إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    لنقرأ معا .....

    مجموعة مواضيع لقراءة تباحث ودراسة كتب الامام احمد الحسن (ع)...
    كل فترة سوف نضع فقرة من الكتاب
    بالتتابع
    ونقراها
    عسى الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا بعلم ال محمد (ع)
    ونسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا عاملين بما نتعلم
    "فلا خير في من يعلم ولا يعمل"


    بعد مجموعة من الحصص يمكننا طرح مجموعة من الاسئلة حول الكتاب ونتباحثها....


    والجميع مدعو للمشاركة...

    كتابنا الاول كان : العجل الجزء الاول للامام احمد الحسن اليماني (ع)
    كتابنا الثاني كان : كتاب العجل الجزء الثاني للامام احمد الحسن اليماني (ع)
    كتابنا الثالث كان : التيه او الطريق الى الله للامام احمد الحسن اليماني (ع)
    كتابنا الرابع كان : كتاب الجهاد باب الجنة للامام احمد الحسن اليماني (ع)
    كتابنا الرابع كان : كتاب رسالة الهداية للامام احمد الحسن اليماني (ع)
    كتابنا السادس كان : كتاب "تفسير آية من سورة يونس (ع) " للامام احمد الحسن (ع)

    كتابنا السابع هو : كتاب "النبوة الخاتمة للامام احمد الحسن اليماني (ع)" للامام احمد الحسن (ع)


    وكتابنا الثامن هو :
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    #2
    رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

    إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع)/ العدد (83)

    رحلة موسى
    إلى مجمع البحرين


    السيد
    أحمد الحسن
    وصي ورسول الإمام المهدي (ع)


    الطبعة الثانية
    1431هـ - 2010 م
    لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن (ع)
    يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي :
    www.almahdyoon.org

    الإهــداء
    إلى من أحبوا الله
    ورحلوا إلى من أحبوا
    المذنب المقصر
    أحمد الحسن
    رجب / 1430 هـ ق

    تقديــم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها.
    اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.
    الحمد لله الذي نصب لنا قادة وأدلاء يسلكون بنا الطريق الصحيحة والمحجة البيضاء لبلوغ الغاية التي خلقنا الله عز وجل من أجلها، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾([1])، أي ليعلمون كما ورد تفسيره عن آل محمد (ع).
    وكان من ألطافه تعالى أن جعل لنا قانوناً نعرف به حججه ونميزهم عن المدعين المزيفين، والقانون المشار إليه يتشكل من حلقات ثلاثة؛ أولها الوصية، وثانيها العلم، وثالثها الدعوة إلى حاكمية الله تعالى.
    عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر (ع): إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت، فبأي شيء يعرف من يجئ بعده؟ قال: (بالهدى والإطراق، وإقرار آل محمد له بالفضل، ولا يسأل عن شيء بين صدفيها إلا أجاب)([2]).
    وورد عن الإمام الصادق(ع) : (إن ادعى مدع فاسألوه عن العظائم التي يجيب فيها مثله)([3]).
    وعن الصادق (ع): (... إن الله لا يجعل حجة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري)([4]).
    وعن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) إنه قال للزنديق الذي سأله من أين أثبتَّ الأنبياء والرسل؟ قال: (إنّا لما أثبتنا أن لنا خالقاً صانعاً متعالياً ... إلى قوله (ع): لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته)([5]).
    وعن الحارث بن المغيرة النضري، قال: قلنا لأبي عبد الله (ع): بما يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: (بالسكينة والوقار والعلم والوصية)([6]).
    والسيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي (ع) واليماني الموعود قد ذكرته وصية رسول الله (ص) التي نقلها الشيخ الطوسي في غيبته وغيره من علماء الشيعة، وذكرته الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع)، فأمره أبين من الشمس في رابعة النهار ، ولكن القوم وللأسف الشديد قد ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾([7]).
    وها هو سلام الله عليه يرفع كل حين عَلَماً هادياً من علمه يثبت فيه لكل ذي قلب سليم أنه يغترف من البحر الزاخر والعين الصافية، فالكتاب الذي بين أيدينا - كما هو شأن كل كتبه الأخرى - حجة تامة بالغة تكشف بوضوح عن كون السيد أحمد الحسن (ع) من الراسخين في العلم الذين اصطفاهم الله وآتاهم الكتاب والحكمة.
    فالكتاب جوهرة من جواهر آل محمد (ع) تجلي سراً قرآنياً اضطربت فيه عقول العلماء، وشرقت فيه كلماتهم وغربت، بل وتحملت كل عنت، دون أن تظفر بحقيقة السر الذي أبى الله إلا أن يجعل مفتاحه بيد حججه على الخلق.
    فشخصية العبد الصالح، أو العالم، أو الخضر، أو مجمع البحرين، بقيت لغزاً مستعصياً على أفهام علماء المسلمين، وكان حرياً بهم ترك الخوض فيها لما لم يكونوا من الذين خوطبوا بالكتاب، ولكنهم، وبدوافع شتى، أبوا إلا الخوض فيها فالحقوا بهذه الشخصية العظيمة الكثير من الظلم والحيف، ولم يكتفوا بهذا بل زادوا الطين بلة، فكانت كلماتهم حجاباً ثقيلاً أخفى حقيقة القصة القرآنية وشخوصها، ومجرياتها، وحكمتها فقد انساقوا وراء ما اجترحته عقولهم من افتراضات، وتخرصات تتعلق بحقيقة العصمة وعلم الأنبياء (ع) فكانوا كحاطب ليل لا يدري أين تقع فأسه.
    ولعل القارئ المنصف يرى بوضوح أن بيان السيد أحمد الحسن (ع) من القوة والجلاء بحيث تستريح له النفس وتطمئن تماماً ، فالاستدلالات التي يسوقها يخضع لها العقل والقلب على حد سواء، يستوي في بلوغ هذه النتيجة الناس بمستوياتهم المتفاوتة.
    وعلى الرغم من عمق الاستدلال إلا أن العبارات التي تصوره سهلة وبسيطة، ولكنها البساطة والسهولة المعجزة، التي تقع ضمن إطار ما يصطلحون عليه بـ (السهل الممتنع)، فليس في عبارات السيد أحمد الحسن (ع) ذلك التعقيد المنفر الذي يشيع في كلمات غيره ممن يسميهم الناس (مفسرين)، فلا مقدمات لغوية طويلة عريضة، ولا سفسطات منطقية أو فلسفية تشي بجهل صاحبها أكثر من أي شيء آخر، فكلمات السيد وعباراته تصيب هدفها مباشرة ومن أقرب طريق، ويفهمها الناس بمختلف مستوياتهم الثقافية، وفيها علاوة على ما مر خاصية متفردة لا تكاد تجد مثيلاً لها في أساليب البلغاء، تلك هي القوة الإيحائية العجيبة التي يشعر القارئ من خلالها أن كلام الكاتب ينبع مباشرة من قلبه ، ويشعر أنه يجالسه ويحدثه وجهاً لوجه، وإنه محيط بكل التساؤلات التي يمكن أن تثار في ذهنه ، وإنه يجيب عن هذه التساؤلات حتى قبل أن تنقدح في ذهن القارئ، وبذلك يقود القارئ بيسر وسهولة وسعادة حتى يبلغ به الهدف.
    والحق إني لأعجب كثيراً ممن يتقولون بأن السيد أحمد الحسن يفتقد ما يملكه آباؤه الطاهرون من بلاغة وفصاحة منقطعة النظير، ولا أكاد أجد سبباً لتقولاتهم غير أنهم يجهلون حقيقة البلاغة، وإنهم قد أعمى قلوبهم الحسد والضغينة فلم يعودوا يروا الشمس المشرقة.
    إذن ها هي آية علمية جديدة يضعها السيد أحمد الحسن (ع) أمامكم، وليس عليكم لتروا فيها أنها آية علمية بكل ما في الكلمة من معنى سوى أن تكفوا عن النظر إليها بعين ساخطة تبيّت حكماً مسبقاً بالرفض. عليكم أن تفتحوا مسامع قلوبكم وتنفضوا عنها كل الإثارات التضليلية الحاقدة التي يروج لها فقهاء آخر الزمان، وعندها ستكتشفون كم هي ساطعة وباهرة شمس السيد أحمد الحسن (ع)، ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾([8]).
    والحمد لله وحده وحده وحده.
    الأستاذ رزاق الأنصاري
    أنصار الله والإمام المهدي (مكن الله له في الأرض)
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

    Comment

    • اختياره هو
      مشرف
      • 23-06-2009
      • 5310

      #3
      رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

      قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

      ((رحلة موسى (ع)
      إلى
      مجمع البحرين رحلة موسى(ع) إلى مجمع البحرين

      ﴿.... وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً * .....﴾([9]).

      شخصيات الرحلة:
      الأول: هو العبد الصالح، ذكره موسى بقوله: ﴿لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾، أي إن القرآن سماه مجمع البحرين ، وسيأتي تفصيل عن هذا الشخص.
      الثاني: هو موسى(ع) ، نبي من أولي العزم من الرسل وهو الشخصية الرئيسية والبارزة وغني عن التعريف والرحلة مختومة باسمه (ع).
      الثالث: هو يوشع بن نون (ع) الذي سمي فتى ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ ولهذه التسمية خصوصية، فالفتى يراد بها الشجاع قوي البنية فكما سمى القرآن يوشعاً بالفتى صاح جبرائيل (ع): (لا فتى إلا علي)، وعلي بن أبي طالب (ع) معروف كيف فتح الحصون وقتل أبطال الكفار، وهذا الفتى يوشع أيضاً لا يخفى أنه من دخل الأرض المقدسة بعد موت موسى (ع) وقاد بني إسرائيل بعد موسى (ع). فيوشع بن نون هو وصي موسى(ع) الذي قاد بني إسرائيل بعد موت موسى (ع) وقاتل الكفار وفتح مدن الكفر ونشر دين الله في الأرض المقدسة.
      عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (ع) قال: (كان وصي موسى بن عمران (ع) يوشع بن نون، وهو فتاه الذي ذكره الله في كتابه)([10]).
      ودور يوشع (ع) انتهى عند التقاء موسى (ع) بالعبد الصالح وبقي كمرافق متفرج يتعلم مما يرى، ولم يكن له موقف مستقل بل كانت مواقفه مطابقة تابعة لمواقف موسى (ع)، ولذا ذكر الله في القرآن الاثنين موسى (ع) والعبد الصالح دون يوشع(ع) ؛ لأنه لم يكن له دور في هذه الرحلة: ﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا ..... فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً ..... فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ .....﴾.
      أما سبب مجيء يوشع (ع) مع موسى (ع) فلأنه وصيه وخليفته بعد موته، فكان من الحكمة حضوره؛ ليتعلم مع موسى (ع) من العبد الصالح، بل إنّ عدم حضوره هذا اللقاء وبدون سبب راجح منافٍ للحكمة؛ لأنه تضييع فرصة سانحة ليتعلم بها يوشع (ع).
      وأكيد أنّ تعليم الوصي وتهيئته ليأخذ دوره الرسالي أمر ضروري وراجح خصوصاً إذا كان هذا الوصي مثل يوشع (ع) الذي سيحمل مهمة كبرى في حركة الدين الإلهي على هذه الأرض وهي فتح الأرض المقدسة، وهي بقدر أهميتها الوقتية فهي ذات أهمية أعظم في حركة الدين الإلهي الإبراهيمي الحنيف بصورة عامة.
      فمن المعلوم لدى كثير من الناس أنّ الحركة الإلهية الإبراهيمـية بدأت من الشرق من أور- مدينة الناصرية الآن - في العراق ثم انتهت إلى الغرب إلى أرض مصر وشمال إفريقيا، ويوشع (ع) كان قائد الخطوة الأولى الفاتحة للأرض المقدسة في حركة عودة الإبراهيمية الحنيفية إلى الشرق، وهذا يسلط الضوء على أهمية تربية يوشع (ع) هذا القائد الإلهي المختار لهذه المهمة الكبرى، ولذا يكون اصطحاب موسى(ع) ليوشع (ع) ضرورة لابد منها؛ ليتعلم (ع) لأنه فاتح الأرض المقدسة، وصاحب الخطوة الأولى في طريق العودة، ويحتاج لكل تعليم متاح له (ع).
      ))

      كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
      السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

      Comment

      • اختياره هو
        مشرف
        • 23-06-2009
        • 5310

        #4
        رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

        قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

        ((تنبيهـان:
        الأول: إن الحركة الإبراهيمية الأولى التي بدأت بإبراهيم أبي الأنبياء (ع) في العراق وختمت أيضاً بالعراق بعلي (ع) وولده الأئمة (ع)، كانت - في جانب- تماماً كالمسح الذي يسبق الإنشاء حيث وضعت العلامات والمحددات بجهود ودماء الأنبياء (ع) لهذا الطريق المقدس ليتم إنشاؤه بالحركة الإبراهيمية الثانية (الثورة المهدوية الكبرى).
        ومع أني لا أريد التفصيل ولكني أقول: إن ما حصل عند المسح ووضع الخطط والخرائط لابد أن يتكرر عند التنفيذ، فالعراق الذي طرد أبا الأنبياء إبراهيم (ع) ودعوة إبراهيم (ع) ومن آمن بإبراهيم (سارة (ع) ولوط (ع)) وفي بداية دعوته وحركته لابد أن يكرر ذلك مع المهدي، ومصر وشمال إفريقيا التي احتضنت بني إسرائيل والدعوة الإبراهيمية لابد أن يكون لها موقف مماثل مع المهدي ودعوته وثورته العالمية، والشام أيضاً سيتكرر منها ومعها ما كان في أول الزمان. ولهذا ورد عنهم (ع) التركيز على أن صفوة الأنصار هم أخيار العراق ونجباء مصر وأبدال الشام.
        عن جابر الجعفي قال؛ قال أبو جعفر (ع): (يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر فيهم النجباء من أهل مصر والأبدال من أهل الشام والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم)([11]).
        ولا تظن أن التسميات عشوائية، فالأخيار من العراق بالذات لبيان أن من يقابلونهم وهم الأشرار فيه ومنه أيضاً، والأبدال من الشام لبيان أن من يستبدلون فيه ومنه أيضاً حيث إنّ هؤلاء الذين يستبدلون يظن الناس أنهم أول من سينصر المهدي عند ظهوره، ولهذا كانت أهم صفة للأنصار الحقيقيين من الشام أنهم أبدال. أما نجباء مصر فلأنهم ينتجبون من شعب مخالف لآباء المهدي (آل محمد (ع)) ويكون لهم دور مهم وكبير في الثورة المهدوية العالمية المباركة.
        وغير خفي الدور الإعلامي الذي ذكره أمير المؤمنين علي(ع) لنجباء مصر، عن عباية الأسدي، قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) وهو متكئ وأنا قائم عليه قال (ع): (لأبنين بمصر منبراً ... قلت: له يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيا بعد ما تموت؟ فقال : هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني)([12]).
        وعنه (ع) في خبر يذكر فيه المهدي وأصحابه: (... ويسير الصديق الأكبر براية الهدى ..... ثم يسير إلى مصر فيصعد منبره فيخطب الناس ..... ويقذف في قلوب المؤمنين العلم، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم، فيومئذ تأويل الآية: ﴿يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ﴾([13]))([14]).
        وفي هذه الرواية بين أن منبر المهدي قد سبق المهدي إلى مصر، أي إنه منبر قد هيأه قبل ذلك نجباء مصر .
        الثاني: هارون (ع) كان وصي موسى (ع) ولكنه مات قبل موسى (ع)، فكانت مهمة هارون (ع) في حياة موسى(ع) وليس بعد مماته كما هو معتاد للوصي، وهذا أمر مهم ينقض أقوال المضلين بأن الوصي لا يستلم مهمة قيادة الأمة إلا عند موت خليفة الله في أرضه. هؤلاء الجهلة لم يجاوز القرآن تراقيهم، هذا إن كانوا يقرؤونه وإلا فليتدبروا جيداً أين كانت وصاية هارون، وأين كانت خلافة هارون لموسى (ع)، أ لم تكن في حياة موسى(ع) ولم تكن أبداً بعد موت موسى(ع) ؛ لأن هارون مات قبل موسى (ع)؟؟؟
        ومهام هارون (ع) كانت في فترات غياب موسى (ع)، وهذا جلي وواضح في القرآن ولكن لمن لهم قلوب يتدبرون بها.
        فكان هو خليفة موسى(ع) والمبعوث قبل موسى(ع) في أرض الرسالة الموسوية الأولى (مصر): ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ * فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾([15]).
        ومعلوم أن كلام الله هذا لموسى (ع) كان قبل وصوله إلى أرض الرسالة (مصر) وقد طلب موسى (ع) أن يرسل الله معه أخاه هارون (ع) وقد أجاب الله دعاءه كما هو واضح من الآيات، فقد أرسل الله هارون (ع) الوصي كما أرسل موسى (ع).
        وكان هارون الوصي المرسل في أرض الرسالة (مصر) قبل أن يصل إليها موسى (ع). وكان خليفة موسى (ع) عندما ذهب إلى كلام الله سبحانه وتعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾([16]).
        وكان هارون (ع) خليفة موسى(ع) عندما ذهب هو ويوشع للتعلم من العبد الصالح.

        * * *))

        كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
        السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

        Comment

        • منى محمد
          عضو مميز
          • 09-10-2011
          • 3320

          #5
          رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

          قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

          ((* * *
          ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾:
          موسى(ع) مهتم جداً بهذه الرحلة.
          أهمية هذا اللقاء بالنسبة لموسى(ع) كبيرة حيث قرر أنه إما أن يجد العبد الصالح، أو يبقى هائماً على وجهه حتى يهلك.
          اهتمام موسى (ع) الكبير بهذه الرحلة يكشف لنا أهمية لقاء العبد الصالح وأهمية العلم والمعرفة التي سيتلقاها موسى(ع) في هذا اللقاء بالنسبة لموسى (ع).
          أمر مهم جداً في هذه الكلمات لكل إنسان سائر إلى الله سبحانه وتعالى، وهو أنّ موسـى (ع) ردّد بين أمرين هما:
          الأول: أن يبلغ مجمع البحرين.
          والثاني: هو أن يمضي حقباً.
          ولو لم يكن الاحتمال الثاني ممكن الوقوع لما كان من الحكمة أن يورده موسى (ع) كاحتمالٍ ممكن الوقوع ومساوق للاحتمال الأول، أي إن موسى (ع) خرج ليبلغ مجمع البحرين، ولكن هناك احتمالاً أن لا يبلغ مجمع البحرين، فلا يوجد أمر مقطوع لموسى(ع) أنه سيبلغ مجمع البحرين، وكان بلوغ موسى (ع) إلى مجمع البحرين يعتمد على إخلاص موسى (ع) ، أي إنّ امتحان موسى(ع) لم يبدأ عندما التقى العبد الصالح، بل هو بدأ منذ أن وجّهه الله إلى أن يجد العبد الصالح ويتبعه ليتعلم منه، وهذا يفسر لنا بوضوح الحدث الأول في الرحلة وهو: إن موسى(ع) مر بالعبد الصالح أو بمجمع البحرين وتجاوزه ثم عاد إليه، ومع أنّ العبد الصالح كان يعرف موسى (ع) وينتظره في هذا المكان ولكنه لم يصرح له بأنه هو عندما مرّ بقربه، بل تركه يتجاوزه دون أن يتكلم معه؛ لأن موسى(ع) ممتحن بمسألة الوصول إلى العبد الصالح (ع) ومعرفته، ولهذا كان قول موسى(ع) عندما حصلت الآية: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ التي دلته على العبد الصالح(ع) ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾، فكان الذي دل موسى (ع) على العبد الصالح (ع) هو إخلاصه الذي أهّله لسماع كلمات الله حتى في فقد سمكة، إخلاصه الذي ظهر جلياً قبل ذلك بقوله (ع): ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ﴾.
          * * *
          ))

          كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
          Last edited by اختياره هو; 22-04-2016, 07:55.
          ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
          أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
          كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
          هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

          Comment

          • منى محمد
            عضو مميز
            • 09-10-2011
            • 3320

            #6
            رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

            قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

            ((* * *
            ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً﴾:
            موسى(ع) هدفه مجمع البحرين.
            وموسى (ع) يسير ويصل مجمع البحرين، ولكن مع هذا لا يلتفت إلى أنه وصل، ويتجاوزه ثم يرجع إليه .
            إنّ كون هدف موسى هو (مجمع البحرين) وتضييعه (ع) لهذا الهدف يحتاج إلى تدبر؛ لأنك لا تضيَّع ملتقى دجلة والفرات مثلاً إن تتبعت أحدهما نزولاً فكيف ضيَّع موسى ويوشع بن نون عليهما السلام مجمع البحرين إن كان هو مجرد مكان وملتقى نهرين؟! وكيف غفلا عن أنهما وصلا إلى مجمع البحرين مع أن كليهما معصوم؟!
            إذن، لابد أن يكون مراد موسى من مجمع البحرين أمراً يمكن أن يضيَّع وليس مجرد ملتقى نهرين، بل ولابد أن تكون الغفلة عنه أمراً لا يوصف صاحبه بضعف الإدراك أو السفه، والحقيقة أنه عادة أقل ما يقال في إنسان يغفل ويتجاوز ملتقى نهرين معين جاء في طلبه بأنه ضعيف الإدراك.
            إذن، فلا يمكن أن يكون مجمع البحرين مكاناً معيناً؛ وإلا لكانت غفلة موسى (ع) عنه تقدح في إدراكه فضلاً عن عصمته. ولابد أن يكون الالتفات إلى مجمع البحرين وتذكره ومعرفته ابتداءً يحتاج إلى درجة عالية من الإخلاص والعصمة المترتبة عليه يفوق درجة إخلاص موسى (ع) وعصمته المترتبة على إخلاصه لكي لا تكون غفلة موسى(ع) ويوشع (ع) عن هذا الأمر الذي كلّف الله موسى(ع) الوصول إليه منافية لعصمتهما عليهما السلام.
            بل إن موسى بيّن منذ البداية بقوله: ﴿أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ أنّ مجمع البحرين أمر يمكن أن يضيع ويحتاج إلى درجة عالية من الإخلاص لمعرفته، فلم يكن مراد موسى(ع) من مجمع البحرين المكان بل العبد الصالح الذي كان امتحان موسى (ع) الأول هو الوصول إليه ومعرفته، ومع أن موسى (ع) لم ينجح في الوصول إلى العبد الصالح (ع) ومعرفته ابتداءً، ولكنه أيضاً لم يفشل مطلقاً في الوصول إلى العبد الصالح بل هو وصل إليه في النهاية، وهذا هو التعليم الأول الذي حصل عليه موسى (ع) في هذه الرحلة.
            وليتبين أكثر مراد موسى (ع) بمجمع البحرين في هذا الموضع من القرآن الكريم لابد أن نرجع إلى موضع آخر في القرآن ذُكر فيه البحران ومجمعهما ولكن بصورة أخرى ربما تكون أكثر وضوحاً وجلاءً للمتدبر، هذا الموضع موجود في مطلع سورة الرحمن، قال تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾([17]).
            هذه الآيات لا أريد تفسيرها وتأويلها فالروايات التي جاءت عنهم (ع) في تفسيرها وتأويلها تكفي لبيانها وبيان معناها بجلاء ووضوح ، ولكن فقط أوجّه من يريد أن يتدبرها ليعرف المراد منها وبها إلى أن يقرأ قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ ليتبين له أن كل ما سبق هاتين الآيتين هو تفصيل لوجه الله الباقي وذكرٌ لوجه الله الباقي بالصفة الملائمة لكونه وجه الله الباقي، وهي: العلم، ولا أظن أن كون الماء والبحر في الملكوت هو العلم أمراً خفياً. وأيضاً لا أظن أن بقاء علم العلماء في هذه الحياة الدنيا حتى بعد رحيلهم أمراً خفياً بل هو باق بعد فنائها، وهذا ما جاءت الآية لتبينه وتؤكده وتعرف الناس به ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، هذا الوجه الذي واجه به الله الخلق وهو العلم والمعرفة والعقل الكامل، وهو الماء وهو البحران ، وهو ما يخرج منهما وما يجري فيهما ، وهو محمد وآل محمد (ع)، والأنبياء والأوصياء (ع)، وأولياء الله سبحانه وتعالى.
            أما الروايات التي بينت أن البحرين هما علي وفاطمة، وإن ما يخرج منهما وما يجري فيهما هم الأئمة والمهديون (ع) فهي كثيرة، وهذه منها:
            عن أبي عبد الله (ع) قال في قول الله تبارك وتعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ﴾، قال: (علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه، ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ﴾ قال: الحسن والحسين عليهما السلام)([18]).
            قال علي بن إبراهيم في قوله ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ﴾: أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام، ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ﴾ الحسن والحسين عليهما السلام، وقوله: ﴿وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ﴾ قال: كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا)([19]).
            ومن طريق المخالفين لآل محمد (ع): ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ﴾ يرفعه إلى سفيان الثوري، في هذه الآية، قال: ( فاطمة وعلي عليهما السلام، ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ﴾ قال: الحسن والحسين عليهما السلام).
            قال الثعلبي : وروي هذا عن سعيد بن جبير، وقال: ﴿بَيْنَهُما بَرْزَخٌ﴾ محمد (ص))([20]).
            وعن جابر عن أبي عبد الله قال (ع) في قوله عز وجل: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ﴾، قال: علي وفاطمة، ﴿بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ﴾، قال: لا يبغي علي على فاطمة ولا تبغي فاطمة على علي، ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ﴾ الحسن والحسين (ع))([21]).
            وكان رسول الله (ص) يرحب بهما فيقول (ص): (مرحباً ببحرين يلتقيان ونجمين يقترنان).
            ويوجد غيرها ([22]).
            وضح جلياً الآن من تدبر الآيات ومن الروايات عن محمد وآل محمد (ع) أن البحرين هما: علي وفاطمة عليهما السلام، وإنّ الناتج من لقائهما هم الأئمة والمهديون (ع).
            إذن، فالناتج من لقائهما عليهما السلام أو مجمع البحرين في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ إنسان، وهو من آل محمد (ع) ومن ذرية علي وفاطمة عليهما السلام، وهذا لا يمنع من وجود مجمع بحرين (نهرين) يجد موسى عنده مجمع البحرين الحقيقي الذي جاء في طلبه، وفي المكان آية أيضاً يعرفها أهلها.
            * * *
            ))

            كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
            Last edited by اختياره هو; 22-04-2016, 07:57.
            ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
            أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
            كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
            هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

            Comment

            • منى محمد
              عضو مميز
              • 09-10-2011
              • 3320

              #7
              رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

              قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

              ((* * *
              تنبيـه:
              مَن يؤمنوا بالقرآن فليتدبروا هذه الآيات لعلهم يهتدون:
              ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾([23]).
              هذه الآيات كافية لإثبات ولاية علي وولده (ع) من الأئمة والمهديين (ع):
              أولاً: تأويل البحرين واللؤلؤ والمرجان: إنهم علي وفاطمة عليهما السلام والحسن والحسين عليهما السلام كما قرأنا.
              ثانياً: ربما التفتنا إلى إشارة الإمام (ع) التي رواها القمي: ﴿ولَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ﴾، قال: كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً، ومعلوم وصف الخنساء لأخيها صخر وتشبيهه بالعلم:
              وإنّ صخراً لتأتم الهداة به * * * كأنه عَلَمٌ في رأسه نارُ
              أي إنّ المراد أنّ هذه الجوار المنشآت في البحر كالأعلام هم رجال وهم الأئمة والمهديون (ع)، والبحر هو علي(ع) وفاطمة عليهما السلام.
              ثالثاً: الله سبحانه سمّى البحرين واللؤلؤ والمرجان والجوار المنشآت في البحر كالأعلام بعد أن فرغ من عدهم مباشرة بأنهم وجه ربك ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، إذن توضح الأمر فهم (ع) وجه الله هنا في هذه الآيات ، قال علي بن الحسين (ع): (نحن الوجه الذي يؤتى الله منه)([24]).
              ومن يعرض عن هذا التأويل فلن يجد إلا الخلط والجهل، ومعنى أنهم وجه الله: أي بهم يعرف الله، فبالوجه الذي يواجه به يعرف. إذن، فهم خلفاء الله فمن يُعرِّف الخلق بالله، ومن يُعلِّم الخلق التوحيد؟
              هم خلفاء الله، وهذا آدم (ع) أول خلفاء الله في أرضه بدأ مهمته بتعليم الملائكة وتعريفهم بأسماء الله، فأسماؤهم هي أسماء الله التي خلقوا منها ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ﴾([25]).

              * * *))

              كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
              Last edited by اختياره هو; 22-04-2016, 07:58.
              ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
              أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
              كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
              هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

              Comment

              • منى محمد
                عضو مميز
                • 09-10-2011
                • 3320

                #8
                رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

                قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

                ((* * *
                ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾:
                يوشع (ع) وصي موسى (ع) وهو الذي قاد بني إسرائيل لدخول الأرض المقدسة بعد وفاة موسى(ع):
                في القرآن:
                ﴿قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾([26]).
                وأحد هذين الرجلين هو يوشع بن نون (ع) وهو خيرهما ؛ لأنه قاد بني إسرائيل لدخول الأرض المقدسة بعد موسى (ع) وهو وصي موسى (ع).
                وفي الروايات:
                عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع)، قَالَ: (أَوْصَى مُوسَى (ع) إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ)([27]).
                سَالِمٍ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) : مَا مَنْزِلَةُ الْأَئِمَّةِ قَالَ (ع): (كَمَنْزِلَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَكَمَنْزِلَةِ يُوشَعَ وَكَمَنْزِلَةِ آصَفَ صَاحِبِ سُلَيْمَانَ قَالَ فَبِمَا تَحْكُمُونَ قَالَ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ آلِ دَاوُدَ وَحُكْمِ محمد (ص) وَيَتَلَقَّانَا بِهِ رُوحُ الْقُدُسِ)([28]).
                عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَر ٍ(ع) قَالَ: (لَمَّا قُبِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (ع) فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (ص) ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ إِنَّهُ كَانَ لَصَاحِبَ رَايَةِ رسول الله (ص) عَنْ يَمِينِهِ جَبْرَئِيلُ وَعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِيلُ لَا يَنْثَنِي حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ بَيْضَاءَ وَلَا حَمْرَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ عَنْ عَطَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِماً لِأَهْلِهِ وَاللَّهِ لَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي فِيهَا قُبِضَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ .....)([29]).
                وفي حديث طويل عن عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَهِدَ إِلَى آدَمَ(ع) أَنْ لَا يَقْرَبَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَلَمَّا بَلَغَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا نَسِيَ فَأَكَلَ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً فَلَمَّا أَكَلَ آدَمُ (ع) مِنَ الشَّجَرَةِ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ ....... إلى أن قال (ع): فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى(ع) بَشَّرَ بِمحمد (ص) وَكَانَ بَيْنَ يُوسُفَ وَمُوسَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَكَانَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعَ بْنَ نُونٍ (ع) وَهُوَ فَتَاهُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ)([30]).
                وفي التوراة:
                14 وقال الرب لموسى هو ذا أيامك قد قربت لكي تموت. أدع يشوع وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه . فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع 15 فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة. 16 وقال الرب لموسى ها أنت ترقد مع آبائك ....)([31]).
                (وصعد موسى من عربات موآب إلى جبل نبو إلى رأس الفسجة الذي قبالة أريحا فأراه الرب جميع الأرض من جلعاد إلى دان 2 وجميع نفتالي وأرض أفرايم ومنسى وجميع أرض يهوذا إلى البحر الغربي 3 والجنوب والدائرة بقعة أريحا مدينة النخل إلى صوغر . 4 وقال له الرب هذه هي الأرض التي أقسمت لإبراهيم وإسحق ويعقوب قائلا لنسلك أعطيها. قد أريتك إياها بعينيك ولكنك إلى هناك لا تعبر . 5 فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب . 6 ودفنه في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم 7 وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته 8 فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات موآب ثلاثين يوما . فكملت أيام بكاء مناحة موسى 9 ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة إذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو إسرائيل وعملوا كما أوصى الرب موسى 10 ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه 11 في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في أرض مصر بفرعون وبجميع عبيده وكل أرضه 12 وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل)([32]).
                (1 وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا . 2 موسى عبدي قد مات . فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل . 3 كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى . 4 من البرية و لبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم . 5 لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أهملك ولا أتركك. 6 تشدد وتشجع. لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم. 7 إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي. لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب. 8 لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك. بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح. 9 أما أمرتك. تشدد وتشجع. لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب 10 فأمر يشوع عرفاء الشعب قائلا 11 جوزوا في وسط المحلة وأمروا الشعب قائلين. هيئوا لأنفسكم زادا لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون الأردن هذا لكي تدخلوا فتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب إلهكم لتمتلكوها. 12 ثم كلم يشوع الرأوبينيين والجاديين ونصف سبط منسى قائلا 13 اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب قائلا. الرب إلهكم قد أراحكم وأعطاكم هذه الأرض. 14 نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تلبث في الأرض التي أعطاكم موسى في عبر الأردن وأنتم تعبرون متجهزين أمام إخوتكم كل الأبطال ذوي البأس وتعينونهم 15 حتى يريح الرب إخوتكم مثلكم وتمتلكونها التي أعطاكم موسى عبد الرب في عبر الأردن نحو شروق الشمس. 16 فأجابوا يشوع قائلين. كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب. 17 حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك. إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى. 18 كل إنسان يعصي قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل. إنما كن متشددا وتشجع)([33]).
                إذن، يوشع (ع) وصي موسى(ع) ومعصوم، ومع هذا ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾، فنسيانه للحوت ثابت في القرآن ولكن هذا النسيان لا يخرجه من دائرة العصمة؛ لأن النسيان وإن وقع لعلة الظلمة (الشيطان) الموجودة في صفحة يوشع(ع) ولكنه وقع ضمن إرادة ومشيئة الله حتماً، ولما كانت إرادة الله ومشيئته أن يعصم يوشع (ع) فلن يكون لهذا النسيان تأثير سلبي بل على العكس شاء الله سبحانه وتعالى الذي يبدل السيئات بالحسنات بجوده وكرمه أن يقلب هذا الحدث الذي وقع بسبب الشيطان - أي الظلمة - إلى خير وبركة وعاقبة حسنة تؤدي إلى أن يكون هذا النسيان سبباً لمعرفة العبد الصالح والوصول له ، وهو كان الهدف الذي يطلبه موسى(ع) : ﴿... وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾([34]).
                ))

                كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
                Last edited by اختياره هو; 22-04-2016, 08:00.
                ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
                أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
                كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
                هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

                Comment

                • منى محمد
                  عضو مميز
                  • 09-10-2011
                  • 3320

                  #9
                  رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

                  قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

                  ((أما ما يتوهمه بعضهم أن المعصوم لا يغفل أو لا ينسى مطلقاً فهذا منقوض ببساطة؛ لأن لازم قولهم هذا إن المعصوم نور لا ظلمة فيه، وهذا باطل؛ لأن النور الذي لا ظلمة فيه هو الله سبحانه وتعالى (اللاهوت المطلق) فيبقى أن المعصوم نور وشائبة ظلمة - وهي هوية وجوده - ولها تأثير في حركته، وكونها ظلمة فيكون أثرها نسياناً وغفلة وغيرها مما يطرأ على المخلوق، ولكن في هذا العبد المخلص (المعصوم) يكون وجود هذه الأمور أقل ما يمكن وربما لا تكاد تذكر في بعض الحالات، ولكنها تبقى موجودة ويمكن أن تحصل كما مر في حادثة نسيان يوشع (ع).
                  وهذه الظلمة التي سببت النسيان هي التي عبر عنها يوسف (ع) ويوشع (ع) بأنها الشيطان ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾([35])، ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾([36])، والشيطان هنا يعني الشر (وشائبة الظلمة) وليس كما يتوهم بعضهم أن المقصود إبليس والعياذ بالله، فليس لإبليس سلطان على يوشع(ع) وحركته؛ لأنه محفوظ عن وصول هذا الخبيث إليه وإضلاله عن سواء السبيل ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾([37]).
                  وبالتالي فالمعصوم معصوم بغيره - بالله سبحانه وتعالى- لا أنه معصوم بنفسه أو عاصم لنفسه كما توهموا، فالمعصوم هو المعتصم بالله عن محارم الله، فالله هو الذي يعصمه ؛ لأنه فقير وناقص وهويته الظلمة فلا يمكن أن يستغني بنفسه لا ابتداءً ولا دواماً وبقاءً، وبالتالي ففي أي آن يكون لشائبة الظلمة تأثير على هذا الإنسان المخلص، ولكن تأثيرها ضئيل ومواجه بالنور المهيمن على صفحة وجود هذا العبد المخلص، فلا يكون لها اثر يجعل هذا العبد يخرج من هدى أو يدخل في ضلال، هذه هي العصمة في العوالم العلوية: أن يكون النور في صفحة وجود المعصوم بقدر مهيمن على شائبة الظلمة في صفحة وجوده بحيث لا يكون لشائبة الظلمة اثر يسبب له الخروج من هدى أو الدخول في ضلال.
                  وتوضيح أكثر أقول: إن صفحة وجود الإنسان هي ظلمة ونور فكلما علم وعمل وأخلص الإنسان زاد النور في صفحة وجوده وانحسرت الظلمة حتى تكون شائبة، ويكون أثرها ضئيلاً لا يخرج الإنسان من هدى ولا يدخله في ضلال، وهذه هي العصمة.
                  وحري الالتفات إلى أن الله سبحانه وتعالى لم ينسب النسيان إلى يوشع (ع) فقط بل إلى موسى(ع) أيضاً ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ وهو الحق، فإذا كان يوشع (ع) قد نسي باعتباره المسؤول المباشر عن حمل الحوت فموسى (ع) أيضاً مسؤول عن هذا النسيان لأنه القائد، بل مسؤولية موسى (ع) أكبر ونسبة النسيان له أحق وحق من عند الحق.
                  ولتتم الفائدة أنقل هذا النص من كتاب ( إضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق1 ): (قال يوسف (ع) للسجين ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وسبب التفات يوسف للأسباب هو الشيطان ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ فكانت النتيجة ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ يوسف:42، وهذا الشيطان (أي الشر) هو الظلمة التي لا يخلو منها مخلوق فالنور الذي لا ظلمة فيه هو الله سبحانه ومع أن هذه الظلمة قليلة في كيانات الأنبياء النورانية المقدسة ولكنها موجودة ولها اثر على حركتهم (ع)، ولهذا فهم يحتاجون إلى العصمة من الله ﴿ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ الجن:27-28.
                  فلولا هذه الظلمة لما احتاجوا إلى العصمة، ومن يعتقد غير هذا فهو ينـزلهم منـزله الله سبحانه عما يشركون، وهذه المغالاة في التنـزيه لهم (ع) حتى يوصلهم بعض من يجهل الحقيقة إلى مرتبة نور لا ظلمة فيه هي شرك يخطأ من يعتقده، كما أن من يستخف بعصمتهم وبحقهم ومرتبتهم يكفر بحقهم ويخطأ، وقد بين سبحانه في القرآن اثر هذه الظلمة في مسيرة الأنبياء في مواضع كثيرة، قال تعالى: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾ الكهف:63، والذي نسى وأنساه الشيطان هو فتى موسى(ع) وهو يوشع بن نون نبي من أنبياء بني إسرائيل ووصي موسى(ع) الذي فتح الأرض المقدسة، ومع هذا فلابد من ملاحظة أنّ الله سبحانه وتعالى جعل الأنبياء محط نظره فحتى ما يحصل بسبب هذه الظلمة يكون في النتيجة سبباً يوصلهم ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾، فأصبح نسيان الحوت سبباً دلهم على العالم (ع) ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً﴾ الكهف:64.
                  أو يزيد علمهم ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ﴾ ص:24، فبعد أن تعلم داود(ع) من هذه الحادثة أن لا يتكلم إلا بعد أن يسمع الخصمين خاطبه تعالى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ ص: 26).
                  * * *
                  ))

                  كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
                  Last edited by اختياره هو; 22-04-2016, 08:01.
                  ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
                  أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
                  كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
                  هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

                  Comment

                  • منى محمد
                    عضو مميز
                    • 09-10-2011
                    • 3320

                    #10
                    رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

                    ((قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

                    ((* * *
                    النسـيان:
                    لابد أن نعرف كيف تكون الذاكرة والمعلومات عند الإنسان لكي نعرف ما يترتب عليها وهو النسيان أو الغفلة عما فيها أو بعضه.
                    فمعلومات الإنسان يأتي بعضها من هذا العالم الجسماني عن طريق البصر والسمع مثلاً، ويأتي بعضها من الملكوت الأعلى ومثال ما يأتي من الأعلى هو الوحي للأنبياء (ع) والرؤيا الصادقة.
                    وهذه المعلومات تنطبع في صفحة الإنسان أو يمكنك تسميته موضع الذاكرة أو المعلومات، وهو في النفس الإنسانية (الروح) وليس في الجسد كما يتوهم كثير من الناس انه في الدماغ، بل الدماغ هو تماماً كجهاز الفاكس أو التلفون فهو ليس موضع حفظ المعلومات الدائم، بل هو جهاز يوصل المعلومات من وإلى وجود الإنسان في هذا العالم الجسماني.
                    وهذه المعلومات ما دام الإنسان في هذا العالم فهي في زيادة مستمرة فمثلاً ما تراه بعينك وتدركه وما تستمعه بأذنك وما تقرأه هي معلومات متراكمة في النفس الإنسانية، والتذكر هو استخراج هذه المعلومات وحضورها عند الإنسان في هذا العالم عند إرادته ذلك.
                    أما ما يؤثر في هذا التذكر أو تحصيل المعلومة واستخراجها من الذاكرة فهي عدة أمور منها:
                    أولاً: كم المعلومات، وأثر كم المعلومات على التذكر بين من خلال الواقع الذي نعيشه، فقدرة الطفل مثلاً على الحفظ أكبر بكثير من الكبار، والحفظ ما هو إلا تذكر للمعلومة وسبب قدرة الطفل الفائقة على التذكر هو فراغ ذاكرته من المعلومات تقريباً عند بدء التذكر عنده، وبالتالي فكم المعلومات المتراكم عنده مع مرور الوقت في البداية سيكون تحت السيطرة حيث يكون من السهل فرزه والوصول إلى المعلومة بعكس الكبير الذي تراكم عنده كم هائل من المعلومات يصعب السيطرة عليه. ولتتوضح مسألة الكم أكثرأقول : لو كان عندك شيء تبحث عنه فإن وصولك إليه سيكون أسهل لو بحثت عنه بين عشرة أشياء مما لو بحثت عنه بين مائة.
                    ثانياً: الكيف أو نوع المعلومات، حيث إنّ المعلومة البسيطة ليست كالمعلومة المركبة والمعقدة، فالأخيرة ربما توضع في الذاكرة بصورة غير منظمة وعشوائية نتيجة عدم الإدراك الكلي والتام لها، وبالتالي يصعب تذكرها أو إخراجها بصورة صحيحة أو بكل جزئياتها ولوازمها بل حتى مع إدراكها ووضعها بشكل منظم ودقيق فإن تذكرها يكون أكثر صعوبة من المعلومة البسيطة؛ لأن تذكرها يحتاج إلى تذكر كل أجزائها.
                    ثالثاً: الجسد، وهو حجاب يؤثر على تذكر الإنسان ويكون بمثابة غطاء على المعلومات يزداد سماكة كلما زاد الانشغال به لجلب الملائمات له ودفع المنافيات عنه، ويخف كغطاء على المعلومات كلما غُفل عنه لحساب التركيز على المعلومة ولكنه مهما أُغفل يبقى حجاباً وله أثر حيث إنّ هناك ما لابد منه كالأكل للقوة .
                    رابعاً: النور والظلمة في نفس الإنسان، فكلما زاد النور زادت القدرة على التذكر، وأيضاً كلما قل النور وزادت الظلمة قلّت القدرة على التذكر، ولهذا فيوشع (ع) النبي الطاهر (ع) ماذا نتوقع منه غير أن يتهم نفسه بالقصور والتقصير ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ أي الظلمة.
                    خامساً: الدماغ باعتباره جهاز النقل إلى هذا العالم ومنه، فهو يؤثر تأثيراً كبيراً على مسألة التذكر فحركة الدم الصحيحة فيه ووصول الغذاء الملائم له مثلاً تجعله أكثر كفاءة، وحدوث خلل فيه أو مرض قد يؤدي إلى فقدان القدرة على التذكر كلياً أو جزئياً، مؤقتاً أو دائماً.
                    وهناك أمر أيضاً لابد من الالتفات له وهو أن تكون المعلومة مُحَصَّلَة فعلاً أي إن الإنسان قصد تحصيلها لا أنها مرت على أذنه مثلاً دون أن يستمعها، بل هو سمعها دون التفات منه إليها كما لو أنه مر بمكان ورآه ولكنه لم يهتم لإدراك تفاصيل ما يرى، فهذه غير واقعة ضمن مسألة التذكر لأنها أصلاً ليست معلومات مُحَصَّلَة ليتم تذكرها أو يوصف من غفل عنها بأنه نسيها.
                    هذه الأمور التي ذكرتها لها علاقة مباشرة بالتذكر سلباً أو إيجاباً، ولكن عادة - عند إنسان معين - لا تؤثر جميعها بنفس القدر والاتجاه:
                    فمثلاً يمكن أن يجتمع في إنسان واحد: الانشغال بالجسد الذي يؤثر سلباً على قدرة الإنسان على تحصيل المعلومة من الملكوت فضلاً عن تذكرها فيما بعد، مع زيادة النور في صفحة وجود الإنسان الذي يوثر إيجاباً على قدرة الإنسان على تحصيل المعلومة فضلاً عن تذكرها، وأيضاً قدر هذا الانشغال وقدر هذا النور داخل في معادلة التذكر([38]).
                    ولهذا فمسألة التذكر عبارة عن معادلة وفيها عدد من المتغيرات ومنها الخمسة المذكورة أعلاه، ومن الصعب جدا بل هو مستحيل عادة أن نعرف ناتج هذه المعادلة من خلال معرفة القيمة الحقيقية أو التقريبية لواحد أو اثنين من هذه المتغيرات، بل لابد من معرفة قيمة كل متغير منها لتحصيل النتيجة النهائية أي إننا لا يمكن أن نحكم على مؤمن صالح فقط لمعرفتنا انه مؤمن صالح بأنّ درجة تذكره عالية أو أن نحكم على غير مؤمن طالح فقط لأنه غير مؤمن بأنّ درجة تذكره واطئة، فيمكن أن يكون إنسان غير مؤمن وقيمة المتغير المتعلق بالنور له خمسة بالمائة مثلاً ولكن المتغيرات الأخرى قيمتها عنده عالية لصالح التذكر، وبهذا يكون هذا الإنسان غير المؤمن قد حقق قيمة عالية في معادلة التذكر، ويكون صاحب قدرة فائقة على التذكر رغم كونه غير مؤمن.
                    والأمر المهم الذي لابد أن نلتفت إليه ونعيه بشكل دقيق أنه لا يمكن لمخلوق أن يحقق ويحصل من هذه المعادلة قيمة كاملة وتامة ليوصف بأن درجة تذكره هي مائة بالمائة، والسبب أنه لا يمكن لمخلوق أن يحقق قيمة مائة بالمائة في كل المتغيرات، وعلى سبيل المثال: متغير النور فإن فرض تحقيق مائة بالمائة فيه يعني أن هذا المخلوق نور لا ظلمة فيه وهذا محال لأن النور الذي لا ظلمة فيه هو الله سبحانه وتعالى([39]).
                    وبهذا يظهر ويتبين أنه لا يوجد مخلوق يحقق في معادلة التذكر مائة بالمائة ليمكن أن يوصف تذكره بأنه تام وكامل، وبالتالي يكون نسيانه وغفلته مساوية للصفر أي إنه لا ينسى ولا يغفل والله سبحانه لا يمكن أن يخلق مخلوقاً تذكره مائة بالمائة ونسيانه وغفلته صفر، ليس لأن الله غير قادر ولا يتعلق الأمر بالقدرة، بل لأن هذا أمر محال ومعناه تعدد اللاهوت المطلق تعالى الله علواً كبيراً.
                    * * *
                    ))

                    كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
                    Last edited by اختياره هو; 22-04-2016, 08:13.
                    ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
                    أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
                    كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
                    هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

                    Comment

                    • اختياره هو
                      مشرف
                      • 23-06-2009
                      • 5310

                      #11
                      رد: لنقرأ معا : 7. رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)

                      قال الامام احمد الحسن اليماني (ع) في كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين :

                      ((﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً﴾:
                      كان فقدان الحوت عند الصخرة آية من الله سبحانه وتعالى نُبه من خلالها موسى (ع) إلى أنه تجاوز المطلوب، ولم تكن بالأصل آية عند موسى(ع) أي إن موسى لم يكن يعلم أن فقدانه للحوت هو علامته على العبد الصالح وإلا لما طلب من يوشع أن يأتيه بالحوت ليأكله كطعام، فكيف يمكن أن يعقل أحد أن يأكل موسى(ع) الآية التي تدله على المطلوب وهو يعلم أنها آيته التي توصله إليه وخصوصاً أنه مأمور من الله بالوصول إلى العبد الصالح وإتباعه، أما قول موسى(ع) : ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً﴾ فأراد به العبد الصالح الذي رأوه عند الصخرة.
                      والأمر كالتالي فمن له أذنان للسمع فليسمع ومن له قلب للفهم فليفهم: الله سبحانه وتعالى يتكلم في كل شيء ولكن الناس غافلون ملتفتون إلى أنفسهم وأهوائهم، فليس الطريق الوحيد لكلام الله مع الأنبياء هو الوحي أو إسماعهم ألفاظاً في آذانهم أو معاني في قلوبهم، بل هناك الطريق الأعظم وهو (ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله معه وقبله وبعده)، فموسى (ع) عندما وجد أنهما فقدا الحوت عند الصخرة علم أنها آية من الله سبحانه، وإلا فهما في شدة التعب والجوع ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً﴾ فلماذا تكون مشيئة الرب الرؤوف الرحيم هنا أن يفقدا طعامهما؟؟! هنا عرف موسى (ع) ماذا أراد الله أن يخبره وسمع كلام الله في هذا الحدث وهو أن طعامك الذي جئت في طلبه (العلم) موجود حيث فقدت طعامك المادي (الحوت) ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً﴾، علم موسى(ع) أن العبد الذي مرَ به عند الصخرة هو العبد الصالح الذي جاء يطلبه ليتعلم منه.
                      وكما كان فقدان الحوت آية ودليلاً على طعام الروح الذي يحمله العبد الصالح، كانت حياة الحوت واتخاذه سبيله في البحر بسرعة وخفاء (سرباً) وأيضاً بمعجزة إلهية (عجباً) - يحق للعبد أن يعجب منها لما يرى من قدرة الله سبحانه وتعالى - آية ودليلاً على العبد الصالح، لأنّ الله جعل حياة الحوت حيث كان العبد الصالح مستلقياً للإشارة إلى أن العبد الصالح (مجمع البحرين) الذي جاء موسى (ع) يطلب منه العلم والمعرفة هو عين الحياة حيث إنّ العلم والمعرفة - المتعلقة بالآخرة - هي الحياة الحقيقية ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾([40])، أي ليعرفون ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾([41]).
                      عن أبي عبد الله(ع) قال: (إن موسى صعد المنبر وكان منبره ثلاث مراق فحدث نفسه أن الله لم يخلق خلقاً أعلم منه، فأتاه جبرئيل فقال له: إنك قد ابتليت فانزل فإن في الأرض من هو أعلم منك فاطلبه، فأرسل إلى يوشع أني قد ابتليت فاصنع لنا زاداً وانطلق بنا .....
                      قال: فبينما هما يمشيان انتهيا إلى شيخ مستلقٍ معه عصاه، موضوعة إلى جانبه وعليه كساء إذا قنع رأسه خرجت رجلاه وإذا غطى رجليه خرج رأسه، قال: فقام موسى يصلي وقال ليوشع: احفظ علي، قال: فقطرت قطرة من السماء في المكتل فاضطرب الحوت، ثم جعل يثب من المكتل إلى البحر، قال: وهو قوله: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً﴾، قال: ثم إنه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره فقال : يا موسى ما اتخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر.
                      قال: ثم قام يمشي فتبعه يوشع، قال: موسى وقد نسي الزبيل يوشع، قال: وإنما أعيا حيث جاز الوقت فيه فقال: ﴿آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً﴾ إلى قوله: ﴿فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾، قال: فرجع موسى يقفي أثره حتى انتهى إليه وهو على حاله مستلقٍ، فقال له موسى: السلام عليك ، فقال: وعليك السلام يا عالم بني إسرائيل، قال: ثم وثب فأخذ عصاه بيده قال فقال له موسى: إني قد أمرت أن أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً فقال كما قص عليكم: ﴿إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ )([42]).
                      * * *
                      ))

                      كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين ـ الامام احمد الحسن اليماني (ع)
                      السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                      Comment

                      Working...
                      X
                      😀
                      🥰
                      🤢
                      😎
                      😡
                      👍
                      👎