إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟! - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • مستجير
    مشرفة
    • 21-08-2010
    • 1034

    هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟! - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي

    هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟!

    - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي من على صفحته الشخصية على الفيسبوك -

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    السلام عليكم اخوتي مرتادي هذه الصفحة ورحمة الله وبركاته
    وعظم الله أجوركم بمصابنا بأبي الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين(ص)

    القسم الأول:

    بعدما أسقط الإمام أحمد الحسن(ص) كل ما في ايدي الفقهاء غير العاملين، لم يجد أولئك بداً من إغراء أنصاف المتعلمين والسواد الأعظم من الناس ممن لم تسفعه الأيام على الاطلاع والبحث والقراءة، فراحوا يدفعونهم ويقطعون عليهم طريق الحق والبحث فيه من خلال إثارة شبهة (تجاوز القواعد النحوية) وكون هذا التجاوز يعد (لحنا) وهذا (اللحن) ينفي العصمة عمن يدعيها!!!

    وقبل الشروع في بيان المغالطة الواضحة في هذه الشبهة، أوضح لماذا قلت تجاوزا للقواعد وليس لحنا، وهل هناك فارق بين المسميين؟؟ الجواب: نعم هناك فارق، وفارق كبير؛ فمن يتجاوز القواعد النحوية يكون عارفا بعجزها وكاشفا لها كونها قواعد وضعية من وضع البشر الذين لم يبلغوا مرحلة الكمال، بل واضعوا النحو وقواعده جمع من الناس يصيبون ويخطئون، وليسوا هم أناس معصومون، ولذا فتلك القواعد قد تنفع في تعليم النشأ، والذين يجهلون العربية ممن العربية ليست لسانهم الأصل، أما أن تكون هذه القواعد حاكمة على من هو حجة من حجج الله سبحانه، فهذا لا يقول به عاقل؛ فلا تكون القواعد الموضوعة بعقل ناقص حاكمة على ما يصدر عن العقل الكامل، وهذا القول لا يختلف فيه العقلاء.
    أما اللحن فهو ممكن أن يقع ممن هو طارئ على اللغة وليس من أهلها، بل هو متعلم لها ويحتاج الى منظومة أولية تعينه على الدخول الى عالمها، فهذا ما يصدر منه من خطأ استنادا الى جهله وقلة معرفته باللغة ومزاجها يصدق عليه الوصف بـ(اللحن)، ومن يرجع إلى دواعي وضع النحو وقواعده فسيجد أن من أكبر المبررات هو هذا المبرر؛ دخول أقوام من غير العرب إلى الإسلام وإشكالية تعبدهم باللغة العربية، فوصف اللحن يصدق على من هو ليس عربي اللسان، وتكلم بالعربية متعلما، أما أن يوصف باللحن من هو من أهلها فهذا ما لا يحكم به عاقل، ولقد ذكر لنا التاريخ افتضاح كل من حاول محاسبة العرب ولسانهم بالقواعد النحوية، وما ورد من مساجلات بين الشاعر الفرزدق، والنحوي عبد الله ابن أبي إسحاق الحضرمي لهو من المشهورات، عندما طعن الحضرمي على الفرزدق في قوله:
    وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ** من المال إلا مسحتا أو مجلفُ
    اعترض الحضرمي مستنكرا : علام رفعت مجلف؟! فجاءه جواب الفرزدق صفعة مدوية : على ما يسوءك وينوءك علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا.
    وحوادث أخرى كثيرة في هذا السياق تكشف عن عجز القواعد النحوية وقصورها في بلوغ مراد المتكلم العربي، فهي إن كان لها مكان فيصلح أن يكون مكانها الجانب التعليمي الابتدائي لمن هو ليس من أهل العربية، أما أن تكون حاكما على العربي ملزمة له فهذا ما لم تقره وقائع كثيرة أوردها التاريخ، ومعارك النحاة مع النصوص وقائليها من العرب خير شاهد ودليل.

    ولعل في هذا الجزء من الموضوع صار واضحا للقارئ غير المطلع أن إطلاق وصف (اللحن) على كل قول يعاند قواعد النحو ولا يلتزم بها هو مجازفة كبيرة، ولعل أوضح مصاديق هذه المجازفة هو ما وقع صريحا في القرآن في آيات متعددة معاندة صريحة وواضحة للقواعد من مثل قوله تعالى{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(البقرة/124)، فبحسب قواعدهم كان ينبغي أن تكون العبارة (لا ينال عهدي الظالمون) بالرفع ولكنها جاءت بالنصب، فهل في شرعتهم يجوز نصب الفاعل؟؟ أو تراهم يخطئون النص القرآني؟!
    وآيات أخرى لست بوارد استقصائها اجتهد النحاة فيها وبادروا إلى التأويل والتقدير، والبحث عن سبل للخلاص من هذا المأزق، وكل تأويلاتهم وتقديراتهم كشفت بصورة واضحة أن القواعد النحوية عاجزة عن الإحاطة بمقاصد الكلام، ولا يمكنها أن تكون حاكمة عليه، بل هي محكومة به، ولذلك ترى النحاة يجتهدون في إيجاد المخارج لما يجدونه صادما لقواعدهم الموضوعة.

    إذن لنتفق بعد هذا التوضيح أن وصف اللحن يصدق على الأعجمي الذي هو حديث عهد بالتعلم للعربية، ولا يطلق هذا الوصف على من العربية لسانه الأصل وليس لديه لسان غيرها، ولذلك ما يقع من مثل من لسانه العربية صادما للقواعد النحوية لابد له من وجه ينصرف إليه، هذا مع من لسانه العربية، فما بالك إذا كان صاحب هذا اللسان هو حجة من حجج الله وخليفة من خلفائه؟؟!!
    ولعل في هذا النص الآتي ما يكشف بجلاء ما قدمت، حيث ورد عن : [الكلابي ، عن أبي الحسن علي بن بلال وأبو يحيى النعماني ، قالا : ورد كتاب من أبي محمد عليه السلام ونحن حضور عند أبي طاهر بن بلال ، فنظرنا فيه ، فقال النعماني : فيه لحن ، أو يكون النحو باطلا ، وكان هذا بسر من رآى ، فنحن في ذلك إذ جاءنا توقيعه: " ما بال قوم يلحنوننا ، وإن الكلمة نتكلم بها تنصرف على سبعين وجها ، فيها كلها المخرج منها والمحجة ".]( إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب، لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي(ت 346هـ): ص267)، والجواب هنا للإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري(ص).
    يتبع إن شاء الله

    والحمد لله وحده وحده وحده.


    قال الامام أحمد الحسن ع:
    [ والحق أقول لكم ، إن في في التوراة مكتوب:
    "توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك ، في كل طريق اعرفني ،
    وأنا أقوم سبيلك ، لا تحسب نفسك حكيماً ، أكرمني وأدب نفسك بقولي."
    ]

    "اللهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ، وَإِنِّي خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ، فَأَجِرْنِيْ مِنْ نَفْسِيْ يَا مُجِيرَ"
  • مستجير
    مشرفة
    • 21-08-2010
    • 1034

    #2
    رد: هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟! - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    السلام عليكم اخوتي مرتادي هذه الصفحة ورحمة الله وبركاته
    وعظم الله أجوركم بمصابنا بأبي الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين(ص)

    هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟!

    القسم الثاني :

    بعد أن تبين لنا الفارق بين مصطلحين مهمين ينبغي التفريق بينهما وهما مصطلح (تجاوز القواعد النحوية) لصاحب اللسان العربي كون هذه القواعد قاصرة عن أداء المقاصد التي يرمي إليها صاحب المقال، وبين مصطلح (اللحن) الشائع، وكون هذا المصطلح لا ينطبق إلا على من لسانه ليس عربيا وإنما هو يريد تعلم العربية والتحدث بها.
    الان نبين للقارئ الكريم؛ هل يصح جعل مراعاة القواعد النحوية في الكلام من لوازم العصمة؟؟ أو هل هي من لوازم العصمة كما يحاول العديد من الفقهاء الذي يواجهون الدعوة بواسطة أتباعهم وليس مباشرة، أن يروجوا لذلك الفهم الخاطئ والمغالطة الصريحة؟؟!!
    لنأتي إلى آل محمد(ص) ونسألهم عن تعريف العصمة وبيانها لنرى هل يدخل (عدم مراعاة القواعد النحوية) في التعريف أو البيان؟!
    ورد عن الإمام الصادق(ص) في تعريفه للعصمة أنه قال : [المعصوم من اعتصم بالله عن محارم الله.]()، وهذا النص صريح وواضح أن ما يقع عليه وصف الحرمة المعصوم لا يقع فيه أبدا، واستنادا إلى ذلك فهل عدم مراعاة القواعد النحوية في القول حرام؟؟ أو واقع في ساحة الحرمة؟؟!! حتى يعصم منه المعصوم!!
    الأمر الاخر هو بيان حال المعصوم، حيث ورد عن الإمام زين العابدين(ص) أنه قال : [ليست العصمة بظاهر الخلقة فيعرف بها، ولا يكون المعصوم إلا منصوصا]()، هذا النص الشريف هو قطع لمن يدعي أن المعصوم واجب عليه أن يراعي مواضع الرفع والنصب والخفض في كلامه فيرفع وينصب ويخفض بانسيابية عالية، ولا يقع منه مخالفة، فلو كان حال المعصوم هكذا لتبين للناس حاله من لسانه فصار المعصوم معروفا بظاهر الخلقة ولا يحتاج للنص، وهذا القول خلاف قول الإمام السجاد(ع) تماما.
    اذن سقطت سقوطا ذريعا شبهة كون المعصوم لابد أن يراعي مواضع الرفع والنصب والخفض في كلامه، لأنه لو كان حاله كذلك لصار يعرف بظاهر الخلقة، فاللسان المتفيقه يعرف ظاهرا، وكذلك من جانب آخر عدم مراعاة قواعد النحو الوضعية لا يعني الوقوع في الحرام، ومن يقول خلاف ذلك فعليه أن يقدم الدليل، ولذا صار الان واضحا وبينا أن إشكالية مراعاة القواعد النحوية التي يتشدق بها المتشدقون ويضحكون بها على أتباعهم مستغلين لجهلهم بالأمر ابشع الاستغلال ما هي إلا زوبعة في فنجان، وجعجعة بلا طحين!!
    ولذا أتمنى على جميع الأخوة أنصار الحق الذين يشكل عليهم الناس بهذه الشبهة التي استبان خواؤها، بل ومخالفتها لصريح ما ورد عن أهل بيت العصمة أن يجتهدوا في كشف اولئك الذين يعملون قطاع طريق الله سبحانه، وبينوا للناس أن هؤلاء لو كانوا في زمن الإمام الصادق(ص) لأنكروا إمامته لأن الأحاديث الواردة عنه (ص) في ذم اصحاب العربية ووصفهم بمحرفة الكلم واضحة جلية، بل تراه في بعض النصوص يشبه المتشبثين بالنحو قائلا : دعني من سهككم، والسهك هو الرائحة العفنة.
    والحمد لله وحده وحده وحده.


    قال الامام أحمد الحسن ع:
    [ والحق أقول لكم ، إن في في التوراة مكتوب:
    "توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك ، في كل طريق اعرفني ،
    وأنا أقوم سبيلك ، لا تحسب نفسك حكيماً ، أكرمني وأدب نفسك بقولي."
    ]

    "اللهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ، وَإِنِّي خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ، فَأَجِرْنِيْ مِنْ نَفْسِيْ يَا مُجِيرَ"

    Comment

    • مستجير
      مشرفة
      • 21-08-2010
      • 1034

      #3
      رد: هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟! - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي

      بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
      السلام عليكم اخوتي مرتادي هذه الصفحة ورحمة الله وبركاته
      وعظم الله أجوركم بمصابنا بأبي الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين(ص)

      هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟!

      القسم الثالث:


      وظيفة علماء النحو تأويل النصوص العربية لا تصويبها

      إن الحديث عن النحو وعن القواعد النحوية بهذه الطريقة فرضته متطلبات واقع من الجهل ـ للأسف ـ تعيشه اليوم غالبية الأمة التي تدعي الانتساب لدين الله سبحانه (الإسلام)، حيث ركز في وعي الأمة أن النحو وقواعده كان السور الحامي للغة القرآن ولولا النحو لضاعت لغة القرآن واندثرت!! وهذا من عجائب الأمور حقا وصدقا؛ وكأن الذي أنزل القرآن تركه هكذا نهبة بيد البشر ليعبثوا به كما يشاؤون، ثم تثور الغيرة عند بعضهم لينتفضوا ويضعوا تلك القواعد لتكون سورا حاميا ورصدا مدافعا لمن يريد الاساءة للغة القرآن؟؟!!
      وليت شعري لست أدري ؛ كيف رضي العقلاء مثل هذا التسويق المضحك المبكي للنحو كي يأخذ له مكانا في الساحة العلمية؟! وكذلك لست أدري لماذا أعرض العقلاء عن رواية صريحة تناقلها القوم ردحا ثم غفلوها أو تغافلوها تبين أن العربية مصانة بالوحي لا بالوضع؛ حيث ورد عن [بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: سمِعتُ عمرَ يقولُ يا رسولَ اللهِ ما لك أفصحُنا وإنَّك لم تخرُجْ من بين أظهُرِنا، قال: إنَّ لغةَ إسماعيلَ درَسَتْ فأتاني بها جبريلُ فحفِظتُها.](تاريخ دمشق لابن عساكر: 4/4)، والغريب أن هذا الحديث ذكره عدد من المصادر السنية وفيهم من رماه بالضعف، وفيهم من قال (غريب له علة عجيبة)، ولاشك أن التضعيف، بل والعجب مثاره أن القوم يظنون أن العربية لسان أقوام، وهذه الأقوام هي التي حفظتها، ولكن هذا الحديث يكشف حقيقة هي غير ذلك التصور القومي الراكز في النفوس، فماذا يفعلون؟؟!! للأسف يستسهلون الطعن بحديث رسول الله(ص) مع أن الحكمة فيه واضحة جلية، ويقبلون تصورات لو تتبعنا واقعها لوجدناها محض خيال!!
      ولنضرب مثالا لذلك من القرآن، حيث قال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً}(الفرقان/60)، ما معنى سؤالهم (وما الرحمن)؟! أليس دالا على أن القوم يجهلون (الرحمن) لفظا ومعنى فضلا عن الحقيقة؟! أليست الرحمن عربية؟؟!! الأمر الاخر؛ أليس ما في القرآن كله عربي إذن لماذا عمر بن الخطاب (العربي) عندما قرأ على المنبر قوله تعالى{وفاكهة وأبا}، قال: أما الفاكهة فقد عرفناها، فما الأب؟! ثم ضرب على فخذه ـ لا ندري ندما أو جهلا أو تراجعا عما كشف من نفسه ـ فقال: إن هذا إلا التكلف يا عمر!!! عربي ويجهل معنى (الأب) مع أن الآيات الكريمة التي بعدها بينت معنى الأب فقالت {متاعا لكم ولأنعامكم}!!
      ولو شئنا أن نستقصي جهل العرب بالعربية لوجدنا من تلك الأمثلة الكثير الكثير الذي لا ينجح في إنكاره أصحاب الحمية الجاهلية، لأن كثرته ووفرته لا يمكن أن تكون صنعا أو تمحلا أو كذبا، بل هو واقع نقلته المصادر التاريخية العربية، ولذا هم يعرضون عن فكرة كون اللغة وحيا إلهيا شق به لسان المعلم الإلهي المبعوث لكي يعلم الناس ويعرفهم، ومادة العلم والمعرفة هي اللغة، ولذلك ورد عن رسول الله(ص) أنه قال في يوم من الأيام على المنبر : [ليست العربية بأب والد ولكنها لسان ناطق.]، وهذا الحديث الشريف منطبق تماما على الحديث أعلاه الذي اجتهد القوم في إنكاره وتضعيفه، فقوله : العربية لسان ناطق دال على أن ذلك اللسان الناطق هو لسان خليفة الله المعلم للناس في كل زمان، وليس هناك من شك في أن كل الانبياء والرسل والاوصياء(ع) كانوا على طول مسيرتهم يعيدون الناس إلى جادة الصواب والهدى في كل شيء حتى في اللسان.
      ولكن للأسف نجد البشرية على طول المسيرة دائبة على الجحود لأولئك المعلمين الأفذاذ، وبدلا من طاعتهم والانصياع لهم كونهم مأمورين من الله سبحانه بضرورة طاعتهم، نراهم دائبين على غض فضائلهم وإخفائها والتمرد على أوامرهم ونكران حجيتهم وخلافتهم الإلهية.
      انظروا إلى الانصاف الذي يتحلى به خلفاء الله سبحانه في هذا النص : [الكلابي ، عن أبي الحسن علي بن بلال وأبو يحيى النعماني ، قالا : ورد كتاب من أبي محمد عليه السلام ونحن حضور عند أبي طاهر بن بلال ، فنظرنا فيه ، فقال النعماني : فيه لحن ، أو يكون النحو باطلا ، وكان هذا بسر من رآى ، فنحن في ذلك إذ جاءنا توقيعه: " ما بال قوم يلحنوننا ، وإن الكلمة نتكلم بها تنصرف على سبعين وجها ، فيها كلها المخرج منها والمحجة ".]( إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب، لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي(ت 346هـ): ص267)، المتكلم هنا خليفة من خلفاء الله وهو الإمام الحسن بن علي العسكري(ص)، وانظر إلى عجبه الكاشف عن أن (اللحن) الذي يطعن به عليهم ليس مخصوصا به هو (ص) دون غيره من حجج الله الماضين، وكذلك لا ينجو من هذه التهمة حجج الله وخلفاؤه الآتين، ولذلك لم يقل (ما بال قوم يلحنونني) مثلا، بل قال (ما بال قوم يلحنوننا)، فالذي يلحنهم قوم، والمتهمون باللحن هم حجج الله وخلفاؤه!!
      وكذلك هناك ملحظ مهم في الرواية الشريفة مفاده : إن الإمام(ص) لم يبطل النحو كما قال النعماني: إما أن يكون القول لحنا أو النحو باطلا؟! فجاءه البيان؛ لا النحو كله باطل، ولا القول فيه شيء من اللحن، بل النحو لمن ينتبه هو (مقال في مقام ما) ولا يجري في كل المقامات، ولعل قولا يجري في مقام أعلى من مقام مقال النحو يشتبه الذين حبسوا أنفسهم في مقام النحو أن فيه لحنا، وليس فيه لحن بل فيه المخرج من وجوه عدة ولذلك قال الإمام(ع) : [وإن الكلمة نتكلم بها تنصرف على سبعين وجها ...] وهذا القول الشريف يبين ضيق أفق من يحاكم الكلام محاكمة نحوية ابتداء قبل أن ينظر في الوجوه التي يحتمل أن ينصرف لها، ولعل من النافع جدا في هذا المقام أن اضرب مثلا حاضرا اليوم وهو :
      الكثير من الجهلاء وقليلي العلم يطعنون على الإمام أحمد الحسن(ع) كما طعنوا على ابائه(ع) من قبل كما رأينا شكوى الإمام العسكري(ص) قوله مثلا : [اللهم صل على محمدٍ وآلِ محمدٍ الأئمةَ والمهديين وسلم تسليما] بنصب (الأئمة) أي بفتح تاء الأئمة، فراح يطبل ويزمر الجاهلون أن هذا (لحن) فكيف يكون إمام ويلحن؟؟!! وعلى الرغم من دفع هذه الشبهة الباطلة جملة وتفصيلا في القسمين الأول والثاني من مقال (هل القواعد النحوية من لوازم العصمة)، إلا أنني اليوم أقف على الحكمة من فتح التاء المربوطة للفظ (الأئمة) في الصلاة، وفتحها أبين من كسرها، وكلا الحركتين صحيح ولا لحن فيه، ولكن الفتح على أنها منصوبة أبين، ربما يسأل سائل: كيف يكون الفتح على أنها منصوبة ابين؟
      الجواب: كلكم سمعتم شبهة (وطاويط الظلام) أن الصلاة التي يقولها الإمام أحمد الحسن(ع) على محمد وآل محمد أخرجت فاطمة(ص) من آل محمد(ص) وراحوا يطبلون ويزمرون ويستخفون من يجهل من أتباعهم!! إن القراءة بنصب الأئمة كون حركتها أوضح في الدلالة على النصب من حركة إعراب المهديين لأن الياء في المهديين هي حركة إعراب للنصب والخفض على حد سواء، تبين بوضوح أن الإمام أحمد الحسن(ع) هنا عنى التخصيص لبيان عقيدة المهديين من جهة، ومن جهة أخرى لبيان ما ورد في وصية جده رسول الله(ص) التي أملاها ليلة وفاته على علي(ص) وذكر خلفاءه إلى يوم القيامة وهم اثنا عشر إماما ومن بعدهم اثنا عشر مهديا.
      اذن قراءة نصب الأئمة في الصلاة دالة على التخصيص بشكل واضح فتقدير القول أو الوجه الذي تنصرف له هو : اللهم صل على محمد وآل محمد (أخص) الأئمة ـ بالنصب ـ والمهديين، وفي هذه الصلاة رد على من قال بإخراج فاطمة(ص) من آل محمد(ص) لأن التخصيص لا ينفي التعميم بل غاية ما يعنيه تقييد التعميم لبيان أمر ما، وكذلك بيان واضح وناصع إلى أن التخصيص يجعل من حركة الأئمة الفتح وليس الكسر، وكذلك هذه الصلاة بصيغتها التي ينطقها الإمام أحمد الحسن(ص) فضح لجهل اولئك الذين يتوهمون ويوهمون من يتبعهم أن النحو وسلامة اللغة هو بالوجه الذي يعرفونه، فوجود وجوه سبعين يفضح جهل الجاهلين وتمحل المتمحلين، وفيه تأكيد واضح وبيان شاف على الحجة الثابتة على الناس فلا عذر لهم ولا عاذر في الإعراض عن الحق وصاحبه استنادا إلى جهالات يخبط بها اولئك الذين يصفون أنفسهم بالعلماء زورا وبهتانا.
      والحمد لله وحده وحده وحده


      قال الامام أحمد الحسن ع:
      [ والحق أقول لكم ، إن في في التوراة مكتوب:
      "توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك ، في كل طريق اعرفني ،
      وأنا أقوم سبيلك ، لا تحسب نفسك حكيماً ، أكرمني وأدب نفسك بقولي."
      ]

      "اللهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ، وَإِنِّي خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ، فَأَجِرْنِيْ مِنْ نَفْسِيْ يَا مُجِيرَ"

      Comment

      • ناصر السيد احمد
        مشرف
        • 22-02-2009
        • 1385

        #4
        رد: هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟! - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي

        بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

        أحسنتم

        الموضوع يستحق الاعجاب

        والتقييم

        والتثبيت

        والثناء الحسن
        اللهُمَ صَلِّ عَلىَ مُحَمَدٍ وَآَلِ مُحَمَدٍ الأئَمّةِ والمَهدِيينْ وَسَلّمْ تَسْلِيمَا
        اللهم اشغل الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين

        Comment

        • المهتدية بأحمد
          مشرف
          • 27-04-2012
          • 629

          #5
          رد: هل القواعد النحوية من لوازم العصمة؟! - بقلم الأستاذ زكي الصبيحاوي


          الاستاذ زكي الصبيحاوي
          *******

          جعلها الله في ميزان حسناتكِ

          موفقة لكل خير
          sigpic
          قال الامام احمد الحسن ع:
          لنفتح صفحة جديدة ونقول نحن من الان نحب في الله ونبغض في الله لنكون بذلك احب الخلق لله سبحانه.



          Comment

          Working...
          X
          😀
          🥰
          🤢
          😎
          😡
          👍
          👎