إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة في سيدني بتاريخ 24 جمادي الاول 1434

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • from_au
    عضو نشيط
    • 29-08-2011
    • 131

    جانب من خطبة الجمعة في سيدني بتاريخ 24 جمادي الاول 1434

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد و آل محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما كثيرا
    في الخطبة الأولى تظرقنا إلى قصة أصحاب الكهف و بأختصار كما يرويها لنا أمير المؤمنين (ع), و في الخطبة الثانية تطرقنا إلى ذكرى القيامة عند النصارى و هو صلب عيسى (ع)

    الخطبة الأولى
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله ربّ العالمين و صلّى الله على محمدٍ و آله الطيبين الطاهرين الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيرا.
    الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها.
    اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
    أخوتي المؤمنين أوصيكم و نفسي بتقوى الله سبحانه و تعالى و أستفتح بالذي هو خير.
    قال الله في محكم كتابه الحكيم: ((أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا))
    في هذه الخطبة سنمر على قصة فتية, آمنوا بربهم فزادهم إيمانا, و كيف يرويها لنا أمير المؤمنين (ع) عندما سألوه ثلاثة من أحبار اليهود و عاهدوه أن يدخلوا الإسلام إن أجابهم على أسئلتهم و ما جاء في التوراة, و من ضمن الأسئلة التي سألو عنها أميرالمؤمنين (ع) هي قصة أصحاب الكهف و أخبرهم أميرالمؤمنين عن الحاكم الذي كان قد وصل إلى دفة الحكم في ذلك الزمان و ادعى الربوبية و كان قد اتخذ ستة أغلمة من أولاد العلماء، وزراء: فأقام ثلاثة عن يمينه، و ثلاثة عن يساره و سأل اليهودي: ما كان أسماء الثلاثة الذين عن يمينه، و الثلاثة الذين عن يساره؟ فقال علي (ع): «أما الثلاثة الذين كانوا عن يمينه فكانت أسماؤهم تمليخا، و مكسلينا، و محسمينا، و أما الثلاثة الذين كانوا عن يساره فكانت أسماؤهم: مرطوس، و كينظوس ،و ساربيوس، و كان يستشيرهم في جميع أموره».
    و كان الفتية الستة كل يوم عند أحدهم يأكلون و يشربون، و كانوا في ذلك اليوم عند تمليخا فاتخذ لهم من أطيب الطعام و أعذب الشراب فطعموا و شربوا، ثم قال: يا إخوتاه، قد وقع في نفسي شي‏ء قد منعني الطعام و الشراب و المنام قالوا: و ما ذلك يا تمليخا، فقال تمليخا: لقد أطلت فكري في هذه السماء فقلت: من رفع سقفها محفوظة بلا علاقة من فوقها و لا دعامة من تحتها، و من أجرى فيها شمسا و قمرا نيرين مضيئين»، و من زينها بالنجوم؟ ثم أطلت فكري في هذه الأرض، فقلت: من سطحها على صميم الماء الزاخر، و من حبسها بالجبال أن تميد على كل شي‏ء؟ و أطلت فكري في نفسي، فقلت: من أخرجني جنينا من بطن امي، و من غذاني، و من رباني في بطنها؟ إن لهذا صانعا و مدبرا غير دقيوس الملك، و ما هذا إلا ملك الملوك و جبار السماوات».
    قال: «فانكب الفتية على رجليه فقبلوها، و يقولون: قد هدانا الله من الضلالة بك إلى الهدى فأشر علينا- قال- فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له ثلاثة دراهم، و صرها في كمه، و ركبوا على خيولهم و خرجوا من المدينة، فلما ساروا ثلاثة أميال، قال تمليخا: يا إخوتاه جاء ملك الآخرة و ذهب ملك الدنيا و زال أمرها، انزلوا عن خيولكم و امشوا على أرجلكم لعل الله يجعل لكم من أمركم فرجا و مخرجا فنزلوا عن خيولهم فمشوا سبع فراسخ في ذلك اليوم فجعلت أرجلهم تقطر دما».
    قال: «فاستقبلهم راع، فقالوا، أيها الراعي، هل من شربة لبن؟ هل من شربة ماء؟ فقال الراعي عندي ما تحبون، و لكن أرى وجوهكم وجوه الملوك، و ما أظنكم إلا هرابا من دقيوس الملك؟ قالوا: أيها الراعي، لا يحل لنا الكذب، فينجينا منك الصدق؟ قال: نعم، فأخبروه بقصتهم، فانكب على أقدامهم يقبلها، و قال: يا قوم، لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم، و لكن أمهلوني حتى أرد الأغنام إلى أربابها و ألحق بكم، فوقفوا له فرد الأغنام و أقبل يسعى فتبعه كلبه.»
    فقال اليهودي: يا علي، ما كان لون الكلب، و ما اسمه؟ قال علي (ع): «يا أخا اليهود، أما لون الكلب فكان أبلق بسواد، و أما اسمه فكان قطمير.
    سبحان الله و كذلك سئل الامام احمد الحسن (ع) و هو نظير علي (ع) عن كلب أصحاب الكهف فأجاب (ع): ((كان مع أصحاب الكهف كلب اعتيادي أيضًا، ولكن الأمر المهم لم يكن هذا الكلب، بل من يُسيّر هذا الكلب ويسيطر عليه، وهو من الجن واسمه قطمير وللجنّ هذه القدرة من العروض على الحيوان كالقط والكلب وتسييره وأراد هذا الجن (قطمير) أن يلفت انتباههم من خلال هذا الكلب إلى وجوده، وقدرته على مساعدتهم بعد إيمانه بدعوتهم. وقطمير من الجن الذين لهم قدرة على ملء القلوب رعبًا وزلزلة قلوب الشجعان،قال تعالى﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِلَوِاطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُم رُعْبًا﴾
    والذي كان يملأ قلب من يقترب منهم رعبًا هو هذا الجن قطمير الذي كان يتوّلى حراستهم، وقطمير هو أحد أنصار القائم (ع) )) فلما نظر الفتية إلى الكلب، قال بعضهم لبعض: إنا نخاف أن يفضحنا هذا الكلب بنباحه فألحوا عليه بالحجارة، فلما نظر الكلب إليهم قد ألحوا عليه بالطرد أقعى على ذنبه و تمطى و نطق بلسان ذلق، و هو ينادي: يا قوم، لم تردوني و أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ذروني أحرسكم من عدوكم،- قال- فجعلوا يبتدرونه، فحملوه على أعناقهم- قال- فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علابهم جبلا فانحط بهم على كهف يقال له: الوصيد، فإذا بإزاء الكهف عين، و أشجار مثمرة، فأكلوا من الثمرة و شربوا من الماء، و جهنم الليل فأووا إلى الكهف، فأوحى الله جل جلاله إلى ملك الموت: أن يقبض أرواحهم، و وكل الله عز و جل بكل رجل منهم ملكين يقلبانه ذات اليمين إلى ذات الشمال، و ذات الشمال إلى ذات اليمين، و أوحى الله إلى خازن الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين، و تقرضهم ذات الشمال.
    فلما رجع دقيوس من عيده سأل عن الفتية، فأخبر أنهم ذهبوا هربا، فركب في ثمانين ألف حصان، فلم يزل يقفوا أثرهم حتى علا الجبل، و انحط إلى الكهف، فلما نظر إليهم إذا هم نيام فقال الملك: لو أردت أن أعاقبهم بشي‏ء لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم، و لكن ائتوني بالبنائين، و سد باب الكهف بالكلس و الحجارة، ثم قال لأصحابه: قولوا لهم يقولون لإلههم الذي في السماء لينجيهم مما بهم إن كانوا صادقين، و أن يخرجهم من هذا الموضع)).
    ثم قال علي (ع): ((يا أخا اليهود، فمكثوا ثلاثمائة و تسع سنين، فلما أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح- قال- فنفخ فقاموا من رقدتهم، فلما بزغت الشمس قال بعضهم لبعض: قد غفلنا في هذه الليلة عن عبادة إله السماوات فقاموا فإذا العين قد غارت و الأشجار قد جفت، فقال بعضهم لبعض: إن في أمرنا لعجبا، مثل تلك العين الغزيرة قد غارت في ليلة واحدة، و مثل تلك الأشجار قد جفت في ليلة واحدة!)).
    قال: «و مسهم الجوع فقالوا: ابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة، فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه و ليتلطف و لا يشعرن بكم أحدا: فقال تمليخا: لا يذهب في حوائجكم غيري، و لكن ادفع إلي- أيها الراعي- ثيابك قال: فدفع الراعي إليه ثيابه و مضى إلى المدينة، فجعل يرى مواضع لا يعرفها و طرقا ينكرها، حتى أتى باب المدينة، فإذا عليه علم أخضر مكتوب عليه بالصفرة: لا إله إلا الله، عيسى رسول الله و روحه- قال (ع)- فجعل ينظر إلى العلم و يمسح عينيه و يقول: كأني نائم ثم دخل المدينة حتى أتى السوق فإذا رجل خباز، فقال: أيها الخباز ما اسم مدينتكم هذه؟ قال: أفسوس. قال: و ما اسم ملككم؟ قال: عبد الرحمن، قال: يا هذا حركني كأني نائم فقال الخباز: أ تهزأ بي، تكلمني و أنت نائم؟! فقال تمليخا للخباز: فادفع إلي بهذا الورق طعاما. قال: فتعجب الخباز من نقش الدرهم و من كبره».
    قال: «فقال له الخباز: يا هذا، إنك أصبت كنزا؟ فقال تمليخا: ما هذا إلا ثمن تمرة بعتها منذ ثلاثة أيام و خرجت من هذه المدينة و تركت، الناس يعبدون دقيوس الملك فغضب الخباز و قال: ألا تعطيني بعضها و تنجو، أتذكر رجلا خمارا كان يدعي الربوبية قد مات منذ أكثر من ثلاثمائة سنة؟».
    قال: فثبت تمليخا حتى أدخله الخباز على الملك، فقال: ما شأن هذا الفتى؟ فقال: الخباز: هذا رجل أصاب كنزا. فقال له الملك: لا تخف- يا فتى- فإن نبينا عيسى بن مريم (عليه السلام) أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلا خمسها، فأعطني خمسها و امض سالما. فقال تمليخا: انظر- أيها الملك- في أمري، ما أصبت كنزا، أنا من أهل هذه المدينة.
    قال: فهل لك في هذه المدينة دار؟ قال: نعم، اركب أيها الملك معي- قال-: فركب الناس معه، فأتى بهم إلى أرفع باب دار في المدينة، فقال تمليخا: هذه الدار داري، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر، فقال: ما شأنكم؟ قال: له الملك: أتينا بالعجب، هذا الغلام يزعم أن هذه الدار داره. فقال له الشيخ: من أنت؟ قال: أنا تمليخا بن قسطنطين. قال: فانكب الشيخ على رجليه يقبلها و يقول: هو جدي و رب الكعبة. فقال: أيها الملك، هؤلاء الستة الذين خرجوا هرابا من دقيوس الملك قال: «فنزل الملك عن فرسه، و حمله على عاتقه، و جعل الناس يقبلون يديه و رجليه، فقال: يا تمليخا، ما فعل أصحابك؟ فأخبرهم أنهم في الكهف، فكان يومئذ بالمدينة ملكان: ملك مسم، و مل نصراني، فركبا و أصحابهما، فلما صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا: يا قوم، إني أخاف أن يسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول فيظنون أن دقيوس الملك قد جاء في طلبهم، و لكن أمهلوني حتى أتقدم فأخبرهم- قال- فوقف الناس و أقبل تمليخا حتى دخل الكهف، فلما نظروا إليه أعتقوه و قالوا: الحمد لله الذي نجاك من دقيوس.
    فقال تمليخا: دعوني عنكم و عن دقيوس، كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم. قال تمليخا: بل لبثتم ثلاثمائة و تسع سنين، و قد مات دقيوس و ذهب قرن بعد قرن، بعث الله عز و جل نبيا يقال له: المسيح عيسى بن مريم و رفعه الله عز و جل إليه، و قد أقبل إلينا الملك و الناس معه قالوا: يا تمليخا، أ تريد أن تجعلنا فتنة للعالمين؟
    قال تمليخا: فما تريدون؟ قالوا: تدعو الله و ندعوه معك أن يقبض أرواحنا، و يجعل عشاءنا معه في الجنة- قال- فرفعوا أيديهم و قالوا: إلهنا، بحق ما آتيتنا من الدين فمر بقبض أرواحنا فأمر الله عز و جل بقبض أرواحهم، و طمس الله عز و جل على باب الكهف عن الناس، فأقبل الملكان يطوفان على باب الكهف سبعة أيام لا يجدان للكهف بابا فقال الملك المسلم: ماتوا على ديننا، أبني على باب الكهف مسجدا. و قال النصراني لا، بل ماتوا على ديننا أبني على باب الكهف ديرا. فاقتتلا، فغلب المسلم النصراني، و بنى على باب الكهف مسجدا».
    ثم قال علي (ع) «سألتك بالله- يا يهودي- أيوافق ما في توراتكم»؟ فقال اليهودي: و الله ما زدت حرفا و لا نقصت حرفا، و أنا أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنك- يا أمير المؤمنين وصي رسول الله حقا».
    فأيها المؤمنون من كان مع الله, كان الله معه, نسأل الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا لطاعته و طاعة خليفته الامام المهدي و وصية أحمد الحسن (ع).

    الخطبة الثانية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله ربّ العالمين و صلّى الله على محمدٍ و آله الطيبين الطاهرين الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيرا.
    الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها.
    اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
    أخوتي المؤمنين أوصيكم و نفسي بتقوى الله سبحانه و تعالى و أستفتح بالذي هو خير.
    ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا إتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا﴾ النساء 157
    لقد مرت علينا قبل أيام ذكرى صلب عيسى (ع) و ما حدث معه, و لكن من الامور التي بقيت مخفية و لم يعلن عنها هي هوية المصلوب, مع أن المسلمين يؤمنون بأن المصلوب ليس هو عيسى (ع) و لكن لم نجد أحد بحث عن هذه الشخصية العظيمة ليعرّفها للناس. و لعله من أحد الاسباب التي أبقت هذه المسئلة مخفية و سرية هي ليحتج بها صاحبها الذي قتل و صلب و يثبت حقه من خلالها و يعرف الناس بنفسه.
    و بفضل يماني آل محمد (ع) عرفنا من هو المصلوب, و لنبحث ما جاء في روايات أهل البيت (ع) و نصوص الإنجيل لنتعرف على هذه الشخصية.
    عن أبي جعفر (ع) قال: ((إن عيسى وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلا فأدخلهم بيتا ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال إن الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي قال شاب منهم أنا يا روح الله قال فأنت هُو ذا...
    ثم قال (ع) إن اليهود جاءت في طلب عيسى (ع) من ليلتهم ... وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى (ع) فقتل و صلب)) تفسير القمي: ج1 ص 103 ، بحار الأنوار: ج14 ص336-337
    فالإمام الباقر (ع) يقولاجتمع اثنا عشر(، وكلنا نعلم بأن حواري عيسى (ع) هم إثنا عشر و نعلم بأن يهوذا و هو أحد حواريه ذهب الى علماء اليهود ليسلّم عيسى (ع) لهم فإذاً يهوذا بالاضافة إلى إثنا عشر الذين حضروا مع عيسى (ع) يساوي ثلاثة عشر! إذا هناك شخص آخر حضر مع هؤلاء الحواريون عند عيسى (ع) في ليلة رفعه.
    هناك من الشيعة من قال بأن المصلوب هو يهوذا و أراد الله ان يعذبه لانه أراد تسليم عيسى إلى علماء اليهود, و يرد على هذا القول بأن عيسى (ع) وعد الذي يقع عليه الشبه و يصلب بأن يحشر في درجته, فاذا كان يهوذا هو الذي اراد تسليم عيسى (ع) الى علماء اليهود هل يستحق أن يكون في درجة عيسى (ع)؟
    للتعرف على هذه الشخصية سنتظرق إلى بعض نصوص الإنجيل:
    جاء في إنجيل يوحنا إصحاح 18 بعد أن جاؤوا بالشبيه إلى بيلاطس و هو حاكم روماني
    ((قال بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت؟ أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا فقال له بيلاطس أفأنت إذا ملِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق))
    وفي هذا النص الأخير بين الشبيه أنه ليس من أهل الأرض في ذلك الزمان، بل نزل إليها لإنجاز مهمة وهي فداء عيسى حيث ترى أنه يقول: )مملكتي ليست من هذا العالم(، )ولكن الآن ليست مملكتي من هنا(، )ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق(.
    وهذا الشخص المصلوب عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني: هل أنت ملِك اليهود ؟ كان يجيب أنت قلت، أو هم يقولون، أو أنتم تقولون، ولم يقل نعم، جواب غريب على من يجهل الحقيقة،( و حقا كانوا يجهلون الحقيقة, لماذا لم يتفكروا في جواب الشبيه, عندما كان يجيبهم بكلمتين أنت قلت أو هم يقولون ولم يجب بنعم عندما كانوا يسألونه أنت ملك اليهود؟ )
    و للكشف عن هذه الشخصية أكثر فنرجع إلى رواية الامام علي (ع) في كتاب الغيبة للشيخ النعماني حيث يقول لحذيفة بن اليماني: ((يا حذيفة، لا تحدث الناس بما لا يعلمون فيطغوا ويكفروا إن من العلم صعبًا شديدًا محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا أهل البيت سينكر ويبطل وتقتل رواته ويساء إلى من يتلوه بغيًا وحسدًا لما فضل الله به عترة الوصي, وصيّ النبي (ص).
    يا ابن اليمان، إن النبي تفل في فمي وأمرّ يده على صدري وقال اللهم أعط خليفتي ووصيي وقاضي ديني ومنجز وعدي وأمانتي ووليي وناصري على عدوك وعدوي ومفرج الكرب عن وجهي ما أعطيت آدم من العلم، وما أعطيت نوحًا من الحلم، وإبراهيم من العترة الطيبة والسماحة، وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء، وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة الأقران، وما أعطيت سليمان من الفهم، اللهم لا تَخفِ عن علي شيئًا من الدنيا حتى تجعلها كلها بين عينيه مثل المائدة الصغيرة بين يديه، اللهم أعطه جلادة موسى واجعل في نسله شبيه عيسى..)) الغيبة للنعماني ص144
    فقول الرسول محمد (ص) ما معناه: اللهم اجعل في نسل علي بن أبي طالب (ع) شبيه عيسى يدل على أن شبيه عيسى المصلوب هو من ذرية علي بن ابي طالب (ع).
    و لابد أن يكون أحد أوصياء النبي (ص) و اذا رجعنا إلى وصية النبي (ص) سنعرف من هو المصلوب المظلوم صلوات الله و سلامه عليه.
    و لكن هناك عبرة لأولي الألباب في أمر المصلوب و هي آخر كلمات التي نطق بها عند صلبه حيث قال: ( )إيليا، إيليا لما شبقتني(، والحقيقة أن ترجمة الكلمات التي قالها هكذا) :يا علي يا علي لماذا أنزلتني(، والنصارى يترجمونها هكذا )إلهي، إلهي لماذا تركتني( كما تبين لك من النص السابق من الإنجيل.
    ولم يقل هذا الوصي هذه الكلمات جهلا منه بسبب الإنزال، أو اعتراضا على أمر الله سبحانه وتعالى، بل هي سؤال يستبطن جوابه، وجهه إلى الناس: أي افهموا واعرفوا لماذا نزلتُ ولماذا صلبتُ ، ولماذا قُتلتُ ، لكي لا تفشلوا في الامتحان مرة أخرى، إذا أُعيد نفس السؤال، فإذا رأيتم الرومان)أو أشباههم(أي الأمريكان يحتلون الأرض، وعلماء اليهود)أو أشباههم(أي علماء غير العاملين يداهنونهم, فسأكون في تلك الأرض فهذه سنة الله التي تتكرر، فخذوا عبرتكم وانصروني إذا جئت ولا تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي.
    كان يريد أن يقول في جواب السؤال البين لكل عاقل نقي الفطرة: صُلبتُ وتحملتُ العذاب وإهانات علماء اليهود، و قُتلتُ لأجل القيامة الصغرى، قيامة الإمام المهدي ودولة الحق و العدل الإلهي على هذه الأرض.
    وهكذا ذهب إلى العذاب والصلب والقتل صامتاً راضياً بأمر الله ، منفذاً لما أُنزل له ، وهو أن يُصلب ويُقتل بدلاً من عيسى (ع).
    ولأنه أصلاً لم يكن وقته قد حان ليُرسل ويُبلغ الناس ويتكلم معهم ، ذهب هكذا : مثل شاة سيق إلى الذبح ، مثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه.
    ارجوا أن يستفيد كل مؤمن: يريد معرفة الحقيقة من هذا الموقف ، فهذا الإنسان نزل إلى الأرض ، وصُلب وقـُتل ولا احد يعرفه ، لم يطلب أن يُذكر أو أن يُعرف ، نزل صامتاً ، وصلب صامتاً ، وقـُتل صامتاً ، وصعد الى ربه صامتاً ، هكذا : إن أردتم أن تكونوا فكونوا.
    عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (العلم سبعة وعشرون حرفاً . فجميع ما جاءت به الرسل حرفان ، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة وعشرين حرفاً فبثها في الناس ، وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً( بحار الانوار: ج52 ص336
    و بمعرفة هذه العلوم تنكشف الأسرار يوماً بعد يوم و من الامور التي احتج بها الامام احمد الحسن (ع) على الناس هو حله لرموز كثير من روايات الطاهرين (ع) التي تخص الإمام المهدي (ع) و التي كانت خافية على الناس, و لتوضيح ذلك نذكر رواية واحدة التي تخص ما ذكرناه في هذه الخطبة, وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) (… ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله ، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر يخبر وعند ذلك خروج السفياني ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنـزل ، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم … ) الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني ص 134
    الجميع يعلم بأن ظهور عيسى (ع) يكون بعد ظهور الامام المهدي (ع) و لكن في هذه الرواية يقول الامام (ع) بأن الامام المهدي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم (ع) و هذا يعارض ما كنا نعرفه, لان هذا يدل على ان عيسى (ع) يظهر قبل الامام المهدي (ع), و هذا هو الترميز الذي وقع في روايات أهل البيت (ع) حفاظا على صاحب الأمر, فالمقصود هنا ليس عيسى (ع) بل شبيه عيسى.
    فسلام الله على شبيه عيسى يوم نزل و يوم صلب و يوم ولد و يوم يموت و يوم يبعث حيا.

    خادمكم أبوفاطمة
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎