إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة 30 رمضان 1436 ، 17 7 2015 (السجود – صلاة العيدين)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • hmdq8
    عضو نشيط
    • 10-08-2011
    • 455

    جانب من خطبة الجمعة 30 رمضان 1436 ، 17 7 2015 (السجود – صلاة العيدين)

    الخطبة الاولى:
    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، الحمدلله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
    رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله

    نبتدأ خطبتنا بهذه الأسئلة ان شاء الله... [ هل يصح السجود لغير الله، وإذا كان لا يصح فما معنى سجودنا للكعبة وهي حجارة، وما معنى سجود الملائكة لآدم وهو إنسان مخلوق، وما معنى سجود إخوة يوسف ويعقوب وهو نبي، وأم يوسف ليوسف (ع) ؟! ]... كل هذه الاسئلة وأكثر سيجيب عليها الامام ع في كلامه الذي سأنقله لكم ان شاء الله

    اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق1 [ إضاءة من رؤيا يوسف (ع)
    ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾.
    الأحد عشر كوكباً إخوة يوسف (ع)، والشمس والقمر يعقوب وأم يوسف راحيل. رآهم يوسف في الرؤيا ساجدين له، فما هو هذا السجود، وكيف وقع، وهل يصح السجود لغير الله، وإذا كان لا يصح فما معنى سجودنا للكعبة وهي حجارة، وما معنى سجود الملائكة لآدم وهو إنسان مخلوق، وما معنى سجود إخوة يوسف ويعقوب وهو نبي، وأم يوسف ليوسف (ع) ؟!
    المرتكز في الأذهان عن السجود هو وضع الجبهة على الأرض، أو الانحناء ووضعها على شيء منخفض عنها، والمراد منه هو بيان الخضوع والتذلل والطاعة للمسجود له، وربما كان السجود بالإيماء له بالرأس أو حتى برموش العين، كما هو حال العاجز عنه بالصلاة.
    والحقيقة، أن الإنسان الخاضع الذليل لله والمطيع لأمر الله ساجد في كل أحواله، نائماً وقائماً وقاعداً وماشياً. والإنسان الذي لا يخضع لله ولا يتذلل لله ولا يطيع أمر الله، ليس بساجد وإن وضع جبهته على الأرض. فالسجود الحقيقي - إذن - هو الطاعة وامتثال الأمر الإلهي، وربما تم دون وضع الجبهة على الأرض، وربما لا يتم بوضع الجبهة على الأرض.
    فإبليس لم يرفض السجود لله، (بل له سجدة ستة آلاف عام) ، ولكنه رفض أن تكون قبلته في السجود لله آدم (ع)، فهو في حقيقة أمره متكبر على الله وليس بخاضع ولا متذلل ولا مطيع لأمر الله. وهو من الساجدين لله الذين حق عليهم العذاب؛ لأنه لم يتخذ القبلة التي أمره الله أن يتخذها، ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾.
    فهؤلاء الذين حق عليهم العذاب يوصفون بأنهم يسجدون لله، ولكنه ليس سجوداً حقيقياً، لأنهم لم يطيعوا الله في السجود له سبحانه من حيث يريد وإلى القبلة التي أمرهم بها.
    وباختصار، فإن المطيع لأمر أحد طاعة مطلقة فهو عبد ساجد لهذا المطاع، ولذا قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، أي عبدوا علماءهم غير العاملين؛ لأنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم.
    وعن أبي بصير، قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله (عز وجل): ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ﴾، فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون).
    وعن أبي عبد الله (ع): (من أطاع رجلاً في معصية فقد عبده).
    فمن يعصِ الله فهو ليس عابداً ولا ساجداً لله بقدر تلك المعصية، فإذا كانت المعصية متعلقة بالقبلة التي يتوجه إليها حال سجوده وطاعته (أي أنه اتخذ قبلة غير القبلة التي أمره الله بها)، فإنه في كل عمله عاصٍ وليس عابداً ولا ساجداً لله، (ولا تزيده سرعة السير إلا بعداً) ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾.
    فهكذا إنسان تولى الشر والشيطان والظلمة، ليس على جادة الطريق التي توصل إلى الهدف، بل مستدبراً القبلة التي توصله إلى الله فتكون سرعة سيره (سجوده وعبادته وطاعته المدعاة) سبباً في إيصاله إلى هاوية الجحيم لأن كل أعماله (سجوده، عبادته، طاعته) يستقبل بها قبلة لم يأمره الله بها، بل نهاه الله عن استقبالها فيكون سجوده، عبادته طاعته، كلها مبنية على المعصية والذنب فتكون معاصياً وذنوباً.
    فلا صام ولا صلى، بل أذنب وعصى ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾، أي إن الأَولى هو التصديق بولي الله وحجته وخليفته سبحانه (الرسول سواء كان نبياً أو وصياً)، والصلاة معه، وهي الولاية لولي الله؛ لأنها ولاية الله والسجود لولي الله، أي طاعته؛ لأنه سجود لله وطاعة لله، ودون الخضوع لولي الله لا تنفع الأعمال الظاهرية.
    عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)، قَالَ: (نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ (ع): هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ وَيَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾، ولم ينفع كفار قريش (الأحناف المنحرفين) حجهم بيت الله، ومع أنهم كانوا يلبون، فإن تلبيتهم عند الله لم تعدُ التصفيق والتصفير، لأنها هكذا كانت تسمعها الملائكة وهكذا ترفع ﴿وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾.
    وكذلك من يصلي ولم يتخذ القبلة التي أمره الله بها، فلا تعدو صلاته التصفيق والتصفير، وحجه كذلك عند الله.
    فإذا علمنا أن الله لم ينظر إلى الأجسام منذ خلقها ، فلا يكون سجود الأجسام إلا مرشداً ودليلاً يدل على الحقيقة ويشير إليها، وهذه الحقيقة هي الطاعة وامتثال الأمر الصادر من الله سبحانه وتعالى، فإذا كان لسجود الأجسام قبلة وهي الكعبة، فلا بد أن يكون لسجود الأرواح قبلة، وقبلة الأرواح هو ولي الله (حجة الله على خلقه) فبطاعته يطاع الله وبمعصيته يعصى الله، ولذلك كان الأمر للملائكة (الأرواح) هو السجود لآدم (الإنسان الكامل).
    والإسلام والسجود واحد، فالإسلام هو التسليم، والتسليم هو الطاعة المطلقة، فالمسلم هو المسَّلِم لله سبحانه وتعالى، وهذا التسليم (السجود) لابد له من قبلة فقبلته هو ولي الله (حجته على خلقه)، فليس بمسلم حقيقي من أعرض عن قبلة التسليم التي فرضها الله وهي (حجة الله) المتمثلة بخليفة الله في أرضه.
    روى الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله بإسناده إلى الفضل بن شاذان عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (ع): (أنتم الصلاة في كتاب الله (عز وجل) وأنتم الزكاة وأنتم الحج ؟ فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله (عز وجل)، ونحن الزكاة ونحن الصيام ونحن الحج، ونحن الشهر الحرام ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله ونحن وجه الله، قال الله تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾، ونحن الآيات ونحن البينات، وعدونا في كتاب الله (عز وجل): الفحشاء والمنكر والبغي والخمر والميسر والأنصاب والأزلام والأصنام والأوثان والجبت والطاغوت والميتة والدم ولحم الخنـزير، يا داود إن الله خلقنا فأكرم خلقنا وفضلنا وجعلنا أمناءه وحفظته وخزانه على ما في السماوات وما في الأرض، وجعل لنا أضداداً وأعداءً، فسمانا في كتابه وكنى عن أسمائنا بأحسن الأسماء وأحبها إليه، وسمى أضدادنا وأعداءنا في كتابه وكنى عن أسمائهم وضرب لهم الأمثال في كتابه في أبغض الأسماء إليه وإلى عباده المتقين).
    قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾، وليس لله وجه كالوجوه، ومن اعتقد هذا فهو مجسم كافر ككفر كفار قريش بل أشد كفراً.
    فالوجه هو ما يواجه به، ووجه الحقيقة والكنه سبحانه وتعالى (هو) الذي واجه به محمداً (ص) هو الذات المقدسة (الله) سبحانه وتعالى، أما وجه الذات المقدسة أو (الله) الذي واجه به خلقه فهم حجج الله (ع)، فهم وجه الله وهم الأسماء الحسنى التي واجه بهم الله الخلق فبمعرفتهم يعرف الله سبحانه وتعالى.
    وكمثال فأنت تعرف الناس بوجوههم فتقول هذا فلان وهذا فلان إذا نظرت في وجوههم. وكذا الله سبحانه وتعالى، فأنت إذا نظرت إلى وجهه سبحانه وتعالى، (أي الأنبياء والأوصياء والمرسلين)، تعرفه سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾.
    واليد التي وضعت فوق أيدي المبايعين هي يد محمد (ص)، ومع ذلك قال تعالى عنها: (يَدُ اللَّهِ)؛ لأن محمداً (ص) هو الله في الخلق.
    فأينما تتجهون فإن قبلتكم إلى الله هي وجه الله (ولي الله وحجته على خلقه)؛ لأن روحه لا تقيد بقيد الأجسام فهي موجودة ومحيطة بكم من كل الجهات، شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، بل لو تفقهون هذه الكلمات لعرفتم الحقيقة، فآل محمد (ص) هم الطعام الذي تأكلون والماء الذي تشربون والهواء الذي تتنفسون، قال عيسى (ع): (أنا خبز الحياة)، وآل محمد هم موسى وهامان وهم إبراهيم ونمرود وهم نار إبراهيم وهم بردها وسلامها. فقلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن ، وآل محمد هم الرحمن في الخلق وهم صنائع الله والخلق صنائع لهم، وخلقهم الله، ومنهم (ع) خلق الخلق ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.
    إذن، فهو أحسن الخالقين وغيره خالقون، ولكنه خالق مطلق، لا يحتاج إلى غيره وهم يحتاجون إليه سبحانه، فعيسى (ع) يخلق ولكنه فقير إلى الله ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
    وكذلك محمد وآل محمد (ع)، فإصبعي الرحمن هما الشيطان والملَك، وقلب الإنسان بينهما، فالشيطان يوسوس ويضل، والملَك يرشد ويهدي، والشياطين والملائكة موجودون ومتقومون بآل محمد، وآل محمد موجودون ومتقومون بمحمد (ص)، ومحمد (ص) موجود ومتقوم بالله، وأيضاً الكل موجودون ومتقومون بالله. فأينما تولوا وجوهكم فثَمَ آل محمد (ع) لأنهم وجه الله ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾.
    إذا تبين هذا نعود إلى سجود يعقوب وأم وإخوة يوسف إلى يوسف (ع).
    فيوسف (ع) يرى في المنام: ﴿أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ وتحققت الرؤيا في هذا العالم الجسماني هكذا: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
    فيوسف (ع) بعد أن رفع أبويه على العرش سجدوا له وتحققت الرؤيا، أي إن يوسف (ع) بعد أن بيَّن مقام والديه وكونهما أصحاب الحق بالملك الإلهي والعرش الرباني، خروا له سجداً، إعظاماً لمقامه واعترافاً بأنّ يوسف (ع) هو خليفة الله وحجته على عباده، فالسجود ليوسف (ع) كونه قبلة إلى الله، فبه يعرف الله، والسجود ليوسف (ع) أي طاعة يوسف والإئتمار بأمره هو طاعة الله، قال الصادق (ع): (كَانَ سُجُودُهُمْ ذَلِكَ عِبَادَةً لِلَّهِ).
    ويجدر الالتفات إلى أن يعقوب (ع) نبي ولم يسجد ولم ينصاع لطاعة يوسف (ع) إلا بأمر الله، كما أن الملائكة سجدوا لآدم وانصاعوا لطاعته بأمر الله، وكما انصاع أبو طالب (ع) لطاعة ابن أخيه وربيبه محمد (ص) لما بعث، مع إن أبا طالب (ع) وصي من أوصياء إبراهيم (ع)، وكان الحجة من الله على محمد (ص) قبل أن يبعث، وكما سجد يحيى (ع) وهو في بطن أمه إلى عيسى (ع) وهو في بطن أمه، وليس في هذا شرك كما يتوهم من يجهل الحقيقة، لأننا نسجد إلى الكعبة وهي حجر، لأن الله أمرنا بذلك، فماذا تريدون أن يفعل الملائكة إذ أمرهم الله أن يسجدوا لآدم ويجعلوه قبلتهم إلى الله، وآدم نبي وهو الطريق لمعرفة الله، وكذا ماذا تريدون من يعقوب (ع) أن يفعل إذ أمره الله أن يسجد ليوسف (ع) ويجعله قبلته إلى الله، هل تريدون من يعقوب (ع) وهو نبي أن يعصي أمر الله ويخضع لثلة من الأعراب العجاف (الوهابيين وأشباههم)؟! الذين لم يفقهوا آية من كتاب الله، وهم يصرخون: هذا شرك هذا شرك. فأين أنتم من تسليم أصحاب رسول الله لما بدَّل الله القبلة، فبمجرد أن أدار رسول الله وجهه داروا وجوههم معه. ]

    يعني يعجز اللسان عن وصف كلماته صلوات الله وسلامه عليه
    هو أمير المؤمنين ع عندما ذكر اليماني وأراد ذكر علمه قام من جلوسه وهو يقول باقرا باقرا باقرا ؟!
    فماذا عسانا أن نقول أو نفعل ؟! أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للشرب من نهره سلام الله عليه

    هذا والحمدلله رب العالمين
    بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر (1) فصل لربك وانحر (2) إن شانئك هو الابتر(3)

    ***

    الخطبة الثانية:
    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله

    شرائع الاسلام [ الفصل الثاني: في صلاة العيدين
    والنظر: فيها، وفي سننها.
    وهي واجبة مع وجود الإمام (ع) بالشروط المعتبرة في الجمعة (1). وتجب جماعة، ولا يجوز التخلف إلا مع العذر، فيجوز حينئذ أن يصلي منفرداً ندباً. ولو اختلت الشرائط سقط الوجوب، واستحب الإتيان بها جماعة وفرادى. ووقتها: ما بين طلوع الشمس إلى الزوال، ولو فاتت لم تقض. وكيفيتها: أن يكبر للإحرام بالسبع، ثم يقرأ "الحمد" وسورة، والأفضل أن يقرأ " الأعلى " ، ثم يكبر بعد القراءة ويقنت بالمرسوم حتى يتم خمساً ، ثم يكبر ويركع، فإذا سجد السجدتين: قام فيقرأ "الحمد" و سورة، والأفضل أن يقرأ "الغاشية"، ثم يكبر أربعاً ويقنت بينها أربعاً، ثم يكبر خامسة للركوع ويركع، فيكون الزائد عن المعتاد تسعاً: خمس في الأولى، وأربع في الثانية غير تكبيرة الإحرام والتكبيرات الست، وتكبيرتي الركوعين، وتكبيرات السجود.
    وسنن هذه الصلاة: الإصحار بها إلا بمكة، والسجود على الأرض، وأن يقول المؤذنون: الصلاة ثلاثاً، فإنه لا أذان لغير الخمس. وأن يخرج الإمام حافياً، ماشياً على سكينة ووقار، ذاكراً لله سبحانه. وأن يطعم قبل خروجه في الفطر، وبعد عوده في الأضحى مما يضحي به. وأن يكبر في الفطر عقيب أربع صلوات أولها المغرب ليلة الفطر، وآخرها صلاة العيد. وفي الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة، أولها الظهر يوم النحر لمن كان بمنى ، وفي الأمصار عقيب عشر يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا، ويزيد في الأضحى: ورزقنا من بهيمة الأنعام، ويكره الخروج بالسلاح. وأن ينفل قبل الصلاة أو بعدها إلا بمسجد النبي بالمدينة، فإنه يصلي ركعتين قبل خروجه.
    مسائل خمس:
    الأولى: التكبير الزائد في صلاة العيد واجب و القنوت واجب، ولكن لا يتعين فيه لفظ بل يدعو بما يشاء والأفضل: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أن علياً والأئمة من ولده حجج الله، وأشهد أن المهدي والمهديين من ولده حجج الله، اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً، ولمحمد ذخراً وشرفاً وكرامة ومزيداً أن تصلي على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت على عبد من عبادك، وصل على ملائكتك ورسلك، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المرسلون).
    الثانية: إذا اتفق عيد وجمعة، فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة، وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته.
    الثالثة: الخطبتان في العيدين بعد الصلاة وتقديمهما بدعة، ويجب استماعهما.
    الرابعة: لا ينقل المنبر عن الجامع، بل يعمل شبه المنبر من طين استحباباً.
    الخامسة: إذا طلعت الشمس حرم السفر حتى يصلي صلاة العيد إن كان ممن تجب عليه، ويجوز خروجه بعد الفجر و قبل طلوعها وهو مكروه. ]

    ----------------------------------------------------------

    (1) الشروط: [ السلطان العادل (الإمام المعصوم (ع)) أو من نصبه - العدد، وهو خمسة الإمام أحدهم - الخطبتان - الجماعة، فلا تصح فرادى - أن لا يكون هناك جمعة أخرى وبينهما دون (5.5كم) فإن اتفقتا بطلتا، وإن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخرة ]

    نختم بهذا الدعاء ان شاء الله
    [ إلهي إن عظيم ذنبي كف يدي عن انبساطها إليك، وكثرة ودوام تقصيري سوّدا وجهي عندك، فاغفر ذنبي وبيض وجهي فإنه لا سبيل لذلك إلا فضلك ومنك، وعطاؤك الابتداء، وأنت تعلم أني لا أريد بذلك إلا أن أكون أهلاً أن أقف بين يديك وأحـمدك وحدك لا شريك لك على كل نعمة أنعمت وتنعم بها عليَّ وعلى والديَّ وعلى كل أحد من خلقك.
    إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة وكل طرفة عين سرمد الأبد بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين، لكنت مقصراً في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك عليَّ، ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنيابي، وحرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والأرضين دماً وصديداً، لكان ذلك قليلاً في كثير ما يجب من حقك عليَّ، ولو أنك إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملئت جهنم وأطباقها مني حتى لا يكون في النار معذب غيري، ولا يكون لجهنم حطب سواي، لكان ذلك بعدلك عليَّ قليلاً في كثير ما استوجبته من عقوبتك.
    إلهي فمع عظيم ما استحق من عقوبتك بعدلك، تفضلت عليَّ وجعلتني انطق بحمدك وأذكر أسماءك وأسماء سادتي من الأوصياء أنبياءك ورسلك الذين أتشرف أن أكون حفنة تراب تحت أقدامهم المباركة، إلهي فاغفر لي وأقل عثرتي واجعلهم يغفرون لي ويقيلون عثرتي. ]

    والحمدلله رب العالمين واستغفر الله لي ولكم
    (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6-1]
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎