المستشارة "ميركل" : تأمر ببدء التجسس على الولايات المتحدة وبريطانيا
تلقت الدوائر السياسية والأمنية البريطانية هذا الأسبوع ببالغ القلق نبأ إصدار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أوامرها لأجهزة الأمن الألمانية بالبدء في تنفيذ عمليات تجسس ضد كل من بريطانيا والولايات المتحدة، وهي المرة الأولى التي تتخذ ألمانيا مثل هذه الخطوة تجاه هذين البلدين الحليفين بالذات منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 وسقوط نظام الحكم النازي فيها الذي أقضت نشاطات جواسيسه خلال تلك الحرب وما قبلها مضاجع المسؤولين البريطانيين وأجهزة الأمن البريطانية.
ووفقاً للمراقبين السياسيين يعيد قرار ميركل في هذا الخصوص العلاقات الألمانية البريطانية الجيدة خطوة وربما خطوات إلى الوراء، رغم أن البريطانيين هم البادئون بهذه الممارسة ضد دولة صديقة وحليفة وشريكة لهم في الاتحاد الأوروبي والـ «حلف الأطلسي» ومجالات أخرى عديدة. ويأتي هذا التطور عقب اكتشاف أجهزة الأمن الألمانية أن «وكالة الأمن الوطني الأميركية» (إن إس إي) كانت تتنصت على المكالمات الهاتفية التي تجريها ميركل من جوالها الخاص وخطوط هواتفها الأخرى والرسائل الإلكترونية للمواطنين الألمان، وذلك بالتعاون من أجهزة الأمن البريطانية التي كشف النقاب عن وجود قاعدة للتجسس أو جمع المعلومات لها في برلين أنشئت سراً بعد الحرب العالمية الثانية وظلت تعمل هناك إلى أن تم الكشف عنها في وقت سابق من العام الحالي. فيما قالت مجلة «دير شبيغل» أن «بريطانيا تعاني من عقدة جيمس بوند».
وكان البريطانيون تلقوا انذاراً مسبقاً في شأن بدء الألمان بالتجسس عليهم في مطلع يوليو الجاري، عندما أعلن وزير الداخلية الألماني ثوماس دي مايزر عن أن «ألمانيا تحتاج إلى الالتفاف 360 درجة على عمليات الاستخبارات الأجنبية التي تستهدفها، منعاً لفضيحة جديدة»، أي فضيحة التجسس على هواتف ميركل. وفوجئ البريطانيون أول من أمس، ببث وسائل الإعلام الألمانية نبأ عن موافقة ميركل ودي ميزر ووزير الخارجية فرانك وولتر شتينماير على إطلاق عمليات تجسس مضادة لأول مرة ضد بريطانيا والولايات المتحدة.
ونقلت صحيفة «سود دويتش زايتونغ» عن مصدر رسمي ألماني لم تسمه قوله: «إننا نحتاج حالاً إرسال إشارة قوية لمن يتجسسون على ألمانيا».
وكانت ميركل احتجت في أكثر من مناسبة على تعرضها لعمليات تنصت على مكالماتها الهاتفية، خاصة بعد أن كشفت صحيفة «الاندبندنت» عن أن عمليات التنصت البريطانية والأميركية تجري من فوق سطح مبنيي سفارتي البلدين في برلين.
وزاد في الحرج الذي سببته هذه الفضيحة الكشف في يوليو الجاري، عن قيام ضابط استخبارات ألماني رفيع المستوى وموظف آخر في وزارة الدفاع الألمانية ببيع أسرار ألمانية عديدة لـ «وكالة الاستخبارات الأميركية» الـ(سي آي إي) وأن الاتصالات الأميركية مع الضابط والموظف الألمانيين جرت من خلال قاعدة التجسس الأميركية في مبنى سفارة الولايات المتحدة في برلين.على أثر فضيحة التجسس الثانية طلبت ميركل هذا الشهر من الحكومة الأميركية إغلاق قاعدتها للتجسس في برلين، وأمرت بإبعاد رئيس القاعدة الذي لم يُكشف عن هويته من ألمانيا، وهما إجراءان لم يسبق لألمانيا أن اتخذت مثلهما تجاه الولايات المتحدة أو أي دولة عضو في الحلف الأطلسي منذ العام 1945
. وجاءت أوامر ميركل الجديدة للتجسس على بريطانيا والولايات المتحدة، رغم المحادثات الجارية بين الطرفين من أجل إصلاح الضرر الذي لحق بعلاقات الولايات المتحدة مع ألمانيا نتيجة التجسس على الأخيرة. فيما قالت مصادر مطلعة لصحيفة «الاندبندنت» أن «قرار ميركل جاء عقب فشل المفاوضين الألمان في الحصول على تعهد أميركي واضح بعدم القيام بأعمال تجسس بتاتاً ضد ألمانيا، مما أغضب ميركل وجعلها تلجأ للتجسس بدورها على البلدين».
Germany begins spying on Britain and America for the first time since 1945