الخطبة الاولى:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله، في خطب سابقة تعرضنا لبيان النوع الثالث من الظلم الذي بينه أمير المؤمنين ع وهو (ظلم العباد بعضهم بعضا)، وقرأنا أجوبة للامام ع كثيرة في الصبر والبلاء والظلم، اليوم سنتكلم عن عبارة ذكرها الامام ع أكثر من مرة متعلقة بالظلم وأكد عليها ...
[ بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً
(ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق، فإذا ظلمت بمظلمة فأرضَ بانتصاري لك فإنّ انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك) ([2]).
اللهم أنا العبد المسكين الضعيف المستضعف رضيت بانتصارك لي ممن ظلمني ] بداية كتاب تفسير آية من سورة يونس
(2) الكافي : ج2 ص304، دعائم الإسلام : ج2 ص537
[ ... قال الصادق (ع): (إن في التوراة مكتوباً: يا ابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك) ([91])، وقد رضيت بانتصار الله لي فهو نعم المولى ونعم النصير. ... ] الجواب المنير ج5 س512
الشيخ حبيب السعيدي في صفحته في الفيسبوك بتاريخ 26 1 2014 ( ... اتذكر في بداية الدعوه المبارك في احد الايام كان السيد أحمد الحسن ع جالس في حسينية النجف ألأولى التي كانت مبنيه من طين وسقفها من جذوع النخيل وجريدها .والتي اتذكرها كلماشاهدة فلم الرساله المهم الآم كثيره ولكن كل ذلك يهون انه بعين الله سبحانه, قال لنا السيد أحمد الحسن ص أنا هويتي هذه واخرج ورقه بسيطه مكتوب فيها هذه الكلمات
أبن أدم أذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق فأذا ظلمت بمظلمه فارض بأنتصاري لك فأن انتصاري لك خير من أنتصارك لنفسك
وقال ايظا انتم اجعلوها هويتكم
اللهم ونحن عبيد المساكين الضعفاء المستضعفون رضينا بانتصارك لنا ممن ظلمنا )
[ إضاءة من قميص يوسف (ع)
كان في قميص يوسف (ع):
1. سبب نجاته؛ لأن فيه وجد إخوة يوسف (ع) طريقة لمكرهم دون قتله (ع)، ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾([104]).
2. الدليل على براءة يوسف (ع) من تهمة الفاحشة.
﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾([105]).
﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾([106]).
﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾([107]).
﴿فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾([108]).
3. إنه آية عاد بها البصر ليعقوب، وما تلا هذا من انتقال بني إسرائيل إلى مصر لتمهيد الأرضية الملائمة لقائم آل إبراهيم موسى (ع). ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾([109]).
4. وأخيراً فالقميص أصبح سبباً لإنصاف يعقوب (ع) من تهكم بنيه، فكم ﴿قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾([110])، و﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾([111])، لكن ﴿لَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([112])، عندها ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾([113]).
كل هذا في قميص يوسف (ع).
فما سرّ هذا القميص حتى أصبح موضعاً لتجلي الفيض الإلهي وآيات الله سبحانه وتعالى؟
الحق، إنه قميص لامس ذاك القلب النقي الطاهر الملائكي الملكوتي، قلب يوسف (ع) الذي تلقى كلمات الله بالرؤيا الصادقة، وكان يوسف (ع) صبياً صغيراً، وآمن هذا القلب الطاهر بكلمات الله ولم يكفرها.
إنّ كرامة هذا القميص هي أنه لامس قلب يوسف ليس إلا، هذا هو سر القميص، ففي كل تلك الآيات كان هذا القميص شاهداً عدلاً يشهد بنقاء قلب يوسف وطهارته، هذا القميص تكلم ولكن بالأفعال لا بالأقوال، وما أحوج الناس ليتعلموا من قميص يوسف (ع) الصدق والأمانة وقول الحق وإعطاء كل ذي حق حقه، ويتعلموا ترك الحسد والأنا والأخلاق الذميمة.
والآن، لنضع قميص يوسف هذا الجماد في مقابل أناس التصقوا بيوسف (ع) وعرفوا يوسف (ع) كما التصق وعرف القميص يوسف (ع)، ولنرى كم أن الناس كانوا ظالمين ليوسف (ع)، وكم أن القميص كان منصفاً عادلاً مع يوسف (ع)، وكم خذل الناس يوسف (ع)، وكم أعان وأغاث القميص يوسف (ع)، وكل مرة كان الناس والقميص يتبدلون، ولكن دائماً كان القميص ينصف ويعين يوسف (ع)، وكان الناس يظلمون ويخذلون يوسف (ع).
لم يكن للقميص قصة كما كانت مع يوسف (ع)، فجدير بنا أن نعرف ماذا أراد الله أن يخاطب الإنسان من خلال هذا القميص، ونتعلم من هذا الخطاب الإلهي الذي تجلى في قميص يوسف في كل مرة وكل موقف.
ثم لماذا القميص بالذات، وليس لباساً آخر لامس جسد يوسف (ع) ؟! ... ] اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق2
... نكمل في الخطبة الثانية ان شاء الله
هذا والحمدلله رب العالمين
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6-1D
***
الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَمينِكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ وَاَحْسَنَ، وَاَجْمَلَ وَاَكْمَلَ، وَاَزْكى وَاَنْمى، وَاَطْيَبَ وَاَطْهَرَ، وَاَسْنى وَاَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ وَاَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَصِفْوَتِكَ وَاَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ، اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَاَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ وَاِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وَصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَر، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ومحمد بن الحسن ، وأحمد بن محمد والمهديين من ولده ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، وَاُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنصار الله، ... نكمل موضوعنا الذي ابتدأناه في الخطبة الأولى...
[ ... الحقيقة، لأن القميص كان إشارة واضحة لقلب يوسف (ع)، فكان الذي ينجي يوسف (ع) هو نقاء قلبه وإخلاصه لله سبحانه وتعالى، فكان الله في قلب يوسف (ع)، وكلم الناس بقميص يوسف (ع). كان تعالى في كل تلك الآيات يقول أنا في قلب يوسف (ع)، والقميص مسني كما مس يوسف (ع). كان تعالى يقول من خلال قميص يوسف (ع): (يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظُلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك) ([114]).
فإن وقعت في بئر عميق أنا أنجيك، وإن مكر بك أهل السوء والفحشاء فأنا ناصرك، وإن أردت إحياء الموتى وشفاء المرضى فأنا المشافي المحيي أعطي نفسي لمن يذكرني. فأنا في قلب من ذكرني يمسني قميصه كما يمس قلبه.
وبعد سنين من قصة القميص المعجزة، قميص الآيات الإلهية، تأتي آية أخرى: يد موسى البيضاء للناظرين، وهي لا تخرج بيضاء إلا بعد أن تمس قلب موسى (ع)، ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى﴾([115]). وكأنها تُخرج ما في قلب موسى (ع)، لينظر إليه الناس بياضاً ناصعاً وطهارة ونقاءً وعدلاً ونوراً يملأ الخافقين. وهي أيضاً تمس الذي في قلب موسى (ع) الله سبحانه وتعالى، لتخبر عنه سبحانه وتعالى أنه هو الذي في قلب موسى، * وهو الذي أرسل موسى (ع).
كما كان القميص من قبل يخبر الناس أن الله في قلب يوسف (ع)، وأنه هو سبحانه وتعالى الذي أرسل يوسف (ع) ونصبه خليفته في أرضه.
هذا القميص الآية المعجزة، كم من آية من آيات الله هي كهذا القميص، يمر عليها الناس غافلين معرضين عنها، فلو كانوا يطلبون الحق لعرفوه ولتجلى لهم في الشجر والحجر وفي كل شيء يقع عليه بصرهم أو يطرق آذانهم، ولرأوا الحق في قميص يوسف (ع)، ويد موسى (ع) في ذلك الزمان وفي هذا الزمان، لكنهم معرضون عن الحق ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾([116]).
هذه إضاءة من قصة قميص يوسف، فليتدبرها الناس وليتعلموا من قميص يوسف (ع)، وإن لم يقبلوا السماع من يوسف فليسمعوا من قميص يوسف (ع) وقلب يوسف والذي في قلب يوسف ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾([117]).
إنها حسرة ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾([118])، وإنه لأمر محزن أن ينصف ويعين يوسف (ع) في ذلك الزمان وهذا الزمان كل شيء حتى القميص إلا الناس.
وأخيراً أقول: إذا وصل الأمر إلى أن يتكلم الجماد (قميص يوسف)، ثم إنّ الناس لا يسمعون ولا يعون ولا يتدبرون آيات الله، بل هم معرضون مستهزؤون فإنّ الله ينذرهم بأسه الذي لا يُرد. بعد أن تكلم قميص يوسف في آخر قصة يوسف التي خُتمت بكلام القميص عندما رَد البصر ليعقوب، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾([119])، فهل من عاقل ينجي نفسه من العذاب في الدنيا والآخرة، فيسمع ويرى - بعد أن كان أصماً وأعمى - آيات الله في كل شيء وهي تشير إلى الحق وإلى صاحب الحق.
﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾([120]). ] اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق2
* [ ... ومنهم: موسى (ع)، قال تعالى: ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى﴾ ([55])، أي خالية من الظلم، فالإنسان يأخذ ويعطي باليد، واليد البيضاء تشير إلى عدالة الإنسان التامة مع الناس ومع الله سبحانه وتعالى، فموسى (ع) طهر نفسه من الظلم بمرتبة عالية، كما في الآية: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. ] المتشابهات ج4 س128
- عن الإمام الصادق (ع) في كلام طويل مع المفضل بن عمر: (... بل يا مفضل يسند القائم (ع) ظهره إلى الحرم، ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد الله، وعن الله، وبأمر الله ، ثم يتلو هذه الآية : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه "...) بحار الأنوار ج53 ص8.
...نختم بهذا الدعاء، وهو جزء من دعاء الندبة...
( ... بنفسي انت من مغيّب لم يخل منّا
بنفسي انت من نازح ما نزح عنّا بنفسي انت امنيّة شائق يتمنّى من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنّا
بنفسي انت من عقيد عزّ لايسامى
بنفسي انت من اثيل مجد لايجارى
بنفسي انت من تلاد نعم لاتضاهى
بنفسي انت من نصيف شرف لايساوى الى متى احار فيك يا مولاي والى متّى وايّ خطاب اصف فيك وايّ نجوى عزيز عليّ ان اجاب دونك واناغى
عزيز عليّ ان ابكيك ويخذلك الورى
عزيز عليّ ان يجري عليك دونهم ماجرى
هل من معين فاطيل معه العويل والبكاء هل من جزوع فاساعد جزعه اذا خلا هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى هل اليك يا بن احمد سبيل فتلقى
هل يتّصل يومنا منك بعدة فنحظى
متى نرد مناهلك الرّوية فنروى
متى ننْتفع من عذب مائك فقد طال الصّدى
متى نغاديك ونراوحك فنقرّ عينا
متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النّصر ترى
اترانا نحفّ بك وانت تامّ الملا وقد ملات الارض عدلا واذقت اعداءك هوانا وعقابا وابرت العتاة وجحدة الحقّ وقطعت دابر المتكبّرين واجتثثت اصول الظّالمين. ونحن نقول: الحمد لله ربّ العالمين... ) دعاء الندبة
هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [سورة النصر]
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله، في خطب سابقة تعرضنا لبيان النوع الثالث من الظلم الذي بينه أمير المؤمنين ع وهو (ظلم العباد بعضهم بعضا)، وقرأنا أجوبة للامام ع كثيرة في الصبر والبلاء والظلم، اليوم سنتكلم عن عبارة ذكرها الامام ع أكثر من مرة متعلقة بالظلم وأكد عليها ...
[ بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً
(ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق، فإذا ظلمت بمظلمة فأرضَ بانتصاري لك فإنّ انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك) ([2]).
اللهم أنا العبد المسكين الضعيف المستضعف رضيت بانتصارك لي ممن ظلمني ] بداية كتاب تفسير آية من سورة يونس
(2) الكافي : ج2 ص304، دعائم الإسلام : ج2 ص537
[ ... قال الصادق (ع): (إن في التوراة مكتوباً: يا ابن آدم، اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك) ([91])، وقد رضيت بانتصار الله لي فهو نعم المولى ونعم النصير. ... ] الجواب المنير ج5 س512
الشيخ حبيب السعيدي في صفحته في الفيسبوك بتاريخ 26 1 2014 ( ... اتذكر في بداية الدعوه المبارك في احد الايام كان السيد أحمد الحسن ع جالس في حسينية النجف ألأولى التي كانت مبنيه من طين وسقفها من جذوع النخيل وجريدها .والتي اتذكرها كلماشاهدة فلم الرساله المهم الآم كثيره ولكن كل ذلك يهون انه بعين الله سبحانه, قال لنا السيد أحمد الحسن ص أنا هويتي هذه واخرج ورقه بسيطه مكتوب فيها هذه الكلمات
أبن أدم أذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق فأذا ظلمت بمظلمه فارض بأنتصاري لك فأن انتصاري لك خير من أنتصارك لنفسك
وقال ايظا انتم اجعلوها هويتكم
اللهم ونحن عبيد المساكين الضعفاء المستضعفون رضينا بانتصارك لنا ممن ظلمنا )
[ إضاءة من قميص يوسف (ع)
كان في قميص يوسف (ع):
1. سبب نجاته؛ لأن فيه وجد إخوة يوسف (ع) طريقة لمكرهم دون قتله (ع)، ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾([104]).
2. الدليل على براءة يوسف (ع) من تهمة الفاحشة.
﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾([105]).
﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾([106]).
﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾([107]).
﴿فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾([108]).
3. إنه آية عاد بها البصر ليعقوب، وما تلا هذا من انتقال بني إسرائيل إلى مصر لتمهيد الأرضية الملائمة لقائم آل إبراهيم موسى (ع). ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾([109]).
4. وأخيراً فالقميص أصبح سبباً لإنصاف يعقوب (ع) من تهكم بنيه، فكم ﴿قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾([110])، و﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾([111])، لكن ﴿لَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([112])، عندها ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾([113]).
كل هذا في قميص يوسف (ع).
فما سرّ هذا القميص حتى أصبح موضعاً لتجلي الفيض الإلهي وآيات الله سبحانه وتعالى؟
الحق، إنه قميص لامس ذاك القلب النقي الطاهر الملائكي الملكوتي، قلب يوسف (ع) الذي تلقى كلمات الله بالرؤيا الصادقة، وكان يوسف (ع) صبياً صغيراً، وآمن هذا القلب الطاهر بكلمات الله ولم يكفرها.
إنّ كرامة هذا القميص هي أنه لامس قلب يوسف ليس إلا، هذا هو سر القميص، ففي كل تلك الآيات كان هذا القميص شاهداً عدلاً يشهد بنقاء قلب يوسف وطهارته، هذا القميص تكلم ولكن بالأفعال لا بالأقوال، وما أحوج الناس ليتعلموا من قميص يوسف (ع) الصدق والأمانة وقول الحق وإعطاء كل ذي حق حقه، ويتعلموا ترك الحسد والأنا والأخلاق الذميمة.
والآن، لنضع قميص يوسف هذا الجماد في مقابل أناس التصقوا بيوسف (ع) وعرفوا يوسف (ع) كما التصق وعرف القميص يوسف (ع)، ولنرى كم أن الناس كانوا ظالمين ليوسف (ع)، وكم أن القميص كان منصفاً عادلاً مع يوسف (ع)، وكم خذل الناس يوسف (ع)، وكم أعان وأغاث القميص يوسف (ع)، وكل مرة كان الناس والقميص يتبدلون، ولكن دائماً كان القميص ينصف ويعين يوسف (ع)، وكان الناس يظلمون ويخذلون يوسف (ع).
لم يكن للقميص قصة كما كانت مع يوسف (ع)، فجدير بنا أن نعرف ماذا أراد الله أن يخاطب الإنسان من خلال هذا القميص، ونتعلم من هذا الخطاب الإلهي الذي تجلى في قميص يوسف في كل مرة وكل موقف.
ثم لماذا القميص بالذات، وليس لباساً آخر لامس جسد يوسف (ع) ؟! ... ] اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق2
... نكمل في الخطبة الثانية ان شاء الله
هذا والحمدلله رب العالمين
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6-1D
***
الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَمينِكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ وَاَحْسَنَ، وَاَجْمَلَ وَاَكْمَلَ، وَاَزْكى وَاَنْمى، وَاَطْيَبَ وَاَطْهَرَ، وَاَسْنى وَاَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ وَاَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَصِفْوَتِكَ وَاَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ، اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَاَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ وَاِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وَصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَر، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ومحمد بن الحسن ، وأحمد بن محمد والمهديين من ولده ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، وَاُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنصار الله، ... نكمل موضوعنا الذي ابتدأناه في الخطبة الأولى...
[ ... الحقيقة، لأن القميص كان إشارة واضحة لقلب يوسف (ع)، فكان الذي ينجي يوسف (ع) هو نقاء قلبه وإخلاصه لله سبحانه وتعالى، فكان الله في قلب يوسف (ع)، وكلم الناس بقميص يوسف (ع). كان تعالى في كل تلك الآيات يقول أنا في قلب يوسف (ع)، والقميص مسني كما مس يوسف (ع). كان تعالى يقول من خلال قميص يوسف (ع): (يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظُلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك) ([114]).
فإن وقعت في بئر عميق أنا أنجيك، وإن مكر بك أهل السوء والفحشاء فأنا ناصرك، وإن أردت إحياء الموتى وشفاء المرضى فأنا المشافي المحيي أعطي نفسي لمن يذكرني. فأنا في قلب من ذكرني يمسني قميصه كما يمس قلبه.
وبعد سنين من قصة القميص المعجزة، قميص الآيات الإلهية، تأتي آية أخرى: يد موسى البيضاء للناظرين، وهي لا تخرج بيضاء إلا بعد أن تمس قلب موسى (ع)، ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى﴾([115]). وكأنها تُخرج ما في قلب موسى (ع)، لينظر إليه الناس بياضاً ناصعاً وطهارة ونقاءً وعدلاً ونوراً يملأ الخافقين. وهي أيضاً تمس الذي في قلب موسى (ع) الله سبحانه وتعالى، لتخبر عنه سبحانه وتعالى أنه هو الذي في قلب موسى، * وهو الذي أرسل موسى (ع).
كما كان القميص من قبل يخبر الناس أن الله في قلب يوسف (ع)، وأنه هو سبحانه وتعالى الذي أرسل يوسف (ع) ونصبه خليفته في أرضه.
هذا القميص الآية المعجزة، كم من آية من آيات الله هي كهذا القميص، يمر عليها الناس غافلين معرضين عنها، فلو كانوا يطلبون الحق لعرفوه ولتجلى لهم في الشجر والحجر وفي كل شيء يقع عليه بصرهم أو يطرق آذانهم، ولرأوا الحق في قميص يوسف (ع)، ويد موسى (ع) في ذلك الزمان وفي هذا الزمان، لكنهم معرضون عن الحق ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾([116]).
هذه إضاءة من قصة قميص يوسف، فليتدبرها الناس وليتعلموا من قميص يوسف (ع)، وإن لم يقبلوا السماع من يوسف فليسمعوا من قميص يوسف (ع) وقلب يوسف والذي في قلب يوسف ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾([117]).
إنها حسرة ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾([118])، وإنه لأمر محزن أن ينصف ويعين يوسف (ع) في ذلك الزمان وهذا الزمان كل شيء حتى القميص إلا الناس.
وأخيراً أقول: إذا وصل الأمر إلى أن يتكلم الجماد (قميص يوسف)، ثم إنّ الناس لا يسمعون ولا يعون ولا يتدبرون آيات الله، بل هم معرضون مستهزؤون فإنّ الله ينذرهم بأسه الذي لا يُرد. بعد أن تكلم قميص يوسف في آخر قصة يوسف التي خُتمت بكلام القميص عندما رَد البصر ليعقوب، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾([119])، فهل من عاقل ينجي نفسه من العذاب في الدنيا والآخرة، فيسمع ويرى - بعد أن كان أصماً وأعمى - آيات الله في كل شيء وهي تشير إلى الحق وإلى صاحب الحق.
﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾([120]). ] اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق2
* [ ... ومنهم: موسى (ع)، قال تعالى: ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى﴾ ([55])، أي خالية من الظلم، فالإنسان يأخذ ويعطي باليد، واليد البيضاء تشير إلى عدالة الإنسان التامة مع الناس ومع الله سبحانه وتعالى، فموسى (ع) طهر نفسه من الظلم بمرتبة عالية، كما في الآية: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. ] المتشابهات ج4 س128
- عن الإمام الصادق (ع) في كلام طويل مع المفضل بن عمر: (... بل يا مفضل يسند القائم (ع) ظهره إلى الحرم، ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد الله، وعن الله، وبأمر الله ، ثم يتلو هذه الآية : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه "...) بحار الأنوار ج53 ص8.
...نختم بهذا الدعاء، وهو جزء من دعاء الندبة...
( ... بنفسي انت من مغيّب لم يخل منّا
بنفسي انت من نازح ما نزح عنّا بنفسي انت امنيّة شائق يتمنّى من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنّا
بنفسي انت من عقيد عزّ لايسامى
بنفسي انت من اثيل مجد لايجارى
بنفسي انت من تلاد نعم لاتضاهى
بنفسي انت من نصيف شرف لايساوى الى متى احار فيك يا مولاي والى متّى وايّ خطاب اصف فيك وايّ نجوى عزيز عليّ ان اجاب دونك واناغى
عزيز عليّ ان ابكيك ويخذلك الورى
عزيز عليّ ان يجري عليك دونهم ماجرى
هل من معين فاطيل معه العويل والبكاء هل من جزوع فاساعد جزعه اذا خلا هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى هل اليك يا بن احمد سبيل فتلقى
هل يتّصل يومنا منك بعدة فنحظى
متى نرد مناهلك الرّوية فنروى
متى ننْتفع من عذب مائك فقد طال الصّدى
متى نغاديك ونراوحك فنقرّ عينا
متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النّصر ترى
اترانا نحفّ بك وانت تامّ الملا وقد ملات الارض عدلا واذقت اعداءك هوانا وعقابا وابرت العتاة وجحدة الحقّ وقطعت دابر المتكبّرين واجتثثت اصول الظّالمين. ونحن نقول: الحمد لله ربّ العالمين... ) دعاء الندبة
هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [سورة النصر]