الخطبة الاولى:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي السلام عليكم...
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [سورة اﻷحزاب 22]
بحار الانوار - المجلسي ج20:
(سبب الحرب)
" ... وذلك أن جماعة من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضيري وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع وهوذة بن قيس الوالبي وأبو عمارة (2) الوالبي في نفر من بني والبة خرجوا حتى قدموا مكة فصاروا إلى أبي سفيان صخر بن حرب لعلمهم بعداوته لرسول الله صلى الله عليه وآله وتسرعه إلى قتاله، فذكروا له ما نالهم منه، وسألوه المعونة لهم على قتاله، فقال لهم أبو سفيان: أنا لكم حيث تحبون، فاخرجوا إلى قريش فادعوهم إلى حربه واضمنوا النصرة لهم والثبوت معهم حتى تستأصلوه، فطافوا على وجوه قريش ودعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وآله وقالوا لهم: أيدينا مع أيديكم، ونحن معكم حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود أنتم أهل الكتاب الأول، والعلم السابق، وقد عرفتم الدين الذي جاء به محمد، وما نحن عليه من الدين، فديننا خير من دينه، أم هو أولى بالحق منا؟ فقالوا لهم: بل دينكم خير من دينه (3) " ص250 (الارشاد)
" قالوا: بل دينكم خير من دينه فأنتم أولى بالحق منهم، فهم الذين أنزل الله فيهم: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا " إلى قوله: " وكفى بجهنم سعيرا " فسر قريشا ما قالوا، ونشطوا لما دعوهم إليه، فأجمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج أولئك النفر من اليهود حتى جاؤوا غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه صلى الله عليه وآله، وإن قريشا قد بايعوهم على ذلك فأجابوهم، فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصين في فزارة والحارث بن عوف في بني مرة، ومسعر بن جبلة الأشجعي فيمن تابعه من أشجع، وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد، فأقبل طليحة فيمن اتبعه من بني أسد وهما حليفان أسد وغطفان، وكتب قريش إلى رجال من بني سليم فأقبل أبو الأعور السلمي فيمن اتبعه من بني سليم مددا لقريش، " ص197 (الطبرسي)
[ ... إذن، الله يحث على قتالهم؛ لأنهم هم من بدأ بالحرب ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، ولااعتقد أن التحريض على قتل الآخر أو أن التهيؤ لقتل الآخر أو أن إعداد العدة لقتل الآخر ليس حرباً، واعتقد أن إرادة إطفاء نور الله بأفواههم تحتمل هذه الأمور وأكثر. ... ثم إن فعل الرسول محمد (ص) واضح، فاليهود - وهم أهل كتاب - كانوا يعيشون معه في المدينة بأمان ولم يمسهم بسوء حتى بدؤوا هم بمحاربته وإعانة من يقاتلونه صلى الله عليه وآله. ] الجواب المنير ج7 س806 (مقتطفان)
(الخندق)
" فلما علم بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ضرب الخندق على المدينة، وكان الذي أشار عليه بذلك سلمان الفارسي، وكان ص197 أول مشهد شهده سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يومئذ حر، قال: يا رسول الله إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون حتى أحكموه. ... " ص197-198 (الطبرسي)
" فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، 217 واستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل (1) فقال سلمان: يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة، قال: فما نصنع؟ قال: نحفر خندقا يكون بيننا (2) و بينهم حجابا، فيمكنك منعهم (3) في المطاولة، ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم (4) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بمسحه (5) من ناحية أحد إلى راتج، وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوم (6) من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول،
وبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين عليه السلام ينقل التراب من الحفرة، حتى عرق رسول الله صلى الله عليه وآله وعي (7) وقال: " لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرين " فلما نظر الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر. وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون 218 ... " ص217-218 (القمي)
[ ... وعموما نصيحتي لكل انسان عاقل متزن أن لايفكر منفردا ولايتخذ قراره منفردا وقد دعا الله في القرآن الحاكم الالهي المعصوم المنصب من الله للمشورة قبل اتخاذ القرار فما بالك بغيره قال تعالى : ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) والرسول محمد ص شاور المؤمنين في امور كثيرة تخص ادارة حياة المجتمع والدفاع عنه وقد رويت قصة مشورة سلمان الفارسي بحفر الخندق للدفاع عن المدينة، وايضا يمكنكم الرجوع لماقاله خلفاء الله السابقين صلوات الله عليهم في الحث على المشورة. ... ] 11 5 2014
[ ... والحجة أو خليفة الله إنسان يعمل ويتعلم كيف يمارس عمله؛ ومرة يتعلم من غيره من الناس كما تعلم عيسى النجارة ومحمد التجارة وتعلم محمد حفر الخندق من سلمان؛ ... ] الجواب المنير - السيد أحمد الحسن: ج7 س659
نتوقف عند هذا القدر ونكمل في الخطبة الثانية ان شاء الله...
هذا والحمدلله رب العالمين
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس]
***
الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي السجاد ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والحجة الخلف الهادي المهدي وأحمد ابن محمد وصي الامام المهدي والمهديين من ولده حججك على عبادك وأمنائك في بلادك صلاة كثيرة دائمة.
(الطعام)
" ... والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه ذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله مستلقى على قفاه، ورداؤه تحت رأسه، وقد شد على بطنه حجرا، فقلت:
يا رسول الله إنه قد عرض لنا جبل لا تعمل (1) المعاول فيه، ...
... فقال جابر: فعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مقوى أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغداء (4)؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت: " ص218
" 10 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة ومعها كسيرة (6) من خبز فدفعتها إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما هذه الكسيرة؟ قالت: قرصا (7) خبزته للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة (8)، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث (9). " ص245
" ... فقلت له: أئذن لي يا رسول الله إلى المنزل، ففعل فقلت للمرأة: هل عندك من شئ؟ فقال: عندي صاع من شعير وعناق، فطحنت الشعير وعجنته وذبحت (5) العناق وسلختها وخليت بين المرأة وبين ذلك ثم أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجلست عنده ساعة، ثم قلت: ائذن لي يا 198 رسول الله ففعل، فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: إن عندنا طعيما لنا فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك فقال: وكم هو؟ قلت: صاع من شعير وعناق، فقال للمسلمين جميعا: قوموا إلى جابر، فقاموا فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله، فقلت: جاء بالخلق على صاع شعير وعناق، فدخلت على المرأة وقلت: قد افتضحت، جاءك رسول الله صلى الله عليه وآله بالخلق (1)، فقالت: هل كان سألك كم طعامك؟ قلت: نعم، فقالت: الله ورسوله أعلم قد أخبرناه ما عندنا، فكشفت عني غما شديدا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
خذي ودعيني من اللحم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يثرد ويفرق اللحم، ثم يحم هذا، ويحم هذا (2) فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين، ويعود التنور والقدر أملا ما كانا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كلي واهدي، فلم نزل نأكل ونهدي قومنا أجمع. أورده البخاري في الصحيح (3). " ص198-199 (الطبرسي)
(٣) صحيح البخاري ٥: ١٣٩ وفيه اختلافات لفظية واختصار راجعه.
" ... فقال جابر: فعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مقوى أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغداء (4)؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت:
عناق وصاع من شعير، فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها، وأمرتها أن تخبز وتطبخ وتشوي فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت، فقام (5) صلى الله عليه وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معشر (6) المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا، وكان في الخندق سبعمائة رجل، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلا قال: أجيبوا جابرا،
219 قال جابر: فتقدمت وقلت لأهلي: قد والله أتاك (1) رسول الله صلى الله عليه وآله بما لا قبل لك به، فقالت: أعلمته أنت ما عندنا (2)؟ قال: نعم. قالت: هو أعلم بما أتى، قال جابر: فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فنظر في القدر ثم قال: اغرفي وأبقي، ثم نظر في التنور، ثم قال: أخرجي وأبقي، ثم دعا بصحفة فثرد فيها وغرف، فقال: يا جابر ادخل علي عشرة، فأدخلت عشرة، فأكلوا حتى نهلوا، وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذارع، فأتيته بالذراع فأكلوه، ثم قال: أدخل علي عشرة فدخلوا فأكلوا حتى نهلوا (3) وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذراع فأتيته فأكلوا وخرجوا، ثم قال:
أدخل علي عشرة، فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا وما يرى (4) في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذراع فأتيته بالذراع، فقلت: يا رسول الله كم للشاة من ذراع (5)؟ قال: ذراعان، فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة، فقال: أما لو سكت يا جابر لأكلوا (6) كلهم من الذراع، قال جابر:
فأقبلت ادخل (7) عشرة عشرة، فيأكلون حتى أكلوا كلهم: وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما.
قال: وحفر رسول الله صلى الله عليه وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب، ... " ص219 (القمي)
[ الخلاصة:
المعجزة المادية التي يمكن أنْ تأتي من الله ويقبل الله إيمان من يؤمن بسببها؛ هي المعجزة المادية غير القاهرة، كتحوّل عصا موسى (عليه السلام) إلى ثعبان ([104])، وسماع بعض المؤمنين أنين الجذع لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإطعام رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) الخلق الكثير بالطعام القليل، ... ] عقائد الإسلام - السيد أحمد الحسن: ص108.
اختم بهذا الدعاء ان شاء الله...
لا إلهَ إلاّ الله إلهاً وَاحِداً وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ، لا إلهَ إلاّ الله وَلا نَعبُدُ إلاّ إياهُ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ، لا إلهَ إلاّ الله ربُّنا وَرَبُّ آبائِنا الأوّلينَ، لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحدَهُ وَحدَهُ وَحدَهُ أنجَزَ وَعدَهُ وَنَصَرَ عَبدَه وأعَزَّ جُندَهُ وَهَزَمَ الأحزابَ وَحدَهُ، فَلَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ يُحيي وَيُميتُ وَيُميتُ وَيُحيي وَهُوَ حَيُّ لا يَموتُ، بيَدِهِ الخَيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ. من التعقيبات العامة بعد الصلاة
هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آ مَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر]
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي السلام عليكم...
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [سورة اﻷحزاب 22]
بحار الانوار - المجلسي ج20:
(سبب الحرب)
" ... وذلك أن جماعة من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضيري وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع وهوذة بن قيس الوالبي وأبو عمارة (2) الوالبي في نفر من بني والبة خرجوا حتى قدموا مكة فصاروا إلى أبي سفيان صخر بن حرب لعلمهم بعداوته لرسول الله صلى الله عليه وآله وتسرعه إلى قتاله، فذكروا له ما نالهم منه، وسألوه المعونة لهم على قتاله، فقال لهم أبو سفيان: أنا لكم حيث تحبون، فاخرجوا إلى قريش فادعوهم إلى حربه واضمنوا النصرة لهم والثبوت معهم حتى تستأصلوه، فطافوا على وجوه قريش ودعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وآله وقالوا لهم: أيدينا مع أيديكم، ونحن معكم حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود أنتم أهل الكتاب الأول، والعلم السابق، وقد عرفتم الدين الذي جاء به محمد، وما نحن عليه من الدين، فديننا خير من دينه، أم هو أولى بالحق منا؟ فقالوا لهم: بل دينكم خير من دينه (3) " ص250 (الارشاد)
" قالوا: بل دينكم خير من دينه فأنتم أولى بالحق منهم، فهم الذين أنزل الله فيهم: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا " إلى قوله: " وكفى بجهنم سعيرا " فسر قريشا ما قالوا، ونشطوا لما دعوهم إليه، فأجمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج أولئك النفر من اليهود حتى جاؤوا غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه صلى الله عليه وآله، وإن قريشا قد بايعوهم على ذلك فأجابوهم، فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصين في فزارة والحارث بن عوف في بني مرة، ومسعر بن جبلة الأشجعي فيمن تابعه من أشجع، وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد، فأقبل طليحة فيمن اتبعه من بني أسد وهما حليفان أسد وغطفان، وكتب قريش إلى رجال من بني سليم فأقبل أبو الأعور السلمي فيمن اتبعه من بني سليم مددا لقريش، " ص197 (الطبرسي)
[ ... إذن، الله يحث على قتالهم؛ لأنهم هم من بدأ بالحرب ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، ولااعتقد أن التحريض على قتل الآخر أو أن التهيؤ لقتل الآخر أو أن إعداد العدة لقتل الآخر ليس حرباً، واعتقد أن إرادة إطفاء نور الله بأفواههم تحتمل هذه الأمور وأكثر. ... ثم إن فعل الرسول محمد (ص) واضح، فاليهود - وهم أهل كتاب - كانوا يعيشون معه في المدينة بأمان ولم يمسهم بسوء حتى بدؤوا هم بمحاربته وإعانة من يقاتلونه صلى الله عليه وآله. ] الجواب المنير ج7 س806 (مقتطفان)
(الخندق)
" فلما علم بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ضرب الخندق على المدينة، وكان الذي أشار عليه بذلك سلمان الفارسي، وكان ص197 أول مشهد شهده سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يومئذ حر، قال: يا رسول الله إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون حتى أحكموه. ... " ص197-198 (الطبرسي)
" فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، 217 واستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل (1) فقال سلمان: يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة، قال: فما نصنع؟ قال: نحفر خندقا يكون بيننا (2) و بينهم حجابا، فيمكنك منعهم (3) في المطاولة، ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم (4) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بمسحه (5) من ناحية أحد إلى راتج، وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوم (6) من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول،
وبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين عليه السلام ينقل التراب من الحفرة، حتى عرق رسول الله صلى الله عليه وآله وعي (7) وقال: " لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرين " فلما نظر الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر. وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون 218 ... " ص217-218 (القمي)
[ ... وعموما نصيحتي لكل انسان عاقل متزن أن لايفكر منفردا ولايتخذ قراره منفردا وقد دعا الله في القرآن الحاكم الالهي المعصوم المنصب من الله للمشورة قبل اتخاذ القرار فما بالك بغيره قال تعالى : ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) والرسول محمد ص شاور المؤمنين في امور كثيرة تخص ادارة حياة المجتمع والدفاع عنه وقد رويت قصة مشورة سلمان الفارسي بحفر الخندق للدفاع عن المدينة، وايضا يمكنكم الرجوع لماقاله خلفاء الله السابقين صلوات الله عليهم في الحث على المشورة. ... ] 11 5 2014
[ ... والحجة أو خليفة الله إنسان يعمل ويتعلم كيف يمارس عمله؛ ومرة يتعلم من غيره من الناس كما تعلم عيسى النجارة ومحمد التجارة وتعلم محمد حفر الخندق من سلمان؛ ... ] الجواب المنير - السيد أحمد الحسن: ج7 س659
نتوقف عند هذا القدر ونكمل في الخطبة الثانية ان شاء الله...
هذا والحمدلله رب العالمين
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس]
***
الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي السجاد ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والحجة الخلف الهادي المهدي وأحمد ابن محمد وصي الامام المهدي والمهديين من ولده حججك على عبادك وأمنائك في بلادك صلاة كثيرة دائمة.
(الطعام)
" ... والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه ذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله مستلقى على قفاه، ورداؤه تحت رأسه، وقد شد على بطنه حجرا، فقلت:
يا رسول الله إنه قد عرض لنا جبل لا تعمل (1) المعاول فيه، ...
... فقال جابر: فعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مقوى أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغداء (4)؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت: " ص218
" 10 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة ومعها كسيرة (6) من خبز فدفعتها إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما هذه الكسيرة؟ قالت: قرصا (7) خبزته للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة (8)، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث (9). " ص245
" ... فقلت له: أئذن لي يا رسول الله إلى المنزل، ففعل فقلت للمرأة: هل عندك من شئ؟ فقال: عندي صاع من شعير وعناق، فطحنت الشعير وعجنته وذبحت (5) العناق وسلختها وخليت بين المرأة وبين ذلك ثم أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجلست عنده ساعة، ثم قلت: ائذن لي يا 198 رسول الله ففعل، فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: إن عندنا طعيما لنا فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك فقال: وكم هو؟ قلت: صاع من شعير وعناق، فقال للمسلمين جميعا: قوموا إلى جابر، فقاموا فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله، فقلت: جاء بالخلق على صاع شعير وعناق، فدخلت على المرأة وقلت: قد افتضحت، جاءك رسول الله صلى الله عليه وآله بالخلق (1)، فقالت: هل كان سألك كم طعامك؟ قلت: نعم، فقالت: الله ورسوله أعلم قد أخبرناه ما عندنا، فكشفت عني غما شديدا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
خذي ودعيني من اللحم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يثرد ويفرق اللحم، ثم يحم هذا، ويحم هذا (2) فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين، ويعود التنور والقدر أملا ما كانا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كلي واهدي، فلم نزل نأكل ونهدي قومنا أجمع. أورده البخاري في الصحيح (3). " ص198-199 (الطبرسي)
(٣) صحيح البخاري ٥: ١٣٩ وفيه اختلافات لفظية واختصار راجعه.
" ... فقال جابر: فعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مقوى أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغداء (4)؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت:
عناق وصاع من شعير، فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها، وأمرتها أن تخبز وتطبخ وتشوي فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت، فقام (5) صلى الله عليه وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معشر (6) المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا، وكان في الخندق سبعمائة رجل، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلا قال: أجيبوا جابرا،
219 قال جابر: فتقدمت وقلت لأهلي: قد والله أتاك (1) رسول الله صلى الله عليه وآله بما لا قبل لك به، فقالت: أعلمته أنت ما عندنا (2)؟ قال: نعم. قالت: هو أعلم بما أتى، قال جابر: فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فنظر في القدر ثم قال: اغرفي وأبقي، ثم نظر في التنور، ثم قال: أخرجي وأبقي، ثم دعا بصحفة فثرد فيها وغرف، فقال: يا جابر ادخل علي عشرة، فأدخلت عشرة، فأكلوا حتى نهلوا، وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذارع، فأتيته بالذراع فأكلوه، ثم قال: أدخل علي عشرة فدخلوا فأكلوا حتى نهلوا (3) وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذراع فأتيته فأكلوا وخرجوا، ثم قال:
أدخل علي عشرة، فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا وما يرى (4) في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذراع فأتيته بالذراع، فقلت: يا رسول الله كم للشاة من ذراع (5)؟ قال: ذراعان، فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة، فقال: أما لو سكت يا جابر لأكلوا (6) كلهم من الذراع، قال جابر:
فأقبلت ادخل (7) عشرة عشرة، فيأكلون حتى أكلوا كلهم: وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما.
قال: وحفر رسول الله صلى الله عليه وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب، ... " ص219 (القمي)
[ الخلاصة:
المعجزة المادية التي يمكن أنْ تأتي من الله ويقبل الله إيمان من يؤمن بسببها؛ هي المعجزة المادية غير القاهرة، كتحوّل عصا موسى (عليه السلام) إلى ثعبان ([104])، وسماع بعض المؤمنين أنين الجذع لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإطعام رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) الخلق الكثير بالطعام القليل، ... ] عقائد الإسلام - السيد أحمد الحسن: ص108.
اختم بهذا الدعاء ان شاء الله...
لا إلهَ إلاّ الله إلهاً وَاحِداً وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ، لا إلهَ إلاّ الله وَلا نَعبُدُ إلاّ إياهُ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ، لا إلهَ إلاّ الله ربُّنا وَرَبُّ آبائِنا الأوّلينَ، لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحدَهُ وَحدَهُ وَحدَهُ أنجَزَ وَعدَهُ وَنَصَرَ عَبدَه وأعَزَّ جُندَهُ وَهَزَمَ الأحزابَ وَحدَهُ، فَلَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ يُحيي وَيُميتُ وَيُميتُ وَيُحيي وَهُوَ حَيُّ لا يَموتُ، بيَدِهِ الخَيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ. من التعقيبات العامة بعد الصلاة
هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آ مَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر]