ثاني اثنيــن...
السؤال/ 530:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً.
سيدي ومولاي قائم آل محمد ويمانيهم، السلام عليك وعلى أهل بيتك ورحمة الله وبركاته.
أستميحك عذراً سيدي، ما معنى قوله تعالى:
﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ وهل صحيح أن ابن أبي قحافة كان مع النبي الكريم (ص) في الغار ؟؟
جزاك الله عن آل محمد أفضل الجزاء. وأرجو أن تعذرنا لما قصرنا في جنب الله وتدعو لنا الله أن يثبت أقدامنا ويغفر لنا سيئاتنا إنه على كل شيء قدير.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المرسل: حيدر الموسوي - العراق
----
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة
والمهديين وسلم تسليماً.
﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
هذه الآية ليس فيها مدح لمن رافق النبي (ص) في الغار بل فيها ذم واضح لمن رافق النبي (ص)، فالسكينة في هذه الواقعة نزلت فقط على الرسول ﴿فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾، والملائكة جنود الله نزلوا لتأييد الرسول فقط ﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا﴾، وهذا يعني إخراج المرافق للرسول (ص) من ربقة الإيمان؛ لأن السكينة قد نزلت على بعض المسلمين أو المؤمنين في مواضع أخرى كان فيها كثير من المسلمين مع الرسول (ص) ولم يخصص الرسول (ص) بها، وبهذا علمنا أنه لم يكن في الغار من يستحق التأييد بالسكينة والجنود غير الرسول (ص)، وهذه نصوص قرآنية تبين لك كيف أن السكينة كانت تنزل على الرسول والمؤمنين الذين معه وكيف أن الجنود ينزلون تأييداً للرسول والمؤمنين الذين معه ولم تخصص بالرسول (ص):
﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾
﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾
تدبروا هذا الأمر جيداً: في هذه المواضع لما كان هناك مؤمنون مع رسول الله (ص) وهم بعض من كانوا معه (بعض من كانوا معه وليس كلهم) نزلت عليهم السكينة؛ لأنهم يستحقونها، فلو كان الذي في الغار مؤمناً لكان لزاماً أن تنزل عليه السكينة كما نزلت على المؤمنين مع رسول الله في مواضع أخرى.
أما إن كان هناك من يعتقد أن قول الرسول لمرافقه
﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ هو مدح للمرافق فهذا شطط من القول،
فانظر إلى قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
، وهذا يبين لك أن الله مع الكل سواء التفتوا أو لم يلتفتوا
﴿وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ﴾، وهذه حقيقة ثابتة يعرفها المؤمنون الموقنون وبالتالي يتبين أن ذلك الشخص في الغار كان غافلاً ولهذا ذكره الرسول بهذه الحقيقة لعله يعيها، ولكن تكملة الآية تبين أنه لم يعِ هذه الحقيقة ولم يلتفت من غفلته ولهذا لم تنزل عليه السكينة بل نزلت على الرسول فقط، وأيضاً اختص التأييد بالجنود الرسول فقط، في بيان واضح أنه لم يكن هناك مؤمن في الغار غيره (ص).
أما وصفه بأنه صاحبه فهذا لا أظن أن عاقلاً يعتبره مدحاً بعد كل ما تقدم، فالرسول صاحب قومه الذين كفروا به
﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾
وقد عبّر القرآن في غير موضع عن الكافر بأنه صاحب المؤمن الذي كان ينصحه: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً﴾
.
﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً﴾
ففي أحسن الأحوال إن لم تكن تلك النصيحة التي في الغار
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ كهذه التي في الآيات المتقدمة باعتبار أن كلاهما نصيحة للصاحب وتذكير له بالله ومحاولة لانتزاعه من الغفلة التي هو فيها فإنها لن تكون بأي حال من الأحوال دليلاً على مدح للصاحب فضلاً عن أن تكون منقبة له كما يدعي بعضهم.
--------
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Ahmed Alhasan احمد الحسن
محرم الحرام/ 1432 هـ
السؤال/ 530:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً.
سيدي ومولاي قائم آل محمد ويمانيهم، السلام عليك وعلى أهل بيتك ورحمة الله وبركاته.
أستميحك عذراً سيدي، ما معنى قوله تعالى:
﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ وهل صحيح أن ابن أبي قحافة كان مع النبي الكريم (ص) في الغار ؟؟
جزاك الله عن آل محمد أفضل الجزاء. وأرجو أن تعذرنا لما قصرنا في جنب الله وتدعو لنا الله أن يثبت أقدامنا ويغفر لنا سيئاتنا إنه على كل شيء قدير.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المرسل: حيدر الموسوي - العراق
----
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة
والمهديين وسلم تسليماً.
﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
هذه الآية ليس فيها مدح لمن رافق النبي (ص) في الغار بل فيها ذم واضح لمن رافق النبي (ص)، فالسكينة في هذه الواقعة نزلت فقط على الرسول ﴿فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾، والملائكة جنود الله نزلوا لتأييد الرسول فقط ﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا﴾، وهذا يعني إخراج المرافق للرسول (ص) من ربقة الإيمان؛ لأن السكينة قد نزلت على بعض المسلمين أو المؤمنين في مواضع أخرى كان فيها كثير من المسلمين مع الرسول (ص) ولم يخصص الرسول (ص) بها، وبهذا علمنا أنه لم يكن في الغار من يستحق التأييد بالسكينة والجنود غير الرسول (ص)، وهذه نصوص قرآنية تبين لك كيف أن السكينة كانت تنزل على الرسول والمؤمنين الذين معه وكيف أن الجنود ينزلون تأييداً للرسول والمؤمنين الذين معه ولم تخصص بالرسول (ص):
﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾
﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾
تدبروا هذا الأمر جيداً: في هذه المواضع لما كان هناك مؤمنون مع رسول الله (ص) وهم بعض من كانوا معه (بعض من كانوا معه وليس كلهم) نزلت عليهم السكينة؛ لأنهم يستحقونها، فلو كان الذي في الغار مؤمناً لكان لزاماً أن تنزل عليه السكينة كما نزلت على المؤمنين مع رسول الله في مواضع أخرى.
أما إن كان هناك من يعتقد أن قول الرسول لمرافقه
﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ هو مدح للمرافق فهذا شطط من القول،
فانظر إلى قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
، وهذا يبين لك أن الله مع الكل سواء التفتوا أو لم يلتفتوا
﴿وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ﴾، وهذه حقيقة ثابتة يعرفها المؤمنون الموقنون وبالتالي يتبين أن ذلك الشخص في الغار كان غافلاً ولهذا ذكره الرسول بهذه الحقيقة لعله يعيها، ولكن تكملة الآية تبين أنه لم يعِ هذه الحقيقة ولم يلتفت من غفلته ولهذا لم تنزل عليه السكينة بل نزلت على الرسول فقط، وأيضاً اختص التأييد بالجنود الرسول فقط، في بيان واضح أنه لم يكن هناك مؤمن في الغار غيره (ص).
أما وصفه بأنه صاحبه فهذا لا أظن أن عاقلاً يعتبره مدحاً بعد كل ما تقدم، فالرسول صاحب قومه الذين كفروا به
﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾
وقد عبّر القرآن في غير موضع عن الكافر بأنه صاحب المؤمن الذي كان ينصحه: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً﴾
.
﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً﴾
ففي أحسن الأحوال إن لم تكن تلك النصيحة التي في الغار
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ كهذه التي في الآيات المتقدمة باعتبار أن كلاهما نصيحة للصاحب وتذكير له بالله ومحاولة لانتزاعه من الغفلة التي هو فيها فإنها لن تكون بأي حال من الأحوال دليلاً على مدح للصاحب فضلاً عن أن تكون منقبة له كما يدعي بعضهم.
--------
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Ahmed Alhasan احمد الحسن
محرم الحرام/ 1432 هـ