إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ( 6)ربيع الاول 1437 هجري قمري تحت عنوان خذلان خلفاء الله على مر التاريخ

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • شيخ نعيم الشمري
    عضو جديد
    • 05-03-2013
    • 94

    جانب من صلاة الجمعة في حسينية انصار لامام المهدي ع في الكاظمية المقدسة بتاريخ( 6)ربيع الاول 1437 هجري قمري تحت عنوان خذلان خلفاء الله على مر التاريخ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا


    منذ بعث الله نبيه ادم ع الى يوم الناس هذا نجد انبياء الله وحججه ما بين مقتول او مصلوب او مسموم او مدفوعا عن حقه رغم تايد الله سبحانه وتعالى لهم بالبينات والايات والدلائل الواضحات فما هي اهم الاسباب التي جعلت اغلب الامم يخذلون انبيائهم ؟؟
    بمعنى اخر الكثير من الناس الذين عرفوا خلفاء الله وامنوا بهم ولو بحسب الظاهر نجد بعضهم مترددين في نصرة خليفة الله سواء باللسان ام باللسنان فما هي اهم الاسباب التي دعتهم لخذلان خليفة الله ؟؟ وهل هذه الاسباب اسباب حقيقة ام انها اسباب واهية ؟؟
    من اهم اسباب تخلف الناس عن نصرة خليفة الله :
    اولا: الجهل بالقيادة.
    ثانيا: عدم وجود المغريات الدنيوية كالسلطة والتمليك.
    ثالثا : حب الحياة و الخوف من الموت.
    رابعا: قلة العدد والعدة.
    خامسا: الفرقة في المجتمع الايماني.
    سادسا: قلة الوعي في المجتمع الايماني.

    اولا: الجهل بالقيادة :
    من اهم اسباب فشل الامة في مسايرة خليفة الله هو الجهل بحقيقته وعدم معرفته معرفة نورانية مما جعل بعضهم يعترض على قيادته وبالذات على بعض اقواله وافعاله حتى ان البعض منهم كفر به بسبب جهلهم بافعاله لانهم لم يعرفونه معرفة نورانية حقيقة بل كانت معرفتهم به معرفه ظاهرية والمعرفة الظاهرية بخليفة الله لا تجلب لصاحبها نفعا ولا تدفع عنه ضرا وهذا ما اشار اليه امير المؤمنين ع
    قال روي عن محمد بن صدقة أنه قال سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما يا أبا عبد الله ما معرفة الإمام أمير المؤمنين بالنورانية؟
    قال يا جندب فامضِ بنا حتى نسأله عن ذلك, قال فأتيناه فلم نجده قال فانتظرناه حتى جاء قال صلوات الله عليه: ما جاء بكما؟
    قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية قال صلوات الله عليه مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه, لستما بمقصِّرَين لعمري إن ذلك الواجب على كل مؤمن ومؤمنة،
    ثم قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال إنه لا يستكمل أحدٌ الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً ومن قصَّر عن معرفة ذلك فهو شاكٌّ ومرتاب.
    يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال: معرفتي بالنورانية معرفة الله عزَّ وجلّ ومعرفة الله عزَّ وجلّ معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى عنه (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ))(البينة:5
    يقول ما أمروا إلا بنبوة محمد | وهو دين الحنيفية المحمدية السمحة وقوله {يقيمون الصلاة}
    فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة وإقامة ولايتي صعبٌ مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقرباً لم يحتمله والنبي إذا لم يكن مرسلاً لم يحتمله والمؤمن إذا لم يكن ممتحناً لم يحتمله،
    قلت يا أمير المؤمنين من المؤمن وما نهايته وما حده حتى أعرفه؟
    قال: يا أبا عبد الله قلت لبيك يا أخا رسول الله قال المؤمن الممتحن هو الذي لا يرِدُ من أمرنا إليه شي‏ء إلا شرح صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتب.......... ) المصدر بحار الأنوار ج26 ص1، مشارق أنوار اليقين ص255 باختلاف في اللفظ، إلزام الناصب ج1 ص32.

    فالمؤمن الحقيقي (هو الذي لا يرِدُ من أمرنا إليه شي‏ء إلا شرح صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتب....)

    ومن دواعي الشك والارتياب الجهل والا لماذا يشك المرء اليس سبب الشك بشخص ما هو عدم الثقة به ومن اسباب عدم الثقة بشخص ما هو الجهل بحقيقته لذا علينا ان نعرف مع من نسير هل نسير مع قائد منصب من الله ام لا هل هو خليفة لله ام لا؟؟
    اذا كان كذلك فلماذا نشك بافعاله واقواله لماذا نتردد بالمسير معه اوليس هو خليفة الله اي انه الناطق عن الله وهو اولى بنا من انفسنا واموالنا واذا كان كذلك فما هو سبب حرصنا على انفسنا واموالنا اليس الجهل
    فعلى الانسان السائر الى الله ان يتعرف على اهم اسباب اخفاق الامم في مسيرهم مع خلفاء الله ومثال على ذلك :
    (لماذا اخفقت الامة مع امير المؤمنين ع عندما رفع جيش معاوية المصاحف )
    ( لماذا اتهم الامام الحسن ع بمذل المؤمنين عندما صالح معاوية )
    ( لماذا خذلت الامة الامام الحسين ع رغم معرفتهم به )
    ( لماذا تمنى الامام الصادق ع سبعة عشر الم تكن احدى حلقات دراسته اربعة الاف )
    ( لماذا لم يخرج الامام المهدي ع رغم قلة العدد الذي يريده (313) ؟؟؟
    لعلي اجزم ان اهم الاسباب هو جهل الناس بهدف خلقتهم فالانسان الذي لا يعرف الهدف الذي خلق من اجله وما هي الغاية التي يجب ان يصاراليها تجده يسعى في متاهات ويمشي في طريق مسدود نتيجته الهلاك.
    فالهدف الذي خلقنا من اجله هو المعرفة .والغاية التي يجب ان يصار اليها هو رضا الله والجنة .
    عن الصادق ع قال: (خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه، فقال له رجل: يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟ قال: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته) علل الشرائع: ج1 ص9.
    وقال الامام جعفر الصادق ع : لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له،ألا إن الإيمان بعضه من بعض. المصدر: الكافي ج1 ص44 ح2
    اما الغاية التي يجب ان يصار اليها قال امير المؤمنين ع(إنَّ للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته [الغرر 3/535.
    وغاية الاسلام هو رضا الله إذن رضا الله هو الاطار العام للهدف الذي مِن أجله خلق الله الانسان،
    ورضا الله يكمن بمعرفة خليفة الله في زمانه لقد بعث الله الأنبياء والرُسل وأرسل الكُتب وبيَّن فيها ما يُريد وما لا يُريد، فالعمل بهذه الكُتب، وبما يقوله الانبياء هو تحقيق لمرضاة الله سبحانه وتعالى.
    فمن كان يجهل الهدف الذي خلق من اجله انا له ان يقدم نفسه وماله بين يدي خليفة الله وكيف له ان ينظر الى خلفاء الله انهم منصبون من الله طاعتهم مطلقة .
    من هنا تعددت اسباب الخذلان ومن تلك الاسباب :
    اولا : من دخل مع خليفة الله بعضهم كان يطلب الجاه والمنصب والمكانة وان يذكر على الالسن ومثل هذه الطلبات لا يجدونها عند خلفاء الله بل عند اعدائهم لذلك انحرفوا.
    ثانيا : الانا المتسعرة في نفوسهم فكلا منهم يرى نفسه انه افضل من غيره بالقيادة.
    ثالثا : البعض منهم لا يخطر في باله هذه الامور لكنه حريص على نفسه فلا يريد ان يظر نفسه بتعرضها الى اذى السجن والغربة والقتل ولوا اردنا ان نسطر الاسباب لما انتهت.
    فمن اراد ان يصل الى الغاية التي خلق من اجلها عليه ان يتجنب كل هذه الامور ولا يرى نفسه الا ذنبا تفضل الله عليه وعرفه بحجته ويسال الله ان يجعل ذنبه بين عينيه حتى لا ينسى ماضيه واين كان ويتكبر على امر الله.

    ثانيا: خلوا دعوة الله من المغريات الدنيوية كالسلطة وغيرها .
    وذلك لان خليفة الله بعث لهداية الناس وارشادهم الى الطريق المستقيم الذي يكون فيه رضا الله سبحانه وتعالى والذي تكون نتيجته الجنة فمن اراد السير على الطريق المستقيم وصولا الى رضا الله والجنة عليه ان يعلم ان طريق الجنة وعر وذات الشوكة لان الجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات كما قال رسول الله ص: (حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات)( مستدرك سفينة البحار: ج6 ص94.
    كما وروي عن رسول الله ص انه قال : لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فجاءها ونظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها قال فرجع إليه قال فوعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر بها فحفت بالمكاره فقال ارجع إليها فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها قال فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره فرجع إليه فقال وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد قال اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فإذا هي يركب بعضها بعضا فرجع إليه فقال وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال ارجع إليها فرجع إليها فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها.
    فالمكاره هي الأمور التي تكرهها النفس لمشقتها ، فلا يصل إلى الجنة أحدٌ إلا إذا تجرَّع من غصص هذه المكـاره التي تحيط بها ، فالطريق إليها ليس سهلاً, بل هو طريق وعـرٌ محفـوف بالمتاعب والآلام وتحمل المشقة والتضحيات.
    وبذل كل ما في الوسع, فهو ليس طريقًا مليئًا بالمتع والشهوات والنزوات, فمن أراد الجنة ونعيمها فليوطِّن نفسه لتحمل هذه المكاره التي حُفت بها الجنة والتي ينبغي على من يريد الجنة أن يؤديها ويقـوم بها خير قيام كالصبر على المحن والبلايا والمصائب التي يتعرض لها المؤمن السائر الى الله بسب شياطين الجن والانس .
    الامر الاخر الصبر على الطاعـة التي تشق على النفس كالجهاد في سبيل الله والصبر عن المعصية والتسليم لخليفة الله وسحق الانا والتغلب على اعدا اعداء الانسان وهي النفس فمن عرف بعد السفر استعد .
    فالجنة لا ينالها ويحظى بنعيمها الدائم إلا من تخطى شدائد دنيــاه, مجاهدًا نفسه,صابرًا على ما يصيبه, راضيًا بقضاء الله تعالى,قائمًا بتكاليف الإسلام خير قيام,مضحيًا بالنفس والمال في سبيل نيل مطلوبه,فالجنة هي الثمن الذي اشترى الله به نفوس المؤمنين وأموالهم,
    قال تعالى: ( إنّ اللهَ اشترى من المؤمنين أنفُسَهمْ وأموالَهمْ بأنَّ لهمُ الجنّة َيُقاتِلون في سبيل ِاللهِ فيَـقتُـلونَ ويُـقتَـلونَ وعْـدًا عليهِ حقًا في التوراةِ والإنجيل ِوالقرآن ِومَنْ أَوْفـَى بعهدِهِ مِنَ اللهِ فاسْتَبشِرُوا بِبَيْعكمُ الذي بايَعْتُمْ به وذلك هو الفوزُ العظيـمُ) {التوبة:111}
    فطريق خليفة الله او طريق الجنة ( لان خليفة الله هو الجنة الحقيقية ) طريق وعر خال من المغريات الدنيوية لذا على الانسان ان يعلم ان الدنيا والاخرة ضرتان لا تجتمعان في قلب انسان فمن توجه الى احداهما ترك الاخرة خلف ظهره فمن اراد الدنيا لايجدها مع خليفة الله كما ورد
    عن أميرالمؤمنين عليه السّلام (مَن أحبّنا أهل البيت فَليُعِدّ للفَقر جلباباً ...) : بحار الأنوار ج58 ص 135
    قال رجل لمحمد بن على عليه السلام (و الله انى لاحبّكم اهل البيت . قال عليه السلام : فاتّخذ للبلاء جلبابا.) بحارج 46 ص360

    وذلك لان الدنيا دار اختبار وابتلاء فمن كان يبحث فيها عن راحة لا يستطيع مواكبة خليفة الله لان خليفة الله جاء ليعرف الناس حقيقة هذه الدنيا وانها جيفة
    وانها سجن المؤمن فيجب ان يزهد فيها ولا يطلب فيها العلوا ولا الفساد بل عليه ان يطلب الدار الاخرة قال تعالى ((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص:83)

    وهذا الامر لا يوافق طلاب الدنيا والمنصب والجاه لانهم يريدون العلوا والرفعة والسمعة والمكانة في الدنيا ومثل هذه الامور لا يجدونها في دين الله ومع خليفة الله فسبحان الذي جرد دينه من مغريات الدنيا

    قال الامام احمد الحسن ع (.....وهكذا دائماً فإنّ الله سبحانه وتعالى يجرّد دينه والدعوة إليه من أي مغريات دنيوية أو سلطوية ليدخل في دينه ويجاهد في سبيله من يدخل ويجاهد، وهو لا يريد إلاّ الله ووجه الله، هكذا دائماً حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات، فدين الله الحق لا يُحف بالشهوات بل بالمكاره فالتفتوا يا أولي الألباب.

    قال رسول الله ص: (حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات)( مستدرك سفينة البحار: ج6 ص94.

    وقال رسول الله ص: (الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو)( مستدرك سفينة البحار: ج6 ص94. ))كتاب الجهاد باب الجنة تحت عنوان الجهاد لماذا

    ثالثا : حب الحياة و الخوف من الموت
    نبدا باولا حب الحياة :
    إن حب البقاء في الدنيا ليس مذموماً مطلقاً، وإنما يختلف بالغايات والأهداف، فمن أحبّه لغاية سامية، كالتزود من الطاعة، واستكثار الحسنات، فهو مستحسن. ومن أحبّه لغاية دنيئة، كممارسة الآثام، واقتراف الشهوات، فذلك ذميم مقيت،
    كما قال الامام زين العابدين عليه السلام: «عَمّرني ما كان عمري بِذلة في طاعتك، فاذا كان عمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك».
    رؤية الإمام(عليه السلام) هي انّ هذه الحياة مرادة مادامت تساهم في تحقيق سعادة الإنسان ورفاهه في حياته الاُخروية الأبدية. أمّا إذا كانت كيفية حياته في هذا العالم سبباً لمضاعفة اثقاله وآلامه وعذابه وشقائه في عالم الآخرة أو حرمانه من بعض الكرامات فانّها لا تكون مرادة،

    وذلك لان الله خلق الانسان وخَلَقَ معه الدنيا، فكم أخذ مِن الدنيا وكم يعطيها، وهل الدنيا لذاتها هدف للانسان أم إنها وسيلة لهدف آخر؟
    قال تعالى {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}[غافر: 39],
    وقال: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: 16-17
    وقال: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: 3],
    وقال سبحانه: {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}[محمد: 36],

    وقال تعالى (فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فانّ الجنة هي المأوى» (النازعات: 37 - 41) )
    هذا وصف القران للدنيا وحقيقتها لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الاموال والاولاد والنتيجة لمن اثرها على الاخرة هو (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)
    لماذا لان الله لم يخلقنا للدنيا بل خلقنا للاخرة فالدنيا ما هي الا دار ممر والاخرة هي دار المقر فعلى المؤمن ان ياخذ من ممره الى مقره ولا تكن الدنيا منتهى همه ومبلغ علمه فهي ليست بدارنا ولا منزلنا الذي خلقنا لاجله
    قال امير المؤمنين ع (الاَ وَإِنَّ هذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَتَرْغَبُونَ فِيهَا، وَأَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَتُرْضِيكُمْ، لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ، وَلاَ مَنْزِلِكُمُ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَلاَ الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَة لَكُمْ وَلاَ تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا، وَهِيَ وَإِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا، فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا، وَأَطْمَاعَهَا لِتَخْوِيفِهَا، وَسَابِقُوا فِيهَا إِلَى الدَّارِ الَّتي دعِيتُمْ إِلَيْهَا، وَانْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا، ......... (! نهج البلاغة ص 356
    ونستخلص مما أسلفناه أنّ الدنيا المذمومة هي التي تخدع الانسان، وتصرفه عن نصرة خليفة الله والتأهب للحياة الأخروية.

    اما بالنسبة لثانيا وهو الخوف من الموت :
    إذا سألت أي إنسان عن سبب خوفه من الموت فلا يخرج جوابه عن الأمورالتالية.
    1- الجهل بحقيقة الموت 0
    2- الشعور بالخطيئة من الذنوب والمعاصي 0
    3- الافتراق عن الأحبة والملذات والآمال 0
    اولا: الجهل بحقيقة الموت 0

    لكي نقدّم إجابة صحيحة عن هذا السؤال لابدّ أن نتعرّف على المنشأ الأساسي للخوف من الموت ونباشر معالجته من تلك النقطة.
    هل الموت من لوازم الحياة الانسانية ام لا وهل يمكن الفرار منه ؟؟؟
    الجواب واضح لكل عاقل لا يمكن الفرار من الموت كما
    قال تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُون} [العنكبوت:
    وقال تعالى(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...)
    مادام الأمر كذلك فلماذا نخاف من الموت هل ان الموت يعني الفناء والإنعدام المحتوم للانسان بحيث لا يبقى له أيّ أثر من وجوده وحياته ؟؟
    من اعتقد بهذا الاعتقاد من الطبيعي أن يستولي عليه الرعب،
    ويستوحش دوماً من هذه الأحوال في المستقبل ومصيره المحتوم الذي رسمته يد القضاء، ولا مفرّ له من ذلك.
    ولكنْ لو التفت إلى أن حقيقة الموت ليست العدم والزوال والفناء، بل سوف يعود بعد الموت لان الموت ما هو الا انتقال النفس من دار الى دار.
    قال الامام احمد الحسن ع (...... انه انتقال النفس الإنسانية من دار إلى دار والحق إن الموت تكامل في الإحساس والشعور ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (قّ: 22) ، بل إن القرآن أنكر هذا الفهم السقيم للموت قال تعالى :-
    ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران:169) كتاب شئ من تفسير الفاتحة
    اذن الحياة الحقيقية والابدية للانسان والخلود والدوام والبقاء تتيسّر في عالم الآخرة وانّ الحياة الدنيا فانية وزائلة من هنا على العاقل ان يختار حياته الابدية اما ان يكون خالدا منعما او يكون خالدا معذبا فالموت يدرك الكل وكلا يوفى اجره يوم القيامة قال تعالى
    (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...)
    فالاجير يعطى على قدر عمله ان كان خيرا فخير وان كان شرا فشر (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾.سورة الزلزلة : 7-8
    فمن أراد الفوز بالآخرة فعليه بتقوى الله والعمل لاخرته وتقديم الآخرة على الدنيا والسعي لها قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً)الإسراء: 19,
    اذن نيل الاخرة ودرجاتها لا يكون الا بالسعي والعمل الصالح بشرط ان يكون مؤمنا بخليفة الله وان لم يكن مؤمنا بخليفة الله وان سعى لايقبل منه عمل فقبول الاعمال مشروط بالايمان بخليفة الله (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً)الإسراء: 19,
    وافضل الاعمال هو الجهاد بين يدي خليفة الله باللسان واللسنان وان تعرض المؤمن للاذى والمشقة فالجنة حفت بالمكاره فالذي لا يريد ان يعرض نفسه للاذى وتحمل المشقة والجهاد بين يدي خليفة الله تجده اول الفارين من الموت فسبحان الذي جعل الجهاد بين يدي خليفة الله مائزا يميز به الخبيث من الطيب
    قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾(البقرة: 216.
    قال الامام احمد الحسن ع (ويبقى أنّ الجهاد كتب وهو كره لكم فليس هيناً أن يبيع الإنسان نفسه؛ ولذا كان هذا البيع لله سبحانه وكان الثمن الجنة:
    ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾(التوبة: 111.
    فسبحان الذي جعل الجهاد امتحاناً يميز به الخبيث من الطيب، والصالح من الطالح والصادق من الكاذب، قال تعالى:
    ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾(ال عمران: 142.
    وكذلك ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾( التوبة: 16.
    وفي النهاية يجب أن يعلم المؤمنون أن النتيجة الحتمية للجهاد هي النصر على النفس والشيطان وزخرف الدنيا والهوى وخروج من الظلمات الى النور، وهي نتيجة عظيمة وكافية سواء رافقها النصر المادي في ساحة المعركة أم لا
    ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾(النساء: 74. كتاب الجهاد باب الجنة إضاءة من جهاد المسلمين مع رسول الله <ص>
    فاولياء الله يقاتلون في سبيل الله ولا ينظرون الا لرضا الله فلا يهمهم ان وقعوا على الموت او وقع الموت عليهم لانهم اولياء الله وفي الموت فراقا لاعداء الله ولقاءا لاحباء الله اما المنافقين فيفرون من الجهاد خوفا من الموت قال تعالى
    (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ للهِِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)
    ونظير هذه الآية جاء في موضع آخر من القرآن:
    قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الاْخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ على حَيَاة وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَة وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ25.

    تشير الآيات المذكورة إلى أن على أولياء الله تمني الموت؟
    السؤال : لماذا كان أولياء الله يودّون الرحيل من الدنيا؟
    ولماذا يحلو الموت لدى أولياء الله الطيبين إلى هذا المستوى؟
    ولماذا يقول أمير المؤمنين(عليه السلام):«والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه)
    بالمقابل يخبرنا القران ان طلاب الدنيا او اعداء الله يفرون من الموت بل ويتمنى احدهم ان يعمر الف سنة؟؟
    الظاهر من الايات هو انّ عالم الآخرة هو عالم اللقاء مع الله عزّوجلّ وبما انّ المحبّ يودّ رؤية محبوبه، فإذا كنتم صادقين في ادعائكم حبّ الله وولايته فتمنّوا الموت كي تسرعوا إلى لقاء الله تعالى الا يحب الحبيب لقاء حبيبه .
    انّ تمني الموت من قِبل أولياء الله هو من أجل لقاء محبوبهم بعد الموت حيث فصلتهم الحياة المادية عن محبوبهم، وبالموت يرتفع هذا المانع وينالون لقاء محبوبهم، فإنّ المقصود الأصيل للانسان هو النِعم الاُخروية والكرامات الإلهية ورضا الله ولقاؤه. ولذا يتمنّى الموت لتحصيلها ويقول: ليتني أرحل سريعاً فأصِل إلى هناك،

    اما طلاب الدنيا او اعداء الله فانهم يفرون من الموت من اسباب فرار طلاب الدنيا من الموت :
    الشك في الحياة الاخرة :
    الشك في إحياء الموتى وبعث الخلق للحساب والجزاء.
    فمن الناس من يكون أحدهم شاكا في البعث فيرى أن الموت ربما يكون عدما محضا، وربما يكون البعث بعد الموت حقيقة، ومن هنا يكون كارها للموت على كل حال.
    إن هذا المتردد في الإيمان باليوم الآخر لايكون من المِؤمنين، إذ أنه ليس على يقين من لقاء ربه، وفي هذا الصنف من الناس يقول الله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ. وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون. " (الجاثية 32/33).

    ثانيا ضعف الايمان
    ومن الناس من يكون ضعيف الإيمان جدا، فيتصرف تصرف الشاك المستبعد للقاء ربه، فإذا قام بعمل صالح يقوم به على ما تقتضيه العادة، أو على وجه المفاخرة أو حب الثناء عليه من الناس، أو نحو هذه المقاصد ولا يريد وجه الله بما يصدر عنه من عمل صالح، فإذا حل به الموت واجه الحقيقة واغتم لتفريطه.فمثل هؤلاء لا يحبون لقاء الله ومن لايحب لقاء الله لا يحب الله لقائه
    قال رسول الله ص: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه))
    ثالثا :عمارة الدنيا وخراب الاخرة
    فالذي عمر دنياه وخرب اخرته لايحب ان ينتقل من دار عمراها الى اخرى خربها
    فهم عمروا دار الخراب، فكرهوا أن ينتقلوا من العمار إلى الخراب، قال رجل لأبي ذر - رحمة الله عليه - : ما لنا نكره الموت ؟ فقال : (لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة ، فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب ) الاعتقادات في دين الإمامية: ص57.
    فالعاقل لايؤثر العاجلة على الاجلة وليس لأنفسنا ثمن إلا الجنة فكيف نبيعها بشهوة أيام وثمن بخس، دون النظر إلى عواقب الأمور وما سيأتي بعد الموت وينتظرنا من حياة أبدية.
    قال الإمام الباقر «عليه السلام» لهشام: «يا هشام ان العقلاء زهدوا في الدنيا، ورغبوا في الآخرة، لأنهم علموا ان الدنيا طالبة ومطلوبة، وان الآخرة طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه وآخرته» أصول الكافي ج1 كتاب العقل والجهل.
    والموت نوعان موت ممدوح وموت مذموم :
    قال الامام احمد الحسن ع (.....نوع مذموم) وهو جعل الجسد تابوتاً للروح بإتباع الهوى وعبادة الأنا وحب الدنيا وموالاة عدو الله ومعادة ولي الله وتقمص مقامه..........
    2- (نوع ممدوح) وهو الارتقاء بالروح عن الجسد، قال رسول الله <ص>: (من أراد أن ينظر إلى ميت يسير على الأرض فلينظر إلى علي بن أبي طالب ع)، وقال ع: (إنما كنت جاراً جاوركم بدني أياماً) الكافي : ج1 ص299 ح6.
    أي إنّ روحه معلقة بالملأ الأعلى، بل إن من يموت بهذا الموت الممدوح حيٌ وإن مات بدنه، .... قول الرسول <ص>: (أيها الناس خذوها عن خاتم النبيين <ص> إنه يموت من مات منا وليس بميت ويبلى من بلي منا وليس ببال فلا تقولوا بما لا تعرفون. فإن أكثر الحق فيما تنكرون واعذروا من لا حجة لكم عليه). المتشابهات

    رابعا الشعور بالخطيئة من الذنوب والمعاصي 0
    طبعا بالنسبة لشعور الانسان بالخطيئة والتقصير في حق الله وخليفته امرا ممدوحا اذا كان الانسان موالينا لخليفة الله عاملا بين يديه مجاهدا بماله ونفسه وما يملك رغم هذا يرى نفسه مقصرا مع خليفة الله لانه يعلم ان كل ما يملك ابتداء من نفسه وانتهاءا بملكه هو ملك لخليفة الله مثل هذا الانسان شعوره بالتقصير ممدوح .
    اما اذا كان شعور الانسان بالخطيئة والمعصية والتقصير داعيا الى الياس من روح الله والقنوط وبالتالي يكون سببا في فراره من الموت الذي لابد منه فهذا الامر مذموما عند الله
    قال تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ - الزمر : 53.
    فالمعاصي والذنوب يغفرها الله ولوا كانت بعدد زبد البحر وورق الشجر لكن بشرط وهو قال تعالى: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ - الاحقاف : 13.
    سؤال موجه من احد السائلين الى مولانا الامام احمد الحسن ع في قوله تعالى
    سؤال 150 :قال تعالى ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ - الزمر : 53.
    وقال تعالى: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ - الاحقاف : 13.
    فالآية الأولى تعد بمغفرة جميع الذنوب ، والثانية ببعض الذنوب ، فكيف الجمع بين الاثنين ؟
    قال الامام احمد الحسن ع (الذنوب بينكم وبين العباد لا تغتفر إلا بإعادة الحقوق إلى أصحابها، وتحصيل براءة الذمة منهم، هذا قانون عام ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ أي يغفر الله الذنوب التي بينكم وبينه أما الذنوب مع العباد فلابد من تحصيل براءة الذمة وإعادة الحقوق لأصحابها وفي دعاء يوم الاثنين للإمام زين العابدين ع

    (… وأسألك في مظالم عبادك عندي، فأيما عبد من عبيدك أو أمَة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في نفسه أو في عرضه أو في ماله أو في أهله وولده أو غيبة اغتبته بها أو تحامل عليه بميل أو هوى أو أنفة أو حمية أو رياء أو عصبية غائباً كان أو شاهداً وحياً كان أو ميتاً، فقصرت يدي وضاق وسعي عن ردها إليه، والتحلل منه. فأسألك يا من يملك الحاجات وهي مستجيبة لمشيئته ومسرعة إلى إرادته أن تصلي على محمد وآل محمد وأن ترضيه عني بما شئت، وتهب لي من عندك رحمة إنه لا تنقصك المغفرة ولا تضرك الموهبة يا أرحم الراحمين) ( - الصحيفة السجادية / دعاؤه ع يوم الاثنين .

    أي يغفر لكم بينكم وبين العباد بالدعاء والتوسل إليه سبحانه بأن يكون هو الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها (إذا ضاق وسعي وقصرت يدي) وهذا هو القانون الخاص (وبه يصبح غفران الذنوب جميعاً).
    وهناك طريق لغفران الذنوب جميعاً يسيرقال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ البقرة 245.
    وعن أهل البيت ع هي: (في صلة الإمام) ( - انظر : الكافي : ج1 ص537، باب صلة الامام ع . (وعنهم ع هي: (في صلة الرحم، والرحم رحم آل محمد خاصة) (فص- بحار الأنوار : ج24 ص279 ح6.
    والرحم هو رحم محمد وال محمد ع (وعنهم ع هي: (في صلة الرحم والرحم رحم آل محمد خاصة) (فص- بحار الأنوار : ج24 ص279 ح6.
    وعن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم ع قال: (سألته عن قول الله عز وجل: من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم، قال: نزلت في صلة الامام). انظر: الكافي : ج1 ص537، باب صلة الامام
    فصلة الإمام يعبر عنها الله سبحانه وتعالى بأنها قرض له سبحانه وتعالى وهو الذي يسدده وصلة الإمام تكون بصور: منها: الصلة بالمال، والصلة بالعمل معه والجهاد بين يديه باللسان والسنان لإثبات حقه ع
    وأكيد أن العمل مع الإمام أفضل من إعطاء المال له لأن العمل يرهق جسد الإنسان، وربما كان فيه هلاك جسده إذا جاهد بين يدي الإمام باللسان والسنان.
    فكم هي الرحمة عظيمة إذا كان الحجة بين أظهر الناس، حيث فُتح هذا الباب العظيم، وهو أن يكون الإنسان بصلة الإمام ع قد أقرض الله، فيقف يوم القيامة بين يدي الله فيوفيه الله هذا القرض، وهذا العبد لو جاء بعدد رمال البر ذنوباً لغُفرت له؛ لأن له قرضاً عند الله ديان يوم الدين، وهو يعطي الكثير بالقليل، وعطاؤه بلا حساب، فيسدد الله جميع ديون هذا العبد، وذنوبه مع العباد، ويدخله الجنة بغير حساب.


    خامسا الافتراق عن الأحبة والملذات والآمال 0

    صحيح أن الله تبارك وتعالى قد فطر في الإنسان غريزة النوع وغريزة حب البقاء، ولكن نهاه وحذره من أن يجعل الدنيا وشهواتها في رأس سلم أعماله وقيمه، وأوجب عليه أن يجعل حب الله عز وجل ورسوله ص وما يقتضيه هذا الحب من طاعة والتزام بدينه وإيثار للآخرة على الدنيا فوق كل شيء
    قال الله تبارك وتعالى: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ َوإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)التوبة: 24.
    وقال تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14)إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ(15)فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(16) ﴾
    اعلم اذا مات العبد فلا رجعة للدنيا، ويوم العرض لا ينفعه إلا عمله، فإن كان خيراً فخيراً وإن كان شراً فلا يلومن إلا نفسه، فلا ينفعه والده ولا ولده ولا الناس أجمعين
    قال الله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)لقمان: 33،
    ولا ينفعه أقرباؤه أو أقرانه قال تعالى: (فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)عبس: 33-37
    ولا ماله قال الله: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ}[الحاقة: 28]،
    كما على العاقل ان ياخذ العبرة والعضة ممن سبقة من الصالحين والطالحين
    ومن عبر الطغاة والجبارين ما قاله المنصور لمّا حضرته الوفاة «بعنا الآخرة بنومة».
    وردّد هارون الرشيد وهو ينتقي أكفانه عند الموت: « مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ » (الحاقة: 28 - 29).
    وقيل لعبد الملك بن مروان في مرضه: كيف تجدك يا أبا مروان؟ قال: أجدني كما قال اللّه تعالى (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ » (الأنعام: 94
    تقول إنك تخاف من الموت لأنك تخاف على عيالك الضيعة . الم تقرا قوله تعالى{ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (
    اذا خرجت الى الجهاد بين يدي خليفة الله ومت وبقوا عيالك من بعدك يتامى فاعلم انه كم من يتيم أصبح من أغنى الناس ٬ ألم تسمع بقصة الغلامين اليتيمين في سورة الكهف. وكيف أن الله حفظ مال والديهما بعد وفاتهما رحمة منه وفضلا.
    وعليك ان تسال نفسك هل تركت عيالك لغير الله ؟ ام انهم بعين الله ؟ أما وأنك قد تركتهم على الله فإن الله لن يضيعهم وخصوصا انك مهاجر الى الله بولي الله ومن اراد الهجرة الى الله عليه ان يترك الدنيا بما فيها المال والملك والعيال والزوجة والاولاد وكل ما يملك كما فعل ابراهيم الخليل ع
    فابراهيم ع كفر بالجبت والطاغوت و انقطع عن اهله وقومه بعد ان دعاهم لعبادة الله الواحد القهار فما كان منهم الا ان اججوا له نارا ليحرقوه
    ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ الصافات: 98﴿ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ الأنبياء: 70
    ها هو ينقطع عن أهله مهاجرا لله رب العالمين ﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾العنكبوت: 26
    فبعد ان هاجر ابراهيم ع من بلده واهله وعشيرته هاجر حتى من احب الخلق اليه وهو ولده الذي طالما كان يتطلع ولادته وكم اشتاق إليه وبعد أن أصبح معه حقيقة وفي أحضانه يؤمر بتركه ومفارقته هو وأمه في صحراء حيث مكة مكان رفع القواعد من البيت استشعر نفسك مكان إبراهيم أتترك ولدك الوحيد الذي جاء بعد شوق واشتياق وجاء على كبر أتترك الطفل الرضيع وأمه؟

    أين يتركهم في بيت بعيد أم في بلد بعيد عن عينيه أو أنه يتركهم عند قريب أو صديق له لا إنها صحراء حيث الهوام والسباع ووحوش الأرض بلا طعام أو شراب حسب نظرة اهل المادة
    هل تستطيع فعل هذا؟ اذن هو اختبار من الله ليرى من أحب إلى قلب إبراهيم الله العاطي الوهَّاب أم إسماعيل العطية والهبة وينجح إبراهيم في الاختبار،وما كان منه إلا أن قال لبيك اللهم لبيك،
    إن الله اختبر إبراهيم في أحب الأشياء إلي قلبه فعند اختبار الله لك في حبيب أو عزيز فهو دليل محبته فأراد الله أن يجرد قلب إبراهيم لله وحده حتى من الولد ومن كل حبيب سوى الحبيب الأول والأعظم وهو الله عز وجل.
    ولنتصور حال هاجر ع عندما تركها ابراهيم وهي تتمسك بثوبه وتقول لمن تتركنا يا ابراهيم وفي أي مكان افبمثل هذا المكان وابراهيم ع لم يجبها فهل صرخت كما يفعلن النسوة اليوم ام لحقت بابراهيم ع عندما تركها ام ماذا فعلت ع كانت ع تعلم انها تسير مع خليفة الله وحجة الله وكانت مسلمة له فسالته يا ابراهيم هل الله امرك ان تتركنا هنا ؟؟
    فاجابها ابراهيم ع نعم الله من امرني انظر ايها اللبيب ايها الموالي ايها المهاجر الى الله الى جواب هاجر ع هل قالت وكيف يامرك الله ان تتركنا هنا في هذا المكان واي مكان هو صحراء كما قال تعالى ﴿ رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ ﴾ خال من الناس فقط الوحوش والسباع بلا ماء ولا طعام
    ام انها عارفة بالله موقنة بالله مصدقة بالله وبخليفة الله ابراهيم انظر الى جوابها ع فقالت إِذاً لاَ يُضَيِّعُنَا، لا ضياع مع أمر الله بل الضياع كل الضياع في تضييع أمر الله
    انظر الى كلام أم إسماعيل الأم المحتسبة الصابرة الواثقة في أمر ربها أي إيمان هذا وأي ثقة هذه واي معرفة .
    لكن السؤال : كيف ترك ابراهيم ع زوجته وطفله الرضيع الذي طالما تمناه كيف تركهم وهو الغيور كيف تركهم وهو من قال للعاشر عندما اراد فك الصنوق الذي كانت بداخله سارة ع خذ ما شئت من الاموال والحلال ولا تنظر لزوجتي كيف تركهم وهو من دعى على الملك عندما اراد لمس سارة ع وقال يارب انت غيور وهذا الملك يريد لمس زوجتي فشل الله يد الملك فكيف ترك هاجر واسماعيل ع ؟؟؟

    ابراهيم ع اين ترك زوجته وولده الرضيع تركهم في ائمن مكان عند الله وبامان الله تركهم بين الصفا والمروى وبذلك ارجع الامانة الى اهلها وهاجر الى الله
    فلا تخشى على عيالك لانك تركتهم على الله فإن الله لن يضيعهم.
    اختم كلامي لمن يخاف الموت خشية الافتراق عن الاحبة والدنيا ببيان لمولانا امير المؤمنين ع
    قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنما الدنيا فناء وعَناء وغِيَر وعِبَر: .....ومن عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى اللّه لا مالاً حمل ولا بناءاً نقل. ومن غِيَرِها أنك ترى المغبوط مرحوماً، والمرحوم مغبوطاً، ليس بينهم الا نعيم زلّ، وبؤس نزل. ومن عِبَرها: ان المرء يشرف على أمله، فيتخطفه أجله، فلا أمَل مدروك، ولا مؤمّل متروك»( سفينة البحار ج 1 ص 467.
    رابعا: قلة العدد والعدة.
    ولعل أهم الشروط التي يعدها الناس ذات أهمية كبرى، وربما يتخذها بعضهم عذراً لتخلفه عن الجهاد والقتال في سبيل الله هي العدّة والعدد،
    قال الامام احمد الحسن ع ((لا شك أنّ هذا شرط لكل مواجهة قتالية فإذا لم تكن هناك عدّة وعدد كافٍ للمواجهة العسكرية فستكون هذه المواجهة صعبة وربما غير ممكنة، ولكن يبقى أنّ شروط المواجهة الهجومية بحسب المعادلة العسكرية الحديثة تتطلب أن يكون عدد المهاجمين ضعف عدد المدافعين، وطبعاً كلما رجحت عدّة المهاجمين القتالية أمكن تقليل هذه النسبة لصالح المهاجمين، هذا بحسب القياسات المادية البحتة.
    أمّا بالنسبة للمؤمنين فالأمر يأخذ منحنى آخر والمعادلة العسكرية لدى المؤمنين يدخل فيها الغيب لأنهم يؤمنون بالغيب
    ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ﴾( - ال عمران: 124 - 125.
    ولدى المؤمنين سلاح عظيم لا يملكه الجانب الآخر هو الدعاء، والاستغاثة بالله القوي العزيز

    : ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ - الانفال: 9.
    والله الذي يستغيث به ويؤمن به المؤمنون خالق القلوب وبيده القلوب فهو الذي يملؤها قوّة وثباتاً وهو الذي يجعلها خاوية خليَّة إلاّ من الرعب والانكسار:
    ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾( - الانفال: 12.

    ولذلك فإنّ المعادلة العسكرية للمواجهة تنقلب رأساً على عقب هنا، فيكفي للهجوم أن يكون عدد المهاجمين نصف عدد المدافعين الكفار، بل في بداية الإسلام كان يكفي أن يكون عدد المهاجمين المؤمنين عُشر عدد المدافعين:

    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ - الانفال: 65 - 66.

    والله سبحانه وتعالى يمد المؤمنين بالملائكة، ويقذف في قلوب أعدائهم الرعب حتى قبل أن يدعوه ويستغيثوا به سبحانه؛ لأنهم خرجوا في سبيله وابتغاء مرضاته ونصراً لدينه وأنبيائه ورسله، وهو أولى أن ينصر دينه وانبياءه ورسله، وإنما ابتلى الخلق بطاعتهم ونصرتهم ليعلم من يطيعه وينصره بالغيب:

    ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾( - الحديد: 25.

    وهكذا يرافق ﴿مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾ الثبات والملائكة وأيضاً الرعب في قلوب الذين كفروا، وكلها أسلحة غيبية يؤمن بها المؤمنون وتدركها بصائرهم:
    ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ - الانفال: 12.

    ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾( - ال عمران: 151.

    ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً﴾( - الاحزاب: 26.

    ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾( - الحشر: 2.

    وكما قدمت فإنّ عدد وعدّة المؤمنين الذين قاتلوا مع يوشع بن نون كانت أقل بكثير من الشعوب الكافرة التي واجهوها، وكذلك الحال بالنسبة لطالوت والجماعة المؤمنة الذين معه، بل إنّ في قصة طالوت وجماعته آية من الله سبحانه وتعالى، فداود الشاب وأصغر القوم سنّاً والذي تخلو يده من السلاح - فلم يكن معه إلاّ مقلاع وأحجار - يحقق الضربة القاضية على جيش جالوت ويقتل جالوت ويكون السبب الرئيسي في هزيمة جيش جالوت:

    ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ ﴾( البقرة: 251.

    لم تكن في هذه القصة فقط الفئة المؤمنة القليلة العدد الضعيفة العدّة غلبت الفئة الكافرة الكثيرة العدد القوية العدّة، بل إنّ أضعف عدد وأقل عدّة - داود وأحجاره - حققت النصر في هذه المعركة، لم يكن أحد من الناس حتى المؤمنون يحسب لداود - صغير السن - وأحجاره حساباً في هذه المعركة لكن الله تكلم بداود وبأحجار داود ، أراد الله أن يقول بهذه الآية أن لا قوّة إلاّ بالله.

    روي عن أبي عبد الله أنه قال: (القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلاً، فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه:
    ﴿ لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ و قال الذين لم يشربوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ﴾.
    فجاء داود حتى وقف بحذاء جالوت، وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التاج وفيه ياقوت يلمع نوره وجنوده بين يديه، فأخذ داود من تلك الأحجار حجراً فرمى به في ميمنة جالوت ، فمر في الهواء و وقع عليهم فانهزموا، وأخذ حجراً آخر فرمى به في ميسرة جالوت فوقع عليهم فانهزموا، ورمى جالوت بحجر ثالث فصك الياقوتة في جبهته ووصل إلى دماغه ووقع إلى الأرض ميتاً فهو قوله:
    ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ﴾ )( - تفسير القمي : ‏ج1 ص83 .
    فينبغي أن تأخذ معادلة العدّة والعدد منحنى آخر إذا كان القتال في سبيل الله فيكون النظر إليها محدوداً، لا إنها تمثل عائقاً دائماً عن الجهاد والقتال في سبيل الله، فالمطلوب أعدوا لهم ما استطعتم والباقي على الله سبحانه وتعالى:
    ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾( - الانفال : 60.
    وآمنوا وتيقنوا أنه ما النصر إلا من عند الله: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾( - البقرة: 249.

    فيأبى الله سبحانه وتعالى إلاّ أن يبيّن أحقية الرسل وأتباعهم وذلك عندما يكونون قلّة مستضعفة فينصرهم الله على عدوه وعدوهم مع أنهم كثرة متعالية مستكبرة.
    وهكذا دائماً فإنّ الله سبحانه وتعالى يجرّد دينه والدعوة إليه من أي مغريات دنيوية أو سلطوية ليدخل في دينه ويجاهد في سبيله من يدخل ويجاهد، وهو لا يريد إلاّ الله ووجه الله، هكذا دائماً حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات، فدين الله الحق لا يُحف بالشهوات بل بالمكاره فالتفتوا يا أولي الألباب.
    قال رسول الله : (حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات)( - مستدرك سفينة البحار: ج6 ص94.
    وقال رسول الله : (الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو)( - مستدرك سفينة البحار: ج6 ص94. كتاب الجهاد باب الجنة ص 23
    خامسا: الفرقة في المجتمع الايماني.
    من ضمن اسباب تخلف الامة عن نصرة خليفة الله هو الفرقة في المجتمع المؤمن فعندما يامر خليفة الله المؤمنين بالجهاد يعترض البعض لان المجتمع الايماني غير متوحد وبسبب عدم الوحدة يخذل خليفة الله .
    قال الامام احمد الحسن ع (( الوحدة ضرورية لأي مجتمع قتالي وإلاّ فإنّ الفرقة في المجتمع القتالي نتيجتها الهزيمة لا محالة
    ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُـولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّـابِرِينَ﴾( الانفال: 46.
    وخصوصاً إذا كانت المواجهة مع عدو متفوق بالعدّة والعدد،
    ولكن هذه الوحدة لم تتحقق فيما مضى، فلم يكن بنو إسرائيل مع موسى أو مع يوشع أو داوود وسليمان متحدين، بل يوجد كثير وكثير جداً من المنافقين الذين لا يسلم موسى نفسه من ألسنتهم فضلاً عن غيره:
    ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾( الصف: 5.

    ومع ذلك لم يتوانَ هؤلاء الأنبياء عن الجهاد والقتال في سبيل الله، وكان المسلمون مع رسول الله غير متحدين بل هذا غير راضٍ عن هذا وهذا ينافق على هذا، وهم يقاتلون مع رسول الله حتى ورد عن الإمام الصادق في قراءة هذه الآية هكذا:
    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ بالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾( التوبة: 101.
    ومع علي بن أبي طالب أمر الفرقة والتشتت أبين من الشمس، حتى حملوه آلاماً ملأت كبده قيحاً، ومرّات ردّد هذا المعنى: (عجبت من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)(
    وقال عندما ضربه بن ملجم لعنه الله: (فزت ورب الكعبة)، ولم يكن فقط فوزاً برضا الله سبحانه وتعالى والجنة، بل أيضاً كان فوزاً بالخلاص من أولئك القوم الذين كانوا يدّعون أنهم شيعة وجرّعوه الغصص نتيجة اختلافهم وتشتت آرائهم وعدم توحدهم على كلمة إمامهم. فالنتيجة الوحدة بشكل كامل غير متحصلة في الماضي،
    فالمطلوب إذاً وحدة مجموعة معتد بها والتفافهم حول الحق على أن تكون لهذه المجموعة العدّة والعدد للجهاد والقتال في سبيل الله، ولو بانضمام جماعة من المنافقين فيما بعد، أي الذين دخلوا في الاسلام ولم يدخل الايمان في قلوبهم
    ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ - الحجرات: 14.كتاب الجهاد باب الجنة ص 27

    سادسا: قلة الوعي في المجتمع الايماني.
    من ضمن اسباب تخلف البعض عن الجهاد مع خليفة الله قلة الوعي في المجتمع الايماني وذلك لان الثورة تحتاج الى مجتمع ايماني واعي لفكرة الثورة الالهية .
    قال الامام احمد الحسن ع ((.............فقلة وعي المجتمع لفكرة الثورة الإلهية لا يكون مانعاً للجهاد والقتال لإعلاء كلمة الله، ولكنه يكون عائقاً وعقبة تزول مع الوقت، بل إنّ فيه امتحاناً للمؤمنين ولحالهم ومدى يقينهم ورسوخ إيمانهم بالقتال لإعلاء كلمة الله مع ولي الله وخليفته في أرضه أو من ينصبه هو للقيام بهذا الأمر.
    فالوقوف عكس التيار ليس بالأمر اليسير ولكنه حال جميع الأنبياء والمرسلين ومن اتبعهم من المؤمنين، فلم يستقبل قوم نبياً بالأحضان كما هو بين في القرآن والكتب السماوية، ولم ينهض معه قومه للقتال وإعلاء كلمة الله ولكن آمن معه قليل، ونصره قليل، أو كما يعبر عنهم العلماء غير العاملين:
    ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ ( - هود : 27.
    فمع طالوت يعبر النهر فقط (313) رجلاً، وهم أيضاً العدّة التي مع رسول الله في بدر، وهم أصحاب القائم أيضاً، قال تعالى:
    ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾( - البقرة : 249 - 250.كتاب الجهاد باب الجنة ص 28
    نسال الله ان يمكن لقائم ال محمد ع وان يجعلنا كالحجر في يمينه انه حميد مجيد
    والحمد لله وحده الشيخ نعيم الشمري
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎