إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • ya howa
    مشرف
    • 08-05-2011
    • 1106

    #16
    رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

    #الدين_الالهي
    #الاسلام
    #القرآن
    .
    (35)
    .
    إشكال 9: الإشكال على مضامين القرآن من جهة أنها - بنظر المشككين - يناقض بعضها بعضاً، وهذا ينافي كونه كتاباً إلهياً معصوماً.
    .
    الجواب: لا شك أنّ اتهام القرآن بالتناقض في مضامين آياته من قبل المشككين يستبطن - ابتداء - دعواهم بأنهم فهموا تلك المضامين فهماً دقيقاً، إذ من الواضح أنّ اتهام كلام ما - أي كلام كان - هو فرع فهمه بشكل صحيح ودقيق أولاً. هذا، لكننا سنعرض بعض أمثلتهم للتناقض المزعوم وسنرى بوضوح أنّ المشككين لم يفهموا أساساً تلك المضامين القرآنية التي زعموا التناقض والتضاد فيما بينها، ومن ثمَّ تكون دعوى التناقض - والحال هذه - ليست سوى وهم وجهل منهم بمراد القرآن.
    .
    ولأنهم يسوقون عدة أمثلة بهذا الصدد، سنحاول استعراض المهم منها وسيكون حال غيرها واضحاً بوضوح القول فيما نذكره من أمثلة.
    .
    مثال 1: يرى بعض المشككين أنّ بين قوله تعالى: "إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون" المائدة: 69، وقوله تعالى: "مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين" آل عمران: 85، تناقض إذ كيف يكون المؤمن اليهودي أو الصابئي أو المسيحي ممّن لا خوف عليه والحال أنه غير مسلم ويفترض أن يكون في الآخرة من الخاسرين بحسب الآية الثانية؟
    .
    الجواب: الاشكال - كما هو واضح - ينطلق من تصور أنّ الدين عند الله متعدد، فالإسلام دين كما أنّ لكل من اليهود والمسيحيين والصابئة دين مستقل أيضاً، لكن الحقيقة التي غفل عنها المشككون - وكذا الكثير من أتباع الأديان - أنّ الله سبحانه لما كان واحداً فدينه واحد أيضاً، أما تعدد الرسل الإلهيين وتتابع بعثهم فهو لا يعني تعدد الدين بقدر ما يعني أنّ كلاً منهم يبشر وينذر بدين الله الواحد بحسب ما يسمح له مقامه الإلهي واستعداد قومه للقبول منه إضافة إلى سائر الظروف المحيطة بالبعث والإرسال الإلهي التي تؤدي إلى اختلاف بعض وظائف الرسل وطبيعة خطابهم.
    .
    ومسألة وحدة الدين الإلهي وهو "الإسلام" أمر واضح في نصوص القرآن الكريم، فهو الدين الإلهي الذي بعث الله به جميع الأنبياء والمرسلين.
    .
    يقول السيد أحمد الحسن: (فالرسل كلهم أمة واحدة ودينهم واحد وعقائدهم واحدة، فهم خير من سلّم لله سبحانه، ودينهم هو التسليم لله أو الإسلام:
    - "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ" آل عمران: 19.
    - "إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" المائدة: 44.
    - "وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً" النساء: 125.
    .
    ولتتحقق النجاة فلابد من الاقتداء بهم والتسليم لهم ولما جاءوا به من عند ربهم من عقائد، وهي الحق المبين وما سواها زخرف باطل.
    فدين الرسل، والدين عند الله سبحانه هو التسليم لله، قال تعالى:
    - "وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" البقرة: 130.
    - "إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" البقرة: 131.
    - "وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" البقرة: 132.
    .
    فدين إبراهيم هو الحق وما سواه سفه "وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ". ودين إبراهيم هو التسليم لله فهو الإسلام لا غير "إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ". فمن سلّم لله فهو مسلم ودينه الإسلام، سواء كان قد تبع إبراهيم (ع) في زمانه أو موسى (ع) في زمانه أو عيسى (ع) في زمانه، قال تعالى: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" آل عمران: 83 - 85) عقائد الإسلام - الأصل الثالث: العقيدة الإلهية منذ آدم إلى قيام الساعة.
    .
    بهذا يتضح أنّ من كان موجوداً في زمن موسى (ع) أو زمن عيسى (ع) أو زمن يحيى (ع) أو زمن غيرهم من رسل الله، وكان مؤمناً بالله واليوم الآخر ومتبعاً لحجة الله في زمانه فهو بالنتيجة مسلّم لله ودينه التسليم والإسلام، تماماً كحال من كان موجوداً في زمن رسول الله محمد (ص) وكان مؤمناً بالله وباليوم الآخر ومتبعاً للرسول (ص)، كما أنّ غير المؤمن بالله وغير المتبع لرسل الله يعني أنه غير مسلّم لله وليس دينه الإسلام أيّاً كان زمانه، وبالتالي فلا تعارض بين الآيتين أصلاً.
    .
    #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (35) . إشكال 9: الإشكال على مضامين القرآن من جهة أنها - بنظر المشككين - يناقض بعضها بعضاً، وهذا ينافي كونه كتاباً إلهياً...
    نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

    Comment

    • ya howa
      مشرف
      • 08-05-2011
      • 1106

      #17
      رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

      #الدين_الالهي
      #الاسلام
      #القرآن
      .
      (36)
      .
      مثال 2: يعتقد بعض المشككين أنّ بين قوله تعالى: "إنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَالا تَعْلَمُونَ" الأعراف: 28، وقوله تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً" الإسراء: 16، تناقض إذ كيف لا يأمر الله بالفحشاء وهو الذي أمر مترفي القرية بالفسق؟
      .
      الجواب: واضح لمن راجع تعاليم القرآن الكريم والدين الإلهي عموماً يجد أنّ الله سبحانه ينهى عن جميع الفواحش ولا يأمر بها تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ومعنى الأمر هنا هو الطلب الإلزامي، فعدم أمره بالفواحش يعني عدم طلبها من العبد لزوماً أي لزوم تركها وعدم الإتيان بها من قبل العبد. أما معنى الأمر "أمر المترفين" في آية سورة الإسراء فهو يتضح من معرفة صفة الإرادة التي يتصف بها الله سبحانه وبيان كيفية تعلّقها بأفعال العباد.
      .
      عقائدياً، الله سبحانه يتصف بصفة الإرادة، وهي إحدى صفاته الذاتية، كما أنها المخصص لإيجاد الأشياء من عدمها، وهي كذلك المخصص للأمر والنهي، فهو سبحانه مريد لما أوجد ولما أمر به، وغير مريد لما لم يوجد ولما نهى عنه. هذا بالنسبة لتعلق الإرادة بفعله، أما بالنسبة لتعلقها بأفعال العباد فإرادته لبعض أفعالهم وعدم إرادته للبعض الآخر تكون من خلال أمره ونهيه، فما يريده منهم يأمرهم به وما لا يريده ينهاهم عنه.
      .
      يقول السيد أحمد الحسن: (تعلق الإرادة الإلهية بالإنسان وأفعاله:
      أولاً: الله مريد للإنسان، لهذا خلقه وأعطاه الحول والقوة.
      ثانياً: الله مريد لبعض أفعال الإنسان التي مكنّه الله من فعلها لهذا أمره بها، وغير مريد لبعض أفعاله التي مكنّه الله من فعلها أيضاً لهذا نهاه عنها.
      ثالثاً: وقوع أفعال العباد في الخارج لا تعني أنه سبحانه مريد لها، بل غاية ما في الأمر أنه أمضاها؛ لأن العباد يوقعونها في الخارج بحول وقوة خولّها الله لهم ولكن بإرادتهم هم وإنْ كانت بالضد من إرادة الله سبحانه؛ حيث إنهم مخيّرون وفي عالم امتحان.
      فهو سبحانه يمضي "أو لا يمضي" ما يريد وما لا يريد من أفعال عباده وفق قانون وسنة إلهية كونية عامة. ولكن إمضاءه سبحانه لما لا يريد من أفعال العبد وفقاً لإرادة العبد لا يعني أنه قد فوّض الأمور للعبد؛ لأن الله سبحانه قد وضع قانوناً تكوينياً عاماً، ويمكن أنْ يفعل الإنسان ما يريد من خير وشر ضمن هذا القانون دون أنْ يمنعه الله، إلا إنْ اقتضت الحكمة خرق هذا القانون ومنعه "كما في المعجزة") السيد أحمد الحسن، عقائد الإسلام - بحث الإرادة والجبر والتفويض.
      .
      إذا اتضح هذا، فما يأمر به الله تشريعاً "يطلبه لزوماً من العباد" هو الخير والطاعة لا غير، وما ينهاهم عنه هو الشر والمعصية والفواحش عموماً، لكن هذا لا يعني أنه يجبرهم على الفعل والترك، وإنما أراد منهم فعل الطاعة وترك المعصية باختيارهم ليستحقوا الثواب، كما أنهم يكونون مستحقين للعقاب لو اختاروا فعل المعاصي والفواحش، وبالتالي فالقرية التي يختار أهلها فعل المعاصي والفواحش فهي بهذا تهيئ لنفسها أسباب العقاب والهلاك وتستعجل وقوعه، وأحد أسباب الهلاك أن يتسلّط عليها أكابرها المترفين الذين لا يتورّعون عن ارتكاب الفجور والفسوق.
      .
      عن الإمام الباقر (ع) في قول الله: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها" مشددة منصوبة "أي أمّرنا"، قال: (تفسيرها: كثرنا)، وعنه (ع) أيضاً قال: (تفسيرها أمرنا أكابرها) العياشي، تفسير العياشي: 2/284.
      .
      وأيضاً: عن علي بن إبراهيم في قوله: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها" قال: (أي كثرنا جبابرتها) القمي، تفسير القمي: 2/17.
      .
      بهذا يتضح أنّ الأمر في الآية الثانية ليس بمعنى الطلب اللزومي ليقال إنّ الله (وحاشاه) يأمر بالفسق، وإنما بمعنى أنه سبحانه أمضى ما اختاره أهل القرية من فعل المعاصي والمنكرات التي فعلوها باختيارهم وإرادتهم وبحول الله وقوته التي منحهم إياها، وهو سبحانه نهاهم عن فعلها وحذّرهم من عاقبة ذلك، لكنه في نفس الوقت لم يجبرهم على تركها كما لم يجبرهم على فعلها؛ لأن ذلك ينافي الامتحان كما هو واضح، وبهذا تركهم ينالوا جزاءهم الذي استحقوه نتيجة أفعالهم التي فعلوها باختيارهم، ولأن سوء أفعالهم - وفق القانون الكوني العام الموضوع من قبل الله - تستدعي تسلّط الجبارة عليهم يكون أهل القرية - والحال هذه - السبب بتسلط الجبابرة عليهم وبالنتيجة هلاكهم ودمارهم وخسارتهم في الدنيا والآخرة، والله سبحانه أمضى اختيارهم في دنيا الامتحان لا أكثر.
      .
      ونحن إذا عرفنا ما تقدم نكون في غنىً عمّا تكلّفه بعض علماء المسلمين في الآية الثانية، إذ قدّر الكثير منهم محذوفاً في الآية وهو لفظ "الطاعة" فيكون معنى الآية: "أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها ..."، ولا أدري كيف يصح الحذف في موضع شبهة عقائدية، وهل ينسجم هذا مع "البلاغة" التي قرّروا أنها الوجه الأكيد في إعجاز القرآن!
      .
      #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (36) . مثال 2: يعتقد بعض المشككين أنّ بين قوله تعالى: "إنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ...
      نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

      Comment

      • ya howa
        مشرف
        • 08-05-2011
        • 1106

        #18
        رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

        #الدين_الالهي
        #الاسلام
        #القرآن
        .
        (37)
        .
        مثال 3: يرى بعض المشككين أنّ إبليس طرد من الجنة لما رفض السجود لآدم بمقتضى قوله تعالى: "قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ" الأعراف: 13، وأسكن الله آدم وزوجته الجنة: "وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ" البقرة: 35، لكن فجأة نجد أنّ إبليس عاد إلى الجنّة بعد طرده منها وأغوى آدم: "فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" البقرة: 36، وهل هذا إلا تناقض؟
        .
        الجواب: ينبغي أن نعرف أولاً أنّ مسألة بداية خلق آدم غامضة بالنسبة إلى علماء المسلمين، كما أنهم لم تتفق كلمتهم في بيان "الجنة" التي أسكن الله فيها آدم وحواء (ع) بداية، والتي أهبطا منها لاحقاً بسبب استجابتهما لوسوسة إبليس اللعين الذي طرد منها قبل ذلك بسبب رفضه السجود لآدم (ع). فهم - عموماً - فسّروا مسألة خلق آدم وحواء كقصة أرضية، وبالنسبة إلى "الجنة" التي كانا فيها فقد ذكروا عدة احتمالات؛ منها: أنها جنة الخلد، ومنها: أنها بستان من بساتين الدنيا، ومنها: أنها جنة من جنان السماء (أنظر: الطوسي، التبيان: 1/156؛ الطبرسي، مجمع البيان: 1/168؛ الرازي، تفسير الرازي: 3/3؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 1/302؛ وغيرهم).
        .
        هذا، لكن الصحيح أنّ الجنة التي سكنها آدم وحواء ليست من جنان الخلد؛ لأن من يدخلها يخلد فيها ولا يخرج منها، قال تعالى: "قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" آل عمران: 15، كما أنها ليست على هذه الأرض؛ لأن صفاتها الواردة في النص الديني والروائي يختلف عن القانون والنظام الذي يحكم كوننا الذي نعيش فيه، فمثلاً ورد في صفتها:
        - ليس فيها جوع ولا عري ولا ظمأ ولا ضحى: "إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى" طه: 118 - 119.
        - العري بعد العصيان: "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى" طه: 121.
        - العلاقة بينها وبين الأرض علاقة هبوط: "قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" البقرة: 38.
        .
        ومثل هذه الأمور ليست موجودة في عالمنا وأرضنا التي نعيش عليها كما سيتضح، فالجنة التي سكنها آدم وحواء (ع) - إذن - ليست أرضية في هذا العالم، وإنما موجودة في عالم آخر أو كون آخر بحسب اللغة العلمية الحديثة.
        .
        الأمر الآخر: إنّ النص الديني يثبت وجود عدة جنان وليس جنة واحدة، ولا أقل هناك جنّتان، قال تعالى: "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ" الرحمن: 46، وهما الجنة الملكوتية "الروحية" والجنة الملكية "الدنيوية النفسية"، والجنة الملكوتية هي في الحقيقة عدة جنان وليست جنة واحدة "جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا" وفيها يكون الخلود، أما الجنة الملكية فهي الموجودة في أقصى السماء الأولى "سماء عالم الأنفس" التي رفعت لها طينة آدم وحصل لها التسوية بنفخ الروح فيها بحسب النص الديني: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" الحجر: 28 - 29، وكذلك ورد عن الإمام الصادق (ع): (كانت الملائكة تمر بآدم عليه السلام أي بصورته وهو ملقى في الجنة من طين فتقول لأمر ما خلقت) الراوندي، قصص الأنبياء: 41، أو (وضع في باب الجنة تطأه الملائكة) الجزائري، قصص الأنبياء: 55، أي وضع في الجنة الملكية في أقصى السماء الأولى وبالتحديد عند باب السماء الثانية "الجنة الملكوتية" (أنظر: أحمد الحسن، المتشابهات - جواب سؤال 3)، ومن يصعب عليه فهم لغة النص الديني فليتصور السماوات الملكوتية والسماء الملكية أكوان موازية لكوننا الذي نحن فيه ويعتبر عالم الأنفس هو أحد تلك الأكوان.
        .
        أما بالنسبة لبداية خلق الإنسان وخلق آدم بالذات، فقد أوضح السيد أحمد الحسن ذلك ببيان جلي وواضح ومدعم بالنصوص والحقائق الدينية، وهذه نقاط مقتبسة من كلامه بتصرّف:
        .
        (1- إنّ الله بدأ خلق آدم في السماء الأولى "سماء الأنفس"، وحتى يكون وذريته مؤهّلين للنزول إلى الأرض والاتصال بالأجساد، فلابد من رفع الطينة "التي تمثل كل ما في الأرض" للسماء الأولى وخلق نفس آدم وبقية الناس منها، فهذا أمر ضروري حيث إنّ الروح بثت في هذه الطينة المرفوعة وأصبحت هذه الطينة المرفوعة هي آلة اتصال الروح بالجسد وهما من عالمين مختلفين.
        .
        2- كانت بداية خلق آدم من طين الأرض ومائها لتحمل نفسه التي ستخلق في السماء الأولى ما في الأرض من قوة وشهوة تؤهله للتكاثر وللعيش في كل بقعة على الأرض وتؤهله ليهيمن على الأرض، فأخذت الملائكة بأمر من الله سبحانه شيئاً من تراب وماء الأرض ورفع إلى السماء الأولى وصب منه جسم آدم اللطيف في السماء الأولى ووضع في الجنة الدنيوية، أي في نهاية السماء الأولى أي في باب السماء الملكوتية "السماء الثانية"، وهي أولى الجنان الملكوتية تمر عليه الملائكة.
        .
        3- لما تهيأت الأرض لاستقبال آدم خليفة الله، نفخ الله روح الإيمان في جسد آدم المثالي الموجود في السماء الأولى، فتكونت النفس الإنسانية الأولى، فأمر الله الملائكة بالسجود له فسجد من سجد وتكبر من تكبر فطرد: "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ". ثم خلقت نفس حواء من نفس آدم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" النساء: 1، ثم أخرج ذريتهما وامتحنهم جميعاً الامتحان الأول في عالم الذر "عالم الأنفس"، وكان الامتحان بسؤال واحد: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ" الأعراف: 172، والآية واضحة "وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ" أي إنه كان عالم أنفس.
        .
        4- لما انتهى هذا الامتحان، شاء الله أن يتم ما كان في علمه من إنزال آدم إلى الأرض وامتحانه فيها، فحصل امتحان آدم في السماء الأولى "الجنة الدنيوية" وفشل في الامتحان كما كان مقدّراً له: "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى". فأنزل إلى الأرض هو وحواء صلوات الله عليهما.
        .
        5- النص القرآني واضح أنّ آدم وحواء خلقا وعاشا ابتداءً في الجنة الموجودة في السماء الأولى، وهي جنة دنيوية ولكنها ليست في الأرض التي يمكن أن يجوع فيها الإنسان ويعرى ويعطش ويضحى وتؤذيه الشمس والظروف الجوية إذا لم يعمل ويسعى لجمع قوته، وأيضاً: في الآيات المتقدمة من سورة طه ما لا يتناسب مع حال الأرض والأجسام فيها، فجسم الإنسان الأرضي إذا لم يغطَ جزءاً منه باللباس سيكون مكشوفاً ويراه صاحبه وغيره، ولو كان آدم وحواء يلبسا لباساً أرضياً فإنّه لا يصبح معدوماً عند المعصية، فالأمر إذن ليس أرضياً والقصة ليست أرضية، بينما لو كانا عند المعصية في الجنة الدنيوية في السماء الأولى فمن الطبيعي أن تبدو لهما سوءاتهما عندما يعصيان وليس قبل ذلك، لأن اللباس الذي يستر العورة هناك هو لباس التقوى وهو لباس تلبسه النفس كنتيجة طبيعية لطاعة الله ومخالفة الهوى والشيطان، وعند المعصية ينزع هذا اللباس وتنكشف عورة الإنسان أمام ربه: "يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" الأعراف: 27. فالآية واضحة أنّ لباس آدم نزع عنه بسبب معصيته "لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا"، وهذا اللباس عاد بالاستغفار "فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ".
        .
        6- النص القرآني واضح أيضاً في أنّ هبوط آدم وحواء من الجنة لا يمكن أن يقال إنه هبوط لو كانا في جنة على هذه الأرض فعلاً: "قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"، وبالتالي فهو هبوط من السماء الأولى إلى السماء الجسمانية وإلى الأرض بالخصوص، والإمام الصادق (ع) بيّن أنّ آدم طلب أن يرجع إلى الجنة التي كان فيها وقد أجابه الله (أنظر: الرواية في معاني الأخبار، الصدوق: 269)، وهذا يبين بوضوح أنها جنة سيدخلها بعد انفصال نفسه - بالموت - عن هذا الجسد مرة أخرى ويعود كما كان سابقاً.
        .
        هذه قصة خلق آدم (ع) من الطين المرفوع إلى السماء الأولى ونفخ الروح فيه، فآدم خلق في الجنة الدنيوية الموجودة في السماء الأولى، فنحن سماويون وقد خلقت أنفسنا من الروح المنفوخ في الطين المرفوع لكي يتم امتحاننا في هذه الأرض، وتتمكن الأنفس من التواصل مع الأجسام الأرضية التي ستكون حيّز امتحانها في هذا العالم الجسماني المادي). انتهى الاقتباس، (انظر: وهم الإلحاد - الحق في مسألة خلق آدم: ص143 - 148).
        .
        ملاحظة: لما نقول أنّ آدم خلق من طين الأرض المرفوع ونفخ الروح، فنقصد بالرفع: (العودة خطوة أو أكثر باتجاه المبدأ أو المصدر، وهذا يعني لو صورنا الإنسان - كما بقية الخلق أيضاً - على أنه تجلي اللاهوت في العدم القابل للوجود، فسيكون لدينا مرتبة معينة كلما ابتعدنا "معرفياً" عن مصدر التجلي، وستكون هذه المرتبة المعينة أقل نوراً وأكثر ظلمة "العدم الذي يتخللها". ولنفرض أنّ عالم المادة الذي فيه أجسامنا مكوّن من نسبة نور قدرها 10% ونسبة ظلمة "عدم" قدرها 90% وأن كل خطوة يتقدمها النور باتجاه الظلمة المطلقة "العدم المطلق - انعدام المعرفة والإدراك" تمثل رقماً واحداً صحيحاً، فيكون الرفع خطوة واحدة لجسم مادي "كطينة آدم عليه السلام" هو عبارة عن نقله إلى العالم الموازي الذي نسبة النور فيه 11% ونسبة الظلمة "العدم" فيه 89% أي العالم الذي سبقه) السيد أحمد الحسن، وهم الالحاد - معنى رفع تراب الأرض الى السماء الأولى: 148.
        .
        وهذا يعني أنّ المرفوع له وجود في جميع المراتب التي هي دون المرتبة التي رفع إليها، وإذا اتضح هذا فلا يبقى لإشكال المشككين وجه أصلاً، فالجنة التي طرد منها إبليس هي الجنة الملكوتية وكذلك الجنة الدنيوية في السماء الأولى، لكن آدم - وكذا حواء - لما كان له وجود في جميع المراتب التي تقع دون مرتبة الجنة الدنيوية التي رفع لها كانت وسوسة إبليس "لعنه الله" لآدم الموجود في المراتب الدنيا عن تلك المرتبة، ولم تكن لوجود آدم (ع) في الجنة الدنيوية ليقال كيف دخلها إبليس بعد طرده منها.
        .
        يقول السيد أحمد الحسن: (الجنة التي طرد منها إبليس "لعنه الله" هي الجنة الملكوتية، وأيضاً الجنة الملكية "الدنيوية"، ولكن آدم عليه السلام موجود في كل العوالم الملكية "الدنيوية"، وبالتالي فإنّ وسوسة إبليس لعنه الله كانت لآدم الموجود في العوالم الدنيوية التي هي دون الجنة الملكية "الدنيوية") المتشابهات - جواب سؤال 3.
        .

        #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (37) . مثال 3: يرى بعض المشككين أنّ إبليس طرد من الجنة لما رفض السجود لآدم بمقتضى قوله تعالى: "قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا...
        نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

        Comment

        • ya howa
          مشرف
          • 08-05-2011
          • 1106

          #19
          رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

          #الدين_الالهي
          #الاسلام
          #القرآن
          .
          (38)
          .
          • مثال 4: يزعم بعض المشككين أنّ القرآن يحوي تناقضاً في مسألة نهاية فرعون، فقد صرّح في موضع بغرقه: "فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ" القصص: 40، وفي موضع آخر صرّح بنجاته: "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ" يونس: 92، كما أنه يخالف قول داود: "وَدَفَعَ فِرْعَوْنَ وَقُوَّتَهُ فِي بَحْرِ سُوفٍ" مزمور: 136.
          .
          الجواب: كانت نهاية فرعون وجنده هي الغرق بالفعل بصريح القرآن الكريم، قال تعالى: "فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ" الذاريات: 40، "وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ" البقرة: 50، "كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ" الأنفال: 54، وكذا صريح الروايات.
          .
          وأما الآية 92 من سورة يونس "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ" فليس معناها أنّ فرعون نجا من الغرق كما فهم المشكك، وإنما هو نجاة لبدنه وجثته بعد الموت من أن تبقى في البحر؛ خصوصاً وأنّ فرعون كان قد لبس كامل عدّته الحربية وكان مثقلاً بالحديد باعتبار أنه خارج لقنال موسى (ع) وبني إسرائيل، لذا اعتبر القرآن خروج جثته آية من آيات الله وعبرة لمن بعده؛ لأن المفروض أن يبقيها الحديد في قاع البحر.
          .
          (إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (ع): لأي علة أغرق الله عز وجل فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال: لأنه آمن عند رؤية البأس، والإيمان عند رؤية البأس غير مقبول، وذلك حكم الله تعالى في السلف والخلف، قال الله تعالى: "فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّه وَحْدَه وكَفَرْنا بِما كُنَّا بِه مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا" وقال عز وجل: "يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً" وهكذا فرعون "حَتَّى إِذا أَدْرَكَه الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِه بَنُوا إِسْرائِيلَ وأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" فقيل له "آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً" وقد كان فرعون من قرنه إلى قدمه في الحديد، وقد لبسه على بدنه، فلما غرق ألقاه الله تعالى على نجوة من الأرض ببدنه، ليكون لمن بعده علامة، فيرونه مع تثقله بالحديد على مرتفع من الأرض، وسبيل الثقيل أن يرسب ولا يرتفع، فكان ذلك آية وعلامة) الصدوق، علل الشرائع: 1/59.
          .
          يقول السيد أحمد الحسن في معرض تفسيره للآية 92 من سورة يونس: (وأيضاً لابد من ملاحظة حال فرعون لما أطبق عليه الماء فقد كان مثقلاً بالحديد الذي تدرّع به كحال جنده أيضاً؛ لأنهم قد خرجوا لقتال بني إسرائيل فلا يمكن تصور أنه يطفو أو يسبح فتكون عنده فرصة لأنّ يقول شيئاً؛ لأنّ الحديد يمنعه من ذلك؛ ولأنّه مثقل بالحديد فقد كان خروج جثته من الماء بعد هلاكه آية من الله؛ لأنّ المفروض أن يبقيه الحديد في قاع البحر "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ").
          .
          .
          • مثال 5: يزعم بعض المشككين أنّ بين قوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً" النساء: 3، وقوله تعالى: "وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ" النساء: 129، تناقض إذ يبدو أنّ العدل بين النساء مستطاع بحسب الآية الأولى لكنه ليس كذلك بحسب الآية الثانية.
          .
          الجواب: منشأ الاشكال أنّ المشكك توهم أنّ متعلق العدل في الآيتين واحد، والصحيح أنه ليس كذلك، وقد أجاب أوصياء الرسول محمد (ص) هذا الإشكال قبل أكثر من ألف عام، لكننا ماذا نفعل للمقلّدين الذي لا يحسنون شيئاً غير الاشكال والتشكيك.
          .
          الإشكال على الآيتين قديم، طرحه ابن أبي العوجاء على هشام بن الحكم، ولم يكن لديه جواب حتى لقى الإمام الصادق (ع)، فسأله عن الآيتين، (فقال له أبو عبد الله (ع): أما قوله عز وجل: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" يعني في النفقة، وأما قوله: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة" يعني في المودة) الكليني، الكافي: 5/363.
          .
          فما هو غير مستطاع هو العدل بين النساء في المودة، وما هو مستطاع وواجب على الزوج هو العدل بين النساء في النفقة، فلا تعارض بين الآيتين إطلاقاً.
          .

          #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (38) . • مثال 4: يزعم بعض المشككين أنّ القرآن يحوي تناقضاً في مسألة نهاية فرعون، فقد صرّح في موضع بغرقه: "فَأَخَذْنَاهُ...
          نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

          Comment

          • ya howa
            مشرف
            • 08-05-2011
            • 1106

            #20
            رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

            #الدين_الالهي
            #الاسلام
            #القرآن
            .
            (39)
            .
            مثال 6: يرى بعض المشككين أنّ موسى محروم من رؤية الله في الآخرة بنص الآية: "قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي" الأعراف: 143، ومعروف أنّ "لن" تفيد التأبيد، وأما آية: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" القيامة: 22 - 23، فهي تفيد إمكان رؤية الله في الآخرة من قبل الجميع، في قبال آية: "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ" يونس: 26 التي تنفي الرؤية مطلقاً، وعموماً فالآيات - بنظر المشككين - تحوي تناقضاً بين عدم إمكان رؤية الله في الآخرة مطلقاً وبين إمكان رؤيته من قبل جميع الناس باستثناء موسى فهو لن يتمكن من رؤية الله على كل حال.
            .
            الجواب: عقيدة إمكان رؤية الله بالبصر في الآخرة فضلاً عن الدنيا باطلة؛ لأنها تستلزم تجسيم الله وتركيبه وتحديده بحدود، وهذا باطل عقلاً؛ لأن "الجسمية وما يلزمها من الحد والتركيب" من صفات الحوادث، وبالتالي فهي تثبت الاحتياج وتنفي الألوهية المطلقة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
            .
            وكذلك باطلة نقلاً، قال تعالى: "لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" الأنعام: 103:
            .
            - سأل أبو هاشم الجعفري الإمام الجواد (ع) فقال: (قلت لأبي جعفر عليه السلام: لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار؟ فقال: يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون ؟!) الكليني، الكافي: 1/99.
            .
            - إسماعيل بن الفضل، قال: (سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن الله تبارك وتعالى، هل يرى في المعاد؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً! يا بن الفضل، إن الابصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية، والله خالق الألوان والكيفية) الصدوق، الأمالي: 495.
            .
            وأما معنى قوله تعالى: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ"، فقد بيّنه الإمام الرضا (ع) حيث قال: (يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها) الصدوق، التوحيد: 116.
            .
            "الرب" في الآية بمعنى المربّي، وهذه الصفة ليست منحصرة بالله سبحانه، ولهذا فسّر أوصياء محمد (ص) الآية بالنظر إلى رسول الله (ص)، فالنظر إليه في الآخرة من أعظم الثواب والأجر الإلهي للمؤمنين:
            .
            يقول السيد أحمد الحسن في بيان الآية: (أي ناظرة إلى محمد (ص)، فهو المربي لهذه الوجوه الطيبة الناضرة. قال الصادق (ع) لهاشم الصيداوي: "يا هاشم، حدّثني أبي وهو خير مني عن رسول الله (ص) أنه قال: ما من رجل من فقراء شيعتنا إلا وليس عليه تبعة. قلت: جعلت فداك وما التبعة؟ قال: من الإحدى والخمسين ركعة، ومن صوم ثلاث أيام في الشهر، فإذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم ووجوههم مثل القمر ليلة البدر، فيقال للرجل منهم: سل تعط، فيقول: أسال ربي النظر إلى وجه محمد (ص). قال: فيأذن الله عز وجل لأهل الجنة أن يزوروا محمداً (ص). قال: فينصب لرسول الله (ص) منبراً على درنوك من درانيك الجنة له ألف مرقاة بين المرقاة إلى المرقاة ركضة الفرس، فيصعد محمد (ص) وأمير المؤمنين (ع)، قال: فيحف ذلك المنبر شيعة آل محمد (ع)، فينظر الله إليهم وهو قوله تعالى: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ". قال: فيلقى عليهم من النور حتى أن أحدهم إذا رجع لم تقدر الحوراء تملأ بصرها منه، ثم قال: أبو عبد الله (ع): يا هاشم لمثل هذا فليعمل العاملون") المتشابهات: جواب سؤال 54.
            .
            وأما قوله تعالى: "قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ......"، فقد أوضح الإمام الرضا (ع) أنّ موسى لم يطلب الرؤية البصرية، بل بنو إسرائيل هم من طلبها لما علموا بأنّ الله كلّم موسى (ع) وناجاه، وإلا فهو (ع) يعلم بأنّ الله لا يُرى بالبصر (انظر: الصدوق، التوحيد: 122).
            .
            نعم، موسى (ع) طلب من الله الرؤية القلبية ومعرفة الله معرفة تامة، لكنه أجيب بأنّ ذلك غير ممكن بالنسبة له؛ لأن مقام المعرفة التامة مختص بمن هم أعلى شأناً عند الله عز وجل منه:
            .
            قال السيد أحمد الحسن: (طلب موسى الرؤية القلبية والمعرفة البصيرية لا البصرية أولاً، فطلب معرفة الله سبحانه وتعالى حق معرفته في مقام "القاب قوسين أو أدنى"، فلما عرف من الله سبحانه وتعالى أنه غير مستحق لهذا المقام طلب أن يرى بالبصيرة وينظر بالبصر - "أَرِنِي أَنْظُر" - إلى صاحب هذا المقام، وهو محمد (ص) - ومعرفة محمد (ص) هي معرفة الله سبحانه وتعالى، والنظر إلى محمد هو النظر إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه وجه الله سبحانه - فجاءه الجواب: أنه لا طاقة له على رؤية نور محمد (ص) في ذلك المقام القدسي، فتجلى محمد (ص) وهو نور الله سبحانه للجبل فجعله دكاً، وخرّ موسى صعقاً "قَالَ سُبْحَانكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ" أي: بولاية علي بن أبي طالب (ع)، وهو فقط الذي يعرف محمداً ويرى محمداً (ص)، وهو صاحب هذا المقام، فهو باب محمد (ص): "أنا مدينة العلم وعلي بابها". .....
            وطلب أيضاً النظر إلى محمد (ص) فسُكت عن النظر؛ لأنه ممكن سواء لصورة محمد (ص) الجسمانية أو لصورته المثالية، ورُدَّ بعدم إمكان رؤية محمد (ص) "رؤية تامة"؛ لأن صاحب هذا المقام هو علي بن أبي طالب (ع)، وقد قال محمد (ص): "يا علي، ما عرفني إلا الله وأنت".
            فقوله تعالى: "لَنْ تَرَانِي" أي: لن ترى محمداً (ص) رؤية تامة، كما تطلب) المتشابهات: جواب سؤال 55.
            .
            بهذا نخلص إلى أنّ الآيات القرآنية المتقدمة لا تناقض بينها؛ اللهم إلا في وهم المشككين، بل الآيات تشير إلى حقائق دينية راقية بيّنها أوصياء محمد (ص) ببيان واضح كما لاحظنا.
            .

            #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (39) . مثال 6: يرى بعض المشككين أنّ موسى محروم من رؤية الله في الآخرة بنص الآية: "قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ...
            نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

            Comment

            • ya howa
              مشرف
              • 08-05-2011
              • 1106

              #21
              رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

              #الدين_الالهي
              #الاسلام
              #القرآن
              .
              (40)
              .
              • مثال 7: يرى بعض المشككين أنّ موسى طلب من ربه عدة طلبات ومنها حل عقدة لسانه: "وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي"، وقد أجابها له الله مباشرة: "قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى" وهذا يعني أن عقدة لسانه قد حلت تماماً، لكنا نجد فرعون - بعد ذلك - يقول لقومه: "أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ"، وهو يكشف عن أنّ عقدة لسانه لم تحل، وهل هذا إلا تناقض؟!
              .
              الجواب: مسألة كون موسى (ع) مصاب بلثغة أو تمتمة في لسانه أثّرت على سلامة نطقه وبيانه أمر ثابت دينياً، لكن ذلك أبداً لم يؤثر على اصطفائه من قبل الله سبحانه لرسالته الإلهية وهداية خلقه، بل كان رسولاً من أولي العزم من الرسل بل وإماماً للخلق، وهذا يكشف عن أنّ مسألة اختيار الله لحججه وتنصيبه لهم لا علاقة لها باللغة وجودة النطق كما نسمعه اليوم من بعض أنصاف المتعلمين ممّن يحاولون إدخالها في عملية التعرّف على خلفاء الله.
              .
              عموماً، دعا موسى (ع) ربه وطلب منه عدة طلبات كان منها حل عقدة لسانه وأن يرسل معه أخاه هارون وزيراً ومعيناً في إيصال الرسالة الإلهية، وقد أجاب الله سبحانه كلا طلبيه، وبخصوص عقدة لسانه فقد تحسّن حاله من هذه الناحية ولكن - لحكمة يريدها الله - لم ترفع العقدة عنه بشكل كلي كما توهم المشكك، ولهذا قصّ القرآن قول فرعون عنه: "وَلَا يَكَادُ يُبِينُ"، وأيضاً قص قول موسى: "وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ" القصص: 34، وكانت إجابة الله طلب موسى الآخر "إرسال هارون معه" هي - إضافة إلى شد أزره بأخيه ووزيره - معالجة ما بقي من مشكلة النطق لدى موسى (ع).
              .
              سئل السيد أحمد الحسن عن تفسير الآيات التي حكت طلب موسى من الله سبحانه، فأجاب:
              (قال تعالى: "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي" طه: 25 - 29.
              وقال تعالى: "وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ" الشعراء: 10 - 13.
              دعاء موسى (ع) واضح بأنه طلب من الله الآتي:
              - اشْرَحْ لِي صَدْرِي.
              - وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.
              - وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي.
              - يَفْقَهُوا قَوْلِي.
              - وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي.
              وفي الآيات علل موسى (ع) طلبه "حل عقدة لسانه" بأنه ليفقهوا ما يقول. وأيضاً علل طلبه أن يشرح صدره؛ لأنه يخاف أن يضيق صدره ولا ينطلق لسانه.
              النتيجة الواضحة؛ إن هناك مشكلة في النطق وإيصال المعلومة للآخرين عند موسى (ع)، وهذه المشكلة حلت جزئياً عند موسى (ع) بالخصوص، وحلت كلياً في رسالة موسى (ع) ببعث هارون (ع) كوزير له يعينه على إيصال الرسالة.
              فاستجابة الله لدعاء موسى (ع) قد تمت وبغاية الحكمة، فموسى أراد أن تتحسن قدرته على تبليغهم، وطلب أن يبعث معه هارون كوزير، وقد حسّن الله قدرة موسى (ع) على التبليغ بقدر معين، وأتمها بهارون (ع)، فبعث الله هارون (ع) استجابة لطلب موسى (ع)، وجعل بعثه في غاية الحكمة وهو أنه أتم به حل مشكلة موسى (ع) في تبليغ فرعون والقوم الذين أرسل إليهم موسى (ع)، "قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى" طه: 36.
              وقد بيَّن تعالى أن هناك بقية من الخلل في بيان موسى (ع) لم ترفع عندما قص كلام فرعون: "أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ" الزخرف: 52.
              وقال تعالى في قص قول موسى (ع): "وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ" القصص: 34.
              إذن موسى (ع) شخصياً بقي عنده شيء من الخلل في البيان، وهذه مشيئة الله ليكون هذا الخلل سبباً يتعلل به المدعون بالباطل من أمثال فرعون وجنده ومن استخفهم بأنهم أحق من موسى وبأنهم على الحق وأن موسى (ع) وحاشاه باطل: "وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ" الزخرف: 51 - 54. ......) الجواب المنير عبر الأثير: جواب سؤال 465.
              فظهر بهذا أن لا تناقض في القرآن من هذه الجهة أيضاً.
              .
              .
              • مثال 8: يتوهم بعض المشككين أنّ بين هاتين الآيتين من سورة النساء تعارض: "لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" النساء: 95 - 96، فالآية الأولى بيّنت أنّ الله فضّل المجاهدين على القاعدين درجة، والآية الثانية أنه فضّلهم عليهم بدرجات!
              .
              الجواب: لا تعارض بين الآيتين، لأنّ القاعدين عن الجهاد صنفان؛ الأول: القاعدون بعذر شرعي كالعاهة والمرض ونحو ذلك، الثاني: القاعدون بدون عذر ومسوّغ شرعي. والآية أصلاً نزلت في بيان حال الصنفين من المتخلفين عن الجهاد وأنّ بعضهم كان لعذر وآخرون لم يكونوا لعذر:
              روى أبو حمزة الثمالي في تفسيره: (نزلت الآية في كعب بن مالك من بني سلمة، ومرارة بن ربيع من بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية من بني واقف، تخلفوا عن رسول الله يوم تبوك وعذر الله أولي الضرر وهو عبد الله بن أم مكتوم) تفسير أبي حمزة الثمالي: 146 - 147.
              .
              وأيضاً: نفس الآية تؤكد ذلك، فقوله تعالى: "وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى" يكشف عن أنّ المجاهدين والقاعدين كلاهما موعود بالحسنى من الله، وهذا يعني أن هؤلاء القاعدين كان قعودهم لعذر شرعي منعهم عن الجهاد.
              .
              وإذا عرفنا هذا، فإنّ المتخلفين عن الجهاد لعذر لم يرتكبوا معصية ولا يؤاخذون شرعاً على قعودهم عنه؛ لاشتراط كل التكاليف الشرعية بالقدرة والاستطاعة، قال تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" البقرة: 286، بل ربما يُشركون مع المجاهدين في سبيل الله في الأجر فيما لو كانت نيّاتهم صادقة وأحبّوا عملهم وتمنّوا أن يكونوا معهم، لكن - على كل حال - يبقى للمجاهدين تفوّق بدرجة على القاعدين وإن كان قعودهم لعذر.
              .
              أما القاعدون عن الجهاد بدون عذر فهؤلاء ارتكبوا معصية يؤاخذون شرعاً عليها، إضافة إلى أنّ المجاهدين بالنفس والمال مفضّلون عليهم بأجر عظيم ودرجات عديدة، ولهذا - مثلاً - شكر الإمام علي (ع) موقف "طي" لما هبّت لنصرته على عدوه بالنفس والمال في قبال من تركوا الجهاد بين يديه بدون عذر شرعي، قال (ع): (جزى الله طيّاً خيراً، وقد فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً، ...) المفيد، الأمالي: 296.
              .

              #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (40) . • مثال 7: يرى بعض المشككين أنّ موسى طلب من ربه عدة طلبات ومنها حل عقدة لسانه: "وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن...
              نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

              Comment

              • ya howa
                مشرف
                • 08-05-2011
                • 1106

                #22
                رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                #الدين_الالهي
                #الاسلام
                #القرآن
                .
                (41)
                .
                • مثال 9: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء" النساء: 48 تدل على أنّ غير الشرك من الذنوب لا يُقطع بانتفاء مغفرته (أي ربما يُغفر)، مع أنّ الظلم والكفر والنفاق وقتل المؤمن عمداً ورد في القرآن أنه لا يغفر لصاحبها قطعاً: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا" النساء: 168- 169، "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا" النساء: 145، "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" النساء: 93، وهذا تناقض.
                .
                الجواب: معنى الشرك قرآنياً وروائياً أوسع دائرة من المعنى الذي يتخيّله المشكك، فهو ربما يعتبر عبادة رب "صنم مثلاً" غير الله هو المعنى الوحيد والحصري للشرك، لكن الصحيح أنّ الشرك دائرته أكبر وأوسع من هذا الفهم.
                .
                قسّم السيد أحمد الحسن الشرك إلى ثلاثة أنواع:
                1- الشرك الظاهر، ومنه الشرك الصريح في العقيدة كعبادة الأصنام والأوثان، وعبادة "طاعة" العلماء الضالين.
                2- الشرك الخفي، ومنه الرياء والتوجه إلى الناس لقضاء الحوائج مع التوجه إلى الله.
                3- الشرك النفسي، أي "الأنا" التي لابد لكل مخلق منها، وهو أخفى أنواع الشرك. ولا يتخلص الإنسان منها الا بالفتح المبين والفناء في الله ولا يكون له وجود قبال وجود الله سبحانه وتعالى. (أنظر: السيد أحمد الحسن، المتشابهات: جواب سؤال 27).
                .
                فدينياً، عبادة "طاعة" من لم يأمر الله بطاعته شرك بالله، وحال صاحبه كحال من يعبد صنماً أو جرماً أو حيواناً ونحو ذلك من دون الله تماماً، قال الإمام الصادق (ع): (من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته من الله كان مشركاً بالله) الكليني، الكافي: 1/273.
                .
                ومن الشرك أيضاً طاعة النفس والهوى مع طاعة الله، قال تعالى: "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا" الفرقان: 43. بل ربما يبتدع الإنسان رأياً من نفسه ويعتبره ميزاناً في تقييم الناس والحب والبغض فيكون مشركاً بقدر ما، فعن أبي العباس قال: (سألت أبا عبد الله (ع) "الإمام الصادق" عن أدنى ما يكون به الانسان مشركاً، فقال: من ابتدع رأياً فأحب عليه أو أبغض عليه) الكليني، الكافي: 2/297.
                .
                وكذلك طاعة العالم الضال "غير العامل" من الشرك بالله، فعن قوله تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله" قال الإمام الصادق (ع): (أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراماً، وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون) الكليني، الكافي: 1/53.
                .
                بل أحياناً يكون الشرك بالله من خلال عبادة ولي من أولياء الله الصالحين والتأله له باعتقاد أنه إله مطلق.
                .
                ثم إنّ من الشرك ما لا يخرج المؤمن عن دائرة الإيمان، قال تعالى: "وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ" يوسف: 106، وهو الشرك الخفي كما تقدم. ومن الشرك ما يؤثر على الإيمان، وعلى رأس ذلك: الشرك بالله وجحود وظلم حق خلفاء الله والرد عليهم، ويندرج ضمنها أيضاً بعض كبائر الذنوب التي توجب النار.
                .
                بعض كبائر الذنوب تخرج مرتكبها من الإسلام وليس الإيمان فقط، وذلك فيما إذا أتى بكبيرة بزعم أنها حلال، فهو أيضاً على حد الشرك بالله، ولذا يعذب أشد العذاب؛ لأنه يتضمن الرد على الله وعلى رسوله "خلفائه في أرضه" وتكذيبهم، وهو موجب لاتصاف فاعله بالشرك كما سيتضح:
                عن عبد الله بن سنان قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت، هل يخرج ذلك من الاسلام وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع؟ فقال: من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الاسلام وعذب أشد العذاب، وإن كان معترفاً أنه أذنب ومات عليه أخرجه من الايمان ولم يخرجه من الاسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأول) المصدر السابق: 2/285.
                .
                إذا اتضح هذا، نأتي الآن إلى الأمور الأربعة التي نقض بها المشككون، فأقول:
                أما بالنسبة إلى "الكفر والظلم" في آية: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا"، فلا يصح جعلهما مصداقاً لقوله تعالى: "وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء" كما توهم المشكك؛ لأنهما على حد الشرك بالله وليسا أدون منه؛ باعتبار:
                أنّ الكفر "ستر الحقيقة وتغطيتها" سواء كان كفراً بالله أو بخليفته المنصّب من قبله "أي إنكار وجحود حقه وعدم تصديقه"، فهو يستبطن الشرك بالله لا محالة، ولا أقل أنّ المنكر لله أو لحجة من حججه جعل نفسه شريكاً لله في اتخاذه موقف سلبي من حقيقة كان ينبغي عليه الإيمان والتصديق بها، إضافة إلى أنّ إنكار خلفاء الله وجحود حقهم وظلمهم ليس بأقل من "الرد عليهم" أو "عدم الرد إليهم" الذي وصف صاحبه في النص الديني بأنه مشرك كما سيأتي.
                .
                كذلك الظلم في الآية، فالظلم في بعض صوره ملازم للشرك بالله، فكل مشرك هو ظالم بل ظلمه ظلم عظيم، قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" لقمان: 13،
                إذن، بحسب النص الديني أنّ من الكفر "الجحود" والظلم ما يُعدّ به صاحبه مشركاً بالله كظلم خلفاء الله "أنبياؤه ورسله" وستر وجحود حقهم الإلهي، لهذا فسّر أوصياء محمد (ص) الآية: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ..." بإنكار إمامة خلفاء الله في أرضه، وهذا مثال من كلامهم:

                - الامام الصادق ع في قول الله تعالى: "الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً، إلا طريق جهنم". قال: (الذين كفروا بولاية علي عليه السلام وظلموا آل محمد، ولا يهديهم الله إلى ولايتهم ولا "يتولون" إلا أعداءهم الذين هم الطريق إلى جهنم) القاضي المغربي، شرح الأخبار: 1/243.
                .
                - الإمام الباقر (ع) قال: (نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: إن الذين ظلموا "آل محمد حقهم" لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيرا" ثم قال: "يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم "في ولاية علي" فآمنوا خيراً لكم وإن تكفروا "بولاية علي" فإن لله ما في السماوات وما في الأرض) الكليني، الكافي: 1/424.
                .
                بل هذا هو حال جميع المنكرين "الجاحدين = الكافرين" والظالمين لخلفاء الله في أرضه منذ آدم (ع) وحتى آخر خليفة إلهي على هذه الأرض.
                .
                فاتضح أنّ الكافرين بخلفاء الله وظالميهم يؤدي كفرهم بهم وظلمهم لهم إلى النتيجة التالية: "لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ" تماماً كما يؤدي بهم شركهم بالله إلى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ"، والسبب أنّ ظلم خلفاء الله وجحود حقهم على حد الشرك بالله، بل حتى ولو كان بمستوى "عدم قبول حكمهم" و"عدم الرد إليهم":
                .
                - قال الإمام الصادق (ع) في بيان حال من يرفض حكم الحكم المنصّب من قبلهم: (فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد، والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله) الكليني، الكافي: 1/67.
                - وقال (ع) أيضاً: (أمر الناس بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا، ثم قال: وإن صاموا وصلوا وشهدوا أن لا إله إلا الله وجعلوا في أنفسهم أن لا يردوا إلينا كانوا بذلك مشركين) الكليني، الكافي: 2/298.
                .
                كذلك "النفاق" المستحكم الذي لم يتب منه صاحبه؛ لأن المنافق أساساً غير مؤمن برسالة الله والرسول الإلهي المبعوث بها حقيقة، وإنما يُظهر الإيمان ويبطن عدم التصديق بالرسالة الإلهية والرسول الإلهي، قال تعالى في وصفهم: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا" النساء: 61، ولهذا كانت واحدة من صفات المنافقين هي ظنهم بأنهم يخادعون الله:
                .
                (عن محمد بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن (ع) أسأله عن مسألة فكتب إلي: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً" ليسوا من الكافرين وليسوا من المؤمنين وليسوا من المسلمين، يظهرون الايمان ويصيرون إلى الكفر والتكذيب لعنهم الله) الكليني، الكافي: 2/295.
                .
                وإذا اتضح أنّ المنافقين يصدّون عن الله ورسوله وأنّ حالهم ينتهي إلى الكفر بالله ورسوله "خلفائه في أرضه" وتكذيبهم، فالنفاق - والحال هذه - ليس بأقل من "الرد عليهم" أو "عدم الرد إليهم"، وهو موجب للشرك بالله كما عرفنا.
                .
                وأما "قتل المؤمن عمداً"، فجزاؤه واضح في القرآن الكريم، قال تعالى: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، ولهذا عدّه الإمام الصادق (ع) من بين الكبائر الخمس (الشرك بالله، أكل مال اليتيم، الفرار من الزحف، رمي المحصنات الغافلات، قتل المؤمن عمداً) التي توجب النار لفاعلها (انظر: الصدوق، الخصال: 273). وأكيد أنّ من يقتل مؤمناً عمداً ليس بمؤمن وإلا ما استحق لعنة الله وغضبه.
                .
                وأيضاً: ليس مطلق من يقتل مؤمناً عمداً يستحق الخلود في جهنم، وإنما من يقتل مؤمناً لأجل دينه، فعن (سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم [خالدا فيها]" قال: من قتل مؤمناً على دينه فذلك المتعمد الذي قال الله عز وجل: "وأعد له عذاباً عظيماً " قلت: فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضربه بسيفه فيقتله؟ قال: ليس ذلك المتعمّد الذي قال الله عز وجل) الكليني، الكافي: 7/275.
                .
                وأكيد أنّ من يقتل مؤمناً عمداً "لأجل دينه" يعني أنّ لديه مشكلة مع دين الله، أي هو رافض لدين الله ورسالته ورسوله الإلهي وراد على ذلك كله، وهذا على حد الشرك بالله كما تقدم بيانه.
                .
                فخلصنا إلى: أنّ ما توهّمه المشككون من أنّ هناك ذنوباً هي دون الشرك بالله "وهي: الكفر، الظلم، النفاق، قتل المؤمن عمداً" ويمكن أن تقع ضمن دائرة الاستثناء وإمكانية المغفرة: "وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء"، وبالتالي وقع القرآن في تناقض - بحسبهم - لما أوجب على مرتكبها الخلود في جهنم، أقول: إنّ ما توهموه جهل منهم بمراد القرآن وبحقيقة النص الديني المبيّن للقرآن أعني به الصادر من خلفاء الله، فجميع ما ذكر هو على حد الشرك بالله، بل بعضه وصف أنه شرك بالله كما لاحظنا، وبالتالي فلا منافاة بين قوله تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء"، وبين الآيات التي أوضحت خلود من "يكفر ويظلم وينافق ويقتل مؤمناً عمداً" في جهنم بالنحو الذي بيّناه.
                .
                #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (41) . • مثال 9: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ...
                نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                Comment

                • ya howa
                  مشرف
                  • 08-05-2011
                  • 1106

                  #23
                  رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                  #الدين_الالهي
                  #الاسلام
                  #القرآن
                  .
                  (42)
                  .
                  • مثال 10: يعتقد بعض المشككين أنّ بين هاتين الآيتين تناقض: "وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا" النساء: 78 - 79، فالآية الأولى تكشف عن أنّ الحسنة والسيئة من الله، في حين أنّ الآية الثانية تكشف عن أنّ السيئة مصدرها الإنسان وليس الله.
                  .
                  الجواب: الحسنات التي تصيب الإنسان كالصحة والرزق وفعل الخير وما شابه هي بفضل الله وتوفيقه للإنسان، والسيئات كالمرض والشدة وفعل السوء هي من تقدير الله سبحانه للإنسان وإمضائه أيضاً، وكون الاثنين ينتهيان إلى الله لا يعني أنهما يفرضان على الإنسان فرضاً، إذ لا مجال للقهر والإلجاء في دنيا الامتحان، وإنما للإنسان دور في حصول ذلك، فلما يفعل الإنسان سبب تحصيل الحسنة يتفضّل الله بها عليه ويوفقه إليها، ولما يفعل سبب تحصيل السيئة يمضيها الله له وفق قانون إلهي كوني عام يحكم الحسنات والسيئات معاً، وقد تقدم في إجابة المثال الأول من الإشكال بيان كيفية تعلق الإرادة الإلهية بأفعال الإنسان.
                  .
                  وأيضاً: ورد في الروايات أنّ السيئة التي تكون من الله هي عقوبات الذنوب التي يفعلها الانسان باختياره، وبالتالي يكون مصدر السيئة وسببها هو الإنسان نفسه، ونسبت إلى الله باعتبار أنه سبحانه، وإن منح الانسان الاختيار في فعل الخير أو الشر والسوء ولم يجبره على فعل أحدهما، لكنه في نفس الوقت لم يفوض الأمر إليه وإنما جعل سبحانه نظاماً وقانوناً كونياً عاماً ومنه عقوبات الذنوب التي يختار الإنسان فعلها، فمثلاً: عقوبة أكل مال اليتيم هي امتلاء بطن الآكل ناراً، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا" النساء: 10، وبالتالي فصحيح ان العقوبة محددة من الله ولكن الانسان بأكله مال اليتيم يكون هو السبب في تحصيلها وتعذيب نفسه بالنار؛ خصوصاً وأنّ الله سبحانه نهاه عن فعل ذلك وحذّره وبيّن له حقيقة فعله لكنه لم يتعظ.
                  .
                  (وقوله "وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله" يعني الحسنات والسيئات ثم قال في آخر الآية "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك" وقد اشتبه هذا على عدة من العلماء، فقالوا يقول الله وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله الحسنة والسيئة، ثم قال في آخر الآية "وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك"، فكيف هذا وما معنى القولين؟ فالجواب في ذلك ان معنى القولين جميعا عن الصادقين عليهم السلام انهم قالوا الحسنات في كتاب الله على وجهين والسيئات على وجهين "فمن الحسنات" التي ذكرها الله، الصحة والسلامة والامن والسعة والرزق وقد سماها الله حسنات "وان تصبهم سيئة" يعني بالسيئة ههنا المرض والخوف والجوع والشدة "يطيروا بموسى ومن معه" أي يتشاءموا به "والوجه الثاني من الحسنات" يعني به افعال العباد وهو قوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" ومثله كثير وكذلك السيئات على وجهين فمن السيئات الخوف والجوع والشدة وهو ما ذكرناه في قوله "وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه" وعقوبات الذنوب فقد سماها الله السيئات "والوجه الثاني من السيئات" يعني بها افعال العباد التي يعاقبون عليها فهو قوله "ومن جاء بالسيئة فكبت وجوهم في النار" وقوله: "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك" يعني ما عملت من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا والآخرة فمن نفسك بأفعالك لان السارق يقطع والزاني يجلد ويرجم والقاتل يقتل فقد سمى الله تعالى العلل والخوف والشدة وعقوبات الذنوب كلها سيئات فقال ما أصابك من سيئة فمن نفسك بأعمالك وقوله "قل كل من عند الله" يعنى الصحة والعافية والسعة والسيئات التي هي عقوبات الذنوب من عند الله) القمي، تفسير القمي: 1/144 - 145.
                  .
                  .

                  • مثال 11: ومن هذا القبيل (أي شبيه بالمثال المتقدم) الإشكال الذي يطرحه بعض المشككين من أنّ الآية: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ" البقرة: 6، تدل على عدم إمكانية إيمان الكافرين، بينما هناك آيات تدل على إمكانية إيمانهم، مثل: "قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَف" الأنفال: 38.
                  .
                  الجواب: بيّنا سابقاً معنى تعلّق إرادة الله بأفعال العباد وأنها بمعنى الأمر والنهي فما يريده منهم يأمرهم به وما لا يريده ينهاهم عنه، وأوضحنا أنّ الله سبحانه لما خلق هذه الدار التي نحن فيها للامتحان فقد منح الإنسان الاختيار ضمن قانون إلهي كوني عام يحكم الانسان والكون برمّته فلا جبر ولا تفويض في المسألة نهائياً.
                  .
                  وبالنسبة للإيمان والكفر، فالله سبحانه أراد من الناس الإيمان ولذلك أمرهم به ولم يرد منهم الكفر ولذلك نهاهم عنه وحذّرهم منه، من دون جبر وقهر على أيٍّ من الطرفين؛ لا للمؤمنين على فعل الإيمان ولا للكافرين على فعل الكفر، وإنما ترك للإنسان عموماً حرية الاختيار وحسم مصيره بنفسه ليستحق كل مختار بالنهاية النتيجة التي تلائم اختياره، مع علمه سبحانه مسبقاً بالمآل الذي يصير إليه كل فرد من بني البشر؛ لأنه سبحانه عالم بكل شيء ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة.
                  .
                  عن قوله تعالى: "سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ" (قال الإمام عليه السلام: أخبر عن علمه فيهم، وهم الذين قد علم الله أنهم لا يؤمنون) تفسير الإمام العسكري: 91.
                  وبالنسبة للآية الثانية، فقد استشهد بها الامام الباقر (ع) لمن أراد التوبة بعد أن كان متبعاً للباطل والضلال:
                  (عن علي بن دراج الأسدي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: إني كنت عاملاً لبني أمية فأصبت مالاً كثيراً فظننت أن ذلك لا يحل لي، قال: فسألت عن ذلك غيري؟ قال: قلت: قد سألت فقيل لي: إن أهلك ومالك وكل شيء لك حرام، قال: ليس كما قالوا لك، قلت: جعلت فداك فلي توبة؟ قال: نعم توبتك في كتاب الله "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف") تفسير العياشي: 2/55.
                  .
                  الله سبحانه يعلم بحال المؤمنين الذين يؤمنون بالله ويستجيبون لرسله وكذا يعلم بحال الكافرين به وبرسله ومن سيصرّ منهم على كفره وجحوده وأنه لا ينفع معه شيء من موعظة وتذكير بالله، ومن يتوب من كفره وضلاله ويهتدي للحق، لكن مع هذا يطلب من خلفائه ورسله تبليغ عموم الناس بما فيهم الكافرين بل حتى أولئك الذين يعلم بإصرارهم على الكفر وإنذارهم من خلال بيان عاقبة كفرهم، وأنهم إن تابوا يغفر الله لهم ما سبق من سوء فعلهم، وهذا من واسع رحمته سبحانه بعموم خلقه، فمن يختار التوبة منهم ينجو بفضل الله، ومن يصرّ على كفره وجحوده يتحمل نتيجة ذلك، مع ملاحظة أنّ عدم إيمان هؤلاء الجاحدين المصرّين لا لأنهم مجبرون على الكفر وأنّ الإيمان بالنسبة لهم غير ممكن في حد نفسه، بل لأنهم مصرّون على اختياره والبقاء عليه وعدم تبديل قناعاتهم الباطلة، ومثل هؤلاء حالهم لا يختلف وباقٍ على ما هو عليه وإنذار الرسول الالهي لهم من عدمه سواء بالنسبة لهم.
                  .
                  وعموماً، مسألة الانتهاء عن الكفر أو البقاء عليه أمر راجع لإرادة الإنسان واختياره، فإن شاء التوبة منه وقبل دعوة الرسول الإلهي غفر الله له بفضله ما سلف من كفره كما نصّت الآية الثانية، ومن شاء البقاء على كفره بحيث اشرأب قلبه حب الكفر حتى صار إنذار الرسول الإلهي له من عدمه سواء - كما نصّت الآية الأولى - فله ذلك أيضاً، والله يمضي له مراده في دنيا الامتحان، وسينال جزاءه في يوم الجزاء، وهكذا يتضح عدم وجود تعارض بين الآيتين.
                  .

                  #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (42) . • مثال 10: يعتقد بعض المشككين أنّ بين هاتين الآيتين تناقض: "وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ...
                  نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                  Comment

                  • ya howa
                    مشرف
                    • 08-05-2011
                    • 1106

                    #24
                    رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                    #الدين_الالهي
                    #الاسلام
                    #القرآن
                    .
                    (43)
                    .
                    • مثال 12: يزعم بعض المشككين أنّ بين الآية: "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ" الصافات: 180، والآية: "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ" الفتح: 10، تناقض إذ الأولى تنزّه الله عن الوصف والثانية تثبت الوصف بل تشبّهه بغيره!
                    .
                    الجواب: كون الله سبحانه "أحد" لا تكثر في حقيقته ولا تركيب أمر ثابت بصريح القرآن، قال تعالى: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" الإخلاص: 1، وأما تعدد الصفات الذاتية التي نصفه بها كالعلم والقدرة والحياة ونحو ذلك فهو لا يكشف عن تعدد حقيقي في الذات الإلهية وإنما هو ممّا فرضه حاجة المخلوق.
                    .
                    يقول السيد أحمد الحسن: (فالتوحيد بالمرتبة الأولى: معرفة انطواء جميع هذه الأسماء في الذات الإلهية، أي أن الله رحمن رحيم والرحمة ذاته، وقادر والقدرة ذاته. ومعرفة أن جميع هذه الأسماء مترشحة من باب الرحمة باطنه الرحيم وظاهره الرحمن. ومعرفة أن جميع هذه الأسماء غير منفكة عن الذات بل هي الذات عينها. ومعرفة أن جميع هذه الأسماء والصفات هي لجهة حاجة الخلق إليها، فوجودها من جهة افتقار الخلق لا من جهة متعلقة به سبحانه وتعالى، بل إنه سبحانه وتعـالى تجلى بالذات للخلق ليعرف - كان سبحانه كنـزاً فخلق الخلق ليعرف - ومعرفته سبحانه وتعالى بمعرفة الذات أو الله، ...) كتاب التوحيد - بسملة التوحيد.
                    .
                    هذا هو التوحيد في أولى خطواته، وليس هو التوحيد الحقيقي؛ لأن هذه المرتبة من التوحيد لا تخلو من الشرك بقدر ما.
                    .
                    يقول السيد أحمد الحسن: (والحقيقة أن هذه المرتبة من التوحيد لا تخلو من الشرك في مرتبة ما لجهتين:
                    الجهة الأولى: هي أننا لا يمكن أن نرفع كثرة الأسماء الملازمة للذات الإلهية عن أوهامنا، وإن كانت كثرة اعتبارية، فالله هو: الرحمن الرحيم القادر القاهر الجبار المتكبر العليم الحكيم ... وهذه الكثرة وإن كانت لا تخل بوحدة الذات الإلهية أو الله ولكنها كثرة، وتحمل معنى الكثرة فهي مخلة بالتوحيد في مرتبة أعلى من هذه، قال أمير المؤمنين (ع): "..... أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف".
                    والجهة الثانية: هي جهة الألوهية، فكوننا نتأله في حوائجنا إلى الذات الإلهية فإنّ علاقتنا معه سبحانه وتعالى غير خالية - والحال هذه - من الطمع والحاجة لسد النقص من جهة معينة، إذن فالعبادة غير خالصة بل هي طلب للكمال وسد النقص في أحسن صورها على هذا الحال، وهذه المرتبة شرك، فالإخلاص الحقيقي هو قطع النظر عمن سواه سبحانه وتعالى حتى عن الأنا والشخصية، وهذا هو الأولى والأحجى بل هو أصل المطلوب، إذن فالتوحيد الحقيقي يتحقق بعد معرفة فناء جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية، ثم فناء الذات الإلهية في الحقيقة أي فناء الألوهية في حقيقته سبحانه، ولا يتحقق هذا الأمر إلا بفناء الأنا وشخصية الانسان فلا يبقى إلا الشاهد الغائب سبحانه وتعالى عما يشركون، وإذا كان هناك لفظ دال عليه فيكون "هو" ضمير الغائب، والهاء لإثبات الثابت والواو لغيبة الغائب، وهذا التوجه - المتحصل من هذه المعرفة - هو التوجه الصحيح لأنه توجه إلى الحقيقة والكنه، وهذا هو التوحيد الحقيقي ...) المصدر السابق.
                    .
                    ونحن إذا عرفنا هذا نستطيع أن نعرف الخلل في الطرح العقائدي الذي يتبنّاه كثير من علماء المسلمين في محاولتهم إثبات رجوع الصفات السلبية (الجلالية التي تسلب النقص عن الله) إلى الصفات الثبوتية (الكمالية)، فالتوحيد الحقيقي في التسبيح والتنزيه وليس في الوصف؛ لأن الواصف لحقيقة ما يفترض به أن يكون مهيمناً عليها أو مساوٍ لها على أقل تقدير حتى يتمكن من وصفها بدقة، ومن أين لمخلوق محدود وهويته الفقر والاحتياج القدرة على وصف حقيقة مطلقة لا متناهية؛ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ولهذا قال الإمام الصادق (ع): (إن الله علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه) الصدوق، التوحيد: 173.
                    .
                    وأما قوله تعالى: "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ"، فليس معناه أنّ الآية تثبت لله وصفاً ويداً كما فهم المشكك وبعض من ينسبون أنفسهم للمسلمين كالسلفيين "الوهابيين" الذين اعتقدوا بأنّ لله يداً وعيناً وساقاً ووجهاً.... الخ على نحو الحقيقة، وبالتالي جعلوا الله مركباً (وبالضرورة محتاجاً؛ لأن كل مركب محتاج إلى أجزائه حتماً)، ليس هذا الضلال مراد من الآية إطلاقاً، وإنما معنى "يد الله" أنّ هناك مخلوقاً مثّل الله سبحانه في الخلق بأكمل صورة ممكنة فكان معرّفهم بالله ودليلهم عليه فاعتبر الله طاعة ذلك المخلوق طاعته ومعصيته معصيته وإرادته إرادته... وهكذا، وهم خلفاء الله في أرضه وحججه على خلقه، وبالتأكيد كان رسول الله محمد (ص) أحدهم بل وأكملهم لأنه سيدهم، وهذا الأمر واضح في رواياتهم، وهذا مثال لها:
                    .
                    - عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: (قلت لعلي بن موسى الرضا (ع): يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة. فقال (ع): يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمد (ص) على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومتابعته متابعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عز وجل: "من يطع الرسول فقد أطاع الله"، وقال: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم"، وقال النبي (ص): من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله جل جلاله. ودرجة النبي (ص) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله، فقد زار الله تبارك وتعالى) الصدوق، التوحيد: 117.
                    .
                    - حمزة بن بزيع عن الإمام الصادق (ع) في قول الله عز وجل: "فلما آسفونا انتقمنا منهم" فقال: (فقال: إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال: "من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها" وقال: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" وقال: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم" فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر، وهو الذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما ما، لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكوِّن من المكوَّن ولا القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علواً كبيراً، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى) الكليني، الكافي: 1/144.
                    .
                    - قال الإمام الصادق (ع) للمفضل بن عمر: (يا مفضل يسند القائم عليه السلام ظهره إلى الحرم ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء وبقول هذه يد الله وعن الله وبأمر الله ثم يتلو هذه الآية "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم" فمن نكث فإنما ينكث على نفسه الآية، ...) حسن بن سليمان، مختصر بصائر الدرجات: 183.
                    .
                    يقول السيد أحمد الحسن في بيان معنى الآية "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ": (محمد (ص) هو يد الله، وفي الحديث القدسي ما معناه: "لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالفرائض حتى يكون يدي وعيني …"، فالحجة على أهل الأرض هو يد الله وعين الله في خلقه، وفي دعاء السمات: "وظهورك في جبل فاران" أي ظهور الله في مكة بمحمد (ص)) المتشابهات: جواب سؤال 112.
                    .

                    #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (43) . • مثال 12: يزعم بعض المشككين أنّ بين الآية: "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ" الصافات: 180،...
                    نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                    Comment

                    • ya howa
                      مشرف
                      • 08-05-2011
                      • 1106

                      #25
                      رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                      #الدين_الالهي
                      #الاسلام
                      #القرآن
                      .
                      (44)
                      .
                      مثال 13: بعض المشككين يرى أنّ الآية: "وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ" البقرة: 284، تدل على أنّ الإنسان يؤاخذ على الوسوسة وخواطر القلب وهو أمر لا يطاق، وهذا يتناقض مع الآيات التي صرّحت بأنّ الإنسان لا يُكلّف إلا بما يطيق، مثل الآية: "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" البقرة: 286.
                      .
                      الجواب: إنّ الآية المذكورة - كما بيّن أوصياء محمد (ص) - منسوخة بما تلاها من آيات، قال تعالى: "لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين" البقرة: 284 - 286.
                      .
                      قال السيد أحمد الحسن: (ومن الآيات المنسوخة التي يعمل بها القائم (ع) هي: "لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه". فهذه الآية منسوخة بالآيات التي تليها من سورة البقرة، ومع ذلك فإنّ القائم (ع) يعمل بهذه الآيـة المنسوخـة كما ورد في الروايات عن أهل البيت "عليهم السلام"، ...) المتشابهات: جواب سؤال 86.
                      .
                      ورد في محاورة الإمام علي (ع) مع رجل يهودي في فضل رسول الله محمد (ص): (قال له اليهودي: فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح، فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر؟
                      قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا: إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام، في أقل من ثلث ليلة، حتى انتهى إلى ساق العرش، فدنى بالعلم فتدلى من الجنة رفرف أخضر، وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده، ولم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى، وكان فيما أوحى إليه: الآية التي في سورة البقرة قوله: "لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير" وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمدا، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول الله وعرضها على أمته فقبلوها، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه، فقال: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه - فأجاب صلى الله عليه وآله مجيبا عنه وعن أمته - والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله" فقال جل ذكره لهم الجنة والمغفرة على أن فعلوا ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما إذا فعلت ذلك بنا، فغفرانك ربنا وإليك المصير، يعني المرجع في الآخرة، قال: فأجابه الله عز وجل قد فعلت ذلك بك وبأمتك، ثم قال عز وجل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمتك حق علي أن أرفعها عن أمتك وقال: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت - من خير - وعليها ما اكتسبت" من شر.......) الطبرسي، الاحتجاج: 1/327.
                      .
                      بالتالي، فلا تعارض بين الآيتين بعد أن كانت الآية الثانية ناسخة للأولى، والنسخ أمر واقع في الدين الإلهي، وله حكم عديدة؛ بعضها يرتبط باختبار الناس وتمييز الصالح منهم عن غيره، وآخر يرتبط بالظروف المحيطة بالمجتمع الإنساني على هذه الارض.
                      .
                      يقول السيد أحمد الحسن: (تفاصيل التشريع ممكن أنْ تتغير في مسيرة الدين الإلهي دائماً، سواء في تعاقب الرسل أو حتى خلال مبعث رسول واحد .......
                      وقد بيّن القرآن مسألة تبدل التشريع بوضوح بآيات؛ منها قوله تعالى: "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ" الشورى: 13. أو حتى يمكن أنْ تكون هناك تشريعات بعض أهدافها تمحيص الناس وإفراز سفيههم عمّن يطلب الحق منهم، ففي حين أنّ قبلة الأحناف في مكة هي الكعبة كانت قبلة الرسول وصلاته إلى بيت المقدس حيث قبلة اليهود، ولما ذهب للمدينة حيث اليهود وقبلتهم بيت المقدس نجد أنّ الله جعل قبلته الكعبة، ولو كانت في مكة قبلته الكعبة لكان الإيمان أهون على الأحناف. فأكيد أنّ اتخاذ محمد (ص) قبلة اليهود كان أمراً ثقيلاً على الأحناف في مكة؛ لأنّ قبلتهم هي الكعبة، وأيضاً اتخاذ محمد (ص) الكعبة كقبلة أمر ثقيل على النصارى واليهود في المدينة؛ حيث إنّ قبلتهم بيت المقدس. .....
                      إذن، فالتشريع الإلهي قابل للنسخ والتغير والتبدل، وهناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى النسخ والتغيير؛ منها الظروف المحيطة بالمجتمع الإنساني في هذه الأرض) عقائد الإسلام: الأصل الثالث - التشريع.
                      .
                      .
                      • مثال 14: يعتبر بعض المشككين أنّ آية: "لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" البقرة: 273، وصفت اهل الصفة بوصفين متناقضين فمرة وصفتهم بالمتعففين وهم الذين لا يسألون الناس أصلاً، وأخرى وصفتهم بأنهم لا يلحون بسؤال الناس!
                      .
                      الجواب: التعفّف: يعني الامتناع عن السؤال، والإلحاف لغة: ليس بالضرورة معناه الإصرار والإلحاح في سؤال الناس واستعطائهم كما فهم معظم المفسرين وكذلك المشككين، بل ربما يعني القلع فيقال: "ألحف ظفره" بمعنى قلعه من أساسه.
                      .
                      والمعنى الثاني هو المتعيّن بالنسبة للمتعففين في الآية؛ باعتبار أنّ المذكورين فيها هم مجموعة أشخاص نذورا أنفسهم للدين وأعرضوا عن الدنيا تماماً، فلم يكونوا يسألون الناس ويستعطونهم أصلاً فضلاً عن أن يلحّوا في السؤال والطلب منهم، والآية في مقام بيان فضلهم وذم عادة كانت ولا زالت منتشرة في الكثير من المجتمعات وهي ظاهرة الجدية والسؤال بإلحاح.
                      .
                      يقول السيد أحمد الحسن في بيان الآية: (الآية نزلت في وقت الرسول (ص) وشملت المتعففين الذين نذروا أنفسهم للدين ولكنها عامة، أما مسألة "إلحافاً" فليس المقصود إلحاح بالسؤال؛ لأنه في الواقع أي سؤال يتضمن مستوى من الإلحاح، وإنما المقصود أنهم لا يسألون أحد أصلاً، هم أصلاً أشخاص نذروا حياتهم للدين وكانوا يعيشون في المسجد وحوله في زمن الرسول (ص)، أي أنهم أعرضوا عن الدنيا فمنطقياً مثل هؤلاء لن يستعطوا من أحد شيئاً) حوار مباشر معه.
                      .
                      وبهذا ظهر أن لا تناقض في الآية كما توهم المشكك.


                      #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (44) . مثال 13: بعض المشككين يرى أنّ الآية: "وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ...
                      نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                      Comment

                      • ya howa
                        مشرف
                        • 08-05-2011
                        • 1106

                        #26
                        رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                        #الدين_الالهي
                        #الاسلام
                        #القرآن
                        .
                        (45)
                        .
                        • مثال 15: يرى بعض المشككين أنّ بين الآية: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ" البقرة: 34، والآية: "إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" الكهف: 5، تناقض إذ الأولى اعتبرت إبليس من الملائكة والثانية اعتبرته من الجن!
                        .
                        الجواب: لا تناقض بين الآيتين، فالآية الأولى وصفت إبليس بحسب المقام الذي ارتقى إليه قبل فشله في الامتحان بالسجود لآدم (ع)، والثانية وصفته بحسب أصله.
                        .
                        عن جميل بن دراج، الإمام الصادق (ع) قال: (سألته عن إبليس أكان من الملائكة؟ وهل كان يلي من أمر السماء شيئاً؟ قال: لم يكن من الملائكة، ولم يكن يلي من السماء شيئاً، كان من الجن وكان مع الملائكة، وكانت الملائكة تراه أنه منها، وكان الله يعلم أنه ليس منها، فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان) المجلسي، بحار الأنوار: 11/119.
                        .
                        يقول السيد أحمد الحسن: (إبليس "لعنه الله" من الجن بحسب أصله، وهو من الملائكة نتيجة ارتقائه في تلك المرحلة التي أمر بها الملائكة بالسجود، فالأمر للملائكة يشمله باعتبار أنه من الملائكة في تلك المرحلة. فالجن خُلقوا مكلفين فإن أطاعوا الله ارتقوا إلى مرتبة الملائكة فيصبحون ملائكة، والأنس فطرتهم أعظم؛ حيث إنهم إذا أطاعوا الله سبحانه وتعالى يرتقون حتى يكون الإنسان وجه الله ويد الله كما هو حال خلفاء الله في أرضه "عليهم السلام"، فالإنسان إذا أطاع الله يرتقي في مرتبة أعلى من مرتبة الملائكة "عليهم السلام") المتشابهات: جواب سؤال 153.
                        .
                        .
                        • مثال 16: بعض المشككين يرى أنّ الآية: "فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ" المؤمنون: 107، تتعارض مع الآية: "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ" الصافات: 27، خصوصاً وأنّ كلا المشهدين يحصلان في يوم القيامة!
                        .
                        الجواب: لا تعارض بين الآيتين، لأن "التساؤل" في كل منهما يختلف عن الآخر كما سنلاحظ.
                        "لَا يَتَسَاءلُونَ" في الآية الأولى يعني نفي التساؤل والاستعطاف أو التفاخر فيما بين المحشورين في الآخرة من جهة النسب، فإنّ الحال في الآخرة ليس كما هو في الدنيا، إذ المتعارف عند الكثير من الناس في الدنيا أنّ بعض أهل البيوتات المعروف نسبهم وحسبهم بين الناس يفتخرون بذلك ولهم تقدير خاص من هذه الجهة، فالآية ترد على هكذا فهم وتصور وتبيّن أنّ الحال في الآخرة - لما تكون العدالة الإلهية هي الحاكمة والنافذة - يختلف ومسألة الأنساب هناك لا تنفع شيئاً، والعبرة بعمل الإنسان نفسه ومقدار تقواه وطاعته لله.
                        .
                        (قال علي بن إبراهيم في قوله: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" فإنه رد على من يفتخر بالأنساب.
                        قال الصادق عليه السلام: لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالأعمال، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أيها الناس إن العربية ليست بأبٍ والد، وإنما هو لسان ناطق، فمن تكلم به فهو عربي، ألا إنكم ولد آدم، وآدم من تراب، والله لعبد حبشي أطاع الله خير من سيد قرشي عاص لله، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه" قال: بالأعمال الحسنة "فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه" قال: من الاعمال السيئة "فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار" قال: أي تلهب عليهم فتحرقهم "وهم فيها كالحون" أي مفتوحي الفم مسودي الوجه) تفسير القمي: 2/94.
                        .
                        وقال الإمام الرضا (ع): (من أحب عاصياً فهو عاص ومن أحب مطيعاً فهو مطيع ومن أعان ظالماً فهو ظالم ومن خذل عادلاً فهو ظالم إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله إلا بالطاعة ولقد قال رسول الله (ص) لبني عبد المطلب: ائتوني بأعمالكم لا بأحسابكم وأنسابكم قال الله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون") الصدوق، عيون أخبار الرضا: 2/260.
                        .
                        أما "يَتَسَاءلُونَ" في الآية الثانية فيتضح معنى التساؤل فيها من خلال عرض ما سبقها وما تلاها من آيات، قال تعالى: "احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ * فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ" الصافات: 22 - 34.
                        .
                        واضح أنّ الآيات تحكي حال ثلة من المحشورين الذين يساقون إلى الجحيم، وبحسب الآيات فإنّ بعضهم "أ" كان سبباً لإضلال وغواية البعض الآخر "ب"، وأدى ذلك إلى نشوء حوار وتلاوم وتوبيخ متبادل فيما بينهم، فيعتبر الطرف "ب" نفسه ضحية إضلال وغواية الطرف "أ" ويلومه على ذلك، فيجيبه الطرف "أ": لولا أنكم كنتم قوماً طاغين وغير مؤمنين من الأساس ما استطعنا غوايتكم، وكانت النتيجة أنّ الجميع مشترك في العذاب.
                        .
                        وعموماً، فإنّ التساؤل في الآية الثانية - كما لاحظنا - كان عبارة عن تلاوم وتوبيخ متبادل بين طرفين مجرمين نالوا نفس المصير، وليس تساؤلاً لأجل التفاخر النسبي أو نيل الاستعطاف النسبي لأجل تحصيل فائدة أخروية كما في الآية الأولى.
                        .
                        #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (45) . • مثال 15: يرى بعض المشككين أنّ بين الآية: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ...
                        نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                        Comment

                        • ya howa
                          مشرف
                          • 08-05-2011
                          • 1106

                          #27
                          رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                          #الدين_الالهي
                          #الاسلام
                          #القرآن
                          .
                          (46)
                          .
                          • مثال 17: في قصة يونس ورد التصريح بنبذه في العراء كما في الآية: "فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ"، وبنظر المشككين فهي تتعارض مع الآية: "لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ"!
                          .
                          الجواب: لا تعارض بين الآيتين، وهذا يتضح من خلال معرفة المقصود من الآيات التالية:
                          - قال تعالى: "فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ" القلم: 48 - 49.
                          - قال تعالى: "فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ" الصافات: 142 - 146.
                          .
                          أوضح السيد أحمد الحسن في كتاب "المتشابهات" معنى هذه الآيات وما جرى على نبي الله يونس (ع) ببيان مفصّل، ونحن سنذكر ما له صلة بدفع الإشكال المذكور عبر نقاط:
                          .
                          1- إنّ يونس (ع) مات في بطن الحوت، وروحه نظرت إلى ظلمات جهنم وطبقاتها السفلية، والدليل على موته قوله تعالى: " لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"، فالذي يلبث إلى يوم يبعثون يلبث ميتاً، وسيتضح أكثر لاحقاً. كما أنّ قوله تعالى: "َأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ" يؤكد موته أيضاً، فالله سبحانه اعتبر إرساله وبعثه بعد إخراجه من بطن الحوت حالة إرسال جديدة؛ (وذلك لأنه بعث بعد موته، فكانت حالة إرسال جديدة، وإلا فلو لم يكن ميتاً لكانت عودة من غيبته وإكمال رسالته) كما يقول السيد أحمد الحسن (انظر: المتشابهات: جواب سؤال 174).
                          .
                          2- جهنم التي رآها يونس (ع) هي جهنم النامية بأعمال الظالمين حتى يكتمل سعيرها وتأجج نارها بأعمال الظالمين، كما أنّ الجنة نامية تكتمل بأعمال الصالحين من الأنبياء والأوصياء والمرسلين والصالحين.
                          .
                          3- لا تناقض بين هذه الآيات كما يتخيّل بعض من يجهل الحقيقة:
                          - "لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ".
                          - "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون".
                          يقول السيد أحمد الحسن: (فالمؤكد أنّ الله سبحانه وتعالى لابد أن يقضي أمراً واحداً كعقوبة توعدها لنبي الله يونس (ع)، فأما النبذ في العراء وهو مذموم، وأما أن يلبث في بطنه إلى يوم يبعثون، وإلا لكان هناك تناقض في القرآن؛ لأنه سبحانه وتعالى حكيم وتصدر منه الحكمة التامة، وهي واحدة لا تتعدد. وإن شاء بعضهم التأويل يميناً أو شمالاً بدون علم من آل محمد (ع) فهذا أمر يخصه، ولكني أُبيِّن الحقيقة وهي أن يُنبَذ جسده بالعراء، وروحه تلبث في طبقات جهنم إلى يوم يبعثون، وكما بيَّنتُ هذه "هي جهنم النامية لا التامة" التي تسير الدنيا نحوها سيراً حثيثاً، كسيرها نحو الجنة، ومن هنا يتبين أن لا تناقض بين الآيات) المصدر السابق.
                          .
                          4- بقاء يونس (ع) في بطن الحوت كجسد مادي إلى يوم يبعثون أمر غير صحيح؛ لأن البعث يسبقه فناء كل الموجودات وتبدّل الأرض "يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" إبراهيم: 48، وبالتالي فهو إن حصل وبقي جسده تاماً إلى يوم البعث فلا يكون إلا ببقاء جسد الحوت تاماً إلى يوم البعث أيضاً، ومثل هذا لا يكون إلا بمعجزة، ومعلوم أنها لا تحصل إلا لحكمة وفائدة، ولا فائدة في مثل هكذا معجزة.
                          .
                          5- الله سبحانه لم يهدد أو يتوعد نبيه يونس (ع)، وإنما ربّاه وأنعم عليه لما أراه مصيره فيما إذا خالف الله وأعرض عن الرسالة. وبحسب القرآن والروايات فإنّ هناك شبهاً بين نبي الله يونس وآدم (ع)، فما صدر من آدم (ع) كان سبباً في إبداء سوءته (عريّه من التقوى): "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى" طه: 121، وكذلك ما صدر من يونس (ع) كان سبباً لنبذه بالعراء (عريّه من التقوى) "فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ"، وكان هذا "العري من التقوى" هو السبب في سقمه، لكنه (ع) سبّح الله واستغفره "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" كما استغفره آدم (ع)، فكان ذلك سبباً في عودة لباس التقوى لهما.
                          .
                          يقول السيد أحمد الحسن: (... ثم كان هذا الاعتراف من يونس (ع) بالحق والاستغفار والتسبيح سبباً لعودة لباس التقوى وهو الخضار والدين، "وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ"، تنبت عليه كأنها قطعة منه، وهي لباس التقوى الملازم للمتقين. كما أنّ آدم (ع) سُترت عورته بورق الجنة، وهو أيضاً الخضار والدين ولباس التقوى "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ" الأعراف: 26.
                          "فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ": وسقم يونس (ع) كان بسبب نزع لباس التقوى عنه بعد أن أعرض وأَبِقَ، والآبق هو العبد الذي تمرد أو هرب من سيده.
                          شجرة اليقطين من أشجار الجنة، أي أشجار الدين والتقوى) المصدر المتقدم.
                          .
                          إذا عرفنا ما تقدم، يتضح أن لا تناقض بين الآيتين، فنبذ يونس (ع) في العراء وهو سقيم "فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ" هو الأمر الذي حصل فعلاً معه بسبب استغفاره وتسبيحه، أما قوله تعالى: "لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ" فهي العقوبة المقدّرة له "كجسد" في حال عدم الاستغفار إضافة إلى عقوبة الروح التي تبيّنت لنا.


                          #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (46) . • مثال 17: في قصة يونس ورد التصريح بنبذه في العراء كما في الآية: "فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ"،...
                          نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                          Comment

                          • ya howa
                            مشرف
                            • 08-05-2011
                            • 1106

                            #28
                            رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                            #الدين_الالهي
                            #الاسلام
                            #القرآن
                            .
                            (47)
                            .
                            • مثال 18: يزعم بعض المشككين أنّ بين الآية: "اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ " القصص: 32، والآية: "وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى" طه: 22، تعارض لأن الآية الأولى اعتبرت الجناح مضموماً إلى موسى، والثانية اعتبرت يده مضمومة إلى جناحه، مع أنّ الآيتين تتحدثان عن نفس القضية!
                            .
                            الجواب: بصرف النظر عمّا قاله المفسّرون في بيان معنى الآيتين، فإنهما لا تعارض بينهما إطلاقاً، وهما يؤكدان نفس المعنى، فاليد البيضاء تشير إلى عدالة الإنسان التامة ونزاهته وطهارته من الظلم، وهذا المعنى موجود في اللغة أيضاً، فتقول: "فلان يده بيضاء" وتقصد أنه رجل عادل ولا يصدر منه الظلم.
                            وفي اللغة أيضاً: الجناح يشير - في أحد معانيه - إلى اليد (انظر: ابن منظور، لسان العرب: 1/438)، فكأنّ يد الإنسان بمثابة الجناح بالنسبة إلى الطائر. كما يشير "الجناح والجوانح" إلى صدر الإنسان (انظر: الزمخشري، أساس البلاغة: 137). وكذلك الجيب في أحد معانيه، قال تعالى: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" النور: 31، فالجناح والجيب لهما نفس المعنى. يقال: "فلانٌ ناصحُ الجَيْبِ: يُعْنَى بذلك قَلْبُه وصَدْرُه، أَي أَمِينٌ" (انظر: ابن منظور، لسان العرب: 1/288).
                            .
                            بالتالي، فإنّ الآية الأولى "اضمم إليك جناحك" تعني اضمم يدك البيضاء الناصعة الخالية من الظلم إلى نفسك ليخرج ما في روحك من عدل وطهارة، كما أنّ الآية الثانية "اضمم يدك إلى جناحك" تشير إلى نفس المعنى أيضاً.
                            .
                            قال السيد أحمد الحسن: (قال تعالى: "وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى"، أي خالية من الظلم، فالإنسان يأخذ ويعطي باليد، واليد البيضاء تشير إلى عدالة الإنسان التامة مع الناس ومع الله سبحانه وتعالى، فموسى (ع) طهر نفسه من الظلم بمرتبة عالية، ...) المتشابهات: جواب سؤال 128.
                            .
                            ويقول أيضاً: (يد الإنسان تَبْيضّ مع العدل وتَسْودّ مع الظلم في ملكوت السماوات، وهذا ما أظهره الله سبحانه وتعالى مع موسى (ع) في هذه الحياة الدنيا:
                            - "وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ" الأعراف: 108.
                            - "وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى" طه: 22.
                            - "وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ" النمل: 12.
                            - "اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ" القصص: 32.
                            والجناح والجيب ملاصق للصدر، وهو موضع اتصال روح الإنسان بجسده، أي: كأنّه يخرج ما في روحه من عدل وقدس وطهارة للناس في يده ليريهم حاله) الجواب المنير عمثال بر الأثير: جواب سؤال 59.
                            .
                            .
                            • مثال 19: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" الأعراف: 188، تتعارض مع الآية: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا" سبأ: 28، باعتبار أنّ الآية الأولى حصرت البشارة والإنذار في قوم مؤمنين في حين أنّ الثانية جعلته عاماً لكل الناس!
                            .
                            الجواب: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ: يعني به من على الأرض، كما بيّن الإمام الصادق (ع) (انظر: المجلسي، بحار الأنوار: 25/375).
                            .
                            فالله سبحانه أرسل رسوله محمداً (ص) إلى الناس كافة، بل إلى العالمين عموماً رحمة بهم، قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" الأنبياء: 107، وهذا أمر واضح في القرآن وروايات خلفاء الله.
                            .
                            ذكر الامام الصادق خطبة لجده أمير المؤمنين (ع) قال فيها: (... وأشهد أن محمداً (ص) عبده ورسوله وخيرته من خلقه اختاره بعلمه واصطفاه لوحيه وائتمنه على سره وارتضاه لخلقه وانتدبه لعظيم أمره ولضياء معالم دينه ومناهج سبيله ومفتاح وحيه وسبباً لباب رحمته، ابتعثه على حين فتره من الرسل وهدأة من العلم واختلاف من الملل وضلال عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعد، أرسله إلى الناس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضله وفصله وبينه وأوضحه وأعزه وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه تنزيل من حكيم حميد، ...) الكليني، الكافي: 8/174.
                            .
                            لكن لما جعل الله سبحانه هذه الدنيا داراً للامتحان والاختبار ومنح الإنسان فيها حرية الاختيار لتقرير مصيره كانت استجابة أغلب الناس لدعوات الرسل سلبية وقليل منهم من يؤمن بالرسل ويصدقهم ويتبعهم، وهذا أمر ذكره الله في القرآن بوضوح، قال تعالى: "وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ" هود: 40، "وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" سبأ: 13، "قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ" غافر: 58، "بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً" الفتح: 15 ... وهكذا، في قبال أكثرية الناس التي اختارت البقاء على الغفلة وعدم الايمان، قال تعالى في وصفهم: "وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ" الشعراء: 8، "وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ" يونس: 92، "وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ" الحديد: 16، "وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ" المائدة: 66، "وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" الأعراف: 17، "وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ" الأنعام:111، ... وهكذا.
                            .
                            لذا فمسألة أن تنتفع القلة المؤمنة من بشارة وإنذار الرسول محمد (ص) كما هو مؤدى الآية الأولى "إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" أمر حصل فعلاً، وليس فقط مع رسول الله محمد (ص) ولكنه حصل دائماً مع جميع رسل الله على طول خط الإرسال الإلهي للناس على هذه الأرض، لكن هذا لا يعني أنّ الله سبحانه حصر بشارة وإنذار رسله للمؤمنين فقط، وإنما يعني أنّ المؤمنين هم من انتفعوا فعلاً من دعوات الرسل، وغيرهم من الناس ضيّعوا حظهم بسوء اختيارهم وإعلانهم الجحود والتمرّد على الدعوات الإلهية وقادتها الكرام، وقد تقدم سابقاً (في بحوث الإرادة الإلهية) أنّ الله سبحانه يمضي إرادة العبد وإن كانت بالضد ممّا أمر به أو نهى عنه؛ لأن هوية العالم الذي نحن فيه هي الامتحان والاختبار.
                            .

                            #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (47) . • مثال 18: يزعم بعض المشككين أنّ بين الآية: "اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ...
                            نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                            Comment

                            • ya howa
                              مشرف
                              • 08-05-2011
                              • 1106

                              #29
                              رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                              #الدين_الالهي
                              #الاسلام
                              #القرآن
                              .
                              (48)
                              .
                              • مثال 20: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ" البقرة: 48، تدل على نفي الشفاعة مطلقاً، وهي بذلك تتعارض مع الآيات التي تؤكد وجود الشفاعة، مثل: "مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ" البقرة: 255، "وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى" الأنبياء: 28، "وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ" سبأ: 23!
                              .
                              الجواب: لا تعارض بين الآيات؛ لأنها تتحدث عن يومين مختلفين وليس عن يوم واحد كما توهم المشككون، فاليوم الذي ليس فيه شفاعة "وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ" هو يوم الموت فهو اليوم الوحيد الذي ليس فيه شفاعة، أما الآيات التي أثبتت وجود الشفاعة فهي تتحدث عن يوم القيامة.
                              .
                              (قال الله عز وجل: "واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً" لا يدفع عنها عذاباً قد استحقته عند النزع. "ولا يقبل منها شفاعة" يشفع لها بتأخير الموت عنها. "ولا يؤخذ منها عدل" لا يقبل فداء مكانه يمات ويترك هو. قال الصادق عليه السلام: وهذا يوم الموت، فإن الشفاعة والفداء لا يغني عنه، فأما في يوم القيامة فإنا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء ...) تفسير الإمام العسكري: 241.
                              .
                              قال السيد أحمد الحسن: ("وَاتَّقُوا يَوْماً": هو يوم الموت، وهو اليوم الوحيد الذي لا توجد فيه شفاعة، فالعذاب عند الموت لا ينجو منه إلا من صاحب الدنيا ببدنه، وقلبه معلق بالملأ الأعلى، فلم يرتبط مع الدنيا بحبال وعوالق تحتاج إلى القطع والقلع مما يسبب العذاب. والناجون من عذاب الموت هم: المقربون، قال تعالى: "فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ" الواقعة: 88 - 89، أي حال موته، وسادة المقربين هم: محمد وآل محمد عليهم السلام) المتشابهات: جواب سؤال 23.
                              .
                              وقال أيضاً: ("وَاتَّقُوا يَوْماً": أي خافوا يوماً، وهذا اليوم هو يوم الموت، أي ساعة الموت أو لحظات الموت. ومع أنّ شفاعة من له شفاعة تنفع كل ساعة في الدنيا وبعد الموت في القبر والبرزخ والقيامة ولكن لا شفاعة عند الموت لأحد، بل ولا يقبل عند الموت عدل ولا عمل صالح. وهذا بسبب أنّ الموت هو نزع الروح عن الجسد، وهذا النزع أو الأخذ أو الاستيفاء لابد أن يرافقه تقطيع علائق الروح مع الدنيا، وهذه العلائق بحسب كثافتها وكثرتها يكون اشتباك الروح مع الجسد كثيفاً، فلابد أن يرافق تقطيع هذه العلائق آلام ولا تنفع شفاعة الشافعين لمنعها أو إزالتها، بل ولا ينفع عمل الإنسان في رفع أو إزالة هذه الآلام.
                              "لا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ": وذلك لأن تعلق الإنسان بالدنيا (البيت والزوجة والأولاد والمال وغيرها من المتعلقات الدنيوية) هو عبارة عن حبال عقدها الإنسان بنفسه ولا خروج للروح من الدنيا ولا انفصال له عن الجسد دون قطع هذه الحبال والعلائق، ولا ينجو من آلام الموت إلا من رافق الدنيا بجسده وروحه معلقة بالملأ الأعلى، وهؤلاء هم المقربون، قال أمير المؤمنين (ع) ما معناه: "إنما كنت جاراً لكم، جاوركم بدني أياماً"، وقال تعالى: "فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ".
                              ولا تنفع الشفاعة ولا ينفع العمل الصالح في لحظات الموت، إلا في حالة واحدة وهي حالة خرق القانون التكويني، وذلك بأن يصبح تقطيع هذه الحبال غير مؤلم، كما أصبحت نار إبراهيم (ع) غير محرقة، أو أنها لم تؤثر فيه لمانع ما شاء الله أن يجعله فيه (ع). وهذا الخرق للقانون التكويني لا نرى أنه من الأمور المعتادة، بل لا يحصل إلا في حالات تتعلق بوجود الله سبحانه أو علاقته سبحانه وتعالى بأمر أو شخص ما، وتأييده بهذا الخرق للقوانين التكوينية. .....) المتشابهات: جواب سؤال 26.
                              .
                              .
                              مثال 21: يزعم بعض المشككين أنّ الآية: "كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ" الطور: 21 دلّت على أنّ كل إنسان مرهون بعمله، في حين أنّ الآية: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ" المدثر: 38 - 39 دلت على أنّ أصحاب اليمين ليسوا مرهونين بما كسبوا، وهذا تناقض!
                              .
                              الجواب: لا تناقض بين الآيتين، ولا إشكال في ورود استثناء على قوانين أو تشريعات إلهية كما يحصل مثله في القوانين والتشريعات الوضعية، فمسألة كون كل إنسان مرهون بعمله ويحاسب عليه أمر ثابت في الدين الإلهي بل هو مقتضى عدالة الله وحكمته، لكن أصحاب اليمين ورد النص القطعي بأنهم مستثنون من الحساب، وهو بالتأكيد نتيجة أعمالهم وتضحياتهم التي أهّلتهم إلى أن يستثنيهم الله سبحانه بفضله من الحساب.
                              .
                              في قوله تعالى: "إلا أصحاب اليمين" قال الإمام الباقر (ع): (هم والله شيعتنا) الكليني، الكافي: 1/434.
                              .
                              قال السيد أحمد الحسن: ("كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ": وهذا واضح فكل إنسان يحاسب على عمله، "إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ"، وهؤلاء مستثنون من الحساب وهم المقربون وهم أصحاب اليماني الثلاث مائة وثلاثة عشر أصحاب الإمام المهدي (ع)، يدخلون الجنة بغير حساب، .....) المتشابهات: جواب سؤال 144.
                              .
                              .
                              • مثال 22: بنظر المشككين فإنّ الملائكة تستغفر لجميع من في الأرض بما في ذلك الكافر بمقتضى الآية: "وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ" الشورى: 5، لكنهم يستغفرون للمؤمنين فقط في آية أخرى: "وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا" غافر: 7، وهذا تناقض!
                              .
                              الجواب: ليس المقصود بـ "من في الأرض" في الآية جميع من في الأرض بما فيهم الكافرون بالله كما فهم المشكك، بل مثل هذا الفهم هو ما يلزم منه التناقض؛ إذ كيف ينسجم تسبيح الملائكة بحمد ربهم الكريم مع استغفارهم لمن كفر به!
                              المقصود بـ "من في الأرض" في الآية من آمن بالله فقط، وبهذا تلتقي الآيتان في نفس المعنى كما هو واضح.
                              .
                              (عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لقد صليت وعلي بن أبي طالب سبع سنين وذلك أنه لم يؤمن ذكر من قبله، وذلك قول الله عز وجل "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون" لمن في الأرض وكان ذلك لي ولعلي وخديجة بنت خويلد، ثم لمن آمن من بعد) القاضي المغربي، شرح الأخبار: 2/409.
                              .
                              قال الإمام الصادق (ع) لأبي بصير: (إن الله وملائكته يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق عن الشجر في أوان سقوطه وذلك قول الله تعالى: "والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض" فاستغفارهم والله لكم دون هذا العالم) المفيد، الاختصاص: 105.
                              .

                              Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
                              نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                              Comment

                              • ya howa
                                مشرف
                                • 08-05-2011
                                • 1106

                                #30
                                رد: الدين الالهي الاسلام القران لعلاء السالم

                                #الدين_الالهي
                                #الاسلام
                                #القرآن
                                .
                                (49)
                                .
                                • مثال 23: جاء عن إبراهيم: "وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ..." العنكبوت: 27، وبحسب المشككين فالآية تدل على أنّ النبوة والكتاب في خصوص ذريته، لكن في آية أخرى أشركت معه نوحاً: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ" الحديد: 26، وهذا تناقض! وإذا كان الجواب أنّ كل من كان من ذرية إبراهيم فهو من ذرية نوح فلِمَ لم يذكر ذلك عن آدم باعتبار أنّ كل من كان من ذرية إبراهيم فهو من ذرية آدم بالطبع؟
                                .
                                الجواب: الآيتان لا تتحدثان عن العلاقة النسبية ومطلق الذرية ليصح نسبتهم إلى أي جد من الأجداد العلويين باعتبار أنهم ينحدرون من ذلك الجد وبالتالي فهم ذريته بالنهاية، مثل هذا التصور غير صحيح؛ لأن الآيتين تتحدثان عن وراثة من نوع خاص "مقام إلهي" وهو وراثة النبوة والكتاب، فنوح وإبراهيم كانا رسولين إلهيين من أولي العزم وهما إمامان وسيدان.
                                .
                                قال الإمام الصادق(ع): (سادة النبيين والمرسلين خمسة وهم أولو العزم من الرسل وعليهم دارت الرحى: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء) الكليني، الكافي: 1/175.
                                .
                                وآدم (ع) وإن كان نبياً لكنه لم يكن له مقام الإمامة ليكون مورّثاً لها (وللكتاب الإلهي الملازم لها) إلى من بعده من حجج الله كما حصل مع نوح وإبراهيم (ع)، ولذا لم يطلب آدم (ع) هذا المقام لنفسه فضلاً عن توريثه لبعض ذريته، بينما قص القرآن مثل هذا الطلب عن إبراهيم (ع)، قال تعالى: "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" البقرة: 124.
                                .
                                قال الإمام الباقر (ع): (إن الله اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً واتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً واتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً واتخذه خليلاً قبل أن يتخذه إماماً فلما جمع له هذه الأشياء - وقبض يده - قال له: يا ٍإبراهيم إني جاعلك للناس إماماً، فمن عظمها في عين إبراهيم عليه السلام قال: يا رب ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين) الكليني، الكافي: 1/175.
                                .
                                وقال الإمام الرضا (ع) وهو يبين منزلة آل محمد وفرقهم عن سائر الأمة في محضر من حاججه من العلماء: (أما علمتم أنه وقعت الوارثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟ قالوا : ومن أين يا أبا الحسن؟ قال: من قول الله عز وجل: "ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون" فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحاً (ع) حين سأل ربه: "فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين" وذلك أن الله عز وجل وعده أن ينجيه وأهله، فقال له ربه: "يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين") الصدوق، الأمالي: 616.
                                .
                                وفعلاً جعل الله تعالى وراثة النبوة والكتاب في ذرية نوح وإبراهيم كما وعد الله سبحانه، وكان منهم آل محمد (ص) فورثوا جدهم المصطفى (ص) وورثوا نوح وإبراهيم (ع) فكانوا هم ورثة النبوة والكتاب، قال تعالى: "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" فاطر: 32.
                                .
                                قال السيد أحمد الحسن في بيان معنى الآية: (أولاً: الاصطفاء يعني الاختيار، والذي اختار هنا هو الله سبحانه وتعالى، بل وفي الاصطفاء معنى آخر غير الاختيار، وهو الفضل على من اختير من بينهم ولذا كان من بين أشهر أسماء النبي محمد (ص) هو المصطفى.
                                وفي الآية أيضاً وصفٌ لهؤلاء المصطفين، وهو أنّهم عباد الله، وهو فضل عظيم لهم بلا شك، فأنت تجد أنّ خير ما تشهد به لرسول الله محمد (ص) أنّه عبد الله، وهذا الاسم لرسول الله (ص) "عبد" ورد في القرآن وفي موضع مدح عظيم لرسول الله محمد (ص) في سورة النجم.
                                ثم إنّ هؤلاء العباد المصطفين أورثوا الكتاب، وورثة الكتاب هم الأنبياء والأوصياء لا غيرهم. فهنا تجد أوصافاً لا تنطبق إلاّ على نبي أو وصي، وهي أنّهم عباد الله حقاً، والشاهد لهم الله أنهم مصطفون، والذي اصطفاهم الله، إنّهم ورثة الكتاب والذي أورثهم الله سبحانه.
                                ويبقى إنّهم ثلاث مراتب:
                                1- ظالم لنفسه، 2- مقتصد، 3- سابق بالخيرات.
                                - والسابق بالخيرات: هم فقط محمد وآل محمد (ع).
                                - والمقتصد: هم نوح وإبراهيم (ع)، والأنبياء والمرسلون الأئمة من ولد إبراهيم (ع).
                                - وظالم لنفسه: هم باقي الأنبياء والمرسلين (ع) الذين سبقوا إبراهيم ومن ذرية إبراهيم (ع).
                                قال تعالى: "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" البقرة: 124.
                                أي الظالمون من الأنبياء، وظلم الأنبياء ليس بمعصية، بل هو تقصيرٌ في أداء العمل نسبة إلى غيره من الأنبياء الأئمة (ع)، فنفس العمل إذا كلّف به يونس (ع) ومحمد (ص) لن يكون أداء يونس (ع) له بنفس مستوى أداء محمد (ص)، فهذا التقصير من يونس هو ظلم سبّب له أن لا يكون من الأئمة من ولد إبراهيم (ع)، وسبّب له أن لا يكون بمرتبة محمد (ص)) الجواب المنير عبر الأثير: جواب سؤال 72.
                                .
                                .
                                • مثال 24: يرى بعض المشككين أنّ الآية: "قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ" الشعراء: 117، تدل على أنّ قوم نوح كذبوه وحده، في حين أنّ الآية: "كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ " الشعراء: 105، تدل على أنّ قوم نوح كذبوا المرسلين، ومعلوم أنّ نوحاً أول المرسلين ولا مرسلين قبله!
                                .
                                الجواب: "المعلوم" الذي يتحدث عنه المشككون لا أصل له في دين الله، فجميع من سبق نوحاً (ع) من أنبياء الله وحججه هم مرسلون ومبعوثون منه سبحانه إلى الناس، وليس نوح أول المبعوثين والمرسلين من الله بهذا المعنى.
                                .
                                عن الإمام الباقر (ع) قال عن نبي الله نوح (ع): (... ولكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياء (ع) الذين كانوا بينه وبين آدم (ع) وذلك قول الله عز وجل: "كذبت قوم نوح المرسلين" يعني من كان بينه وبين آدم (ع) ...) الكليني، الكافي: 8/115.
                                .

                                #الدين_الالهي #الاسلام #القرآن . (49) . • مثال 23: جاء عن إبراهيم: "وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ..." العنكبوت: 27، وبحسب...
                                نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...

                                Comment

                                Working...
                                X
                                😀
                                🥰
                                🤢
                                😎
                                😡
                                👍
                                👎