إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

ما هو سبب نشوء الجنس فى نظرية التطور ؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5279

    ما هو سبب نشوء الجنس فى نظرية التطور ؟

    سبب نشوء الجنس فى نظرية التطور (1)


    محمد زكريا توفيق
    الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 08:50
    المحور: الطب , والعلوم



    لماذا يوجد الجنس؟ هذا سؤال لا يخطر ببال كثير من الناس. إذا كان وجود نوعين من الجنس بين البشر, الذكر والأنثى, شئ ظريف, فلماذا لا يكون هناك أكثر من نوعين؟ نبات عش الغراب له أكثر من مائة جنس، ويحدث التزاوج بينها أيضا.

    قد تكون الإجابة على سؤال "لماذا الجنس؟" هو: لأننا نريد إنجاب الأطفال. لكن هناك مخلوقات عديدة تتكاثر بدون جنس. الباكتيريا, مثلا, تتكاثر بالإنقسام بدون الحاجة إلى زوج وزوجة. فى عالم الحيوان، توجد الإناث التى تتكاثر بدون الحاجة إلى الذكور. مثل السحالى ذات الذيل الذى يشبه السوط. بيض هذه السحالى لا يحتاج إلى الحيوانات المنوية لكى تخصب. الخلايا داخل البيضة، ببساطة، تقوم من نفسها بالإنقسام المتواصل حتى يتكون الجنين. هذه السحالى تنجب الإناث فقط، التى تأتى صورة طبق الأصل من أمهاتها.

    وجود الجنس ليس فقط غير ضرورى, لكنه يسبب مشاكل كثيرة تتعارض مع التطور. فالجنس ليس هو الطريقة المثلى للتكاثر. السحالى وحيدة الجنس, كل منها يستطيع الحمل وإنجاب سحلية أخرى. بينما السحالى ثنائية الجنس, الأناث فقط هى التى تستطيع الحمل.

    إذا تواجدت السحالى أحادية الجنس مع السحالى ثنائية الجنس فى مكان واحد, فإن أحادية الجنس, بعد فترة وجيزة, يصبح تعدادها أضعافا مضاعفة بالنسبة للنوع الآخر من السحالى. كما أن الجنس يخلق أيضا التنافس بين الذكور للفوز بالأنثى, ويبدد طاقة الحيوانات ويعرضها للخطر. كما هو الحال فى تناطح الكباش, ونقيق الضفادع طوال الليل، وهو نوع من الغناء لمناجاة الأنثى. وحجم ذيل الطاووس الضخم، الذى يستهلك جزءا كبيرا من غذائه اليومى.

    بالنسبة للإنسان, التنافس بين الذكور لنيل الأنثى، هو سبب معظم مشاكل العنف والحروب والأمراض النفسية التى عانت وتعانى منها البشرية إلى اليوم. بالرغم من ذلك، فكل الشواهد تدل على أن الجنس باق ومستمر معنا، ولن يختفى بعوامل التطور مستقبلا.

    ما السر فى نجاح الجنس بين المخلوقات بالرغم من عدم كفاءته ومشاكله الكثيرة؟

    السر هو أن الجنس يعتبر وسيلة لمقاومة الأمراض التى تفتك بالمخلوقات من وقت لآخر. متمثلة فى كل أنواع الطفيليات والباكتيريا والفيروسات الضارة، التى تهاجم عالم الحيوان والنبات طول الوقت.

    تخيل بركة ماء يعيش فيها نوع واحد من الأسماك أحادية الجنس، والتى تتكاثر بدون ذكور. كل سمكة فى هذه البركة سوف تكون صورة صبق الأصل من أمها. نفس الشكل, نفس تركيبة الجينات, ونفس القدرة على مقاومة الأمراض والطفيليات.

    الآن نفترض أن البركة تلوثت بنوع من الميكروبات أو الطفيليات التى تتكاثر بمعدل أكبر من تكاثر الأسماك. تكون النتيجة هى: إما فناء كل أسماك البركة، لأن الأسماك لها نفس درجة المقاومة, وإما نجاتها كلها إذا كان هذا الفيروس من الممكن مقاومته. لأن الفيروسات والطفيليات تتشكل وتتغير تركيبة جيناتها بإستمرار حتى تستطيع الإستفادة من ضحيتها. وتكون مسألة وقت فقط قبل أن يأتى مكروب أو طفيل، ينجح فى مهاجمة هذه الأسماك والقضاء عليها كلها.

    الجنس فى هذه الحالة يعتبر ميزة بالنسبة لهذه الأسماك. فالجنس نظرا لإمتزاج جينات الأب وجينات الأم، وهو ما يعرف بالإخصاب, ينتج عنه أجيالا تختلف عن آبائها وأمهاتها فى تركيبة جيناتها. هذا الإختلاف يجعل بعض هذة الأسماك، حتى وإن كان عددها قليل, قادرا على مقاومة هذا النوع من الفيروسات أو الطفيليات, فى الوقت الذى يهلك فيه الآخرون. وبذلك تستمر الحياه.

    عندما عزم نابليون بونابارت على غزو روسيا عام 1812م, زحف بجيش قوامه نصف مليون جندى. تقهقر الجيش الروسى أمامه ولم يشتبك معه فى معركة واحدة. عندما وصل نابليون إلى ليثوانيا, إستولى على العاصمة بدون إستخدام طلقة واحدة. لكنه قام بدفن ستين ألفا من جنوده بسبب وباء التيفود. ومع إنسحاب الجيش الروسى وتوغل نابليون فى الأراضى الروسية. تمكن وباء التيفود من جنودة. فكان يترك نابليون مرضاه خلفه ويستمر فى التقدم.

    عندما وصل نابليون إلى موسكو, كانت المدينة خاوية على عروشها يحترق ثلثاها. حينئذ, تنبه نابليون إلى ضرورة ترك روسيا قبل مجئ الشتاء, وإلا أبيد جيشه بالكامل. أثناء العودة, كان جيشه يعيش على لحوم الخيل والماء المنصهر من الثلوج. وكانت مراكز الإسعاف, التى تركها وراءه, تتكدس فى طرقاتها الجثث. كان مضطرا إلى ترك المزيد من المرضى إلى مصيرهم المحتوم. عندما وصل إلى بولندا وبروسيا, كان جيشه قد تحطم بالكامل. ولم يتبق منه سوى شراذم صغيرة تدافع عن نفسها. وأصبحت هذه الفلول مثل القمل الذى ينشر المرض فى القرى التى يمر بها.

    الذين نجو من جيش نابليون ثلاثون ألفا فقط من نصف مليون, إستطاعوا العودة إلى بيوتهم. كل عشرين جندى, مات منهم 19 ولم ينج سوى واحد. لم يبرأ نابليون من هزيمة التيفود هذه القاتلة. فسرعان ما تقوضت إمبراطوريته بعد ذلك بقليل.

    ماذا يعنى هذا؟ هذا يعنى أنه, بالرغم من عظم الكارثة التى حلت بجيش نابليون, إلا أن 30 ألفا من جنوده ظلوا أحياء. هذا هو الهدف من الإختلاف الناتج من التزاوج. فلو كنا جميعا صورة طبق الأصل من بعضنا, لما بقى من جنود نابليون جندى واحد يروى هذه القصة البائسة.
    سبب وجود البويضة والحيوان المنوى هو بالطبع الحاجة لوجود الجنس. البويضة كبيرة الحجم جدا نسبيا, وثابتة فى مكانها, بينما الحيوان المنوى صغير جدا, وله ذيل طويل يساعده على السباحة مسافات طويلة. عند الإخصاب, تسمح البويضة للحامض النووى (DNA) فقط من الحيوان المنوى بالدخول والإمتزاج بنواتها.

    البويضة والحيوان المنوى يشبهان غريبان يبحثان عن بعضهما فى غابة كبيرة أثناء الليل. فرصتهما فى التلاقى تكاد تكون معدومة إذا قاما كلاهما بالبحث عن الآخر فى نفس الوقت. لكن الفرصة تكون أكبر إذا ثبت أحدهما فى مكانه, وأخذ فى النداء على رفيقه فى هذا الظلام الدامس.

    بالنسبة للإنسان يكون النداء بالصوت الجهورى. أما بالنسبة للبويضة فهى التى تقوم بالنداء, ليس بالصوت, ولكن بإنتاج مادة الفيرمون ذات الرائحة النفاذة، والتى لا يخطئها الحيوان المنوى. بالطبع فرصة اللقاء تكون أكبر وأكبر إذا كان من يقوم بالبحث ليلا أكثر من شخص واحد. فما بالك بمئات الألوف أو الملايين من الحيوانات المنوية التى تقوم بالبحث عن البويضة فى نفس الوقت.

    بالنسبة لحجم البويضة الكبير نسبيا له عدة فوائد. الحجم الكبير يساعد على إنتاج كميات أكبر من الفيرمون لكى تهتدى الحيوانات المنوية برائحته. كما ان حجم البويضة يسمح بإختزان الغذاء اللازم لإنقسامها المتوالى عند الإخصاب. بذلك لايحتاج الحيوان المنوى ان يحمل معه كميات كبيرة من الغذاء، مما يعوق حركته فى البحث عن البويضة أثناء رحلتة المضنية.

    الرجل يمكنه أن ينتج فى حياته من الحيوانات المنوية مايكفى لإخصاب كل نساء الكرة الأرضية مرات عديدة. لكن المرأة تنتج بويضة واحدة كل شهر. تحمل المرأة الجنين داخلها, وتتعرض حياتها للخطر عند الولادة, ويستهلك العناية بطفلها جزءا كبيرا من طاقتها.

    بينما الرجل, كما هو الحال بالنسبة لباقى الحيوانات, يتنافس على الأنثى. حاجة الإناث لذكر واحد, الأقوى فى هذه الحالة, يخلق بين الذكور العنف والصراع. ذكور الفقمة أو عجل البحر التى تعيش فى البحار الشمالية, تصدم بأجسادها, التى يبلغ كلا منها مايزيد على 2000 رطل, كل منها الآخر, لكى يفوز أحدها وحده بكل الحريم, التى يبلغ عددها العشرات. كباش القطب الشمالى تتناطح بعنف لدرجة أن واحدا من كل عشرة منها ينفق بسبب هذا التناطح. وحتى الخنافس والذباب, ذكورها تتقاتل أيضا للفوز بالأنثى.

    التنافس بين ذكور الحيوانات للحصول على الأنثى كان معروفا لدى علماء الكائنات الحية فى عصر دارون. هذا التنافس يمكن تفسيره فى ضوء نظرية التطور بدون مشقة. إذا تنافس ذكران من الكباش, فالمنتصر الأقوى ذو الجمجمة الأكبر والأصلب, هو الذى سوف يفوز بالإناث.

    ومن ثم، ينتقل كبر وصلابة الجمجمة إلى الجيل التالى. قد تظهر نتوءات فى الجباه, نتيجة هذا التناطح, تتطور بمرور الوقت إلى قرون, كما هو الحال فى كباش اليوم.

    لكن دارون يتساءل عن ما تفعله الإناث أثناء هذا التناطح. هل هن ببساطة يقمن بالإنتظار فى هدوء لكى يطئهن الكبش المنتصر؟ هذا الإنتظار الهادئ قد يروق كتاب الروايات الرومانسية. لكن دارون يجد أنه يعتبر مشكلة, من وجهة نظر نظرية التطور, بالنسبة للإناث التى يتجنبها الذكر المنتصر. لكن حواء حلت هذه المشكلة بالميكاب والكعب العالى لإغراء الرجل.

    الطاووس بذيله الرائع وألوانه الزاهية يسبب أيضا مشلة بالنسبة لنظرية التطور. قال دارون يوما أنه كلما ينظر إلى ذيل الطاووس, يصاب بالدوار. لأن هذا الذيل لا يتواءم مع نظريته. ذيل الطاووس الكبير الذى يشبه المروحة, بالأشكال والدوائر والألوان المختلفة التى تزينه, لا يفيده فى الصراع مع الذكور الأخرى من أجل الإناث.

    فى الواقع, يعتبر عبئ كبير على ذكر الطاووس. الإناث تعيش بدونه ولا تحتاجه. هذا الذيل يستهلك جزءا كبيرا من غذاء الذكر اليومى. كما أنه يعوق الحركة أثناء الهرب من الثعالب والجوارح الأخرى. بالرغم من ذلك, فإن ذكر الطاووس لايزال له هذا الذيل الجميل الرائع, الذى يتجدد, عندما يسقط الريش القديم فى نهاية كل العام.

    هذه مشكلة حقيقية لدارون ونظرية التطور. لأن ذيل الطاووس هذا يتعارض مع فكرة النشوء والإرتقاء. لقد فكر دارون طويلا فى هذه المشكلة قبل أن يأتى بتفسير جيد لسبب ظهور هذا الذيل عند الطاووس. هذا التفسير يسمى بالإختيار الجنسى.

    أثناء موسم التزاوج, تتجمع ذكور الطاووس فى مجموعات. ثم تقوم بالصراخ للفت نظر وجذب الإناث إليها. حينما تظهر أنثى وتقترب من المجموعة, تقوم الذكور بفرد ذيولها فى إستعراض خلاب. بينما تقوم الأنثى بتفقد وتقييم كل طائر حسب حجم وألوان وجودة ذيله.

    إذا وجدت الأنثى الذيل المنشود, وراقها وأعجبت به كل الإعجاب, سمحت لصاحبه بوصالها. هل إختيار الأنثى مبنى على الناحية الجمالية؟ أى انها تختار الأجمل. أم إختيارها إختيار عملى؟ أى الأكبر والأزهى ألوانا. هذا السؤال لم يجبه دارون. ولكنه يفسر أن إخيار الأنثى هو السبب فى إستمرار الذيول الكبيرة والجميلة, وإختفاء الذيول الصغيرة والقبيحة مع مرور الزمن بالنسبة للطاووس.

    هذا التفسير, ثبت بالتجارب المعملية فى العشرين سنة الأخيرة صحته. أى أن إختيار الأنثى له فعله ومكانته فى نظرية التطور, وهذا هو السبب الرئيس فى تطور ذيل الطاووس إلى ما نشاهده اليوم. وقد ثبت أيضا أن الدوائر التى تشبه العيون والتى تزين ذيل الطاووس الذكر, إذا قل عددها عن 130 دائرة فى الذيل الواحد, فإن الأنثى تصرف النظر عن هذا الذكر الفقير فى عدد الدوائر, ونادرا ما تختاره. وهى تفضل صاحب الذيل الأكثر عددا والذى تزيد دوائر الزينة فيه عن 150 دائرة. وحواء هى أيضا تفضل صاحب الملايين على الفقير المعدم المكافح.

    وجد العلماء أيضا أن الأنثى تلعب دورا كبيرا فى إختيارها للذكر, بالنسبة لحيوانات كثيرة بجانب الطاووس. فمثلا الدجاجات يفضلن الديوك ذوات العرف الكبير الأحمر. سمك السرتيل, الذى يعيش فى أنهار أمريكا, تفضل الأنثى الذكر طويل الذيل. فى عالم الحشرات, أنثى صرار الليل, تميل إلى الذكور الأعلى والأكثر تعقيدا فى صريرها الليلى.

    وحيث أن هذه الظواهر وراثية, لذلك فإن الإختيار الجنسى يكون عاملا كبيرا من عوامل التطور بالنسبة لهذه المخلوقات. الطاووس الذكر صغير الذيل لن يجد الأنثى التى تختاره, ومن ثم سوف ينقرض وتبقى الطواويس كبيرة الذيل فقط بين الذكور.

    فرصة الأنثى فى الإنجاب أقل من الذكر. لذلك جعلتها عوامل التطور أكثر حرصا فى إختيار شريكها من بين الذكور. إنها تبحث عن الشريك الذى تدمج جيناتها مع جيناته لتكوين النسل الجديد.

    هذا يعنى أنها تبحث عن أفضل الجينات الموجودة أمامها. وحيث أن أنثى الحيوانات ليس لديها معمل لتحليل الجينات لكى تختار أفضلها, لذا فهى تحكم على الذكور التى أمامها بالطريقة الوحيدة التى تعرفها. وهى الحكم على شكل الذكر, وسلوكه وقوة صوته. لكن هل الأنثى هى التى تختار دائما فى عالم الحيونات؟

    السمك الأنبوبى المعروف بأبى زمارة, تقوم الأنثى بوضع البيض فى كيس داخل جسم الذكر. وبذلك تصبح الذكور حوامل. لعدة أسابيع يقوم الذكر بحمل البيض, وإمداده بالغذاء والأكسوجين من جسده. ونظرا لأن الأنثى تنتج من البيض ما يكفى عدة ذكور, لذلك تكون المنافسة, فى موسم التزاوج, كبيرة بين الإناث للحصول على الذكور. ونتيجة لذلك تكون الذكور هى التى تقوم بإختيار الأنثى. وهى فى الغالب تختار الأنثى الأكبر حجما.

    إختيار الأنثى للذكر والسماح له بوصالها لا يجعله أبا على الفور. فعلى حيواناته المنوية أن تتسابق مع بعضها, وتصارع العقبات التى تعترضها, للبحث عن البويضة وإخصابها. ونظرا لكون الأنثى عرضة للوصال مع أكثر من ذكر فى عالم الحيوان فى موسم التزاوج, وهذا أمر عادى جدا فى عالم الأحياء, لذلك تكون فرصة الذكر الذى ينتج حيوانات منوية بكميات كبيرة أكثر من الذكر الذى ينتج أقل. مثل فرص الربح بورقة اليانصيب, كلما زاد عدد أوراق اليانصيب التى يمتلكها الفرد, كلما زادت فرصة فوزه بالجائزة.

    الوفاء للحبيب فى عالم الحيوانات غير معروف. غالبية الطيورلا تعرف تعدد الزوجات. تعيش الأنثى مع نفس الذكر مدة طويلة قد تزيد على العام, وقد تبلغ طول العمر. يقومان سويا ببناء العش, ورعاية الصغار وإمدادهم بالدفئ والغذاء.

    عدم تعدد الزوجات بالنسبة للطيور يعتبر ضرورى للحياة. رعاية الصغار تحتاج إلى تعاون الجنسين. وتعدد الزوجات لايسمح بذلك. بالرغم من ذلك فالخيانه الزوجية موجوده بين الطيور وبكثرة. وقد تصل فى كثير من الحالات إلى 55 بالمئة. إذا مر ضيف عابر, ووجدت الأنثى أن ذيله أطول وأكثر لمعانا من الزوج المرافق لها, فلا مانع من وصال هذا الضيف, وبعدها يذهب إلى حال سبيله. تاركا الزوج المسكين ليقوم بواجبات الأبوه نحو صغار ليسوا من صلبه.

    لذلك فكفاح الحيوانات المنوية لتخصيب البويضة كفاح شرس وشاق. للحصول على الجائزة وكسب ورقة اليانصيب, يمكن إستخدام طرق وأساليب غير مشروعة. منها إفساد وإلغاء أوراق اليانصيب التى يحملها الآخرون.

    السائل المنوي لذبابة الفاكهة, يحوى سما يقتل الحيوانات المنوية التى يجدها داخل الأنثى من غيره. ذكر الذبابة ذات الأجنحة السوداء, يقوم بإخراج الحيوانات المنويه والتى ليست له من داخل الأنثى قبل وصالها. طريقة أخرى لزيادة فرصة الذكر فى إخصاب الأنثى, هو العمل على منع الذكور الآخرين من الإقتراب من الأنثى بعد وصالها.

    السائل المنوى لذبابة الفاكهة, بالأضافة إلى السم الذى يحتويه, يحتوى على مادة كيميائية تقلل من رغبة الأنثى فى الجماع مع ذكور أخرى. نوع من العناكب يعيش فى أمريكا الشمالية, يقوم بتدمير عش العنكبوت الذى يحتوى على رائحة الأنثى بعد وصالها, حتى لا يعثر عليها ذكر آخر.

    يلقى ذكر العنكبوت أحمر الظهر، الذى يعيش فى أستراليا، بنفسه بين أرجل الأنثى لجماعها. فتقوم هى أثناء الجماع بحقنه بسمها وإلتهامه ببطء. عملية الجماع وإلتهام الذكر تستغرق النصف ساعة تقريبا. لا تقوم الأنثى بإلتهام الذكر إلا إذا كانت جائعة. أما إذا لم تكن جائعة, فعملية الجماع تستغرق 11 دقيقة فقط. عدد الحيوانات المنوية التى يضعها الذكر فى جسد الأنثى تبلغ النصف بالنسبة للحالة التى تقوم فيها الأنثى بإلتهام الذكر.

    بذلك تكون تضحية الذكر بنفسه لها ميزة بالنسبة للمرحوم. إذ تجعل فرصته فى تخصيب الأنثى أكبر من الذكر الذى تكتب له النجاه. وخصوصا إذا علمنا أن الأنثى لا تميل إلى لقاء ذكر آخر بعد هذه الوليمة العظيمة التى يتخللها الجماع.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5279

    #2
    رد: ما هو سبب نشوء الجنس فى نظرية التطور ؟

    سبب نشوء الجنس فى نظرية التطور (2)


    محمد زكريا توفيق
    الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 09:35
    المحور: الطب , والعلوم



    صراع الحيوانات المنوية لإخصاب البويضة، هو صراع مستمر يحدث فى كل الأجيال. بالنسبة لذبابة الفاكهة, السائل المنوى للذكر يحتوى على مادة كيميائية تقتل الحيوانات المنوية للذكور الآخرين إذا وجدت داخل الأنثى. هذه المادة تجعل الأنثى تعجل بوضع البيض, وبالتالى تقل فرصة إخصابه من ذكور آخرين.

    هذه المادة الكيميائية تعتبر سامة بالنسبة للأنثى, لكن لا تقتلها على الفور. وإذا سمحت لذكور آخرين بوصالها أثناء وجود هذا السم داخلها, فإنها تموت بسرعة. ولأن الحشرات لا ترعى أولادها, لذلك فموت الأم, بعد أن تضع كميات كبيرة من البيض, لا يعتبر خسارة تذكر. الصراع من أجل البقاء لا يعرف الرحمة.

    بعد إخصاب الحيوان المنوى للبويضة, يبدأ صراع من نوع آخر. فى عالم الثدييات ومنه الإنسان, تستقر البويضة بعد الإخصاب فى رحم الأنثى, وتبدأ فى الإنقسام المتوالى. عملية الإنقسام وزيادة حجم البويضة, يحتاج إلى غذاء وكمية كبيرة من الطاقة يأخذهما الجنين من الأم.

    إذا سمحت الأم للجنين بالنمو بسرعة كبيرة, فإن ذلك يشكل خطرا على صحتها وربما حياتها. لكن الأب لا يهتم بمشكلة الأم بقدر إهتمامه بالجنين وصحته. لأن الجنين لا يشكل خطرا على الأب, ولا يعوق الأب عن الإنجاب مستقبلا. لذلك وجد العلماء الحيوان المنوى الخاص بالأب يحتوى على جين يساعد على سرعة نماء الجنين.

    هذا الجين موجود فى بويضة الأنثى، لكنه خامل ليس له تأثير. كما وجد العلماء أيضا أن بويضة الأنثى تحتوى على جين آخر نشط، مضاد للجين الأول ويعمل على إبطال مفعوله. هذا الجين الآخر موجود أيضا فى الحيوان المنوى للذكر, لكنه خامل ليس له تأثير. جينات الأب تحاول الإسراع فى نمو الجنين. وجينات الأم تحاول الإبطاء وتهدئة السرعة. حرب كيميائية.

    للأم دور فى تحديد حجم ونوع الجنين. نوع من البط تضع أنثاه بيضة أكبر، إذا كان الذكر أكثر سيطرة على باقى السرب. نوع آخر من الطيور المغردة, يعيش الذكر مع الأنثى كزوجين، فى أحد جزر المحيط الهندى، على مساحة محدودة من الأرض تقدر ب 70 أكر (الأكر يساوى 4000 متر مربع تقريبا).

    الإناث الصغار عادة لا يتركن أبويهما عندما يكبرن, لكى تبحث كل منهن عن وليف لتكوين أسرة جديدة، كما يفعل الذكور. وهذا ما يحدث لبناتنا فى منطقة الشرق الأوسط. ليس هناك مشكلة إذا كان الغذاء وفيرا ويكفى الجميع. لكن المشكلة تكون عندما يشح الغذاء ولا يكفى الجميع. وجد العلماء أنه إذا كان الغذاء وفيرا بالنسبة لهذا الطير الشادى, فإن الأنثى تضع بيضة واحدة ذكر لكل ستة بيضات أناث. أما إذا شح الغذاء, فيحدث العكس. تضع الأنثى بيضة واحدة أنثى لكل ستة بيضات ذكور.

    المنطق هنا واضح, من وجهة نظر نظرية التطور. عندما يشح الغذاء, يكون من الأفضل الإتيان بالذكور التى سرعان ما تكبر وتغادر, ليبحث كل منها عن وليف لتكوين أسرة بعيدا عن هذا المكان. إذا نجحت الذكور فى ذلك, كان بها. أما إذا فشلوا ولم يستطيعوا إيجاد مكان آخر، فإنهم قد يموتون جوعا. وهو ثمن يستحق دفعه فى سبيل بقاء النوع.

    عندما يكون الغذاء وفيرا, فمن الأفضل أن تضع الأنثى الإناث. لأنهن يساعدن أبويهما, فى العناية بالعش, والدفاع عن حوض المكان الذى يعيشون فيه. كيف تتحكم أنثى هذا العندليب المغرد فى نوعية أطفالها, لا أحد يعرف حتى الآن.

    عندما يولد الحيوان, إما أن يكون عضوا فى عائلة كبيرة, وإما أن يجد نفسه وحيدا يتيما. بالنسبة لذبابة مايو, يموت الأبوين قبل أن يفقس البيض. بالنسبة للدب الأسود, تعتنى الأم بطفلها لمدة سنة, لكن الأب لا يقدم أى مساعدة بخصوص العناية بالطفل. ذكر العصفور, يبذل كل جهده بجانب الأم فى العناية بالصغار حتى تتعلم الطيران وتغادر العش. الفيل يعيش مع أبيه وأمه وإخوته وأخواته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وجده وجدته عشرات السنين.

    العناية بالأطفال قد تكون لها أهمية إخيار الزوجة أو الزوج. ما الفائدة من جماع ذكر الخنافس لآلاف الإناث, إذا ماتت أطفاله خلال أسبوع من الفقس. أنواع كثيرة من عالم الحيوان, الأم والأب يعملان سويا للعناية بالأطفال حتى تكبر. ذكور الطيور تشارك الأنثى فى العناية بالصغار حتى وإن كانت الزوجة غير وفية.

    هناك أنواع أخرى من الحيوانات, منها الأسود والدببه والفيران والدلفين وقرد اللنغور الأسيوى. الذكر ليس يهمل فقط الأطفال, وإنما قد يقتلهم فى بعض الأحيان.

    الأسود تعيش فى مجموعات مع أطفالها, قد يزيد عدد الأناث البالغة فيها عن الدستة, وعدد الذكور البالغة قد يصل إلى أربعة. عندما تصل صغار الأسود الذكور إلى سن البلوغ, تقوم الذكور كبيرة السن بطردها من المجموعة.

    تهيم الذكور حديثة البلوغ على وجهها باحثة عن مجموعة أخرى تكون فيها الذكور كبيرة السن ضعيفة لا تقدر على مقاومتهم. فإذا وجد هؤلاء الشبان بغيتهم, قاموا بطرد الذكور العجوزة الضعيفة من القطيع وحلوا مكانهم.

    هنا تكون الخطورة الكبيرة على الأطفال. لأنها إن وجدت, يقوم الذكور الشبان الغازية بتمزيقهم إربا. فكل أربعة أطفال تولد للأسود, يموت أحدهم هذه الميتة البشعة بمخالب الذكور الغزاة.

    هذه قسوة فظيعة بالنسبة بمعايرنا الخلقية, لكنه منطق التطور فى إحدى صوره. هدف ذكر الأسود هو أخذ مجوعة من الأناث فى حوزته لإنجاب أطفال من صلبه. حضانة الأم لأطفال من ذكر آخر قد تمنع الأم من وصال الذكر الجديد الغازى, أو تأجل هذا الوصال عدة شهور حتى يأتى موسم التزاوج. أثناء هذا الإنتظار, قد يأتى غازى آخر فيقوم بطرده قبل أن يجامع الأنثى. لذلك فهو ليس لديه وقت يضيعه فى الإنتظار، إذا كان الهدف هو إخصاب الأنثى بجيناته لا بجينات غيره.

    أناث الأسود لا يقفن مكتوفى الأيدى, بل يفعلن ما فى وسعهن لحماية أطفالهن من هذا الغازى المفترى. زئير الغزاه يجعلهن يتجمعن ويقفن صفا واحدا, والأطفال من خلفهن, فى وجه الذكور المعتدية لمنعهم بالقوة من الإقتراب من الأطفال. وكلما زاد عدد الإناث فى المجموعة, كلما زادت فرصة الأطفال فى النجاة. وربما يفسر هذا حاجة أناث الأسود للعيش فى ظل نظام الحريم الجماعى بدلا من العيش الإنفرادى.

    لكن للأسف لاينجح دفاع الأناث عن أطفالهن فى كل مرة. وعندما يقتل الأسد الغازى أطفال الأنثى, تتغير هرمونات جسدها وتصبح مستعدة للوصال. يقوم هذا الغازى الجديد قاتل الأطفال بجماع اللبؤة مايقرب من مئة مرة فى اليوم. بعد يوم أو يومين يصبح منهك القوى جدا، وهذا ليس بالمستغرب. يأتى بعد ذلك ذكر آخر غازى أقل درجة فى الهيمنة من الذكر الأول المنهك, ليقوم هو الآخر بمواصلة جماع اللبؤة لمدة يوم أو يومين أخرين. تقوم الأنثى بالوضع بعد أربعة شهور لتستمر الدورة.

    داخل خلية النحل, توجد ملكة واحدة وعدد قليل من الذكور, لكن مابين 20000 و40000 من الشغالات. الشغالات لا يستطعن الإنجاب. يقضين حياتهن فى جمع رحيق الأزهار ورعاية شئون الخلية وإطعام اليرقات. ويقمن بالدفاع عن الخلية ويقدمن أرواحهن فداء لها. فهل هذا غباء وإنتحار جماعى من وجهة نظر التطور، حينما لا تنجب وتقتل نفسك دفاعا عن غيرك؟

    فى الواقع, سلوك الشغالات هو فى صالح جينات النحل فى الأمد الطويل. الملكة تأتى بالذكور والشغالات بطريقتين مختلفتين. الذكور تأتى من يرقات غير ملقحة، بعكس الشغالات. بذلك تحتوى جينات الذكور على نسخة واحدة من جينات الأم.

    يقوم أحد هذه الذكور بتلقيح الملكة. اليرقات الملقحة تنتج شغالات تحتوى جيناتها على نسختين من كل جين, واحد من الأب والآخر من الأم. الجينات الآتية من الأب بالنسبة لكل اليرقات المخصبة تكون متطابقة ونسخة بالكربون, لأنها تأتى من أب يحمل نسخة واحدة من الجينات لايملك غيرها. بذلك تكون جينات الشغالات مشابه جدا بعضها البعض. هذا لا يجعلها تتنافس مع بعضها داخل الخلية لتفضيل جين دون الآخر. تضحيتها فى سبيل أخواتها لا يعتبر خسارة كبيرة طالما جينات أخواتها موجودة.

    فى أحد التجارب, وجد أن الطواويس التى تمت إلى بعضها بصلة القرابة، تتعرف وتتجمع مع بعضها حتى وإن لم تكن تعرف أنها أقارب. الطاووس يحمل كثيرا من جينات الأخ. نجاح أحد الأقارب فى الحصول على أنثى يعتبر نجاح للمجموعة. لأن هذا يضمن إستمرار جينات العائلة إلى أجيال قادمة.

    الطيور ذات الصدر الأبيض والتى تتغذى على النحل, تعيش فى جماعات تبلغ 300 طائر. تبنى هذه الطيور عشها بالطمى على هيئة ثقوب تشبه الشقق فى العمارات الكبيرة. الطيور البالغة يعيش كل زوجين منها مع بعضهما داخل العش الكبير. عندما تكبر الأولاد فإنها تبقى مع والديها للمساعدة فى تربية باقى الصغار. وفى بعض الأحيان يقوم هؤلاء الأولاد بمساعدة الجيران.

    الطيور ذات الصدر الأبيض, لا تعيش مع أبويها فقط، إنما تعيش فى عائلات قد تصل العائلة إلى 17 فردا. تشمل الأب والأم, الجد والجدة, العم والخال, العمة والخالة, الأخ والأخت والأبناء. ليس هذا فقط, لكن يقوم الأفراد بزيارة أقاربهم الذين يسكنون فى عش بعيد. ويقومون بمساعدتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

    هذه الطيور لا تساعد الغرباء, وإنما الأقارب الذين يحملون جينات مشابهة لجيناتها. مساعدة الطيور لأقاربها يضاعف من إنتاجية العش. وإذا إستقل أحد الأبناء لتكوين أسرة جديدة بعيدا عن العش الأصلى, فإن الأب يقوم بزيارة إبنه زيارة عائلية مرات عديدة، إلى الدرجة التى تغرى الإبن على العودة إلى عش والديه، للإستمرار فى مساعدة ورعاية أخواته.

    الإيثار ومساعدة الغير لاتوجد الا فى أنواع قليلة من الحيوانات. منها الخفاش الذى يعيش على الدماء.
    هذا الخفاش يقضى الليل فى البحث عن ضحية يمص دمها.
    عندما يفشل فى الحصول على غذائه, فإنه يعود إلى كهفه ليستجدى الدماء من خفاش آخرلا ينتمى إليه بصلة القرابة، يكون قد أسعده الحظ فى الحصول على غذائه اليومى.

    مساعدة الغرباء المتبادلة من نفس الجنس قد تساعد فرص إستمرار الحياة، أكثر من السلوك الأنانى بين نفس الجنس. الخفاش ماص الدماء يستهلك غذاءه بسرعة كبيرة. وإذا لم يحصل على الغذاء فى خلال يومين أو ثلاثة، فإنه يهلك جوعا. التبرع بالدم إلى خفاش غريب يعتبر تضحية بدون شك, لكنه فى نفس الوقت بوليصة تأمين. مثل حالات الكرم بين البدو وسكان الصحراء. الكرم هنا ضرورة وبوليصة تأمين على الحياة.

    الإيثار المتبادل تطور بين الحيوانات كبيرة المخ. إذا كانت لديك المقدرة الذهنية لمعرفة الأفراد, ومتابعة من منهم كان سلوكه طيبا نحوك, ومن كان سلوكه مجرد إستغلال لكرمك وحسن ضيافتك, فإن الإيثار المتبادل يعمل لصالحك. لذلك ليس من المستغرب أن نجد الإيثار المتبادل يأتى من أقرب الحيوانات لنا نحن البشر، من قرود الشمبانزى.

    قرود الشمبانزى تتعاون مع بعضها البعض, وتقدم المساعدة إلى غير أقاربها. وهى تقوم أيضا بالتضحية لمساعدتهم، وتكون مجموعات للصيد الجماعى.
    الإيثار المتبادل قد يساعد الشمبانزى على ترسيخ الوضع الإجتماعى. فمثلا قد يتعاون ذكران منهم ويتحالفان على إقصاء زعيمهم المسيطر. إنهم لا يقدمون خدماتهم بطريقة عمياء, ولكنهم يسجلون خدماتهم, ويقطعونها مستقبلا عن الأفراد الذين يدركون عدم وفائهم وخيانتهم لهم. وربما يقومون بمعاقبتهم نظير هذه الخيانة.

    فى عالم الشمبانزى, الذكور وليس الإناث هم المستفيدون من الإيثار المتبادل بينهم. الذكور تقضى كل حياتها فى المجتمع الذى ولدوا فيه, بينما الإناث ترحل عند سن البلوغ إلى مجتمع آخر للتزاوج.

    ترعى الإناث أطفالهن. ولأن طفل الشمبانزى يحتاج إلى أربع سنوات رعاية من والدته, لذلك فأناث الشمبانزى تقضى 70 فى المائة من حياتها بعد سن البلوغ فى خدمة أطفالها. بذلك تكون مشغولة معظم الوقت عن باقى أفراد المجتمع الشمبانزى.

    نتيجة لذلك, تكون الغلبة للذكور. الذكور تتحالف مع بعضها للمساعدة فى الترقى داخل التسلسل الهرمى للمجتمع. كما أن الإيثار المتبادل بين الذكور يساعد فى التغلب على مشكلة عدم توافر الغذاء بصفة منتظمة.

    الشمبانزى يعتمد فى غذائه بصفة أساسية على الفاكهة. هذا يتطلب الإنتقال بصفة مستمرة بحثا عن فاكهة ناضجة. أثناء الإنتقال تتغذى قرود الشمبانزى على اللحوم التى تقوم بإصطيادها. عملية الصيد تحتاج إلى التعاون الجماعى. قد تغير قرود الشمبانزى على شجرة فاكة تخص مجموعة أخرى من القرود لطردها وللإستلاء على ثمارالشجرة الناضجة.

    الأناث ليس لديهن الفرصة لتكوين تحالفات، والإستفادة من الإيثار المتبادل مثل الذكور, لأنهن مشغولات بتربية أولادهن. لذلك فلا يستطعن تقلد مناصب رفيعة فى السلم الإجتماعى. وإذا قدم الطعام لمجموعة من الشمبانزى, فالذكور تأكل أولا حتى تشبع, ثم تأتى الإناث بعد ذلك.

    ذكور الشمبانزى تستخدم العنف ضد الإناث. إنهم يقومون بضربهن وإرغامهن على ممارسة الجنس. مثل رجالنا فى منطقة الشرق الأوسط. وإذا ظهرت أنثى غريبة على المجموعة ومعها طفل, فقد تقوم ذكور الشمبانزى بقتل الطفل.

    أناث الشمبانزى, كما هو الحال بالنسبة لأنواع أخرى من الحيوانات, يقمن بالدفاع عن أطفالهن. ويقومن بالبحث عن أزواج أفضل. أنثى الشمبانزى قد تستخدم الجنس كسلاح للدفاع عن أطفالها. إذ كلما إقترب منها ذكر تخاف غدره, فإنها تعرض نفسها عليه, لإفساد غريزة قتل الأطفال الكامنه داخله.

    إختلاف الجنسين قد يؤدى إلى ممارسة الذكور العنف فى تعاملهم مع الإناث, كما هو الحال بالنسبة للشمبانزى. لكن ليس هذا ضرورى بالنسبة لفصائل أخرى من الحيوانات. فالقرود البونوبو , إذا كانت الظروف مواتية, تستخدم الجنس لإحلال السلام والوفاق بين الإناث والذكور.

    قرود البونوبو, التى تعيش فى الكنغو, تعتبر فصيلة من فصائل الشمبانزى, لكن أصغر حجما. نحيفة القوام, أرجلها طويلة, أذنيها صغيرتان سوداء اللون. شعرها أسود ناعم.

    أثناء الحرب العالمية الثانية, ألقى الحلفاء القنابل على حديقتى حيوان بألمانيا. أحد هاتين الحديقتين كان بها مجوعة من قرود الشمبانزى. الحديقة الأخرى كان بها مجموعة من قرود البونوبو. قذف الطائرات لم يصب القرود فى الحديقتين مباشرة. الشمبانزى لم يتأثر بالمرة بصوت الإنفجارات المرعب. لكن البونوبو ماتوا جميعا من الخوف. ذكر الشمبانزى يعتلى الأنثى من الخلف, مثل الكلاب. بينما البونوبو, يواجه الذكر الأنثى وجها لوجه مثل الإنسان.

    عندما تغادر أناث البونوبو الجماعة عند البلوغ للبحث عن جماعة أخرى من البونوبو للتزاوج, لا تقابل بالعنف ولا تغتصب ولا تقتل أطفالها, كما هو الحال بالنسبة لقرود الشمبانزى. أناث البونوبو هن المسيطرات على الذكور. وإذا حضر الطعام, فالنساء تأكل أولا, ثم الرجال. إذا حاول ذكر البونوبو الإعتداء على أنثى, فإن باقى الإناث يقمن بمهاجمته وإلقائه على الأرض وعضه فى أماكن حساسة حتى يكف عن العنف.

    يستخدم الجنس عند البونوبو, ليس فقط للإنجاب أو لحماية الأطفال من الذكور الغاضبة كما هو الحال عند الشمبانزى, لكن أيضا للتعبير عن الحب والترقى الإجتماعى. إذا حضر الطعام, فاكهة مثلا, يقوم البونوبو بالتهليل فرحا. وبدلا من القتال من أجل الطعام, يقومون بممارسة الجنس. الشمبانزى حل مشكلة الجنس بالعنف. أما البونوبو فقد حل مشكلة العنف بالجنس.

    الخلاف بين الشمبانزى والبونوبو فى السلوك يأتى بسبب المكان الذى يعيش فيه كل منهما. البونوبو يعيش فى غابات رطبة حيث تتواجد الثمار والأعشاب بصفة مستمرة. بينما الشمبانزى يعيش فى الغابات المفتوحة التى لا تتوافر فيها الثمار بصفة دائمة. مع توافر الغذاء للجميع, لا داعى للصراع والقتال.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎