في سؤال موجه الى الامام احمد الحسن ع
س - عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، في قوله تعالى: )كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ). قال: «هي منسوخة ، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث )فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) يعني بذلك الوصي». هل الاية منسوخة ؟ وماهي الوصية الواجبة على المكلف ؟
ج / بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما وفقكم الله وسدد خطاكم
الخير غير محصور بالاموال والممتلكات فلو كانت الاية منسوخة لما تعدى النسخ حكمها فيما يخص الاموال والاملاك التي هي موضوع القسمة بين الورثة اي كون الوصية بالاموال والاملاك المادية التي تقسم بين الورثة غير واجبة بعد نزول ايات المواريث اي غير واجبة بالثلثين اما حكم الاية فيما عدا هذا فهو سار وجار ولا يمكن ادعاء ان ايات المواريث ناسخة له.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ (( سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَقَالَ تَجُوزُ قَالَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ)) الكافي ج7 ص 10.
والاية تبين ايضا للمؤمن حال الثلث الذي يحق له ان يوصي به وانه يجب ان يوصي به او ببعضه لخليفة الله في ارضه في زمانه كما ورد عنهم ع، نعم يحق لخليفة الله ان يسقط هذا الفرض كما يحق له اسقاط الخمس لانها اموال تخصه فله اسقاطها متى شاء فهي اموال يعيل بها الامة وفقراءها ويتقوم بها حكم خليفة الله في ارضه.
عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع (( فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ قَالَ هُوَ شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ قُلْتُ فَهَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ أَدْنَى مَا يَكُونُ ثُلُثُ الثُّلُثِ)) منلايحضرهالفقيه ج4 ص 235.
عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع (( قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ قَالَ حَقٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ قُلْتُ لِذَلِكَ حَدٌّ مَحْدُودٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَمْ قَالَ أَدْنَاهُ السُّدُسُ وَ أَكْثَرُهُ الثُّلُثُ )) مستدركالوسائل ج14 ص143
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيُّ فِي كِتَابِ التَّنْزِيلِ وَ التَّحْرِيفِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع (( وَ هُوَ حَقٌّ فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الثُّلُثِ قِيلَ لَهُ كَمْ هُوَ قَالَ أَدْنَاهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَ الْبَاقِي فِيمَا أَحَبَّ الْمَيِّتُ)) مستدركالوسائل ج14 143
ايضا الوصية بتقوى الله وحث الناس على نصرة خليفة الله في ارضه خصوصا لمن يظن ان لكلامه او وصيته اثر على بعض من يقراها بعد موته في معرفة الحق ونصرة خليفة الله.
فإمير المؤمنين ع لم يأمر شخص مقل ان يترك الوصية بل امره ان لا يتركها ويوصي بتقوى الله عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع (( أَنَّهُ حَضَرَهُ رَجُلٌ مُقِلٌّ فَقَالَ أَ لَا أُوصِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ أَوْصِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَمَّا الْمَالُ فَدَعْهُ لِوَرَثَتِكَ فَإِنَّهُ طَفِيفٌ يَسِيرٌ وَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ تَرَكَ خَيْراً وَ أَنْتَ لَمْ تَتْرُكْ خَيْراً تُوصِي فِيهِ )) مستدركالوسائل ج14 ص 141.
اما فيما يخص خليفة الله في ارضه أو رسول الله ص بالخصوص فواضح انه يترك خيرا كثيرا وهو منصب خلافة الله في ارضه بعد انتقاله الى الرفيق الاعلى وخليفة الله هو طريق ايصال التكليف للناس فكيف يترك الوصية بمن يخلفه
هذا والاية فيها لفظان واضحان في ان الوصية فرض واجب عند حضورالموت ((كتب، وحقا على)) فلا يصح ان يعرض عنها صاحب الشريعة لان الاعراض عنها امر قبيح فكيف يعرض محمد عن الوصية عند الموت مع انه كان لديه الوقت الكافي لكتابتها حتى بعد ان منع من كتابتها على رؤوس الاشهاد يوم الخميس فهل اعدم رسول الله شاهدين عدلين من الاصحاب مع وجود علي ع وسلمان وابي ذر والمقداد وعمار وغيرهم ممن كانوا يؤيدون كتابة الكتاب ام هل اعدم الوقت وكان عنده قرابة ثلاثة ايام بلياليها؟! لا اعتقد ان شخصاً يحترم رسول الله ص سيقول انه ترك كتابة كتاب (الوصية) وصفه هو ص بانه عاصم للأمة من الضلال الى يوم القيامة.
وغير صحيح قول بعض من يدعون العلم من الشيعة : إن ترك كتابة الوصية مطلقا راجح لان من اعترضوا - اي عمر وجماعته - في رزية الخميس على كتابتها وقالوا يهجر او غلبه الوجع لن يتورعوا بعد وفاة رسول الله عن الطعن بسلامة قواه العقلية عند كتابته للوصية كما فعلوا في رزية الخميس، وقولهم هذا غير صحيح لأن هذا يمكن ان يحصل فيما لو كتبت الوصية وابرزت واظهرت لهؤلاء المعترضين أما لو كتبت لعلي واشهد عليها من قبلها من الاصحاب دون ان تبرز لهؤلاء المعترضين فلن يكون هناك طعن بالرسول ص وفي نفس الوقت يحقق الغرض من كتابة الوصية وهو ان تصل الى الخلف من هذه الامة وتنفي الضلال عن هذه الامة الى يوم القيامة.
نعم يجوز لمن يدعون الفقه ان يسوقوا الكلام السابق لتعليل عدم اصرار رسول الله ص على كتابة الوصية في نفس الموقف اي في حادثة الخميس لا مطلقا.
وهذا امر بديهي فهل من يشق عليه صيام يوم من شهر رمضان يعرض عن صيام هذا اليوم مطلقا ام يصومه في يوم اخر يمكنه صيامه فيه؟ وهل من لا يتمكن من اداء الصلاة في مكان لوجود النجاسة فيه يمتنع عن الصلاة ام يصليها في مكان اخر؟
وكتاب رسول الله عند الاحتضار (الوصية ) امر عظيم اعظم من الصوم والصلاة فرضه الله على الرسول بقوله تعالى (كتب وحقا) ووصفه رسول الله بانه يعصم الامة من الضلال الى يوم القيامة فكيف يتركه رسول الله ص مطلقا بمجرد ان اعترض عليه جماعة في يوم الخميس؟
في الحقيقة انه امر عظيم وخطير ان يُتهم رسول الله ص بترك كتابة الوصية عند الاحتضار حيث انه يمثل اتهاماً للرسول بأنه ترك ما امره الله به مع تمكنه من ادائه والقيام به فالله يوجب كتابة الوصية على سيد وإمام المتقين محمد مرتين بآية واحدة بقوله : كتب، حقا على (( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة180)) وياتي فلان او فلان اليوم ليقول ان محمداً ترك الوصية التي تشخص الثقلين وهكذا بكل بساطة يتهم رسول الله بانه يعصي الله لأن الوصية الوحيدة المروية لا توافق هواه ولان فيها ذكر المهديين واسم اولهم
هكذا فقط لانها لا تعجبه يقول ان رسول الله ص لم يوصِ، هل هناك اتباع للهوى ابين من هذا ؟!
والمصيبة ان بعضهم يدعون انهم يعلمون ما في وصية رسول الله التي لم يكتبها حسب زعمهم وبأنها مجرد تاكيد لبيعة الغدير ولحديث الثقلين المجمل ولهذا فهو ص لم يهتم لكتابتها ولم يكتبها بعد حادثة الرزية بحسب زعمهم ولو للمساكين الذي يقبلونها كعمار وابي ذر والمقداد ولم يكتبها حتى لعلي لتصل لمن يقبلونها بعده لكي لا يضيع ويضل كل من في اصلاب الرجال وتعصم الامة من الضلال.
ولا ادري من اين علموا ان الوصية مجرد تكرار او تاكيد لحادثة الغدير او غيرها من الحوادث والاقوال السابقة لرسول الله ص كحديث الثقلين المجمل مع انه ص نبي ورسول من الله والوحي مستمر له ورسالته لهداية الناس مستمرة حتى اخر لحظة من حياته فهل ان الله اخبرهم مثلا انه لم يوحَ لمحمد قبل احتضاره بيوم او بشهر او بشهرين شيئاً جديداً وتفاصيل جديدة تخص احد الثقلين وهو الاوصياء من بعده واسماء وصفات بعضهم بما يضمن عدم ضلال الامة الى يوم القيامة مع ان هذا الامر موافق للحكمة وإذا لم يكن قد اوحى الله لهؤلاء المدعين شيئا فلماذا الجزم ان الوصية كانت مجرد تكرار لما سبق ولهذا كان الافضل ترك كتابتها بعد رزية الخميس بحسب زعمهم؟
هل هذا يعني ان عمر يقرر لرسول الله ان الافضل عدم كتابة الوصية في يوم الخميس كما يزعم من اعتبروا ان اعتراض عمر على كتابة الكتاب كان بتوفيق وتسديد
وانتم تقررون لرسول الله ان الافضل عدم كتابة الوصية بعد يوم الخميس ولا تُعدمون القش لإيقاد ناركم، فمن الرسول بربكم محمد بن عبد الله ص ام عمر وجماعته ام انتم يامن تسميتم بالتشيع؟
انا ادعو من يقولون هذا القول الى التوبة والاستغفار ان كانوا يخافون الله.
فعلة الوصية عند الاحتضار لخليفة الله والحكمة منها لان الوحي والتبليغ مستمر لخليفة الله في ارضه حتى اخر لحظة من حياته فوصيته تكون بآخر ما يوحى له فيما يخص امر خليفة او خلفاء الله من بعده أو اوصيائه ولهذا قال الحكيم المطلق سبحانه (( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ...)) ولم يقل كتب عليكم الوصية فحسب ولهذا بين الرسول محمد ص فيما سمي برزية الخميس بان وصيته عند الموت هي العاصم من الضلال لاغير لانها في تشخيص الثقلين (المُخلَف العاصم من الضلال ) بالاسم والصفة الذي لا يمكن معه ان يحصل الضلال لمن التزم بهذه الوصية الى يوم القيامة وهنا اعيد للتنبيه ولفت الانتباه ان قول الرسول في يوم الرزية – كما سماه ابن عباس- ((ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا )) معناه ان ما سبق من التبليغ الذي جاء به الرسول – بما فيه القرآن وعلي ع الذي بلغ بوصايته مرات عديدة- بل والحسن والحسين ع الذين شخصا بحديث الكساء وغيره لا يعصم الأمة من الضلال الى يوم القيامة بل الذي يعصم الامة من الضلال هو هذا التشخيص الدقيق للثقلين الذي اوحي لرسول الله ص وأمره الله بتبليغه للناس بوصيته المباركة عند الاحتضار وفي ختام حياته ورسالته المباركة.
في الختام :
لدينا اية توجب كتابة الوصية عند الاحتضار وبكلمتين دالتين على الوجوب (كتب وحقا على ) قال تعالى(( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة180)) فمن ينكر كتابة الوصية يتهم الرسول بالمعصية.
ولدينا روايات تدل على كتابة الوصية او هم الرسول بكتابة الوصية عند الاحتضار كرزية الخميس المروية في البخاري وما رواه سليم بن قيس في كتابه.
ولدينا روايات موافقة لمحتوى الوصية وهي روايات المهديين الاثني عشر وهي موجودة في كتب الانصار ويمكن الرجوع الى مصادرها عند الشيعة والسنة وايضا ما رواه الطوسي عنهم ع في ان اسم المهدي (احمد وعبد الله والمهدي ) وما رواه السنة من ان اسم المهدي يواطئ اسم النبي اي احمد كما ورد في الوصية.
ولدينا نص الوصية المكتوبة عند الاحتضار وهي مروية في غيبة الطوسي
ولا يوجد لدينا معارض لنص الوصية.
وكل اشكال اتوا به لرد الوصية تم رده وبيان بطلانه
فكيف يمكن - بعد كل هذا - لعاقل ان يرد الوصية وكيف لمن يخاف الاخرة ان يرد الوصية وكيف لمن يتقي الله ان يرد الوصية ؟!!!!!
أحمد الحسن
صفر / 1433 هـ
س - عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، في قوله تعالى: )كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ). قال: «هي منسوخة ، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث )فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) يعني بذلك الوصي». هل الاية منسوخة ؟ وماهي الوصية الواجبة على المكلف ؟
ج / بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما وفقكم الله وسدد خطاكم
الخير غير محصور بالاموال والممتلكات فلو كانت الاية منسوخة لما تعدى النسخ حكمها فيما يخص الاموال والاملاك التي هي موضوع القسمة بين الورثة اي كون الوصية بالاموال والاملاك المادية التي تقسم بين الورثة غير واجبة بعد نزول ايات المواريث اي غير واجبة بالثلثين اما حكم الاية فيما عدا هذا فهو سار وجار ولا يمكن ادعاء ان ايات المواريث ناسخة له.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ (( سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَقَالَ تَجُوزُ قَالَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ)) الكافي ج7 ص 10.
والاية تبين ايضا للمؤمن حال الثلث الذي يحق له ان يوصي به وانه يجب ان يوصي به او ببعضه لخليفة الله في ارضه في زمانه كما ورد عنهم ع، نعم يحق لخليفة الله ان يسقط هذا الفرض كما يحق له اسقاط الخمس لانها اموال تخصه فله اسقاطها متى شاء فهي اموال يعيل بها الامة وفقراءها ويتقوم بها حكم خليفة الله في ارضه.
عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع (( فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ قَالَ هُوَ شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ قُلْتُ فَهَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ أَدْنَى مَا يَكُونُ ثُلُثُ الثُّلُثِ)) منلايحضرهالفقيه ج4 ص 235.
عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع (( قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ قَالَ حَقٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ قُلْتُ لِذَلِكَ حَدٌّ مَحْدُودٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَمْ قَالَ أَدْنَاهُ السُّدُسُ وَ أَكْثَرُهُ الثُّلُثُ )) مستدركالوسائل ج14 ص143
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيُّ فِي كِتَابِ التَّنْزِيلِ وَ التَّحْرِيفِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع (( وَ هُوَ حَقٌّ فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الثُّلُثِ قِيلَ لَهُ كَمْ هُوَ قَالَ أَدْنَاهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَ الْبَاقِي فِيمَا أَحَبَّ الْمَيِّتُ)) مستدركالوسائل ج14 143
ايضا الوصية بتقوى الله وحث الناس على نصرة خليفة الله في ارضه خصوصا لمن يظن ان لكلامه او وصيته اثر على بعض من يقراها بعد موته في معرفة الحق ونصرة خليفة الله.
فإمير المؤمنين ع لم يأمر شخص مقل ان يترك الوصية بل امره ان لا يتركها ويوصي بتقوى الله عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع (( أَنَّهُ حَضَرَهُ رَجُلٌ مُقِلٌّ فَقَالَ أَ لَا أُوصِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ أَوْصِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَمَّا الْمَالُ فَدَعْهُ لِوَرَثَتِكَ فَإِنَّهُ طَفِيفٌ يَسِيرٌ وَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْ تَرَكَ خَيْراً وَ أَنْتَ لَمْ تَتْرُكْ خَيْراً تُوصِي فِيهِ )) مستدركالوسائل ج14 ص 141.
اما فيما يخص خليفة الله في ارضه أو رسول الله ص بالخصوص فواضح انه يترك خيرا كثيرا وهو منصب خلافة الله في ارضه بعد انتقاله الى الرفيق الاعلى وخليفة الله هو طريق ايصال التكليف للناس فكيف يترك الوصية بمن يخلفه
هذا والاية فيها لفظان واضحان في ان الوصية فرض واجب عند حضورالموت ((كتب، وحقا على)) فلا يصح ان يعرض عنها صاحب الشريعة لان الاعراض عنها امر قبيح فكيف يعرض محمد عن الوصية عند الموت مع انه كان لديه الوقت الكافي لكتابتها حتى بعد ان منع من كتابتها على رؤوس الاشهاد يوم الخميس فهل اعدم رسول الله شاهدين عدلين من الاصحاب مع وجود علي ع وسلمان وابي ذر والمقداد وعمار وغيرهم ممن كانوا يؤيدون كتابة الكتاب ام هل اعدم الوقت وكان عنده قرابة ثلاثة ايام بلياليها؟! لا اعتقد ان شخصاً يحترم رسول الله ص سيقول انه ترك كتابة كتاب (الوصية) وصفه هو ص بانه عاصم للأمة من الضلال الى يوم القيامة.
وغير صحيح قول بعض من يدعون العلم من الشيعة : إن ترك كتابة الوصية مطلقا راجح لان من اعترضوا - اي عمر وجماعته - في رزية الخميس على كتابتها وقالوا يهجر او غلبه الوجع لن يتورعوا بعد وفاة رسول الله عن الطعن بسلامة قواه العقلية عند كتابته للوصية كما فعلوا في رزية الخميس، وقولهم هذا غير صحيح لأن هذا يمكن ان يحصل فيما لو كتبت الوصية وابرزت واظهرت لهؤلاء المعترضين أما لو كتبت لعلي واشهد عليها من قبلها من الاصحاب دون ان تبرز لهؤلاء المعترضين فلن يكون هناك طعن بالرسول ص وفي نفس الوقت يحقق الغرض من كتابة الوصية وهو ان تصل الى الخلف من هذه الامة وتنفي الضلال عن هذه الامة الى يوم القيامة.
نعم يجوز لمن يدعون الفقه ان يسوقوا الكلام السابق لتعليل عدم اصرار رسول الله ص على كتابة الوصية في نفس الموقف اي في حادثة الخميس لا مطلقا.
وهذا امر بديهي فهل من يشق عليه صيام يوم من شهر رمضان يعرض عن صيام هذا اليوم مطلقا ام يصومه في يوم اخر يمكنه صيامه فيه؟ وهل من لا يتمكن من اداء الصلاة في مكان لوجود النجاسة فيه يمتنع عن الصلاة ام يصليها في مكان اخر؟
وكتاب رسول الله عند الاحتضار (الوصية ) امر عظيم اعظم من الصوم والصلاة فرضه الله على الرسول بقوله تعالى (كتب وحقا) ووصفه رسول الله بانه يعصم الامة من الضلال الى يوم القيامة فكيف يتركه رسول الله ص مطلقا بمجرد ان اعترض عليه جماعة في يوم الخميس؟
في الحقيقة انه امر عظيم وخطير ان يُتهم رسول الله ص بترك كتابة الوصية عند الاحتضار حيث انه يمثل اتهاماً للرسول بأنه ترك ما امره الله به مع تمكنه من ادائه والقيام به فالله يوجب كتابة الوصية على سيد وإمام المتقين محمد مرتين بآية واحدة بقوله : كتب، حقا على (( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة180)) وياتي فلان او فلان اليوم ليقول ان محمداً ترك الوصية التي تشخص الثقلين وهكذا بكل بساطة يتهم رسول الله بانه يعصي الله لأن الوصية الوحيدة المروية لا توافق هواه ولان فيها ذكر المهديين واسم اولهم
هكذا فقط لانها لا تعجبه يقول ان رسول الله ص لم يوصِ، هل هناك اتباع للهوى ابين من هذا ؟!
والمصيبة ان بعضهم يدعون انهم يعلمون ما في وصية رسول الله التي لم يكتبها حسب زعمهم وبأنها مجرد تاكيد لبيعة الغدير ولحديث الثقلين المجمل ولهذا فهو ص لم يهتم لكتابتها ولم يكتبها بعد حادثة الرزية بحسب زعمهم ولو للمساكين الذي يقبلونها كعمار وابي ذر والمقداد ولم يكتبها حتى لعلي لتصل لمن يقبلونها بعده لكي لا يضيع ويضل كل من في اصلاب الرجال وتعصم الامة من الضلال.
ولا ادري من اين علموا ان الوصية مجرد تكرار او تاكيد لحادثة الغدير او غيرها من الحوادث والاقوال السابقة لرسول الله ص كحديث الثقلين المجمل مع انه ص نبي ورسول من الله والوحي مستمر له ورسالته لهداية الناس مستمرة حتى اخر لحظة من حياته فهل ان الله اخبرهم مثلا انه لم يوحَ لمحمد قبل احتضاره بيوم او بشهر او بشهرين شيئاً جديداً وتفاصيل جديدة تخص احد الثقلين وهو الاوصياء من بعده واسماء وصفات بعضهم بما يضمن عدم ضلال الامة الى يوم القيامة مع ان هذا الامر موافق للحكمة وإذا لم يكن قد اوحى الله لهؤلاء المدعين شيئا فلماذا الجزم ان الوصية كانت مجرد تكرار لما سبق ولهذا كان الافضل ترك كتابتها بعد رزية الخميس بحسب زعمهم؟
هل هذا يعني ان عمر يقرر لرسول الله ان الافضل عدم كتابة الوصية في يوم الخميس كما يزعم من اعتبروا ان اعتراض عمر على كتابة الكتاب كان بتوفيق وتسديد
وانتم تقررون لرسول الله ان الافضل عدم كتابة الوصية بعد يوم الخميس ولا تُعدمون القش لإيقاد ناركم، فمن الرسول بربكم محمد بن عبد الله ص ام عمر وجماعته ام انتم يامن تسميتم بالتشيع؟
انا ادعو من يقولون هذا القول الى التوبة والاستغفار ان كانوا يخافون الله.
فعلة الوصية عند الاحتضار لخليفة الله والحكمة منها لان الوحي والتبليغ مستمر لخليفة الله في ارضه حتى اخر لحظة من حياته فوصيته تكون بآخر ما يوحى له فيما يخص امر خليفة او خلفاء الله من بعده أو اوصيائه ولهذا قال الحكيم المطلق سبحانه (( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ...)) ولم يقل كتب عليكم الوصية فحسب ولهذا بين الرسول محمد ص فيما سمي برزية الخميس بان وصيته عند الموت هي العاصم من الضلال لاغير لانها في تشخيص الثقلين (المُخلَف العاصم من الضلال ) بالاسم والصفة الذي لا يمكن معه ان يحصل الضلال لمن التزم بهذه الوصية الى يوم القيامة وهنا اعيد للتنبيه ولفت الانتباه ان قول الرسول في يوم الرزية – كما سماه ابن عباس- ((ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا )) معناه ان ما سبق من التبليغ الذي جاء به الرسول – بما فيه القرآن وعلي ع الذي بلغ بوصايته مرات عديدة- بل والحسن والحسين ع الذين شخصا بحديث الكساء وغيره لا يعصم الأمة من الضلال الى يوم القيامة بل الذي يعصم الامة من الضلال هو هذا التشخيص الدقيق للثقلين الذي اوحي لرسول الله ص وأمره الله بتبليغه للناس بوصيته المباركة عند الاحتضار وفي ختام حياته ورسالته المباركة.
في الختام :
لدينا اية توجب كتابة الوصية عند الاحتضار وبكلمتين دالتين على الوجوب (كتب وحقا على ) قال تعالى(( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة180)) فمن ينكر كتابة الوصية يتهم الرسول بالمعصية.
ولدينا روايات تدل على كتابة الوصية او هم الرسول بكتابة الوصية عند الاحتضار كرزية الخميس المروية في البخاري وما رواه سليم بن قيس في كتابه.
ولدينا روايات موافقة لمحتوى الوصية وهي روايات المهديين الاثني عشر وهي موجودة في كتب الانصار ويمكن الرجوع الى مصادرها عند الشيعة والسنة وايضا ما رواه الطوسي عنهم ع في ان اسم المهدي (احمد وعبد الله والمهدي ) وما رواه السنة من ان اسم المهدي يواطئ اسم النبي اي احمد كما ورد في الوصية.
ولدينا نص الوصية المكتوبة عند الاحتضار وهي مروية في غيبة الطوسي
ولا يوجد لدينا معارض لنص الوصية.
وكل اشكال اتوا به لرد الوصية تم رده وبيان بطلانه
فكيف يمكن - بعد كل هذا - لعاقل ان يرد الوصية وكيف لمن يخاف الاخرة ان يرد الوصية وكيف لمن يتقي الله ان يرد الوصية ؟!!!!!
أحمد الحسن
صفر / 1433 هـ