بسم الله الرحمن الرحيم
(عن الجود)
خزائنه سبحانه وتعالى لا تنفذ . لكن من هو الأعظم والأوسع جوداً ، الذي عنده دينار واحد فينفقه ، أم الذي عنده أموال لا تعد ولا تحصى فينفق منها ، ومهما انفق منها فهي لا تنفذ ؟ ! ،
من المؤكد أن الذي عنده دينار واحد هو الأوسع جوداً ، لأنه انفق كل ما عنده . أما الآخر فهو ينفق من خزائن لا تنفذ ، فمهما انفق فهو لا ينفق كل ما عنده ، فلا يكون جواداً واسع ، إلا إذا أعطى خزائنه التي لا تنفذ ، أي انه يعطي نفسه أي انه يجود بنفسه . والجود بالنفس غاية الجود وهذا يفسره الحديث ( الصوم لي وأنا أُجزى به ) ، أي إن جزاء الصوم عن الأنا - أي ترك الأنا -
هو الله سبحانه ، ومعنى هذا أن يكون العبد لسان الله ويد الله ........ ، أي أن يستكمل العبد درجات الإيمان العشر ، فيكون منا أهل البيت (ع) قال تعالى : (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (البقرة:196) . أي انه يكون ممن أهله حاضري المسجد الحرام ، أي من أهل بيت محمد (ص) كسلمان الفارسي (ع) .
فالجواد الواسع هو :
الذي يجود بنفسه ، فالله سبحانه وتعالى يجازي عباده المخلصين ، الذين اعرضوا عن الأنا بعد إعراضهم عن الدنيا وزخرفها ، وبعد طاعتهم له سبحانه وتعالى في كل صغيرة وكبيرة ، بان يجعلهم مثله في أرضه ، فقولهم قوله ، وفعلهم فعله ، وهذا ما ورد عنهم (ع) : إن ( قلوبنا أوعية لمشيئة الله ، فإذا شاء الله شئنا) ، وان روح ولي الله تصعد إلى الله سبحانه ، فيخاطبه الله سبحانه فيقول له : أنا حي لا أموت ، وقد جعلتك حياً لا تموت) .
قال تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه) (الزمر: 68) . فيكون العبد ممن شاء الله أن لا يصعق ولا يموت ، إلا الموتة الأولى ، وهي نوع ارتقاء ، وليست موت حقيقي ، إنما الموت الحقيقي هو : موت الروح لا الجسد :
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى)(الدخان: 56) .
هذه هي حقيقة الجواد الواسع .
اسأل الله أن : يجعلكم ويجعلني ممن عرفوا الجواد الواسع حقيقة ، لا لفظاً ومعنى .
من علوم السيد احمد الحسن وصي ورسول الامام المهدي(ع)