الأحلام بين العلم والدين – الدكتور أحمد حطاب الفيصلي
ما يتناوله هذا البحث بشكل رئيسي هو مناقشة الخلط (سواء كان عفوياً أو مقصوداً) الذي وقع فيه أصحاب النظريات النفسية من أنّ الأحلام عبارة عن انعكاسات وبواعث نفسية فقط.
واستغل الملحدون هذا الخلط ووظفوه لحملتهم ضد التوحيد، علماً بأن هذا الخلط لا يمكن تعميمه على الكل فبعض العلماء يعترفون بأن الأحلام إنما لها علاقة بالنفس الإنسانية (وخصوصا الأحلام الصادقة) ولذلك يرجعونها إلى أسباب ومعتقدات دينية ترتبط بالله والغيب والملكوت، وليس لنا مع هذه الفئة من العلماء كلام فغاية البحث هو إثبات خطأ ما ينكره البعض من علماء النفس أو غيرهم من أصحاب العلوم التطبيقية أو الأحيائية.
فمن يثقف لهكذا عقيدة يحاول قدر المستطاع خلط الأوراق ووضع الأحلام كلها في سلة واحدة وتقديمها على أنها ذات منشأ انفعالي أو هجاسي أو هستيري أو ربما في أحسن الأحوال ما يحدثه العقل الباطن، والحقيقة أن هذا الخلط مقصود فالأحلام ليست كلها على وتيرة واحدة، بل أن قسما منها لا علاقة لها بانفعالات الإنسان وهي الأحلام الصادقة بل في أكثر الأحيان لا يعلم الإنسان عن تلك الأحلام الملكوتية شيئاً.
الغريب أنّ أغلبهم يعترفون بهذه الطائفة من الأحلام وأنها خارقة بالمقاييس المنطقية التي تحكم كل شيء، لذلك دأبوا على وضع النظريات والفرضيات التي تفسر حصولها ولكن الأعم الأغلب من علماء النفس وغيرهم اتفقوا على وجود العقل الباطن كعلة مقبولة لحصول أحلام الخوارق.
والبحث ركز على فئة من الأحلام الخارقة وهي أحلام النبوءات والتي كانت كابوسا بالنسبة لمن لا يروق لهم الاعتراف بالعالم الآخر، فهم لا يستطيعون إنكارها ولا يستطيعون ردها بدليل مقبول علمياً ومنطقياً بل اكتفوا بوضع فرضيات وأطروحات تفسر ظهور تلك الأحلام، ولم تنجح تلك الأطروحات ولم تصمد أمام النقد والتحليل كما سنرى من خلال فصول البحث.