إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

ماورد في ذكر ذي القرنين ؟؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • kehf_alfetya
    مشرف
    • 23-06-2012
    • 380

    ماورد في ذكر ذي القرنين ؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدثني محمد بن نصير قال : حدثنا محمد بن عيسى [ عن حماد بن عيسى ] عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عزوجل حجة على عباده فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه ، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتى قيل : مات أو هلك بأي وادسلك ، ثم ظهر ورجع إلي قومه فضربوه على قرنه الاخر ، وفيكم من هو على سنته ، و إن الله عزوجل مكن لذي القرنين في الارض ، وجعل له من كل شيء ( 1 ) سببا ، وبلغ المغرب والمشرق ، وإن الله تبارك وتعالى سيجري سنته في القائم من ولدي فيبلغه شرق الارض وغربها حتي لا يبقى منهلا ولا موضعا من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلا وطئه ، ويظهر الله عزوجل له كنوز الارض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، فيملأ الارض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما . كمال الدين وتمام النعمة ص 394

    حدثنا به محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن سعيد البصري قال : حدثنا محمد بن عطية قال : حدثنا عبد الله بن عمر [ و ] بن سعيد البصري قال : حدثنا هشام بن جعفر ابن حماد ، عن عبد الله بن سليمان وكان قارئا للكتب قال : قرأت في بعض كتب الله عزوجل إن ذا القرنين كان رجلا من أهل الاسكندرية وأمه عجوز من عجائزهم وليس لها ولد غيره يقال له : إسكندروس ، وكان له أدب وخلق وعفة من وقت ما كان غلاما إلى أن بلغ رجلا ، وكان [ قد ] رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه ذا القرنين ، فلما رأى هذه الرؤيا بعدت همته وعلا صوته وعز في قومه .
    وكان أول ما اجتمع عليه أمره أن قال : أسلمت لله عزوجل ، ثم دعا قومه إلى الاسلام فأسلموا هيبة له ، ثم أمرهم أن يبنوا له مسجدا فأجابوه إلى ذلك فأمر أن يجعلوا طوله أربعمائة ذراع ، وعرضه مائتي ذراع ، وعرض حائطه اثنين وعشرين ذراعا ، وعلوه إلى السماء مائة ذراع ، فقالوا له : يا ذا القرنين كيف لك بخشب يبلغ ما بين الحائطين ؟ فقال لهم : إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب حتى يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذا فرغتم من ذلك فرضتم على كل رجل من المؤمنين على قدره ( 1 ) من الذهب والفضة ، ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر وخلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفائح من نحاس تذيبون ذلك وأنتم متمكنون من العمل كيف شئتم على أرض مستوية ، فإذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب ، فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذهب والفضة .
    فبنوا المسجد وأخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف بما فيه واستغنى ، فجندهم أربعة أجناد في كل جند عشرة آلاف ، ثم نشرهم في البلاد ، وحدث نفسه بالمسير ، واجتمع إليه قومه فقالوا له : يا ذا القرنين ننشدك بالله ألا تؤثر علينا بنفسك غيرنا ، فنحن أحق برؤيتك وفينا كان

    مسقط رأسك ، وبيننا نشأت وربيت ، وهذه أموالنا وأنفسنا فأنت الحاكم فيها ، وهذه أمك عجوز كبيرة وهي أعظم خلق الله عليك حقا ، فليس ينبغي لك أن تعصيها وتخالفها ، فقال لهم : والله إن القول لقولكم وإن الرأي لرأيكم ولكنني بمنزلة المأخوذ بقلبه وسمعه وبصره ، يقاد و يدفع من خلفه ، لا يدري اين يؤخذ به وما يراد به ولكن هلموا يا معشر قومي فادخلوا هذا المسجد وأسلموا عن آخركم ولا تخالفوا علي فتهلكوا .
    ثم دعا دهقان ( 1 ) الاسكندرية فقال له : اعمر مسجدي وعز عني أمي ، فلما رأى الدهقان جزع أمه وطول بكائها احتال لها ليعزيها بما أصاب الناس قبلها وبعدها من المصائب والبلاء ، فصنع عيدا عظيما ثم أذن مؤذنه يا أيها الناس إن الدهقان يؤذنكم لتحضروا يوم كذا وكذا ، فلما كان ذلك اليوم أذن مؤذنه اسرعوا واحذروا أن يحضر هذا العيد إلا رجل قد عرى من البلايا والمصائب ، فاحتبس الناس كلهم وقالوا : ليس فينا أحد عري من البلاء ما منا أحد إلا وقد أصيب ببلاء أو بموت حميم ، فسمعت أم ذي القرنين هذا فأعجبها ولم تدر ما يريد الدهقان ، ثم إن الدهقان بعث مناديا ينادي فقال : يا أيها الناس إن الدهقان قد أمركم أن تحضروه يوم كذا وكذا ولا يحضره إلا رجل قد ابتلي وأصيب وفجع ولا يحضره أحد عرى من البلاء فإنه لا خير فيمن لا يصيبه البلاء ، فلما فعل ذلك ، قال الناس : هذا رجل قد كان بخل ثم ندم فاستحيا فتدارك أمره ومحا عيبه ، فلما اجتمع الناس خطبهم :
    فقال : يا أيها الناس إني لم أجمعكم لما دعوتكم له ولكني جمعتكم لاكلمكم في ذي القرنين وفيما فجعنا به من فقده وفراقه فاذكروا آدم

    عليه السلام فإن الله عزوجل خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته ، وأكرمه بكرامة لم يكرم بها أحدا ثم ابتلاه بأعظم بلية كانت في الدنيا وذلك الخروج من الجنة وهي المصيبة التي لا جبر لها ، ثم ابتلى إبراهيم عليه السلام من بعده بالحريق وابتلى ابنه بالذبح ، ويعقوب بالحزن والبكاء ، ويوسف بالرق ، وأيوب بالسقم ، ويحيى بالذبح ، و زكريا بالقتل ، وعيسى بالاسر ( 1 ) وخلقا من خلق الله كثيرا لا يحصيهم إلا الله عزوجل .
    فلما فرغ من هذا الكلام قال لهم : انطلقوا فعزوا أم الاسكندروس لننظر كيف صبرها فإنها أعظم مصيبة في ابنها ، فلما دخلوا عليها قالوا لها : هل حضرت الجمع اليوم وسمعت الكلام ؟ قالت لهم : ما خفي عني من أمركم شيء ولا سقط عني من كلامكم شيء ، وما كان فيكم أحد أعظم مصيبة باسكندروس مني ، ولقد صبرني الله تعالى وأرضاني وربط على قلبي ، وإني لارجو أن يكون أجري على قدر ذلك ، وأرجو لكم من الاجر بقدر ما رزيتم من فقد أخيكم وأن تؤجروا على قدر ما نويتم في أمه وأرجو أن يغفر الله لي ولكم ويرحمني وإياكم ، فلما رأوا حسن عزائها وصبرها انصرفوا عنها وتركوها ، وانطلق ذو القرنين يسير على وجهه

    حتى أمعن في البلاد يؤم في المغرب ، وجنوده يومئذ المساكين ، فأوحى الله جل جلاله إليه يا ذا القرنين أنت حجتي على جميع الخلائق ما بين الخافقين من مطلع الشمس إلى مغربها ، وحجتي عليهم ، وهذا تأويل رؤياك .
    فقال ذو القرنين : يا إلهي إنك قد ندبتني لامر عظيم لا يقدر قدره غيرك ، فأخبرني عن هذه الامة بأي قوة اكابرهم ( 1 ) ؟ وبأي عدد أغلبهم ، وبأية حيلة أكيدهم ، وبأي صبر اقاسيهم ، وبأي لسان اكلمهم ، وكيف لي بأن أعرف لغاتهم ، وبأي سمع أعي كلامهم ، وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة اخاصمهم ، وبأي قلب أعقل عنهم ، وبأي حكمة ادبر امورهم وبأي حلم اصابرهم ، وبأي قسط أعدل فيهم ، وبأي معرفة أفضل بينهم ، وبأي علم أتقن امورهم ، وبأي عقل احصيهم ، وبأي جند اقاتلهم ؟ فإنه ليس عندي مما ذكرت شيء يا رب ، فقوني عليهم فإنك الرب الرحيم الذي لا تكلف نفسا إلا وسعها ، ولا تحملها إلا طاقتها .
    فأوحى الله جل جلاله إليه أني سأطوقك ما حملتك ، وأشرح لك فهمك فتفقه كل شيء ، وأشرح لك صدرك فتسمع كل شيء ، وأطلق لسانك بكل شيء ، وأفتح لك سمعك فتعي كل شيء ، وأكشف لك عن بصرك فتنفذ كل شيء واحصي لك ( 2 ) فلا يفوتك شيء ، وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شيء ، وأشد [ لك ] ظهرك فلا يهولك شيء وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء ، وأسددلك رأيك فتصيب كل شيء ، وأسخرلك جسدك فتحسن كل شيء ، وأسخرلك النور والظلمة وأجعلها جندين من جنودك النور يهديك ، والظلمة تحوطك ، وتحوش عليك الامم ( 3 ) من ورائك
    فانطلق ذو القرنين برسالة ربه عزوجل ، وأيده الله تعالى بما وعده فمر بمغرب الشمس فلا يمر بامة من الامم إلا دعاهم إلى الله عزوجل فإن أجابوه قبل منهم وإن لم يجيبوه أغشاهم الظلمة ، فأظلمت مداينهم و قراهم وحصونهم وبيوتهم ومنازلهم ، واغشيت أبصارهم ، ودخلت في أفواههم وآنافهم وآذانهم وأجوافهم ، فلا يزالون فيها متحيرين حتى يستجيبوا لله عزوجل ويعجوا إليه حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها الامة التي ذكرها الله تعالى في كتابه ففعل بهم ما فعل بمن مر به [ من ] قبلهم حتى فرغ مما بينه وبين المغرب ووجد جمعا وعددا لا يحصيهم إلا الله وبأسا وقوة لا يطيقه إلا الله عزوجل ، وألسنة ومختلفة وأهواء متشتتة وقلوبا متفرقة ، ثم مشى على الظلمة ثمانية أيام وثمان ليال وأصحابه ينظرونه حتى انتهى إلى الجبل الذي هو محيط بالارض كلها فإذا هو بملك من الملائكة قابض على الجبل وهو يقول : سبحان ربي من الان إلى منتهى الدهر ، سبحان ربي من أول الدنيا إلى آخرها ، سبحان ربي من موضع كفي إلى عرش ربي ، سبحان ربي من منتهى الظلمة إلى النور ، فلما سمع ذاك ذو القرنين خر ساجدا ، فلم يرفع رأسه حتى قواه الله تعالى وأعانه على النظر إلى ذلك الملك ، فقال له الملك : كيف قويت يا ابن آدم على أن تبلغ إلى هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك ؟ قال ذو القرنين : قواني على ذلك الذي قواك على قبض هذا الجبل وهو محيط بالارض ، قال له الملك : صدقت قال له ذو القرنين : فأخبرني عنك أيها الملك ؟ قال : إني موكل بهذا الجبل وهو محيط بالارض كلها ، ولولا هذا الجبل لانكفأت الارض بأهلها ، وليس على وجه الارض جبل أعظم منه ، وهو أول جبل أثبته الله عزوجل ( 1 ) ، فرأسه ملصق بسماء الدنيا وأسفله في الارض السابعة السفلى وهو محيط بها كالحلقة ، وليس على وجه الارض مدينة إلا ولها عرق ألى


    هذا الجبل ، فإذا أراد الله عزوجل أن يزلزل مدينة أوحى إلى فحركت العرق الذي [ متصل ] إليها فزلزلها .
    فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال للملك : أوصني ، قال الملك : لا يهمنك رزق غد ، ولا تؤخر عمل اليوم لغد ، ولا تحزن على ما فاتك ، وعليك بالرفق ، ولا تكن جبارا متكبرا .
    ثم إن ذا القرنين رجع إلى أصحابه ، ثم عطف بهم نحو المشرق يستقرئ ما بينه وبين المشرق من الامم فيفعل بهم مثل ما فعل بأمم المغرب قبلهم حتى إذا فرغ [ م‍ ] ما بين المشرق والمغرب عطف نحو الردم الذي ذكره الله عزوجل في كتابه فإذا هو بامة « لا يكادون يفقهون قولا » وإذا [ ما ] بينه وبين الردم مشحون من امة يقال لها : يأجوج ومأجوج أشباه البهائم يأكلون ويشربون ويتوالدون وهم ذكور وإناث ، وفيهم مشابه من الناس الوجوه والاجساد والخلقة ، ولكنهم قد نقصوا في الابدان نقصا شديدا وهم في طول الغلمان ، ليس منهم انثى ولا ذكر يجاوز طوله خمسة أشبار ، وهم على مقدار واحد في الخلق والصورة ، عراة حفاة لا يغزلون ولا يلبسون ولا يحتذون ، عليهم وبر كوبر الابل يواريهم ويسترهم من الحر والبرد ( 1 ) ، ولكل واحد منهم اذنان أحدهما ذات شعر والاخرى ذات وبر ، ظاهرهما وباطنهما ، ولهم مخالب في موضع الاظفار ، وأضراس و أنياب كأضراس السباع وأنيابها . وإذا نام أحدهم افترش إحدى اذنيه و التحف بالاخرى فتسعه لحافا ، وهم يرزقون تنين البحر ( 2 ) في كل عام

    يقذفه إليهم السحاب فيعيشون به عيشا خصبا ويصلحون عليه ويستمطرونه في إبانه ( 1 ) كما يستمطر الناس المطر في إبان المطر ، وإذا قذفوا به خصبوا وسمنوا وتوالدوا وكثروا وأكلوا منه حولا كاملا إلى مثله من العام المقبل ، ولا يأكلون معه شيئا غيره ، وهم لا يحصى عددهم إلا الله عزو جل الذي خلقهم ، وإذا أخطأهم التنين قحطوا وأجدبوا وجاعوا وانقطع النسل والولد ، وهم يتسافدون كما تتسافد البهائم ( 2 ) على ظهر الطريق وحيث ما التقوا ، وإذا أخطأهم التنين جاعوا وساحوا في البلاد ، فلا يدعون شيئا أتوا عليه إلا أفسدوه وأكلوه ، فهم أشد فسادا فيما أتوا عليه من الارض من الجراد والبرد والافات كلها ، وإذا أقبلوا من أرض إلى أرض جلا أهلها عنها وخلوها ، وليس يغلبون ولا يدفعون حتى لا يجد أحد من خلق الله تعالى موضعا لقدمه ، ولا يخلو للانسان قدر مجلسه ، ولا يدري أحد من خلق الله أين أولهم وآخرهم ( 3 ) ، ولا يستطيع أحد من خلق الله أن ينظر إليهم ولا يدنو منهم نجاسة وقذرا وسوء حلية ، فبهذا غلبوا ولهم حس وحنين ( 4 ) ، إذا أقبلوا إلى الارض يسمع حسهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرتهم ، كما يسمع حس الريح البعيدة ، أو حس المطر البعيد ولهم همهمة إذا وقعوا في البلاد كهمهمة النحل إلا أنه أشد وأعلا صوتا ، يملا الارض حتى لا يكاد أحد أن يسمع من أجل ذلك الهميم شيئا ، وإذا أقبلوا إلى أرض حاشوا وحوشها كلها وسباعها حتى لا يبقى فيها شيء منها ، وذلك لانهم يملؤونها ما بين أقطارها ولا يتخلف وراءهم من ساكن الارض شيء فيه روح إلا اجتلبوه من قبل أنهم أكثر من كل شيء ،

    فأمرهم أعجب من العجب وليس منهم أحد إلا وقد عرف متي يموت وذلك من قبل أنه لا يموت منهم ذكر حتى يولد له ألف ولد ولا تموت منهم أنثى حتى تلد ألف ولد ، فبذلك عرفوا آجالهم ، فإذا ولد ذلك الالف برزوا للموت ، وتركوا طلب ما كانوا فيه من المعيشة والحياة ، فهذه قصتهم من يوم خلقهم الله عزوجل إلى يوم يفنيهم .
    ثم إنهم جعلوا في زمان ذي القرنين يدورون أرضا أرضا من الارضين ، وأمة امة من الامم وهم إذا توجهوا لوجه لم يعدلوا عنه أبدا ولا ينصرفون يمينا ولا شمالا ولا يلتفتون .
    فلما أحست تلك الامم بهم وسمعوا همهمتهم استغاثوا بذي القرنين وذو القرنين يومئذ نازلا في ناحيتهم فاجتمعوا إليه وقالوا : يا ذا القرنين إنه قذ بلغنا ما آتاك الله من الملك والسلطان ، وما ألبسك الله من الهيبة ، وما أيدك به من جنود أهل الارض ومن النور والظلمة ، وإنا جيران يأجوج ومأجوج ، وليس بيننا وبينهم سوى هذه الجبال ، وليس لهم إلينا طريق إلا هذين الصدفين ولو ينسلون أجلونا عن بلادنا لكثرتهم حتى لا يكون لنا فيها قرار ، وهم خلق من خلق الله كثير فيهم مشابه من الانس وهم أشباه البهائم ، يأكلون من العشب ، ويفترسون الدواب والوحوش كما تفترسها السباع ، ويأكلون حشرات الارض كلها من الحيات والعقارب و كل ذي روح مما خلق الله تعالى ، وليس [ مما خلق الله ] جل جلاله خلق ينموا نماهم وزيادتهم فلانشك أنهم يملؤون الارض ويجلون أهلها منها ويفسدون فيها ، ونحن نخشى كل وقت أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين ، وقد آتاك الله عزوجل من الحيلة والقوة ما لم يؤت أحدا من العالمين ، « فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * آتوني زبر الحديد » .

    قالوا : ومن أين لنا من الحديد والنحاس ما يسع هذا العمل الذي تريد أن تعمل قال : إني سأدلكم على معدن الحديد والنحاس ، فضرب لهم في جبلين حتى فتقهما فاستخرج لهم منهما معدنين من الحديد و النحاس ، قالوا : فبأي قوة نقطع الحديد والنحاس ؟ فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الارض يقال لها : السامور وهو أشد بياضا من الثلج ( 5 ) وليس شيء منه يوضع على شيء إلا ذاب تحته فصنع لهم منه أداة يعملون بها ـ وبه قطع سليمان بن داود عليه السلام أساطين بيت المقدس وصخوره جاءت بها الشياطين من تلك المعادن ـ فجمعوا من ذلك ما اكتفوا به فأوقدوا على الحديد حتى صنعوا منه زبرا مثال الصخور ، فجعل حجارته من حديد ، ثم أذاب النحاس فجعله كالطين لتلك الحجارة ، ثم بنى وقاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال فحفر له أساسا حتى كاد أن يبلغ الماء وجعل عرضه ميلا وجعل حشوه زبر الحديد ، وأذاب النحاس فجعله خلال الحديد فجعل طبقة من نحاس واخرى من حديد حتى ساوى الردم بطول الصدفين ، فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد ، فيأجوج ومأجوج ينتابونه في كل سنة مرة ، وذلك أنهم يسيحون في بلادهم حتى إذا وقعوا إلى ذلك الردم حبسهم ، فرجعوا يسيحون في بلادهم ، فلا يزالون كذلك حتى تقرب الساعة وتجيئ أشراطها فإذا جاء أشراطها وهو قيام القائم عليه السلام فتحه الله عزوجل لهم ، وذلك قوله عزوجل « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون » ( 1 ) .
    فلما فرغ ذو القرنين من عمل السد انطلق على وجهه ، فبينما هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من

    صلاته فقالى له ذو القرنين : كيف لم يروعك ما حضرك من الجنود ؟ قال : كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك وأعز سلطانا وأشد قوة ، ولو صرفت وجهي إليك ما أدركت حاجتي قبله . فقال له ذو القرنين : فهل لك أن تنطلق معي فأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أموري ؟ قال : نعم إن ضمنت لي أربعا ( 1 ) : نعيما لا يزول ، وصحة لا سقم فيها ، وشبابا لا هرم فيه ، وحياة لا موت فيها . فقال له ذو القرنين : أي مخلوق يقدر على هذه الخصال ؟ فقال الشيخ : فاني مع من يقدر على هذه الخصال ( 2 ) ويملكها وإياك .
    ثم مر برجل عالم فقال لذي القرنين : أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله تعالى قائمين ، وعن شيئين جاريين ، وشيئين مختلفين ، وشيئين متباغضين ؟ فقال ذو القرنين : أما الشيئان القائمان فالسماء والارض ، وأما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر ، وأما الشيئان المختلفان فالليل والنهار ، وأما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة ، فقال : انطلق فإنك عالم .
    فانطلق ذو القرنين يسير في البلاد حتي مر بشيخ يقلب جماجم الموتى فوقف عليه بجنوده فقال له : أخبرني أيها الشيخ لاي شئ تقلب هذه الجاجم ؟ قال : لا عرف الشريف عن الوضيع فما عرفت ، فإني لا قلبها منذ عشرين سنة ، فانطلق ذو القرنين وتركه وقال : ما أراك عنيت بهذا أحدا غيري .
    فبينما هو يسير إذ وقع إلى الامة العالمة الذين هم من قوم موسى الذين « يهدون بالحق وبه يعدلون » فوجد أمة مقسطة عادلة يقسمون


    بالسوية ، ويحكمون بالعدل ، ويتواسون ويتراحمون ، حالهم واحدة ، و كلمتهم واحدة ، وقلوبهم مؤتلفة ، وطريقتهم مستقيمة ، وسيرتهم جميلة ، وقبور موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم وبيوتهم ، وليس لبيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء ، وليس بينهم قضاة ، وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يختلفون ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ، ولا تصيبهم الافات .
    فلما رأى ذلك من أمرهم ملئ منهم عجبا ، فقال : أيها القوم أخبروني خبركم فإني قد درت الارض شرقها وغربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها ونورها وظلمتها فلم ألق مثلكم ( 1 ) ، فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أفنيتكم وعلى أبواب بيوتكم ؟ قالوا : فعلنا ذلك عمدا لئلا ننسى الموت ، ولا يخرج ذكره من قلوبنا .
    قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب ؟ فقالوا : لانه ليس فينا لص ولا ظنين ( 2 ) ، وليس فينا إلا الامين ، قال : فما بالكم ليس عليكم أمراء ؟ قالوا : لاننا لانتظالم ، قال : فما بالكم ليس بينكم حكام ؟ قالوا : لاننا لا نختصم ، قال : فما بالكم ليس فيكم ملوك ؟ قالوا : لاننا لا نتكاثر ، قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف ؟ قالوا : لاننا لا نتنافس ، قال : فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون ، قالوا : من قبل أنا متواسون متراحمون ، قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون ؟ قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا ، قال : فما بالكم لا تستبون ولا تقتتلون ؟ قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم ، وسسنا أنفسنا بالحلم ، قال : فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة ؟ قالوا : من قبل أنا لا

    نتكاذب ولا نتخادع ، ولا يغتاب بعضنا بعضا ، قال : فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير ؟ قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية ، قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ ؟ قالوا : من قبل الذل والتواضع ، قال : فلم جعلكم الله أطول الناس أعمارا ؟ قالوا : من قبل أنا نتعاطي الحق ونحكم بالعدل ، قال : فما بالكم لا تقحطون ؟ قالوا : من قبل أنا لا نغفل عن الاستغفار ، قال : فما بالكم لا تحزنون ؟ قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا على البلاء وحرصنا عليه فعزينا أنفسنا ( 1 ) ، قال : فما بالكم لا تصيبكم الافات ؟ قالوا من قبل أنا لا نتوكل على غير الله [ جل جلاله ] ولا نستمطر بالانواء ( 2 ) والنجوم ، قال : فحدثوني أيها القوم أهكذا وجدتم آباءكم يفعلون ؟ قالوا : وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم ، ويواسون فقيرهم ، ويعفون عمن ظلمهم ، ويحسنون إلى من أساء إليهم ، ويستغفرون لمسيئهم ، ويصلون أرحامهم ، ويؤدون أماناتهم ، ويصدقون ولا يكذبون ، فأصلح الله بذلك أمرهم .
    فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض ولم يكن له فيهم عمر ، وكان قد بلغه السن ، وأدركه الكبر ، وكان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عزوجل إلى يوم قبضه الله خمسمائة عام .

    كمال الدين وتمام النعمة ص 395_ 406
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    #2
    رد: ماورد في ذكر ذي القرنين ؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    معبرة جدا ...

    الله يوفقكم لكل خير و يحفظكم من كل سوء ممن يرى ولا يرى انه سميع مجيب

    والحمدلله رب العالمين



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎