إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

المهدي(ع) بين تفريط السنة وإفراط الشيعة ح2

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    المهدي(ع) بين تفريط السنة وإفراط الشيعة ح2

    زكي السراجي

    في هذا القسم من المقال أود أن أشكر للسادة القراء جميعا اهتمامهم بالحلقة الأولى من المقال واقدر لمن كتب ردا على المقال ردة فعله وأيضا أتمنى على الجميع أن يتحرروا من منهج التدين القائم على (هذا ما وجدنا عليه آباءنا وإنا على آثارهم لمقتدون) ويشرعوا في البحث الجاد القائم على الحكمة في معرفة الأشياء ومقاربتها والتعاطي معها ، وكذلك علينا أن لا نتوهم أن ساحة الدين لا تتحمل هكذا منطق ـ منطق البحث والتدقيق والفحص والتمحيص ـ بل هي ساحة أسست استنادا إلى هذه المعطيات المهمة التي تميز معنى إنسانية هذا المخلوق عمن سواه من المخلوقات ، وكذلك يتبين له الحكمة من وراء وجوده ، فالحق سبحانه لم يخلق الخلق كله بما فيه بني آدم(ع) عبثا بل خلقهم لحكمة ، وهذه الحكمة هي المعرفة ، ولذلك كلفهم عبادته سبحانه ، وكلفهم أن يعرفوه ويعرفوا به ، ويكونوا صورته ، ولا أعني بالصورة هنا المرتسمات المادية بل أعني التحلي بأسمائه الحسنى وعكسها في الواقع لإعماره ، ولعل من أعظم أسمائه سبحانه التي تشكل أسسا لبناء دولة الحق هي : الرحمة والصدق والعدل.

    لقد تبين للقارئ الكريم مدى الإفراط الذي وقع به منهج المؤسسة الدينية السنية ، ومدى خطورته في التعاطي مع أعظم قضية إنسانية ، هي أمل الأنبياء والمرسلين(ع) منذ آدم(ع) إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ، وهذا المنهج الإفراطي التعموي القائم على الضبابية والنظر إلى النصوص المبينة لهذا الأمر العظيم نظر اللامبالاة ، وكأن المهدي(ع) على وفق منهج هذه المؤسسة أمر كمالي وليس ضرورة حياة ، ولا اقصد بالحياة المعنى المادي حسب ، بل اقصد المعنى الحقيقي المعبر عن إنسانية الإنسان وتكليفه في إصلاح هذا العالم بكلمة (لا اله إلا الله)بمعناه العملي وليس بلقلقة اللسان حسب ، فحق (لا إله إلا الله) العملي أن يكون الحاكم في هذا العالم هو الله سبحانه ، وهو المدبر ، وربما يقول قائل ما تعرضه صحيح على مستوى التنظير ولكن المصائب والبلاءات تنزل عند التطبيق أقول ؛ نعم هذا هو الفهم السائد اليوم لدى عامة الناس ، ولذلك سأموا الحديث في هذا الموضوع الحيوي الخطير!! ولكن ما لم ينتبه له الناس ـ للأسف ـ هو أن التنظير والتطبيق ليس بيدي ولا بيد أحد من الناس ، بل هو بيد الله سبحانه لأنه الأعلم بصلاح الخلق ، والخلق لا يعلمون بصلاحهم!!

    ولذلك بين آل محمد(ص) المعنى العملي لكلمة(لا إله إلا الله) حيث ورد عن [إسحاق بن راهويه ، قال: لما وافى أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) نيسابور، وأراد أن يرحل منها إلى المأمون ، اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا بن رسول الله ، ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك ، وقد كان قعد في العمارية فأطلع رأسه ، وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليهم السلام ) يقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : سمعت جبرئيل( عليه السلام ) يقول : سمعت الله عز وجل يقول : لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني أمن عذابي . فلما مرت الراحلة نادانا : بشروطها ، وأنا من شروطها .]( الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 305 - 306).

    ربما يقول قائل هذا ترويج طائفي فالكاتب يروج لمنهجه وطائفته ، ولكن علينا أن ننتبه ونحن نصدر الأحكام أن لا نشارك في تطوير صناعة الجور ، وعلينا أن نجتهد في تعلم صناعة العدل ، وصناعة العدل ـ إذا جاز التعبير ـ تتطلب منا أن نتجرد من كل شيء يجعلنا نتجاوز الحكمة ولا ننظر لها ،(فالحكمة ضالة المؤمن) فينبغي أن يكون هاجسنا الذي يجمعنا ولا يفرقنا هو البحث عن الحكمة بتجرد ، وقول الإمام الرضا(ع) هو منتهى الحكمة ، لماذا؟ لأنه يكشف عن البعد العملي والحقيقي لإقامة هذا الحصن في هذا العالم ، وهذا الحصن لا يقوم من دون وجود رجل منصب من الله سبحانه ويعمل بأمر الله سبحانه وينفذ إرادته تماما كما يصف القرآن {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ * وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}(الأنبياء/25-29) فالآيات الكريمة تؤكد معنى الرواية المروية عن الإمام الرضا وتشهد لها ، ففي كل زمان لابد من مبعوث الهي يدعو الناس إلى الدخول إلى حصن (لا إله إلا الله).

    والمهدي(ع) هو اليوم الشرط العملي لقيام هذا الحصن الذي من دخله أمن عذاب الله سبحانه ، ولكن كيف تعاملت وتعاطت المؤسسة الدينية الشيعية مع المهدي(ع) ، وبماذا عبأت الواقع لمعرفته واستقباله؟؟!! وقبل أن أشرع بالبيان لابد أن أثبت أمراً مهما جداً ألا وهو ؛ ليس المقصود بالمؤسسة الدينية الشيعية هو ما كان قبل قرن ونيف من الزمان ، بل المقصود بها هو هذه المؤسسة التي عمرها قرن من الزمان ، أما اتكاء هذه المؤسسة اليوم على المساحة الزمانية العريضة الممتدة من زمن الأئمة(ع) فهذا فيه نظر كبير ، بل قارئ التاريخ الواعي يكتشف أن لا علاقة للمؤسسة الدينية الشيعية قبل قرن بوريثتها القائمة منذ قرن من الزمان ، والسبب في هذه القطيعة بين المنهجين على الرغم من استمرار العنوان ظاهرا هو آليات التعاطي مع النص سواء كان (قرآني أو روائي) انقلبت رأسا على عقب ، وهذا التحديد التاريخي يستند إلى المعطى العملي لهذه المؤسسة وإلا فبوادر التحول نحو هذا النهج وبدء القطيعة مع الماضي الذي أقيمت عليه هذه المؤسسة بدأت أبكر من ذلك.

    فالمؤسسة الدينية الشيعية اليوم تتعاطى مع مفهومي الإمامة والعصمة تعاطيا أسطوريا صادما لكل الحقائق التاريخية الواصلة عن حياة الأئمة(ع) ، بل لعل في بعض هذا التعاطي (المغالي) ما يصور الأئمة(ع) وكأنهم غير محكومين بالقرآن ، بل يصورون كأن القرآن محكوم بهم ، وهذا أمر خطير جداً جعل من الأئمة(ع) ـ العباد المكرمون العاملون بالقرآن على وفق إرادة الله سبحانه ـ شخصيات لا وجود لها إلا في أوهام من صنعها!!

    فما ورد عن آل محمد(ص) أن الإمام منهم يعرف بالقرآن ، والقرآن دليله ومن يرجع للقرآن ويقرأ آياته المباركة يتبين له من سيرة الأنبياء والمرسلين(ع) أنهم بشر مثل عامة البشر ولكن ما يميزهم عن عامة البشر أنهم قوم أخلصوا لله سبحانه الطاعة والعمل بين يديه ، وهذا الإخلاص في الطاعة والعمل جعلهم أهلا لقيادة الناس وتعريفهم بالله جل وعلا ، وتعريفهم بحلاله وحرامه وما يحقق رضاه وما يجلب سخطه (نستجير بالله من سخط الله) ، فهذا هو الإمام الحق خلقه القرآن وقائده القرآن ويعطف الهوى على الهدى ويعطف الرأي على القرآن.
    أما المؤسسة الدينية الشيعية ـ وخاصة القائمة اليوم ـ فهي تروج لمهدي إذا ظهر تنقلب الدنيا رأسا على عقب ، ومهدي إذا مشى على الصخر علمت قدماه عليه ، ومهدي إذا ظهر غمامة تسير فوق رأسه تظلله ، ومهدي إذا ظهر تعطلت الأسلحة فلا تعود أكثر من قطع حديد صماء بكماء عاجزة ، بل أن وصل ببعضهم إلى الترويج إلى هذه الحادثة الأسطورية المضحكة المبكية (أن دبابة أمريكية تعطلت على أحد الجسور في العراق فأثار هذا الأمر قائد المجموعة في الدبابة فخرج منها وأطلق رصاصة في الهواء من مسدسه!! ولما سئل عن سبب تصرفه هذا ـ يقولون ـ أنه قال : خشيت أن يكون المهدي ظهر وبظهوره تتعطل الأسلحة عن العمل!!!) ، وكذلك المهدي إذا ظهر تعرفه الناس برميه إلى السباع فإذا أكلته السباع فهو ليس المهدي أما إذا لم تأكله فهو المهدي ، ومن هذه الخرافات والخزعبلات الشيء الكثير الذي يدمي القلب!!

    هذا ما تروج له اليوم المؤسسة الدينية الشيعية في معرفة الإمام المهدي(ع) ، أما في جانب عصمته ومن قبله عصمة آبائه(ص)فحدث ولا حرج حيث عندهم المعصوم ـ بزعمهم ـ لا يسهو ، ولا ينسى ، وليس له ظل مادي ، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه ، ويعرف كل اللغات ، و.. و.. الخ من جردة طويلة تبدأ ولا تنتهي مستندة إلى مرويات روج لها (الغلاة) للإساءة إلى دين الله وإلى خلفاء الله في أرضه ، ولا تستغرب أخي القارئ من هذا الحال في الإفراط فكتاب الله جل وعلا يبين هذه الحقيقة المرة لأمثال هؤلاء حيث يقول جل وعلا {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً{94}قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً}(الإسراء/90-95) بهذا المنطق الأسطوري سيواجه الناس المهدي(ع) حيث ربتهم المؤسسة الدينية الشيعية عليه اليوم ، وبهذا القول الحكيم سيكون رد المهدي(ع) على ترهاتهم وخزعبلاتهم (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) ، وتدبر عزيزي القارئ الفارق العظيم بين منطق الحكمة الخارج من فم المهدي(ع) ، ومنطق السفه والأساطير الخارج من فم تلك المؤسسة الدينية.

    وبذاك التفريط وبهذا الإفراط سيجتمع الناس على مواجهة المهدي الحق وسيحاربونه ويواجهونه تماما كما فعل أسلافهم مع كل أئمة أهل البيت(ص) ، ولعل أظهر صور المواجهة هي مواجهة الناس للإمام الحسين(ص) وقتله والتمثيل به وسبي حرمه في حادثة تاريخية تكشف عن مكنون المنطق (الإفراطي والتفريطي) الذي تجسد واقعا على ارض كربلاء الطف ، فالذين قاتلوا الحسين(ص) صنفان من الناس ؛ صنف لا يعتقد بخلافة إلهية بعد رسول الله(ص) ولا يعتقد بعصمة لأحد بعد رسول الله(ص) وهؤلاء هم اتباع مدرسة (التفريط) ، وصنف ثان ؛ يرى أن الإمام كائن أسطوري لا يقهر فهو يستطيع مواجهة أمة بكاملها وقتلها وغلبتها ماديا ، وهو معصوم فلا يستطيع أحد الاقتراب منه أو مسه بسوء فربما لو رفع شخص ما سيفه ليضرب الإمام سيرتد السيف على صاحبه ويقتله ويسلم الإمام!! وبهذا يسقط الامتحان وتقهر الناس قهرا على اتباع شخص بهذه الإمكانيات الخارقة ، بالله عليكم هل يسع أحد من الناس أن لا يتبع هكذا شخصية خارقة؟؟!! إذا كان الناس أثار إعجابها واختطف قلوبها ممثل سينمائي في فلم (رامبو) لما أظهره من إمكانيات خارقة بالقتال والتحمل والغلبة ، وهو أمر تعرفه الناس أنه ليس واقعيا فكيف سيكون الحال إذا صار الأمر واقعيا؟؟!!

    فالذين نصروا يزيد في طف كربلاء لم ينصروه لأنه الخليفة الحق أو لأنه يستحق الطاعة أو ... أو ... ، بل نصروه لأنهم رأوا حسين الواقع والحق (ص) لا يطابق الحسين الذي ارتسم في أوهامهم ، فشكوا بالحسين(ع)الواقعي وانتصروا لأوهامهم وتخرصاتهم فنصروا الباطل وخذلوا الحق ، وكان ما كان ، واليوم من يلطم على الحسين(ع) على وفق منهج المؤسسة الدينية الشيعية هو وريث هذا المنطق الأسطوري الذي لو عادت كربلاء به لكان أول من يشارك في قتل الحسين(ع)انتصارا لما ركز في وهمه ، وليس نصرة ليزيد (لعنه الله).

    إذن هذا هو الخطاب الذي تروج له المؤسسات الدينية اليوم ـ للأسف ـ بصنفيها ؛ الإفراطي والتفريطي لتعد الناس لمواجهة المهدي(ع) ومحاربته ، وكان المفروض أنها تأسست لتعمل على تهيئة الناس لنصرة المهدي(ع) خليفة الله سبحانه ، وإذا وفقني الله سبحانه فستكون الحلقة الثالثة هي في بيان المنهج القرآني الثابت الذي يعرف به خلفاء الله سبحانه في كل زمان ، وسيرى القارئ بأم عينه الفرق الواضح والشاسع بين منهج يحترم فكر الإنسان وإنسانيته ، وبين مناهج أسست للاستخفاف بفكر الإنسان وإنسانيته.

    المهدي(ع) بين تفريط السنة وإفراط الشيعة -ح1 http://vb.al-mehdyoon.org/t13951.html
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎