بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
س/ ما معنى الفصاحة و البلاغة التي اشتهر بها الرسول محمد (ص) والأئمة المعصومين (ع)؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
س/ ما معنى الفصاحة و البلاغة التي اشتهر بها الرسول محمد (ص) والأئمة المعصومين (ع)؟
يجب أن نعرف ما معنى الفصاحة والبلاغة التي اشتهر بها الرسول محمد (ص) والأئمة المعصومين (ع)؟ هل هي ما توهمه البعض، بأنها المبالغة في إتقان قواعد اللغة العربية المعروفة عندنا أم شيء آخر؟؟
وعند التدبر في الروايات السابقة يتضح بأنها غير تلك القواعد المعروفة عند الناس، ولو كانت تلك القواعد هي المقصود من البلاغة والفصاحة، لما نهى الأئمة عن الانهماك في دراستها ووصفوها بأنها تسلب الخشوع، ولما وصفها الرسول محمد (ص) بأنها علم فضلة لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه، ولما وُصف أصحابها بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، واليك الروايتين الآتيتين التي يتضح من خلالهما بأن الإمام الصادق (ع) قد خالف قواعد العربية المعروفة عندنا:
عن محمد بن مسلم قال: قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): ولقد نادينا، نوحاً قلت: نوح! ثم قلت: جعلت فداك لو نظرت في هذا أعني العربية ، فقال: (دعني من سهككم) مستدرك الوسائل ج4 ص 278.
وعن حويزة بن أسماء قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): انك رجل لك فضل، لو نظرت في هذه العربية فقال: (لا حاجة لي في سهككم هذا) مستدرك الوسائل ج4 ص 278.
فجملة (ولقد نادينا ـ نادانا ـ نوح ) في القرآن محل (نوح) فيها من الأعراب: فاعل، وفي قواعد اللغة العربية حكم الفاعل الرفع دائماً، بينما قرأه الإمام الصادق (ع) بالنصب ،فعندما سمع ذلك الصحابي الجليل محمد بن مسلم ذلك، قال: نوح! على نحو الاستغراب. أي انه فاعل مرفوع لا مفعول به منصوب!
ثم اقترح على الإمام الصادق (ع) أن يطلع على قواعد اللغة العربية ليتجنب اللحن في الكلام . فأجابه قائلاً: (دعني من سهككم).
والسهك هو: الرائحة الكريهة النتنة التي تنبعث من الأُبط أو من اللحم المتفسخ الفاسد، فهل يوجد وصف أقبح من هذا الوصف؟!!
وفي الرواية الثانية لو كان حويزة بن أسماء لم يسمع من الإمام الصادق مخالفة لقواعد العربية لما عرض عليه النظر في العربية، فأجابه الصادق (ع) بنفس ما أجاب به محمد بن مسلم.
ولكي لا نتهم بأننا ننسب الجهل إلى الأئمة (ع)، أقول: حاشا الأئمة (ع) من الجهل بهكذا أمور، فربما أراد الإمام الصادق (ع) أن يُعلِّم شيعته ويبعدهم عن الاقتصار على تحسين الألفاظ والمبالغة في التدقيق بها، والغفلة عن روح الكلام ومعدنه وهو الإخلاص ومراقبة الله تعالى فيما يلفظه اللسان، هل هو معصية أم طاعة؟ وأيضاً لفت النظر إلى ان المهم في الكلام هو الحجة والبرهان وفصل الخطاب، لا الألفاظ المزخرفة المنمقة الخالية من الدليل والحجة والتي لا يشم منها خشية الله تعالى ومخافته.
أو أن الإمام الصادق (ع) أراد أن يمتحن الجالسين ويختبر إيمانهم بإمامته (ع).
أو ان الإمام الصادق (ع) أراد أن يبين إن الإمام والحجة على الخلق لا يشترط أن يكون كلامه موافقاً تماماً لقواعد العربية المعروفة بقدر موافقته لقواعد الشريعة من الهدى والعدل والانصاف والحكمة والحجة والبرهان، وبعبارة أخرى: لا يخرج الناس من حق ولا يدخلهم في باطل، كما ورد عن أهل البيت (ع)، وعلى كل الاحتمالات فهي لصالح السيد أحمد الحسن، لأن الأحاديث تدل على عدم جواز الأشكال على المعصوم في اللغة العربية.
وربما لو كان حسن النجفي في زمن الإمام الصادق (ع) لأشكل عليه أو شكك في إمامته بمجرد أن سمعه خالف بعض قواعد العربية!!!
واليك الروايات التي تنص على أن المعصوم هو من لا يُخرج الناس من هدى ولا يُدخلهم في باطل وليس المعصوم من عُصم في اللغة العربية!!:
عن الرسول محمد (ص) انه قال: (... يا علي، اقرأهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم، فليلقوا علمي إلى من يبلغ القرون من بعدي، وليتمسكوا بحبل الله وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل، فإنا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة، وأخبرهم أن الله عزوجل عنهم راض، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم) الأمالي للصدوق ص658.
وجاء في زيارة الإمام الحسين (ع): (...وخامس أصحاب الكساء، غذتك يد الرحمة، وتربيت في حجر الإسلام، ورضعت من ثدي الإيمان، فطبت حيا وميتا، صلى الله عليك، أشهد أنك أديت صادقا، ومضيت على يقين، لم تؤثر عمى على هدى، ولم تمل من حق إلى باطل) المقنعة للشيخ المفيد ص 466.
وعن أمير المؤمنين (ع)، انه قال: (... انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم واتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى. فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا. ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا) نهج البلاغة ج 1 ص 189.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: (من سره أن يحيى حيوتى و يموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربى قضيب من قضبانه غرسه بيده ثم قال له كن فكان فليتول على بن أبي طالب عليه السلام من بعدى والأوصياء من ذريتي فانهم لا يخرجونكم من هدى ولا يعيدونكم في ردى ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم) بصائر الدرجات ص70.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال في حق الإمام علي والأئمة من ولده: (... ولا يهتدي هاد إلا بهديهم ولا يضل خارج من هدى إلا بتقصير عن حقهم لأنهم أمناء الله على ماهبط من علم ...) بصائر الدرجات ص 219.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كذلك نحن والحمد لله لا ندخل أحداً في ضلالة ولا نخرجه من هدى إن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عز وجل رجلا منا أهل البيت يعمل بكتاب الله لا يرى فيكم منكراً إلا أنكره) الكافي ج 8 ص 396.
وعن أمير المؤمنين (ع) في وصف الفتن في آخر الزمان قال:
(...انظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا وإن استنصروكم فانصروهم تنصروا وتعذروا، فإنهم لن يخرجوكم من هدى ولن يدعوكم إلى ردى، ولا تسبقوهم بالتقدم فيصرعكم البلاء وتشمت بكم الأعداء) كتاب سليم بن قيس ص 258.
وعن رسول الله (ص) انه قال: (ان الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه وجعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب (ع) وان الله اصطفاهم كما اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين فاتبعوهم يهدوكم إلى صراط مستقيم فقدموهم ولا تتقدموا عليهم فإنهم أحلمكم صغاراً وأعلمكم كباراً فاتبعوهم لا يدخلونكم في ضلال ولا يخرجونكم من هدى) الفضائل- شاذان بن جبرئيل القمي ص 154.
و قال رسول الله (ص) لعمار: (تقتلك الفئة الباغية وأنت إذ ذاك مع الحق والحق معك يا عمار ان رأيت علياً سلك وادياً وسلك الناس كلهم وادياً فاسلك مع على فانه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى ...) الطرائف ص 104.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: (أيها الناس هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، وخير من أخلفه فوازروه وانصروه، ولا تتخلفوا عنه، فإنه لا يدخلكم في ضلالة ولا يخرجكم من هدى) الصراط المستقيم ج 2 ص 81.
والآن نرجع إلى بيان معنى الفصاحة والبلاغة التي اشتهر بها الرسول محمد (ص) وآل بيته المعصومين، فأقول:
البلاغة هي: بلوغ المعنى وبيان البرهان والحجة بأوضح مقال من غير أطناب ممل ولا إيجاز مخل . فالبلاغة مأخوذة من البلوغ. تقول بلغت المكان أي وصلت إليه. والبلاغة هي الفصاحة أيضاً.
والفصاحة هي: وضوح الكلام وبيانه من غير غموض أو إجمال مخل وبداهة الجواب المفحم للخصم ، والفصاحة مأخوذة من الإفصاح وهو الإيضاح والبيان مع مراعاة تقبل المستمع وادراكه. والفصاحة هي نفس معنى البلاغة تقريباً.
وجاء شرح ذلك في لسان العرب لابن منظور: ( فصح: الفصاحة: البيان، فصح الرجل فصاحة، فهو فصيح من قوم فصحاء وفصاح وفصح ...إلى أن قال: قال: وقد يجئ في الشعر في وصف العجم أفصح يريد به بيان القول، وإن كان بغير العربية، كقول أبي النجم: أعجم في آذانها فصيحا يعني صوت الحمار انه أعجم ، وهو في آذان الأتن فصيح بين. وفصح الأعجمي، بالضم فصاحة: تكلم بالعربية وفهم عنه، وقيل : جادت لغته حتى لا يلحن، وأفصح كلامه إفصاحا. وأفصح: تكلم بالفصاحة، وكذلك الصبي، يقال: أفصح الصبي في منطقه إفصاحا إذا فهمت ما يقول في أول ما يتكلم. وأفصح الأغتم إذا فهمت كلامه بعد غتمته. وأفصح عن الشيء إفصاحا إذا بينه وكشفه . وفصح الرجل وتفصح إذا كان عربي اللسان فازداد فصاحة....... وقيل: جميع الحيوان ضربان: أعجم وفصيح، فالفصيح كل ناطق، والأعجم كل ما لا ينطق. وفي الحديث: غفر له بعدد كل فصيح وأعجم، أراد بالفصيح بني آدم، وبالأعجم البهائم. والفصيح في اللغة: المنطلق اللسان في القول الذي يعرف جيد الكلام من رديئه، وقد أفصح الكلام وأفصح به وأفصح عن الأمر. ويقال: أفصح لي يا فلان ولا تجمجم، قال: والفصيح في كلام العامة المعرب. ويوم مفصح: لا غيم فيه ولا قر. الأزهري: قال ابن شميل: هذا يوم فصح كما ترى إذا لم يكن فيه قر. والفصح: الصحو من القر، ....... وأفصح الصبح: بدا ضوءه واستبان. وكل ما وضح، فقد أفصح. وكل واضح: مفصح. ويقال: قد فصحك الصبح أي بان لك وغلبك ضوءه، ومنهم من يقول: فضحك، وحكى اللحياني: فصحه الصبح هجم عليه. وأفصح لك فلان: بين ولم يجمجم. وأفصح الرجل من كذا إذا خرج منه) لسان العرب - لابن منظور ج 2 ص 544.
وباختصار شديد يكون معنى البلاغة والفصاحة هو:قوة وبداهة الحجة والبرهان مع إيضاح المعنى بأقل الكلام وأسهله على المستمع مع الدقة في اختيار المفردات وتجانسها مع المعاني.
ولنترك تعريفنا وتعاريف اللغويين ولنسأل أهل البيت (ع) عن معنى البلاغة والفصاحة فقولهم العدل والفصل وما بعد الحق إلا الضلال المبين:
عن زيد بن علي، عن أبيه (ع) قال: سئل علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أفصح الناس؟ قال: (المجيب المسكت عند بديهة السؤال) بحار الأنوار ج 86 ص 290.
ومعنى ذلك ان أفصح الناس هو المجيب عند مفاجئة السؤال المسكت والملجم بجوابه الخصم، وهذا يعتمد على قوة الحجة وهيمنتها على احتجاج الخصم، وبذلك يكون ضعيف الحجة عند مفاجئة السؤال ليس فصيحاً وان كان متقناً لجميع فنون اللغة العربية، لأن إتقان العربية شيء وإتمام الحجة شيء آخر، فليس كل متقن للعربية تام الحجة، وكذلك ليس كل تام الحجة متقن للعربية، فبينهما عموم وخصوص من وجه كما يعبر المناطقة.
وبذلك يكون تام الحجة فصيحاً وان لم يكن متقناً للعربية، وان أتقنها فزيادة خير.
وعن أبي جعفر (ع): (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) قال: (نحن الناس ونحن المحسودون وفينا نزلت. وقال: إن الله تعالى أعطى المؤمن البدن الصحيح، واللسان الفصيح، والقلب الصريح ، وكلف كل عضو منها طاعة لذاته ولنبيه ولخلفائه ، فمن البدن الخدمة له ولهم، ومن اللسان الشهادة به، ومن القلب الطمأنينة بذكره وبذكرهم، فمن شهد باللسان واطمأن بالجنان وعمل بالأركان انزله الله الجنان) مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ج 3 ص 315.
وعن الإمام علي (عليه السلام): (البلاغة ما سهل على المنطق وخف على الفطنة) ميزان الحكمة - محمدي الريشهري ج 1 ص 290.
وعنه (عليه السلام): (البلاغة أن تجيب فلا تبطئ، وتصيب فلا تخطئ) نفس المصدر السابق .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (ليست البلاغة بحدة اللسان ولا بكثرة الهذيان، ولكنها إصابة المعنى وقصد الحجة) البحار ج75 ص292.
وهنا يبين لنا الإمام الصادق (ع) بأن البلاغة ليست هي حدة اللسان، والحدة عدم التلكؤ إثناء الكلام أو مع البذاءة. ولا بكثرة الكلام الفارغ عن المعنى والبرهان وان كان موافقاً تماماً لقواعد اللغة العربية، وإنما البلاغة هي إصابة وتبيين المعنى المنشود وقصد الحجة وإتمامها على المطلوب، ولا ينافي ذلك المخالفة البسيطة لقواعد اللغة العربية، نعم المخالفة الفاحشة لقواعد اللغة العربية قد تخرج الكلام عن حد البلاغة والفصاحة، وهذا نادر الوقوع من قبل أصحاب الحجة والبرهان .
وعن أحدهم (عليه السلام) -وقد سئل عن البلاغة: (من عرف شيئاً قل كلامه فيه، وإنما سمي البليغ لأنه يبلغ حاجته بأهون سعيه) البحار ج75 ص241.
وعن الصادق (عليه السلام): (ثلاثة فيهن البلاغة: التقرب من معنى البغية، والتبعد من حشو الكلام، والدلالة بالقليل على الكثير) مستدرك سفينة البحار ج1 ص417.
وعن الإمام علي (عليه السلام): (قد يكتفي من البلاغة بالإيجاز) ميزان الحكمة - محمدي الريشهري ج 1 ص 290.
وعنه (عليه السلام): (أبلغ البلاغة ما سهل في الصواب مجازه وحسن إيجازه) المصدر السابق .
وعنه (عليه السلام): (أحسن الكلام ما زانه حسن النظام، وفهمه الخاص والعام) المصدر السابق .
ومعنى ذلك ان أفصح الكلام وأبلغه ما كان منتظماً ومترابط الأجزاء والأدلة بحيث يفهمه الخاص والعام أي يفهمه الناس على اختلاف مستوياتهم في الفهم والمعرفة، فالذي يريد التكلم مع عامة الناس لا يعد فصيحاً إذا احتوى كلامه على المفردات التي لا يفهمها إلا الخاص في الفهم والمعرفة ، بل لا يعد فصيحاً إلا عند التنزل إلى لغة القوم والتحدث معهم بما يفهمون حتى لو اضطر إلى التحدث باللغة العامية الدارجة ، لأن الفصاحة هي الإيضاح والبيان ومخاطبة الناس على قدر عقولهم وبما يفهمون ،بحيث يكون الكلام تستأنس به الآذان ولا يتعب فهمه الأذهان كما في الخبر الآتي:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أحسن الكلام ما لا تمجه الآذان، ولا يتعب فهمه الإفهام) المصدر السابق .
وعنه (عليه السلام): (أحمد من البلاغة الصمت حين لا ينبغي الكلام) المصدر السابق.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أبغض الناس إلى الله تعالى البليغ الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها) المصدر السابق.
وعنه (صلى الله عليه وآله): (إن الله ليبغض الرجل البليغ الذي يلعب بلسانه كما تلعب الباقرة) المصدر السابق.
وعنه ( صلى الله عليه وآله): (لعن الله الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر) المصدر السابق.
وعنه (صلى الله عليه وآله): (شرار أمتي: الثرثارون والمتشدقون المتفيهقون، وخيار أمتي أحاسنهم أخلاقاً) المصدر السابق .
والشدق هو جانب الفم والمتشدق هو الذي يحرك جانب فمه أثناء الكلام ليظهر فصاحته أمام الناس، وهؤلاء ملعونون على لسان رسول الله (ص) لأن همهم الوحيد هو الظهور أمام الناس بمظهر الفصحاء أو لكي يقول عنهم الناس بأنهم علماء لصعوبة فهم كلامهم ، وتركوا مراعاة الناس والحرص على هدايتهم بأسهل وأقرب خطاب إلى عقولهم ، أضف إلى ذلك ما يرافق التشدق من العجب والرياء والتكبر وغيرها من الأمراض الشيطانية .
والتفيهق في الكلام هو التوسع والتعمق وهو أيضاً من الامتلاء أي كأنه يملأ فمه بالكلام ـ راجع صحاح الجوهري ـ ولا يخفى ما في ذلك من التصنع وحب الظهور والمدح، أضف إلى ذلك صعوبة تفهم عامة الناس لهكذا كلام موسع ومعمق.
وعن الإمام علي (عليه السلام): (آلة "آية" البلاغة قلب عقول ولسان قائل) المصدر السابق .
وعنه (عليه السلام): (ربما خرس البليغ عن حجته، ربما ارتج على الفصيح الجواب) المصدر السابق .
وعنه (ع): (أصدق المقال ما نطق به لسان الحال) المصدر السابق
تبين إن البلاغة والفصاحة هي وضوح الحجة والدليل وسرعة الإجابة وإسكات الخصم ، وإيصال المعنى إلى المستمع بأبسط الكلمات وأقلها.
وأنا أقطع بأن كل منصف متجرد عن التعصب الأعمى إذا قارن خطابات وبيانات وكتب السيد أحمد الحسن مع كتب وخطابات وبيانات غيره، يجد إن كلام الغير الثرى وكلام السيد أحمد الحسن الثريا، بل مقارنة السيد أحمد الحسن مع غيره يعتبر ظلماً، كما انك تظلم السيف عندما تصفه بأنه أحدّ من العصا.
فمن هو الأفصح والأبلغ الذي أفحم الجميع بالحجة والبرهان الواضح الذي يفهمه الخاص والعام، من القرآن والسنة المطهرة أم الذين هربوا من مناظرته أو الرد على كتبه وأدلته أم الذين واجهوه بالأهواء والآراء العقلية الناقصة والمخالفة للثقلين القرآن والسنة المطهرة؟؟!!!
من هو الأبلغ والأفصح الذي يهيمن بكلامه على العقول والقلوب ويعرج بها إلى ملكوت السماوات ،ومنطقه القرآن والسنة أم الذين خالفوا القرآن والسنة وأقروا بحاكمية الناس واتبعوا الفكر الغربي (الديمقراطية) ونبذوا كتاب الله تعالى واتبعوا القانون الوضعي الشيطاني فتسافلوا بالناس إلى قعر الجحيم مع من غصب حق أمير المؤمنين. قال الله تعالى: (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (يونس 35).
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الأئمة والمهديين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى يوم الدين، وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.