجبار ، المتوج بالأنوار ، ثم قصد الكعبة وأتى الناس وراءه إلا أبا جهل وحده ، وقد حلت به الذلة والصغار ، والذل والانكسار ، فلما دنا أبو طالب من الكعبة قال : اللهم رب هذه الكعبة اليمانية ، والأرض المدحية ، والجبال المرسيه ، إن كان قد سبق في حكمك ، وغامض علمك ، أن تزيدنا شرفاً فوق شرفنا ، وعزاً فوق عزنا بالنبي المشفع الذي بشر به سطيح فأظهر اللهم يا رب تبيانه ، وعجل برهانه ، واصرف عنا كيد المعاندين ، يا أرحم الراحمين ( وقال الجزري : في الحديث الأيمان يمان ، والحكمة يمانية ، إنما قال (ص) ذلك لأن الأيمان بدا من مكة وهي من تهامة ، وتهامة من أرض اليمن ، ولهذا يقال : الكعبة اليمانية ، وقيل : إنه قال هذا القول للأنصار لأنهم يمانون ، وهم نصروا الأيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الأيمان إليهم انتهى…) بحار الأنوار ج 22 ص 137.
وقد علق العلامة المجلسي في مقدمة بحار الأنوار ج 1 ص 1 : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي سمك سماء العلم ، وزينها ببروجها للناظرين ، وعلق عليها قناديل الأنوار بشموس النبوة وأقمار الإمامة لمن أراد سلوك مسالك اليقين ، وجعل نجومها رجوما لوساوس الشياطين ، وحفظها بثواقب شهبها عن شبهات المضلين ، ثم بمضلات الفتن أغطش ليلها وبنيرات البراهين أخرج ضحاها ، و مهد أراضي قلوب المؤمنين لبساتين الحكمة اليمانية فدحاها ، وهيأها لأزهار أسرار العلوم الربانية فأخرج منها ماءها ومرعاها ….) ومن المعلوم إن بحار الأنوار هو مجموعة روايات لأهل البيت فسمى العلامة المجلسي كلامهم ببساتين الحكمة اليمانية ، أي أشار إلى أهل البيت بأنهم يمانية لنسبتهم للكعبة اليمانية ولجدهم اليماني محمد (ص) حسب ما ورد في الحديث ومن خلال ماورد نفهم أن رسول الله (ص) يماني وإذا كان ذلك فان آل بيته هم يمانيون أيضاً أينما كانوا في بلاد الله الواسعة .
وفي مناجاة الله تعالى لعيسى (ع) في وصف النبي محمد (ص) ( …يا عيسى دينه الحنفية وقبلته يمانية …) الكافي ج8 ص139 .فإن قال قائل اليماني من اليُمن والبركة فجدهم المصطفى هو الميمون وليس في الخلق من هو أحق منه فقد ورد في الحديث انهم يمين عرش الله ويُمن عالم الملك (الدنيا) لا يعد يمُن قياساً بعالم الملكوت (ملكوت السماوات) فلا ميمون ولا مباركاً يصل يمنهم وبركتهم وهم العلماء الذين فضلهم الله على الأنبياء (ع) ، كما ورد الحديث فيهم (ع) (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) ولايتوهم بعض منتحلي مراكز آل محمد هذا الحديث في غير المعصومين (ع) .
حدثنا ابراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن جميل قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول يغدوا الناس على ثلاثة صنوف عالم ومتعلم وغثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء ) بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 28.
أي إذا كان العالم من شيعتهم يصح القول فيه متعلم من حديثهم (ع) وإلا فهو غثاء وفي رواية أخرى همج رعاع . فالعلماء هم آل محمد (ع) وهم افضل من أنبياء بني إسرائيل (ع) وهم يمين عرش الله . وإلا هل من عاقل يصدق أن شخصاً غير معصوم (واقصد الفقهاء الموجودين اليوم المتكالبين على الدنيا) هم افضل من أنبياء الله وفيهم أولي العزم ، والقول الفصل هو قوله (ع) نحن العلماء ، وخير ما يصل إليه المرء أن يكون من شيعتهم فيكون متعلماً منهم – أي بالتمسك فيما ورد عنهم من روايات - فلا يساويهم (ع) وأما ما دون شيعتهم المتعلمين ، فهم غثاء ، أي الذين يشرعون بآرائهم وغيرهم من الجهال الذين يخوضون في مزابل العلم ، فسماهم الإمام (ع) غثاء .
(وقيل سمي اليمن ليمنه والشام لشئمه) تاج العروس مج9 ص371 .
عن أبي سليمان راعى رسول الله ( ص ) قال سمعت رسول الله يقول (ليله أسري بى إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله …… يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعه فاخترتك منها … يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم يا محمد تحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا رب فقال التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون والمهدي في وسطهم كأنه كوكب دري بينهم وقال يا محمد هؤلاء الحجج وهذا الثائر من عترتك يا محمد وعزتي وجلالي أنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي ) . الطرائف - السيد ابن طاووس الحسني ص 173 :وعن رسول الله (ص) ( …خلق الأشياء فكانت مظلمة فنورها من نوري ونور علي . ثم جعلنا عن يمين العرش ، ثم خلق الملائكة فسبحنا وسبحت الملائكة ، وهللنا وهللت الملائكة …) غاية المرام ج 1 ص 48
(أنا وعلي بن أبي طالب من نور الله عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة عشر ألف سنة) غاية المرام ج 1 - السيد هاشم البحراني ص 27
ونستفاد من الكلام السابق مالمراد من شخصية اليماني الذي يأتي قبل الإمام ، هل كونه من بلاد اليمن فإن ذرية محمد (ص) يمانية كما مر كونهم من مكة ومكة من تهامة وهي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة ( سيناء ) شمالا إلى أطراف اليمن جنوبا ، وفيها مدن ( نجران ) و ( مكة ) و ( جدة ) و ( صنعاء ) كما مر في مجمع البحرين ص583 وذرية رسول الله (ص) اليوم في بلاد الله الواسعة ، ومن هذا نفهم أن اليماني غير محدد في بلاد اليمن أو غيرها ، وإذا كان المقصود انتسابه لبلاد اليمن حصراً ، فهل السفياني ينتسب إلى بلاد تسمى سفيان .
وقول النبي (ص) : (… والإيمان يمان وأنا يماني) إذن لا يشترط انتسابه إلى بلاد اليمن حين ظهوره في هذه الحالة ، بل ربما يشترط انتسابه إلى الرسول أو إلى أي قبيلة كانت تسكن تهامة في ذلك الحين كي يصدق عليه انه يماني ، وهنا لابد لنا من البحث على قرائن وعلامات أخرى للتعرف على شخصية اليماني ، كون آخرتنا مرتهنة به في زمن الظهور المقدس ، فراية الحق الوحيدة هي راية اليماني ، والحق ضالة المؤمن الذي يخشى الله ، ولا يريد أن يكون ملتوياً على اليماني ، فالملتوي عليه من أهل النار ، وكما كان الأولياء من اليمن كذلك كان الاخساء من اليمن فأبو هريرة المفتري على رسول الله (ص) هو من اليمن أيضاً ومن أراد التأكد فليقرأ كتاب أبو هريرة شيخ المضيرة قصة إسلام أبو هريرة .
وإذا كان المقصود ليس البلد بل المراد من اليماني الميمون أي المبارك فهنا لا يشترط المكان بل صفات الشخص نفسه وقربه من الله ومن الإمام المهدي (ع) ومحمد واله هم يمين العرش كما مر في الروايات ، أما إذا كان الميمون أي الموفق فهو ميموناً في قيادته لجيش الإمام المهدي (ع) ، والأصح المطلوب في شخصية اليماني هنا هو يمين الإمام .
واليمين : هي التي يصافح بها أولياءه ويقارع بها أعدائه ، كما مر في الحديث ( الحجر يمين الله ، يصافح بها ما يشاء من عباده ) قيل : هذا تمثيل وتشبيه ، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحدا قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنزلة اليمين للملك ، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين ) مجمع البحرين ص 583. وجاء فيه هذا المعنى (اليمين موصوفة بالقوة ، وبها يقع البطش . قوله (لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قيل أي بالقوة والقدرة …) مجمع البحرين ص 582 .
كما وان لصاحب اليمين الفخر على صاحب اليسار كما ورد عنهم (ع) ( فعن أبو محمد عليه السلام : كان سبب نزول قوله تعالى : (قل من كان عدوا لجبرئيل …… ويقول في بعض ذلك جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ويفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي عليه السلام الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره ، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة وملك الموت الذي أقامه بالخدمة ، وأن اليمين واليسار أشرف من ذلك ، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم ). الاحتجاج ج 1 ص 47 .
وباليمين يؤخذ العهد والميثاق كما مثل الحجر الأسود في الركن العراقي من الكعبة والذي تواترت الروايات على البدء باستلامه عند أداء مناسك الحج ، وروي انه الواسطة بين الله وعباده ويشهد لمن أدى البيعة كما أن اليماني الذي يأتي قبل الإمام المهدي (ع) هو الواسطة بين الإمام (ع) وبين الناس وهو الذي يأخذ البيعة والعهد والميثاق من الناس وهو بمنـزلة يمين الإمام وهو باب الجنة الذي يدخل منه العباد ، والإمام هو الجنة ، ويدخل الناس إلى الجنة عن طريق الباب ، قال رسول الله (ص) أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت من بابها ، فمن التوى على الباب أي أراد غيره بدلاً فهو سارق من أهل النار ، لذا قال (ع) في الوصي اليماني ، الملتوي عليه من أهل النار ، كونه باب الجنة .
وقد ورد في كتاب جامع السعادات ج3 ص314 . (ينبغي أن يتذكر عند استلام الحجر الأسود ، أنه بمنزلة يمين الله في أرضه ، وفيه مواثيق العباد . قال رسول الله ( ص )استلموا الركن ، فإنه يمين الله في خلقه ، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل ، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ومراده (ص) بالركن: الحجر الأسود لأنه موضوع فيه ، وإنما شبه باليمين لأنه واسطة بين الله وبين عباده في النيل والوصول والتحبب والرضا ، كاليمين حين التصافح . وقال الصادق (ع) (إن الله تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد ، أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال : أمانتي أديتها ، وميثاقي عاهدته ، لتشهد لي بالموافاة ). وقال (ع) (الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلقه الله منذ فتحه). وقال(ع)(الركن اليماني بابنا الذي يدخل منه الجنة ، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد) .
أقول : الحجر الأسود (اليماني) الذي التقم المواثيق ليشهد لمن أدى البيعة ، هو على شاكلة المولى الذي ولي البيعة (اليماني) للإمام المهدي (ع) ويشهد لمن يؤدي الأمانة والعهد قال تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الإسراء:34) أما قوله: الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلق الله منذ فتحه ، (والذي يبين أن الركن اليماني والحجر يشيران إلى شخص اليماني) فمسالة اليماني ، موجودة في كل الدعوات الإلهية ، التي تمكنت من قيادة شعب أو أمة ، على النطاقين الفكري والعسكري . وتجد مسألة الوصي وطاعته هي العقبة التي يسقط بها الكثير ، ممن واكبوا الدعوات الإلهية ، ومع ذلك يعصى الحجة في زمانه ويرغب الناس في غير وصيه ووصيته ، وهو بمثابة التواء عن القبلة ، وانتهاج دين آخر ، كون الحجة هو القبلة أمام الناس ، فهل رأيتم قائم بالصلاة وقبلته خلفه ؟
َلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: (هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ وَ مَوَدَّتَهُمْ وَ يَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) الكافي ج :1 ص : 392.
والمقصود هنا أي ينفروا إلى الحجة في زمانه فيبايعوه ويعرضوا عليه ولايتهم ومودتهم ونصرتهم ، وكان على مدى التاريخ وفي اغلب الدعوات الإلهية الامتحان بالوصي ، وقطعا من لا يقبل الوصي لا يقبل الموصي ، وان اظهر القبول ، كما هو الحال مع هارون (ع) ، أو مع أمير المؤمنين ، فمن لم يقبل علياً (ع) لم يقبل محمداً (ص) ، ومن لم يعرض على علي (ع) مودته ونصرته وبيعته ، فليس له من حجه إلا الشقاء ، فالحديث أعلاه يصرح أن الحج هو قبول الحجة المنصب من الله ورسوله ،وكل في زمانه ، وإلا فالطواف بلا قبول البيعة طواف الجاهلية .
وقد نصت روايات أهل البيت في زمن الظهور على بيعة اليماني ولما هو ثابت من أحاديث رسول الله (ص) وأهل بيته (ع) عند العامة والخاصة من أهمية شخصية اليماني في التمهيد لولي الله الأعظم فلا بد من التركيز والسؤال من هو يماني ويمين الإمام المهدي (ع) وهل يمكن أن نستدل عليه ونميزه من بين الشخصيات الكثيرة التي تسبق الإمام المهدي (ع) على أن يكون كلام أهل البيت (ع) نصب أعيننا والحبل الممدود من السماء إلى الأرض والتمسك به أمان من الضلالة كما أشار رسول الله (ص) ووصف الثقلين بأنهما أمان من الضلالة لمن تمسك بهما ، أما من أضاف أليهما وساوى بهما غيرهما أو من جعل الثقلين أربعة فقال القرآن والعترة والعقل والإجماع ، فنعم الحكم الله ونعم الموعد القيامة لنرى هل قال رسول الله ثقلين أم أربعة .
----------------------
كتاب اليماني الموعود حجة الله
بقلم الشيخ ::: حيــــــدر الزيــــــادي :::
-----------
ورد في كتاب مجمع البحرين ص 582 .(ي م ن قوله تعالى ( ضَرْباً بِالْيَمِينِ) أي بيمينه ، وقيل القوة والقدرة . قوله ( تأتوننا عن اليمين ) قيل هي مستعارة لجهة الخير وجانبه ، ومعناه ( كنتم تأتوننا من قبل الدين فتزينون لنا ضلالتنا ، فتروننا عن الحق والدين ما تضلوننا به ) . وقيل : إنها مستعارة للقوة والقهر ، لان اليمين موصوفة بالقوة ، وبها يقع البطش . قوله (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قيل أي بالقوة والقدرة ، وقيل لأخذنا بيمينه ومنعناه من التصرف … واليمين : القسم ، والجمع أيُمن وأيمان ، يقال سمي بذلك لأنهم كانوا إذا حالفوا ضرب كل منهم يمينه على يمين صاحبه . وقيل هو مأخوذ من اليمين بمعنى القوة ، لان الشخص به يتقوى على فعل ما يحلف على فعله ، وترك ما يحلف على تركه . وقيل هو مأخوذ من اليمن بمعنى البركة ، لحصول التبرك بذكر الله ،… وفي الحديث ( الحجر يمين الله ، يصافح بها ما يشاء من عباده ) قيل : هذا تمثيل وتشبيه ، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحدا قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنزلة اليمين للملك ، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين . وإنما خص بذلك لان الميثاق المأخوذ من بني آدم في قوله تعالى (ألست بربكم قالوا بلى) - على ما نقل - قد جعله الله مع الحجر ، وأمر الناس بتعاهده . ولذا جاء في الدعاء عنده " أمانتي أديتها ، وميثاقي تعاهدته ، فاشهد لي عند ربك بالموافاة يوم القيامة " . واليمين : يمين الإنسان وغيره . واليمنة : خلاف اليسرة . واليمن : بلاد العرب اليمن : من دول الجزيرة العربية بين البحر الأحمر والمملكة العربية وعدن . تلتحق بها بعض الجزر في البحر الأحمر . سكانها بين 4 و 5 ملايين ، ارضها ساحل تهامة . تشرف عليه جبال اليمن والانجاد الخصيبة الكثيرة المياه . ومنها سميت اليمن قديما " بلاد العرب السعيدة " . وعاصمتها ( صنعاء ) ، والنسبة إليهم يمني ، ويمان مخفف ، والألف عوض عن ياء النسبة ، فلا يجتمعان . وبعضهم يقول (يماني) بالتشديد نقلا عن سيبويه . وفي الحديث (الإيمان يمان ، والحكمة يمانية) قيل إنما قال ذلك لان الإيمان بدأ من (مكة) وهي في ( تهامة ) تهامة - بكسر التاء - : هي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة ( سيناء ) شمالا إلى أطراف اليمن جنوبا ، وفيها مدن ( نجران ) و ( مكة ) و ( جدة ) و ( صنعاء ) . تبوك : مدينة في طريق الحج من دمشق إلى المدينة . اشتهرت بالغزوة العظيمة التي قام بها النبي صلى الله عليه وآله لإخضاع عرب الشمال . فهي واقعة على شمال مكة والمدينة ). انتهى مجمع البحرين ج 4 ص 581 . و ( تهامة ) من أرض ( اليمن ) ولهذا يقال (الكعبة اليمانية) وقيل إنه قال هذا القول وهو بتبوك ، ومكة والمدينة بينه وبين اليمن وأشار إلى ناحية اليمن ، وهو يريد مكة والمدينة ، وقيل أراد بهذا : الأنصار لأنهم يمانيون ، وهم نصروا الأيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم . واليمن : البركة . وقد يمن فلان على قومه فهو ميمون : إذا صار مباركا عليهم . وتيمنت به : تبركت به وفي الخبر " كان النبي صلى الله عليه وآله يحب التيمن ما استطاع " التيمن في اللغة المشهورة : التبرك بالشيء ، من اليمن : البركة . والمراد البدأة بالأيمن … ومكة من تهامة من ارض اليمن وسكان مكة هم يمانيون أيضاً والرسول محمد (ص) كان من سكان مكة فهو يماني أيضاً كما ورد في الحديث
عن سليم بن قيس الهلالي قال لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين ع نزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ ….من نسل حواري عيسى ابن مريم ……{ قال} عندي إملاء عيسى ابن مريم و خط أبينا … إن الله تبارك و تعالى يبعث رجلا من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض يقال لها تهامة من قرية يقال لها مكة يقال له أحمد له اثنا عشر اسما و ذكر مبعثه و مولده و مهاجرته و من يقاتله و من ينصره و من يعاديه و ما يعيش و ما تلقى أمته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء و في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله و من أحب خلق الله إليه و الله ولى لمن والاهم و عدو لمن عاداهم) الغيبة للنعماني ص74.
وينسب إلى أمير المؤمنين بيت الشعر التالي :
أنا الغـلام القرشـي المؤتمـن الماجـد الأبلج ليث كالشـطن
يرضى به السادة من أهل اليمن من ساكني نجد ومن أهـل عدن
وهذا الأمر صريح لا يحتاج التوضيح : فنجد وعدن كلاهما من اليمن .
وعن رسول الله ( ص) في مدح اليمن : وأن الإيمان يماني والحكمة يمانية ولولا الهجرة لكنت امرءاً من أهل اليمن . وفي حديث آخر قال النبي (ص) : إن خير الرجال أهل اليمن ، والإيمان يمان وأنا يماني ، وأكثر قبائل دخول الجنة يوم القيامة مذحج . بيان : إنما قال ذلك لأن الإيمان بدا من مكة وهي من تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا يقال : الكعبة اليمانية . قال الجوهري : اليمن بلاد العرب ، والنسبة إليهم يمني ، ويمان مخففة والألف عوض من ياء النسب فلا يجتمعان . قال سيبويه وبعضهم يقول : يماني بالتشديد . إنتهى.
أقول : قال الفيروز آبادي في قوله : أجد نفس ربكم من قبل اليمن : المراد ما تيسر له من أهل المدينة ، وهم يمانون من النصرة والأيواء ). إنتهى . مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي ج 01 ص 601
(و أبو عبد الله ، حذيفة بن اليمان ، واسم اليمان : حسل ، أو حسيل وإنما سمى باليمان لأنه : أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بنى عبد الأشهل ، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية ). الاحتجاج ج 1 ص 185 :
وكما هو واضح انه هرب إلى المدينة وليس إلى اليمن ونصت بعض الروايات أن الكعبة تدعى بالقبلة اليمانية وبعض الروايات الكعبة اليمانية واليك بعض من هذه الروايات :
ورد في كتاب مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب ج1 ص 133 من دعاء طويل نأخذ منه قدر الفائدة ( …… الخلق يوم الحساب صاحب القضيب العجيب ، والفناء الرحيب ، والرأي المصيب ، المشفق على البعيد والقريب محمد الحبيب . صاحب القبلة اليمانية ، والملة الحنيفية ، والشريعة المرضية ، والأمة المهدية ، والعترة الحسنية والحسينية . صاحب الدين والإسلام ، والبيت …) .
وورد في بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج15 ص310. في دعاء أبي طالب قبل ولادة رسول الله (ص) ( … قائل لكم : وحق إله الحرم ، وبارئ النسم ، أني لأعلم عن قليل ليظهرن المنعوت في التوراة والإنجيل الموصوف بالكرم والتفضيل ، الذي ليس له في عصره مثيل ، ولقد تواترت الأخبار ، أنه يبعث في هذه الإعصار ، رسول الملك الجبار ، المتوج بالأنوار ، ثم قصد الكعبة وأتى الناس وراءه إلا أبا جهل وحده ، وقد حلت به الذلة والصغار ، والذل والانكسار ، فلما دنا أبو طالب من الكعبة قال : اللهم رب هذه الكعبة اليمانية ، والأرض المدحية ، والجبال المرسيه ، إن كان قد سبق في حكمك ، وغامض علمك ، أن تزيدنا شرفاً فوق شرفنا ، وعزاً فوق عزنا بالنبي المشفع الذي بشر به سطيح فأظهر اللهم يا رب تبيانه ، وعجل برهانه ، واصرف عنا كيد المعاندين ، يا أرحم الراحمين ( وقال الجزري : في الحديث الأيمان يمان ، والحكمة يمانية ، إنما قال (ص) ذلك لأن الأيمان بدا من مكة وهي من تهامة ، وتهامة من أرض اليمن ، ولهذا يقال : الكعبة اليمانية ، وقيل : إنه قال هذا القول للأنصار لأنهم يمانون ، وهم نصروا الأيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الأيمان إليهم انتهى…) بحار الأنوار ج 22 ص 137.
وقد علق العلامة المجلسي في مقدمة بحار الأنوار ج 1 ص 1 : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي سمك سماء العلم ، وزينها ببروجها للناظرين ، وعلق عليها قناديل الأنوار بشموس النبوة وأقمار الإمامة لمن أراد سلوك مسالك اليقين ، وجعل نجومها رجوما لوساوس الشياطين ، وحفظها بثواقب شهبها عن شبهات المضلين ، ثم بمضلات الفتن أغطش ليلها وبنيرات البراهين أخرج ضحاها ، و مهد أراضي قلوب المؤمنين لبساتين الحكمة اليمانية فدحاها ، وهيأها لأزهار أسرار العلوم الربانية فأخرج منها ماءها ومرعاها ….) ومن المعلوم إن بحار الأنوار هو مجموعة روايات لأهل البيت فسمى العلامة المجلسي كلامهم ببساتين الحكمة اليمانية ، أي أشار إلى أهل البيت بأنهم يمانية لنسبتهم للكعبة اليمانية ولجدهم اليماني محمد (ص) حسب ما ورد في الحديث ومن خلال ماورد نفهم أن رسول الله (ص) يماني وإذا كان ذلك فان آل بيته هم يمانيون أيضاً أينما كانوا في بلاد الله الواسعة .
وفي مناجاة الله تعالى لعيسى (ع) في وصف النبي محمد (ص) ( …يا عيسى دينه الحنفية وقبلته يمانية …) الكافي ج8 ص139 .فإن قال قائل اليماني من اليُمن والبركة فجدهم المصطفى هو الميمون وليس في الخلق من هو أحق منه فقد ورد في الحديث انهم يمين عرش الله ويُمن عالم الملك (الدنيا) لا يعد يمُن قياساً بعالم الملكوت (ملكوت السماوات) فلا ميمون ولا مباركاً يصل يمنهم وبركتهم وهم العلماء الذين فضلهم الله على الأنبياء (ع) ، كما ورد الحديث فيهم (ع) (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) ولايتوهم بعض منتحلي مراكز آل محمد هذا الحديث في غير المعصومين (ع) .
حدثنا ابراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن جميل قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول يغدوا الناس على ثلاثة صنوف عالم ومتعلم وغثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء ) بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 28.
أي إذا كان العالم من شيعتهم يصح القول فيه متعلم من حديثهم (ع) وإلا فهو غثاء وفي رواية أخرى همج رعاع . فالعلماء هم آل محمد (ع) وهم افضل من أنبياء بني إسرائيل (ع) وهم يمين عرش الله . وإلا هل من عاقل يصدق أن شخصاً غير معصوم (واقصد الفقهاء الموجودين اليوم المتكالبين على الدنيا) هم افضل من أنبياء الله وفيهم أولي العزم ، والقول الفصل هو قوله (ع) نحن العلماء ، وخير ما يصل إليه المرء أن يكون من شيعتهم فيكون متعلماً منهم – أي بالتمسك فيما ورد عنهم من روايات - فلا يساويهم (ع) وأما ما دون شيعتهم المتعلمين ، فهم غثاء ، أي الذين يشرعون بآرائهم وغيرهم من الجهال الذين يخوضون في مزابل العلم ، فسماهم الإمام (ع) غثاء .
(وقيل سمي اليمن ليمنه والشام لشئمه) تاج العروس مج9 ص371 .
عن أبي سليمان راعى رسول الله ( ص ) قال سمعت رسول الله يقول (ليله أسري بى إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله …… يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعه فاخترتك منها … يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم يا محمد تحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يا رب فقال التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون والمهدي في وسطهم كأنه كوكب دري بينهم وقال يا محمد هؤلاء الحجج وهذا الثائر من عترتك يا محمد وعزتي وجلالي أنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي ) . الطرائف - السيد ابن طاووس الحسني ص 173 :وعن رسول الله (ص) ( …خلق الأشياء فكانت مظلمة فنورها من نوري ونور علي . ثم جعلنا عن يمين العرش ، ثم خلق الملائكة فسبحنا وسبحت الملائكة ، وهللنا وهللت الملائكة …) غاية المرام ج 1 ص 48
(أنا وعلي بن أبي طالب من نور الله عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة عشر ألف سنة) غاية المرام ج 1 - السيد هاشم البحراني ص 27
ونستفاد من الكلام السابق مالمراد من شخصية اليماني الذي يأتي قبل الإمام ، هل كونه من بلاد اليمن فإن ذرية محمد (ص) يمانية كما مر كونهم من مكة ومكة من تهامة وهي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة ( سيناء ) شمالا إلى أطراف اليمن جنوبا ، وفيها مدن ( نجران ) و ( مكة ) و ( جدة ) و ( صنعاء ) كما مر في مجمع البحرين ص583 وذرية رسول الله (ص) اليوم في بلاد الله الواسعة ، ومن هذا نفهم أن اليماني غير محدد في بلاد اليمن أو غيرها ، وإذا كان المقصود انتسابه لبلاد اليمن حصراً ، فهل السفياني ينتسب إلى بلاد تسمى سفيان .
وقول النبي (ص) : (… والإيمان يمان وأنا يماني) إذن لا يشترط انتسابه إلى بلاد اليمن حين ظهوره في هذه الحالة ، بل ربما يشترط انتسابه إلى الرسول أو إلى أي قبيلة كانت تسكن تهامة في ذلك الحين كي يصدق عليه انه يماني ، وهنا لابد لنا من البحث على قرائن وعلامات أخرى للتعرف على شخصية اليماني ، كون آخرتنا مرتهنة به في زمن الظهور المقدس ، فراية الحق الوحيدة هي راية اليماني ، والحق ضالة المؤمن الذي يخشى الله ، ولا يريد أن يكون ملتوياً على اليماني ، فالملتوي عليه من أهل النار ، وكما كان الأولياء من اليمن كذلك كان الاخساء من اليمن فأبو هريرة المفتري على رسول الله (ص) هو من اليمن أيضاً ومن أراد التأكد فليقرأ كتاب أبو هريرة شيخ المضيرة قصة إسلام أبو هريرة .
وإذا كان المقصود ليس البلد بل المراد من اليماني الميمون أي المبارك فهنا لا يشترط المكان بل صفات الشخص نفسه وقربه من الله ومن الإمام المهدي (ع) ومحمد واله هم يمين العرش كما مر في الروايات ، أما إذا كان الميمون أي الموفق فهو ميموناً في قيادته لجيش الإمام المهدي (ع) ، والأصح المطلوب في شخصية اليماني هنا هو يمين الإمام .
واليمين : هي التي يصافح بها أولياءه ويقارع بها أعدائه ، كما مر في الحديث ( الحجر يمين الله ، يصافح بها ما يشاء من عباده ) قيل : هذا تمثيل وتشبيه ، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحدا قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنزلة اليمين للملك ، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين ) مجمع البحرين ص 583. وجاء فيه هذا المعنى (اليمين موصوفة بالقوة ، وبها يقع البطش . قوله (لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قيل أي بالقوة والقدرة …) مجمع البحرين ص 582 .
كما وان لصاحب اليمين الفخر على صاحب اليسار كما ورد عنهم (ع) ( فعن أبو محمد عليه السلام : كان سبب نزول قوله تعالى : (قل من كان عدوا لجبرئيل …… ويقول في بعض ذلك جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ويفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي عليه السلام الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره ، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة وملك الموت الذي أقامه بالخدمة ، وأن اليمين واليسار أشرف من ذلك ، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم ). الاحتجاج ج 1 ص 47 .
وباليمين يؤخذ العهد والميثاق كما مثل الحجر الأسود في الركن العراقي من الكعبة والذي تواترت الروايات على البدء باستلامه عند أداء مناسك الحج ، وروي انه الواسطة بين الله وعباده ويشهد لمن أدى البيعة كما أن اليماني الذي يأتي قبل الإمام المهدي (ع) هو الواسطة بين الإمام (ع) وبين الناس وهو الذي يأخذ البيعة والعهد والميثاق من الناس وهو بمنـزلة يمين الإمام وهو باب الجنة الذي يدخل منه العباد ، والإمام هو الجنة ، ويدخل الناس إلى الجنة عن طريق الباب ، قال رسول الله (ص) أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت من بابها ، فمن التوى على الباب أي أراد غيره بدلاً فهو سارق من أهل النار ، لذا قال (ع) في الوصي اليماني ، الملتوي عليه من أهل النار ، كونه باب الجنة .
وقد ورد في كتاب جامع السعادات ج3 ص314 . (ينبغي أن يتذكر عند استلام الحجر الأسود ، أنه بمنزلة يمين الله في أرضه ، وفيه مواثيق العباد . قال رسول الله ( ص )استلموا الركن ، فإنه يمين الله في خلقه ، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل ، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ومراده (ص) بالركن: الحجر الأسود لأنه موضوع فيه ، وإنما شبه باليمين لأنه واسطة بين الله وبين عباده في النيل والوصول والتحبب والرضا ، كاليمين حين التصافح . وقال الصادق (ع) (إن الله تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد ، أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال : أمانتي أديتها ، وميثاقي عاهدته ، لتشهد لي بالموافاة ). وقال (ع) (الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلقه الله منذ فتحه). وقال(ع)(الركن اليماني بابنا الذي يدخل منه الجنة ، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد) .
أقول : الحجر الأسود (اليماني) الذي التقم المواثيق ليشهد لمن أدى البيعة ، هو على شاكلة المولى الذي ولي البيعة (اليماني) للإمام المهدي (ع) ويشهد لمن يؤدي الأمانة والعهد قال تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الإسراء:34) أما قوله: الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلق الله منذ فتحه ، (والذي يبين أن الركن اليماني والحجر يشيران إلى شخص اليماني) فمسالة اليماني ، موجودة في كل الدعوات الإلهية ، التي تمكنت من قيادة شعب أو أمة ، على النطاقين الفكري والعسكري . وتجد مسألة الوصي وطاعته هي العقبة التي يسقط بها الكثير ، ممن واكبوا الدعوات الإلهية ، ومع ذلك يعصى الحجة في زمانه ويرغب الناس في غير وصيه ووصيته ، وهو بمثابة التواء عن القبلة ، وانتهاج دين آخر ، كون الحجة هو القبلة أمام الناس ، فهل رأيتم قائم بالصلاة وقبلته خلفه ؟
َلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: (هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ وَ مَوَدَّتَهُمْ وَ يَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) الكافي ج :1 ص : 392.
والمقصود هنا أي ينفروا إلى الحجة في زمانه فيبايعوه ويعرضوا عليه ولايتهم ومودتهم ونصرتهم ، وكان على مدى التاريخ وفي اغلب الدعوات الإلهية الامتحان بالوصي ، وقطعا من لا يقبل الوصي لا يقبل الموصي ، وان اظهر القبول ، كما هو الحال مع هارون (ع) ، أو مع أمير المؤمنين ، فمن لم يقبل علياً (ع) لم يقبل محمداً (ص) ، ومن لم يعرض على علي (ع) مودته ونصرته وبيعته ، فليس له من حجه إلا الشقاء ، فالحديث أعلاه يصرح أن الحج هو قبول الحجة المنصب من الله ورسوله ،وكل في زمانه ، وإلا فالطواف بلا قبول البيعة طواف الجاهلية .
وقد نصت روايات أهل البيت في زمن الظهور على بيعة اليماني ولما هو ثابت من أحاديث رسول الله (ص) وأهل بيته (ع) عند العامة والخاصة من أهمية شخصية اليماني في التمهيد لولي الله الأعظم فلا بد من التركيز والسؤال من هو يماني ويمين الإمام المهدي (ع) وهل يمكن أن نستدل عليه ونميزه من بين الشخصيات الكثيرة التي تسبق الإمام المهدي (ع) على أن يكون كلام أهل البيت (ع) نصب أعيننا والحبل الممدود من السماء إلى الأرض والتمسك به أمان من الضلالة كما أشار رسول الله (ص) ووصف الثقلين بأنهما أمان من الضلالة لمن تمسك بهما ، أما من أضاف أليهما وساوى بهما غيرهما أو من جعل الثقلين أربعة فقال القرآن والعترة والعقل والإجماع ، فنعم الحكم الله ونعم الموعد القيامة لنرى هل قال رسول الله ثقلين أم أربعة .
----------------------
كتاب اليماني الموعود حجة الله
بقلم الشيخ ::: حيــــــدر الزيــــــادي :::
-----------