إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

هل كان (داروين) كافراً ؟ بقلم راسم المرواني

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    هل كان (داروين) كافراً ؟ بقلم راسم المرواني

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد و آل محمد الأئمة و المهديين و سلم تسليماً

    لغرض نقل وجهة نظر بعض المفكرين في نظرية التطور لداروين احببنا اليوم ان ننقل لكم مقالة للكاتب الاستاذ راسم المرواني - مستشار هيئة الإشراف الثقافي العام لمكتب السيد الشهيد الصدر




    هل كان داروين كافراً ؟؟

    البعض يقتنص بدايات العبارات ويبني عليها مواقفه من الآخرين ، كأن يكتفي بسماع جملة (لا إله) ويتجاوز (إلاّ الله) ليتهم قائلها بالكفر ، دون أن يمنحه فرصة إكمال بقية العبارة التي يمكن أن تغير معنى النص المنقوص تغييراً واضحاً حين تنتقل من نفي الإلوهية بـ (لا إله) إلى توكيدها بـ (لا إله إلا الله) ، وهذا دأب المتسرعين والمصابين بعقدة إلغاء وتغييب ومصادرة الآخر ، وهي من أشد أعراض الإصابة بمرض الرغبة (بتسقيط الآخر) .

    للموضوع علاقة بنظرية داروين ، هذا العالم الرائع الذي لا يقل أهمية عن العلماء المتخصصين بحقول العلوم التجريبية والعلوم الإنسانية الأخرى ، ولكنه خضع لسطوة البعض من علماء ورجال الدين ، فقد اقتنصوا منه عبارة خاطئة وموضوعة تفيد بأن (أصل الإنسان هو القرد) ، وراحوا يشتمون هذا الرجل ، ويلعنونه ، ويحذرون من قراءة كتابه (أصل الأنواع) كما يحذرون البعض أبنائهم من قراءة قصائد (نزار القباني) ، ولم يكلفوا أنفسهم مسؤولية أو جهد مناقشة الرجل ، أو على الأقل لم يكلفوا أنفسهم أن يراجعوا حقيقة متبنياتهم الأصلية التي فارقوها ونبذوها وتشبثوا بما ينفعهم منها ، أو يطابقوها مع أطروحة هذا الرجل .

    لن أحاكم داروين ، ولن أحاكم هؤلاء ، ولكني سأحاول أن أذكّر أعداء هذه النظرية من الإسلاميين والمتدينين بما لديهم ، سعياً نحو قراءة جديدة لهذه النظرية ، وعرضها على الأدلة والنصوص التي تحتاج إلى إعادة تقييم والتي وردت في أدبيات الإسلام .

    1-حين يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن (وجعلنا من الماء كلَّ شي حي) ، فهو يعني به كل الكائنات الحية ، بما فيها الإنسان ، وأعتقد أن هذا النص يشيرنا إلى أن مصدر الحياة هو الماء ؟ وأجد أنه ينبهنا إلى أن رحلة وجود الكائنات الحية على الأرض كانت قد بدأت من الكائنات الوحيدة الخلية كـ (الأميبا) التي بدأت خطواتها الأولى في (ضحاضح الماء) بعد (برودة الأرض) التي حدثت بعد (الانفجار الأول) ، وهو يقودنا إلى أن كل الكائنات الحية متأتية من مصدر واحد ، أو من مصنع واحد ، أو من منشأ واحد ، ويدفعنا إلى أن نحتمل أن الله سبحانه قد بث (سر الحياة والتطور) في الخلية الأولى ومنحها القدرة على التطور ، حتى توصلت إلى نتائج عليا على مر ملايين السنين ، حتى وصلت الخلية الواحدة إلى الكائنات المتطورة والمعقدة الحالية ، بما فيها إنسان ما قبل آدم . وغريب هذا الإصرار الذي نجده عند المفسرين (الإعتباطيين) الذي يصرون أن أن يفهمونا بأن تفسير الآية يكمن في إثبات أهمية الماء للحياة ، وهل هناك من لا يقر بأهمية الماء للكائنات ؟ وهل نزل الوحي على الرسول ، وأقام الدنيا ولم يقعدها لكي يخبرنا بأن الماء ضروري للحياة ؟؟ وحتى الماء (الدافق) الذي (يخرج من بين الصلب والترائب) والذي أشار إليه القرآن ، فهو يشير عنايتنا إلى الأصل ، وأن الإنسان لم يكن ليتخلى عن بداياته الأولى في الخلق .

    2-حين يقوم أحد الصحابة بتوجيه سؤال للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قائلاً (كم بيننا وبين أبينا آدم عليه السلام ؟) ، فيبادره الرسول (ص) بسؤال لسؤال قائلاً (أي آدم منهم) ؟ ثم يستدرك قائلاً ، (إن الله خلق ألف آدم قبل آدمكم) ، وحين يقول الرسول بأن (كل من على الأرض هم من آدم ...إلاّ يأجوج ومأجوج) أ فليس هذا مدعاة لفتح شهيتنا للبحث عن أصول الكائنات ، ثم ، أ ليس من الحري بنا أن نفهم بأن (آدمنا) وذريته هم ليسوا كل ما شغل – أو يشغل - الأرض من الكائنات ، ألا نجد أنفسنا أمام تساؤلات تبحث عن إجابة ؟ أين هم ؟ أين آثارهم ؟ ماذا حل بهم ؟ هل تزوجنا منهم وتزوجوا منا ؟؟ أم أن الله عجز عن تزويج ابني آدم بمخلوقات أخرى فألغى قانون الترابط الأسري ، وألغى – مؤقتاً – قانون الأحليـّة والحرمة ، وسمح لقابيل وشيت أن يتزوجا من اختيهما ؟ وهل تلاشى هؤلاء في وجودنا ؟ أم انقرضوا ؟ أليس من الممتع والرائع أن نكلف أنفسنا مهمة البحث وإعادة قراءة النصوص ، وعرضها على العقل والعلم والمختبر ؟


    3-وحين يلفت الرسول الأعظم عناية أصحابه إلى أن المسافة الزمنية بيننا وبين آدم هي (سبعة آلاف عام) ، ولكن حين يثبت لنا المنقبون وعلماء الآثار بأن هناك حضارات على الأرض تمتد إلى عمق عشرات الآلاف من السنين ..وأن هناك حلقات من إعادة تفاصيل الحضارة ، وأن هناك آثار لأناس كانوا يعيشون قبلنا على الأرض ، عفى عليهم الزمن وحولهم إلى هياكل من عظام قبل ملايين السنين ، أليس هذا مدعاة لنا لكي نفهم بأن آدم لم يكن أول المخلوقات الإنسانية على الأرض ؟؟ وأن آدم الذي أشار إليه الرسول هو الحلقة الأخيرة من حلقات عالم (الأوادم) المتكررة ؟

    4-كيف استطاع الملائكة أن يبنوا معلوماتهم على أن الإنسان (سيفسد في الأرض ويسفك الدماء) كما هو مذكور في مواضع من القرآن ، ما لم تكن رؤيتهم متأتية من الواقع ؟ وهل يحق لهم أن ينازعوا الله رداء علم الغيب ؟ وهل كانوا يتحدثون عن توقعاتهم لجرائم الإنسان المستقبلية ؟ وهل كانوا يشيرون لجرائم المتدينين الفاسدين أو الشيوعيين أو الرأسماليين أو النازيين أو الفاشيين أو جرائم الخلفاء والملوك ؟ ولماذا يفتح الله سبحانه معهم باب الحوار ما لم تكن هناك مبانيٍ واقعية تحتاج معها إلى تفنيد رؤيتهم لمستقبل وجود الإنسان على الأرض ، متنبهين إلى إشارة مهمة ، وهي ، إن الله سبحانه يؤمن بالحوار ويشجع عليه رغم أنه هو الله الذي ليس كمئله شئ ، ولكن الإنسان يرفض الحوار ولا يؤمن به.

    5-ألا يجد البعض اختلافاً بين تسميتي (الإنسان) و (البشر) في النصوص الكتابية السماوية ؟ ولماذا لا يلتفت البعض إلى أسبقية أحدهما على الآخر في جدول التسلسل الزمني للخليقة ؟ فالبشر ، هم آخر أطوار الخليقة ، وهم أعلى أشكال التطور والتكامل ، أما الإنسان فقد سبق البشر في الزمن والخلق ، وعليه فما الذي يمنع أن يكون (الإنسان) هو نتاج طفرة ورائية عن كائن آخر أخذ بالتطور شيئاً فشيئاً وعلى مدى الملايين من السنين ؟ وهل هناك نص ديني (أصلي) ينقض هذا الاحتمال ؟ مع علمنا أن الاحتمال يُبطل الاستدلال .

    6-الإمام جعفر الصادق (وهو من أئمة المسلمين الشيعة) لفت انتباهي في جواب له بثه لأحد أصحابه قائلاً :- (إن الله خلق قبل عالمكم هذا ألف عالم ، كل منهم يرى أن لا أكبر منه في الدنيا) وهذا يدفعنا إلى التفكير بوجود الإنسان السابق والحالي في الأرض أو الكواكب والمجرات الأخرى ، ويخلصنا من محدودية الزمان والمكان ، وينطلق بنا إلى أفق أرحب وفهم أكثر اتساعاً للخليقة ، ويرسخ لدينا مفهوم قبول فكرة التزاور والتجاور بين حضارات الأرض وحضارات ما بعد المجموعة الشمسية ، ويهيئ وعينا لقبول فكرة وجود تلاقح حضاري – وحتى ثقافي - بين أسلافنا وبين سكان الكواكب الأخرى


    7-ذوو البشرة السوداء ، والصفراء ، والبيضاء ، والسمراء ، واختلاف اللغات ، والأشكال ، والقابليات ، والطباع ، والقدرات ، لا يمكن أن تكون متأتية من إنسان واحد ، وليس بوسع العلم أن يبررها ، ولو ادعى العلم أنها أتت من طفرات أو تغيرات ورائية ، فليس بوسعه أن يحتكر إمكانية الطفرة على هذا النحو ، ويلغي بقية الطفرات التي يقول بها الآخرون ، وليس بوسعه أن يقول لنا بأن حرف (الباء) يمكن أن تجر الكلمة هنا ، ولا تجرها هناك .


    8-لو أننا أخضعنا (قصة سجود الملائكة لآدم) الواردة في القرآن إلى عملية التحليل والتفكيك وإعادة القراءة ، لوجدناها تشير إلى ثلاثة مواقف ، وثلاثة أمكنة ، وثلاثة أزمنة مختلفة ، ولم يكن (أبونا آدم) بطلها كلها ، بل كان هناك آدم آخر ، علينا أن نكلف أنفسنا مهمة البحث والتقصي عنهم ، تاركين ورائنا التعبد بما يقوله الآباء ، فالقرآن يدعم العقل والتفكير والعلم ، رغم محاولات البعض في جعله كتاباً (اعتباطياً) يخص الأمن الغذائي والثرائي لعلماء الدين فقط ، وواضح أن القرآن ليس كتاباً مدرسياً لتعليم فن الخضوع والخنوع لسلطة الكهنوت ، بل هو كتاب (فيه تبيان كل شئ) .

    ورغم محاولات البعض في إخضاع نظرية داروين للنص الديني الاعتباطي ، ولكنها ستبقى علامة مهمة في تأريخ وجود الإنسان ، وحري بنا أن نمنع داروين من أن يدعي بأن هذه النظرية هي من عصارة فكره المحض ، وعلينا أن نقدم دعوى قضائية لكل من يدعي بأن هذه النظرية ليست إسلامية ، فالمسلمون سبقوا داروين إلى هذا المعنى ، واستطاعوا أن يحلوا لغز الإنسان (الحالي) بشكل لم يستطعه دارون في نظريته ، وعند علمائنا حل إشكالية (الحلقة المفقودة) لو كانوا ينطقون ، وغالباً ما نجد أننا نسبق الآخرين بالتلميح ، ونمنحهم حق التصريح ، كما سبق العلماء المسلمين الكثير من علماء الغرب في نظرياتهم .

    سأترك للقارئ الحريص مسؤولية البحث والتقصي وإعادة القراءة ، ولن أسلب منه حق التحري ، ولن أمارس معه دور الموجه ، لأنني أثق بقدرة الإنسان على الوصول للحقيقة حين يريد الوصول . البحث والتقصي وإعادة القراءة ، ولن أسلب منه حق التحري ، ولن أمارس معه دور الموجه ، لأنني أثق بقدرة الإنسان على الوصول للحقيقة حين يريد الوصول ، معللاً نفسي بأن أسمع - يوماً - بوجود لجنة (علمية - دينية) تبحث نظرية داروين وتشبعها نقاشاً وتحليلاً بعيداً عن التشنج والأحكام المسبقة .

    معللاً نفسي بأن أسمع يوماً بوجود لجنة (علمية – دينية) لإشباع هذه النظرية بالبحث والتقصي ، على الأقل ليعرف الناس أن الله قادر على أن يخلق البدايات ، وأن يتجاوز البدايات ليخلق خلقاً جديداً ، وبأحسن تقويم .

    راسم المرواني
    [email protected]
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    #2
    رد: هل كان (داروين) كافراً ؟ بقلم راسم المرواني

    اعتقد انها مقالة جيدة جدا للاستاذ راسم المرواني ... نسال الله سبحانه وتعالى له الهداية ليماني آل محمد (ع)
    وجزاكم الله كل خير على جهودكم اخونا نجمة الجدي : مواضيع مميزة متابعة لنشاطات الدعوة

    راسم المرواني هو من زوار غرفة انصار الامام المهدي ع في القسم العراقي وفتح اليوم معه حوار عن نظرية دارون وكلام الامام احمد الحسن (ع) فيها ـ مع اني وافتح قوسين اشعر بالحزن لاننا اضطرنناه للخروج من الغرفة بعد ذلك ـ

    عموما ... اشير لبعض الاقتباسات الجميلة ايضا في مقاله :

    ولماذا يفتح الله سبحانه معهم باب الحوار ما لم تكن هناك مبانيٍ واقعية تحتاج معها إلى تفنيد رؤيتهم لمستقبل وجود الإنسان على الأرض ، متنبهين إلى إشارة مهمة ، وهي ، إن الله سبحانه يؤمن بالحوار ويشجع عليه رغم أنه هو الله الذي ليس كمئله شئ ، ولكن الإنسان يرفض الحوار ولا يؤمن به.
    ثم

    فالقرآن يدعم العقل والتفكير والعلم ، رغم محاولات البعض في جعله كتاباً (اعتباطياً) يخص الأمن الغذائي والثرائي لعلماء الدين فقط ، وواضح أن القرآن ليس كتاباً مدرسياً لتعليم فن الخضوع والخنوع لسلطة الكهنوت ، بل هو كتاب (فيه تبيان كل شئ) .
    نسال الله سبحانه وتعالى له الهداية للامام احمد الحسن (ع) وصي ورسول الامام المهدي (ع) واليماني الموعود ...
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎