إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

رسالة عمرو بن العاص لمعاویة فی فضائل علیّ بن أبی طالب

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    رسالة عمرو بن العاص لمعاویة فی فضائل علیّ بن أبی طالب



    بسم الله الرحمن الرحیم


    اللهم صل علی محمد وال محمد الائمه والمهدیین وسلم تسلیما

    رسالة عمرو بن العاص لمعاویة فی فضائل علیّ بن أبی طالب

    السابعة‌: الرسالة‌ التي‌ كتبها عمرو بن‌ العاص‌ إلی معاوية‌، و ذكر فيها نزول‌ هذه‌ الآية‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ و ذلك‌ لمّا كتب‌ معاوية‌ إلی عمرو بن‌ العاص‌، و هو في‌ فلسطين‌، يدعوه‌ إلی قتال‌ أميرالمؤمنين‌ علی عليه‌ السلام‌. كتب‌ ابن‌ العاص‌ في‌ جوابه‌: «مِن‌ عمرو بن‌ سعد بن‌ أبي‌ العاص‌ [1] إلی معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌؛ أمّا بعد، فقد وصل‌ لي‌ كتابك‌ فقرأته‌ وفهمته‌. فأمّا ما دعوتني‌ إليه‌ من‌ خلع‌ رِبقة‌ الإسلام‌ من‌ عنقي‌، والتهوّر في‌ الضلالة‌ معك‌ و إعانتي‌ إيّاك‌ علی الباطل‌ و إختراط‌ السيف‌ في‌ وجه‌ علی و هو أخو رسول‌ الله‌، و وصيّه‌، و وارثه‌، و قاضي‌ دينه‌، و منجز وعده‌، و زوج‌ ابنته‌ سيّدة‌ نساء الجنّة‌، و أبو السبطين‌ الحسن‌ و الحسين‌ سيّدي‌شباب‌ أهل‌ الجنّة‌ (فلن‌ يكون‌). [2]
    و أمّا ما قلت‌ إنّك‌ خليفة‌ عثمان‌ فقد صدقت‌، ولكن‌ تبيّن‌ اليوم‌ عزلك‌ عن‌ خلافته‌، و قد بويع‌ لغيره‌، فزالت‌ خلافتك‌.
    و أمّا ما عظّمتني‌ به‌ و نسبتني‌ إليه‌ من‌ صحبة‌ رسول‌ الله‌، و إنّي‌ صاحب‌ جيشه‌، فلا أغترّ بالتزكية‌ و لاأميل‌ بها عن‌ الملّة‌.
    و أمّا ما نسبت‌ أبا الحسن‌ أخا رسول‌ الله‌ و وصيّه‌ إلی البغي‌ و الحسد لعثمان‌ و سمّيت‌ أصحابه‌ فسقة‌، و زعمت‌ أنـّه‌ أشلاهم‌ علی قتله‌، فهذا كذب‌ و غواية‌.
    ويحك‌ يا معاوية‌، أمّا علمت‌ أنّ أباالحسن‌ بذل‌ نفسه‌ بين‌ يدي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [، و بات‌ علی فراشه‌! و هو سابق‌ السَّبق‌ إلی الإسلام‌ و الهجرة‌، و قد قال‌ فيه‌ رسول‌ الله‌: هو منّي‌ و أنا منه‌، و هو منّي‌ بمنزلة‌ هارون‌ من‌ موسي‌، إِلاّ أنـّه‌ لا نبيّ بعدي‌. و قد قال‌ فيه‌ يوم‌ غدير خمّ: ألا و مَن‌ كنت‌ مولاه‌ فعليٌّ مولاه‌، اللهمّ وال‌ من‌ والاه‌ و عاد من‌ عاداه‌ و انصر من‌ نصره‌ و اخذل‌ من‌ خذله‌.
    و هو الذي‌ قال‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ يوم‌ خيبر: لاُعطينّ الراية‌ غداً رجلاً يحبّ الله‌ و رسوله‌ و يحبّه‌ الله‌ و رسوله‌. و هو الذي‌ قال‌ فيه‌ عليه‌ السلام‌ يوم‌ الطير: اللهمّ ائتني‌ بأحبّ الخلق‌ إليك‌. [3] فلمّا دخل‌ عليه‌ قال‌: و إلَيّ وإلَيّ. وقد قال‌ فيه‌ يوم‌ النظير: علی إمام‌ البررة‌ و قاتل‌ الفجرة‌ منصور من‌ نصره‌ مخذول‌ من‌ خذله‌. و قد قال‌ فيه‌: علی وليّكم‌ من‌ بعدي‌، وأكّد القول‌ عليك‌ وعَلَيّ و علی جميع‌ المسلمين‌ و قال‌: إنّي‌ مخلّف‌ فيكم‌ الثقلين‌ كتاب‌ الله‌ وعترتي‌. و قد قال‌: أنا مدينة‌ العلم‌ و علی بابها
    و قد علمتَ يا معاوية‌ ما أنزل‌ الله‌ تعالي‌ في‌ كتابه‌ فيه‌ من‌ الآيات‌ المتلوّات‌ في‌ فضائله‌ التي‌ لايشركه‌ فيها أحد، كقوله‌ تعالي‌: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ؛ إِنـَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَ'وةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَـ'وةَ وَ هُمْ رَ'كِعُونَ؛ أَفَمْن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتَـ'بُ مُوسَي‌'؛ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَهَ عَلَيْهِ؛ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي‌ الْقُرْبَي‌'.
    و قد قال‌ رسول‌ الله‌: أمّا ترضي‌ أن‌ تكون‌ منيّ بمنزلة‌ هارون‌ مِن‌ موسي‌؟ سلمك‌ سلمي‌ و حربك‌ حربي‌، و تكون‌ أخي‌ و وليّ في‌ الدّنيا والآخرة‌. يا أبا الحسن‌، من‌ أحبّك‌ فقد أحبّني‌ و من‌ أبغضك‌ فقد أبغضني‌. ومن‌ أحبّك‌ أدخله‌ الله‌ الجنّة‌ و من‌ أبغضك‌ أدخله‌ الله‌ النار، و كتابك‌ يا معاوية‌ الذي‌ هذا جوابه‌ ليس‌ ممّا ينخدع‌ به‌ من‌ له‌ عقل‌ أو دين‌، و السلام‌». [4]
    و ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ عمرو بن‌ العاص‌ لم‌ ينطلق‌ في‌ هذه‌ الرسالة‌ من‌ وحي‌ الإخلاص‌ والحبّ لسيّدنا أميرالمؤمنين‌ علی عليه‌ السلام‌ و إن‌ كان‌ مقرّاً بهذه‌ الفضائل‌ لعليّ بن‌ أبي‌ طالب‌، بَيدَ أنـّه‌ كتب‌ هذه‌ الرسالة‌ إنكاراً لمعاوية‌ و ردّاً عليه‌ حين‌ رام‌ أن‌ يخدعه‌ برسالته‌ التي‌ كتبها إليه‌. علی أيّ حال‌ فإنّ معاوية‌ قد دعاه‌ و وعده‌ بحكومة‌ مصر. و كم‌ نصحه‌ ولده‌ عبدالله‌ وغلامه‌ وَردان‌ أن‌ لاينجرف‌ في‌ تيّار معاوية‌، لكنّه‌ لم‌ يسمع‌. و بعد مراسلات‌ جرت‌ بينه‌ و بين‌ معاوية‌ حول‌ حكومة‌ مصر المطلقة‌ بلا قيد أو شرط‌، رضخ‌ لمعاوية‌. و أخذ من‌ معاوية‌ الامر في‌ توليته‌ مصر علی شرط‌ القتال‌ مع‌ عليّبن‌ أبي‌ طالب‌. [5] و كان‌ له‌ في‌ حرب‌ صفّين‌ مقام‌ الصدارة‌ و الوزارة‌ في‌ جيش‌ معاوية‌.
    ذكر ابن‌ أبي‌ الحديد شرحاً مفصّلاً في‌ ترجمة‌ عمرو بن‌ العاص‌ ضمن‌ شرح‌ الخطبة‌ الثالثة‌ و الثمانين‌ من‌ خطب‌ نهج‌ البلاغة‌. [6] و نذكر هنا نبذة‌ منها في‌ غاية‌ الإيجاز. يقول‌: أبوه‌ العاص‌ بن‌ وائل‌ أَحَدُ الْمُسْتَهزِئِينَ بِرَسُولِ اللَهِ وَالْمُكَاشِفِينَ لَهُ بِالْعَدَاوَةِ و فيه‌ أنزل‌ قوله‌ تعالي‌: إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهِزِئِينَ. [7] ويلقّب‌ العاص‌ بن‌ وائل‌ في‌ الإسلام‌ بالابتر، لانـّه‌ كان‌ يقول‌: سيموت‌ هذا الابتر غداً، فينقطع‌ ذكره‌، يعني‌ رسول‌ الله‌، فأنزل‌ الله‌ سبحانه‌: إِنَّ شَأنِئَكَ هُوَ الاْبْتَرُ.[8]
    جنایات عمرو بن العاص و عداوه الشدید لرسول الله صلّی الله علیه وآله

    أمّا عمرو (ابن‌ عاص‌) نفسه‌ فقد كان‌ أحد من‌ يؤذي‌ رسول‌ الله‌ بمكّة‌، و يشتمه‌ و يضع‌ في‌ طريقه‌ الحجارة‌، لانـّه‌ كان‌ يخرج‌ من‌ منزله‌ ليلاً فيطوف‌ بالكعبة‌، و كان‌ عمرو يجعل‌ له‌ الحجارة‌ في‌ مسلكه‌ ليعثر بها. [9] وهو أحد القوم‌ الذين‌ خرجوا إلی زينب‌ ابنة‌ رسول‌ الله‌ لمّا خرجت‌ مهاجرة‌ من‌ مكّة‌ إلی المدينة‌، فرّوعوها و قرعوا هودجها بكعوب‌ الرماح‌، حتّي‌ أجهضت‌ جنيناً ميّتاً من‌ أبي‌ العاص‌ بن‌ الربيع‌ بعلها. فلمّا بلغ‌ ذلك‌ رسول‌الله‌، نال‌ منه‌ و شقّ عليه‌ مشقّة‌ شديدة‌ و لعنهم‌.[10]
    و كان‌ عمرو يعلّم‌ صبيان‌ مكّة‌ شعراً في‌ هجاء النبيّ، فينشدونه‌ ويصيحون‌ برسول‌ الله‌ إذا مرّبهم‌. وكان‌ نفسه‌ يهجو رسول‌ الله‌. فقال‌ رسول‌الله‌: و هو يصلّي‌ بحجر إسماعيل‌: اللَهُمَّ إنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ هَجَانِي‌ وَ لَسْتُ بِشَاعِرٍ فَالْعَنْهُ بِعَدَدِ مَا هَجَانِي‌.[11]
    (قال‌ سليم‌ بن‌ قيس‌: قال‌ أميرالمؤمنين‌: أنشد عمرو قصيدة‌ في‌ سبعين‌ بيتاً في‌ هجاء رسول‌ الله‌، فقال‌ رسول‌ الله‌: اللهمّ العنه‌ بكلّ بيت‌ لعنة‌). [12]
    و روي‌ أهل‌ الحديث‌ أنّ النضر بن‌ الحارث‌، و عُقبة‌ بن‌ أبي‌ مُعَيْط‌ وعمرو بن‌ العاص‌ عهدوا إلی سلا جمل‌ [13] فرفعوه‌ بينهم‌، و وضعوه‌ علی رأس‌ رسول‌ الله‌ و هو ساجد بفناء الكعبة‌، فسال‌ عليه‌، فصبر و لم‌ يرفع‌ رأسه‌ وبكي‌ في‌ سجوده‌ و دعا عليهم‌. فجاءت‌ ابنته‌ فاطمة‌ عليها السلام‌ و هي‌ باكية‌، فاحتضنت‌ ذلك‌ السَّلا فرفعته‌ عنه‌ فألقته‌ و قامت‌ علی رأسه‌ تبكي‌ فرفع‌ رأسه‌، و قال‌ ثلاثاً: اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيشٍ. ثُمّ قال‌ رافعاً صوته‌: إِنِّي‌ مَظْلُومٌ فَانْتَصِرْ. ثمّ قام‌ فدخل‌ منزله‌، و ذلك‌ بعد وفاة‌ عمّه‌ أبي‌ طالب‌ بشهرين‌. [14] و لشدّة‌ عداوة‌ عمرو بن‌ العاص‌ لرسول‌ الله‌، أرسله‌ أهل‌ مكّة‌ إلی النجاشيّ ليزهِّده‌ في‌ا لدين‌، و ليطرد عن‌ بلاده‌ مهاجرة‌ الحبشة‌، و ليقتل‌ جعفر بن‌ أبي‌ طالب‌ عنده‌، و هذا مذكور مشهور في‌ السيَر. [15]
    و أمّا «النابغة‌» أُمّ عمرو بن‌ العاص‌ ] و اسمها سَلْمَي‌ [ فقد كانت‌ أمَة‌ لرجل‌ من‌ عَنَزة‌، فسُبيت‌، فاشتراها عبدالله‌ بن‌ جُدعان‌ التيميّ بمكّة‌. فكانت‌ بغيّاً ثمّ أعتقها، فوقع‌ عليها أبو لهب‌ بن‌ عبدالمطّلب‌، و أُميّة‌ بن‌ خلف‌ الجمحيّ، و هشام‌ بن‌ المغيرة‌ المخزوميّ، و أبوسفيان‌ بن‌ حرب‌ والعاص‌ بن‌ وائل‌ السهميّ، في‌ طهر واحد، فولدت‌ عَمْراً، فادّعاه‌ كلّهم‌ فَحُكِّمَت‌ أُمّه‌ فيه‌، فقالت‌: هو من‌ العاص‌ بن‌ وائل‌، و ذاك‌ لانّ العاص‌ بن‌ وائل‌ كان‌ ينفق‌ عليها كثيراً، و كان‌ أبوسفيان‌ شحيحاً و بخيلاً. و مع‌ أنّ عمرو بن‌ العاص‌ كان‌ أشبه‌ بأبي‌ سفيان‌ لكنّ سلمي‌ نسبته‌ للعاص‌ بن‌ وائل‌ وليس‌ لابي‌ سفيان‌. [16]
    و مجمل‌ الكلام‌ أنّ عمرو بن‌ العاص‌ لم‌ يتوان‌ لحظة‌ واحدة‌ في‌ عدائه‌ لرسول‌ الله‌ حتّي‌ آخر غزوة‌ الخندق‌ عندما رجع‌ المشركون‌ إلی مكّة‌. يقول‌ عمرو بن‌ العاص‌: جمعت‌ رجالاً من‌ قريش‌ كانوا يرون‌ رأيي‌، و يسمعون‌ منّي‌، فقلت‌ لهم‌: إنّي‌ و اللهِ لاري‌ أمر محمّد يعلو الاُمور علوّاً منكراً. و أري‌ أن‌ نأتي‌ الحبشة‌ فنلحق‌ بالنجاشيّ. فإن‌ ظهر محمّد علی قومه‌، أقمنا عند النجاشيّ، فأن‌ نكون‌ تحت‌ يديه‌ أحبّ إلينا من‌ أن‌ نكون‌ تحت‌ يدي‌ محمّد. فإن‌ ظهر قومنا فنحن‌ من‌ قد عرفوا (و لن‌ يأتينا منهم‌ إِلاّ خير). قالوا: إنّ هذا لرأي‌. و جمعوا الهدايا الكثيرة‌ و اتّجهوا صوب‌ النجاشيّ.
    سعایة عمرو بن العاص عند النجاشی بمبعوث رسول الله صلی الله علیه و آله

    يقول‌ عمرو بن‌ العاص‌: كنّا عند النجاشيّ بعدما جئناه‌ بالهدايا والتحف‌، إذ قدم‌ عمرو بن‌ اُمَيَّة‌، و كان‌ رسول‌ الله‌ ـ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ـ بعثه‌ إليه‌ في‌ شأن‌ جعفر بن‌ أبي‌ طالب‌ و أصحابه‌ ثمّ خرج‌ من‌ عنده‌. فقلت‌ لاصحابي‌: (آن‌ لي‌ أن‌ أنتقم‌ من‌ محمّد) هذا عمرو بن‌ أُميّة‌ لو قد دخلتُ علی النجاشيّ فسألته‌ إيّاه‌ فضربتُ عنقه‌. فدخلتُ عليه‌ فسجدتُ له‌ (و بعد السلام‌ و التحيّة‌) قلتُ له‌: أيّها الملك‌! إنّي‌ قد رأيتُ رجلاً خرج‌ من‌ عندك‌، و هو رسول‌ رجل‌ عدوّ لنا فأعطنيه‌ لاقتله‌، فإنّه‌ قد أصاب‌ من‌ أشرافنا و خيارنا. يقول‌ ابن‌ العاص‌: فغضب‌ الملك‌، ثمّ مدّيده‌، فضرب‌ بها أنفه‌ ضربة‌ ظننت‌ أنـّه‌ قد كسره‌، فلو انشقّت‌ لي‌ الارض‌ لدخلت‌ فيها فرقاً منه‌. ثمّ قلتُ: أيّها الملك‌، والله‌ لو ظننت‌ أنـّك‌ تكره‌ هذا، ما سألتكه‌. فقال‌: أتسألني‌ أن‌ أعطيك‌ رسول‌ رجل‌ يأتيه‌ الناموس‌ الاكبر (جبرائيل‌ الامين‌) الذي‌ كان‌ يأتي‌ موسي‌ لتقتله‌؟ فقلتُ: أيّها الملك‌، أكذلك‌ هو؟ فقال‌: أي‌ والله‌! أطعني‌ ويحك‌ واتّبعه‌، فإنـّه‌ والله‌ لعلي‌ حقّ، و ليظهرنّ علی من‌ خالفه‌، كما ظهر موسي‌ علی فرعون‌ و جنوده‌. قلتُ: فبايعني‌ له‌ علی الإسلام‌، فبسط‌ يده‌، فبايعته‌ علی الإسلام‌، و خرجتُ عامداً لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌، فلمّا قدمت‌ المدينة‌، جئت‌ إلی رسول‌ الله‌ وقدأسلم‌ خالد بن‌ الوليد، و قد كان‌ صحبني‌ في‌ الطريق‌ إليه‌. فقلتُ: يا رسول‌ الله‌، أُبايعك‌ علی أن‌ تَغفر لي‌ ما تقدّم‌ من‌ ذنبي‌. ولم‌ أذكر ما تأخرّ. فقال‌: بايِعْ يَا عَمْرُو؛ فإنَّ الإسلام يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَ إنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَها. فبايعته‌ و أسلمتُ.[17]
    ويقول‌ إبن‌ عبد البرّ: إنّ إسلام‌ عمرو بن‌ العاص‌ كان‌ سنة‌ ثمان‌، وأنـّه‌ قدم‌، و خالد ابن‌ الوليد، و عثمان‌ بن‌ طلحة‌ المدينة‌، فلمّا رآهم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: رَمَتْكُمْ مَكَّةُ بِأَفْلاَذِ كَبِدِهَا. [18]
    يتّضح‌ لنا من‌ هذه‌ الرواية‌ جيّداً أنّ إسلام‌ عمرو بن‌ العاص‌ لم‌ يكن‌ من‌ دافع‌ خلوص‌ السريرة‌، و عزم‌ سابق‌، و إرادة‌ حقيقيّة‌، بل‌ إنـّه‌ لمّا جوبه‌ برفض‌ النجاشيّ عندما التجأ إليه‌ بعد أن‌ ارتكب‌ كلّ جريمة‌، و دعاه‌ النجاشيّ إلی الإسلام‌. لم‌ يجد بدّاً له‌ ولديناه‌ إِلاّ البيعة‌ و التسليم‌ في‌ آخر المطاف‌. و بعثه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ إلی ذات‌ السلاسل‌ من‌ بلاد قُضاعة‌ في‌ ثلاثمائة‌ ليدعوهم‌ إلی الإسلام‌. و كانت‌ جدّته‌ أُمّ العاص‌بن‌ وائل‌ من‌ بَلِيٍّ، فبعثه‌ رسول‌ الله‌ إلی أرض‌ بَلِي‌ٍّ و عُذْرة‌، و في‌ الطريق‌ كتب‌ إلی النبيّ يستنجده‌، فأمدّة‌ بجيش‌ فيه‌ مائتا فارس‌ بقيادة‌ أبي‌ عبيدة‌ بن‌ الجرّاح‌. [19] ثمّ ولاّه‌ رسول‌ الله‌ عُمان‌، فلم‌ يزل‌ عليها حتّي‌ قُبض‌ رسول‌ الله‌. [20] و كان‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ ولاّه‌ بعد موت‌ يزيد بن‌ أبي‌ سفيان‌ فلسطين‌ والاُردن‌. و ولّي‌ معاوية‌ دمشق‌، و بعلبك‌، و البلقاء. و ولّي‌ سعيد بن‌ عامر بن‌ خذيم‌ حِمْص‌. ثمّ جمع‌ الشام‌ كلّها لمعاوية‌، وكتب‌ إلی عمروبن‌ العاص‌ أن‌ يسير إلی مصر. فسار إليها ابن‌ العاص‌ فافتتحها، فلم‌ يزل‌ عليها والياً حتّي‌ مات‌ عمر. فأمرّه‌ عثمان‌ عليها أربع‌ سنين‌ و نحوها، ثمّ عزله‌ عنها و ولاّها عبدالله‌ بن‌ سعد بن‌ أبي‌ سرح‌ العامريّ. [21]
    رسالة معاویه إلی عمرو بن العاص و استعانته به

    يقول‌ ابن‌ عبد البرّ: إنّ عمرو بن‌ العاص‌ ادّعي‌ ] في‌ زمان‌ ولايته‌ [ علی أهل‌ الإسكندريّة‌ أنّهم‌ قد نقضوا العهد الذي‌ كان‌ عاهدهم‌، فعمد إليها فحارب‌ أهلها، و افتتحها، و قتل‌ المقاتلة‌ و سبي‌ الذرّيّة‌. فنقم‌ ذلك‌ عليه‌ عثمان‌، و لم‌ يصحّ عنده‌ نقضهم‌ العهدَ، فأمر بردّ السبي‌ الذين‌ سبقوا من‌ القري‌ إلی مواضعهم‌، وعزل‌ عمراً عن‌ مصر، و ولّي‌ عبدالله‌ بن‌ سعد بن‌ أبي‌ سُرْح‌ العامريّ مصراً بدله‌. فكان‌ ذلك‌ بدو الشرّ بين‌ عمرو بن‌ العاص‌ وعثمان‌ بن‌ عفّان‌. فلمّا بدا بينهما من‌ الشرّ مابدا، اعتزل‌ عمرو في‌ ناحية‌ فلسطين‌ بأهله‌ [22] و بعد قتل‌ عثمان‌، و بيعة‌ المهاجرين‌ و الانصار أميرالمؤمنين‌ عليّاً عليه‌ السلام‌ بالخلافة‌، و تمرّد معاوية‌ بادّعائه‌ حكومة‌ الشام‌، و رفض‌ الإمام‌ ذلك‌، كتب‌ معاوية‌ إلی عمرو بن‌ العاص‌ في‌ فلسطين‌ يستنجده‌ لقتال‌ أميرالمؤمنين‌. و هذه‌ هي‌الرسالة‌ التي‌ نقلناها آنفاً. و ذكرنا جواب‌ عمرو بن‌ العاص‌ مفصّلاً. وعندما وصل‌ جوابه‌ إلی معاوية‌، كتب‌ إليه‌ معاوية‌ كتاباً آخر وعده‌ فيه‌ بحكومة‌ الامصار و الاموال‌ الطائلة‌، و كتب‌ في‌ آخره‌ هذه‌ الابيات‌ الثلاثة‌.
    جَهِلْتَ وَ لَمْ تَعْلَمْ مَحِلَّكَ عِنْدَنَا وَ أَرْسَلْتَ شَيْئاً مِنْ عِتَابٍ وَ مَا تَدْرِي‌
    فَثِقْ بِالَّذِي‌ عِنْدي‌ لَكَ الْيَوْمَ آنِفاً مِنَ الْعِزِّ وَ الإكْرَامِ وَالْجَاهِ وَالْقَدْرِ
    فَأَكْتُبُ عَهْداً تَرْتَضِيهِ مُؤَكَّداً وَ أُشَفِّعُهُ بِالْبَذْلِ مِنِّي‌ وَ بِالْبِرَّ
    رسالة عمرو بن العاص الجوابیة لمعاویه

    فكتب‌ إليه‌ عمرو بن‌ العاص‌ مجيباً بهذه‌ الابيات‌:
    أَبَي‌ الْقَلْبُ مِنِّي‌ أَنْ أُخَادَعَ بِالْمَكْرِ بِقَتْلِ ابْنِ عَفّانٍ أُجَرُّ إلی الْكُفْرِ
    وَ إِنِّي‌ لَعَمْرٌ و ذُو دَهَاءٍ وَ فِطْنَةٍ وَ لَسْتُ أَبيعُ الدِّينَ بِالرِّبْحِ وَالْوَفْرِ
    فَلَوْ كُنْتَ ذَا رَأَي‌ٍ وَ عَقْلٍ وَ حِيلَةٍ لَقُلْتَ لِهَذَا الْشَّيْخِ إنْ خَاضَ فِي‌ الامْرِ
    تَحِيَّةُ مَنْشُورٍ جَلِيسِ مُكَرَّم‌ بِخَبْطٍ ]بِخَطٍّ [ صَحِيحٍ ذِي‌ بَيَانٍ علی مِصْرِ
    أَلَيْسَ صَغيراً مُلْكُ مِصْرَ بِبَيْعَةٍ هِيَ الْعَارُ فِي‌ الدُّنْيَا علی الْعَقْبِ مِنْ عَمْرِو
    فَإنْ كُنْتَ ذَا مَيْلٍ شَديدٍ إلی الْعُلَي‌ وَإِمرَةِ أَهْلِ الدِّينِ مِثْلَ أَبي‌ بَكْرِ
    فَأَشْرِكْ أَخا رَأيٍ وَ حَزْمٍ وَ حِيلَةٍ مُعَاوِي‌َ فِي‌ أَمْرٍ جَلِيلٍ لِذي‌ الذِّكْرِ
    فَإنَّ رِواءَ اللَّيْثِ صَعْبٌ علی الْوَري ‌ وَ إن‌ غَابَ عَمْرٌو زيدَ شَرٌّ إلی شَرِّ [23]
    و خلاصة‌ الكلام‌ أنّ عمرو بن‌ العاص‌ يقول‌ هنا بأنـّه‌ حازم‌ فطن‌ ذودهاء. و أنّ معاوية‌ إذا أشركه‌ في‌ الرئاسة‌، فإنـّهما يستطيعان‌ الوقوف‌ بوجه‌ الليث‌ الباسل‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌. و إِلاّ فإنّ معاوية‌ و حده‌ لايستطيع‌ ولايجني‌ من‌ عمله‌ إِلاّ الدمار و الشرّ. و بعد أن‌ قرأ معاوية‌ كتاب‌ عمرو كتب‌إليه‌ كتابه‌ في‌ تولية‌ مصر.
    نهی ابن و غلام عمرو بن العاص إیّاه عن إعانة معاویه

    و عندما وصل‌ الكتاب‌ إلی عمرو بن‌ العاص‌ ذهب‌ به‌ مذاهب‌ شتّي‌، وفكّرماذايفعل‌،فاستشار ابنيه‌: عبدالله‌ ومحمّد، فنهاه‌ عبدالله‌ عن‌ الرحيل‌ نحو معاوية‌ قائلاً له‌: لستَ مجعولاً خليفة‌، ولاتزيد علی أن‌ تكون‌ حاشية‌ لمعاوية‌ علی دنيا قليلة‌ أو شكتما أن‌ تهلكا، فتستويا في‌ عقابها. أمّا محمّد فقد قال‌ له‌: أري‌ أنـّك‌ شيخ‌ قريش‌، وصاحب‌ أمرها و إن‌ تصرّم‌ هذا الامر و أنت‌ غافل‌، تصاغر أمرك‌، فالحق‌ بجماعة‌ أهل‌ الشام‌، طالباً بدم‌ عثمان‌، فإنـّه‌ سيقوم‌ بذلك‌ بنو أُميّة‌. فقال‌ عمرو، أمّا أنت‌ يا عبدالله‌، فأمرتني‌ بما هو خير لي‌ في‌ ديني‌، و أنت‌ يا محمّد فأمرتني‌ بما هو خير لي‌ في‌ دنياي‌، و أنا ناظر، فلمّا جنّه‌ اللّيل‌، رفع‌ صوته‌ و أهله‌ يسمعون‌، فقال‌:
    تَطَاوَلَ لَيْلِي‌ بِالْهُمُومِ الطَّوارِقِ وَ خَوْفِ الَّتِي‌ تَجْلُو وُجُوهَ العَوَاتِقِ
    وَ إِنَّ ابْنَ هِنْدٍ سَاَلَني‌ أَنْ أَزورَهُ وَ تِلْكَ الَّتِي‌ فِيهَا بَنَاتُ الْبَوائِقِ [24]
    أَتَاهُ جَريرٌ مِنْ علی بِخُطَّةٍ أَمََّرتْ عَلَيْهِ الْعَيْشَ ذَاتَ مَضَائِقِ
    فَإنْ نَالَ مِنِّي‌ مَا يُؤَمِّلُ رَدَّهُ وَ إنْ لَمْ يَنَلْهُ ذلَّ ذُلَّ الْمُطَابِقِ
    فَوَاللَهِ مَا أَدْرِي‌ وَ مَا كُنْتُ هَكَذَا أَكُونُ وَ مَهْمَا قَادَنِي‌ فَهْوَ سَابِقِي‌
    أُخادِعُهُ إنَّ الْخِدَاعَ دَنِيَّةٌ أَمْ أُعْطِيهِ مِنْ نَفْسِي‌ نَصِيحَةَ وَ امِقِ
    أَمْ أَقْعُدُ فِي‌ بَيْتِي‌ وَ فِي‌ ذَاكَ رَاحَةٌ لِشَيْخٍ يَخَافُ الْمَوْتَ فِي‌ كُلِّ شَارِقِ
    وَ قَدْ قَالَ عَبْدُاللَهِ قَوْلاً تَعَلَّقَتْ بِهِ النَّفوسُ إنْ لَمْ تَقْتَطِعْنِي‌ عَوائِقِي‌
    وَ خَالَفَهُ فِيهِ أَخُوهُ مُحَمَّدٌ وَ إِنِّي‌ لَصُلْبُ الْعُودِ عِنْدَ الْحَقَائِقِ [25]
    فلمّا أسفر الصبح‌، أراد عمرو أن‌ يستشير غلامه‌ وَردان‌، و كان‌ داهية‌ مارداً، ولكنّه‌ قبل‌ أن‌ يطلق‌ لسانه‌ بالكلام‌، بادره‌ وَردان‌ قائلاً: إن‌ شئتَ أنبأتُكَ بِما في‌ قلبك‌؟ فقال‌ عمرو: هات‌. قال‌ وَردان‌: اعتركت‌ الدنيا والآخرة‌ علی قلبك‌، فقلتَ: علی معه‌ الآخرة‌ في‌غير دنيا، و في‌ الآخرة‌ عوض‌ من‌ الدنيا، و معاوية‌ مع‌ الدنيا بغير آخرة‌، و ليس‌ في‌الدنيا عوض‌ من‌ الآخرة‌، و أنتَ واقف‌ بينهما! قال‌: قاتلك‌ الله‌! ما أخطأتَ ما في‌ قلبي‌ فما تري‌ يا وَردان‌؟ قال‌: أري‌ أن‌ تقيم‌ في‌ بيتك‌، فانّ ظهر أهل‌ الدين‌، عشتَ في‌ عفو دينهم‌. و إن‌ ظهر أهل‌ الدنيا، لم‌ يستغنوا عنك‌. [26] ولكنّ عمرو تهيّأ للرحيل‌، و هو يقول‌:
    يَا قَاتَلَ اللهُ وَرْدَاناً وَ مِدْحَتَهُ [27] أَبْدَي‌ لَعَمْرُكَ مَا فِي‌ النَّفْسِ وَرْدَانُ
    لَمّا تَعَرَّضَتِ الدُّنَيا عَرَضْتُ لَهَا بِحِرْصِ نَفْسِي‌ وَ فِي‌ الاْطْبَاعِ إدْهَانُ
    نَفْسٌ تَعِفُّ وَ أُخْرَي‌ الْحِرصُ يَغْلِبُهَا وَالْمَرءُ يَأكُلُ تِبْناً وَ هْوَ غَرْثَانُ
    أَمّا علی فَدينٌ لَيْسَ يَشْرَكُهُ دُنْيَا وَ ذَاكَ لَهُ دُنْيَا وَ سُلْطَانُ
    فَاخْتَرْتُ مِنْ طَمَعِي‌ دُنْيَا علی بَصَرٍ وَ مَا مَعِي‌ بِالَّذِي‌ أَختَارُ بُرْهَانُ
    إِنِّي‌ لاَعْرِفُ مَا فِيهَا وَ اُبْصِرُهُ وَ فِيَّ أَيْضاً لِمَا أَهَْواهُ ألْوَانُ
    لَكِنَّ نَفْسِي‌ تُحِبُّ الْعَيْشَ فِي‌ شَرَفٍ وَ لَيْسَ يَرْضي‌ بِذُلِّ الْعَيْشِ إنْسَانُ [28]
    فجدّ عمرو بن‌ العاص‌ السير حتّي‌ بلغ‌ مفترقاً يتشعّب‌ إلی طريقين‌: أحدهما طريق‌ العراق‌، والآخر طريق‌ الشام‌. فمنعه‌ عبدالله‌ ووَردان‌ من‌ السير نحو الشام‌ قائلين‌ له‌: الآخرة‌ في‌ طريق‌ العراق‌، لكنّ عمرو بن‌ العاص‌ لم‌ يطاوعهما فعرّج‌ نحو الشام‌. [29] و دخل‌ علی معاوية‌، و ثبت‌ له‌ الامر بولاية‌ مصر، و علّم‌ معاوية‌ كيف‌ يخدع‌ الناس‌ بالاخذ بثأر عثمان‌ خليفة‌ رسول‌ الله‌ متظاهراً أنّ عليّاً و أصحابه‌ هم‌ الذين‌ قتلوه‌. فأرسلا علی شرحبيل‌بن‌ السمط‌ و هو شيخ‌ الشام‌ و أميرها فخدعاه‌ بأنّ عليّاً هو الذي‌ قتل‌ عثمان‌ فلابدّ من‌ قتاله‌ أخذاً بثأر الخليفة‌ المظلوم‌. فانخدع‌ ذلك‌ الرجل‌ المسكين‌ وأعلن‌ للناس‌ عن‌ وجوب‌ متابعة‌ معاوية‌، و أن‌ لايألوا جهداً في‌ الاخذ بثأر عثمان‌. و تمخّض‌ ذلك‌ كلّه‌ عن‌ حرب‌ صفّين‌.
    ذكروا أنّ مائة‌ ألف‌ قد قتلوا في‌ تلك‌ الحرب‌ حتّي‌ كاد النصر أن‌ يكون‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ ليلة‌ الهرير، لولا خطّة‌ ماكرة‌ جديدة‌ طرحها عمرو بن‌ العاص‌، و هي‌ رفع‌ المصاحف‌ علی الرماح‌ ممّا أدّي‌ إلی حدوث‌ الاضطراب‌ و التضعضع‌ في‌ جيش‌ الإمام‌، و بدا عليهم‌ الضعف‌ و الفتور واستغلّ المنافقون‌ المندسّون‌ في‌ جيشه‌ الموقف‌ فأرغموه‌ علی التسليم‌ لامر الحكمين‌. و خدع‌ عمروبن‌ العاص‌ حكم‌ أهل‌ الشام‌ أبا موسي‌ الاشعريّ حتّي‌ حكم‌ بعزل‌ أميرالمؤمنين‌ عن‌ الخلافة‌. و في‌ هذا الموقف‌ لاحت‌ البوادر الاُولي‌ لانشقاق‌ الخوارج‌، فشكّلوا لهم‌ جبهة‌ في‌ مقابل‌ الإمام‌. و لم‌ يقرّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ بالتحكيم‌ و اعتبره‌ خدعة‌... ثمّ إنـّه‌ استعدّ مرّة‌ أُخري‌ لقتال‌ أهل‌ الشام‌ للإطاحة‌ بحكومة‌ معاوية‌ الفاسدة‌، و جهّز جيشاً عدّته‌ مائة‌ ألف‌، و كاد أن‌ يتحرّك‌ لولا سيف‌ ابن‌ ملجم‌ المرادي‌ أحد الخوارج‌ الحمقي‌ إذ فلق‌ هامته‌، فانتقل‌ من‌ هذه‌ الدار المتعبة‌ إلی جوار ربّه‌ حيث‌ الامن‌ والامان‌ و السعادة‌.
    تحرّك‌ عمرو بن‌ العاص‌ إلی مصر أيّام‌ خلافة‌ الإمام‌ أميرالمؤمنين‌ وقتل‌ محمّد بن‌ أبي‌ بكر والي‌ الإمام‌ علی مصر. و عمل‌ كلّ ما في‌ جهده‌ لتوسيع‌ رقعة‌ حكومته‌، و لم‌ يقصّر لحظة‌ واحدة‌ طيلة‌ حياته‌ عن‌ عداء أهل‌ البيت‌. و حدث‌ مرّة‌ أنـّه‌ عيّر الإمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ و عابه‌ في‌ مجلس‌ معاوية‌. [30] و كذلك‌ وبّخ‌ عبدالله‌ بن‌ جعفر. [31] لكنّ الإمام‌ الحسن‌ عليه‌السلام‌ وعبدالله‌ بن‌ جعفر أجاباه‌ جواباً شافياً و كشفا للملاسيّئاته‌ و قبائحه‌ وجرائمه‌.
    إنّ قصدنا من‌ ترجمة‌ عمرو بن‌ العاص‌ هنا هو: أوّلاً: ظهر لنا أنّ إيمانه‌ كان‌ سطحيّاً لم‌ ينفذ إلی أعماق‌ قلبه‌، فما أن‌ أقبلت‌ إليه‌ الدنيا حتّي‌ طلّق‌ دينه‌ و باع‌ نفسه‌ و دينه‌ بولاية‌ مصر. ثانياً: علی الرغم‌ من‌ العداء الذي‌ كان‌ يكنّه‌ عمرو لاميرالمؤمنين‌، بَيدَ أنـّه‌ أفصح‌ في‌ البداية‌ عن‌ مناقبه‌ وفضائله‌، و لم‌ يمتنع‌ عن‌ الاعتراف‌ بها، و ذكر في‌ رسالته‌ الاُولي‌ إلی معاوية‌ بكلّ صراحة‌ عشرين‌ منقبة‌ من‌ مناقب‌ أميرالمؤمنين‌ التي‌ جاءت‌ في‌ الروايات‌ المأثورة‌، وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الاْعْدَاءُ. و ممّا اعترف‌ به‌ هو الآية‌ التي‌ هي‌ مدار بحثنا: أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ، إذ صرّح‌ علی أنـّها نزلت‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ علی عليه‌ السلام‌.
    الروایات المأثورة عن الإمامین السجاد و المجتبی بأنّ المراد من الشاهد علی علیه السّلام

    الثامنة‌: رواية‌ مأثورة‌ عن‌ الإمام‌ السجّاد زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌ روي‌ ابن‌ المغازليّ بسنده‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌، قال‌: سمعت‌ عليّاً ] عليه‌ السلام‌ [ يقول‌ في‌ خطبة‌: مَا نَزَلَتْ آيةٌ مِنْ كِتَابِ اللَهِ إِلاّ وَ قَدْ عَلِمْتُ مَتي‌ أُنْزِلَتْ، وَ فِيمَنْ أُنْزِلَتْ، وَ مَا مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ إِلاّ وَ قَدْ أُنْزِلَتْ فِيهِ آيةٌ مِنْ كِتابِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ تَسُوقُهُ إلی جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ. قَالَ رَجُلٌ: يَا أَميرُالمُؤمِنِينَ فَمَا نَزَلَ فِيكَ؟ قَالَ: أَمَا تَقْرَأُ: أَفَمَن‌ كَانَ علی بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ـ الآية‌؟ فَرَسُولُ الله‌ صلَي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ علی بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ أَنَا التَّالِي‌ الشَّاهِدُ مِنْهُ؛ أيضاً عن‌ زين‌ العابدين‌، والباقر، الصادق‌ عليهم‌ السلام‌ ذكروا هذا الحديث‌. نقل‌ القندوزيّ الحنفيّ هذه‌ الرواية‌ عن‌ إبن‌ المغازليّ.
    التاسعة‌: الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌ روي‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ أماليه‌ بسنده‌ عن‌ علی بن‌ الحسين‌، عن‌ الحسن‌ في‌ خطبة‌ طويلة‌ ألقاها بحضور معاوية‌، قال‌ فيها: أَقُولُ مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ وَ لَكُمْ أَفْئِدَةٌ وَ أَسْمَاعٌ: وَ هُوَ: إنّا أهْلُ بَيْتٍ أَكْرَمَنَا اللَهُ بِالإسلام وَاخْتَارَنَا وَ اصْطَفَانَا وَ اجْتَبَانَا فَأَذْهَبَ عَنَّا الرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً، وَالرِّجْسُ هُوَ الشَّكُّ، فَلاَ نَشْكُّ فِي‌ اللَهِ الْحَقِّ وَ دِينِهِ أَبَداً، وَ طَهَّرنَا مِنْ كُلِّ أفْنٍ وَ عَيْبَةٍ مُخْلَصِينَ إلی آَدَمَ نِعْمَةً مِنْهُ، لَمْ يَفْتَرِقِ النَّاسُ فِرْقَتَيْنِ إِلاَّ جَعَلَنا اللَهُ فِي‌ خَيْرِمَا فَاتَ الاُمُورُ إلی أَنْ يَبْعَثَ اللَهُ مُحُمَّداً صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلنُّبُوَّةِ وَاخْتَارَهُ لِلرِّسَالَةِ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ إلی اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ أَبِي‌ عَلَيْهِ السَّلامُ أَوَّلٌ مَنْ اسْتَجَابَ لِلَهِ تَعَالَي‌ وَ لِرَسُولِهِ وَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ وَ صَدَّقَ اللَهَ وَ رَسُولَهُ. وَ قَدْ قَالَ اللَهُ تَعَالَي‌ فِي‌ كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ علی نَبِيِّهِ الْمُرْسَلِ: «أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ» فَرَسُولُ اللهِ الَّذِي‌ علی بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ أَبِي‌ الَّذِي‌ يَتْلُوهُ وَ هُوَ شَاهِدٌ مِنْهُ ـ وَ سَاقَ الْخُطْبَةَ وَ هِي‌َ طَوِيَلَةٌ. [32] و قد نقل‌ الشيخ‌ الطوسيّ بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الحسن‌ هذه‌ الخطبة‌ الطويلة‌ جدّاً حتّي‌ آخرها. و نقل‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ في‌ تفسيره‌ عن‌ أمالي‌ الشيخ‌ شيئاً منها بمقدار الحاجة‌ عند تفسيره‌ الآية‌ المذكورة‌. [33] و نقل‌ القندوزيّ الحنفيّ أيضاً خطبة‌ الإمام‌ الحسن‌، و الاستشهاد بهذه‌ الآية‌ الشريفة‌. [34]
    طوائف من روایات أمیرالمؤمنین فی أنّه هو المراد بالشاهد

    العاشرة‌: روايات‌ جمّة‌ أُثرت‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ نفسه‌. وتقسم‌ هذه‌ الروايات‌ إلی أقسام‌ من‌ حيث‌ المضمون‌:
    الاوّل‌: روايات‌ جاء فيها استشهاد الإمام‌ بالآية‌ المذكورة‌ فقط‌. فقد روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ الحافظ‌ أبي‌ نعيم‌ الاصفهانيّ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ بثلاثة‌ طرق‌، أنـّه‌ قال‌: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: قَوْلُ اللَهِ تَعَالَي‌: «أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ» رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ علی بَيِّنَةٍ وَ أَنَاالشَّاهِدُ.[35]
    و نقل‌ الشيخ‌ سليمان‌ القندوزيّ مثل‌ هذه‌ الرواية‌ عن‌ الحموينيّ في‌ «فرائد السمطين‌» عن‌ ابن‌ عبّاس‌، و عن‌ زاذان‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌. [36] وكذلك‌ عن‌ الحموينيّ بإسناده‌ عن‌ جابربن‌ عبدالله‌ وبإسناده‌الآخر عن‌ البُختريّ، وكلاهما روي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌. [37] و روي‌ أيضاً عن‌ أبي‌نعيم‌الاصفهانيّ، و الثعلبيّ، والواقديّ بأسانيدهم‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌، و زاذان‌، و جابر، و كلّهم‌ رووا عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.[38] و نقل‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ مدّ ظله‌ ذلك‌عن‌«تفسير البرهان‌» عن‌ ابن‌ مردويه‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. [39] و رواه‌ السيوطيّ عن‌ أبي‌حاتم‌، و ابن‌ مردويه‌، و أبي‌ نعيم‌ في‌ كتاب‌ «معرفة‌ الصحابة‌»،[40]وعن‌ابن‌مردويه‌، و ابن‌ عساكر، [41] أيضاً، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. و رواه‌ الحاكم‌الحسكانيّ بسند واحد عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌،[42] و بسند ثان‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌ أيضاً، [43] و بسند ثالث‌ عن‌ الحارث‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌.[44]
    الثانية‌: روايات‌ يقول‌ فيها الإمام‌: لو ثنّيت‌ لي‌ وسادة‌، فأجلست‌ عليها لحكمت‌ بين‌ جميع‌ أهل‌ الاديان‌ السماويّة‌ بكبتهم‌، و في‌ تضاعيف‌ كلامه‌ ذكر نزول‌ الآية‌ المشار إليها فيه‌. روي‌ الحموينيّ في‌ «فرائد السمطين‌» بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ زاذان‌ أنـّه‌ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: وَالَّذِي‌ فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسْمَةَ لَوْ كُسِرَتْ لِي‌ وَسَادَةٌ (يَقُولُ ثُنِّيَت‌) فَأُجْلِسْتُ عَلَيْهَا لَحَكَمْتُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وَ بَيْنَ أَهْلِ الإنْجِيلِ بِإنْجِيلِهِمْ، وَ بَيْنَ أَهْلَ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ، وَ بَيْنَ أَهْلِ الْفُرقَانِ بِفُرْقَانِهِم‌. وَالَّذِي‌ فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسْمَةَ مَا مِنْ رَجُلِ مِنْ قُرَيْشٍ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَواسِي‌ إِلاّ وَ أَنَا أَعْرِفُ آيةً تَسُوقُهُ إلی جَنَّةٍ أَوْ تَسُوقُهُ إلی نَارٍ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: فأنت‌ أیِشْ [45] نَزَلَ فِيكَ؟ فَقَالَ علی ـ عَلَيهِ السَّلاَمُ ـ «أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ» فَرَسُولُ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ علی بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتلُوهُ أَنَا شَاهِدٌ مِنْهُ.[46]
    و روي‌ مثل‌ هذه‌ الرواية‌: الثعلبيّ في‌ تفسيره‌ أيضاً عن‌ زاذان‌، عن‌ الإمام‌، [47] و محمّد بن‌ الحسن‌ الصفّار في‌ «بصائر الدرجات‌» عن‌ الاصبغ‌ بن‌ نباتة‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌، [48] و العلاّمة‌ الطباطبائيّ عن‌ «بصائر الدرجات‌»،[49] والحاكم‌ الحسكانيّ بسندين‌، أحدهما عن‌ فرات‌ بن‌ إبراهيم‌ الكوفيّ بسنده‌ عن‌ حبيب‌ بن‌ يسار،[50]
    و رواه‌ الطبريّ بإسناده‌ عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. [51]
    خطبة أمیرالمؤمنین علی منبر مجسد الکوفة فی أنّ المراد من الشاهد نفسه

    و الرواية‌ التي‌ تتكفّل‌ ببيان‌ مواصفات‌ كلام‌ الإمام‌ بشكل‌ خاصّ، و بنحو مفصّل‌، هي‌ التي‌ رواها الحموينيّ بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ أبي‌ المؤيّد موفّق‌ بن‌ أحمد المكّيّ بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ طريق‌ العامّة‌ عن‌ نوح‌ بن‌ قيس‌، عن‌ الاعمش‌، عن‌ عمر بن‌ مُرّة‌، عن‌ أبي‌ البُختريّ قَال‌: رَأَيْتُ ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَه‌ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ عَلِيّاً عَلَيهِ السَّلاَمُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ بالْكُوفَةَ عَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ مُتَقَلِّداً بِسَيْفِ رَسُولِ اللَهِ مُتَعَمِّماً بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَهِ وَ فِي‌ اِصْبَعِةِ خَاتَمُ رَسُولِ اللَهِ فَقَعَدَ عَلَيهِ السَّلاَمُ علی الْمِنْبَرِ وَ كَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ وَ قَالَ اسْألُونِي‌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَفْقِدُونِي‌ فَإنَّ مَا بَيْنَ الْجَوانِحِ مِنِّي‌ عِلْمٌ جَمٌّ، هَذَا سَفَطُ الْعِلْمِ هَذَا لُعَابُ رَسولِ اللَهِ، هَذَا مَازَقَّني‌ رَسُولُ اللَهِ زَقّاً مِنْ غَيْرِ وَحيٍ أَوحِيَ إلَيَّ فَوَاللَهِ لَوْ ثُنِّيَتْ لِيَ الْوِسَادَةُ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا لاَفْتَيْتُ لاهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَْورَاتِهِمْ وَ لاَهْلِ الإنْجِيلِ بِإنْجِيلِهِمْ حَتّي‌ يُنْطِقَ اللهُ التَّورَاةَ وَالإنْجِيلَ فَتَقُولُ: صَدَقَ علی، قَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أُنْزِلَ فِي‌َّ؛ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَـ'بَ ـ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ـ: وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ. [52]
    الثالثة‌: روايات‌ أُثرت‌ عن‌ الإمام‌ في‌ شأن‌ نزول‌ الآية‌، ليس‌ فيها عبارة‌ لو ثنّيت‌ لي‌ الوسادة‌، بل‌ قال‌ الإمام‌ فقط‌: ما من‌ رجل‌ من‌ قريش‌ جرت‌ عليه‌ المواسي‌ إِلاّ و أنا أعرف‌ آية‌ تسوقه‌ إلی جنّة‌ أو تسوقه‌ إلی نار، فقام‌ إليه‌ ابن‌ الكوّاء فقال‌: و ما أُنزل‌ فيك‌؟ و لايذكر اسمه‌ في‌ أغلب‌ هذه‌ الروايات‌ بل‌ يقول‌: قام‌ إليه‌ رجل‌ و سأله‌، و يقرأ الإمام‌ قوله‌ تعالي‌: أَفَمَن‌ و كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ. و يفسّره‌ بأنّ المراد من‌ صاحب‌ البيّنة‌ رسول‌ الله‌، و الشاهد هو نفسه‌، و يقول‌ في‌ بعضها: والله‌ لان‌ تعلمون‌ ما خصّنا الله‌ به‌ أهل‌ البيت‌ أحبّ إليّ ممّا علی الارض‌ من‌ ذهبة‌ حمراء أو فضّة‌ بيضاء.
    و من‌ هذه‌ الروايات‌ رواية‌ رواها ابن‌ المغازليّ الشافعيّ بسنده‌ عن‌ ع بّادبن‌ عبدالله‌، قال‌: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: مَا نَزَلَتْ آيَةٌ فِي‌ كِتَابِ الله‌ جَلّ وَعَزّـ إِلاّ وَقَدْعَلِمْتُ مَتَي‌ نَزَلَتْ وَ فِيمَ أُنْزِلَتْ؟ وَ مَا مِنْ قُرَيْشٍ وَ رَجَلٌ إِلاّ قَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيةٌ مِنْ كِتَابِ اللَهِ تَسُوقُهُ إلی جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ. فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أميرَالْمُؤمِنِينَ فَمَا نَزَلَتْ فِيكَ؟ فَقَالَ: لَوْلاَ أَنـَّكَ سَأَلْتَنِي‌ علی رُؤوُسِ الْمَلإ مَا حَدَّثْتُكَ! أَمّا تَقْرَأُ: أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِّنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ؟ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهِ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ علی بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ أَنَا الشَّاهِدُ مِنْهُ، أَتْلُوهُ وَأَتَّبِعُهُ وَاللَهِ لاَنْ تَعْلَمُونَ مَا خَصَّنَا اللَهُ عَزَّوَجَلَّ بِهِ أَهْلَ الْبَيْتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا علی الاَرْضِ مِنْ ذَهَبَةٍ حَمْرَاءَ أَوْ فِضَّةٍ بَيْضَاء َ. [53]
    فی أسانید حدیث أمیرالمؤمنین

    و ذكر الشيخ‌ سليمان‌ القندوزيّ [54] هذه‌ الرواية‌ بإيجاز عن‌ ابن‌ المغازليّ، و رواها السيوطيّ، عن‌ أبي‌ حاتم‌ و ابن‌ مردويه‌، كما رواها أبو نعيم‌ الاصفهانيّ في‌ كتاب‌ «معرفة‌ الصحابة‌» [55] و الحاكم‌ الحسكانيّ تحت‌ الحديث‌ 375 عن‌ عبدالله‌ بن‌ نجيّ، والحديث‌ 379 بسند آخر عن‌ جابر، عن‌ عبدالله‌ بن‌ نجيّ، والحديث‌ 386 عن‌ زاذان‌، [56] و ذكرها أيضاً أبو نعيم‌ الاصفهانيّ في‌ ترجمة‌ أميرالمؤمنين‌ من‌ كتاب‌ «معرفة‌ الصحابة‌» في‌ الورقة‌ الثانية‌ و العشرين‌، عن‌ الطبرانيّ بسنده‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌ الاسديّ.[57]
    و كذلك‌ ذكرها الطبريّ في‌ تفسيره‌ في‌ ذيل‌ الآية‌ الكريمة‌ ج‌ 12 ص‌ 15 بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ عبدالله‌ بن‌ يحيي‌. [58] كما ذكرها أبو الفتوح‌ الرازيّ نقلاً عن‌ «تفسير الثعلبيّ» بإسناده‌ عن‌ حبيب‌ بن‌ يسار، عن‌ زاذان‌.[59] و رواها العلاّمة‌ السيّد هاشم‌ البحرانيّ في‌ «غاية‌ المرام‌» عن‌ طريق‌ العامّة‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ الخامس‌ من‌ الباب‌ الحاديّ و الستّين‌، عن‌ الحموينيّ بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌، [60] و عن‌ الواحديّ بإسناده‌ عن‌ عبّادبن‌ عبدالله‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ السابع‌، [61] و عن‌ كتاب‌ «نضح‌ الخطيب‌» مرفوعاً، عن‌ ابن‌ الكوّاء [62] تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ الرابع‌ عشر، و عن‌ القاضي‌ عثمان‌ بن‌ أحمد، و أبي‌ نصر القُشَيريّ في‌ كتبهم‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ الخامس‌ عشر.[63] و عن‌ الثعلبيّ مرفوعاً، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تحت‌
    عنوان‌: الحديث‌ التاسع‌ عشر، [64] و عن‌ ابن‌ المغازليّ الشافعيّ مرفوعاً عن‌ عبّادبن‌ عبدالله‌ الاسديّ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ (العشرون‌)، [65] و عن‌ الجبري‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ الحادي‌ (والعشرون‌)، [66] و عن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» عن‌ عبدالله‌ بن‌ الحارث‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ الثاني‌ (والعشرون‌) [67] و عن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد أيضاً في‌ «شرح‌ النهج‌» عن‌ صاحب‌ كتاب‌ «الغارات‌» عن‌ المنهال‌ بن‌ عمرو، عن‌ عبدالله‌بن‌ الحارث‌ (غاية‌ المرام‌، باب‌ 60، الحديث‌ 23، ص‌ 360).

    و رواه‌ أيضاً عن‌ طريق‌ الخاصّة‌، فقد نقله‌ عن‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ «الامالي‌» بإسناده‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ الرابع‌ من‌ الباب‌ الثاني‌ و الستّين‌، [68] و عن‌ الشيخ‌ المفيد في‌ «الامالي‌» بسنده‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ السادس‌،[69] و عن‌ العيّاشيّ، عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ بن‌ يحيي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تحت‌ عنوان‌: الحديث‌ التاسع‌، [70] و تحت‌ علی بن‌ عيسي‌ الإربليّ في‌ «كشف‌ الغمّة‌» [71] عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌ الاسديّ، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.
    و نقله‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ مدّ ظله‌ عن‌ تفسير «الدرّ المنثور» بتخريج‌ أبي‌ نعيم‌، و إبن‌ أبي‌ حاتم‌، و ابن‌ مردويه‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، [72] و رواه‌ العلاّمة‌ المجلسيّ عن‌ «أمالي‌» الشيخ‌ بإسناد أخي‌ دعبل‌، عن‌ الإمام‌ الرضا، عن‌ أبائه‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌،[73] و كذلك‌ عن‌ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌» عن‌ أبيه‌ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ بصير، والفضيل‌ بن‌ يسار عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السلام‌.[74] و عن‌ «الاحتجاج‌» للشيخ‌ الطبرسيّ، عن‌ سليم‌ بن‌ قيس‌ الهلاليّ الكوفيّ،[75] و عن‌ «بصائر الدرجات‌» بإسناده‌ عن‌ الاصبغ‌ بن‌ نباته‌،[76] و عن‌ «تفسير العيّاشيّ» أيضاً عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاريّ، عن‌ عبدالله‌ بن‌ يحيي‌، [77] و عن‌ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌، عن‌ «تفسير الطبريّ» بإسناده‌ عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌ عن‌ الاصبغ‌ بن‌ نباته‌، و الإمام‌ زين‌ العابدين‌، والباقر، والصادق‌ والرضا عليهم‌ السلام‌،[78] وأيضاً عن‌ «مجالس‌» الشيخ‌ المفيد بإسناده‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌،[79] و عن‌ «تفسير فرات‌بن‌ إبراهيم‌» بثمانية‌ أسناد: الاوّل‌: عن‌ الحسين‌ بن‌ سعيد بإسناده‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌. [80] الثاني‌: عن‌ جعفر بن‌ محمّد الفزاريّ بإسناده‌ عن‌ زاذان‌.[81] الرابع‌: عن‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ هشام‌ بإسناده‌ عن‌ الحسن‌ بن‌ الحسين‌. [82] الخامس‌: عن‌ الحسين‌ بن‌ الحكم‌ بإسناده‌ عن‌ عبدالله‌ بن‌ عطا عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌. [83] السادس‌: عن‌ الحسين‌ بن‌ سعيد بإسناده‌ عن‌ زاذان‌ بنصّ آخر غير النصّ المتقدّم‌. [84] السابع‌: عن‌ محمّد بن‌ عيسي‌ بن‌ زكريّا الفلاّح‌ بإسناده‌ عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌. [85] الثامن‌: عن‌ عبيد بن‌ كثير بإسناده‌ عن‌ عبدالله‌ بن‌ يحيي‌.[86] و كذلك‌ رواه‌ عن‌ «كشف‌ الغمّة‌» عن‌ أبي‌ بكر بن‌ مردويه‌، عن‌ عبّاد بن‌ عبدالله‌ الاسديّ، [87] و أيضاً عن‌ «الطرائف‌» للسيّد ابن‌ طاووس‌، عن‌ ابن‌ المغازليّ. [88]
    إنّ جميع‌ هذه‌ الروايات‌ ـ في‌ الحقيقة‌ ـ والروايات‌ التي‌ تقدّمت‌ عليها تنبي‌ عن‌ قضيّة‌ واحدة‌، و هي‌ صعود أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ علی المنبر في‌ مسجد الكوفة‌ و انشغاله‌ بالحديث‌ عن‌ علومه‌ الكثيرة‌، و قيام‌ شخص‌ و سؤاله‌ عن‌ الآية‌ النازلة‌ بحقّه‌، و جواب‌ الإمام‌ بتلاوة‌ الآية‌ المشار إليها و تفسيرها. وصفوة‌ القول‌ إنّ كلّ واحد من‌ الرواة‌ نقل‌ القسم‌ الذي‌ يرتأيه‌ من‌ هذه‌ الواقعة‌. مضافاً إلی ذلك‌ أنّ النقل‌ لمّا كان‌ يتركّز علی المعني‌، لذلك‌ رويت‌ العبارة‌ المنقولة‌ عنه‌ بألفاظ‌متنوّعة‌ لاتخلّ بالمعني‌.
    ارجاعات

    [1] ـ ذكر ابن‌ أبي‌ الحديد نسب‌ عمرو بن‌ العاص‌ في‌ شرحه‌ ج‌ 6، ص‌ 281. قال‌: هو عمرو بن‌ العاص‌ بن‌ وائل‌، أبوه‌ العاص‌ بن‌ وائل‌ أحد المستهزئين‌ برسول‌ الله‌، والمكاشفين‌ له‌ بالعداوة‌ و الاذي‌. و فيه‌ و في‌ أصحابه‌ أنزل‌ قوله‌ تعالي‌: إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.

    [2] ـ العبارة‌ بين‌ الاقواس‌ عن‌ مناقب‌ الخوارزميّ.

    [3] ـ و في‌ مناقب‌ الخوارزميّ (بأحبّ خلقك‌ إليك‌)

    [4] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 359، الحديث‌ الاوّل‌، و «المناقب‌» للخوارزميّ، طبع‌ النجف‌ ص‌ 129 و 130.

    [5] ـ ذكر ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2 من‌ ص‌ 61 إلی 73 طريقة‌ التحاق‌ عمرو بن‌ العاص‌ بمعاوية‌ مفصّلاً ضمن‌ شرح‌ الخطبة‌ السادسة‌ و العشرين‌.

    [6] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6 من‌ ص‌ 280 إلی 330.

    [7] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 282.

    [8] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 282

    [9] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 282

    [10] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 282

    [11] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6 ص‌ 282.

    [12] ـ كتاب‌ «سليم‌ بن‌ قيس‌» ص‌ 172.

    [13] ـ السَّلا رحم‌ يكون‌ فيه‌ الطفل‌، و إذا انقطع‌ في‌ البطن‌ هلكت‌ الاُمّ و الولد علی عكس‌ المشيمة‌ و هي‌ غشاء رقيق‌ داخل‌ الرحم‌ يكون‌ علی الطفل‌ و يخرج‌ معه‌ عند الولادة‌.

    [14] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 282.

    [15] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 282.

    [16] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 6، ص‌ 283.

    [17] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» شرح‌ الخطبة‌ 83، ج‌ 6، ص‌ 318 و 319.

    [18] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1185.

    [19] ـ «شرح‌ النهج‌» ابن‌ أبي‌ الحديد ج‌ 6، ص‌ 320؛ و «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1186.

    [20] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 320.

    [21] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 320؛ و «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1187.

    [22] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 321؛ و «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1187

    [23] ـ «مناقب‌» الخوارزميّ ص‌ 130 و 131

    [24] ـ البائقة‌: الداهية‌، و الجمع‌ البوائق‌. (م‌)

    [25] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 2، ص‌ 62.

    [26] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ابن‌ أبي‌ الحديد ج‌ 2، ص‌ 63

    [27] ـ في‌ «مناقب‌» الخوارزميّ: وَفِطْنَتَهُ.

    [28] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ابن‌ أبي‌ الحديد ج‌ 2، ص‌ 63؛ و «مناقب‌» الخوارزميّ ص‌ 131.

    [29] ـ «مناقب‌» الخوارزميّ ص‌ 132.

    [30] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ابن‌ أبي‌ الحديد ج‌ 6، ص‌ 287.

    [31] ـ «شرح‌ النهج‌» ج‌ 6، ص‌ 295

    [32] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 361، الحديث‌ الخامس‌.

    [33] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 10، ص‌ 199.

    [34] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 99.

    [35] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 10، ص‌ 201.

    [36] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 26، ص‌ 99.

    [37] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 26، ص‌ 99.

    [38] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» الباب‌ 26، ص‌ 99.

    [39] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 10، ص‌ 201.

    [40] «الدرّ المنثور» ج‌ 3، ص‌ 324.

    [41] «الدرّ المنثور» ج‌ 3، ص‌ 324

    [42] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، ص‌ 275.

    [43] ـ «شواهد التنزيل‌»، ص‌ 276.

    [44] ـ «شواهد التنزيل‌» ص‌ 278.

    [45] ـ مختصر «أَي‌ شَي‌ء».

    [46] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 359، الحديث‌ الرابع‌ نقلاً عن‌ «فرائد السمطين‌».

    [47] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 360، الحديث‌ التاسع‌.

    [48] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 361، الحديث‌ الثالث‌.

    [49] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 10، ص‌ 200.

    [50] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، ص‌ 280.

    [51] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 360، الحديث‌ العاشر.

    [52] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 295، الحديث‌ السادس

    [53] ـ «مناقب‌» ابن‌ المغازليّ، الحديث‌ 318، ص‌ 270.

    [54] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 26، ص‌ 99.

    [55] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 3، ص‌ 324.

    [56] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، ص‌ 276 إلی 281.

    [57] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، هامش‌ ص‌ 277.

    [58] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، هامش‌ ص‌ 279.

    [59] ـ «تفسيرابي‌الفتوح‌» ج‌ 6، ص‌ 256.

    [60] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 359.

    [61] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [62] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [63] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [64] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [65] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [66] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360

    [67] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [68] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [69] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 61، ص‌ 360.

    [70] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 62، ص‌ 361.

    [71] ـ «غاية‌ المرام‌» باب‌ 62، ص‌ 361.

    [72] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 10، ص‌ 200.

    [73] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [74] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [75] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [76] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [77] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [78] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [79] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [80] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [81] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [82] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [83] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [84] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [85] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 73.

    [86] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [87] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.

    [88] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 74.



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎