بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
في التاسع من محرم من سنة 2014 ركبت سيارة اجرة لاتوجه الى عملي، كان في السيارة اشخاص مختلفو الاعمار وكان سائق الطاكسي كهلا يدل حاله انه رجل يصارع من اجل لقمة العيش، ولم يبد عليه اي علامات للتدين، كان كعامة الناس... بدون ملامح...
كما هي عادة سواق الطاكسي كان يستمع لاذاعة من الاذاعات على مذياع السيارة لبرنامج ديني
سرعان ما توضح لي انه يتكلم عن عاشوراء.
انقبض قلبي لاني اعرف ان ما سأسمعه سيعصره حاولت ان اشيح بسمعي بعيدا عنه وان تحملني افكاري الى مكان اخر، لكنه رفع الصوت وافشل بذلك سريعا خطتي. ربما كان مهتما بما سيسمعه او ان مجرد سماعه لبرنامج ديني ايا كان ما سيقال فيه يريح ضميره.
بدى من طريقة كلام ضيف البرنامج انه شيخ، يتكلم بلغة فصحى متصنعة اعتادوا استعمالها عندما يتعلق الامر بالمواضيع الدينية... اخترقت كلماته واستدلالاته سمعي دون استاذان
وقد عصر قلبي وانا اسمعه يقول ان عاشوراء يوم بركة فيه نجى الله موسى (ع) من فرعون ونجى فيه ابراهيم (ع) من نار نمرود ونحن نصوم يومي التساع والعاشر لان الرسول (ص) امر بصيامه ... وانه اي الرسول محمد (ص) عرف هذا من اليهود الذين يصومونه فقرر انه اولى به منهم...
مذيعة البرنامج بدت مقتنعة بما يقول
واكيد الالاف ممن يسمعونه وملايين ممن يسمعون غيره من السنة مقتنعون ايضا بهذه الكذبة
تساءلت : هل معقول انهم يعتقدون هكذا في يوم قتل فيه الامام الحسين (ع) مذبوحا ورفع راسه ورؤوس من نصروه على الرماح؟
هل معقول انهم يعتقدون هكذا في يوم سبيت فيه بنات الرسول محمد (ص) وسلخ جلودهن السياط؟
هل معقول كل هذه المحاولات لاسكات صرخة الامام الحسين (ع) بروايات اموية، سواء كانت مقصودة الان او هي يقينا مقصودة من مئات السنين ويكررها اليوم هؤلاء ارثا؟
غمغمت وتأففت، لا اعلم ان كان انتبه لي احد، مع اني ربما تقصدت اثارة الانتباه... لاني يوما ما ايضا كنت مثلهم لا اعرف حتى من هو الحسين (ع) او انه ذبح عطشانا بعد نصف قرن فقط من وفاة جده رسول الله محمد (ص) الى ان اثار الله انتباهي.
وصلت الى نهاية رحلة الطاكسي، كان علي ان اخذ وسيلة مواصلات اخرى لاصل الى عملي... بقي ظل تلك الكلمات ثقيلا يتردد في اذني مرات ومرات طوال اليوم، ويعصر معها قلبي في كل مرة
تذكرت ايضا ظلامة ابن الحسين (ع) وحسين الزمان الامام احمد الحسن اليماني (ع)، فدائما الاعلام الزائف ورجال الدين المزورين يقفون وراء قلب الحقائق
فتحول عاشوراء الى مهرجان للطم والتطبير واداء الرواديد ومجالس وموائد الطعام
متناسين ان لكل زمانا حسينا وانهم اليوم على الاقل يتبعون من يريد قتل الحسين (ع) مرة اخرى... بقتل قضية الحسين (ع)
قررت ان لا يكون احساسي هذا سلبيا، لا بد وان ينتج عنه شيء ايجابي ولو كان صغيرا
تصورت انه ليس لي الا لوحة الكيبورد كي ابحث عن قصتهم الغريبة وبيان كذبها وكتابة رسالة لسائق الطاكسي اوصلها له عبر كل من تصله كتاباتي
وهذه رسالتي التي حاولت فيها قدر الامكان الاختصار وعدم الاطناب، كما حاولت ان اروي فيها القصة، لعله تفتح شهية البعض لتخصيص وقت ولو قصير لقراءة الرسالة، يقينا مني ان الناس اليوم لم يعد لهم الوقت ليقرؤوا شيئا فهم مشغولون بمصارعة الزمن، مصارعة محكوم فيها عليهم مسبقا بالخسارة...
فانت وانت ممن تصله رسالتي اجعل منها انت ايضا شيئا ايجابيا
وانشرها...
هل في كتب السنة يوم عاشوراء يوم عيد وفرح كما يدعي المنحرفون عن منهج النبي محمد (ص)... ؟
((تنبيه : ليس الغرض من البحث نقاش مسالة الصيام مطلقا لكن الصيام على سبيل انه يوم صالح. والا فنحن نصوم يوم عاشوراء ندبا على وجه الحزن.))
ورد في كتب السنة طائفتين من الاحاديث عن يوم عاشوراء :
الطائفة الاولى : التي تبين ان يوم عاشوراء كان يصام في الجاهلية وان الرسول محمد (ص) ترك صيامه بعد فرض صيام شهر رمضان.
وهذه الاحاديث لا تقول انه يوم عيد او بركة وبالتالي فليست موضوعنا (مع العلم انها ليست احاديث مروية عن رسول الله محمد (ص) وتطرح الكثير من التساؤلات حول صحة ما نسب للرسول محمد (ص) فيها)
ومثاله : عن عائشة قالت : كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله يصومه في الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه وامر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه .
الطائفة الثانية : التي تبين ان الرسول (ص) سال عنه اليهود وقالوا انه يوم "صالح" (!)
وهذا ما سنرد عليه ان شاء الله :
هذه الروايات واردة في كتاب البخاري :
1ـ عن ابن عباس قال : قدم النبي فراى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال : (ما هذا) ؟ قالوا (اي اليهود): هذا يوم صالح ، يوم نجى الله بني اسرائيل من عدوهم فصامه موسى ( ع ). قال : انا احق بموسى منكم). فصامه وامر بصيامه .
2ـ عنه ان النبي لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما (يعني يوم عاشوراء، فقالوا (اي اليهود) :هذا يوم عظيم ، وهو يوم نجى الله فيه موسى واغرق آل فرعون ، فصام موسى شاكر الله . فقال : (انا اولى بموسى منهم). فصامه وامر بصيامه .
3ـ عنه قال : لما قدم النبي المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك فقالوا (اي اليهود): هذا هو اليوم الذي اظهر الله فيه موسى وبني اسرائيل على فرعون ، ونحن نصومه تعظيما له ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ونحن اولى بموسى منكم) فامر بصومه .
4ـ عنه قال : قدم النبي المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فقالوا (اي اليهود): هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ، فقال النبي لاصحابه : (انتم احق بموسى منهم ، فصوموا).
5ـ عنه قال : لما قدم رسول الله المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فسالهم ، فقالوا (اي اليهود): هذا اليوم الذي ظهر فيه موسى على فرعون ، فقال النبي : (نحن اولى بموسى منهم).
6ـ عن ابي موسى الاشعري قال : دخل النبي المدينة واذا اناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه ، فقال النبي : (نحن احق بصومه). فامر بصومه .
7ـ عنه قال : كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيدا، فقال النبي : (فصوموه انتم).
والرد في نقاط :
1/ هل ورد وصف لعاشوراء انه يوم عظيم او صالح على لسان رسول الله محمد (ص) بغض النظر عن صحة الاحاديث ؟
وصف "صالح" و"عظيم" و "عيد" ورد حسب نص الحديث على لسان اليهود ولم يرد مطلقا على لسان رسول الله محمد (ص) ... فهل ناخذ عقائدنا من اليهود ؟؟! وهل الرسول محمد (ص) لا يعلم بشرائع الله وهو رسول الله (ص) لكي ياخذ شرائعه من اليهود ؟
2/ هل يعتمد اليهود على نفس التقويم العربي ؟ وهل هناك شهر يوافق شهر محرم الحرام عندهم ؟
التقويم اليهودي الموجود عندهم منذ القدم هو تقويم قمري شمسي : فهم يعتمدون على القمر ي تحديد بداية الشهور ولكن سنواتهم شمسية. ولكي يدركوا الايام الناقصة فلهم سنوات كبيسة. فيتم اضافة شهر للسنة الكبيسة حتى تبقى سنواتهم شمسية.
وبالتالي لا يمكن ان يكون هنااك شهر يوافق شهر محرم الحرام لان توقيمهم ليس هجري بل يمكن ان يتوافق محرم مع احد شهورهم كما تتوافق دوريا الاشهر القمرية مع الشمسية.
3/ وهل لهم يوم يصومونه؟ وهل حقا يوافق يوم العاشر من محرم ؟
يصوم اليهود ايام متفرقة في السنة.
ولكننا نبحث عن يوم يوافق العاشر من شهر محرم وبما ان شهورهم قمرية فهو سيوافق ايضا 10 من احد شهورهم.
الايام التي يصومها اليهود والتي توافق 10 من الشهر القمري هما يومان :
يوم الغفران יום כיפור/יום הכיפורים يوم كيبور/يوم هكيبوريم 10 تشريه سبتمبر أو مطلع أكتوبر يوم عطلة وصيام للاستغفار من الخطايا
صوم العاشر من طيفيت | עשרה בטבת | عساراه بطيفيت | 10 طيفيت | ديسمبر أو مطلع يناير | صوم في ساعات النهار حدادا على بداية الحصار على أورشاليم (القدس) قبل خراب الهيكل. |
يوم الغفران | יום כיפור/יום הכיפורים | يوم كيبور/يوم هكيبوريم | 10 تشريه | سبتمبر أو مطلع أكتوبر | يوم عطلة وصيام للاستغفار من الخطايا |
ولا واحد من هذه الايام هو يوم نجاة ابراهيم (ع) او موسى (ع) بل ان 10 طيفيت هو يوم حداد وحزن وليس يوم فرح وعيد عن اليهود.
ويوم الغفران او يوم كيپبور، يوم هاكيپبوريم فهو استغفار من الخطايا وهو مخصص للصلاة والصيام فقط. وهو ايضا لا علاقة له بنجاة موسى (ع) ولا ابراهيم (ع) عند اليهود بل ما انه اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه لوحا الشريعة، حيث أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي.
اليس هذا مما يوضح بشكل لا يقبل اللبس كذب الحديث عن رسول الله (ص) في زمن متاخر بعد مقتل الامام الحسين (ع) على يد الامويين؟
4/ هل يحتفل اليهود بيوم نجى فيه الله موسى (ع) وابراهيم (ع) ؟
الحقيقة انه لا يوجد هكذا عيد عند اليهود والموجود هو احتفالهم بخروج بني اسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون وهو عيد الفصح.
ولكن هذا اليوم لا يوافق العاشر من الشهر القمري ابدا.
الفصح | פסח | بيسح | 15-21 نيسان | نهاية مارس أو أبريل | 7 أيام، الأول منها يوم عطلة، لإحياء ذكر خروج بني إسرائيل من مصر. |
فيكون الكلام كذب على النبي محمد (ص) وكذب غير محبوك حيث انه لا يوجد عاشوراء عند اليهود للاحتفال بنجاة موسى (ع) او ابراهيم (ع).
5/ من المستفيد من وضع هكذا حديث؟
تعرفون هذا السؤال الكلاسيكي الذي يطرحه المحققون عند الرغبة في معرفة الفاعل للجرم.
مع العلم ان سنة الرسول محمد (ص) كان منهي تماما عن تدوينها كما هو معروف عند الجميع الى ان اتى عمر ابن عبد العزيز وهو احد الخلفاء الامويين. اي بعد ذبح الامام الحسين (ع) في يوم عاشوراء بسنين.
فبنو امية الذين قتلوا الحسين ابن رسول الله (ص) هم من احتفلوا بقتله وآل بيته واصحابه وسبي نساء بني هاشم. ولكي يوقفوا الحداد والعزاء الذي يذكر العالم بجرمهم السافر كذبوا على رسول الله محمد (ص) وما اوضح كذبهم الا على من ابى.
روى الشيخ الفقيه ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، بسنده عن نصر بن مزاحم المنقري عن عمر بن سعد، عن ارطاة بن حبيب ، عن فضيل الرسان ، عن جبلة المكية قالت : سمعت ميثم التمار ( رض ) يقول :
والله لتقتلن هذه الامة ابن نبيها في المحرم لعشر مضين منه ، وليتخذن اعداء الله ذلك اليوم يوم بركة ، وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره اعلم بذلك بعهد عهده الى مولاي امير المؤمنين (ع). قالت جبلة : فقلت : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي ( ع ) يوم بركة ؟ فبكى ميثم ، ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه انه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم ( ع )، وانما تاب الله على آدم في ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي ، وانما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني اسرائيل ، وانما كان ذلك في شهر ربيع الاول ، ويزعمون انه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود. وانما قبل الله توبته في ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي اخرج الله فيه يونس من بطن الحوت . وانما اخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة . ثم قال ميثم : يا جبلة ، اذا نظرت الى الشمس حمراء كانها دم عبيط فاعلمي ان سيدك الحسين قد قتل.
الامالي للصدوق.
فانا لله وانا اليه راجعون.
5/ من المستفيد من وضع هكذا حديث؟
تعرفون هذا السؤال الكلاسيكي الذي يطرحه المحققون عند الرغبة في معرفة الفاعل للجرم.
مع العلم ان سنة الرسول محمد (ص) كان منهي تماما عن تدوينها كما هو معروف عند الجميع الى ان اتى عمر ابن عبد العزيز وهو احد الخلفاء الامويين. اي بعد ذبح الامام الحسين (ع) في يوم عاشوراء بسنين.
فبنو امية الذين قتلوا الحسين ابن رسول الله (ص) هم من احتفلوا بقتله وآل بيته واصحابه وسبي نساء بني هاشم. ولكي يوقفوا الحداد والعزاء الذي يذكر العالم بجرمهم السافر كذبوا على رسول الله محمد (ص) وما اوضح كذبهم الا على من ابى.
روى الشيخ الفقيه ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، بسنده عن نصر بن مزاحم المنقري عن عمر بن سعد، عن ارطاة بن حبيب ، عن فضيل الرسان ، عن جبلة المكية قالت : سمعت ميثم التمار ( رض ) يقول :
والله لتقتلن هذه الامة ابن نبيها في المحرم لعشر مضين منه ، وليتخذن اعداء الله ذلك اليوم يوم بركة ، وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره اعلم بذلك بعهد عهده الى مولاي امير المؤمنين (ع). قالت جبلة : فقلت : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي ( ع ) يوم بركة ؟ فبكى ميثم ، ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه انه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم ( ع )، وانما تاب الله على آدم في ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي ، وانما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني اسرائيل ، وانما كان ذلك في شهر ربيع الاول ، ويزعمون انه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود. وانما قبل الله توبته في ذي الحجة ، ويزعمون انه اليوم الذي اخرج الله فيه يونس من بطن الحوت . وانما اخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة . ثم قال ميثم : يا جبلة ، اذا نظرت الى الشمس حمراء كانها دم عبيط فاعلمي ان سيدك الحسين قد قتل.
الامالي للصدوق.
فانا لله وانا اليه راجعون.