Tweet
الديناصور يعود ! بقلم الكاتب الدكتور صبري صيدم
صحيفة القدس العربي - 20 فبراير 2013
لم نكن في طفولتنا نعرف الديناصور إلا عندما اختارت هوليود ذات يوم إعادة إحياء أساطير هذا الحيوان المنقرض لنكتشف عندها بأن عالماً عريضاً من هذه الحيوانات قد وجد ذات يوم لكنه انقرض بفعل نيزك كبير ضرب الأرض فغير معالم الجغرافيا وما عليها وتسبب في اختفاء الديناصور وقائمة من الحيوانات التي عاشت في عصور خلت.
وما أن انتشرت قصة الفلم الشهير 'جوراسيك بارك' للمخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ وبُدأ بعرض الفلم في صالات السينما حول العالم حتى ذاعت شعبية هذا الحيوان وبدأ عصر مهم من الانفجار التسويقي الغير المسبوق حول ظاهرة 'الديناصورات' وصولا إلى عالم بالغ الفضول والإثارة لدرجة دفعت متاحف عريقة كمتحف التاريخ في لندن إلى تجميع مجسم ضخم للديناصور ووضعه في مدخل المتحف والبدء بجمع تبرعات كبيرة لدعم البحث الخاص بعلوم الأرض.
الظريف بالأمر بأن عصر 'الديناصورات' البائد لم يكن يعرف التكنولوجيا ولا الأقمار الاصطناعية وأجهزة الاستشعار ومظلات الصواريخ ومركبات الفضاء ولا القبب الحديدة وصواريخ 'الباتريورت' والسهم والعابر للقارات ولا المضادات الأرضية والطائرات الشبح والمنظومات الدفاعية وأجهزة الاستشعار والإنترنت والحواسيب اللوحية والهواتف الذكية وتقنيات اللاسلكي وسبل التحكم عن بعد والذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام الاجتماعي. فما أن ضرب النيزك الذي أزاح الديناصور الأرض حتى فوجئ العالم وحيواناته بما تم.'
واليوم فوجئت البشرية التي أنفقت ما يعادل عشرة تريليونات من الدولارات على كل ما ذكرت آنفا من تسليح وتسلّح وحروب بنيزك موسكو الأخير قبل أيام معدودة وتحديدا يوم الخامس عشر من شباط عندما كانت التوقعات تنحصر في النيزك 'دي 14' والذي عبر بالفعل مقابل أقرب مسار له فوق اندونيسيا واستراليا ليصدم العالم بنيزك آخر وفي نفس اليوم يضرب ضواحي موسكو ويصيب 1200 شخص بجروح مختلفة ويدمر بعض المنشآت والممتلكات.
إذا نيزك موسكو الذي سقط دون أن ترصده البشرية قد أعادنا إلى عصر الديناصور وكأنما أرادت الطبيعة أن تهزأ بكل ما راكمه الأقوياء من عضلات باهتة فاشلة فقدت قيمتها مع سقوط النيزك الذي لم يكن متوقعا.
إذا فشل عالم الصواريخ وفي عقر داره برصد القادم الجديد بصورة مخزية لكل الذين يفاخرون بما يملكون من قدرات عسكرية واستشعارية وفلكية كبيرة، فلا تقنيات الرصد الأمريكي والأوروبي والروسي كانت تتوقع ما حدث.
ولولا رأفة القدر لكانت الخسائر جمة في الأرواح والممتلكات.
لذلك ومع تعاظم هوس أهل الفضول بما حدث ورغبة الكثيرين أمثالي بمعرفة سر 'النيزك الثائر' وسبب رصد البشرية 'لنيزك اندونيسيا' وفشلها في رصد 'نيزك موسكو' فإن أحدا ما سيدفع ثمن هذا الخطأ الفادح وسوء التقدير هذا وستشهد هذه الظاهرة ثورة آدمية في عالم البحث العلمي والتحليل والرصد وربما بصورة لم تشهدها البشرية من قبل.'
فما يبدو حدثا مثيرا لأهل الفضول يبدو لجمع آخرٍ من العلماء والقيادات العسكرية وخبراء علوم الأرض والطبيعة والفضاء وما بينهم حدثً فلكياً ضخماً سيأخذ منهم وقتا طويلاً في التحليل والتمحيص لمباغتته لهم.
لقد شكل يوم الخامس عشر من شباط الحالي أو ما أسميه 'بيوم الواقعة' حدثا علمياً طال بالسخف والاستهزاء ما راكمه البشر من غرور وتشدق، لينتابني شعور عارم بأن زمن الديناصور قد عاد. فهو كان الشاهد على نيزك ضرب الأرض دونما أن يدري أحد بقدوم الزائر الفلكي قبل آلاف السنين واليوم تكرر المشهد تماماً كما كان إبان عصر الديناصور، لا من يدري ولا من يعرف.
نعم اختفى الديناصور ذات يوم لتلد البشرية ديناصورات آدمية قتلها غرورها فراكمت السلاح ونهشت بجشعها لحم البشرية واحتلت الأرض وصادرت حريات الشعوب وبنت المستوطنات وصرعت العالم بصواريخها وعضلاتها وقببها وكفاءتها العلمية وجيوشها الجرارة وغزوها للفضاء ودرايتها بعصر التقانة وحتى بما يجري في غرف نومنا.
عالم 'ديناصوري' قتله غروره وادعاؤه للمجد وتطاوله على الخالق فعامل وتعامل بغطرسة فضحها وهزّأها 'نيزك موسكو'.
لذا فإن النتائج الفلكية 'والعلمية الواسعة لهذه الظاهرة ستحدث نقلة نوعية وغير مسبوق في عالم العلوم، لكن النقلة المطلوبة هي النقلة الآدمية لظاهرة برهنت حقيقة ما قيل: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا... و... ان الله لا يحب كل مختال فخور فهل من متعظ أم ننتظر نيزكا آخراً نكون نحن 'ديناصوراته' التي تنتظر الانقراض.
صحيفة القدس العربي - 20 فبراير 2013
لم نكن في طفولتنا نعرف الديناصور إلا عندما اختارت هوليود ذات يوم إعادة إحياء أساطير هذا الحيوان المنقرض لنكتشف عندها بأن عالماً عريضاً من هذه الحيوانات قد وجد ذات يوم لكنه انقرض بفعل نيزك كبير ضرب الأرض فغير معالم الجغرافيا وما عليها وتسبب في اختفاء الديناصور وقائمة من الحيوانات التي عاشت في عصور خلت.
وما أن انتشرت قصة الفلم الشهير 'جوراسيك بارك' للمخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ وبُدأ بعرض الفلم في صالات السينما حول العالم حتى ذاعت شعبية هذا الحيوان وبدأ عصر مهم من الانفجار التسويقي الغير المسبوق حول ظاهرة 'الديناصورات' وصولا إلى عالم بالغ الفضول والإثارة لدرجة دفعت متاحف عريقة كمتحف التاريخ في لندن إلى تجميع مجسم ضخم للديناصور ووضعه في مدخل المتحف والبدء بجمع تبرعات كبيرة لدعم البحث الخاص بعلوم الأرض.
الظريف بالأمر بأن عصر 'الديناصورات' البائد لم يكن يعرف التكنولوجيا ولا الأقمار الاصطناعية وأجهزة الاستشعار ومظلات الصواريخ ومركبات الفضاء ولا القبب الحديدة وصواريخ 'الباتريورت' والسهم والعابر للقارات ولا المضادات الأرضية والطائرات الشبح والمنظومات الدفاعية وأجهزة الاستشعار والإنترنت والحواسيب اللوحية والهواتف الذكية وتقنيات اللاسلكي وسبل التحكم عن بعد والذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام الاجتماعي. فما أن ضرب النيزك الذي أزاح الديناصور الأرض حتى فوجئ العالم وحيواناته بما تم.'
واليوم فوجئت البشرية التي أنفقت ما يعادل عشرة تريليونات من الدولارات على كل ما ذكرت آنفا من تسليح وتسلّح وحروب بنيزك موسكو الأخير قبل أيام معدودة وتحديدا يوم الخامس عشر من شباط عندما كانت التوقعات تنحصر في النيزك 'دي 14' والذي عبر بالفعل مقابل أقرب مسار له فوق اندونيسيا واستراليا ليصدم العالم بنيزك آخر وفي نفس اليوم يضرب ضواحي موسكو ويصيب 1200 شخص بجروح مختلفة ويدمر بعض المنشآت والممتلكات.
إذا نيزك موسكو الذي سقط دون أن ترصده البشرية قد أعادنا إلى عصر الديناصور وكأنما أرادت الطبيعة أن تهزأ بكل ما راكمه الأقوياء من عضلات باهتة فاشلة فقدت قيمتها مع سقوط النيزك الذي لم يكن متوقعا.
إذا فشل عالم الصواريخ وفي عقر داره برصد القادم الجديد بصورة مخزية لكل الذين يفاخرون بما يملكون من قدرات عسكرية واستشعارية وفلكية كبيرة، فلا تقنيات الرصد الأمريكي والأوروبي والروسي كانت تتوقع ما حدث.
ولولا رأفة القدر لكانت الخسائر جمة في الأرواح والممتلكات.
لذلك ومع تعاظم هوس أهل الفضول بما حدث ورغبة الكثيرين أمثالي بمعرفة سر 'النيزك الثائر' وسبب رصد البشرية 'لنيزك اندونيسيا' وفشلها في رصد 'نيزك موسكو' فإن أحدا ما سيدفع ثمن هذا الخطأ الفادح وسوء التقدير هذا وستشهد هذه الظاهرة ثورة آدمية في عالم البحث العلمي والتحليل والرصد وربما بصورة لم تشهدها البشرية من قبل.'
فما يبدو حدثا مثيرا لأهل الفضول يبدو لجمع آخرٍ من العلماء والقيادات العسكرية وخبراء علوم الأرض والطبيعة والفضاء وما بينهم حدثً فلكياً ضخماً سيأخذ منهم وقتا طويلاً في التحليل والتمحيص لمباغتته لهم.
لقد شكل يوم الخامس عشر من شباط الحالي أو ما أسميه 'بيوم الواقعة' حدثا علمياً طال بالسخف والاستهزاء ما راكمه البشر من غرور وتشدق، لينتابني شعور عارم بأن زمن الديناصور قد عاد. فهو كان الشاهد على نيزك ضرب الأرض دونما أن يدري أحد بقدوم الزائر الفلكي قبل آلاف السنين واليوم تكرر المشهد تماماً كما كان إبان عصر الديناصور، لا من يدري ولا من يعرف.
نعم اختفى الديناصور ذات يوم لتلد البشرية ديناصورات آدمية قتلها غرورها فراكمت السلاح ونهشت بجشعها لحم البشرية واحتلت الأرض وصادرت حريات الشعوب وبنت المستوطنات وصرعت العالم بصواريخها وعضلاتها وقببها وكفاءتها العلمية وجيوشها الجرارة وغزوها للفضاء ودرايتها بعصر التقانة وحتى بما يجري في غرف نومنا.
عالم 'ديناصوري' قتله غروره وادعاؤه للمجد وتطاوله على الخالق فعامل وتعامل بغطرسة فضحها وهزّأها 'نيزك موسكو'.
لذا فإن النتائج الفلكية 'والعلمية الواسعة لهذه الظاهرة ستحدث نقلة نوعية وغير مسبوق في عالم العلوم، لكن النقلة المطلوبة هي النقلة الآدمية لظاهرة برهنت حقيقة ما قيل: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا... و... ان الله لا يحب كل مختال فخور فهل من متعظ أم ننتظر نيزكا آخراً نكون نحن 'ديناصوراته' التي تنتظر الانقراض.