بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
نحن طالما ذكرنا في عدة خطب ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق عبث وحاشاه بل خلقهم لاجل معرفته وبالتاي عبادته وقد فرض الله سبحانه وتعالى على كل عضو من اعضاء الانسان وكل حاسة وكل جارحة من جوارحه فرائض فمن وفق لاداء ما فرض الله على حواسه وجوارحه فاز برضى الله ومن قصر بسبب جهله او بسبب غفلته او لاي سبب ما فحضه ضيع وربه اغضب ومن تلك الحقوق التي فرضها الله على الانسان هو حق اللسان
كما قال الامام زين العابدين ع حق اللسان إكرامه عن الخنى (الفحش في الكلام (وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة فيها، والبر بالناس وحسن القول فيهم.
و فرض الله على اللسان القول و التعبير عن القلب بما عقد عليه و أقر به، قال الله تبارك و تعالى(وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) البقرة 2: 83.
وقال( وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) العنكبوت 29: 46.
فهذا ما فرض الله على اللسان، و هو عمله.
اما قوله ع وحق اللسان إكرامه عن الخنى (الفحش في الكلام)
الكلام ينقسم الى أربعة أقسام:
1- قسم هو ضررٌ محض. 2- وقسم هو نفع محض.
3- وقسم هو ضررٌ ومنفعة. 4-وقسم ليس فيه ضررٌ ولا منفعة.
أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر.
وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فُضُول والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران
فلا يبقى إلا القسم الرابع فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي رُبع وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزجُ بما فيه إثم من دقيق الرياء والتصنُّع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام فيكون الإنسان به مخاطرًا.
ومن عرف دقائق آفات اللسان علم قطعًا أن ما ذكره الله في كتابه الكريم حيث قال (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ) الانفطار:10 11 (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق:17 18. هو تحذير لمن اطلق لسانه ولم يحسب لكلامه حساب لان آفات اللسان كثيرة ومتنوعة . منها القول على الله بغير علم ومنها الغيبة ومنها الكلام بالباطل او السكوت عن الحق ومنها شهادة الزور ومنها القذف ومنها السب والشتم والسخرية بالمؤمنين
اما الغيبة:
وهو ذكر العيب بظهر الغيب ذكرك أخاك بما يكره سواء أكان فيه ما تقول أم لم يكن هكذا بينها الله عز وجل في محكم كتابه الكريم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ )سورة الحجرات آية 12
وبهذا جاءت الروايات عن اهل البيت ع
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم (اصول الكافي ج2 ص 357
والغيبة ذات أسماء ثلاثة كلها في كتاب الله عز وجل ـ الغيبة والإفك والبهتان .
فإذا كان في أخيك ما تقول فهي الغيبة
وإذا قلت فيه ما بلغك عنه فهو الإفك
وإذا قلت فيه ما ليس فيه فهو البهتان
عن عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه وأما الامر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه ( اصول الكافي ج2 ص 358
فالغيبة تشمل كل ما يفهم منه مقصود الذم سواء أكان بكلام أم بغمزة أم إشارة أم كتابة وان القلم لاحد اللسانين . والغيبة تكون في انتقاص الرجل في دينه وخلقه وخُلقه وفي حسبه ونسبه وقد لعن اهل البيت ع من اغتاب مؤمنا
قال عبدالمؤمن الاَنصاري: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، وعنده محمد بن عبدالله بن محمد الجعفي فتبسمت إليه، فقال: أتحبّه؟ قلت: نعم، وما أحببته إلاّ فيكم، فقال: هو أخوك، المؤمن أخوالمؤمن لاُمّه وأبيه، فملعون من غشّ أخاه، وملعون من لم ينصح أخاه، وملعون من حجب أخاه، وملعون من اغتاب أخاه (رواه الديلمي في اعلام الدين ص 97 وابن فهد في عدّة الداعي ص 174 والبحار ج 74 ص 232.
اما الكلام بالباطل او السكوت عن الحق:
لان اللسان فيه افتان عظيمتان افة الكلام وافة السكوت وقد يكون كل منهما اعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله واكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين ..
وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعة في الآخرة "
عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان أبو ذر - رحمه الله - يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (. اصول الكافي ج2 ص 115
اما شهادة الزور:
قال سبحانه مثنياً على صنف من عباده (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * )سورة الفرقان:72-74
وقال سبحانه وتعالى ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ( 283 )البقرة دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما سلم وجلس تلا هذه الآية: ( الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ثم أمسك فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما أسكتك؟ قال: احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال.......وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) اصول الكافي ج2 ص 286
اما القذف:
قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُ) النور 4
محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول:الكبائر سبع:قتل المؤمن متعمدا وقذف المحصنة والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة وكل ما أوجب الله عليه النار) اصول الكافي ج2.ص 277
وهذه آفة لا يكاد يسلم منها اليوم إلا موفق من كثرة من يقع فيها .. إن قذف المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم أو دينهم أو اتهامهم بما هم منه براء .. كل ذلك باب من الذنب عظيم .. وهو من الكبائر فترى وتسمع رمي هذا وذاك بانه خارجي مشرك كذاب ساحر مجنون وغيرها
اما السب والشتم والسخرية بالمؤمنين :
قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ...) الحجرات 11
عن الســـكوني، عن أبي عـــبد الله عـــليه السلام قال: قال رســـول الله صلى الله عليه وآله:سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة) الوسائل ج/8 ص611.
ومن افات اللسان ما نلاحظه في بعض المجالس والاجتماعات من بذاءة في الألفاظ وفحش فى الكلام، ومن سب ولعن وشتم بأساليب عديدة تجري على الألسنة بسهولة ويسر ودون تفكير في العاقبة ولا تطيب المجالس عند البعض ولا يحلو الحديث إلا بهذه الأساليب الرخيصة التي تناقض الحياء الذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن فان كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب
عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قال لقمان لابنه:يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب. اصول الكافي ج2 ص 115
تفسير علي بن إبراهيم عن حماد قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان و حكمته التي ذكرها الله عز و جل فقال أما و الله لقد أوتي لقمان الحكمة لا بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله متورعا في الله عميق النظر طويل الفكر لم ينم نهارا قط و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدة تستره و لم يضحك من شيء قط و لم ينازع إنسانا قط و لم يفرح بشيء أتاه من أمر الدنيا و لا حزن منها على شيء قط و قد نكح من النساء و ولد له الأولاد الكثيرة و قد مات أكثرهم أفراطا فما بكى لأحد منهم و لم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما و لم يسمع قولا من أحد إلا استحسنه إلا سأل عن تفسيره و عمن أخذه و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء و كان يغشي القضاة و الملوك و السلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم بالله و طمأنينتهم بذلك و يتعلم ما يغلب به نفسه و يجاهد به هواه و كان يداوي قلبه بالتفكر و يداوي نفسه بالعبر و كان لا يتكلم إلا فيما يعنيه فبذلك أوتي الحكمة) .قصص الانبياء ص 326
عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد جميعا، عن الوشاء قال:سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين. اصول الكافي ج2 ص116
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير. اصول الكافي ج2 ص 114
عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل أتاه:ألا أدلك على أمر يد خلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله قال: فان كنت أحوج ممن انيله؟ قال: فانصر المظلوم قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال: فاصنع للاخرق يعني أشر عليه قال: فان كنت اخرق ممن أصنع له؟ قال: فاصمت لسانك إلا من خير أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة؟. اصول الكافي ج2 ص 114
علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك: ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى يخزن من لسانه. اصول الكافي ج2 ص 115
عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن ابي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم " قال: يعني كفوا ألسنتكم. اصول الكافي ج2 ص 115
اما ترك الفضول التي لا فائدة فيها
قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (المؤمنون:1-3.
وقال الرسول محمد ص لأبي ذر: (..... يا أبا ذرإن الله عز وجل عند لسان كل قائل فليتق الله أمرء وليعلم ما يقول يا أبا ذر اترك فضول الكلام وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك. يا أبا ذر كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما يسمع. يا أبا ذر ما من شيء أحق بطول السجن، من اللسان ...) بحار الأنوار: ج47 ص85.
عن الغفاري، عن جعفر ابن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):من رأى موضع كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. اصول الكافي ج2 ص116
قال امير المؤمنين ع في نصائح ه لبعض الناس ........ثُمَّ إيَّاكُمْ وَتَهْزِيعَ الاْخْلاَقِ وَتَصْرِيفَهَا وَاجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً وَلْيَخْتَزِنَ الرَّجُلُ لِسَانَهُ فَإنَّ هذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ وَاللهِ مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تَقْوَى تَنْفَعُهُ حَتَّى يَخْتَزِنَ لِسَانَهُ وَإنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ وَإنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ:
لاِنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَكَلاَم تَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ فَإنْ كَانَ خَيْراً أَبْدَاهُ وَإنْ كَانَ شَرّاً وَارَاهُ وَإنَّ الْمُنَافِقَ يَتَكَلَّمُ بِمَا أَتَى عَلَى لِسَانِهِ لاَ يَدْرِي مَاذَا لَهُ وَمَاذَا عَلَيْهِ وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) لاَ يَسْتَقِيمُ إيمَانُ عَبْد حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى اللهَ سُبْحانَهُ وَهُوَ نَقِيُّ الرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، سَلِيمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْيَفْعَلْ. نهج البلاغة ص 391 جمع الشريف الرضي
حميد بن زياد عن الخشاب عن ابن بقاح عن معاذ بن ثابت عن عمرو ابن جميع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:كان المسيح (عليه السلام) يقول:لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فان الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون (.اصول الكافي ج2 ص 115
اما البر بالناس وحسن القول فيهم:
(وقُلْ لعبادي يقولوا الَّتي هيَ أحسنُ إنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بينَهُم إنَّ الشَّيطانَ كان للإنسانِ عدوّاً مُبيناً (الإسراء:53.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (الأحزاب:70-71.
فاللسان هو نعمة من نعم الله وهو ترجمان القلوب والافكار فمن استعمله للحكمة والقول النافع وقضاء الحوائج فقد اقر بالنعمة ووضع الشئ في موضعه
عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام).الى ان قال ..........وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى وقولوا للناس حسنا وقال: قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله) اصول الكافي ج2 ص 34
ومن اطلق لسانه واهمله سلك به الشيطان كل طريق كما في وصية الامام علي لمحمد بن الحنفية قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية:و اعلم أن اللسان كلب عقور إن خليته عقر ورب كلمة سلبت نعمة فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك .البحار ج 16 ص 191.
يونس، عن مثنى عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان أبو ذر - رحمه الله - يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (. اصول الكافي ج2 ص 115
عنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي علي الجواني، قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول لمولى له يقال له سالم - ووضع يده على شفتيه وقال: - يا سالم احفظ لسانك تسلم ولا تحمل الناس على رقابنا. اصول الكافي ج2 ص 114
ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ...
علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن قيس أبي إسماعيل - وذكر أنه لا بأس به من أصحابنا - رفعه قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أوصني فقال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني قال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانك ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم (.اصول الكافي ج2 ص 115
بل أن جوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة والاعوجاج عن أبي جميلة عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من يوم إلا وكل عضو من أعضاء الجسد يكفر اللسان يقول: نشدتك الله أن نعذب فيك. اصول الكافي ج2 ص 115
عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما: نثاب ونعاقب بك. اصول الكافي ج2 ص 115
واشد ما يعذب هو اللسان
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح فيقول: أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الارض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام وعزتي وجلالي لاعذبنك بعذاب لا اعذب به شيئا من جوارحك). اصول الكافي ج2 ص 115
ومن هنا جاء التأكيد العظيم على حفظ اللسان ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ.)
ولعظم هذا الامر تواترة الاحاديث عن اهل البيت ع بحفظ اللسان عن عثمان بن عيسى قال: حضرت أبا الحسن (صلوات الله عليه) وقال له رجل: أوصني فقال له: احفظ لسانك تعز ولا تمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك (اصول الكافي ج2 ص 114
علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) نجاة المؤمن في حفظ لسانه. اصول الكافي ج2 ص 115
أبو علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال، عمن رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه (.اصول الكافي ج2 ص 115
وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان في شئ شؤم ففي اللسان (اصول الكافي ج2 ص116
أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن منصور بن يونس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في حكمة آل داود: على العاقل أن يكون عارفا بزمانه مقبلا على شأنه، حافظا للسان اصول الكافي ج2 ص116
- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا. اصول الكافي ج2 ص116
ولان اللسان هو سلاح ذو حدين فهو عند اللبيب الة من الات الخير وعند الوقح السفية الة من الات الشر نسال الله ان يوفقنا واياكم لحفظ السنتنا وان يجعل السنتنا ناطقة بذكره سبحانه وذكر اوليائه والدفاع عنهم انه حميد مجيد .
والحمد لله وحده الشيخ نعيم الشمري
الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
نحن طالما ذكرنا في عدة خطب ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق عبث وحاشاه بل خلقهم لاجل معرفته وبالتاي عبادته وقد فرض الله سبحانه وتعالى على كل عضو من اعضاء الانسان وكل حاسة وكل جارحة من جوارحه فرائض فمن وفق لاداء ما فرض الله على حواسه وجوارحه فاز برضى الله ومن قصر بسبب جهله او بسبب غفلته او لاي سبب ما فحضه ضيع وربه اغضب ومن تلك الحقوق التي فرضها الله على الانسان هو حق اللسان
كما قال الامام زين العابدين ع حق اللسان إكرامه عن الخنى (الفحش في الكلام (وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة فيها، والبر بالناس وحسن القول فيهم.
و فرض الله على اللسان القول و التعبير عن القلب بما عقد عليه و أقر به، قال الله تبارك و تعالى(وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) البقرة 2: 83.
وقال( وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) العنكبوت 29: 46.
فهذا ما فرض الله على اللسان، و هو عمله.
اما قوله ع وحق اللسان إكرامه عن الخنى (الفحش في الكلام)
الكلام ينقسم الى أربعة أقسام:
1- قسم هو ضررٌ محض. 2- وقسم هو نفع محض.
3- وقسم هو ضررٌ ومنفعة. 4-وقسم ليس فيه ضررٌ ولا منفعة.
أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر.
وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فُضُول والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران
فلا يبقى إلا القسم الرابع فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي رُبع وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزجُ بما فيه إثم من دقيق الرياء والتصنُّع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام فيكون الإنسان به مخاطرًا.
ومن عرف دقائق آفات اللسان علم قطعًا أن ما ذكره الله في كتابه الكريم حيث قال (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ) الانفطار:10 11 (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق:17 18. هو تحذير لمن اطلق لسانه ولم يحسب لكلامه حساب لان آفات اللسان كثيرة ومتنوعة . منها القول على الله بغير علم ومنها الغيبة ومنها الكلام بالباطل او السكوت عن الحق ومنها شهادة الزور ومنها القذف ومنها السب والشتم والسخرية بالمؤمنين
اما الغيبة:
وهو ذكر العيب بظهر الغيب ذكرك أخاك بما يكره سواء أكان فيه ما تقول أم لم يكن هكذا بينها الله عز وجل في محكم كتابه الكريم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ )سورة الحجرات آية 12
وبهذا جاءت الروايات عن اهل البيت ع
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم (اصول الكافي ج2 ص 357
والغيبة ذات أسماء ثلاثة كلها في كتاب الله عز وجل ـ الغيبة والإفك والبهتان .
فإذا كان في أخيك ما تقول فهي الغيبة
وإذا قلت فيه ما بلغك عنه فهو الإفك
وإذا قلت فيه ما ليس فيه فهو البهتان
عن عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه وأما الامر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه ( اصول الكافي ج2 ص 358
فالغيبة تشمل كل ما يفهم منه مقصود الذم سواء أكان بكلام أم بغمزة أم إشارة أم كتابة وان القلم لاحد اللسانين . والغيبة تكون في انتقاص الرجل في دينه وخلقه وخُلقه وفي حسبه ونسبه وقد لعن اهل البيت ع من اغتاب مؤمنا
قال عبدالمؤمن الاَنصاري: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، وعنده محمد بن عبدالله بن محمد الجعفي فتبسمت إليه، فقال: أتحبّه؟ قلت: نعم، وما أحببته إلاّ فيكم، فقال: هو أخوك، المؤمن أخوالمؤمن لاُمّه وأبيه، فملعون من غشّ أخاه، وملعون من لم ينصح أخاه، وملعون من حجب أخاه، وملعون من اغتاب أخاه (رواه الديلمي في اعلام الدين ص 97 وابن فهد في عدّة الداعي ص 174 والبحار ج 74 ص 232.
اما الكلام بالباطل او السكوت عن الحق:
لان اللسان فيه افتان عظيمتان افة الكلام وافة السكوت وقد يكون كل منهما اعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله واكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين ..
وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعة في الآخرة "
عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان أبو ذر - رحمه الله - يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (. اصول الكافي ج2 ص 115
اما شهادة الزور:
قال سبحانه مثنياً على صنف من عباده (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * )سورة الفرقان:72-74
وقال سبحانه وتعالى ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ( 283 )البقرة دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما سلم وجلس تلا هذه الآية: ( الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ثم أمسك فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما أسكتك؟ قال: احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال.......وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) اصول الكافي ج2 ص 286
اما القذف:
قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُ) النور 4
محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول:الكبائر سبع:قتل المؤمن متعمدا وقذف المحصنة والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة وكل ما أوجب الله عليه النار) اصول الكافي ج2.ص 277
وهذه آفة لا يكاد يسلم منها اليوم إلا موفق من كثرة من يقع فيها .. إن قذف المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم أو دينهم أو اتهامهم بما هم منه براء .. كل ذلك باب من الذنب عظيم .. وهو من الكبائر فترى وتسمع رمي هذا وذاك بانه خارجي مشرك كذاب ساحر مجنون وغيرها
اما السب والشتم والسخرية بالمؤمنين :
قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ...) الحجرات 11
عن الســـكوني، عن أبي عـــبد الله عـــليه السلام قال: قال رســـول الله صلى الله عليه وآله:سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة) الوسائل ج/8 ص611.
ومن افات اللسان ما نلاحظه في بعض المجالس والاجتماعات من بذاءة في الألفاظ وفحش فى الكلام، ومن سب ولعن وشتم بأساليب عديدة تجري على الألسنة بسهولة ويسر ودون تفكير في العاقبة ولا تطيب المجالس عند البعض ولا يحلو الحديث إلا بهذه الأساليب الرخيصة التي تناقض الحياء الذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن فان كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب
عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قال لقمان لابنه:يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب. اصول الكافي ج2 ص 115
تفسير علي بن إبراهيم عن حماد قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان و حكمته التي ذكرها الله عز و جل فقال أما و الله لقد أوتي لقمان الحكمة لا بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله متورعا في الله عميق النظر طويل الفكر لم ينم نهارا قط و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدة تستره و لم يضحك من شيء قط و لم ينازع إنسانا قط و لم يفرح بشيء أتاه من أمر الدنيا و لا حزن منها على شيء قط و قد نكح من النساء و ولد له الأولاد الكثيرة و قد مات أكثرهم أفراطا فما بكى لأحد منهم و لم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما و لم يسمع قولا من أحد إلا استحسنه إلا سأل عن تفسيره و عمن أخذه و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء و كان يغشي القضاة و الملوك و السلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم بالله و طمأنينتهم بذلك و يتعلم ما يغلب به نفسه و يجاهد به هواه و كان يداوي قلبه بالتفكر و يداوي نفسه بالعبر و كان لا يتكلم إلا فيما يعنيه فبذلك أوتي الحكمة) .قصص الانبياء ص 326
عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد جميعا، عن الوشاء قال:سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين. اصول الكافي ج2 ص116
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير. اصول الكافي ج2 ص 114
عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل أتاه:ألا أدلك على أمر يد خلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله قال: فان كنت أحوج ممن انيله؟ قال: فانصر المظلوم قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال: فاصنع للاخرق يعني أشر عليه قال: فان كنت اخرق ممن أصنع له؟ قال: فاصمت لسانك إلا من خير أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة؟. اصول الكافي ج2 ص 114
علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك: ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى يخزن من لسانه. اصول الكافي ج2 ص 115
عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن ابي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم " قال: يعني كفوا ألسنتكم. اصول الكافي ج2 ص 115
اما ترك الفضول التي لا فائدة فيها
قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (المؤمنون:1-3.
وقال الرسول محمد ص لأبي ذر: (..... يا أبا ذرإن الله عز وجل عند لسان كل قائل فليتق الله أمرء وليعلم ما يقول يا أبا ذر اترك فضول الكلام وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك. يا أبا ذر كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما يسمع. يا أبا ذر ما من شيء أحق بطول السجن، من اللسان ...) بحار الأنوار: ج47 ص85.
عن الغفاري، عن جعفر ابن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):من رأى موضع كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. اصول الكافي ج2 ص116
قال امير المؤمنين ع في نصائح ه لبعض الناس ........ثُمَّ إيَّاكُمْ وَتَهْزِيعَ الاْخْلاَقِ وَتَصْرِيفَهَا وَاجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً وَلْيَخْتَزِنَ الرَّجُلُ لِسَانَهُ فَإنَّ هذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ وَاللهِ مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تَقْوَى تَنْفَعُهُ حَتَّى يَخْتَزِنَ لِسَانَهُ وَإنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ وَإنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ:
لاِنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَكَلاَم تَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ فَإنْ كَانَ خَيْراً أَبْدَاهُ وَإنْ كَانَ شَرّاً وَارَاهُ وَإنَّ الْمُنَافِقَ يَتَكَلَّمُ بِمَا أَتَى عَلَى لِسَانِهِ لاَ يَدْرِي مَاذَا لَهُ وَمَاذَا عَلَيْهِ وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) لاَ يَسْتَقِيمُ إيمَانُ عَبْد حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى اللهَ سُبْحانَهُ وَهُوَ نَقِيُّ الرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، سَلِيمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْيَفْعَلْ. نهج البلاغة ص 391 جمع الشريف الرضي
حميد بن زياد عن الخشاب عن ابن بقاح عن معاذ بن ثابت عن عمرو ابن جميع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:كان المسيح (عليه السلام) يقول:لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فان الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون (.اصول الكافي ج2 ص 115
اما البر بالناس وحسن القول فيهم:
(وقُلْ لعبادي يقولوا الَّتي هيَ أحسنُ إنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بينَهُم إنَّ الشَّيطانَ كان للإنسانِ عدوّاً مُبيناً (الإسراء:53.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (الأحزاب:70-71.
فاللسان هو نعمة من نعم الله وهو ترجمان القلوب والافكار فمن استعمله للحكمة والقول النافع وقضاء الحوائج فقد اقر بالنعمة ووضع الشئ في موضعه
عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام).الى ان قال ..........وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى وقولوا للناس حسنا وقال: قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله) اصول الكافي ج2 ص 34
ومن اطلق لسانه واهمله سلك به الشيطان كل طريق كما في وصية الامام علي لمحمد بن الحنفية قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية:و اعلم أن اللسان كلب عقور إن خليته عقر ورب كلمة سلبت نعمة فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك .البحار ج 16 ص 191.
يونس، عن مثنى عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان أبو ذر - رحمه الله - يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (. اصول الكافي ج2 ص 115
عنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي علي الجواني، قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول لمولى له يقال له سالم - ووضع يده على شفتيه وقال: - يا سالم احفظ لسانك تسلم ولا تحمل الناس على رقابنا. اصول الكافي ج2 ص 114
ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ...
علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن قيس أبي إسماعيل - وذكر أنه لا بأس به من أصحابنا - رفعه قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أوصني فقال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني قال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانك ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم (.اصول الكافي ج2 ص 115
بل أن جوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة والاعوجاج عن أبي جميلة عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من يوم إلا وكل عضو من أعضاء الجسد يكفر اللسان يقول: نشدتك الله أن نعذب فيك. اصول الكافي ج2 ص 115
عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما: نثاب ونعاقب بك. اصول الكافي ج2 ص 115
واشد ما يعذب هو اللسان
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح فيقول: أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الارض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام وعزتي وجلالي لاعذبنك بعذاب لا اعذب به شيئا من جوارحك). اصول الكافي ج2 ص 115
ومن هنا جاء التأكيد العظيم على حفظ اللسان ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ.)
ولعظم هذا الامر تواترة الاحاديث عن اهل البيت ع بحفظ اللسان عن عثمان بن عيسى قال: حضرت أبا الحسن (صلوات الله عليه) وقال له رجل: أوصني فقال له: احفظ لسانك تعز ولا تمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك (اصول الكافي ج2 ص 114
علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) نجاة المؤمن في حفظ لسانه. اصول الكافي ج2 ص 115
أبو علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال، عمن رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه (.اصول الكافي ج2 ص 115
وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان في شئ شؤم ففي اللسان (اصول الكافي ج2 ص116
أبو علي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن منصور بن يونس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في حكمة آل داود: على العاقل أن يكون عارفا بزمانه مقبلا على شأنه، حافظا للسان اصول الكافي ج2 ص116
- محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا. اصول الكافي ج2 ص116
ولان اللسان هو سلاح ذو حدين فهو عند اللبيب الة من الات الخير وعند الوقح السفية الة من الات الشر نسال الله ان يوفقنا واياكم لحفظ السنتنا وان يجعل السنتنا ناطقة بذكره سبحانه وذكر اوليائه والدفاع عنهم انه حميد مجيد .
والحمد لله وحده الشيخ نعيم الشمري