بسم الله الرحمان الرحيم
من كتاب المتشابهات للامام احمد الحسن ع
سؤال/ 78: في دعاء كميل: (إلهي ومولاي أجريت عليَّ حُكماً اتبعت فيه هوى نفسي ولم أحترس فيه من تزيين عدوي، فغرني بما أهوى، وأسعده على ذلك القضاء، فتجاوزت بما جرى عليَّ من ذلك بعض حدودك، وخالفت بعض أوامرك، فلك الحجة عليَّ في جميع ذلك ولا حجة لي فيما جرى عليَّ فيه قضاءك، وألزمني حكمك وبلاءك. وقد أتيتك يا ألهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً منكسراً مستقيلا ًمستغفراً، منيباً مقراً مذعناً معترفاً، لا أجد مفراً مما كان مني، ولا مفزعاً أتوجه إليه في أمري ، غير قبولك عذري، وإدخالك إياي في سعة من رحمتك) ( 1).
1- ما معنى هذه الكلمات من الدعاء؟
2- إن القائل هو أمير المؤمنين علي ع فكيف يصح منه التجاوز والمخالفة لله سبحانه، وهو سيد الأوصياء وقسيم الجنة والنار ، والمعصوم من التجاوز والمخالفة لأمر الله؟
الجواب:
أجريت: مأخوذة من جريان الماء، فإذا جرى الماء باتجاهك لابد أن يغمرك. وحكماً: أي قضاء وإمضاء بعد قدر وتقدير سبقه. وهوى النفس والعدو: هو القرين، وهو النكتة السوداء الموجودة في فطرة الإنسان ( 2)، أو تشوّب الإنسان بالظلمة. والحكم المجرى: هو قبول الإنسان لهذه النكتة السوداء وتشوّبه بالظلمة، أي رضا الإنسان بوجوده أو قبوله لهذا الوجود المفترض.
********************************************************************** ***************
(1)- مصباح المتهجد : ص846.
2) - عن الإمام الباقرع، قال: (ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض، فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً، وهو قول الله عز وجل: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) الكافي : ج2 ص273
********************************************************************** ********************
فتجاوزت ... حدودك، وخالفت ... أوامرك: أي بسبب قبولي لوجودي والمتحقق بتشوّبي بالظلمة ، فأنا متجاوز لحدودك ومخالف لأوامرك، مع أنّ هذا التجاوز وهذه المخالفة هي الذنب الذي لا يفارق إنسانية الإنسان، وبدونها لا يبقى إلا الله الواحد القهار، وهذا التجاوز وهذه المخالفة؛ لأني لم أسعَ سعي محمد لإزالة شائبة العدم.
فعلي صلوات الله عليه دون رسول الله محمد ص ، ومحمد ص كشف له حجاب اللاهوت وخاطبه تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ ( 3)، وهذا الذنب هو شائبة الظلمة والعدم وهو المخالفة والتجاوز الأول.
أما أمير المؤمنين علي ع فقد قال: (لو كشف لي الغطاء ..) ( 4)، فلم يكشف له غطاء اللاهوت إلا بمحمد ، فعلي يعرف الله بمحمد ، أي: إنّ علياً يعرف الله سبحانـه بالله في الخلق (محمد ).
فَلَك الحجّة: لأني مقصر عن اللحاق بمحمد ومرافقته في كل أحواله، فكان لرسول الله محمد حالةً مع ربه سبحانه وتعالى لم يكن لأمير المؤمنين علي ع ولا لغيره من الأنبياء والمرسلين نصيب فيها. ورسول الله خُصّ بأنّ قرينه أسلم ؛ لأنه في آنات كشف الحجاب والفتح المبين لا تبقى شائبة الظلمة والعدم ولا يبقى محمد ، بل لا يبقى إلا الله الواحد القهار، نور لا ظلمة فيه سبحانه وتعالى عما يشركون.
ولا حجة لي فيما جرى عليَّ فيه قضاؤك، وألزمني حكمك وبلاؤك: فالحجة لك عليّ، وليس لعبد من عبادك حجة عليك سبحانك، فحكمك وقضاؤك وبلاؤك يجري على عبادك بتقصيرهم في النظر إلى أنفسهم والالتفات لها، قال سيد الموحدين علي ع: (إلهي قد جرت على نفسي في النظر لها فلها الويل إن لم تغفر لها) (5 )، أي : قد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، ونظري لها والالتفات إليها، معتذراً ... .
قبولك عذري وإدخالك إياي في سعةٍ من رحمتك: أي إن لم أكن أهلاً أن أكون الله في الخلق فاجعلني الرحمن في الخلق، وإن لم أكن أهلاً أن أكون المدينة فاجعلني بابها، ﴿ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ ( 6).
وقد كان لعلي ع ما طلب فهو باب الله في الخلق، وهو الرحمن في الخلق: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً﴾ (6 ).
********************************************************************** ********************
3 - الفتح : 1 – 2.
4- المناقب لابن شهر اشوب : ج1 ص317.
5- مقطع من المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين ع ، بحار الأنوار : ج91 ص97.
6 - الإسراء : 110.
********************************************************************** ********************
والحمد لله ...وحده....وحده....وحده
من كتاب المتشابهات للامام احمد الحسن ع
سؤال/ 78: في دعاء كميل: (إلهي ومولاي أجريت عليَّ حُكماً اتبعت فيه هوى نفسي ولم أحترس فيه من تزيين عدوي، فغرني بما أهوى، وأسعده على ذلك القضاء، فتجاوزت بما جرى عليَّ من ذلك بعض حدودك، وخالفت بعض أوامرك، فلك الحجة عليَّ في جميع ذلك ولا حجة لي فيما جرى عليَّ فيه قضاءك، وألزمني حكمك وبلاءك. وقد أتيتك يا ألهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً منكسراً مستقيلا ًمستغفراً، منيباً مقراً مذعناً معترفاً، لا أجد مفراً مما كان مني، ولا مفزعاً أتوجه إليه في أمري ، غير قبولك عذري، وإدخالك إياي في سعة من رحمتك) ( 1).
1- ما معنى هذه الكلمات من الدعاء؟
2- إن القائل هو أمير المؤمنين علي ع فكيف يصح منه التجاوز والمخالفة لله سبحانه، وهو سيد الأوصياء وقسيم الجنة والنار ، والمعصوم من التجاوز والمخالفة لأمر الله؟
الجواب:
أجريت: مأخوذة من جريان الماء، فإذا جرى الماء باتجاهك لابد أن يغمرك. وحكماً: أي قضاء وإمضاء بعد قدر وتقدير سبقه. وهوى النفس والعدو: هو القرين، وهو النكتة السوداء الموجودة في فطرة الإنسان ( 2)، أو تشوّب الإنسان بالظلمة. والحكم المجرى: هو قبول الإنسان لهذه النكتة السوداء وتشوّبه بالظلمة، أي رضا الإنسان بوجوده أو قبوله لهذا الوجود المفترض.
********************************************************************** ***************
(1)- مصباح المتهجد : ص846.
2) - عن الإمام الباقرع، قال: (ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض، فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً، وهو قول الله عز وجل: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) الكافي : ج2 ص273
********************************************************************** ********************
فتجاوزت ... حدودك، وخالفت ... أوامرك: أي بسبب قبولي لوجودي والمتحقق بتشوّبي بالظلمة ، فأنا متجاوز لحدودك ومخالف لأوامرك، مع أنّ هذا التجاوز وهذه المخالفة هي الذنب الذي لا يفارق إنسانية الإنسان، وبدونها لا يبقى إلا الله الواحد القهار، وهذا التجاوز وهذه المخالفة؛ لأني لم أسعَ سعي محمد لإزالة شائبة العدم.
فعلي صلوات الله عليه دون رسول الله محمد ص ، ومحمد ص كشف له حجاب اللاهوت وخاطبه تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ ( 3)، وهذا الذنب هو شائبة الظلمة والعدم وهو المخالفة والتجاوز الأول.
أما أمير المؤمنين علي ع فقد قال: (لو كشف لي الغطاء ..) ( 4)، فلم يكشف له غطاء اللاهوت إلا بمحمد ، فعلي يعرف الله بمحمد ، أي: إنّ علياً يعرف الله سبحانـه بالله في الخلق (محمد ).
فَلَك الحجّة: لأني مقصر عن اللحاق بمحمد ومرافقته في كل أحواله، فكان لرسول الله محمد حالةً مع ربه سبحانه وتعالى لم يكن لأمير المؤمنين علي ع ولا لغيره من الأنبياء والمرسلين نصيب فيها. ورسول الله خُصّ بأنّ قرينه أسلم ؛ لأنه في آنات كشف الحجاب والفتح المبين لا تبقى شائبة الظلمة والعدم ولا يبقى محمد ، بل لا يبقى إلا الله الواحد القهار، نور لا ظلمة فيه سبحانه وتعالى عما يشركون.
ولا حجة لي فيما جرى عليَّ فيه قضاؤك، وألزمني حكمك وبلاؤك: فالحجة لك عليّ، وليس لعبد من عبادك حجة عليك سبحانك، فحكمك وقضاؤك وبلاؤك يجري على عبادك بتقصيرهم في النظر إلى أنفسهم والالتفات لها، قال سيد الموحدين علي ع: (إلهي قد جرت على نفسي في النظر لها فلها الويل إن لم تغفر لها) (5 )، أي : قد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، ونظري لها والالتفات إليها، معتذراً ... .
قبولك عذري وإدخالك إياي في سعةٍ من رحمتك: أي إن لم أكن أهلاً أن أكون الله في الخلق فاجعلني الرحمن في الخلق، وإن لم أكن أهلاً أن أكون المدينة فاجعلني بابها، ﴿ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ ( 6).
وقد كان لعلي ع ما طلب فهو باب الله في الخلق، وهو الرحمن في الخلق: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً﴾ (6 ).
********************************************************************** ********************
3 - الفتح : 1 – 2.
4- المناقب لابن شهر اشوب : ج1 ص317.
5- مقطع من المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين ع ، بحار الأنوار : ج91 ص97.
6 - الإسراء : 110.
********************************************************************** ********************
والحمد لله ...وحده....وحده....وحده