إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ 18 ربيع الثاني 1437 هجري قمري تحت عنوان الهدف من خلق الانسان

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • شيخ نعيم الشمري
    عضو جديد
    • 05-03-2013
    • 94

    جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ 18 ربيع الثاني 1437 هجري قمري تحت عنوان الهدف من خلق الانسان

    · جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ 18 ربيع الثاني 1437 هجري قمري تحت عنوان الهدف من خلق الانسان

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
    في هذه الجمعة احببنا ان نسلط الضوء على نقطة جوهرية ومهمة جدا وهو الهدف من خلق الانسان او قل لماذا خلقنا الله عز وجل ؟؟
    اذا وفقنا الله وعرفنا الهدف الحقيقي من خلق الانسان وما هو المطلوب منه وما هي الغاية التي يجب ان يصار اليها وصلنا الى مرضاة الله سبحانه وبالعكس اذا جهل الانسان هدف خلقته وما هو المطلوب منه ضيع الغاية التي يجب ان يصار اليها خسر الدنيا والاخرة وذلك هو الخسران المبين.
    فالهدف هو الطريق أو الجسر الذي نحقق من خلاله غايتنا؛ فمثلاً الدخول الى المدرسة هدف والنجاح في الدراسة هدف ، ولكن ماذا بعد ذلك، لابد من هدف أساسي نسعى إليه وهو الغاية من دخول المدرسة والنجاح .

    فالغاية مرتبطة بأعظم ما يتمناه الفرد والهدف مرتبط مؤقتًا بما يريده الفرد.
    وبذلك نجد كثيرًا من الناس له هدف وليس له غاية فتجد هذا النوع من البشر الذي له هدف وليس له غاية يكون عمله غير دقيق وغير جدي لانه لاغاية له عكس الانسان الذي يسعى لغاية ما تجد عمله دقيق وجدي لانه يريد الوصول الى غايته.
    لان الغاية هي الدافع والمحرك الأول لأي إنسان، أي أنها بمثابة المهمة الكبرى أو الرؤية التي من خلالها سيضع الإنسان أهدافه الخاصة، ويسعى لتحقيقها وصولا الى غايته .
    فلكل إنسان هدف في الحياة.. ولا بد أن يكون له غاية.
    لكن من منا سال نفسه ما هو الهدف الحقيقي من خلق الانسان وما هي الغاية الاصلية لذلك ؟؟؟
    طرحنا هذا السؤال لاجل تنبيه وتذكير الانسان بسبب وجوده على هذه البسيطة وما هي الغاية التي يجب ان يصار اليها .
    وذلك لأن جل الناس يسعون في متاهات ويمشون في طرق مسدودة نتيجتها الهلاك بسبب جهلهم بالهدف الذي خلقوا من اجله والغاية التي يجب ان يصار اليها وبسبب جهل الانسان بهدف خلقته ظهرت افهام كثيرة عند اصحاب الدين الواحد مما ادى الى تضييع الغاية التي يجب ان يصار اليها .

    اولا :فبعضهم تصور ان الله خلقنا عبث وحاشاه اي لاهدف ولا غاية من الخلقة ؟؟؟
    ثانيا :والبعض الاخر يتصور ان الله خلقنا للدنيا اي لجمع المال وامتلاك العقارات وغيرها ؟؟
    ثالثا :والبعض الاخر لاهدف له ولا غاية الا اشباع غريزته ومعدته أي ان سعيه للشهوات فقط ؟؟؟
    رابعا :وبعضهم تصور ان الله خلق الانسان ليعمر ارضه؟؟؟
    خامسا : ومنهم من قال ان الله خلق الانسان ليتكامل جسمانيا وماديا ؟؟؟
    سادسا : وذهب البعض الى ان الهدف من خلق الانسان هو عبادة الله وتسبيحه وتقديسه بالحركات الظاهرية فقط ؟؟؟

    لذا ما نحاول بيانه في هذه الجمعة المباركة هو كشف بعض الحقائق للانسان السائر الى الله سبحانه او قل لمن اقر على نفسه بالعبودية لله سبحانه فقد يكون الانسان المقر على نفسه بالعبودية له هدف يريد الوصول اليه وهو العبادة الحقة المرضية عند الله وان يتقرب ذلك العبد الى الله سبحانه بكل ما يرضيه مطبقا كل ما فرضه عليه سبحانه من فرائض.
    لكن مما يؤسف له نجد الكثير من السائرين الى الله قد ضيعوا طريق الصواب الموصل الى مرضاة الله وكلا بحسبه فمنهم اراد ان يعبد الله بهواه ومنهم من عبد الله على حرف ومنهم عبد الله بجهل ومنهم عبد الله بما اراد سبحانه لكنه وصل الى منتصف الطريق وانحرف عن الصراط المستقيم والبعض الاخر عبد الله بما اراده سبحانه لكنه قصر بسبب جهله فضيع حضه وهكذا الا القليل الذين وفوا بما عاهدوا .
    وبما ان الافهام الموجودة كثيرة ساقتصر في هذه الجمعة على طرح فهمين واناقشهما واترك ما تبقى الى الجمعة الاحقة ان شاء الله الفهم الاول

    تصور البعض ان الله خلقنا عبث وحاشاه اي لاهدف ولا غاية من الخلقة ؟؟؟

    رغم ان القران يصرخ بمسامع الجميع (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * ‏سورة المؤمنون 115-116
    والعبث يطلق على الشيء الذي لا غاية حقيقية له في قبال الحكمة، فيأتي الإنكار بمعنى أنكم حسبتم أن لا حكمة في خلقكم، وأن ليس هناك غاية حكيمة ولذا فهذه الخلقة عبث ، ثمّ يأتي عطف البيان (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) من هذه الاية نفهم أنّه لو لم يكن هناك رجوع إلى الله فالخلقة عبث تعالى الله علوا كبيرا عن العبثية.
    لذا قال . الإمام علي ( عليه السلام ).: أيها الناس ، اتقوا الله ، فما خلق امرؤ عبثا فيلهو ، ولا ترك سدى فيلغو ! .. الغرر 6/80.

    قال حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال سألت الصادق جعفر بن محمد ع فقلت له لم خلق الله الخلق فقال إن الله تبارك و تعالى لم يخلق خلقه عبثا و لم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته و ليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه و ما خلقهم ليجلب منهم منفعة و لا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم و يوصلهم إلى نعيم الأبد) علل الشرائع: ج1 ص9.
    .إذن رضا الله سبحانه هو الهدف الكبير، والسؤال: كيف يتحقق رضا الله سبحانه وتعالى؟
    لقد بعث الله الأنبياء والرُسل وأرسل الكُتب وبيَّن فيها ما يُريد وما لا يُريد، فالعمل بهذه الكُتب، وبما يقوله الانبياء هو تحقيق لمرضاة الله سبحانه وتعالى،

    يقول الامام علي ع في ذلك: إنَّ للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته [الغرر 3/535.

    وغاية الاسلام هو رضا الله إذن رضا الله هو الاطار العام للهدف الذي مِن أجله خلق الله الانسان،
    لذا على الانسان ان يعلم انه لم يخلق في هذه الدنيا عبثا ولا هملا ولكن خلق لامر عظيم وهو معرفته سبحانه وبالتالي الوصول الى مرضاته .
    فالانسان العاقل اذا صنع الة يريد لالته ان تعمل وفق الهدف المرسوم لها، لا أن تُرمى بعيداً بدون أن يستفاد منها.
    فمن صنع الابرة انما صنعها ليحاك بها الثياب
    ومن صنع العربة انما صنعها ليركبها الناس
    فهل ترى ان هناك صنعة بلا هدف وغاية محال

    فالله الذي خلق الانسان أراد له أن يعمل وفق الهدف الذي وضعه له. وأن يكون في دائرة المسؤولية التي ألقاه فيها وصولا الى غايته
    لا كما يتصور البعض انا خلقنا لنأكل ونشرب ونلبس! ووجدنا لنجمع الأموال الوفيرة والكنوز والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث! والغاية من وجودنا وخلقنا أن نتمتع بزخرف هذه الحياة وزينتها!!

    لا والله - يا عباد الله - ما خلقنا في هذه الدنيا عبثاً ولم نترك فيها سدى. ((أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى...)) القيامة:36-40.

    اما البعض الاخر الذي تصور ان الله خلقنا للدنيا اي لجمع المال وامتلاك العقارات وغيرها ؟؟
    فاقول له اعلم رحمك الله ان من صور او تصور ان الله خلقنا للدنيا فهو مفتون بزخرفها وزبرجها لذا اصبحت الدنيا منتهى همه ومبلغ علمه لانه بعيد عن الله واعلم ان الله خلق الانسان وخَلَقَ معه الدنيا، فكم أخذ مِن الدنيا وكم يعطيها، وهل الدنيا لذاتها هدف للانسان أم إنها وسيلة لهدف آخر؟

    لذا لم يصور واقع الدنيا، ويعرض خدعها وأمانيها المُغرِّرة كما صورها القرآن الكريم، وعرّفها أهل البيت عليهم السلام، اما القران قال تعالى:
    (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) سورة الحديد 19_20

    قال الله تعالى:﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾(يونس:24

    وقال تعالى (فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فانّ الجنة هي المأوى» (النازعات: 37 - 41) )
    هذا وصف القران للدنيا وحقيقتها لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الاموال والاولاد والنتيجة لمن اثرها على الاخرة هو (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)
    لماذا لان الله لم يخلقنا للدنيا بل خلقنا للاخرة والدنيا انما هي دار ممر والاخرة هي دار المقر فعلى المؤمن ان ياخذ من ممره الى مقره ولا تكن الدنيا منتهى همه ومبلغ علمه فهي ليست بدارنا ولا منزلنا الذي خلقنا لاجله

    قال امير المؤمنين ع (الاَ وَإِنَّ هذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَتَرْغَبُونَ فِيهَا، وَأَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَتُرْضِيكُمْ، لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ، وَلاَ مَنْزِلِكُمُ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَلاَ الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَة لَكُمْ وَلاَ تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا، وَهِيَ وَإِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا، فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا، وَأَطْمَاعَهَا لِتَخْوِيفِهَا، وَسَابِقُوا فِيهَا إِلَى الدَّارِ الَّتي دعِيتُمْ إِلَيْهَا، وَانْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا، ......... (! نهج البلاغة ص 356

    ومن كلام لامير المؤمنين ع في التزهيد من الدنيا والترغيب في الاخرة قال:
    أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الدُّنْيَا دارُ مَجَاز وَالاْخِرَةُ دَارُ قَرَار، فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ، وَلاَ تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُم، وَأَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ، فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ، ولِغِيْرِهَا خُلِقْتُمْ. إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ قَالَ النَّاسُ: مَا تَرَكَ؟ وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: مَا قَدَّمَ؟ لله آبَاؤُكُمْ! فَقَدِّمُوا بَعْضَاً يَكُنْ لَكُمْ قَرْضاً، وَلاَ تُخَلِّفُوا كُلاًّ فَيَكُونَ عَلَيْكُمْ.) نهج البلاغة ص466

    وقال الصادق عليه السلام: «ماذئبان ضاريان في غنم قد فارقها رعاؤها، أحدهما في أولها، والآخر في آخرها، بأفسد فيها، من حُب الدنيا) الوافي ج 3 ص 152

    وقال الباقر عليه السلام: «مَثَلُ الحريص على الدنيا، مثل دودة القز كلّما ازدادت من القز على نفسها لفّاً، كان أبعد لها من الخروج، حتى تموت غمّاً) الوافي ج 3 ص 152

    وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنما الدنيا فناء وعَناء وغِيَر وعِبَر: فمن فنائها: أنك ترى الدهر موتِراً قوسه، مفوقاً نبله، لا تُخطئ سهامه، ولا يشفى جراحه، يرمي الصحيح بالسقم، والحي بالموت.
    ومن عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى اللّه لا مالاً حمل ولا بناءاً نقل. ومن غِيَرِها أنك ترى المغبوط مرحوماً، والمرحوم مغبوطاً، ليس بينهم الا نعيم زلّ، وبؤس نزل. ومن عِبَرها: ان المرء يشرف على أمله، فيتخطفه أجله، فلا أمَل مدروك، ولا مؤمّل متروك»( سفينة البحار ج 1 ص 467.
    .

    فجدير بالعاقل أن يؤثر الخالد على الفاني، ويتأهب للسعادة الأبدية والنعيم الدائم قال تعالى (، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) » (الأعلى: 16 - 19

    كما على العاقل ان ياخذ العبرة والعضة ممن سبقة من الصالحين والطالحين
    ومن عبر الطغاة والجبارين ما قاله المنصور لمّا حضرته الوفاة «بعنا الآخرة بنومة».
    وردّد هارون الرشيد وهو ينتقي أكفانه عند الموت: « مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ » (الحاقة: 28 - 29).
    وقيل لعبد الملك بن مروان في مرضه: كيف تجدك يا أبا مروان؟ قال: أجدني كما قال اللّه تعالى (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ » (الأنعام: 94

    قال امير المؤمنين ع (وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أَنَّكُم وَمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ هذِهِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ مَنْ قَدْ مَضَى قَبْلَكُمْ، مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً، وَأَعْمَرَ دِيَاراً، وَأَبْعَدَ آثَاراً أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً، وَرِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً وَأَجْسَادُهُمْ بِالِيَةً، وَدِيَارُهُمْ خَالِيَةً، وَآثَارُهُمْ عَافِيَةً فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَيَّدَةِ، وَالـنَّمارِقِ الْمُمَهَّدَةِ الصُّخُورَ وَالاْحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ، وَالْقُبُورَ اللاَّطِئَةَ الْمُلْحَدَةَ الَّتي قَدْ بُنِيَ عَلَى الْخَرَابِ فِنَاؤُهَا وَشُيِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا، فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ، وَسَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ، بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّة مُوحِشِينَ، وَأهْلِ فَرَاغ مُتَشَاغِلِينَ، لاَيَسْتَأْنِسُونَ بِالاْوْطَانِ، وَلاَ يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِيْرَانِ، عَلَى مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ، وَدُنُوِّ الدَّارِ، وَكَيْفَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ تَزَاوُرٌ، وَقَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلَى وَأَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَكَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا صَاروا إِلَيْهِ، وَارْتَهَنَكُمْ ذلِكَ الْمَضْجَعُ وَضَمَّكُمْ ذلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ، فَكَيْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ بِكُمُ الاُْمُورُ وبُعْثِرَتِ الْقُبُورُ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كَانُوا يفْتَرُون) نهج البلاغة ص507

    وقال ع (وَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا كَمَا غَرَّتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الاُْمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، الَّذِينَ احْتَلَبُوا دِرَّتَهَا وَأصَابُوا غِرَّتَهَا، وَأَفْنَوْا عِدَّتَهَا، وَأَخْلَقُوا جِدَّتَهَا( أَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ أَجْدَاثاً وَأَمْوَالُهُمْ مِيرَاثاً، لاَ يَعْرِفُونَ مَنْ أَتَاهُمْ، وَلاَ يَحْفِلُونَ مَنْ بَكَاهُمْ، وَلاَ يُجِيبُونَ مَنْ دَعَاهُمْ فَاحْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ خَدُوعٌ، مُعْطِيَةٌ مَنُوعٌ، مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ لاَ يَدُومُ رَخَاؤُهَا، وَلاَ يَنْقَضِي عَنَاؤُهَا، وَلاَ يَرْكُدُ بَلاَؤُهَا.) نهج البلاغة 515

    وقال بعض العارفين لرجل من الأغنياء: كيف طلبك للدنيا؟ فقال: شديد. قال: فهل أدركت منها ما تريد؟ قال: لا. قال: هذه التي صرفت عمرك في طلبها لم تحصل منها على ما تريد فكيف التي لم تطلبها!!

    وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله،: إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم، وهما مهلكاكم») الوافي ج 3 ص 152 عن الكافي.

    ومن العبر البالغة في تصرم الحياة وإن طالت: ما روي أن نوحاً عليه السلام عاش ألفين وخمسمائة عام، ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس، فقال: السلام عليك. فرّد عليه نوح عليه السلام وقال له: ما حاجتك يا ملك الموت؟ قال: جئت لأقبض روحك. فقال له: تدعني أتحوّل من الشمس الى الظل. فقال له: نعم. فتحول نوح عليه السلام ثم قال: يا ملك الموت فكأن ما مرّ بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس الى الظل!! فامض لما أمرت به. فقبض روحه عليه السلام.

    ومن أبلغ العظات وأقواها أثراً في النفس كلمة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليه السلام: «أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة، وقوّه باليقين،
    ونوّره بالحكمة، وذلّله بذكر الموت، وقرره بالفناء، وبصره فجائع الدنيا، وحَذّره صولة الدهر، وفحش تقلب الليالي والأيام، واعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين، وسِر في ديارهم وآثارهم، فانظر فيما فعلوا، وعمّا انتقلوا، وأين حلّوا ونزلوا، فإنّك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبة، وحلّوا ديار الغربة، وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم، فأصلح مثواك، ولا تبع آخرتك بدنياك»() نهج البلاغة في وصيته عليه السلام لابنه الحسن.


    قد يقال هل افهم من كلامك اننا نترك الدنيا بما فيها لا نتزوج ولا نعمل بل نذهب الى الادير والصوامع نتعبد كما في السابق ونحرم زينة الله التي اخرجها لعباده ، كما قال سبحانه: « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) الأعراف: 32؟؟؟

    اقول :اعلم ان التمتع بملاذ الحياة، وطيباتها المحللة، مستحسن لا ضير فيه، ما لم يكن مشتملاً على حرام أو تبذير، كما قال سبحانه (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (الأعراف: 32_33

    لذا قبل مجيئ الاسلام كان البعض يلهثون وراء الدنيا يتكالبون على حطامها قد انكبوا على جمع الاموال من حلالها وحرامها

    والبعض الاخر زهد فيها وانزوى هاربا من مباهجها الى الادير والصوامع ما جعلهم فلولاً مبعثرة على هامش الحياة.
    وجاء الاسلام، والناس بين هذين الاتجاهين المتعاكسين، فاستطاع بحكمته البالغة، واصلاحه الشامل، أن يشرّع نظاماً خالداً، يؤلّف بين الدين والدنيا، ويجمع بين مآرب الحياة وأشواق الروح، بأسلوب يلائم . فطرة الانسان، ويضمن له السعادة والرخاء.
    فتراه تارة يحذّر عشّاق الحياة من خُدعها وغرورها، ليحررهم من أسرها واسترقاقها، وأخرى يستدرج المتزمتين الهاربين من زخارف الحياة الى لذائذها البريئة وأشواقها المرفرفة، لئلا ينقطعوا عن ركب الحياة، ويصبحوا عرضة للفاقة والهوان.
    فالامر لا افراط ولا تفريط اي انك لا تترك الدنيا بما فيها زاعما انك تريد الاخرة ولا تترك الاخرة وما فيها زاعما ان الله خلقك للدنيا لانك تجهل حقيقتها بل على الانسان ان يتزود من الدنيا للاخرة ولا يكون عالة على غيره.


    قال الامام الصادق عليه السلام: «ليس منّا من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه»()، (الوافي ج 10 ص 9 عن الفقيه.

    قال العالم عليه السلام: «إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً» (الوافي ج 10 ص 9 عن الفقيه.

    فطلب الدنيا اذا كان للاخرة امرا محمودا ، إلا ما كان مختلساً من حرام، أو صارفاً عن ذكر اللّه تعالى وطاعته.
    أما اكتسابها إستعفافاً عن الناس، أو تذرعاً بها الى مرضاة اللّه عز وجل كصلة الأرحام، وإعانة البؤساء، وإنشاء المشاريع الخيرية كالمساجد وغيرها ، فإنه من أفضل الطاعات وأعظم القربات، كما صرح بذلك أهل البيت عليهم السلام:

    قال الامام الصادق عليه السلام: «لا خير فيمن لا يجمع المال من حلال، يكفّ به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه» ) الوافي ج 10 ص 9 عن الكافي.
    ).
    وقال رجل لأبي عبد اللّه عليه السلام: «واللّه إنا لنطلب الدنيا ونحب أن نُؤتاها.
    فقال: تحب أن تصنع بها ماذا؟ قال: أعود بها على نفسي وعيالي، وأصِلُ بها، وأتصدق بها، وأحج، وأعتمر. فقال أبو عبد اللّه: ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة»(3). (3) الوافي ج 10 ص 9 عن الكافي.

    إن حب البقاء في الدنيا ليس مذموماً مطلقاً، وإنما يختلف بالغايات والأهداف، فمن أحبّه لغاية سامية، كالتزود من الطاعة، واستكثار الحسنات، فهو مستحسن. ومن أحبّه لغاية دنيئة، كممارسة الآثام، واقتراف الشهوات، فذلك ذميم مقيت، كما قال زين العابدين عليه السلام: «عَمّرني ما كان عمري بِذلة في طاعتك، فاذا كان عمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك».

    رؤية الإمام(عليه السلام) هي انّ هذه الحياة مرادة مادامت تساهم في تحقيق سعادة الإنسان ورفاهه في حياته الاُخروية الأبدية. أمّا إذا كانت كيفية حياته في هذا العالم سبباً لمضاعفة اثقاله وآلامه وعذابه وشقائه في عالم الآخرة أو حرمانه من بعض الكرامات فانّها لا تكون مرادة،
    ونستخلص مما أسلفناه أنّ الدنيا المذمومة هي التي تخدع الانسان، وتصرفه عن طاعة اللّه والتأهب للحياة الأخروية.

    واعلم ان الزينة في قوله تعالى ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) الأعراف: 32

    كسائر نعم الله - قد يفتن البشر بها ، فيتبعها بلا حكمة حتى يسقط في الهاوية . لذا بين سبحانه وتعالى ان الباقيات الصالحات خير من المال والبنون قال تعالى ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ) الكهف/ 46
    و في آية أخرى؛ ان الحكمة من زينة ما على الأرض ، ابتلاء البشر ليعلم ايهم احسن عملاً .قال تعالى ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)

    لذا على الانسان ان يتوازن ولا يتوغل في طلب الدنيا وزينتها وينسى اخرته من هنا يذكرنا القران ما نملك من مال وملك وغيرها ما هو الا متاع الحياة الدنيا
    قال الله سبحانه : { وَمَآ أُوتِيتُم مِن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } (القصص / 60)

    إن الإقبال على الدنيا والاستغراق فيها يؤدي بالإنسان إلى الانزلاق في وحول الأخطاء والمعاصي،

    ورد عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ: "رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ حُبُّ الدُّنْيَا وذلك لأنّ خصال الشرّ مطوية في حبّ الدّنيا وكل ذمائم القوة الشهوية والغضبية مندرجة في الميل إليها, ولذا قال الله عز وجل: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) مراة العقول في شرح اخبار الرسول ج10 ص 228
    وقال الامام موسى بن جعفر عليهما السلام: «يا هشام، إن العقلاء زهدوا في الدنيا، ورغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة، والآخرة طالبة ومطلوبة: فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا، حتى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة، فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه وآخرته»( تحف العقول في وصيته لهشام بن الحكم.

    ويضرب مثلاً من قارون الذي آتاه الله من الكنوز ، ولكنه لم يستجب لنصيحة من أمره بأن يبتغي بما أتاه الله الدار الآخرة ، فخرج في زينته فخسف الله به وبداره الأرض.
    قال الله تعالى : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ اُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ اُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ } (القصص / 79 - 81)
    وقد يخير الانسان بين زينة الحياة الدنيا والآخـرة ، فعليه أن لاّ يختار على الآخرة شيئاً ، وإلاّ كان من الخاسرين وقد بيّن ربنا ببلاغة نافذة؛ من ان في الحياة الدنيا الزينة، ولكنه حذر من انها لا تدوم، وان المعيار الآخرة.

    فقال سبحانه : { اعْلَمُوا أنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الاَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَراً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الأَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } (الحديد / 20)

    وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ: "فِي مُنَاجَاةِ مُوسَى عليه السلام يَا مُوسَى إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ عُقُوبَةٍ عَاقَبْتُ فِيهَا آدَمَ عِنْدَ خَطِيئَتِهِ وَجَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ فِيهَا لِي.

    وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له) الكافي ج2 ص129

    لذا علينا ان نفهم ان الدنيا وما فيها ليست الا وسيلة للوصول للغاية التي خلق من اجلها الانسان وليست هي الهدف والغاية ؟؟
    هناك خط رفيع يفصل بين عمل الدنيا الذي فيه رضا الله، وعمل الدنيا الذي ليس فيه رضا الله، والانسان الذي لا يستطيع أن يميز هذا الخط سينغمر في الدنيا وقد يغرق في مياهها، فكيف نستطيع ان نُميّز هذا الخط؟

    قال اميرالمؤمنين(عليه السلام) يقول الامام مخاطباً الانسان: إنك لم تُخلق للدنيا فازهد فيها وأعرض عنها[181.

    وهذا لا يعني أن يترك الانسان الدنيا وشأنها بل معنى ذلك أنّ الدنيا ليست هدفاً فلابد أن يزهد فيها الانسان فلا يتعلق بها تعلق الحبيب بمحبوبه، بل يأخذ منها ما يكفيه
    يقول الامام: إنَّ الدنيا دار منها لها الفناء، ولأهلها منها الجلاء، وهي حلوة خضرة قد عجلت للطالب والتبست بقلب الناظر، فارتحلوا عنها بأحسن ما يحضُرُكُمْ مِنَ الزّادِ ولا تسألوا فيها إلاّ الكَفافَ ولا تطْلبُوا مِنها أكثرَ مِنَ البَلاغِ)
    وهي تجارة رابحة، لأنها متاجرة بين شيء زائل وشيء باقٍ يقول الامام: الرابح مَن باع الدنيا بالآخرة)

    فالدنيا ليست إلاّ ساحة سباق يتسابق فيها الناس إلى غاية اسمى يقول الامام: المؤمن الدنيا مضماره، والعمل همته والموت تحفته والجنة سبقته

    وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إعلموا عباد اللّه أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظى به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المُبلّغ والمتجر الرابح»(1) نهج البلاغة.

    هذا هو حال المؤمن أما حال الكافر: الكافر الدنيا جُنتُه، والعاجلة همته والموت شقاوته، والنار غايته)
    صورتان متعاكستان؛ متسابقان أحدهما إتخذ الدنيا سا حة سباق أما الآخر فاتخذها هدفاً له، فإلى أين إنتهى المتسابقان أحدهما إلى الجنة، والآخر إلى النار.
    نسال الله ان يعصمنا واياكم من الدنيا وغرورها وان ياخذ بايدينا الى مرضاته انه حميد مجيد والحمد لله وحده
    الشيخ نعيم الشمري
  • almawood24
    يماني
    • 04-01-2010
    • 2174

    #2
    رد: جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ 18 ربيع الثاني 1437 هجري قمري تحت عنوان الهدف من خلق الانسان

    الله يوفقكم لكل خير شيخنا الحبيب ونصر الله بكم دينه هو ولينا وهو يتولى الصالحين
    من اقوال الامام احمد الحسن عليه السلام في خطبة الغدير
    ولهذا أقول أيها الأحبة المؤمنون والمؤمنات كلكم اليوم تملكون الفطرة والاستعداد لتكونوا مثل محمد (ص) وعلي (ص) وآل محمد (ص) فلا تضيعوا حظكم، واحذروا فكلكم تحملون النكتة السوداء التي يمكن أن ترديكم وتجعلكم أسوء من إبليس لعنه الله إمام المتكبرين على خلفاء الله في أرضه، أسأل الله أن يتفضل عليكم بخير الآخرة والدنيا.

    Comment

    • الشيخ حسنين البارون
      عضو جديد
      • 26-02-2016
      • 7

      #3
      رد: جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ 18 ربيع الثاني 1437 هجري قمري تحت عنوان الهدف من خلق الانسان

      احسنت شيخة وفقك الله لكل خير وسدد خطاك بحق المهدي والمهديين ص.....

      Comment

      Working...
      X
      😀
      🥰
      🤢
      😎
      😡
      👍
      👎