إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الاسلام السياسي وهم أو حقيقة؟!

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • المحارب الوحيلي
    عضو جديد
    • 06-02-2013
    • 19

    الاسلام السياسي وهم أو حقيقة؟!

    للدكتور (علي كتابي) المقال منقول~
    يتردد كثيرا هذه الأيام بالأوساط الإعلامية الفكرية والاجتماعية مصطلح الإسلام السياسي ؛ والمتداولون لهذا المصطلح يقصدون بذلك شخصنة الإسلام وحصره بالشخصيات العاملة بالمجال السياسي على وفق خلفياتها الدينية ، وواقع الحال أن هذا الاختزال المخل والمجحف بحق الإسلام بوصفه دينا إلهيا جعل من الانتهازيين يستغلون هذا الأمر ويتقافزون على حبال اللعبة السياسية الدنيوية باسم الدين!!
    حتى أن المراقب والمحلل والمتابع النابه باتت الصورة لديه واضحة أن صناعة هذا المصطلح هي للإساءة للإسلام دينا وعقيدة ، ذاك أن الإسلام هو ليس منظومة فكرية بشرية تعاقب على صنعها أشخاص أو أجيال ، بل هو منظومة عقدية إلهية متكاملة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، ومعنى لا يأتيها الباطل من بين يديها أنها منظومة محفوظة مستقبلا فلا يدخل فيها من فكر البشر شيئا ولا يستطيع الفكر البشري أن يختزل منها شيئا ، مثلما هو معنى (من خلفها) أي ماضيها البعيد والقريب لم يستطع أن يعبث به العابثون وكذلك مستقبلها ، فمسيرة هذه المنظومة لم تتأثر بانزلاقات المسيرة البشرية يمينا وشمالا وبقيت هي في كل الحالات تمثل النمرقة الوسطى من لجأ إليها وانتظم فيها نجا ، ومن تقدمها أو تأخر عنها فقد هوى وتردى.
    إن محاولات أسلمة الخطاب السياسي الدنيوي هي محاولات محكوم عليها بالفشل الذريع مسبقا ، فعلى طول المسيرة البشرية منذ الخليفة الإلهي الأول على الأرض وهو سيدنا آدم(ع) وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها هذه المحاولات المتكررة تجني النتائج المخزية لأصحابها نفسها ، ولعل الآية الكريمة {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}(الذاريات/51-53) ، فسعي أولئك العاملون باتجاه الدنيا ولكن برداء الدين هم دائما مفضوحون ومكشوفون ، ولكن الناس على طول هذه المسيرة لا تعتبر ولا تتعظ ، وكأن كل جيل يوصي الجيل اللاحق له أو يوحي له بهذا الفعل الذي فشل به السابقون وكأنهم يتواصون به ، بل أن طغيانهم على المنظومة الإلهية هو ما يجعل فعلهم يتشابه في كل جيل ، وكأنهم لا يتعظون من حالة الخزي والفضيحة الدنيوية التي مر بها السابقون ‘ فيكررون الفعل نفسه ويحذون حذو من سبقهم!!
    إذن ليس جديدا هذا الذي يحاول الناس تصويره أنه من بدائع هذا الزمان أن دخل اللعبة السياسية الدنيوية شخوص ترتدي لباس الدين وتتحدث بلسان الدين فهذا الفعل المخزي فعله سابقون لهم وفضحهم الله سبحانه شر فضيحة وأخزاهم أيما خزي!! ولكن ما يجعل اللاحقين لا يتعظون من مصائب السابقين هو أنهم لا يثقون بالمسيرة التاريخية الصادقة تمام الصدق وكماله التي يقدمها القرآن الكريم ، ويتعاطون مع المسيرة التاريخية للأمم التي يعرضها القرآن تعاطي القارئ الشاك في مصداقية ما وقع ، وما يمنعه من التصريح بشكه هو أنه دخل إلى المنظومة السياسية الدنيوية بمعطيات الدين الذي يدعي تبنيها ، ولذا لا يعقل أن يشكك بالمنظومة التي جعلها سلما للوصول إلى مبتغاه وهدفه!!
    وربما يقول قائل : هل للدين منظومة حكم وقيادة للناس؟؟ وهل هؤلاء المتدينين هم من يعبث بهذه المنظومة ويحاول تخريبها بعد أن عمل جاهدا على تعطيلها؟! الجواب للسؤالين واحد وهو : إي نعم للدين منظومة حكم وقيادة للناس كاملة ومحصنة بحيث يصعب اختراقها بل يستحيل اختراقها ، ولذلك عمد أولئك المتسربلون بلباس الدين إلى تعطيل تلك المنظومة وذلك من خلال عزل الناس عنها ترهيبا وترغيبا واستدراجا للطامعين والمتمنيين ، ومن ثم جعلوا من أنفسهم ناطقين باسم تلك المنظومة الإلهية ودخلوا إلى منظومة السياسة الدنيوية باسم المنظومة الدينية وهنا مقتلهم وفضيحتهم وخزيهم ؛ ذاك أن المنظومة السياسية البشرية تستند إلى المداهنة والمراوغة والمخادعة والمغالبة ، وليس لدى المنظومة السياسية البشرية ثابتا أخلاقيا يحكمها بل هي تصنع أخلاقياتها بما يحقق لها مصالحها التي ترتجيها ، وهذا تماما خلاف المنظومة الدينية ولذا فرجال الدين اللاهثون خلف أذيال السياسة الدنيوية يستحيل حالهم حال الدمى الراقصة في مسرح العرائس فهي مثيرة للضحك والسخرية!!
    نعم هذا هو حال المتدينين الذين دخلوا باسم الدين إلى المنظومة السياسية الدنيوية حيث تخلوا عن ثوابت الدين وأخلاقياته ولم يبق فيهم من الدين إلا اللحى الصفراء والعمائم الشوهاء المثيرة للضجر والأسى في الوقت نفسه ، حتى أن البعض منهم لما أدركوا هذا الحال المثير للسخرية تنازلوا حتى عن ارتباطهم بالدين وصاروا يلتزمون الخطاب السياسي الدنيوي التزاما كاملا بدعوى أن الدين لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد ـ بزعمهم ـ ولذلك فهم عرابو سياسة في النهار ، ووعاظ في الليل ، فيستنكرون ما فعلوه بالنهار ويحرضون الناس على استنكاره ، وعندما تشرق الشمس يتنصلون عن كلام الليل (كلام الليل يمحوه النهار)!!
    هذا الحال المزري للمتدينين في مسرح السياسة الدنيوية هو داع حقيقي لكل باحث عن الحقيقة ، بل وللمعرفة لكي يفتش عن المنظومة الإلهية في الحكم والقيادة والتدبير ، إذ من غير المعقول بل وليس من المنطقي أن يكون دين الهي له هذه المسيرة التاريخية الضاربة الجذور بالأرض وليس له منظومة حكم يستطيع من خلالها سياسة البلاد والعباد فهذا يناقض حكمة من خلق الوجود وفرض الدين على العباد!! فهل يعقل أن يكلف الله سبحانه الناس الصلاح ويحاسبهم على الفساد من دون أن يجعل لهم منظومة واضحة محكمة تضمن لهم الصلاح وتنأى بهم عن الفساد؟؟!!
    هذا سؤال سأترك الإجابة عنه إلى حلقة قادمة من هذا المقال لأترك الفرصة للقارئ الكريم أن يشارك في صنع الصحوة واليقظة والانتباه من حالة التنويم المروعة التي تعرضت لها البشرية كلها كي تسبح في مستنقع الفساد وهي تمني النفس بشروق شمس الصلاح وتنتظر صلاحا لن يأتي إذا ما بقيت في هذا المستنقع الآسن ، فمن يريد الخلاص من هذا المستنقع المخادع فعليه أن يتقدم خطوة للإمام باتجاه الخروج من هذا المستنقع ليرى بأم عينه أن شمس الصلاح قد أشرقت منذ زمن ، وهو من تأخر عن الالتحاق بها .
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎