إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الحياة في الكون - البروفسور ستيفن هاوكينج

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    الحياة في الكون - البروفسور ستيفن هاوكينج



    الحياة في الكون - البروفسور ستيفن هاوكينج


    من الملاحظ بأن الأشياء تتجه نحو الفوضى مع مرور الوقت . تلك الملاحظة تتلخص في ما يسمى ( قانون الديناميكا الحرارية الثاني : Thermodynamics ) .

    يقول هذا القانون بأن المجموع الكلي للفوضى " الأنتروبي " في الكون يزداد مع مرور الوقت .

    على أية حال , فإن القانون يشير إلى كمية الفوضى فقط .

    النظام في جسم واحد يمكن أن يزداد بشرط إزدياد كمية الفوضى التي تحيط بالجسم بكمية كبيرة , فهذا ما يحصل في الكائن الحي .

    يمكن أن يعرّف شخص الحياة بأنها نظام منظم التي تدافع عن نفسها ضد الفوضى , ومن ثم تقوم بإعادة إنتاج نفسها . لفعل تلك الأشياء , فإن النظام يجب أن يحول الطاقة , مثل ( الغذاء , أشعة الشمس , الطاقة الكهربائية ) إلى طاقة فوضوية على شكل حرارة . بهذه الطريقة , فإن النظام يلبي متطلب الكائن الحي عند زيادة الفوضى , فمن ثم يؤدي إلى زيادة النظام في الكائن الحي وفي نسله .

    يملك الكائن الحي عنصرين عادة : ( مجموعة من الأوامر التي تخبر النظام كيفية البقاء وإعادة الإنتاج + آلية لتنفيذ الأوامر ) .

    في علم الأحياء , يسميان ذاك العنصران " الجينات + الأيض " , لكن من الجدير بالذكر أنه لا ضرورة أحيائية لذاك العنصران . على سبيل المثال , فيروس الكمبيوتر عبارة عن برنامج يقوم بعمل نسخ من نفسه في ذاكرة الكمبيوتر , ويقوم بنقل نفسه إلى أجهزة كمبيوتر أخرى , فهذا يلائم تعريف النظام " الحي " الذي قمت بإعطائه . كما هو الفيروس الأحيائي , لكنه منحرف تناسليا بالأحرى , لأنه يحتوي فقط على أوامر أو جينات , ولا يملك عملية الـ " أيض " خاصة به , بل أنه يقوم بإعادة برمجة عملية الأيض للكمبيوتر المضيف أو الخلية .

    بعض الناس يسأل عن ما إذا كانت الفيروسات تحسب كـشيء " حي " , لأنها طفيليات , فمعظم أشكال الحياة متضمنة الجنس البشري هي طفيليات , بحيث أننا نعتمد على الكائنات الأخرى في التعذية والبقاء أحياء , فأعتقد أن فيروسات الكمبيوتر يجب أن تعتبر حياة , فهي تقوم بمحاكاة للطبيعة البشرية .


    نحن نعتقد عادة بأن الحياة معتمدة على سلاسل ذرات الكربون مع بضعة ذرات أخرى , مثل ( النيتروجين + الفسفور ) .

    يمكن لشخص أن يعتقد بأن شيء آخر يمكن أن يملك حياة مع بضعة قواعد كيميائية أخرى , مثل ( السيليكون ) , لكن يبدو بأن الكربون هو الحالة المناسبة للكائن الحي لأنها الأفضل كيميائيا , فذرات الكربون تملك خواص مميزة خاصة بها , فهي تفرض توافق دقيق مع الثوابت الفيزيائية , مثل ( مقدار الـQCD , الشحنة الكهربائية , وحتى بعد الزمكان ) ((1 )) . إذا امتلكت تلك الثوابت قيم مختلفة بشكل ملحوظ فإن نواة ذرة الكربون لن تكون مستقرة , أو أن الإلكترونات ستنهار في النواة . في أول نظرة , يبدو أن الكون متناغم بشكل أنيق , فلربما يقول شخص بأن هذا التناغم صمم شخصيا لإنتاج الجنس البشري .

    على أية حال , يجب على الشخص أن يكون حذرا من تلك الإعتراضات بسبب ما يعرف باسم قانون " الأنتروبي " . هذا القانون مستند على الحقيقة الواضحة بأنه إذا لم يكن الكون مناسب للحياة , فإننا لن نسأل لماذا الكون متناغم بشكل أنيق . يمكن أن يستعمل شخص ما مبدأ " الأنتروبي " القوي أو الضعيف .


    مبدأ الأنتروبي القوي , لربما يفترض شخص ما بأن هناك أكوان أخرى مختلفة , كل منها تملك ثوابت فيزيائية مختلفة . في احتمال صغير , فإن القيم ستسمح بنشوء أجسام , مثل ( ذرات الكربون ) التي يمكن أن تتكتل لبناء الأنظمة الحية . منذ أنه توجب علينا أن نعيش في واحدة من تلك الأكوان , يجب ألا نندهش أو نتفاجأ بأن الثوابت الفيزيائية متناغمة , وإن لم تكن متناغمة , فإننا لن نكن موجودين الآن .

    مبدأ الأنتروبي القوي غير مقنع جدا , فما المعنى الذي يمكن أن يعطيه الشخص لوجود جميع تلك الأكوان الأخرى ؟ وإذا هم منفلصين عن كوننا الخاص , فما الذي يمكن أن يحدث في كونهم مما سيؤثر على الكون الخاص بنا ؟ فبدلا من ذلك , يجب أن أتبنى قانون الأنتروبي الضعيف . يجب أن آخذ قيم الثوابت الفيزيائية , لكني يجب أن أرى ماهي الإستنتاجات التي يمكن أن تستنتج من حقيقة بأن الحياة توجد على هذا الكوكب في هذه المرحلة من تاريخ الكون .



    لم يكن هناك ذرات كربون عندما بدأ الكون في الإنفجار العظيم . , قبل حوالي 14 مليار عام , كان الكون حار جدا , وجميع المواد كانت على شكل جزيئات تسمى ( بروتونات + نيوترونات ) , كان هناك أعداد متكافئة من البروتونات والنيوترونات .

    على أية حال , بينما الكون يتوسع , فإنه ابتدأ يبرد شيئا فشيئا . بعد دقيقة من الإنفجار العظيم , فإن درجة الحرارة نزلت لمليار درجة . في درجة الحرارة هذه , النيوترونات بدأت تضمحل تدريجيا إلى بروتونات أكثر . إذا كان هذا كل ما حصل , فإن كل المادة في الكون ستنتهي إلى عنصر أبسط وهو ( الهيدروجين ) الذي تشمل نواته بروتين وحيد . على أية حال , بعض البروتونات تصادمت مع النيوترونات لتلتصق ببعضها وتشكل عنصر أبسط وهو ( الهيليوم ) الذي تحتوي نواته على بروتونين و نيوترونين . لكن لا عناصر أكثر ثقلا , مثل ( الكربون + الأكسجين ) تكونت في الوقت المبكر من الكون , إنه من الصعب أن يستطيع الشخص تخيل أنه يمكن لشخص بناء نظام حي من الهيدروجين والهيليوم فقط . على أية حال , فإن في الوقت المبكر من الكون كان ما يزال حار جدا لجمع الذرت لتكوين جزيئات .


    كان الكون يواصل التوسع , والبرودة . لكن بعض المناطق في الكون كانت تملك كثافة أعلى من مناطق أخرى . تجاذب المادة الإضافية في تلك المناطق يبطيء توسعهم , مما يؤدي إلى توقف التوسع في النهاية . بدلا من ذلك , فإن المادة الإضافية تنهار لتكوين مجرات ونجوم , إبتداءا من حوالي 2 مليار سنة بعد الإنفجار العظيم . بعض النجوم كانت هائلة أكثر من شمسنا , أكثر حرارة منها , وأحرقوا الهيدروجين والهيليوم وتحولت إلى عناصر أثقل , مثل ( الكربون + الأكسجين + الحديد ) . كل هذا يمكن أن يحدث خلال بضعة ملايين السنين . بعد ذلك , بعض النجوم تفجرت كـ" سوبر نوفا " وفرقت العناصر الثقيلة مجددا في أنحاء الفضاء لتشكيل المادة الخام للأجيال التالية من النجوم .

    النجوم الأخرى بعيدة جدا بالنسبة لنا لرؤيتها بشكل مباشر , إذا كانت تملك كواكب تدور حولها . لكن بعض النجوم تدعى ( النجوم النيوترونية : Pulsars ) تبعث نبضات منتظمة من موجات الراديو , نحن نلاحظ اختلاف بسيط في نسبة بعض النجوم النيوترونية , وهذا يشير إلى أن هناك كواكب بأحجام مختلفة تدور حولها . من غير المحتمل أن يكون هناك حياة على تلك الكواكب , لكون إنفجار السوبرنوفا يؤدي إلى مقتل الكائن الحي . يقترح وجود كواكب تدور حول النجوم النيوترونية أن مئات المليارات من النجوم في مجرتنا من الممكن أنها تملك كواكب هي الأخرى . الشروط الكوكبية لشكل الحياة على كوكبنا وجد قبل حوالي 4 مليار عام بعد الإنفجار العظيم .

    نظامنا الشمسي تكون قبل حوالي 4,5 مليار عام أو قبل حوالي 10 مليار عام بعد الإنفجار العظيم من الغاز المشوب ببقايا النجوم السابقة . تكونت الأرض بشكل كبير بواسطة العناصر الأثقل بضمن ذلك " الكربون + الأكسجين " . بطريقة ما , ارتبطت بعض هذه الذرات لتقوم بالترتب على شكل جزيئات الحمض النووي " DNA " التي تملك شكل لولبي مضاعف الذي اكتشف بواسطة العالمان " Francis Crick & James Watson " في كوخ في موقع المتحف الجديد في " Cambridge " . إرتباط السلسلتين في اللولب هي عبارة عن أزواج الأحماض النووية .

    يوجد 4 أنواع من الأحماض النووية , هي ( الأدنين , الجوانين , السايتوسين , الثيامين ) . من الواضح , أنها لم تصمم للأحيائيين الجزيئيين . الأدنين على سلسلة يرتبط دائما مع الثيامين على السلسة الأخرى , والجوانين يرتبط مع السايتوسين . السلسلتان يمكن أن تنفصلا وتبني سلاسل أخرى . الأحمضة النووية يمكن أن تنسخ المعلومات الجينية المشفرة في سلسلاتهم من الحوامض النووية . أقسام السلسلة يمكن أن تستعمل أيضا لصنع البروتين ومواد كيميائية أخرى التي يمكن أن تنفذ الأوامر المشفرة في السلسلة , وتجمع المادة الخام للحمض النووي لإعادة نسخ نفسها .


    لا نعرف كيف ظهرت الأحماض النووية في البداية .

    إن الفرص حيال ظهور جزيئة حمض نووي بالتقلبات العشوائية صغيرة جدا، (ولكنها غير معدومة) .

    بعض الناس اقترح بأن الحياة أتت على الأرض من مكان آخر , وبأن هناك بذور للحياة تعوم في المجرة .

    على أية حال , يبدو انه من غير المحتمل أن ينجو الحمض النووي من الإشعاع في الفضاء , وحتى إن استطاع النجاة , فإنه لن يساعد في شرح أصل الحياة , لأن الوقت المتيسر منذ تشكيل الكربون ضعف عمر الأرض فقط .


    إحتمالية واحدة بأن تركيبة مثل الحمض النووي التي يمكن أن تقوم بنسخ نفسها غير محتمل بشكل كبير .

    على أية حال , في الكون مع عدد لا نهائي من النجوم , يمكن أن يعتقد شخص بأن ذلك يمكن أن يحدث في بضعة أنظمة نجمية لكنهم سيفصلون بسعة شديدة (بين الانظمة). حقيقية أن الحياة حصلت لتحدث على الأرض ليست مفاجئة بتاتا , فقط عند تطبيق مبدأ الأنتروبي الضعيف : إذا ظهرت الحياة على كوكب آخر , نحن سنسأل لماذا حدثت الحياة هناك .

    إذا كان ظهور الحياة على كوكب غير محتمل جدا , لربما يتوقع شخص بأنها أخذت وقت طويل . بدقة أكثر , لربما يتوقع شخص بأن الحياة ظهرت في الوقت المناسب للتطور اللاحق إلى كائنات ذكية - مثلنا - بظهور وقت حياة الشمس . فبعد حوالي 10 مليار عام , ستتضخم الشمس وتبتلع الأرض . لربما أتقن شكل ذكي من الحياة السفر في الفضاء ويكون قادر على الهروب إلى كوكب آخر , ولكن الحياة على الأرض سوف تهلك .

    يوجد دليل أحفوري بأنه كان يوجد بعض أشكال الحياة قبل 3,5 مليار عام مضى , هذا كان تقريبا بعد 500 مليون عام منذ أن أصبحت الأرض باردة ومناسبة أكثر لتطور الحياة .

    لكن من الممكن أن الحياة أخذت 7 مليار عام للتطور , وامتلكت وقت كافي للتطور إلى كائنات مثلنا الذي سيسأل لاحقا عن أصل الحياة . إذا كان احتمال ظهور الحياة على كوكب معين ضئيل جدا , فلماذا حصلت على الأرض ؟

    يقترح الظهور المبكر للحياة على الأرض بأن هناك فرصة جيدة لجيل جديد ذاتي التوالد في الظروف المناسبة . ربما كان يوجد بعض أشكال التعضي الأبسط التي ساعدت في بناء الحمض النووي . بمجرد ظهور الحمض النووي , فإنه كان ربما ناجح جدا بأنه استبدل الأشكال الأولية بالكامل , لكننا لا نعرف ما كانت تلك الأشكال الأولية . احتمالية واحدة تقول بأنه من الممكن أن ذلك الشكل الأولي كان ( الحمض الريبي النووي : RNA ) . هو مثل الحمض النووي , لكنه أبسط وبدون تركيب لولبي الشكل . الأطوال القصيرة من الحمض الريبي النووي يمكن أن تقوم بنسخ نفسها مثل الحمض النووي , فمن ثم قد يعزز الحمض الريبي النووي بناء الحمض النووي . لا يمكن لشخص صنع الحمض النووي في المختبر من مادة غير حية , ناهيك عن الحمض الريبي النووي , لكن إعطاء 500 مليون عام ومع تواجد المحيطات التي تغطي أغلب مناطق الأرض , قد يكون هناك احتمال معقول لنشوء الحمض الريبي النووي بالصدفة .

    بينما يقوم الحمض النووي بإعادة نسخ نفسه , كان هناك بعض الأخطاء العشوائية أثناء عملية النسخ , العديد من هذه الأخطاء كان من الممكن أن تكون ضارة مما سيسبب تلفها . بعض تلك الطفرات كانت محايدة . لكن تلك الأخطاء لم تؤثر على وظيفة الجين , مثل تلك الأخطاء تساهم في عملية ( الإنجراف الوراثي : Genetic Drift ) بشكل تدريجي الذي يبدو أنه حدث في مجمل الكائنات , وبعض تلك الأخطاء تم تفضيلها لبقاء النوع . كل ذلك تم اختياره بواسطة عملية ( الإنتخاب الطبيعي الداروينية : Darwinian Natural Selection ) .

    عملية التطور الأحيائي كانت بطيئة جدا في البداية , فلقد استغرقت 2,5 مليار عام لتتطور من أول خلية إلى خلايا حيوانية متعددة أولية . بعد ذلك , مليار عام آخر لتتطور من خلال السمك إلى الزواحف إلى الثديات . لكن , بعد ذلك يبدو أن عملية التطور تسارعت , فلقد استغرقت عملية تطور الثديات الأولية إلى الإنسان مئات ملايين الأعوام فقط . السبب وراء ذلك , هو أن السمك يملك معظم أهم أعضاء الإنسان والثديات , فلذا لم يتطلب وقتا طويلا للتطور من الثديات المبكرة , مثل حيوان ( الليمور : Lemur ) إلى الإنسان (( 2 )) .

    لكن الجنس البشري , وصل إلى مرحلة حرجة من التطور مشابه لأهمية تطور الحمض النووي . المرحلة الحرجة هذه هي تطور " اللغة " , وبالتحديد كتابة اللغة .

    اللغة تعني المعلومات التي تنتقل من جيل إلى آخر غير المعلومات الوراثية التي تنتقل عبر الحمض النووي .

    لم يكن هناك تنوع غير قابل للكشف في الحمض النووي لدى البشر، حصل بواسطة التطور الأحيائي في السنوات الـ10 ألاف الأخيرة من التاريخ المسجل , لكن كمية المعرفة التي تسلم من جيل إلى آخر نمت خلال الفترة هذه .
    يحوي DNA لدى الإنسان على حوالي 3 مليار حمض نووي .

    على أية حال , معظم المعلومات المشفرة في هذه السلسلة عاطلة أو خاملة . إذا , الكمية الكلية من المعلومات المفيدة في جيناتنا تقارب مئة مليون - بت . 1 - بت من المعلومات هو إجابة لسؤال نعم / لا . بالتباين , رواية ورقية قد تحتوي على مليوني - بت من المعلومات , فمكتبة وطنية رئيسية يمكن أن تحتوي على حوالي 5 مليون كتاب أو حوالي 10 تريليون - بت من المعلومات . لذا , كمية المعلومات الموجودة في الكتب تعادل مئة ألف مرة قدر المعلومات في الحمض النووي .


    ولأهمية أكثر , فإن المعلومات في الكتب يمكن أن تتغير وتتحدث بسرعة أكثر . فلقد استغرق الجنس البشري ملايين السنين للتطور من السلف المشترك للرئيسيات .

    خلال ذلك الوقت , المعلومات المفيدة في الحمض النووي لدينا من المحتمل أنها تغيرت ببضعة ملايين - بت فقط . لذا , نسبة التطور الأحيائي في الإنسان قليل في السنة الواحدة .

    للتبين , فإنه يوجد حوالي 50,000 كتاب ينشر باللغة الإنجليزية سنويا , تحتوي على مئات المليارات - بت من المعلومات . بالطبع , فإنه معظم تلك المعلومات غير ذات أهمية أو فائدة , وليس لها استخدام لأي شكل من أشكال الحياة . لكن رغم ذلك , فإن نسبة أي المعلومات المفيدة يمكن أن تضاف فهي بالملايين إن لم تكن بالمليارات , أعلى مما هو مع الحمض النووي .


    هذا يعني أننا دخلنا حقبة جديدة من التطور . أولا , مضى التطور بواسطة الإنتخاب الطبيعي من خلال الطفرات الجينية العشوائية . هذه المرحلة الداروينية التي دامت حوالي 3,5 مليار سنة وأنجبتنا، نحن النوع الذي قام بتطوير اللغة لتبادل المعلومات .

    لكن , في الـ10 آلاف سنة الأخيرة , دخلنا ما يمكن تسميته بحقبة الـ( external transmission : الإنتقال الظاهري ) .

    في هذه المرحلة , فإن السجل الداخلي للمعلومات في الحمض النووي لم يتغير بشكل ملحوظ . لكن السجل الظاهري في الكتب وأدوات الحفظ الأخرى نمت بشكل كبير . يستعمل بعض الناس تعبير ( تطور : Evolution ) للتعبير عن المادة الوراثية المنقولة وراثيا , ويعترضون على أن التطور له علاقة بالمعلومات المنقولة ظاهريا , لكني أعتقد أن تلك وجهة نظر ضيقة جدا , فنحن أكثر من مجرد جينات . قد لا نكون أقوى أو أكثر ذكاءا من رجل الكهف - أحد أسلافنا - . لكن الذي يميزنا عنهم هي المعرفة التي جمعناها خلال الـ10 آلاف سنة الماضية , وبالتحديد خلال الـ300 سنة ماضية . لذا , أعتقد أنه من الشرعي لإلقاء نظرة أوسع ليتضمن التطور المعلومات المنقولة ظاهريا أيضا كما هو الحال في المعلومات المقنولة عن طريق الحمض النووي في الجنس البشري .

    مقدار الزمن المقدر للتطور في مرحلة " الإنتقال الظاهري " هو الوقت المقدر لتراكم المعلومات , ومن المعتاد أن الزمن الذي يستغرق لتراكم المعلومات يصل لمئات أو آلاف السنين , لكن الآن الزمن المقدر لتراكم المعلومات قل إلى حوالي 50 سنة أو أقل . من ناحية أخرى , الأدمغة التي نقوم بمعالجة المعلومات بها تطورت فقط في فترة الزمن " الدارويني " من مئات آلاف السنوات . هذا يبدأ بتسبيب المشاكل .

    في القرن الثامن عشر , قيل بأن هناك رجل قرأ كل كتاب تم كتابته , لكن في الوقت الحاضر , إذا قرأت كتاب واحد في اليوم , فإنك ستستغرق 15,000 عام لقراءة الكتب في المكتبة الوطنية , وبمرور ذاك الوقت فإن هناك المزيد من الكتب سيتم كتابتها .

    هذا يعني , أنه لا يمكن لشخص أن يكون سيد المعرفة الإنسانية , فما سيحتله هو مجرد زاوية صغيرة من المعرفة الإنسانية , فالناس يحبون التخصص في المجالات المحدودة , فهذا قد يسبب قصور معرفي في المستقبل

    نحن بالتأكيد لا نستطيع الإستمرار طويلا , بالنسبة الأسية لنمو المعرفة التي امتلكناها خلال الـ300 سنة الماضية . الخطر أعظم على مستوى الأجيال القادمة وهو أننا ما زلنا نملك الغرائز , وبشكل خاص " الإندفاع العدواني " الذي كان لدى إنسان الكهف . العدوان يكون على شكل إخضاع أو قتل الرجال الآخرين وأخذ نسائهم وغذائهم , وكل هذا كان له فائدة للبقاء على الحياة حتى إلى الوقت الحاضر . لكن حاليا , قد يسبب هذا في دمار الجنس البشري , ومعظم الحياة على سطح الأرض , وهو ما أقصده بالـ ( حرب النووية ) , وهناك أخطار أخرى , مثل ( إطلاق فيروس مهندس جينيا ) .

    لا يوجد وقت لإنتظار التطور الدارويني ليجعلنا أكثر ذكاءا . لكننا ندخل الآن مرحلة جديدة يمكن تسميتها بـ ( self designed evolution : التطور المصمم ذاتيا ) وهو ما يعني قدرتنا على تغيير وتحسين حمضنا النووي .

    يوجد مشروع الآن هدفه رسم خريطة للسلسلة الجينية في الحمض النووية لدى لإنسان , و يكلف هذا المشروع بضعة ملايين الدولارات . بمجرد أن نقوم بقراءة كتاب الحياة , سنبدأ بالقيام بعمل التصحيحات . في بادئ الأمر , هذه التغييرات ستنحصر في إصلاح العيوب الوراثية , مثل ( التليف الكيسي , الضمور العضلي ) . تلك العيوب الوراثية مسيطرة بواسطة جينات فردية , ومن السهل تمييزها , ومن ثم يتم تصحيحها . بخصوص الذكاء , فإنه من الممكن أنه مسيطر من قبل عدد كبير من الجينات , فسيكون من الصعب إيجادهم وحساب العلاقات بينهم . على الرغم من هذا , فإني متأكد بأنه خلال القرن القادم , سيكتشف الناس كيفية تعديل الذكاء , والغرائز مثل " العدوان " .

    لن يكون بعض الناس قادرين على مقاومة الإغراء في تحسين الخصائص البشرية , مثل ( طول الحياة , حجم الذاكرة , مقاومة المرض ) , فعندما يتم تحسين الخصائص البشرية ليظهر إنسان قوي جدا ذو صفات متطورة , فإنه سيحصل مشاكل سياسية مع الأناس الغير محسنين , بحيث أنهم لن يكونوا قادرين على التنافس مع الأناس المحسنين جينيا . من المفترض , بأن الأناس الذين لن يحسنون من جيناتهم سينقرضون أو سيصبحون غير مهمين , فبدلا من ذلك ستنتج الـ" أجناس المصممة ذاتيا " الذين يقومون بتحسين أنفسهم بنسبة مستمرة بالتزايد . إذا استطاع هذا الجنس إعادة تصميم نفسه لتخفيض أو إزالة خطر تدمير الذات , فإن هذا الجنس سينتشر ويستعمر الكواكب والنجوم الأخرى . على أية حال , السفر في الفضاء لمسافة طويلة سيكون صعب لأشكال الحياة المستندة على أساس كيميائي مثل " الحمض النووي " . فالعمر الطبيعي لمثل تلك الأشكال من الحياة قصير مقارنة لزمن السفر , فطبقا للنظرية النسبية , فإنه لا شيء يمكن أن يسير بسرعة أعلى من سرعة الضوء . فلذا , جولة لأقرب نجم ستسغرق على الأقل 8 أعوام , بينما جولة لمركز المجرة ستستغرق مئات آلاف السنين . في الخيال العلمي , نجد بأنه يتم التغلب على هذه الصعوبة بانفتال الفضاء أو السفر من خلال أبعاد إضافية , لكني لا أعتقد أن أيا من تلك الخيالات العلمية ستحدث على أرض الواقع , ولا يهم حتى ما يصل إليه أحد الأجناس من ذكاء عالي . في النظرية النسبية , فإنه إذا استطاع شخص السير بسرعة أسرع من سرعة الضوء , فإن شخص آخر سيستطيع السفر للماضي . هذا سيسبب مشاكل لبعض الناس , من جراء القيام بتغيير الماضي .

    لربما يكون من الممكن إستعمال الهندسة الوراثية لصنع حمض نووي يمكن الكائن من البقاء حيا بشكل غير محدود أو على ألأقل لمدة 100 ألف سنة . ولكن بطريقة أسهل , والتي هي تقريبا ضمن قدراتنا وهو إرسال الآلات بدلا من عدة أشخاص . فيمكن تصميم آلات تدوم طويلا للسفر بين النجوم بما فيه الكفاية , فعندما تصل الآلات إلى نجم جديد , يمكن أن تهبط على كوكب مناسب . هذه الآلات ستكون شكل جديد من أشكال الحياة مبنية على ميكانيكات وأدوات إلكترونية . لربما يمكن في النهاية أن يتم استبدال الحمض النووي بها , كما استبدل الحمض النووي شكل الحياة السابق لربما .

    الحياة الميكانيكية يمكن أن تكون أيضا " ذاتية التصميم " , فهكذا تبدو مرحلة " الإنتقال الظاهري " من التطور , سيكون فاصل قصير بين المرحلة الداروينية , والحيوية أو الميكانيكية , ومرحلة التصميم الذاتي .

    ماهي المدة التي ستدوم فيها مرحلة " التصميم الذاتي " غير معروفة , فقد تكون هذه المرحلة غير مستقرة وتسبب الحياة في تحطيم نفسها , أو تدخل إلى نهاية مسدودة . إذا كانت المرحلة مستقرة ولم تدمر نفسها , فإنها يجب أن تكوت قادرة على النجاة من تضخم الشمس في غضون 5 مليار عام قادم , وذلك عن طريق الإنتقال إلى كواكب حول نجوم أخرى . معظم النجوم ستحترق خلال 15 مليار عام أخرى , والكون سيقترب إلى حالة الفوضى الكاملة , وذلك طبعا لقانون الديناميكا الحرارية الثاني .

    مع ذلك , فإن ( فريمان دايسون Freeman Dyson ) بين بأن الحياة يمكن أن تتكيف تجهزا لتناقص الطاقة المنظمة , ولذا فإنه من الممكن أن تستمر الحياة إلى الأبد . ( 3 )

    ماهي إحتمالات إمكانية لقاءنا مصادفة مع كائنات أخرى بينما نحن نستكشف المجرة ؟

    فإذا كان القول حول الفترة الزمنية التي ظهرت فيها الحياة على الأرض صحيحة , فإنه من الواجب وجود العديد من النجوم الأخرى التي يوجد عليها أشكال من الحياة . البعض من تلك الأنظمة النجمية من الممكن أنها تكونت قبل الأرض بـ5 مليار عام . لذا , لماذا لا تدب أشكال جديدة من الحياة بيولوجية كانت أم ميكانيكية في المجرة مصممة ذاتيا ؟ لماذا لم تزار الأرض أو استعمرت حتى ؟ أعتقد بأن أي زيارات للأرض بواسطة كائنات أخرى ستكون واضحة المعالم كثيرا , ومن المحتمل أيضا أنها يتكون زيارات كريهة !

    ماهو تفسير سؤال : لماذا لم نزار حتى الآن ؟

    هناك بعض الحجج التي تتعلق بظهور الحياة على الأرض , ولكن تلك الحجة خاطئة . فلربما احتمال ظهور الحياة بشكل آني منخفض جدا , بأن الأرض هي الكوكب الوحيد في المجرة أو في الكون الممكن رؤيته الذي ظهرت عليه الحياة . إمكانية أخرى بأن هناك احتمال معقول لتكون أنظمة ذاتية لإعادة التكاثر , مثل ( الخلايا ) , لكن على الأغلب بأن هذه الأنظمة لم تقم بالتطور لتقوم بانتاج كائنات ذكية .

    نحن معتادون على التفكير عن الحياة الذكية , كنتيجة حتمية من عملية التطور . لكن مبدأ " الأنتروبي " يحذرنا من مثل تلك الإعتراضات .

    فالتطور على الأرجح عملية عشوائية , فلذا , فإن ظهور كائنات ذكية من عملية التطور هي نتيجة محتملة من عدد كبير من النتائج المحتملة .

    إنه ليس من الواضح بأن المخلوق لذكي يملك أي أهمية للبقاء طويلا على المدى .

    البكتيريا , وكائنات وحيدة الخلية ستعتاش على الجنس البشري إذا قمنا بتدمير جميع أشكال الحياة الأخرى . يوجد دعم لوجهة النظر بأن المخلوق الذكي كان تطور غير محتمل من تاريخ أحداث التطور . أخذ وقت طويل جدا يقدر بـ2,5 مليار عام للتطور من خلايا وحيدة إلى كائنات متعددة الخلايا التي هي بادرة ضرورية لإنتاج المخلوق الذكي . هذا رقم جديد من مجموع الوقت المتوفر قبل أن تنفجر الشمس . لذا , ذاك ستكون متسقة مع الفرضية التي تقول بأن إحتمال ظهور كائن ذكي منخفضة .
    في هذه الحالة , نحن قد نتوقع لإيجاد العديد من أشكال الحياة في المجرة , ولكنه من الغير المحتمل أننا سنجد حياة ذكية . قد تخفق الحياة من التطور إلى مرحلة ذكية وذلك لو اصطدم كويكب أو مذنب بالكوكب , فنحن للتو لاحظنا اصطدام مذنب ( شوماخر- ليفي : Schumacher-Levi ) مع المشتري , وأنتج سلسلة هائلة من الكرات النارية . يتوقع بأن سبب إنقراض الديناصورات قبل حوالي 70 مليون سنة هو اصطدام جسم فضائي بالأرض أصغر من المذنب الذي اصطدم بالمشتري . بضعة كائنات ثدية الأولية نجت وبقيت حية , ولو كان هناك كائن ثدي مثل الإنسان عاش في زمن الديناصورات لكان أبيد هو الآخر بسبب اصطدام ذاك الجرم . إنه من الصعب القول كيف تحدث مثل تلك الإصطدامات أغلب الأحيان , ولكن كتخمين فإنها تحصل كل 20 مليون عام . على المتوسط , إذا كان هذا الرقم صحيح , فإنه يعني بأن الحياة الذكية تطورت فقط بسبب الصدفة السعيدة بأنه لم يكن هناك اصطدامات هائلة خلال الـ70 مليون سنة الماضية . الكواكب الأخرى في المجرة , التي ظهرت عليها شكل بدائي من الحياة لربما لم يكن وقت كافي لتطوير حياة ذكية نظرا للإصطدامات التي تعرضت لها تلك الكواكب بالأجرام الفضائية .



    إحتمالية ثالثة بأنه يوجد احتمالية معقولة لتكوين الحياة وللتطور إلى كائنات ذكية في مرحلة " الإنتقال الظاهري " . لكن في تلك النقطة , النظام يصبح غير مستقر , والحياة الذكية تقوم بتدمير نفسها . هذه ستكون خاتمة متشائمة جدا , لذلك أتمنى بأن ذلك لن يكون حقيقي .

    من ناحيتي أفضل الاحتمالية الرابعة : يوجد أشكال أخرى من الحياة الذكية بالخارج . كان هناك مشروع باسم " SETI " وهو اختصار لـ ( البحث عن المخلوقات الذكية من الفضاء الخارجي : the search for extra-terrestrial intelligence ) . هذا المشروع يقام فيه مسح ذبذبات الإرسال لرؤية ما إذا كنا نلتقط إشارات من حضارات أخرى . أعتقد أن هذا المشروع كان يستحق الدعم لأنه ألغي بسبب قلة الأموال . لكننا يجب أن نكون حذرين من الرد , حتى يصبح لدينا تطور من نوع آخر . في وقتنا الحالي , فإن الاجتماع مع حضارة أكثر تقدما يشبه اجتماع السكنة الأصليين لأمريكا بـ" كولومبوس " !!


    ××××××××××××××××××××××××××

    @ توضيحات هوامشية :

    1 - QCD : اختصار لـ" Quantum chromodynamics " , وهي نظرية التفاعل القوي , وهي قوة أساسية التي تصف تفاعلات الكواركات مع الغليونات الموجودة في الهادرونات . الهادرونات هي جزيئات مكونة من الكواركات او الغليونات , مثل ( البروتون , النيوترون أو البايون ) .

    2 - حيوان الليمور " Lemur " : وهو من الرئيسيات البدائية المعروفة بـ" ببروسيميانس " أي ما قبل القردة , و يعتبر هذا النوع من الرئيسيات بأنه الأصل الذي تتطورت منه القردة simians او ما يعرف بالرئيسيات العليا .

    3 - Freeman Dayson : فيزيائي بريطاني وأمريكي , يبلغ عمره 84 عام , وهو مسيحي الديانة , ويدرس في جامعة كامبريدج , وحصل على جائزة الـ" Templeton " في العام 2000 مـ .
    مصادر:

    مصدر الاصل الانكليزي

    Life in the Universe


    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
  • محمد الانصاري
    MyHumanity First
    • 22-11-2008
    • 5048

    #2
    رد: الحياة في الكون - البروفسور ستيفن هاوكينج




    شكرآ لَك عَ ـلَى آلَمِوِضوِعَ ـ
    وِفُقَك آلَلَهِ لَكلَ خٌ ـيّر

    ---


    ---


    ---

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎