إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

مقام الهداية

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • ya fatema
    مدير متابعة وتنشيط
    • 24-04-2010
    • 1738

    مقام الهداية

    مقام الهداية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين

    قال الله تعالى:
    {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} الرعد:7.
    {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} يونس:35.
    {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} السجدة24.
    {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} الأنبياء73.
    يتبين من الآيات المتقدمة أنَّ الهادي موجود في كل زمان ما دام هناك قوم، وأنَّ هؤلاء الهداة لهم حق الطاعة والاتباع، وهم يهدون بأمر الله تعالى، ولا يأخذون هدايتهم من أحد من الناس ألبتة، بل هم أغنياء عن كل الناس، وكل الناس محتاجة اليهم، ويستفاد منها كذلك أنَّ من لم يكن مهتدياً بنفسه لا يمكن أنْ يكون هادياً على نحو الأصالة، أي أنه يكون مأموماً ولا يمكن أن يكون إماماً، لأنه لا يُؤمَن عليه الخطأ والانحراف والغفلة، والضرورة قاضية بعدم وجوب طاعة المخطئ والمنحرف والغافل.
    وقد جاء وصف حجج الله تعالى بـ [المَهْدِي]، بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الدال، وهو على صيغة المفعول ( )، وليس على صيغة الفاعل، أي جاءته الهداية من غيره، لا أنه فاعل للهداية، والمفروض أنَّ الحجة المهدي هو إمام الناس وهاديهم، إذن فلا يمكن أنْ تكون هدايته من قبل الناس، فلا يبقى غير أنَّ الهادي له هو الله جل جلاله، فيكون معنى اسم المفعول [المهدي] هو المهتدي بالله تعالى دون غيره، أو الذي هداه الله وأرشده، قال الزبيدي في تاج العروس: (والمَهْدِي: الذي قد هَداهُ الله إلىّ الحقِّ، وقد اسْتُعْمِل في الأسْماءِ حتى صارَ كالأسْماءِ الغالِبَةِ، وبه سُمِّي المَهْدِي الذي بُشِّر به أَنَّه يَجِيءُ في آخرِ الزَّمان ، جَعَلَنا الله مِن أَنْصارِه) ( ).
    ومنه نعرف أنَّ الحجج المهديين هم الذين اختارهم الله تعالى أوعية للهداية والرشد والحق ليفيضوا على غيرهم من سائر الناس، ومن لم يكن كذلك فليس بمهدي، ولا يمكن أنْ يكون هادياً لغيره أصالةً، لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، كما يقال. لأنَّه لا يقال لمن يهتدي بغيره من الناس [المهدي] على النحو الوارد في النصوص الشرعية، وإلا لكان المهديون بلا حصر، ولما كان هناك ضابط لهذا المقام المقدس، ولادعاه من هب ودب، ولذلك نجد أنَّ من الأمور التي يُعرف بها الإمام والحجة على الخلق هو استغناؤه عن الناس وافتقار جميع الناس له، كما روي عن أهل البيت (ع):
    عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: (لا يكون الأرض الا وفيها عالم يعلم مثل علم الأول وراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي بن أبي طالب عليه السلام، يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى أحد) بصائر الدرجات، للصفار: ص530.
    وعن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : بأي شيء يعرف الإمام ؟ قال: (بالسكينة والوقار). قلت: وبأي شيء ؟ قال: وتعرفه بالحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه، ولا يحتاج إلى أحد ...) الغيبة، للنعماني: ص249.
    هذا لأنَّ الحجج المهديين قد أغناهم الله تعالى من فضله، ومن يغنيه الله كيف يحتاج الى مخلوق، وبذلك كانوا هداة للناس أدلاء على الحق والصراط المستقيم، قال الله تعالى:
    {...أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) يونس: 35 – 36.
    فالآية الأولى أكدت على أنَّ من يهدي الى الحق أحق أنْ يُتبع، أي له مقام الإمامة والولاية، بينما المفتقر الى هداية غيره لا يكون كذلك، والآية الثانية أكدت الآية الأولى ببيان أنَّ الذين يتبعون غير الهداة حقاً إنما يتبعون الظن الذي لا يغني عن الحق شيئاً.
    فإنْ قيل: كيف يكون هذا الكلام صحيحاً على إطلاقه ونحن نعرف أنَّ كثيراً من الناس تهدي الى الحق والخير وتدل عليه ؟!
    أقول: ما سلف من كلامي لم يكن عن مطلق الهداية، بل كان عن الهداية المطلقة، وعن الهادي المستغني عن هداية أي أحد من الناس، فقد يهدي شخص الى الحق ويدل عليه، ولكن بهداية مكتسبة من حجج الله تعالى، مع كونه منضوٍ تحت ولاية حجة الله تعالى وباشرافهم المباشر مع عدم كونه مأموراً بطاعته مطلقاً، كهداية مؤمن آل فرعون كما حكاه الله تعالى بقوله: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ) غافر: 38. فالآية تصرح بأنَّه مؤمن بحجة الله موسى (ع)، ويدعو أيضاً الى حجة الله كما هو ظاهر، ثم أنَّ كلامنا ليس عن بداية الاهتداء الى معرفة حجج الله تعالى فهذا قد يهتدي اليه المكلف بشهادة الله تعالى مباشرة، إنما كلامنا عن صفة حجج الله تعالى، وكيفية هدايتهم الى كل الحق، مع غناهم عن سائر الخلق، ومؤمن آل فرعون وأمثاله ليس مستغنياً عن جميع الناس، فقد يكون بعض المؤمنين أهدى منه، وبذلك فهو محتاج الى هدايتهم.
    ومقام الهداية بعد النبي محمد (ص) لأربعة وعشرين حجة، اثنا عشر إماماً واثنا عشر مهدياً كما نصت وصية النبي (ص) ليلة وفاته وغيرها من الروايات، قال الله تعالى في مخاطبة النبي محمد (ص): {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، فهم جميعاً قد وصفوا بالهداية والهداة، وبحسب ما تقدم يتضح أنَّ جميع أوصياء النبي محمد (ص) الأربعة والعشرين (ع) مهديون من قبل الله تعالى، هادون لكل البشر، ولا يفتقرون الى هداية أحد أبداً.
    قال السيد الطباطبائي في تفسير الميزان:
    (وقد قال الله تعالى: (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدي) يونس - 35 . وقد قوبل في الآية بين الهادي إلى الحق وبين غير المهتدي إلا بغيره ، أعني المهتدي بغيره ، وهذه المقابلة تقتضي أن يكون الهادي إلى الحق مهتديا بنفسه ، أن المهتدي بغيره لا يكون هاديا إلى الحق البتة . ويستنتج من هنا أمران : أحدهما : أن الإمام يجب أن يكون معصوما عن الضلال والمعصية ، وإلا كان غير مهتد بنفسه ، كما مر كما ، يدل عليه أيضا قوله تعالى : (وجعلناهم أئمة بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) الأنبياء - 73 فأفعال الامام خيرات يهتدى إليها لا بهداية من غيره بل باهتداء من نفسه بتأييد إلهي ، وتسديد رباني والدليل عليه قوله تعالى: (فعل الخيرات) بناء على أن المصدر المضاف يدل على الوقوع ، ففرق بين مثل قولنا : وأوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات فلا يدل على التحقق والوقوع ، بخلاف قوله (وأوحينا إليهم فعل الخيرات) فهو يدل على أن ما فعلوه من الخيرات إنما هو بوحي باطني وتأييد سماوي . الثاني : عكس الامر الأول وهو أن من ليس بمعصوم فلا يكون إماما هاديا إلى الحق البتة) تفسير الميزان ج1 ص273 - 274.
    وقال أيضاً في ج10 ص60 – 61:
    (وثالثها : أن الهداية إلى الحق بمعنى الايصال إليه انما هي شأن من يهتدى بنفسه أي لا واسطة بينه وبين الله سبحانه في أمر الهداية اما من بادئ أمره أو بعناية خاصة من الله سبحانه كالأنبياء والأوصياء من الأئمة ، وأما الهداية بمعنى اراءة الطريق ووصف السبيل فلا يختص به تعالى ولا بالأئمة من الأنبياء والأوصياء كما يحكيه الله تعالى عن مؤمن آل فرعون إذ يقول : (وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد) المؤمن : 38 ، وقال : (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) الانسان : 3).
    وقال كذلك في ج8 ص345:
    (أن الهداية الحقيقية الإلهية لا تتخلف عن مقتضاها بوجه وتوجب العصمة من الضلال ، كما أن الترديد الواقع في قوله تعالى : "أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى الا أن يهدى" يونس : 35 . يدل على أن من يهدي إلى الحق يجب أن لا يكون مهتديا بغيره إلا بالله فافهم ذلك).
    وهذه الهداية كما أنها ثابتة للمعصومين الأئمة الاثني عشر، فهي كذلك ثابتة للمهديين الاثني عشر من ذرية الإمام المهدي (ع)، فقد أكدت الروايات على مهديتهم بشكل ملفت، وقد تقدم أنَّ المهديين هم المستغنون بهداية الله عن الناس، فلا يفتقرون الى هداية أحد من الناس، مع احتياج كل الناس لهم، إذن فهم أئمة تجب طاعتهم على كل مكلف.
    وقد روي في تفسير قوله تعالى: {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}:
    عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (أفمن يهدي إلى الحق أحق ان يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لما لكم كيف تحكمون) فأما من يهدي إلى الحق فهم محمد وآل محمد من بعده واما من لا يهدي إلا أن يهدى فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته من بعده) تفسير القمي ج1 ص312.
    وعن الرضا (ع): (... والأئمة عليه السّلام يوفقهم اللَّه ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق علم أهل أزمانهم في قوله تعالى "أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" ...) الوافي، للكاشاني ج3 ص484.
    فالمهديون من ذرية الإمام المهدي (ع) حجج وأئمة لمجرد وصفهم في نصوص عديدة بأنهم مهديون، لأنَّ هذا الوصف لا يطلق إلا على المستغني بهداية الله تعالى عن هداية الناس، وتأكد هذا بالروايات التي نصت على إمامتهم (ع).
    وبعد التطرق الى هداية الأئمة والمهديين (ع)، يحسن بنا أنْ نتطرق الى هداية اليماني الموعود، باعتباره أهم شخصية في زمن الظهور المقدس للإمام المهدي (ع)، وباعتباره أول امتحان تتعرض له الأمة قبل قيام الإمام المهدي (ع)، من أطاعه نجا ومن عصاه خاب وغوى.
    تحدثنا رواية الإمام الباقر عن اليماني عن عدة صفات، يتبين منها أنَّ اليماني من الهداة المستغنين عن هداية الناس، وبذلك يكون حجة من حجج الله تعالى ومعصوم، والصفات هي:
    (راية هدى) و (أهدى الرايات) و (يدعو الى الحق والى طريق مستقيم) و (الأمر بالنهوض الى نصرته) و (حرمة الالتواء عليه) و (دعوته الى الإمام المهدي).
    ولنتذكر الأمور التالية ولا نغفل عنها، فهي بمثابة معطيات توصلنا الى النتيجة:
    1 – أنَّ اليماني يظهر في زمن مشحون الفتن، كما وصفه أهل البيت (ع)، وفي زمن ليس فيه إمام معصوم ظاهر.
    2 – قال الباقر (ع) عن اليماني: (يدعو الى الحق والى طريق مستقيم)، والدعوة الى الحق والى طريق مستقيم غير ذي عوج فرع معرفة الحق والطريق المستقيم، وبه يثبت أنَّ اليماني عارف للحق والطريق المستقيم، أي أنَّه مهدي لمعرفة الحق والطريق المستقيم، وإلا كيف يكون داعياً للحق وهو غير مهتد اليه وغير عارف به ؟! ففاقد الشيء لا يعطيه، وكل إناء ينضح بما فيه، كما يقال. ودعوة اليماني الى الحق والطريق المستقيم ليست هي مجرد ادعاء من شخص اليماني، بل هي إخبار من الإمام الباقر (ع)، وهو الصادق المصدق، و [يدعو] يعني [يهدي] فالهداية هي الارشاد والدلالة، قال الزبيدي: (الهُدَى، بضم الهاءِ وفَتْحِ الَّدالِ؛ ... الرَّشادُ والدَّلالَةُ بلُطْفٍ إلى ما يُوصِل إلى المَطْلوبِ) تاج العروس ج20 ص327. وقد وصف الله تعالى نبيه بقوله: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} المؤمنون: 73. بل وصف الله نفسه بذلك: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يونس 25. وقال تعالى: {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} الأحقاف: 30.
    3 – أنَّ وصف الإمام الباقر (ع) لليماني بالهدى والدعوة الى الصراط المستقيم، جاء مقروناً بالأمر بنصرته، والنهي عن خذلانه ومعاداته (وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) الغيبة،للنعماني ص264. وهذا الأمر بطاعة اليماني بدون قيد أو شرط، وبغياب الحجة المعصوم الإمام المهدي (ع)، يدل على عصمة اليماني وقطعية هدايته، وإلا لو كان هناك أي احتمال لخطأ أو انحراف عند اليماني لما أمر أهل البيت (ع) بطاعته بهذه الصورة، ووصفه بهذه الأوصاف.
    4 – بما أنَّ اليماني الموعود هو أهدى الرايات، فهذا يعني أنه مستغنٍ عن هداية أي أحد من الناس، فلو كان مفتقراً الى هداية شخص ما لكان هذا الشخص هو الأهدى لا اليماني، ولكان هذا الشخص هو الأولى بالطاعة من اليماني، لقوله تعالى: {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}، ولكان اليماني مهتدياً بغيره لا هادياً.
    ووصف اليماني بالهدى وبأهدى الرايات، يعني أنه من المهديين الذين أوجب الله طاعتهم، والمهديون بعد النبي محمد (ص) هم اثنا عشر إماماً واثنا عشر مهدياً، وبما أنَّ اليماني ليس هو محمد بن الحسن العسكري قطعاً، فيثبت أنه المهدي الأول [أحمد] وصي الإمام المهدي (ع) كما نصت وصية النبي محمد (ص) ليلة وفاته.
    فإن قيل: إنَّ اليماني مفتقر الى هداية الإمام المهدي (ع)، إذن فهو مهتد بغيره.
    أقول: وكذلك جميع الأئمة مفتقرين الى هداية جدهم النبي محمد (ص) وهداية آبائهم (ع)، ومع ذلك فهم هداة مستغنون عن هداية غيرهم من الناس، فالافتقار الى هداية الإمام المهدي (ع) هو افتقار الى هداية الله تعالى، إنما المقصود انتفاء حاجة الهداة الى سائر الناس، لا انتفاء حاجتهم الى حجج الله الذين سبقوهم أو المحجوجين بهم.
    والنتيجة: أن اليماني الموعود أهدى الناس، فكل الناس تحتاج اليه وهو مستغنٍ عنهم جميعاً، فهو من الهداة في قوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)، ومأمور بنصرته ومُخبر عنه بأنه يدعو الى الحق والى طريق مستقيم مع عدم وجود إمام ظاهر، فلا يقاس بغيره من الوكلاء أو القادة الذين ينصبهم النبي (ص) أو الأئمة في أمور خاصة، لأنَّ هؤلاء باشراف من يعاصرهم من الحجج، فيصححون لهم الخطأ أو الانحراف إنْ وجِد، ويمكن للناس أنْ تُراجع المعصوم إنْ شكوا بأقوالهم أو أفعالهم، أما اليماني فأمره مختلف تماماً، حيث أوجب الأئمة نصرته ونصبوه هادياً للناس مع عدم وجود قيّم عليه، وهذا يعني عصمته وقطعية هدايته للناس الى الحق والصراط المستقيم.
    والحمد لله وحده.

    المصدر : فيسبوك : الصفحة الشخصية للشيخ ناظم العقيلي
    عن أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين الإمام علي بن أبي طالب وصي رسول الله محمد صلوات الله عليهما
    : ( إلهي كفى بي عزاً أن اكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً أنت كما أحب فاجعلني كما تحب )

Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎