#السنة
تكليف المسلمين اتجاه المهدي ...
-----------------------
قال الامام علي (ع) ...(والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها) والإشكال الذي يصوره البعض هو: أن علي بن أبي طالب ع يقسم بأنه لا رغبة له في الخلافة، فهل أنه قسم كاذب؛ وبما أنه لا يمكن أن يكون كاذباً فيتعين أن يكون صادقاً وعليه فلو كانت الخلافة حق له ومنصوص عليه فكيف يقسم بأنه لا رغبة له فيها ؟ فمن ذلك نعلم أنّ علياً غير منصوص عليه. والجواب عن ذلك:
أولاً: هناك فرق بين القول بأنه ع لاحق له في الخلافة وبين عدم رغبته فيها، فعدم الرغبة فيها شيء وعدم أحقيته شيء آخر، فمثلاً: لو جعلوا في المدرسة مديراً فشاكسه أحد الطلاب كثيراً فقال مدير المدرسة إني لا رغبة لي في هذا الطالب، فهل معنى ذلك أنه ليس له حق عليه ؟ الجواب: كلا. إذن، يوجد فرق بين عدم الرغبة وعدم الأحقية، والإمام ينفي عدم الرغبة في الخلافة عليهم بمعنى الإمرة الفعلية والسلطوية لا أنه يريد التنصل من منصبه الإلهي الذي خصه الله به سبحانه، وقد تقدم أن المنصب الإلهي لخليفة الله لا يشترط فيه ممارسة الإمرة والسلطة الفعلية على الأمة،
فكثير من خلفاء الله لم يتأمروا على الأمة على الرغم من بقاء صفة الخلافة عليهم، فهذا عيسى على الرغم من أنهم أرادوا صلبه ورفعه الله إليه ودفع عنه الصلب إلاّ أنه يبقى خليفة الله المنصوص عليه، فالخلافة غير متقومة بممارسة الخليفة الحكم فعلياً، بل متقومة بتنصيب الله له فقط.
فالإمام علي ع ينفي عدم رغبته لقيادة هذه الأمة التي خذلته مراراً وتخلت عن مسؤليتها
وتنصلت عن مواقفها التي لا بد أن تقفها مع خليفة الله الحق وهو علي بن أبي طالب ع؛
ولذا تراه يذكرهم بأنهم هم من دعوه للولاية وللإمرة عليهم وحملوه عليه، لكنهم خذلوه بعد
أن أصروا على مبايعته. فهو ع يقسم على نفي رغبته في الولاية والإمرة الفعلية عليهم بسبب معرفته بعدم الطاعة له وامتثال أوامره، لا أنه ينفي أحقيته بالخلافة.
ثانياً: ثم إن الإمام علي ع لم يوجه هذا الكلام للخلص من أصحابه بل وجهها إلى جمهور القوم الذين يظنون أنّ خلافته كخلافة من سبقه من الخلفاء ولم يفهموا بأنه منصب من
قبل الله تعالى وخليفته في الأرض، فهم بالأمس يبايعون الخليفة الأول والثاني والثالث ويركنون لهم مدعين أنهم أحق بالخلافة من علي بن أبي طالب ع ،وجاء هؤلاء في زمن قد أثرت على الإسلام خلافة الخلفاء الثلاثة مما يصعب معه إرجاعهم إلى الخط الرسالي الصحيح الذي خطه الرسول محمد ؛ لأنهم لا يطيقون ذلك كما صرح قائلاً: (فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول. وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب. وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. وأنالكم وزيراً خير لكم مني أميراً). وأوضح لهم بأنه لا إربة له بالخلافة أي لا حاجة دنيوية له فيها كما كان للذين سبقوه إلاّ
أن يحق حقاً أو يبطل باطلاً، فهم لا يتحملون عدله الذي يريد إقامته؛ لذا فهم لا يتحملون خلافته وإمارته عليهم. ولهذا عندما قام بتغييرات جذرية فعزل الولاة وبدل القادة، ونقل مركز الخلافة من المدينة إلى الكوفة وغير التوزيع المالي فأخذ يساوي في العطاء، فتبين أن هذا الوضع الجديد لم يكني عجبهم، لهذا خرج عليه الخوارج من المارقين والقاسطين والناكثين، ولم يعطوا له فرصة طيلة فترة خلافته إلى أن قتلوه في محراب صلاته، صلوات الله وسلامه عليه. فعلي بن أبي طالب ع يقسم على عدم رغبته لقيادتهم لا عدم أحقيته في الخلافة، وهناك فرق بين الأمرين.
بحث في الشورى
للشيخ عبد العالي المنصوري
------------------------
تكليف المسلمين اتجاه المهدي ...
-----------------------
قال الامام علي (ع) ...(والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها) والإشكال الذي يصوره البعض هو: أن علي بن أبي طالب ع يقسم بأنه لا رغبة له في الخلافة، فهل أنه قسم كاذب؛ وبما أنه لا يمكن أن يكون كاذباً فيتعين أن يكون صادقاً وعليه فلو كانت الخلافة حق له ومنصوص عليه فكيف يقسم بأنه لا رغبة له فيها ؟ فمن ذلك نعلم أنّ علياً غير منصوص عليه. والجواب عن ذلك:
أولاً: هناك فرق بين القول بأنه ع لاحق له في الخلافة وبين عدم رغبته فيها، فعدم الرغبة فيها شيء وعدم أحقيته شيء آخر، فمثلاً: لو جعلوا في المدرسة مديراً فشاكسه أحد الطلاب كثيراً فقال مدير المدرسة إني لا رغبة لي في هذا الطالب، فهل معنى ذلك أنه ليس له حق عليه ؟ الجواب: كلا. إذن، يوجد فرق بين عدم الرغبة وعدم الأحقية، والإمام ينفي عدم الرغبة في الخلافة عليهم بمعنى الإمرة الفعلية والسلطوية لا أنه يريد التنصل من منصبه الإلهي الذي خصه الله به سبحانه، وقد تقدم أن المنصب الإلهي لخليفة الله لا يشترط فيه ممارسة الإمرة والسلطة الفعلية على الأمة،
فكثير من خلفاء الله لم يتأمروا على الأمة على الرغم من بقاء صفة الخلافة عليهم، فهذا عيسى على الرغم من أنهم أرادوا صلبه ورفعه الله إليه ودفع عنه الصلب إلاّ أنه يبقى خليفة الله المنصوص عليه، فالخلافة غير متقومة بممارسة الخليفة الحكم فعلياً، بل متقومة بتنصيب الله له فقط.
فالإمام علي ع ينفي عدم رغبته لقيادة هذه الأمة التي خذلته مراراً وتخلت عن مسؤليتها
وتنصلت عن مواقفها التي لا بد أن تقفها مع خليفة الله الحق وهو علي بن أبي طالب ع؛
ولذا تراه يذكرهم بأنهم هم من دعوه للولاية وللإمرة عليهم وحملوه عليه، لكنهم خذلوه بعد
أن أصروا على مبايعته. فهو ع يقسم على نفي رغبته في الولاية والإمرة الفعلية عليهم بسبب معرفته بعدم الطاعة له وامتثال أوامره، لا أنه ينفي أحقيته بالخلافة.
ثانياً: ثم إن الإمام علي ع لم يوجه هذا الكلام للخلص من أصحابه بل وجهها إلى جمهور القوم الذين يظنون أنّ خلافته كخلافة من سبقه من الخلفاء ولم يفهموا بأنه منصب من
قبل الله تعالى وخليفته في الأرض، فهم بالأمس يبايعون الخليفة الأول والثاني والثالث ويركنون لهم مدعين أنهم أحق بالخلافة من علي بن أبي طالب ع ،وجاء هؤلاء في زمن قد أثرت على الإسلام خلافة الخلفاء الثلاثة مما يصعب معه إرجاعهم إلى الخط الرسالي الصحيح الذي خطه الرسول محمد ؛ لأنهم لا يطيقون ذلك كما صرح قائلاً: (فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول. وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب. وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. وأنالكم وزيراً خير لكم مني أميراً). وأوضح لهم بأنه لا إربة له بالخلافة أي لا حاجة دنيوية له فيها كما كان للذين سبقوه إلاّ
أن يحق حقاً أو يبطل باطلاً، فهم لا يتحملون عدله الذي يريد إقامته؛ لذا فهم لا يتحملون خلافته وإمارته عليهم. ولهذا عندما قام بتغييرات جذرية فعزل الولاة وبدل القادة، ونقل مركز الخلافة من المدينة إلى الكوفة وغير التوزيع المالي فأخذ يساوي في العطاء، فتبين أن هذا الوضع الجديد لم يكني عجبهم، لهذا خرج عليه الخوارج من المارقين والقاسطين والناكثين، ولم يعطوا له فرصة طيلة فترة خلافته إلى أن قتلوه في محراب صلاته، صلوات الله وسلامه عليه. فعلي بن أبي طالب ع يقسم على عدم رغبته لقيادتهم لا عدم أحقيته في الخلافة، وهناك فرق بين الأمرين.
بحث في الشورى
للشيخ عبد العالي المنصوري
------------------------