كتاب شركة الغرباء - التاريخ الطبيعي للحياة الاقتصادية - البرفسور بول سيبرايت

[نجمة الجدي]

اقتباس منكتاب شركة الغرباء - التاريخ الطبيعي للحياة الاقتصادية - البرفسور بول سيبرايت

حياتنا اليومية أغرب بكثير مما نتخيل ، وهي تقوم على أسس هشة. هذه هي الرسالة المذهلة للتاريخ التطوري للبشرية.

إن وجودنا المزدحم والصناعي والمتشابك ليس نتيجة تدريجية وحتمية للتنمية البشرية على مدى ملايين السنين.

بدلاً من ذلك ، نحن مدينون بتجربة غير عادية تم إطلاقها منذ عشرة آلاف عام فقط.

∗ لم يكن بإمكان أحد توقع هذه التجربة من خلال مراقبة مسار تطورنا السابق ، لكنها ستغير إلى الأبد طبيعة الحياة على كوكبنا.

في ذلك الوقت تقريبًا ، بعد نهاية العصر الجليدي الأخير ، بدأ أحد أكثر أنواع العصابات عدوانية ومراوغة في الاستقرار في المملكة الحيوانية بأكملها.

كان أحد القردة العظيمة - ابن عم قريب من الشمبانزي والبونوبو ، وناجي محظوظ من الانقراضات التي قضت على العديد من الفروع الواعدة الأخرى لعائلة الشمبانزي.

مثل الشمبانزي ، كان عنيفًا ، ومتحركًا ، ومريبًا بشدة للغرباء ، وكان يستخدم للصيد والقتال في مجموعات تتكون أساسًا من الأقارب المقربين.

ومع ذلك ، بدلاً من البحث عن الطعام ، بدأت في تربية القطعان وزراعة المحاصيل ، وتخزينها في مستوطنات حدت من تنقل القرد وعرّضته لاهتمام الغرباء الذين حاربوه أو فروا حتى الآن.

في غضون بضع مئات من الأجيال - بالكاد توقف للتنفس في الزمن التطوري - شكلت منظمات اجتماعية ذات تعقيد مذهل.

ليس فقط المستوطنات القروية ولكن المدن والجيوش والإمبراطوريات والشركات والدول القومية والحركات السياسية والمنظمات الإنسانية وحتى مجتمعات الإنترنت.

كان نفس القرد الخجول والقاتل الذي تجنب الغرباء طوال تاريخه التطوري يعيش الآن ويعمل ويتنقل بين الغرباء تمامًا بملايينهم.

الإنسان العاقل هو الحيوان الوحيد الذي ينخرط في تقاسم المهام - تقسيم العمل كما هو معروف أحيانًا - بين أفراد من نفس النوع غير مرتبطين وراثيًا.

إنها ظاهرة رائعة وإنسانية فريدة مثل اللغة نفسها.

يحصل معظم البشر الآن على نصيب كبير من تأمين حياتهم اليومية من الآخرين الذين لا تربطهم بهم صلة قرابة أو زواج.

حتى في المجتمعات الريفية الفقيرة ، يعتمد الناس بشكل كبير على غير الأقارب في الغذاء والملبس والدواء والحماية والمأوى.

في المدن ، معظم هؤلاء غير الأقارب المهمين لبقائنا غرباء تمامًا.

لا تعرف الطبيعة أمثلة أخرى لمثل هذا الاعتماد المتبادل المعقد بين الغرباء.

يحدث تقسيم للعمل ، صحيح ، في بعض الأنواع الأخرى ، مثل الحشرات الاجتماعية ، ولكن بشكل رئيسي بين الأقارب - العاملات في خلية النحل أو مستعمرة النمل أخوات.

هناك بعض حالات التعاون الظاهر بين مستعمرات النمل التي أسستها ملكات غير مرتبطين ، على الرغم من أن تفسير هذه الظاهرة لا يزال مثيرًا للجدل.

ومع ذلك ، هناك القليل من الجدل حول السهولة النسبية التي يمكن من خلالها تفسير تطور التعاون بين الأقارب المقربين: تُعرف الآلية باسم نظرية اختيار الأقارب.

أظهرت هذه النظرية أن التعاون من خلال تقسيم العمل بين الأقارب الوراثيين المقربين من المرجح أن يكون مفضلاً عن طريق الانتقاء الطبيعي ، لأن الأقارب المقربين يشتركون في نسبة عالية من الجينات ، بما في ذلك الجينات الطافرة ، الجيدة والسيئة.

ولكن لتطور تقسيم تعاوني منظم للعمل بين الأفراد غير المرتبطين جينيًا ، سيكون أمرًا مفاجئًا للغاية حقًا ، لأن الأفراد الذين لديهم جينات متحولة تفضل نزعات التعاون سيساعدون الآخرين الذين ليس لديهم مثل هذه التصرفات ولا يقدمون شيئًا في المقابل.

ومن المؤكد أن التعاون من خلال تقسيم العمل المفصل بين الأفراد غير المرتبطين به لم يتطور أبدًا في أي نوع آخر غير الإنسان.



The Company of Strangers: A Natural History of Economic Life - Revised Edition
Paul Seabright