إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة 30ربيع الأول1438، 30 12 2016(يسألونك عن الروح2–مقدمة شرائع الاسلام)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • hmdq8
    عضو نشيط
    • 10-08-2011
    • 454

    جانب من خطبة الجمعة 30ربيع الأول1438، 30 12 2016(يسألونك عن الروح2–مقدمة شرائع الاسلام)

    الخطبة الاولى:

    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
    رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله، ان شاء الله اليوم نكمل قراءة كتاب (يسألونك عن الروح) للإمام أحمد الحسن ع، وتوقفنا عند عنوان (خلق الإنسان وبث النفس في الجسم)...

    (( قراءة في كتاب يسألونك عن الروح من ص257 (خلق الإنسان وبث النفس في الجسم) وتوقفنا عند ص 263 (النفس والروح والعقل) ))
    هذا والحمدلله رب العالمين
    (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6-1]



    ***



    الخطبة الثانية:

    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَمينِكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَخِيَرَتِكَ مَنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، اَفْضَلَ وَاَحْسَنَ، وَاَجْمَلَ وَاَكْمَلَ، وَاَزْكى وَاَنْمى، وَاَطْيَبَ وَاَطْهَرَ، وَاَسْنى وَاَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى اَحَد مِن عِبادِكَ وَاَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَصِفْوَتِكَ وَاَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ، اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَاَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ وَاِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَّنَةِ، وَصَلِّ عَلى اَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَر، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ومحمد بن الحسن ، وأحمد بن محمد والمهديين من ولده ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، وَاُمَنائِكَ في بِلادِكَ صَلَاةً كَثيرَةً دائِمَةً...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنصار الله، في الخطبة السابقة انتهينا من بيان كتاب الصلاة من كتاب شرائع الإسلام للإمام أحمد الحسن ع، وكان المفروض ندخل في بيان كتاب الصيام، لكن طلب المؤمنين أن نعيد كتاب الشرائع من بدايته. فاليوم ان شاء الله نبتدأ بكتاب شرائع الإسلام من أوله...

    [ بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
    هذا الكتاب:
    هو (شرائع الإسلام) في مسائل الحلال والحرام، للعالم الفاضل والولي الناصح لآل محمد أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (رحمه الله) وقد بذل ما بوسعه لمعرفة أحكام شريعة الإسلام من روايات الرسول والأئمة ، ولكنه اخطأ في مقام وتردد في آخر لا عن تقصير بل عن قصور لا سبيل له على دفعه. (1)
    وقد قمت بتصحيحه وبيان أحكام شريعـة الإسلام بما عرفته من الإمام المهدي (ع)، وبحسب ما أمرني الإمام المهدي (ع) أن أُبين ما يقال وحضر أهله وحان وقته وان أحيل ما لم يحن وقته إلى وقته، ومن يخالف هذه الأحكام فهو يخالف الإمام المهدي (ع): (2)
    ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ الأنبياء:112.
    وأعتذر إلى الله ورسوله والإمام المهدي (ع) من التقصير، واسأل الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.
    يا عظيم إغفر لي الذنب العظيم إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم:
    ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ الفتح:1-2. (3)
    المذنب المقصر
    أحمد الحسن
    15 / شعبان / 1426هـ ق ]

    (1) - الجواب المنير ج3 سؤال236
    (3 - ما معنى ترحمك على صاحب كتاب الشرائع، وقلت عنه أنّه قاصر وليس مقصّر مع أن ما ورد عن آبائك الكرام بما معناه التوقف في حالة عدم القطع واليقين والرد إلى أئمة الهدى في حالة عدم معرفة القصد ؟
    4 - ما معنى ترحمك على العلماء الثلاثة الأصوليين الخميني والصدرين مع أنهم قد انحرفوا عن منهج أهل البيت بالأصول وعلم الرجال وغيرها من البدع، ومن أي وجه أصبحوا علماء عاملين إذن ؟
    [ ... ج س 3 س 4: يرحمك الله، لو عامل الله الناس بالعدل لما دخل الجنة أحد. بالنسبة للشيخ (رحمه الله) في الفقه تعامل ضمن قوانين هم أرشدوا شيعتهم للتعامل بها ومن خلالها مع رواياتهم مثل كون الرواية موافقة للمخالفين وصدرت لتقية فقالوا (ع) الرشد في خلافهم، وأيضاً مثل قولهم (ع) بأيهما أخذتم من باب التسليم لنا وسعكم ولم يرد رواياتهم بالهوى وبأمور ما أنزل الله بها من سلطان كالسند أو القواعد العقلية. وقد شذّ الشيخ في القليل نسبة إلى الكثير الذي شذّ فيه غيره والله غفور رحيم ما داموا قد قضوا على ولاية الطاهرين (ع) ولم ينكروا إمامتهم (ع)، فكل من مات على الولاية لخليفة الله في أرضه في زمانه هو من أهل الجنة إن شاء الله ولا يخلد في النار وإن ارتكب الكبائر. ... ]. )

    (2) - [ ... التشريع:
    تفاصيل التشريع ممكن أنْ تتغير في مسيرة الدين الإلهي دائماً، سواء في تعاقب الرسل أو حتى خلال مبعث رسول واحد مثل محمد (صلى الله عليه وآله)، فخلال المسيرة الرسالية للرسول محمد (صلى الله عليه وآله) حصل نسخ لأحكام أقرها هو (صلى الله عليه وآله) أول مبعثه، مثل عدة المرأة المتوفى عنها زوجها كما هو ثابت في القرآن:
    فقد قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة:240].
    وأيضاً قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 234].
    وقد بيّن القرآن مسألة تبدل التشريع بوضوح بآيات؛ منها قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ [الشورى: 13].
    أو حتى يمكن أنْ تكون هناك تشريعات بعض أهدافها تمحيص الناس وإفراز سفيههم عمّن يطلب الحق منهم، ففي حين أنّ قبلة الأحناف في مكة هي الكعبة كانت قبلة الرسول وصلاته إلى بيت المقدس حيث قبلة اليهود، ولما ذهب للمدينة حيث اليهود وقبلتهم بيت المقدس نجد أنّ الله جعل قبلته الكعبة، ولو كانت في مكة قبلته الكعبة لكان الإيمان أهون على الأحناف. فأكيد أنّ اتخاذ محمد (صلى الله عليه وآله) قبلة اليهود كان أمراً ثقيلاً على الأحناف في مكة؛ لأنّ قبلتهم هي الكعبة، وأيضاً اتخاذ محمد (صلى الله عليه وآله) الكعبة كقبلة أمر ثقيل على النصارى واليهود في المدينة؛ حيث إنّ قبلتهم بيت المقدس.
    قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 143].
    قال الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 144].
    قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 145].
    إذن، فالتشريع الإلهي قابل للنسخ والتغير والتبدل، وهناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى النسخ والتغيير؛ منها الظروف المحيطة بالمجتمع الإنساني في هذه الأرض.
    أيضاً: التشريع بعضه مخوّل للرسل، فما يشرعه الرسول ضمن حدود ما خوله الله سبحانه وتعالى يرضاه الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 93]، فواضح من الآيات أنّ هناك أموراً حرّمها نبي الله يعقوب (عليه السلام).
    ولا يحق لأحد غير الله ومن خوّله من رسله أنْ يشرع، فالدين لله وهو سبحانه يتكفل دينه، ولا يحق لأحد التصدي للتشريع في دين الله تبرعاً وتطفلاً، وقد ناقشت هذا الأمر فيما تقدم في مبحث آية إكمال الدين. ] كتاب عقائد الإسلام

    (3) - [ ... فقضية كون الرسل يتحملون بعض خطايا أممهم ليسيروا بالأمة ككل إلى الله موجودة في دين الله ولم تأتِ من فراغ، ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثلاً للإطلاع على تحمل موسى ع عناءً إضافياً لما يقترفه قومه من الخطايا، ورسول الله محمد تحمل خطايا المؤمنين قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾. وتفسيرها في الظاهر: أنه تحمل خطايا أمته وغفرها الله له ، عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: (قلت: لأبي عبد الله ع: قول الله في كتابه ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾ قال: ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له) ... ] الجواب المنير ج3 من السؤال327

    [ ... وإذا لم تكتفِ بحديث المعراج السابق أعرّج بك على سورة الفتح، قال تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾([54]).
    وليس المراد فتح مكّة في هذه الآية، وإن كان فتح مكّة من لوازم هذا الفتح؛ لأنّ الفتح في الملكوت يتبعه فتح في الشهادة، فما بالك إن كان الفتح في عالم اللاهوت! بين الذات الإلهية ومحمد (ص)، وهو إماطة شيء من الحجاب.
    وقصر الآية على فتح مكّة تعسّف، وميل بالآية عن المراد منها؛ حيث استخدم صيغة الماضي ﴿إِنَّا فَتَحْنَا﴾، أي: إنّ الفتح تحقّق في فترة سبقت نزول الآية، أو أثناء نزولها، بينما فتح مكّة تحقّق بعد عامين من نزول الآية.
    ثم إنّ هذا الفتح كان سبباً لمغفرة ذنب الرسول الملازم له (تقدّم، وتأخر)، وهذا الذنب - كما مر - هو تشوّبه (ص) بالظلمة التي لا يخلو منها مخلوق؛ لأنّه هو سبحانه وتعالى فقط نور لا ظلمة فيه.
    فعن هشام بن سالم، قال: دخلت على أبي عبد الله (ع)، فقال: (أتنعت الله؟ فقلت : نعم . قال (ع): هات. فقلت: هو السميع البصير. قال (ع): هذه صفة يشترك فيها المخلوقون. قلت: فكيف تنعته؟ فقال (ع): هو نور لا ظلمة فيه ...) ([55]).
    وبسبب إماطة الحجاب والفتح المبين وفناء الرسول الكريم في الذات الإلهية، أصبح هو وجه الله وكلمته التامّة. وبتعبير آخر: أصبح هو أسم الله في خلقه وأسماؤه الحسنى في خلقه.
    وهذه هي المرتبة الثالثة لأسمائه سبحانه وتعالى، وكذلك حجج الله صلوات الله عليهم، من أئمة وأنبياء وأوصياء ومرسلين -كل بحسب مرتبته وقربه - يمثلون وجه الله وأسماءه الحسنى، منهم المرآة التي انعكست فيها الأسماء الحسنى، وهم الذين تخلّقوا بأخلاق الله سبحانه وتعالى. ... ] شيء تفسير سورة الفاتحة ص30 (تحت عطفا على ما سبق)

    [ سؤال/ 170: ما معنى هذه الفقرة من دعاء الافتتاح الذي ورد عن الإمام المهدي (ع) : (أبدله من بعد خوفه أمناً يعبدك لا يشرك بك شيئاً) ([326]) ؟
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
    أي: أن يُفتح له الفتح المبين فتنتهي الأنا، فلا يبقى إلا الله الواحد القهار.
    فبالنسبة لرسول الله محمد (ص) قد أتضح فَتحُهُ، أما بالنسبة لأمير المؤمنين (ع) ففتحه بفتح الحجاب مع رسول الله محمد (ص) في الآنِ الذي يفتح فيه لرسول الله (ص)، فيكون كذلك أمير المؤمنين علي (ع) أيضاً في آنٍ لا يبقى إلا الله الواحد القهار، ولا يبقى علي (ع)، ويعود في آنٍ آخر إلى الأنا والشخصية.
    ولكن الفرق أنّ الذي فُتح لأمير المؤمنين (ع) هما حجابان ، والحجاب الأول منهما فتح لرسول الله بالحقيقة، والثاني لعلي (ع)، وهكذا إلى الإمام المهدي (ع). وفي نهاية الغيبة الصغرى فتح له فلم يعد خائفاً، ولم يعد له شرك بمعنى وجود الأنا؛ لحصول الفتح له (ع).
    أما في زمن الظهور فالذي يحتاج له الفتح هو المهدي الأول، وهو الخائف المبدل من بعد خوفه أمناً ، والمطلوب له أن: (يعبدك لا يشرك بك شيئاً)، أي أن ترفع عن صفحة وجوده الأنا في آنات أي أن يفتح له. ... ] المتشابهات ج4

    هكذا نكون قد بينا مقدمة كتاب الشرائع بشكل مختصر، وان شاء الله في الخطبة القادمة نشرع في كتاب شرائع الإسلام، نختم بهذا الدعاء...

    ( اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِىِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَاَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْهُ الدّاعِيَ اِلى كِتابِكَ، وَالْقائِمَ بِدينِكَ، اِسْتَخْلِفْهُ في الاْرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ، اَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ اَمْناً يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً، اَللّـهُمَّ اَعِزَّهُ وَاَعْزِزْ بِهِ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، وَاْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً، اَللّـهُمَّ اَظْهِرْ بِهِ دينَكَ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَىْء مِنَ الْحَقِّ، مَخافَةَ اَحَد مِنَ الْخَلْقِ اَللّـهُمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاْسْلامَ وَاَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ اِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ اِلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ، اَللّـهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ، اَللّـهُمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وَكَثِّرْبِهِ قِلَّتَنا، وَاَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، وَاَغْنِ بِهِ عائِلَنا، وَاَقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، وَاجْبُرْبِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وَفُكَّ بِهِ اَسْرَنا، وَاَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، وَاَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، وَاَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ آمالَنا، وَاَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، يا خَيْرَ الْمَسْؤولينَ وَاَوْسَعَ الْمُعْطينَ، اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَاَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، وَاهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِاِذْنِكَ، اِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ اِلى صِراط مُسْتَقيم، وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا اِلـهَ الْحَقِّ آمينَ، اَللّـهُمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا، وَشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاَعِنّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، وَنَصْر تُعِزُّهُ وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَة مِنْكَ تَجَلِّلُناها وَعافِيَة مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .)

    هذا والحمدلله رب العالمين، وأستغفر الله لي ولكم
    (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [سورة النصر 1 – 3]
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎