إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • هيئة الاشراف العلمي للحوزة
    هيئة الاشراف العلمي العام على الحوزات المهدوية
    • 07-02-2012
    • 74

    عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

    هذه الصفحة مخصصة للدروس المكتوبة لــ
    المادة : عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم
    المرحلة : الاولى
    المدرس : دكتور توفيق
    Last edited by اختياره هو; 04-09-2012, 14:34.
  • د. توفيق المغربي
    مشرف
    • 13-02-2012
    • 259

    #2
    رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
    قبل الدرس
    قبل الشروع في الدرس اضع بين يدي الطالب الكريم طريقة تدريس المادة وفكرة مجملة عن التسلسل الذي سنتبعه ان شاء الله
    الدرس ان شاء الله سيكون في اغلب الاوقات يبدء بمقدمة يحدد فيها هدف الحصة (جزئي) يتم الوصول اليه في نهاية المحاضرة ثم تشخيص النقاط المهمة
    ان شاء الله غالبا في نهاية الحصة سيكون هناك تمارين شفوية واخرى كتابية تساعد الطالب على تقييم درجة استيعابه وتساعد المدرس على تقييم درجة ايصاله الهدف المرسوم وايضا سيتم تحديد الكتب ووموضع الفقرات منها التي يمكن ان يرجع اليها في الحصة القادمة او للاطلاع على بعض النقاط الثانوية مثلا
    التسلسل العام للطرح :
    1. تاريخ نشوء بدعة "عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم"
    2. اثبات كون حقيقة وجوب تقليد غير المعصوم "عقيدة"
    3. مناقشة تمهيدية في استدلالات القائلين بوجوب تقليد غير المعصوم وبيان خلافهم في نوع الدليل المدعى.
    4. بيان بطلان الاستدلال الروائي على بدعة التقليد
    5. بيان بطلان الاستدلال بالقرآن على بدعة التقليد
    6. بيان بطلان الاستدلال العقلي على بدعة التقليد
    7. رد الاشكالات
    وان شاء الله سيتم تفصيل النقاط تقريبا بحسب فهرس البحث الذي تجدونه على هذا الرابط :
    بحث "سقوط الصنم : صنم عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم" اضغط هنا

    والحمد لله
    Last edited by اختياره هو; 30-03-2012, 10:32.

    Comment

    • د. توفيق المغربي
      مشرف
      • 13-02-2012
      • 259

      #3
      رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة

      للاستماع للدرس الاول اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

      ملحق الدرس الاول ــ مراجعة وتمارين ــ للاستماع اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

      الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 1
      21 ربيع 1433 هـ ـ قـ / موافق 14 فبراير 2012-02-11 ـالمدرس : توفيق محمد المغربي
      الدرس 1
      بسم الله الرحمن الرحيم
      والحمد لله رب العالمين
      وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

      1. عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم (ع) هو الصنم الذي ذكره اهل البيت (ع)
      عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم عقيدة بلا دليل...
      خداع للبسطاء وإبعادهم عن طريق أهل البيت (ع) وتحريف لمذهب أهل البيت (ع)...
      كما حصل قبل بعثة الرسول محمد (ص) عندما جاء علماء مكة وملؤوا الكعبة بالأصنام كذلك قبل بعث القائم (ع) يأتي علماء النجف ويملئون النجف بالأصنام البشرية.
      ـ عن عبد الله بن عطا قال : (سألت الباقر (ع) فقلت إذا قام القائم بأي شيء يسير في الناس ؟ فقال (ع) يهدم ما قبله كما صنع رسول الله ص ويستأنف الإسلام جديداً ) بحار الأنوار ج 52 ص354.
      ـ عن أبي بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام: (... ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان...) غيبة الطوسي 273 ،والبحار:52 ـ 329.
      والأوثان أو الأصنام كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) هم العلماء غير العاملين فلا أوثان في زمن الإمام الصادق (عليه السلام) إلا أبي حنيفة وأشباهه.
      ـ عن ابي الفضيل بن يسار قال سمعت ابو عبد الله عليه السلام يقول ان قائمنا اذ ا قام استقبل من جهل الناس اشد مما استقبلة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من جهل الجاهلية . قلت وكيف ذاك . قال : ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة ، وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ، يحتج عليه به ، ثم قال : اما والله ليدخلن عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر) غيبة النعماني ص297
      ـ عن ابي بصير قال قلت لأبي عبدالله (ع) اتخذوا احبارهم ارباباً من دون الله فقال : (اما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ولكن احلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون) الكافي ج1 ص53
      أوثان أو أصنام تلبس زي رسول الله (ص) ويفتون الناس ويحللون الحرام ويحرمون الحلال ويوجبون تقليدهم أي قبول قولهم بدون طلب دليل
      ـ قال رسول الله (ص) عن الله سبحانه وتعالى في المعراج (....قلت الهي فمتى يكون ذلك (أي قيام القائم ع) فأوحى إلي عز وجل يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر الفتك وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة وكثر الشعراء وأتخذ أمتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور ) بحار الأنوار ج 52

      2. تاريخ ونشوء بدعة عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم (المجتهد) في الفروع
      2.1. بعد وفاة النبي (ص)
      2.1.1. السنة
      بعد وفاة النبي (ص) كان على المسلمين الرجوع إلى أوصيائه (ع) ؛ لمعرفة الأحكام الشرعية المشتبهة عليهم أو التي تستجد مع مرور الزمن، ولكن بما أنّ جماعة من المسلمين انحرفوا عن الأوصياء ، وتركوا الأخذ عنهم - وهم أهل السنة - فقد أدّى مرور الزمن بهم إلى تأليف قواعد عقلية مستندة إلى القواعد المنطقية، اعتمدوا عليها في إصدار بعض الأحكام الشرعية، وسمّوها بـ (أصول الفقه)، وأعرض بعض علمائهم عنها والتزم بالقرآن وما صح عندهم أنّه صدر عن النبي .
      2.1.2. الشيعة
      أمّا الشيعة فكانوا دائماً يرجعون إلى الإمام المعصوم (ع) بعد النبي (ص) ، وهذا هو التقليد الواجب اي تقليد المعصوم (ع) وكان اصحابهم يتلقون معالم دينهم مباشرة
      او كما يقول الآخوند الخراساني ((يأخذون الاحكام ممن ينقلها عنهم (عليهم السلام) بلا واسطة أحد، أو معها من دون دخل رأي الناقل فيه أصلا، وهو ليس بتقليد كما لا يخفى))[1]
      بل هو تقليد للمعصوم (ع)
      وهؤلاء الأصحاب والرواة كانوا ((فقهاء فيما ينقلونه عن الأئمة (ع)))[2] كما يصفهم السيد الخوئي في تقرير بحثه مصباح الاصول من البهسودي

      2.2. الغيبة الصغرى
      ولما وقعت الغيبة الصغرى كانوا يرجعون إلى سفير الإمام (ص) وهو معين منه والاخذ منه واجب وهو تقليد للمعصوم (ع) لا للسفير.
      2.3. الغيبة الكبرى
      2.3.1. بداية الغيبة الكبرى
      فلمّا وقعت الغيبة التامة كانوا يرجعون إلى الفقهاء والذين كانت لهم كتب فيها الاحكام التي يروونها عن المعصومين
      كما عن االمحقق كاظم السبحاني (تقرير بحث السيد الخميني ـ تهذيب الاصول ـ) :
      قال :
      ((وقد كان الافتاء عند السؤال شفاها بنفس نقل الرواية، وهو غير ما نحن فيه. وقد كان السيرة على هذا المنوال إلى زمن الصدوقين، إلى ان تطور الامر، وصارت تدوين الفتاوى بنقل متون الروايات بحذف اسنادها دارجا من غير تجاوز عن حدود ما وردت فيه الروايات... .....
      ....إلى ان جاء دور التكامل والاستدلال، والتفريع والاستنتاج، فتوسع نطاق الفقه والاجتهاد منذ زمن الشيخ الطوسي إلى عصرنا الحاضر))[3]
      2.3.2. الابتعاد عن زمن النص...
      ومع مرور الزمن رجع بعض علماء الشيعة إلى القواعد العقلية التي بدأ بكتابتها علماء السنة. وقيل: إنّ أول من كتب في القواعد العقلية من الشيعة هو العلامة الحلي (رحمه الله)، حيث قام باختصار أحد كتب السنة في أصول الفقه.
      وقع بعد ذلك خلاف كبير بين علماء الشيعة حول التوقف عند محكمات القرآن والروايات الواردة عن المعصومين في تحصيل الحكم الشرعي أو تجاوز الأمر إلى دليل العقل، وزاد آخرون الإجماع.
      يقول الشيخ علي خازم :
      ((وقد استمر الفقه (الافتاء) على هذه الطريقة (اي دون تجاوز حدود الرواية) الى زمان السيد المرتضى (المتوفى 436 ه‍) والشيخ الطوسى (المتوفى 460 ه‍) حيث عظمت الحاجة عند الشيعة الى التفريع في المسائل الفقهية، إذ ان الفترة التى امتدت بين نهاية الغيبة الصغرى (329 ه‍) وحياة هذين المعلمين قد شهدت تطورا على صعيدين:
      1. كثرة الفروع التى لا نص من المعصوم عليها
      2. ظهور الآراء الفقهية المتعددة المبتنية على الاختلاف في فهم النصوص.....
      واستمر فقهاء الشيعة تأصيلا في العلمين (الفقه واصول الفقه) الى ان جاءت الحركة الاخبارية على يد المولى محمد امين الاسترابادي (المتوفى 1023 ه‍)، فانقسم الشيعة الى اصوليين يعتمدون اصول الفقه (وهى العناصر المشتركة في عملية الانبساط)، واخباريين لم يستوعبوا الاعتماد على غير الرواية، ففهم القرآن عندهم موكول لاهله وهم المعصومون، والاجماع من اصول السنة، اما العقل ففيه ما فيه ايضا. واستمرت هذه المحنة من بداية القرن الحادى عشر الى ان بدات بالانحسار على يد المجدد الكبير محمد باقر البهبهانى (المتوفى 1206 ه‍). ....)) الشيخ علي خازم ـ مدخل إلى علم الفقه عند المسلمين الشيعة.
      وما يهمنا ـ الآن ـ ليس مناقشة الإفتاء أو آليته ولا ما يسمى بعلم "اصول الفقه" فهو يخص عملية الاستنباط وهذا موضوع آخر منفصل تماما عن عقيدة وجوب التقليد !
      ولكن مرادنا مما أوردناه هو بيان خلو كتب الأحكام التي كانت لدى الفقهاء الأوائل وكان يرجع إليها الشيعة لأخذ الفتاوى من شيء اسمه "وجوب التقليد لغير المعصوم" كما هو موجود الآن في كتب الاصوليين !
      2.3.1. نشوء البدعة...
      من السهل جدا التحقق من ((عدم التعرض لمسألة التقليد في كتب العلماء الأقدمين )) كما عن المحقق الشيخ محمد المؤمن القمي[4] في كتابه تسديد الاصول ج 2 اثناء رده على دعوى الاجماع على جواز التقليد.
      بل وان موضوع التقليد لغير المعصوم حتى عند الأصوليين ظهر في زمن متأخر عن بداية الغيبة الكبرى التي بدأت بوفاة السفير الرابع ( سنة 329ﻫـ ) وبدءا كخاتمة في كتب مباحث الأصول مع انه ليس منها وذلك ان أول من بحث عن جواز التقليد في كتابه الأصولي (مبادئ الوصول إلى علم الأصول) هو العلاّمة الحلّي المتوفى (سنة 726 هـ ) بل واننا حتى لو تنزلنا إلى قبول القول بان بعض الفصول[5] المسماة : "صفات المفتي والمستفتي" في الكتب الأصولية الأولى هي بحث في جواز التقليد فهي لم تظهر قبل (سنة 436 هـ) اي بعد اكثر من 100 سنة من بداية الغيبة الكبرى.
      فـ(هذا الكتاب (أي كتاب الاجتهاد والتقليد ) لم يلحق بالفقه إلا في العصور الأخيرة فيما كان يبحث عنه في أصول الفقه) كما يقول الشيخ على خازم في كتابه "مدخل إلى علم الفقه عند الشيعة" عند ذكره أبواب العبادات في الكتب الفقهية[6]
      وواكب كتاب التقليد كتب مباحث أصول الفقه إلى أن ادخله كاظم اليزدي لأول مرة في الكتب الفقهية حيث افتتح به رسالته العملية العروة الوثقى[7] التي لا تحتوي على أي استدلال بل مجرّد أحكام شرعية فافتى قائلا :
      ـ ((المسألة 1 : يجب على كل مكلف في عباداته ومعاملاته أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً. العروة الوثقى ج 1)) وعلق السيستاني على المسالة الاولى قائلا : (...( عباداته ومعاملاته ) : وكذا في جميع شؤونه مما يحتمل أن يكون من حدود التكاليف الالزامية المتوجهة اليه ولو بلحاظ حرمة التشريع.) السيستاني شرح العروة والوثقى ـ ج 1 ـ التقليد.)
      ـ (المسألة 7 : (عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل) العروة الوثقى ج 1 )

      _________________
      الهوامش
      1 الآخوند الخراساني ـ كفاية الأصول ـ ص 479 ـ 480. http://www.yasoob.com/books/htm1/m018/22/no2222.html
      [2] تقرير بحث السيد الخوئي ـ مصباح الاُصول - ج 1ـ ص 217.

      [3] الشيخ كاظم السبحاني ـ تهذيب الاصول ـ تقرير بحث السيد الخميني ج 3 ـ ص 204.

      [4] المحقق القمي : ((فأما الإجماع و إن ادعي - كما في رسالة الشيخ الأعظم ( قدس سره ) - إلا أنه لا يصح الاستناد إليه في كشف حكم الله تعالى و رأي المعصوم في مثل المورد مما كان لسائر الأدلة إليه سبيل ، فلعل المجمعين استندوا إلى الأدلة الاخر فإجماعهم لا يكشف عن أزيد من هذه الأدلة التي بايدينا . هذا . مضافا الى إن نفس دعوى الإجماع أيضا مستنده إلى الحدس ، بعدم التعرض لمسألة التقليد في كتب علمائنا الأقدمين أصلا ، و الأمر سهل)) المحقق محمد المؤمن القمي ـ تسديد الاصول ـ ج 2
      http://www.alhawzaonline.com/almakta...osul-feqh/207- osul al-sheaa/0018-tasdeed-osul/02/14.htm
      [5] السيد المرتضى (سنة 436 هـ) في كتابه الأصولي "الذريعة " ج 2 ـ فصل "صفات المفتي والمستفتي"ص 796. http://www.yasoob.com/books/htm1/m018/22/no2204.html
      [6] الشيخ علي خازم ـ مدخل إلى علم الفقه عند المسلمين الشيعة. http://www.yasoob.org/books/htm1/m001/05/no0590.html

      [7] الدكتور عبد الهادي الفضلي : ((....إن موضوع التقليد، بدءا بحثا أصوليا، وفي عهد متأخر، يسبق عصرنا هذا مباشرة أو بقليل، تحول بحثا فقهيا. وأخال أن هذا التحول كان من السيد اليزدي في رسالته العلمية الموسومة بـ "العروة الوثقى‏"...)) دراسة فقهية لظاهرة الاجتهاد والتقليد. http://www.shahrodi.com/books/TAKLID/taklid01.htm
      Last edited by اختياره هو; 11-05-2012, 17:30. سبب آخر: اضافه كلمه " غير " لبند الاول

      Comment

      • د. توفيق المغربي
        مشرف
        • 13-02-2012
        • 259

        #4
        رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

        للاستماع للدرس الثاني اضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــــــا


        الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 2


        *********

        28 ربيع 1433 هـ ـ قـ / موافق 21 فبراير 2012-02-11 ـالمدرس : توفيق محمد المغربي
        الدرس 2
        بسم الله الرحمن الرحيم
        والحمد لله رب العالمين
        وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

        تذكير :
        في الدرس الاول راينا كيف ان مسالة وجوب تقليد غير المعصوم لم يكن لها اثر في زمن الائمة (ع)
        ولا في بداية عصر الغيبة
        وبينا اقرار العلماء بان الاستفتاء من الاصحاب في زمن الائمة (ع) لا يصدق عليه تقليد الاصحاب...و بالتالي ان هذا الاقرار لا اقل يمكن الاستفادة منه على كون المسالة خلافية ولا يمكن الاستدلال بها
        بينا ايضا ان كتب الاحكام الاولى وحتى في بداية الغيبة الكبرى كانت خالية من شئ اسمه "كتاب وجوب التقليد"


        وفي هذه الحصة ان شاء الله نحدد هدفين :

        الهدف الاول : اتمام الاستقراء التاريخي واثبات ان وجوب تقليد غير المعصوم في الاحكام بدعة ابتدعها كاظم اليزدي
        الهدف الثاني : اثبات ان وجوب تقليد غير المعصوم من الامور الاعتقادية
        ونختم ان شاء الله بملخص عن اقوال العلماء والفقهاء في نوع الدليل المدعى لاثباتهم هذه البدعة والتسلسل الذي سنتبعه في مناقشة الاستدلالات


        1.1.1. نشوء البدعة...
        من السهل جدا التحقق من ((عدم التعرض لمسألة التقليد في كتب العلماء الأقدمين )) كما عن المحقق الشيخ محمد المؤمن القمي[1] في كتابه تسديد الاصول ج 2 اثناء رده على دعوى الاجماع على جواز التقليد.
        بل وان موضوع التقليد لغير المعصوم حتى عند الأصوليين ظهر في زمن متأخر عن بداية الغيبة الكبرى التي بدأت بوفاة السفير الرابع ( سنة 329ﻫـ ) وبدءا كخاتمة في كتب مباحث الأصول مع انه ليس منها وذلك ان أول من بحث عن جواز التقليد في كتابه الأصولي (مبادئ الوصول إلى علم الأصول) هو العلاّمة الحلّي المتوفى (سنة 726 هـ ) بل واننا حتى لو تنزلنا إلى قبول القول بان بعض الفصول[2] المسماة : "صفات المفتي والمستفتي" في الكتب الأصولية الأولى هي بحث في جواز التقليد فهي لم تظهر قبل (سنة 436 هـ) اي بعد اكثر من 100 سنة من بداية الغيبة الكبرى.
        فـ(هذا الكتاب (أي كتاب الاجتهاد والتقليد ) لم يلحق بالفقه إلا في العصور الأخيرة فيما كان يبحث عنه في أصول الفقه) كما يقول الشيخ على خازم في كتابه "مدخل إلى علم الفقه عند الشيعة" عند ذكره أبواب العبادات في الكتب الفقهية[3]
        وواكب كتاب التقليد كتب مباحث أصول الفقه إلى أن ادخله كاظم اليزدي لأول مرة في الكتب الفقهية حيث افتتح به رسالته العملية العروة الوثقى[4] التي لا تحتوي على أي استدلال بل مجرّد أحكام شرعية فافتى قائلا :
        ـ ((المسألة 1 : يجب على كل مكلف في عباداته ومعاملاته أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً. العروة الوثقى ج 1)) وعلق السيستاني على المسالة الاولى قائلا : (...( عباداته ومعاملاته ) : وكذا في جميع شؤونه مما يحتمل أن يكون من حدود التكاليف الالزامية المتوجهة اليه ولو بلحاظ حرمة التشريع.) السيستاني شرح العروة والوثقى ـ ج 1 ـ التقليد.)
        ـ (المسألة 7 : (عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل) العروة الوثقى ج 1 )
        ومعلوم ان مراده بالتقليد هنا هو الاعتقاد وعقد القلب وهو المقرر في اصطلاحات الأصول (كما في تعريف الشيخ علي المشكيني )[5] ولذلك يكون هو الالتزام كما عبر عنه اليزدي في تعريفه وفي تحققه :
        ( مسألة 8 : التقليد هو الالتزام بالعمل بقول مجتهد معيّن وإن لم يعمل بعد ، بل ولو لم يأخذ فتواه ، فإذا أخذ رسالته والتزم بالعمل بما فيها كفى في تحقّق التقليد .)
        (مسألة 62 : ..يكفي في تحقق التقليد أخذ الرسالة والالتزام بالعمل بما فيها وإن لم يعلم ما فيها ولم يعمل.........) العروة الوثقى ج1 )
        نعم اختلف الفقهاء في تعريفه وفي تحققه ولكن كل (المعاني التي ذكرتها تعاريف الفقهاء وعلماء الاصول على اختلافها تلتقي عند مفهوم واحد، هو: رجوع العامي الى الفقيه، لإيمانه بان فتواه هي حكم اللّه في حقه، وهي حجة عليه في مجال امتثال التكاليف الشرعية، كما انها حجة له ‏في مجال الاعذار من قبل اللّه تعالى....)[6] ولان هذه العلاقة بين المقلد والمجتهد (تتحقق بالالتزام وحده، وتتحقق بالعمل لكن مع الالتزام، كما تتحقق بالاستناد الى الفتوى في مقام العمل، ولكن مع الالتفات ‏لذلك. وهذا لان العلاقة المذكورة هي في معناها الدقيق: ايمان العامي بحجية فتوى المجتهد في حقه، وهذا المعنى يتحقق باي واحد مما ذكر)[7] وايضا رغم اختلافهم في تعريفه (فلا نرى في كلماتهم من يخدش بإمكان الالتزام القلبي .....أمّا على القول بأنّ التقليد هو العمل، فقد نوقش في إمكانه ومنهم صاحب الفصول والآخوند الخراساني ) وكذلك (إنّ القائلين بأنّ التقليد عبارة عن العمل يؤكّدون على قيد (العمل استناداً إلى قول الغير)، وفي الحقيقة فإنّ هذا الاستناد هو الالتزام بقول الغير)[8]
        فالمكلف لابد أن يعتقد برضا الشرع بالتقليد للمجتهد كما يقول الوحيد البهبهاني في الرسائل : ((...العامي لابد له أن يعتقد رضا الشرع بتقليد المجتهد، وجعل ظنه محسوبا مكان شرعه الذي هو الحق اليقيني...))[9]
        ولابد ان يعتقد انه بعمله او تركه على أساس هذا السلوك (أي التقليد) يتيقن من فراغ ذمته وتحصيل المؤمن من العقاب ويعتقد انه بترك التقليد لم يحرز فراغ ذمته يقينا ويحتمل أن يعاقب.
        وكيف ما كان فمع غض النظر عن تعريف التقليد وتحققه فأصل وجوبه عقيدة.

        ولتوضيح المسالة وببساطة نقول :
        عندنا 3 امور:
        1. أحكام فقهية
        2. الطريق لأخذ هذه الأحكام كأصل عام بغض النظر عن المصداق في الخارج
        3. ثم العمل أو الترك وفق الأحكام المأخوذة التزاما أو محاكاة أو استنادا
        فمسالة تعريف التقليد وتحققه تقع في النقطة 3. وليس الكلام فيها !
        وإنما الكلام في أصل الوجوب أي وجوب الرجوع إلى المجتهد لأخذ الأحكام والعمل أو الترك وهو النقطة 2. وهي مسالة عقائدية وهي نظير الاعتقاد بوجوب تقليد المعصوم (ع) أي وجوب الرجوع إليه لأخذ الأحكام منه.
        ولا يقال أن الرجوع إلى المجتهد مسالة فرعية من نوع الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص او رجوع المريض الي الطبيب لان هذا إنما يتم لو حرر الأصل في وجوب الرجوع إليه ثم وقع الكلام في البحث عن المصداق في الخارج.... ولكن اول الكلام في وجوب الرجوع الى المفهوم و((وجوب الرجوع إليه نظير الكلام في مسألة وجوب الرجوع للإمام "عليه السلام" فإنها مما ترجع للمبدأ والمعاد فتكون من علم الكلام ))[10] أي العقائد كما صرح به عدد من الفقهاء منهم الشيخ علي كاشف الغطاء وكذلك الميرزا القمي كما ينقل عنه الدكتور الفضلي( قال: «.... ان جواز الاجتهاد والتقليد ووجوب الرجوع الى المجتهد من المسائل الكلامية المتعلقة باصول الدين والمذهب لا من اصول الفقه ولا من فروعه، فهو يجري مجرى وجوب اطاعة الامام وتعيينه، .........والحاصل: ان الرجوع الى العالم باحكام الشرع في غير حضرة الامام من مسائل اصول الدين والمذهب التي تثبت بالعقل، وبالنقل ايضا، مثل المعاد، ومثل وجوب الامام بعد النبي (ص) للرعية، ونحوهما، فكما لا بد للمكلف من الاعتقاد بمتابعة الامام، الا بالعقل او بالنص، فكذا لا بد من الاعتقاد بوجوب متابعة العالم بعد فقد الامام، اما بالعقل اوبالنقل....».))
        وكما هو صريح فتوى كاظم اليزدي وكما هو ايضا مصرح به في واحد من أهم الكتب العقائدية المعتمدة في الحوزة بالنجف وبقم كتاب "عقائد الامامية" للشيخ المظفر والذي املى فيه ما اسماه فهم المعتقدات الاسلامية حيث افرد بابا بعنوان عقيدتنا في التقليد بالفروع قال فيه: ((....أمّا فروع الدين ـ وهي أحكام الشريعة المتعلِّقة بالاَعمال ـ فلا يجب فيها النظر والاجتهاد، بل يجب فيها ـ إذا لم تكن من الضروريّات في الدين الثابتة بالقطع، كوجوب الصلاة والصوم والزكاة ـ احد أمور ثلاثة:إمّا أن يجتهد وينظر في أدلة الاَحكام، إذا كان أهلاً لذلك.وإمّا أن يحتاط في أعماله إذا كان يسعه الاحتياط.وإمّا أن يقلِّد المجتهد الجامع للشرائط، ........فمن لم يكن مجتهداً ولا محتاطاً ثم لم يقلِّد المجتهد الجامع للشرائط فجميع عباداته باطلة لا تُقبل منه، وإن صلّى وصام وتعبَّد طول عمره، إلاّ إذا وافق عمله رأي من يقلِّده بعد ذلك، وقد أتّفق له أنّ عمله جاء بقصد القربة إلى الله تعالى))[11].

        1.2. الدليل على العقيدة يجب ان يكون قطعي يقيني
        رأينا كيف بدأت بدعة عقيدة وجوب التقليد وكيف انه لا يوجد لها اثر في كتب علماء وفقهاء الشيعة القدامى والآن سوف نقف على ما يزعم فقهاء وعلماء الأصول أنها أدلة على وجوب التقليد.
        تنبيه : بما ان الكلام في العقائد ، والظن لا يغني عن الحق شيئاً قال تعالى : ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس : 36.] فلا بد من اليقين في العقائد.
        وقد بينا في ما تقدم ان اصل الوجوب في التقليد هو من المسائل العقائدية ومع ذلك نقول هنا ان بعض الفقهاء وعلماء الاصول يحاولون اخفاء هذه الحقيقة على الناس كما في هذه الفقرة من جواب مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني :
        (...نقول لا ندري ما هي القضية العقائدية التي أراد الفقهاء ان يحتجوا بها من خلال هذه الرواية، فالمستشكل لم يطرح في البحث سوى موضوع استفادة وجوب التقليد منها....) مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني[12]
        وعلى أي حال فبما ان اصل وجوب التقليد لا يمكن ان يثبت بالتقليد بل هم يقولون انها مسالة اجتهادية فلا بد من دليل قطعي !
        واما من ينكرون كون اصل وجوب التقليد عقيدة وينكرون وجوب الدليل القطعي فنقول كيف تفتون الناس اذا بوجوب التقليد في مقدمات رسالاتكم العملية التي فيها الاحكام الفقهية ؟!
        ـ يقول الشيخ محمد حسن القديري[13]: ((...ومما ذكرنا يظهر ان جواز التقليد ايضا لابد وان يثبت بدليل قطعي غير التقليد للزوم الدور او التسلسل فلابد من الاجتهاد فيه. فتحصل ان المكلف لابد وان يستند في عمله إلى حجة ثبتت حجيتها بدليل قطعي، وهي اما في نفس المورد واما الاحتياط الذي ثبتت حجيته بدليل قطعي، وهي اما في نفس المورد واما الاحتياط الذي ثبتت حجيته بالاجتهاد او التقليد، او التقليد الذي ثبتت حجيته بالاجتهاد، فالأساس هو الاجتهاد في مقام العمل. )) الشيخ محمد حسن القديري ـ البحث في رسالات عشرـ رسالة في الاجتهاد والتقليد[14].
        ـ يقول السيد الخوئي : ( ...إذ لا يجوز - لدى العقل - الاعتماد على غير ما علم بحجيته حيث يحتمل معه العقاب. وعلى هذا يترتب أن العامي لابد في استناده إلى فتوى المجتهد أن يكون قاطعا بحجيتها في حقه أو يعتمد في ذلك على ما يقطع بحجيته، ولا يسوغ له أن يستند في تقليده على مالا يعلم بحجيته، إذ معه يحتمل العقاب على افعاله وتروكه....) ص 83 ـ 84.وقال ايضا (ان حجية أي حجة لابد من أن تنتهى إلى العلم) الاجتهاد والتقليد ص 91.
        علماء الاصول يشترطون في الدليل القطعي احد هذه الأمور :
        ـ إما دليل عقلي تام
        أو دليل نقلي تام أي :
        ـ آية قرآنية محكمة ظاهرة الدلالة وبينة المعنى.
        أو
        ـ رواية قطعية الصدور قطعية الدلالة أي متواترة او محفوفة بالقرائن القطعية وأما روايات الآحاد فممنوع الاعتماد عليها في الاعتقاد عندهم و(قد نص علماء الإسلام بأن العقائد لا تثبت بخبر الواحد وإن كان صحيحاً ومتعدداً ،ما لم يبلغ حد التواتر) كما يقول السيد محمد صادق الصدر في كتاب تاريخ ما بعد الظهور.
        وكل هذه الأمور مفقودة هنا لإثبات هذه البدعة "بدعة وجوب تقليد غير المعصوم" فلا يوجد آية من القرآن دالة على وجوب التقليد لغير المعصوم وكذلك ليس لديهم رواية آحاد (مع انها لا تفيد العلم ) فضلا عن المتواترة فكل ما يطرحونه ضعيف السند أو مرسل كما أنها لا تسعفهم للاستدلال بها لأنها لا ظهور لها في "وجوب تقليد غير المعصوم " وأما الاستدلال العقلي فهو أيضا غير تام بل هو ضدهم كما سيتبين بفضل الله وسنأتي إن شاء الله على أنواع استدلالاتهم كلها لنبين بطلانها ولإسقاط هذا الصنم الذي يعبد من دون الله.

        [1] المحقق القمي : ((فأما الإجماع و إن ادعي - كما في رسالة الشيخ الأعظم ( قدس سره ) - إلا أنه لا يصح الاستناد إليه في كشف حكم الله تعالى و رأي المعصوم في مثل المورد مما كان لسائر الأدلة إليه سبيل ، فلعل المجمعين استندوا إلى الأدلة الاخر فإجماعهم لا يكشف عن أزيد من هذه الأدلة التي بايدينا . هذا . مضافا الى إن نفس دعوى الإجماع أيضا مستنده إلى الحدس ، بعدم التعرض لمسألة التقليد في كتب علمائنا الأقدمين أصلا ، و الأمر سهل)) المحقق محمد المؤمن القمي ـ تسديد الاصول ـ ج 2

        [2] السيد المرتضى (سنة 436 هـ) في كتابه الأصولي "الذريعة " فصل "صفات المفتي والمستفتي"
        [3] الشيخ علي خازم ـ مدخل إلى علم الفقه عند المسلمين الشيعة.
        [4] الدكتور عبد الهادي الفضلي : ((....إن موضوع التقليد، بدءا بحثا أصوليا، وفي عهد متأخر، يسبق عصرنا هذا مباشرة أو بقليل، تحول بحثا فقهيا. وأخال أن هذا التحول كان من السيد اليزدي في رسالته العلمية الموسومة بـ "العروة الوثقى‏"...)) دراسة فقهية لظاهرة الاجتهاد والتقليد.
        [5] يقول الشيخ علي المشكيني : (واما التقليد: فقد يعرف بانه اخذ قول الغير للعمل به في الفرعيات والالتزام به قلبا في الاعتقاديات تعبدا وبلا مطالبة دليل ; فإذا افتى الفقيه بوجوب صلوة الجمعة أو حرمة شرب العصير فالتزم به المقلد وبنى قلبا على العمل به من دون ان يطالبه بدليل الحكم تحقق التقليد وصح ان يقال انه قلدا الفقيه في هذه المسألة وان لم يعمل به بعد، وكذا إذا افتى المجتهد بان المعراج مثلا جسماني فتعلمه المقلد واعتقد به في قلبه تحقق التقليد فيها. وقد يعرف بانه العمل استنادا إلى قول الغير وعليه لا يتحقق التقليد بمجرد تعلم الحكم ما لم يعمل به. ولا يخفى عليك ان المناسب للمورد من معانيه اللغوية معنيان: الاول: كونه بمعنى جعل الشئ ذا قلادة ويتعدى حينئذ إلى مفعولين: اولهما: الشئ الذى تجعل القلادة له وثانيهما الشئ المجعول قلادة، يقال قلد الهدى نعله أي جعله قلادة له وقلدا العبد حبلا أي جعله قلادة على عنقه، فيكون معنى قلدت الفقيه صلوتى وصومي وحجى جعلها على عنقه والقيتها على عهدته ; وهذا المعنى يقتضى كون ـ ص (20)ـ التقليد هو العمل فانه مادام لم يعمل لم يصدق انه قلده والقى العمل على رقبته. الثاني: التبعية ويتعدى إلى المفعول الثاني بفى يقال قلده في مشيه أي تبعه فيه فيكون معنى قلدا الفقيه في وجوب الصلوة وحرمة الخمر اتبعه فيهما، وعلى هذا المعنى ان اريد في باب التقليد من التبعية التبعية بحسب القلب والاعتقاد كان التقليد هو الالتزام وان اريد بها التبعية بحسب العمل كان هو العمل عن استناد. ثم ان كثرة استعمالهم التقليد متعديا بفى شاهدة على ارادتهم المعنى الثاني وان كان احدهما كناية عن الآخر) الشيخ علي المشكيني ـ اصطلاحات الأصول.
        [6] الدكتور عبد الهادي الفضلي ـ دراسة فقهية لظاهرة الاجتهاد والتقليد.
        [7] نفس المصدر السابق.
        [8] الشيخ محمد جواد اللنكراني : ((المقام الأول: نبحث في إمكان أن تكون حقيقة التقليد هي الالتزام أو العمل المقام الثاني: مع فرض الإمكان في كليهما نبحث في أيّهما الأرجح. أمّا بالنسبة إلى «المقام الأول» فلا نرى في كلماتهم من يخدش بإمكان الالتزام القلبي .....أمّا على القول بأنّ التقليد هو العمل، فقد نوقش في إمكانه ومنهم صاحب الفصول والآخوند (رحمهما الله)...................وهنا ينبغي التنبيه على أمور:الأول: إنّ القائلين بالالتزام لا يقولون بكفاية الالتزام فقط في مقام تحقق التقليد، بل الالتزام والبناء على العمل، أي أنّهم لا يرون أنّ التقليد يبدأ من حين العمل بحيث لا تقليد قبله اطلاقاً، بل كلماتهم تشير إلى أنّ التقليد هو الالتزام والبناء على العمل، فعندما يأخذ الرسالة من المجتهد فإنّه يقرر مع نفسه العمل بها، وهذا يكفي في صدق التقليد حتى وإن لم يوفّق للعمل بمسألة منها. الثاني: إنّ القائلين بأنّ التقليد عبارة عن العمل يؤكّدون على قيد (العمل استناداً إلى قول الغير)، وفي الحقيقة فإنّ هذا الاستناد هو الالتزام بقول الغير، وهذا الالتزام لابدّ أن يكون متحققاً قبل العمل كما في تناول الدواء استناداً إلى قول الطبيب.........والشاهد الجليّ على أنّ التقليد هو الالتزام مع البناء على العمل، ما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة ومثاله صلاة الجمعة في زمن الغيبة حيث يفتي البعض بالوجوب، والبعض بالحرمة (وإن كان نادراً) فهنا لو قلّد المكلّف من يقول بالحرمة، فاذا قلنا بأنّ التقليد هو العمل فهنا لا يوجد عمل بل ترك العمل، وترك العمل هذا لا يكون مصداقاً للتقليد إلاّ بالقول بأنّ التقليد هو الالتزام بالفتوى.)) الشيخ محمد جواد اللنكراني ـ تقريرات بحوث الخارج ـ الاجتهاد والتقليد ـ ص 122ـ 134. http://www.j-fazel.org/ara/doros/ejte/1.php
        [9] المحقق البهبهاني : (( العامي لابد له أن يعتقد رضا الشرع بتقليد المجتهد، وجعل ظنه محسوبا مكان شرعه الذي هو الحق اليقيني، وبديهي أن ذلك لا يحصل له من نفس تقليد المجتهد، لما فيه من الدور المحال الواضح، فمستنده ليس إلا ما حصل له بالتظافر والتسامع المتعين بأن غير الفقيه عليه أن يرجع إلى الفقيه في حكم الشرع، كما هو الشأن في جميع العلوم والصناعات التي يتوقف عليها نظم المعاد والمعاش أن غير أهل الخبرة يرجع إلى أهل الخبرة فيها بلا شبهة، وأن مدار المسلمين في الأعصار والأمصار كان على ذلك بالبديهة. وبالجملة، حصل له من التظافر والتسامع في التقليد ما حصل له في ضروريات الدين والمذهب التي ليس فيها تقليد واجتهاد بل المجتهد والمقلد فيها على حد سواء.)) المحقق البهبهاني ـ الرسائل ـ ص 11ـ12. http://www.yasoob.com/books/htm1/m001/02/no0250.html
        [10] الشيخ علي كاشف الغطاء: ((ـ المطلب الثاني: إن مسألة جواز الاجتهاد والتقليد أصولية أم لا.....(والحاصل ) إن الرجوع للعالم بأحكام الشرع من مسائل أصول الدين التي تثبت بالعقل أو النقل مثل المعاد ووجود الإمام ، فكما لابد للمكلف من الاعتقاد بوجود الإمام لا بد له من الاعتقاد بوجوب متابعة العالم بعد غيبته "عليه السلام"، أما بالعقل أو النقل . ..... ويمكن أن يقال عليه إن كلا من الاجتهاد والتقليد ورجوع العامي للعالم لا دخل له بالاعتقاد بل كرجوع لأهل الخبرة .... ولكن لا يخفى إن هذا يتم لو قلنا بوجوب معرفة المرجع الديني في زمن الغيبة ولكن كلامنا في وجوب الرجوع إليه نظير الكلام في مسألة وجوب الرجوع للإمام "عليه السلام"فإنها مما ترجع للمبدأ والمعاد فتكون من علم الكلام.)) الشيخ علي كاشف الغطاء ـ كتاب النور الساطع في الفقه النافع.
        [11] الشيخ المظفر في مقدمة الكتاب (( أمليت هذه (المعتقدات)، وما كان القصد منها إلاّ تسجيل خلاصة ما توصَّلت إليه من فهم المعتقدات الاسلامية على طريقة آل البيت عليهم السلام.وقد سجلت هذه الخلاصات مجرّدة عن الدليل والبرهان، ومجردة عن النصوص الواردة عن الاَئمة فيها على الاَكثر؛ لينتفع بها المبتدئ والمتعلّم والعالم، وأسميتها «عقائد الشيعة» وغرضي من الشيعة الامامية الاثني عشرية خاصة.وكان إملاؤها سنة 1363 هـ بدافع إلقائها محاضرات دورية في كلية منتدى النشر الدينية؛ للاستفادة منها تمهيداً للاَبحاث الكلامية العالية محمَّد رضا المظفر النجف الاَشرف ـ العراق 27 جمادى الآخرة 1370 هـ)) محمد رضا المظفر ـ عقائد الامامية ـ ص 13 ـ 14.

        [12] http://www.aqaed.com/faq/4278
        [13] الشيخ محمد حسن القديري عضو رابطة مدرسي الحوزة العلمية كان - مسؤول قسم الإستفتاءات في مكتب الشيخ الأراكي - ومكتب الخامنئي في مدينة قم.
        [14] الشيخ محمد حسن القديري ـ البحث في رسالات عشرـ رسالة في الاجتهاد والتقليد http://www.al-shia.org/html/ara/book...ohooth/a25.htm
        Last edited by اختياره هو; 11-05-2012, 17:34.

        Comment

        • د. توفيق المغربي
          مشرف
          • 13-02-2012
          • 259

          #5
          رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

          للاستماع للدرس الثـــالث اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــا

          تكملة الدرس الثــالث ــ للاستماع اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا



          الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 3
          6 ربيع الثاني 1433 هـ ـ قـ / موافق 28 فبراير 2012-02-11 ـالمدرس : توفيق محمد المغربي
          الدرس 3
          مناقشة الاستدلال برواية (فللعوام ان يقلدوه)

          بسم الله الرحمن الرحيم
          والحمد لله رب العالمين
          وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

          1. بيان بطلان الاستدلال الروائي على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم


          1.1. الرواية الاولى : (فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه... فللعوام أن يقلدوه)

          . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
          تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - ص 298 - 302
          قوله عز وجل : " ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا أماني وان هم الا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون " : 78 - 79
          143 - قال الإمام عليه السلام : [ ثم ] قال الله عز وجل : يا محمد ومن هؤلاء اليهود ( أميون ) لا يقرؤون [ الكتاب ] ولا يكتبون ، كالأمي منسوب إلى أمه ( 1 ) أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب ( لا يعلمون الكتاب ) المنزل من السماء ولا المكذب ( 2 ) به ، ولا يميزون بينهما ( إلا أماني ) أي إلا أن يقرأ عليهم ويقال لهم : [ إن ] هذا كتاب الله وكلامه ، لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه
          ( وإن هم إلا يظنون ) ، أي ( 3 ) ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد صلى الله عليه وآله في نبوته ، وإمامة علي عليه السلام سيد عترته ، وهم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم .
          قال : فقال رجل للصادق عليه السلام : فإذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم ؟ فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم ، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم .
          فقال عليه السلام : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة ،
          أما من حيث أنهم استووا ، فان الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما [ قد ] ذم عوامهم .
          وأما من حيث أنهم افترقوا فلا .
          قال : بين لي ذلك يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله ! قال عليه السلام : إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح ، وبأكل الحرام وبالرشاء ، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات . وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم ، وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه ، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم . وعرفوهم بأنهم يقارفون المحرمات ، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق ، لا يجوز أن يصدق على الله ، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ، فلذلك ذمهم [ الله ] لما قلدوا من قد عرفوا ، ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ، ولا تصديقه في حكايته ، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لا تظهر لهم .
          وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر ، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها ، وإهلاك من يتعصبون عليه إن كان لاصلاح أمره مستحقا ، وبالترفق ( 1 ) بالبر والاحسان على من تعصبوا له ، وإن كان للاذلال والإهانة مستحقا .
          فمن قلد من عوامنا [ من ] مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم .
          فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا لهواه ، مطيعا لامر مولاه فللعوام أن يقلدوه .
          وذلك لا يكون إلا [ في ] بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ، فان من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ، ولا كرامة لهم ،
          وإنما كثر التخليط فيما يتحمل ( 2 ) عنا أهل البيت لذلك ، لان الفسقة يتحملون عنا ، فهم يحرفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير [ مواضعها و ] وجوهها لقلة معرفتهم
          وآخرين يتعمدون الكذب علينا ليجروا ( 3 ) من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم .
          ومنهم قوم نصاب لا يقدرون على القدح فينا ، يتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا ، وينتقصون [ بنا ] عند نصابنا ( 1 ) ثم يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها ، فيتقبله [ المسلمون ] المستسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا فضلوا وأضلوهم ( 2 ) .
          وهم أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد على الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه فإنهم يسلبونهم الأرواح والأموال ، وللمسلوبين عند الله أفضل الأحوال لما لحقهم من أعدائهم .
          وهؤلاء علماء السوء الناصبون المشبهون بأنهم لنا موالون ، ولأعدائنا معادون يدخلون الشك والشبهة على ضعفاء شيعتنا ، فيضلونهم ويمنعونهم عن قصد الحق المصيب . [ لا جرم ] أن من علم الله من قلبه - من هؤلاء العوام - أنه لا يريد إلا صيانة دينه وتعظيم وليه ، لم يتركه في يد هذا الملبس الكافر . ولكنه يقيض له مؤمنا يقف به على الصواب ، ثم يوفقه الله تعالى للقبول منه فيجمع له بذلك خير الدنيا والآخرة ، ويجمع على من أضله لعن الدنيا وعذاب الآخرة .
          ثم قال : [ قال ] رسول الله صلى الله عليه وآله : شرار علماء أمتنا المضلون عنا ، القاطعون للطرق إلينا ، المسمون أضدادنا بأسمائنا ، الملقبون أضدادنا ( 3 ) بألقابنا ، يصلون عليهم وهم للعن مستحقون ، ويلعنوننا ونحن بكرامات الله مغمورون ، وبصلوات الله وصلوات ملائكته المقربين علينا - عن صلواتهم علينا - مستغنون . ( 4 )
          144 - ثم [ قال : ] قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى ؟ قال : العلماء إذا صلحوا . قيل : فمن شر خلق الله بعد إبليس وفرعون ونمرود ، وبعد المتسمين ( 1 ) بأسمائكم والمتلقبين ( 2 ) بألقابكم ، والآخذين لأمكنتكم ، والمتأمرين في ممالككم ؟ قال : العلماء إذا فسدوا ، هم المظهرون للأباطيل ، الكاتمون للحقائق ، وفيهم قال الله عز وجل : ( أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا ) الآية . ( 3 ) ثم قال الله عز وجل : " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا " الآية .
          . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
          1.1.1. مناقشة السند

          ان الرواية بحسب مبانيهم ضعيفة السند بل مرسلة !!
          والتفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) ـ الذي ورد فيه الحديث ـ ضعفه اغلب الفقهاء والمحققين نذكر منهم :
          العلامة الحلي ـ السيد الخوئي ـ السيد الخميني ـ محمد سعيد الحكيم ـ
          وغيرهم الكثير .......
          ـ السيد الخوئي : ( ..... رواية الاحتجاج.... رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد ) وقال ايضا: (...الرواية ضعيفة السند لأن التفسير المنسوب إلى العسكري - عليه السلام - لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه..) كتاب الاجتهاد والتقليد - ص 81 ـ 221 – 222.
          ـ السيد الخميني : ( فالرواية مع ضعفها سندا....) الاجتهاد والتقليد - ص 97 – 98.
          ـ محمد سعيد الحكيم ـ بعد ان ذكر روايات من ضمنها هذه الرواية ـ قال : ( .... مضافا إلى الاشكال في الجميع بضعف السند) مصباح المنهاج ـ التقليد ـ ص12 ـ 13.
          ـ العلامة الحلي في خلاصة الاقوال ص 404 برقم 60 من الفصل (22) في الميم، وفيه ثمانية ابواب الباب (1) في محمد، اربعة وستون رجلا... التحقيق: الشيخ جواد القيومي الطبعة: الاولى المطبعة: مؤسسة النشر الاسلامي التاريخ: عيد الغدير 1417 مؤسسة نشر الفقاهة

          1.1.2. مناقشة الدلالة

          تنبيه : عبارة (فللعوام ان ....) ظاهرها ترخيص مع ان الكلام في الوجوب لذلك يغيرها بعض الفقهاء وخطباء المنابر الى (على العوام ان....)
          ـ مركز الدراسات التابع للسيستاني في جواب عن سؤال حول أدلة التقليد: (رابعاً: ناقش المستشكل في دلالة الرواية، وقال: (فعلى العوام أن يقلدوه) ليست ظاهرة في وجوب التقليد بل هي ظاهرة، في التخيير... نقول: استظهر الوجوب منها) مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني[1].
          مع ان السؤال جاءت فيه العبارة الصحيحة : ((فللعوام أن يقلدوه))
          ـ السيد محمد بن علي الموسوي العاملي قال : (حتى ان الامام المعصوم عليه السلام قد جعل العلماء نوابه من بعده لقوله: من كان من الفقهاء صائنا لنفسه مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه فعلى العوام ان يقلدوه) محمد بن علي الموسوي العاملي ـ كتاب مدارك الاحكام ج 1 ـ ص 7


          ..............................


          لو قلنا بدلالة الرواية على جواز تقليد غير المعصوم في الاحكام بقبول قوله دون دليل ـ إطلاقا للرواية عن موردها ـ فيلزم من ذلك جوازه في العقائد أيضا[2]

          وعليه تكون معارضة بمتواتر قطعي الصدور والدلالة

          وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بالرواية حتى على جواز تقليد غير المعصوم.


          لو قلنا أن النص يعطي العوام ـ الذين لا يعرفون الكتاب ولا كلام المعصومين (ع) إلا بما يسمعونه من علمائهم ولا سبيل لهم إلى غيره ـ ترخيصا بتقليد من كان من الفقهاء موصوفا بتلك الصفات فهذا لا يتجاوز جواز "قبول خبره ، و تصديقه في حكايته ، والعمل بما يؤديه إليهم عن المعصوم رواية ونقلا " كما هو صريح النص

          وهو لا خلاف فيه[3]
          وبالتالي فليس هناك دلالة على وجوب تقليد المجتهد غير المعصوم.


          لو أطلقنا الرواية عن موردها (أي العقائد) وقلنا أن الخبر شامل للأحكام والفتوى

          وانه رخص للعوام تقليد الفقهاء

          ثم لو كان التفقه متوقفا على الاجتهاد الأصولي

          ومن ثم لو كان التقليد عرفا لا يتحقق إلا بأحد مفاهيمه الاصطلاحية الأصولية (مع اختلافها)

          لكان الخبر دالا على جواز تقليد المجتهد في الفروع والاصول...!

          ولكن : ـ التفقه في زمن النص كان يتحقق بالسماع عن المعصوم (ع) فالأصحاب كانوا فقهاء بما هم رواة

          ـ والإفتاء : ـ كان بنقل الحكم عن المعصوم (ع)
          ـ وغير متقوم برأي الفقيه بل ولا حتى برأي المعصوم (ع)

          ـ وأما التقليد فهو يصدق عرفا على قبول الرواية عن المعصوم (ع) بل ونفس هذه الرواية سمته تقليدا.

          مضافا الى ان الرواية عدها كبار[4] علماء الاصول شاملة لقبول الخبر

          بل ومنهم من صرح بانحصار دلالتها فيه[5]
          وبالتالي :

          فالنص لا يمكن الاستدلال به على جواز التقليد الشائع في عصرنا هذا فضلا على الاستدلال به على وجوبه.

          بالنتيجة :

          الرواية ضعيفة السند وأجنبية عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم

          بل ولا تنفعهم حتى للإثبات التاريخي لا منطوقا ولا مفهوما
          ولا يستفاد منها على وجه القطع الا ذم التقليد.[6]



          [1] http://www.aqaed.com/faq/4278
          [2] ـ السيد الخميني: ( فيظهر منه: أن الذم لم يكن متوجهاً إلى تقليدهم في أصول العقائد، كالنبوة والإمامة بل متوجه إلى تقليد فساق العلماء، وأن عوامنا لو قلدوا علماءهم فيما قلد اليهود علماءهم، فلا بأس به إذا كانوا صائنين لأنفسهم، حافظين لدينهم... إلى آخره، فإخراج الأصول منه أخراج للمورد، وهو مستهجن، فلا بد من توجيه الرواية بوجه، أو رد علمها إلى أهلها. ...وبالجملة: سوق الرواية إنما هو في التقليد الظني، الذي يمكن ردع قسم منه، والأمر بالعمل بقسم منه، والالتزام بجواز التقليد في الأصول أو في بعضها، كما ترى، فالرواية مع ضعفها، واغتشاشها متناً، لا تصلح للحجية)) السيد الخميني ـ كتاب الاجتهاد والتقليد ـ ص97
          ـ المحقق جعفر السبحاني: (..ان ظاهر الحديث صحة التقليد في الاصول والعقائد إذا اخذوها عمن هو صادق في حديثه، .... ، وهو باطل بضرورة الدين واخراجها عن مصب الحديث، اخراج المورد المستهجن،... " وبالجملة " ان مصب البحث فيها انما هو في التقليد الظنى، في الاصول والعقائد، بترخيص قسم وهو التقليد عمن له صيانة وحفاظة، والمنع عن آخر، والالتزام بجوازه فيها غريب جدا.) تهذيب الاصول ـ ـ ج 3 ـ ص180.
          [3] الحر العامليالتقليد المرخص فيه هنا إنما هو قبول الرواية لا قبول الرأي والاجتهاد والظن وهذا واضح ، وذلك لا خلاف فيه ، ولا ينافي ما تقدم وقد وقع التصريح بذلك فيما أوردناه من الحديث وفيما تركناه منه في عدة مواضع ، على أن هذا الحديث لا يجوز عند الأصوليين الاعتماد عليه في الأصول ولا في الفروع ، لأنه خبر واحد مرسل ، ظني السند والمتن ضعيفا عندهم ، و معارضه متواتر ، قطعي السند والدلالة ، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية) وسائل الشيعة (آل البيت ) - الحر العاملي ج 72 ص 131-132/ ج18 ص 94 .
          [4] الشيخ الانصاري: (...ومنها: ما دل على وجوب الرجوع إلى الرواة والثقات والعلماء على وجه يظهر منه: عدم الفرق بين فتواهم بالنسبة إلى أهل الاستفتاء، وروايتهم بالنسبة إلى أهل العمل بالرواية) الشيخ الانصاري ـ كتاب فرائد الاصول ـ ج1
          [5] الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى: (وأما الأخبار الدالة على جواز الافتاء والاستفتاء فهي وان كانت أحسن ما في الباب، إلا أن الافتاء حيث كان في الصدر الأول بنقل الخبر، وكان نشر الاحكام في زمان النبي والامام عليهما السلام بنقل الأخبار والآثار - لا باعمال الرأي والنظر - فلذا لا تدل إلا على حجية الخبر، فتدبر. ومنه تعرف ما في الاستدلال بقوله عليه السلام (فللعوام أن يقلدوه) فان قبول اخبار الغير من غير دليل على المخبر به يصدق عليه التقليد عرفا، كما يدل عليه مورد هذا الخبر فراجع. بل الحق أن مادة الفتوى - حتى بلسان الشرع - غير متقومة بالرأي والنظر المخصوص بالمجتهد كما في قوله تعالى (ويستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) وقوله عليه السلام (إذا أفتيتك بشئ) بل لا تختص بالأحكام كما في قوله تعالى (واستفتهم أهم أشد خلقا) وقوله تعالى (ولا تستفت فيهم منهم أحدا) فالافتاء ليس إلا اعطاء معلومه – حكما كان أو غيره - فيصح اطلاقه على الاخبار بالحكم حقيقة، لا من حيث شيوع الافتاء بنقل الخبر في الصدر الأول، كما قيل.)) نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج 3.
          [6] السيد محمد محمد صادق الصدر: (( ونسب إليه أيضا ( أي للحسن العسكري ع ) بشكل غير موثوق ، التفسير المشهور : بتفسير الإمام العسكري . .... على أن روايته ضعيفة , ولا تصلح للإثبات التاريخي )) موسوعة الإمام المهدي تاريخ الغيبة الصغرى ص197.
          ـ السيد الخوئي : ((ثمّ إن التكلم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتب عليه ثمرة فقهية ... لعدم وروده في شيء من الروايات . نعم ، ورد في رواية الاحتجاج ... إلاّ أنها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد عليه إذن فلم يؤخذ عنوان التقليد في موضوع أي حكم لنتكلم عن مفهومه ومعناه .) كتاب التقليد والاجتهاد في شرح ص 81. ويقول ايضا : ((هذا مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع ، وجل مقام عالم محقق أن يكتب مثل هذا التفسير ، فكيف بالإمام عليه السلام )) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 13 - ص 157
          Last edited by اختياره هو; 11-05-2012, 17:35.

          Comment

          • د. توفيق المغربي
            مشرف
            • 13-02-2012
            • 259

            #6
            رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

            التسجيل الصوتي للدرس الخــــامس ـ اضغط هنــــــــــــــا
            محآضرة مهمة جدا " بيان العقيدة الحقة في المعصوم (ع) " ـ للاستماع اضغط هنـــــــــــــــــــــــا



            الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 4
            12 ربيع الثاني 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-03-05 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي

            الدرس 4

            التسجيل الصوتي للدرس ــ للاستماع اضغط هنـــــــــــــــــا

            بسم الله الرحمن الرحيم
            والحمد لله رب العالمين
            وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
            في الدرس السابق تناولنا الرواية الواردة في الكتاب التفسير المنسوب للامام العسكري (ع) وعلمنا :
            ان الرواية ضعيفة سندا
            واما دلالة فانها أجنبية عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم (المجتهد) في الاحكام
            وعرفنا انها لا تنفعهم حتى للإثبات التاريخي لا منطوقا ولا مفهوما ولا يستفاد منها على وجه القطع الا ذم التقليد واقصى ما يمكن التنزل اليه هو الرخصة في قبول الرواية والخبر عن المعصوم (ع) ممن توفرت فيه الصفات المذكورة في المتن وهذا هو تقليد الرواية لا تقليد الراي !

            وفي حصة اليوم ان شاء الله سنتناول الرواية المشهورة الثانية التي تساق للاستدلال بها على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم في الغيبة الكبرى ونبين ايضا بطلان هذا الاستدلال من كل وجوهه.

            1.1. الرواية الثانية : توقيع العمري السفير الثاني (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا)

            1.1.1. النص الكامل للحديث
            انقل لكم الرواية من كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 483 – 485 :

            ((4 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه
            قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ،
            عن إسحاق بن يعقوب ( 3 )
            قال : سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه
            أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد [ ت في ] التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام : ‹ صفحة 484 › أما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا ، فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة ، ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح عليه السلام . أما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف عليه السلام . أما الفقاع فشربه حرام ، ولا بأس بالشلماب ( 1 ) ، وأما أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا ، فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع فما آتاني الله خير مما آتاكم . وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله تعالى ذكره ، وكذب الوقاتون . وأما قول من زعم أن الحسين عليه السلام لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال . وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ( 2 ) فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم . ‹ صفحة 485 › وأما محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه وعن أبيه من قبل - فإنه ثقتي و كتابه كتابي . وأما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح الله له قلبه ويزيل عنه شكه . وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر ، وثمن المغنية حرام ( 4 ) . وأما محمد بن شاذان بن نعيم فهو رجل من شيعتنا أهل البيت . وأما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع فملعون وأصحابه ملعونون فلا تجالس أهل مقالتهم فإني منهم برئ وآبائي عليهم السلام منهم براء . وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران . وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث . وأما ندامة قوم قد شكوا في دين الله عز وجل على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال ، ولا حاجة في صلة الشاكين . وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عز وجل يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ( 2 ) إنه لم يكن لأحد من آبائي عليهم السلام إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإني أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي . وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الابصار السحاب ، وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ، ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإن ذلك فرجكم والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلي بن اتبع الهدى .)) انتهى
            وانقل لكم ايضا بعض ما جاء في الهامش من المصحح والمعلق على الكتاب على اكبر الغفاري :
            (( هامش ص 483 › ((... ( 3 ) مجهول الحال (أي اسحاق بن يعقوب) لم أجده في الرجال ولا الكتب الا في نظير هذا الباب . )
            ‹ هامش ص 484 › (...( 2 ) قيل : الحوادث الواقعة ما يحتاج فيه إلى الحاكم كأموال اليتامى فيثبت فيه ولاية الفقيه . وليس بشئ ، والظاهر ما يتفق للناس من المسائل التي لا يعلمون حكمها فلا بد لهم أن يرجعوا فيها إلى من يستنبطها من الأحاديث الواردة عنهم . والمراد برواة الحديث الفقهاء الذين يفقهون الحديث ويعلمون خاصه وعامه ومحكمه ومتشابهه ، ويعرفون صحيحه من سقيمه ، وحسنه من مختلقه ، والذين لهم قوة التفكيك بين الصريح منه والدخيل وتمييز الأصيل من المزيف المتقول . لا الذين يقرؤون الكتب المعروفة ويحفظون ظاهرا من ألفاظه ولا يفهمون معناه وليس لهم منة الاستنباط وان زعموا أنهم حملة الحديث . ....)).
            1.1.2. مناقشة سند التوقيع
            التوقيع ايضا ضعيف السند ونكتفي ببعض الامثلة للتضعيفات :
            ـ السيد الخميني: (وفيه : - بعد ضعف التوقيع سندا - .... ) الاجتهاد والتقليد - السيد الخميني - ص 100
            ـ محمد سعيد الحكيم بعد ذكر روايات من ضمنها التوقيع قال : (مضافا إلى الاشكال في الجميع بضعف السند) مصباح المنهاج، التقليد – ص13 .
            ـ السيد الخوئي : ( أنها قاصرة سندا ودلالة . أما السند فلجهالة ابن عصام ، وكذا إسحاق بن يعقوب ) كتاب الصوم - السيد الخوئي - ج 2 - شرح ص 83
            فالتوقيع لا يصلح للاستدلال به (على عقيدة) حسب مبانيهم اذ القطعي الصدور هو الصحيح المتواتر كما تقدم وهذه الرواية ضعيفة السند.
            1.1.3. مناقشة دلالة التوقيع
            1 ـ لو قلنا إن المراد من رواة الحديث مطلق الرواة المعتبرين وان التوقيع ارجع إليهم لأخذ الحكم الذي ينقلونه ويروونه عن المعصوم (ع) فقبول الرواية منهم لا يكون شيئا آخر غير تقليد للمعصوم (ع)
            إضافة إلى انه حينئذ يكون تخييرا
            والكلام في الوجوب !
            وبالتالي فلا دلالة للنص على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.
            2 ـ على فرض إطلاق التوقيع
            وإذا قلنا أن المجتهدين في الغيبة الكبرى أيضا يطلق عليهم رواة حديث ـ مع (أن الراوي لا يصدق على المطلع على كتب الحديث) كما عن السيد الخوانساري[1] ـ
            فظهور الخبر في الإرجاع إلى رواة الحديث بما يروونه
            لا بما هم مجتهدين ـ كما صرح به الشيخ الانصاري[2] والمحقق الخوئي[3] ومحمد سعيد الحكيم[4] ـ
            وبالتالي فالتوقيع أجنبي حتى عن الكلام في استنباط الحكم الشرعي والاجتهاد خارج النصوص

            بل ولا يمكن الاستدلال به على الاجتهاد ضمن النصوص الشرعية
            فضلا عن كونه أجنبيا كما تبين عن الدلالة على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.

            3 ـ المراد من عبارة (الحوادث) ـ التي ظاهرها يعم العقائد والشرائع ـ غير معلوم كون السؤال غير معلوم
            واحتمال ان يكون المسؤول عنه من الامور المعهودة كما عن المحقق الخراساني[5] والشيخ النائيني [6]
            ونحن لا نلتزم بتخصيص الخبر في وجوب التقليد في الفروع بدون مخصص
            كيف والفقهاء أنفسهم لا يسلمون بذلك التخصيص
            ومنهم السيد الخميني[7] والمحقق السبحاني[8]

            فعلى الاطلاق والقول بالوجوب تكون الدلالة مخالفة لمنع التقليد في العقائد لغير المعصوم او من نصبه المعصوم

            واما تخصيص مصداق الرواة بتخصيص موضوع الحوادث فيحتاج دليلا وهو معدوم

            إضافة إلى ما في عدم التخصيص من مؤيد لكون رواة الحديث هم السفراء ووجوب الرجوع لهم في العقائد والأحكام معلوم ومحل اجماع....!
            وعلى أي حال :
            ـ فبعدم معلومية المراد بالحوادث الواقعة
            ـ وبعدم دفع احتمال خصوصيتها فيما هو غير الفقه
            يكون التوقيع غير تام الدلالة في الارجاع في الاحكام

            فضلا عن عقيدة وجوب اخذ الراي والفتوى من غير المعصوم.

            4 ـ الفهم الصحيح لمتن الرواية هو:

            أنها نص على من ينقل الحكم والعقائد عن الإمام المهدي (ع) كسفير منه (ع)
            ولا ظهور للتوقيع في السؤال عن التكليف في الغيبة الكبرى ـ كما صرح به المحقق النائيينى عن الشيخ موسى الخوانساري[9] ـ !!

            فالرواية وردت في زمن السفير الثاني
            ثم جاء بعده الحسين بن روح السفير الثالث
            ثم السمري السفير الرابع رضي الله عنهم
            وهي فترة ليست بالقصيرة وتمتد لعشرات السنين !!

            ولو كان هناك أمر بالإرجاع في الغيبة الكبرى لصدر في عهد السفير الرابع.
            بل الذي ورد من السفير الرابع في نهاية الغببة الصغرى نص منه على انقطاع الأمر بالإرجاع بانقطاع السفارة والنقل[10] !!
            وعليه فالقدر المتيقن هو الارجاع للسفراء كمصداق لرواه حديثهم (ع) فقط !!

            5 ـ إذن فالتوقيع
            ـ حتى بعد غض النظر عن كون المراد من الحوادث الواقعة غير معلوم
            وغض النظر عن عدم ظهور السؤال في التكليف في الغيبة الكبرى ـ
            لا يمكن الاستفادة منه متنا للدلالة على وجوب تقليد غير المعصوم
            بل ولا يمكن حتى الاستدلال به على الإفتاء والتشريع خارج النصوص
            إضافة إلى أن الاستدلال به على الإفتاء ضمن النصوص الشرعية لا يخلوا من الإشكال لان الإرجاع الى الرواة بما هم رواة لا بما هم مجتهدين.!!



            وهذا هو حال الدليل الثاني الذي يخدع به علماء وفقهاء التقليد البسطاء!!

            ********************************************************************** ****
            [1] السيد احمد الخوانساري : ((أن الراوي لا يصدق على المطلع على كتب الحديث وإلا لصدق على كل من طالع كتب الحديث انه راوي للحديث) ـ كتاب جامع المدارك ـ ج 3 ـ ص 100.
            [2] الشيخ مرتضى الأنصاري : (...لو سلم أن ظاهر الصدر الاختصاص بالرجوع في حكم الوقائع إلى الرواة أعني الاستفتاء منهم، إلا أن التعليل بأنهم حجته (عليه السلام) يدل على وجوب قبول خبرهم.) فرائد الأصول ـ ج 1 ـ ص 301 ـ 302.
            [3] ـ قال السيد الخوئي في نقاش الأهلية للقضاء : (..إمكان المناقشة في دلالته (أي التوقيع)، فان الإرجاع إلى رواة الحديث ظاهره الإرجاع إليهم بما هم رواة حديث لا بما أنهم مجتهدون والنسبة بين الراوى والمجتهد عموم من وجه، وان كان يمكن اطلاق الرواة على المجتهدين بعناية انهم في الحقيقة رواة الائمة عليهم السلام ومستفيدين من اثارهم وعلومهم وليسوا في عرضهم بوجه إلا انه اطلاق مسامحي، ولا يقاس هذا بالارجاع إلى آحاد الرواة كالارجاع إلى محمد بن مسلم أو يونس بن عبد الرحمان أو زكريا بن آدم وغيرهم ممن ارجعوا إليهم باشخاصهم على ما بيناه في اوائل الكتاب، والفرق واضح لا يخفى على الفطن....) الاجتهاد والتقليد ص358.
            [4]ـ محمد سعيد الحكيم : قال: (...اللهم إلا أن يستشكل في الأول بقرب كون الرجوع للرواة لاخذ الرواية منهم، لا لاخذ الحكم الذي استنبطوه منها. مضافا إلى الاشكال في الجميع بضعف السند....) كتاب الاجتهاد والتقليد ص 13.
            [5] الآخوند الخراساني : (ولا في ارجاع الحوادث الواقعة إليهم، في التوقيع الشريف ، لاحتمال معهودية الحوادث، واشارة إلى خصوص ما ذكره في السؤال، وقوة ان يكون المراد، ارجاع حكم الحوادث الواقعة والفروع المتجددة التى ليس منها بخصوصها اثر في الاخبار...) المحقق الخراساني ـ حاشية المكاسب ـ ص 95 ـ 96.
            [6] الشيخ الخوانساري : (...أن السؤال غير معلوم، فلعل المراد من الحوادث: هي الحوادث المعهودة بين الإمام (عليه السلام) والسائل... وأما الثالث: فلأن الحجة تناسب المبلغية في الأحكام والرسالة على الأنام أيضا، ...ولذا وصفهم برواة الأحاديث الذين شأنهم التبليغ... هذا، مع أن سؤاله لا يكون ظاهرا في تكليف المسلمين في الغيبة الكبرى حتى يكون الجواب ظاهرا في عموم الوقائع، بل يسأل عن حالهم في الغيبة الصغرى، فإن العمري الذي بتوسطه سأل محمد بن إسحاق عن حكم الوقائع عن الإمام (عليه السلام) هو محمد بن عثمان العمري، كما يظهر من قوله (عليه السلام) في ذيل الخبر: " وأما محمد بن عثمان العمري فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي " ، وهو كان سفيرا من قبله (عليه السلام)، فلعله يسأل بتوسطه عن المرجع في الفروع المتجددة في ذاك العصر، لا عن المرجع في الامور العامة.) منية الطالب - تقرير بحث المحقق الميرزا النائيينى - ج2 - ص 234 .
            [7] السبحاني : (وفيه : - بعد ضعف التوقيع سندا - أن صدره غير منقول إلينا، ولعله كان مكتنفا بقرائن لا يفهم منه إلا حجية حكمهم في الشبهات الموضوعية، أو الاعم، وكان الارجاع في القضاء، لا في الفتوى ) السيد الخميني ـ الاجتهاد والتقليد - ص 100
            [8] (...ومنها: التوقيع الرفيع..... وفيه: ...ان التوقيع مقطوع الصدر لان قوله: واما الحوادث، بصدد الجواب عن سؤال حذف فيه، ومن المحتمل ان يكون السؤال راجعا إلى القضاء وفصل الترافع، فينحصر حجية رأيهم فيه دون الفتوى...) السبحاني ـ تهذيب الاصول ـ تحقيق بحث السيد الخميني ـ ص182.
            [9] الشيخ موسى الخوانساري: (...مع أن سؤاله (أي محمد بن اسحاق) لا يكون ظاهرا في تكليف المسلمين في الغيبة الكبرى ...... بل يسأل عن حالهم في الغيبة الصغرى...) منية الطالب - تقرير بحث المحقق النائيينى - ج 2 - ص 234 – 235.
            [10] ـ عن محمد بن همام قال: (إن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قدس روحه جمعنا قبل موته- و كنا وجوه الشيعه و شيوخها – فقال لنا : "إن حدث عليَ حدث فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النونجتي فقد أمرت أن أجعله في موضعي بعدي فارجعوا إليه، و عوَلوا في أموركم عليه) الغيبة للشيخ الطوسي.
            ـ الشيخ الطوسي: (لما أشتد حال أبي جعفر العمري إجتمع [عنده] جماعة من وجوه الشيعة منهم: أبو علي بن همام ...و غيرهم و غيرهم من الوجوه و الأكابر فدخلوا على أبي جعفر فقالوا: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح النونجتيالقائم مقامي و السفير بينكم و بين صاحب الأمر و الوكيل، و الثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم و عوَلوا إليه في مهماتكم، فبذلك أمرت، و قد بلغت...) الغيبة للشيخ الطوسي.
            ـ و عن محمد بن أحمد الصفواني قال: ( أوصى الشيخ أبو القاسم – رضي الله عنه- فقام بما كان إلى أبي القاسم، فلما حضرته الوفاة، حضرت الشيعة عنده و سألته عن الموكل بعده و لمن يقوم مقامه، فلم يظهر شيئا من ذلك، وذكر أنه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن")الغيبة للشيخ الطوسي.
            اذا رواة حديثه عليه السلام هم سفراءه الاربعة الذين امر ع بالرجوع اليهم والتعويل عليهم والسفير الرابع بين ان هذا الارجاع لم يؤمر بتعيين من يقوم فيه مقامه فبما ان السفير الرابع لم يرجع الى احد ولا الى عنوان تبين انحصار اليقين بالمراد بـ(رواة الحديث)) النواب الخاصين فقط.
            Last edited by اختياره هو; 11-05-2012, 17:38.

            Comment

            • د. توفيق المغربي
              مشرف
              • 13-02-2012
              • 259

              #7
              رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

              الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 5
              20 ربيع الثاني 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-03-13 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي
              الدرس 5

              التسجيل الصوتي للمحاضرة.للاستماع اضغط هنــــــــــا

              1.1. روايات الحكومة والقضاء (رواية عمر بن حنظلة وروايات أبي خديجة)


              1.1.1. نص الروايات

              الرواية الاولى :
              عن ابي خديجة . قال : ( قال ابو عبد الله (ع) : إياكم ان يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ! ولكن إنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضائنا فإجعلوه بينكم , فإني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه ) الكافي ج7 كتاب القضاء ص 412 ح 4 ـ و " بلفظ "قضايانا" بدلاً من "قضائنا" , التهذيب ج6 كتاب القضايا والاحكام ـ ص 219 ح8.

              الرواية الثانية :
              مشهورة ابي خديجة : عنه قال : ( بعثني أبو عبدالله (ع) إلى أصحابنا ، فقال : قل لهم : إياكم إذا وقعت بينكم خصومة ، أو تدارى في شيء من الاخذ والعطاء ، أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق ، اجعلوا بينكم رجلا ، قد عرف حلالنا وحرامنا ، فاني قد جعلته عليكم قاضيا ، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر .) وسائل الشيعة ج 27 ـ ص 139.

              الرواية الثالتة :
              عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَ مَا يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قُلْتُ فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ يَنْظُرَانِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ اخْتَارَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا وَ اخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَ كِلَاهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيثِكُمْ قَالَ الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَ أَفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا وَ لَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَرُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ فَقَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَ إِنَّمَا الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَيُجْتَنَبُ وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَلَالٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ قَالَ يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ خَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَ يُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَافَقَ الْعَامَّةَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ رَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ وَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَ الْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ قَالَ مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً قَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَ قُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالْآخَرِ قُلْتُ فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامُهُمُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعاً قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَرْجِهْ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَاتِ) الكافي ج1 ص 68 .

              1.1.2. مناقشة السند

              ـ روايتي ابي خديجة فيهما مناقشة :
              ((فنفس الراوي (أبو خديجة) هو محل كلام، واسمه «سالم بن مكرم» فقد صرّح النجاشي بأنه ثقة بينما ضعفه الشيخ (قدس سره) في بعض كلماته فقال أنه ضعيف جدّال، وعنه في بعض كلماته أنه ثقة، وتوقف العلاّمة في الخلاصة في أمره لتعارض الأقوال فيه. ولعلّ خلاف العلمين فيه ناشئ عمّا ذكروه في الرجال من أنه كان في بعض أيّامه منصرفاً عن الحقّ، تابعاً لأبي الخطاب الملحد المعروف، حتّى هداه الله ورجع عنه إلى الطريق السوي فراجع. وحينئذ يشكل الاعتماد على أحاديثه بعد عدم معلومية كون نقل هذا الحديث في أي حالة من حالاته، وقوله «بعثني» وإن كان ظاهراً في حال سلامته ولكنّه شهادة منه في حقّ نفسه.)) [1]
              رواية عمر بن حنظلة :
              ـ الرواية ضعيفة السند بعمر بن حنظلة واما تسميتها بالمقبولة فهو أيضا مما لم يثبت كما عن المحقق الخوئي[2]
              1.1.3. مناقشة الاستدلال

              1 ـ لو قلنا أن روايتي أبي خديجة والمقبولة مطلقة
              وتشمل أيضا زمن الغيبة الكبرى
              وقلنا أنها تعطي العلماء حق الحكومة اي القضاء
              فكيف يمكن تعديتها[3] الى التشريع
              والقضاء هو إنفاذ التشريع بين الناس وهو مرحلة متأخرة عن التشريع!!

              فالروايات أجنبية حتى عن الكلام في استنباط التشريع[4]

              وبالتالي فليس هناك دلالة على وجوب تقليد غير المعصوم.

              2 ـ ظهور روايات ابي خديجة في (الإرجاع في المرافعة والتنازع إلى رواة الأحكام)[5] عنهم عليهم السلام ويدل عليه نسبة الحلال والحرام والقضاء اليهم عليهم السلام

              واما المقبولة فهي (انما وردت في الشبهات الحكمية لان كلا منهما قد اعتمد في حكمه على رواية من رواياتهم كما هو المصرح به في متنها )[6] ...
              فالروايات ظاهرة في خصوص رفع الخصومة كما عن المحقق الخراساني[7]
              ولا يمكن الاستدلال بالروايات حتى على حجية القضاء خارج النصوص الشرعية فضلا عن كونها أجنبية عن باب الفتوى بالكلية[8]........
              ولو تنزلنا إلى الإفتاء فهذا لا يعدوا قبول نقل التشريع رواية عن المعصوم (ع) وبالتالي فلا دلالة على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.

              3 ـ إذن فالروايات لا يمكن الاستفادة منها متنا للدلالة على وجوب تقليد غير المعصوم

              بل ولا يمكن حتى الاستدلال بها على الإفتاء والتشريع خارج النصوص
              إضافة إلى ان الاستدلال بها على الإفتاء ضمن النصوص الشرعية لا يخلوا من الإشكال لان الروايات في الحكومة أي القضاء وليس الإفتاء[9].


              [1] ـ ناصر مكارم الشيرازي ـ بحوث مهمة في الفقه ـ ص 458.
              [2] ـ الخوئي : (...مقبولة عمر بن حنظلة ...الرواية ضعيفة السند بعمر بن حنظلة، إذ لم يرد في حقه توثيق ولا مدح وان سميت روايته هذه بالمقبولة وكانها مما تلقته الاصحاب بالقبول وان لم يثبت هذا أيضا...) الاجتهاد والتقليد ـ ص 143. ايضا عن البهسودي : (...عدم كون عمل المشهور جابرا لضعف السند. وسنتعرض له في بحث حجية الخبران شاء الله تعالى واما المقبولة فلعدم ثبوت وثاقة عمر بن حنظلة، ولم يذكر له توثيق في كتب الرجال...) مصباح الأصول ـ تقرير بحث الخوئي ـ للبهسودي ج 2

              [3] المحقق الخوانساري : (وأما روايتا أبي خديجة فاختصاصهما بالقضاء واضح، مضافا إلى ضعفهما، لأن له حالة اعوجاج عن طريق الحق، وهي زمان متابعته للخطابية، وحالتي استقامة، وهما: قبل الاعوجاج وبعده، ولم يعلم أنه رواهما في أي الحالات. وكيف كان لا تدلان إلا على نفوذ قضاء المجتهد المطلق أو المتجزى أيضا، دون مطلق الامور العامة. فإن إحداهما قوله (عليه السلام): " اجعلوا بينكم رجلا ممن عرف حلالنا وحرامنا " والاخرى قوله (عليه السلام): " انظروا إلى رجل منكم يعلم من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه ". وفي سند الكليني إليه بدل قضايانا قوله: " قضائنا ". ولا يخفى أن القاضي غير الوالي.) المحقق الخوانساري ـ منية الطالب ـ تحقيق بحث النائيني ـ ج 2 ـ ص 235 ـ 236.
              [4] ـ السيد الخوئي : (......والمتحصل أن الافقهية وبقية الاوصاف الواردة في الرواية من مرجحات الحكمين فهي راجعة إلى القضاء واجنبية عن باب الفتوى بالكلية...) الاجتهاد والتقليد ـ ص 144.
              ـ السيد الخوانساري : (...المقبولة ظاهرة في خصوص باب القضاء ولا أقل من عدم الظهور في المدعى بعد ملاحظة الصدر والذيل منها، غاية الامر ظهورها في ثبوت ما هو من شؤون قضاة العامة...) جامع المدارك ـ ج 3 ـ ص 100.
              [5] ـ الشيخ ضياء العراقي: (... وكذا ما ورد من الارجاع إلى رواة الاحكام في الترافع ، كمقبولة عمر بن حنظلة ، ومشهورة أبي خديجة...) ضياء العراقي ـ نهاية الافكار ـ الجزء الرابع : الاستصحاب والتعادل والتراجيح ـ ص 244.
              [6] السيد الخوئي : (... أنها انما وردت في الشبهات الحكمية لان كلا منهما قد اعتمد في حكمه على رواية من رواياتهم كما هو المصرح به في متنها ...) الاجتهاد والتقليد ـ ص 429.
              [7] المحقق الخراساني : (ولا في جعلهم حاكما، ولا قاضيا، لعدم اطلاق في الخلافة، ولعلها في تبليغ الاحكام التى هي من شئون الرسالة، وظهور كونهم حاكما وقاضيا في خصوص رفع الخصومة، كما يشهد ملاحظة المقبولة والمشهورة) المحقق الخراساني ـ حاشية المكاسب ـ ص 94.
              [8] ـ السيد الخميني : (...إطلاق صدر مقبولة عمر بن حنظلة ، وإطلاق مشهورة أبي خديجة. .... ولكن يرد عليه: أن إلغاء الخصوصية عرفا ممنوع، ضرورة تحقق خصوصية زائدة في باب الحكومة، ربما تكون بنظر العرف دخيلة فيها، وهي رفع الخصومة بين المتخاصمين، وهو لا يمكن نوعا إلا بحكم الحاكم النافذ، وهذا أمر مرغوب فيه، لا يمكن فيه الاحتياط، ولا تتفق فيه المصالحة نوعا. وأما العمل بقول الفقيه فربما لا يكون مطلوبا، ويكون المطلوب درك الواقع بالاحتياط، أو الاخذ بأحوط الاقوال مع تعذر الاحتياط التام، فدعوى أن العرف يفهم من المقبولة وأمثالها حجية الفتوى، لا تخلو من مجازفة، وأوضح فسادا من ذلك دعوى تنقيح المناط القطعي. وأما قوله: (إذا حكم بحكمنا) لو سلم إشعاره بإلغاء احتمال الخلاف، فإنما هو في باب الحكومة، فلابد في التسرية إلى باب الفتوى من دليل، وهو مفقود. فالانصاف: عدم جواز التمسك بأمثال المقبولة للتقليد رأسا ...) الاجتهاد والتقليد ص 97 ـ 99.

              [9] ـ المحقق السبحاني : (...صدر المقبولة اعني: انظروا إلى رجل روى حديثنا.... مصبها القضاء والحكومة، فلا ارتباط لها بباب التقليد...... ومنها: المشهورة المتقدمة: اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فانى قد جعلته عليكم قاضيا.... ان المشهورة والمقبولة لا تدلان على حجية الفتوى...) تهذيب الاصول ـ ج 3 ـ ص 181 ـ 182.
              Last edited by اختياره هو; 30-03-2012, 18:32.

              Comment

              • د. توفيق المغربي
                مشرف
                • 13-02-2012
                • 259

                #8
                رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 6

                26 ربيع الثاني 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-03-19 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي

                الدرس
                6

                التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع اضغط هنـــــــــــــــــــــا

                بسم الله الرحمن الرحيم

                والحمد لله رب العالمين

                وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

                سوف نناقش ان شاء الله طائفة اخرى من الروايات التي يسوقها العلماء والفقهاء المنادون بعقيدة وجوب التقليد ونبين ان شاء الله انها اجنبية بالمرة عن هذه العقيدة المبتدعة

                والروايات التي سنناقشها هي اما هي عامة في استنباط الاحكام والافتاء او خاصة بالاصحاب الذين ينقلون عن المعصوم (ع)

                تنبيهين :

                اولا /
                كما قلنا سابقا هناك خلط بين موضوع استنباط الاحكام واليته (اي الافتاء) وبين موضوع التقليد الذي هو متاخر عن الافتاء...واثناء النقاش لا بد من الفصل بين الامرين.

                ثانيا / روايات الاصحاب لا يمكن ابدا الاستدلال بها على التقليد في زمن الغيبة الكبرى وذلك لمانعين وهما حضور المعصوم وخصوصية الاصحاب !!

                وهذين الامرين سنبينهما ان شاء الله بتفصيل اثناء الدرس




                1.1. روايات استنباط الحكم والإفتاء


                1.1.1. نص الروايات

                استدلوا بروايات يأمر فيها الأئمة (ع) أصحابهم بالتفريع مثل :

                ـ عن محمد بن إدريس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إنما علينا أن نلقي إليكم الاصول، وعليكم أن تفرعوا) مستطرفات السرائر: 57 / 20، وسائل الشيعة 18: 40، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 6، الحديث 51.

                ـ عن كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البيزنطي عن الرضا (عليه السلام) قال: (علينا إلقاء الاصول، وعليكم التفريع) وسائل الشيعة 18: 52، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 6، الحديث 52. 3 - تهذيب الاحكام 1: 8 / 11

                أو روايات في كيفية استظهار الحكم (أي آلية التشريع)

                ـ عن الرضا (عليه السلام) قال: (من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم). ثم قال: (إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن، ومتشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 290 / 39، وسائل الشيعة 18: 82، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 9، الحديث 22

                ـ عن علي بن أسباط قال قلت للرضا (عليه السلام): يحدث الامر لا أجد بدا من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك. قال فقال: (ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك، فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه، فإن الحق فيه) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 275 / 10، تهذيب الاحكام 6: 294 / 820، وسائل الشيعة 18: 82، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 9، الحديث 23.

                او روايات من أين يستظهر الحكم (أي مصادر التشريع) مثل :

                ـ عن محمد بن علي بن الحسين، بإسناده عن زرارة قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت وقلت: (إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟! فضحك وقال: (يا زرارة، قاله رسول الله، ونزل به الكتاب عن الله عزوجل، لان الله عزوجل قال: (فاغسلوا وجوهكم) فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل. ثم قال: (وأيديكم إلى المرافق) فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين. ثم فصل بين الكلام فقال: (وامسحوا برؤوسكم) فعرفنا حين قال: (برؤوسكم) أن المسح ببعض الرأس، لمكان الباء. ثم وصل الرجلين بالرأس، كما وصل اليدين بالوجه، فقال: (وأرجلكم إلى الكعبين) فعرفنا حين وصلهما بالرأس، أن المسح على بعضهما، ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس فضيعوه...) الكافي 3: 30 4.

                ـ مرسلة يونس في الاستحاضة وكرواية عبد الأعلى في المسح على المرارة حيث قال: (هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله، قال الله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) امسح عليه) الكافي 3: 33 / 4، تهذيب الاحكام 1: 363 / 1097



                وايضا يستدلون بروايات يأمر فيها الأئمة (ع) خواص أصحابهم بالإفتاء أو يأذنون لهم في ذلك مثل رواية أبان بن تغلب ومعاذ بن مسلم النحوي

                روايات الإفتاء :

                ـ عن الصادق (ع) انه قال لأبان بن تغلب : ( إجلس في [مسجد] مجلس المدينة وأفت الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك) رجال النجاشي ص 7 ـ 8 .

                ـ و رواية عنه (ع) انه قال لمعاذ بن مسلم النحوي : (بلغني أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس ؟ قلت : نعم وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج ، إني أقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون ، ويجيء الرجل أعرفه بمودّتكم وحبكم فاُخبره بما جاء عنكم ، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو فأقول جاء عن فلان كذا ، وجاء عن فلان كذا فادخل قولكم فيما بين ذلك فقال لي : إصنع كذا فإني كذا أصنع) وسائل الشيعة 27 : 148 / أبواب صفات القاضي ب 11 ح 36


                1.1.2. مناقشة الاستدلال بالروايات المذكورة

                1 ـ إذا كان الاستدلال بالروايات على جواز الإفتاء بالمعنى الذي أمر الأئمة (ع) أصحابهم بالعمل به (أي معارضة الأحاديث الواردة عنهم (ع) واستظهار التشريع منها ) فلا إشكال فيه وهو مرحلة متقدمة عن التقليد أما الإفتاء بالرأي او ما يسمى بالدليل العقلي او الإجماع او الاستحسان او القياس فقد نهى عنه الائمة (ع) وفي كل الأحوال مسألة الإفتاء والاجتهاد مسألة متقدمة على مسألة الاعتقاد بوجوب تقليد غير المعصوم ولا ظهور لروايتي أبان ومعاذ في إرجاع الناس إليهما وبالتالي فالروايتين أجنبيتين على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.

                2 ـ رواية أبان بن تغلب ورواية معاذ بن مسلم النحوي نص خاص من المعصوم فالاولى تنصيب للإفتاء والثانية إذن خاص للجلوس للإفتاء فكيف يمكن تعدي الخصوصية والاستدلال بالروايتين على جواز الإفتاء لكل الفقهاء ؟! وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بالروايتين حتى على جواز إفتاء فقهاء الغيبة فضلا عن الاستدلال بهما على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم كما تقدم.

                3 ـ لو قلنا أن الروايتين (رواية ابان بن تغلب ورواية معاذ بن مسلم النحوي ) تدلان على جواز الإفتاء للعلماء ويلزم من ذلك حجية فتواهم ووجوب قبول قولهم فيكون الإشكال هنا أن هذه الحجية تكون حصرا لفتوى هؤلاء العلماء الذين ينصبهم خليفة الله في أرضه مباشرة فكما أن الله استحفظه على التشريع وأمره أن يفتي الناس (وهو لا يفتي برأيه)، هو ينصب من يشاء الله لنقل التشريع منه إلى الناس أي بمعنى نائب خاص أو الأصحاب كما في زمن الصادق (ع) وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بالروايتين على حجية فتوى علماء الغيبة الكبرى بل لا يمكن حتى الاستدلال بهما على جواز الافتاء في زمن المعصوم (ع) بدون تنصيب منه فضلا عن الاستدلال بهما على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.

                4 ـ لو غضضنا النظر عن كون منصب الإفتاء بجعل منهم (ع) فلا يمكن إلغاء خصوصية شهادة المعصوم (ع) في حق هؤلاء الأصحاب وتوثيقهم وبالتالي تكون مقارنة جواز القبول من فقهاء اليوم بجواز القبول من هؤلاء الخاصة من الأصحاب (بما ينقلونه عن المعصوم (ع)) قياس مع الفارق[1].

                5 ـ لا ظهور للروايتين في إرجاع الناس لأبان بن تغلب ومعاذ بن مسلم ولو تنزلنا وقلنا بالإرجاع فهو ليس واجب مع ان القبول من هؤلاء الأصحاب والأخذ عنهم لا يكون شيئا آخر غير تقليد المعصوم (ع) لأنهم ينقلون عنه مباشرة وبالتالي فلا دلالة في الروايتين على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.

                6 ـ ظهور هذا المعنى ورجحانه بحسب المتعارف عليه في عصر الأئمة وزمن فقهاء الشيعة المتقدمين وهو : أفت الناس أي انقل لهم الأحكام والفتاوى التي سمعتها مشافهة من المعصوم (ع) وهو الظاهر في متن رواية معاذ بن مسلم (...فاُخبره بما جاء عنكم ... فأقول جاء عن فلان كذا ، وجاء عن فلان كذا فادخل قولكم ...) وهو الظاهر ايضا من ترجمة وسيرة ابان بن تغلب[2] وكذلك هو دأب نظراء أبان كزرارة وأبي بصير فالافتاء شفاهة وكتابة كان بنفس نقل الرواية من غير تجاوز عن حدود ما وردت فيه الروايات واستمر كذلك مدة في بداية الغيبة الكبرى[3] وبالتالي فلا يمكن المقارنة بين فقهاء الغيبة الأصوليين وهؤلاء الأصحاب الذين يروون وينقلون بالمباشر عن المعصوم (ع) فليس هؤلاء الأصحاب كفقهاء اليوم[4].

                7 ـ لو قلنا أن الروايتين في مقام إمضاء الارتكاز العقلائي والسيرة في رجوع الجاهل إلى العالم فتكون نفس هذه النصوص رادعة عن اطلاق هذا الجواز لأنها بخصوصية مواردها تقيد جواز اخذ الأحكام والفتوى من الذين نصبهم المعصوم (ع) وبالتالي تكون الروايتين رادعة عن السيرة العقلائية لا امضاءا لها ويؤيده ان هذا الاختلاف الكثير بين فقهاء اليوم وتخطئة بعضهم البعض لم يكن في عصر الائمة (عليهم السلام) فكيف يمكن إمضاء الرجوع في ذلك العصر، أن يكشف منه الامضاء في هذا العصر[5].




                [1] ـ محمد سعيد الحكيم : ( الخامس: النصوص الكثيرة الواردة في إرجاع الائمة عليهم السلام إلى آحاد أصحابهم...وفيه: أنه لا مجال للتعدي عن مورد النصوص، لما هو المعلوم من أن إرجاعهم عليهم السلام إنما يكون بلحاظ وثوقهم بدين الشخص وعلمه، لا بلحاظ ثبوت ذلك للمكلف نفسه حسبما يتوصل إليه، مع قطع النظر عن شهادتهم عليهم السلام فالتعدي إنما يتجه إلى كل من يسلم اعتمادهم عليه، وثقتهم به، لا إلى من يثق به المكلف الذي هو محل الكلام ومورد السيرة، فالنصوص ليست في مقام إمضاء سيرة العقلاء في رجوع الجاهل للعالم، بل في مقام بيان قضية تعبدية محضة، خاصة بموردها، أجنبية عما نحن فيه. ولذا تكون الشهادات المذكورة موجبة لتقدم الاشخاص المذكورين على غيرهم من المجتهدين في حق العوام، فلا يسوغ للعامي الرجوع لغيرهم مع إمكان الرجوع لهم، بل يكون بسببهم كالمجتهد الذي لا يسوغ له الرجوع لغيره، لانه من الحجج الخاصة المنصوبة له. بل لا يبعد رجحان فتواهم على ما يستنبطه المجتهد من الادلة، حتى في حق نفسه، لكشف الشهادات المذكورة عن كونهم أوصل منه، وإن خفي عليه الطريق الذي سلكوه، وليس اجتهادهم كاجتهاده بعد الشهادات المذكورة في حقهم...) مصباح المنهاج ـ التقليد ـ ص 13 ـ 14.

                [2] ترجمة أبان بن تغلب في رجال النجاشي : (باب الالف منه [ 7 ] أبان بن تغلب ........لقي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله عليهم السلام، روى عنهم، وكانت له عندهم منزلة وقدم. ..... عن أبي عبد الله عليه السلام: " إن أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث، فاروها عنه ". .....عن عبد الله بن خفقة قال: قال لي أبان بن تغلب: مررت بقوم يعيبون على روايتي عن جعفر عليه السلام، قال: فقلت: كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سألته عن شئ إلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ...... عن سليم بن أبي حية قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فلما أردت أن افارقه ودعته وقلت: أحب أن تزودني، فقال: أنت أبان بن تغلب فانه قد سمع مني حديثا كثيرا فما روى لك فاروه عني. .....) رجال النجاشي ص 7 ـ 8 .

                [3] ـ المحقق السبحاني: ( ... نعم قد كان الافتاء عند السؤال شفاها بنفس نقل الرواية، وهو غير ما نحن فيه. وقد كان السيرة على هذا المنوال إلى زمن الصدوقين، إلى ان تطور الامر، وصارت تدوين الفتاوى بنقل متون الروايات بحذف اسنادها دارجا من غير تجاوز عن حدود ما وردت فيه الروايات إلى ان جاء دور التكامل والاستدلال، والتفريع والاستنتاج، فتوسع نطاق الفقه والاجتهاد منذ زمن الشيخ إلى عصرنا الحاضر) تهذيب الاصول ـ تقرير بحث السيد الخميني ج 3 ـ ص 204.

                ـ الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى : (...وأما الأخبار الدالة على جواز الافتاء والاستفتاء فهي وان كانت أحسن ما في الباب، إلا أن الافتاء حيث كان في الصدر الأول بنقل الخبر، وكان نشر الاحكام في زمان النبي والامام عليهما السلام بنقل الأخبار والآثار - لا باعمال الرأي والنظر - فلذا لا تدل إلا على حجية الخبر، فتدبر.) نهاية الدراية في شرح الكفاية ـ ج 3.

                [4] ـ البهسودي في تقرير بحث السيد الخوئي : ( أنّ التفقه في زمن المعصومين (عليهم السلام) لم يكن بهذه الصعوبة الموجودة في زماننا، فانّها حصلت من كثرة الروايات، وتعارضها في العبادات وقلّتها في المعاملات، فالسلف من الرواة كان يصدق عليهم الفقيه بمجرّد سماع الحديث وحفظه، لكونهم من أهل اللسان، فكانوا يعرفون معاني كلامهم (عليهم السلام)، فكانوا فقهاء كما ورد عنهم (عليهم السلام): «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا»، فكانوا فقهاء فيما ينقلونه عن الأئمة (عليهم السلام) ...) مصباح الاُصول - ج 1 ـ ص 213

                [5] ـ السيد الخميني : (...لكن بقي الاشكال: وهو أن هذا الاختلاف الكثير الذي نشاهده بين الفقهاء في الفتوى، لا أظن وجوده في عصر الائمة (عليهم السلام)، ومعه لا يمكن إمضاء الرجوع في ذلك العصر، أن يكشف منه الامضاء في هذا العصر كما لا يخفى...) كتاب الاجتهاد والتقليد ـ ص 81.
                Last edited by ya fatema; 19-03-2012, 18:14.

                Comment

                • د. توفيق المغربي
                  مشرف
                  • 13-02-2012
                  • 259

                  #9
                  رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات


                  الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 7
                  27 ربيع الثاني 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-03-20 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي
                  الدرس 7

                  التسجيل الصوتي
                  للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنـــــــــــــــــا
                  التسجيل الصوتي لتتمة الدرس السابع ــ للاستماع والتحميل اضغط هنـــــــــــــــــا

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  والحمد لله رب العالمين
                  وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

                  تتمة لبيان بطلان الاستدلال بروايات الافتاء وروايات اصحاب الائمة (ع)

                  استدلوا ايضا بروايات السفراء وخاصة اصحاب الائمة.
                  1.1. روايات السفراء والاصحاب


                  1.1.1. نص الرواية

                  رواية أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ وَقُلْتُ مَنْ أُعَامِلُ ( وَعَمَّنْ )آخُذُ وَقَوْلَ مَنْ أَقْبَلُ فَقَالَ الْعَمْرِيُّ ثِقَتِي فَمَا أَدَّى إِلَيْكَ عَنِّي فَعَنِّي يُؤَدِّي وَمَا قَالَ لَكَ عَنِّي فَعَنِّي يَقُولُ فَاسْمَعْ لَهُ وَأَطِعْ فَإِنَّهُ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ قَالَ وَسَأَلْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (ع) عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَقَالَ الْعَمْرِيُّ وَابْنُهُ ثِقَتَانِ فَمَا أَدَّيَا إِلَيْكَ عَنِّي فَعَنِّي يُؤَدِّيَانِ وَمَا قَالَا لَكَ فَعَنِّي يَقُولَانِ فَاسْمَعْ لَهُمَا وَأَطِعْهُمَا فَإِنَّهُمَا الثِّقَتَانِ الْمَأْمُونَانِ . الكافي : 1 / 329 ح1 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 138 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح4 .
                  1.1.2. مناقشة الاستدلال

                  1 ـ لو تنزلنا وأطلقنا الروايتين عن خصوصيتهما وقلنا ان المعصوم (ع) وجه الى العمري وابنه وأمر بطاعتهما لأنهما بنص منه ثقتان مأمونان في النقل عنه عليه السلام ـ كما هو صريح المتن : (ثِقَتِي فَمَا أَدَّى إِلَيْكَ عَنِّي فَعَنِّي يُؤَدِّي وَمَا قَالَ لَكَ عَنِّي فَعَنِّي يَقُولُ فَاسْمَعْ لَهُ وَأَطِعْ فَإِنَّهُ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ) ـ فيكون الأخذ منهما إنما هو قبول قول المعصوم بواسطتهما أي اخذ الرواية لا الراي ـ وهو الظاهر من النصوص ـ وعليه فهو ليس تقليد لهما بل هو تقليد المعصوم الذي ينقلون عنه ويؤدون عنه فلا دلالة في الروايتين على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.
                  2 ـ الروايتان نص على النيابة الخاصة لعثمان بن سعيد العمري وابنه عن الإمام الهادي (ع) و نيابته هو وابنه عن الإمام الحسن العسكري (ع) وعن الإمام المهدي (ع) في الغيبة الصغرى وبالتالي فهما أجنبيتين عن الكلام في الغيبة الكبرى ولا وجه للاستدلال بها رأسا على تقليد المجتهد.... أما القول بأن المعصوم (ع) تعبد السائل بقبول قول العمري وابنه وهذا فيه دلالة على جواز تقليد غير المعصوم فمردود لأن القبول منهما قبول لأمر الإمام (ع) فيهما وقبول ما يؤديان عنه فهو تقليد للمعصوم وبالتالي فلا دلالة على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.
                  3 ـ لو قيل أن الاستدلال بالروايتين إنما هو في مقام إثبات الارتكاز العقلائي في رجوع الجاهل الى العالم فيكون المستفاد هنا من الروايتين هو أن هذا الجواز يكون مشروطا بالاتصال بالمعصوم (ع) وتنصيب منه فهي إذا رادعة عن إطلاق مصداق العالم في الارتكاز العقلائي.
                  1.2. روايات خاصة الاصحاب


                  1.2.1. نص الروايات

                  رواية علي بن المسيّب الهمداني قال : قلت للرضا (ع) شقّتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت فمِمَّن آخذ معالم ديني؟ قال : من زكريّا بن آدم القمّي المأمون على الدين والدنيا . قال علي بن المسيّب : فلمّا انصرفت قدمنا على زكريا ابن آدم فسألته عمّا احتجت إليه) اختيار معرفة الرجال ، المعروف بـ «رجال الكشي» : 594 رقم 1112 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 146 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح27 .
                  رواية عبدالعزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعاً ، عن الرضا (ع) قال: قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال : نعم) اختيار معرفة الرجال ، المعروف بـ «رجال الكشي» : 490 رقم 935 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 147 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح33 .
                  رواية شعيب العقرقوفي قال : ( قلت لأبي عبدالله (ع) : ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء فمن نسأل؟ قال : عليك بالأسدي ; يعني أبا بصير) اختيار معرفة الرجال ، المعروف بـ «رجال الكشي» : 171 رقم 291 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 142 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح15.
                  1.2.2. مناقشة الاستدلال

                  1 ـ لو قلنا إن المعصوم (ع) ارجع السائلين إلى بعض أصحابه فالإرجاع هنا ليس واجبا والأخذ من هؤلاء الأصحاب المتصلين بالمعصوم (ع) وينقلون عن المعصوم مباشرة فلا يكون شيئا آخر غير تقليد المعصوم وبالتالي فلا دلالة في الروايات على عقيدة تقليد غير المعصوم.
                  وهذه رواية يتبين منها أن الإرجاع إنما هو لأجل روايتهم عن المعصوم (ع) وأن الأخذ منهم ليس تقليدا لهم ولا يلزمه القبول بمجرد السماع :
                  عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن المتعة ، فقال : إلق عبد الملك بن جريح ، فسله عنها ، فإن عنده منها علما ، فلقيته ، فأملى عليّ شيئا كثيرا في استحلالها ، وكان فيما روى فيها ابن جريح : أنه ليس لها وقت ولا عدد ـ إلى أن قال : ـ فأتيت بالكتاب أبا عبدالله ( عليه السلام ) ، فقال : صدق ، وأقر به .) الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 451 ـ وسائل الشيعة الجزء 7
                  2 ـ لو قلنا أن الروايات تدل على وجود الارتكاز لدى السائلين في الرجوع إلى العالم ولكن تعيين المعصوم (ع) لأشخاص بعينهم ردع عن إطلاق الارتكاز وغاية ما يستفاد من الروايات هو جواز الرجوع لمن نص عليه المعصوم (ع) بعينه وبالتالي فهذه النصوص الخاصة ليست في مقام إمضاء سيرة العقلاء في الرجوع إلى أهل الخبرة ......أما القول بإمكان إلغاء الخصوصية وفهم أن المناط في الإرجاع هو الوثاقة والأمانة فمردود لانه قياس مع الفارق لأن توثيق المعصوم (ع) لا يقاس بتوثيق غيره وشهادته ليست كشهادة غيره مع اننا لو تنزلنا فهذا لا يعدوا اعتبار الوثاقة في قبول الرواية وحجيتها وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بالروايات على جواز التقليد فضلا عن وجوبه.
                  3 ـ ظهور الروايات في السؤال عن الثقة في نقل الروايات لمشقة أو صعوبة الوصول إلى المعصوم (ع) ولا تدل على عدم القدرة على استنباط الأحكام فكيف يمكن أن يستدل بها على تقليد العوام للفقهاء وقد ارجع المعصوم (ع) من هو محسوب على الفقهاء الى محمد بن مسلم :
                  عن عبد الله بن أبي يعفور قال : ( قلت لأبي عبدالله (ع) إنّه ليس كلّ ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلّ ما يسألني عنه ، فقال : ما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفي ; فإنّه سمع من أبي وكان عنده وجيهاً) اختيار معرفة الرجال ، المعروف بـ «رجال الكشي» : 161 رقم 273 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 144 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح23 .
                  يقول السيد الخميني : (ويستفاد من صحيحة ابن أبي يعفور، تعارف رجوع الشيعة إلى الفقهاء من أصحاب الأئمة، مع وجود الأفقه بينهم، وجواز رجوع الفقيه إلى الأفقه إذا لم يكن له طريق إلى الواقع. ..... مع إمكان أن يقال: إن إرجاع مثل ابن أبي يعفور، إنما هو في سماع الحديث، ثم استنباطه منه حسب اجتهاده...) الاجتهاد والقليد ـ ص 102 ـ 103.
                  وهذا الاحتمال أي الإرجاع إلى الأصحاب لأخذ الرواية وسماع الحديث جاري في كل الروايات المذكورة وإخراج عبد العزيز بن المهتدي أو علي بن المسيب الهمداني وغيرهم من دائرة الفقاهة المنسوبة لابن أبي يعفور يحتاج الى دليل وهو معدوم بل ان الاحتمال المذكور هو فقط القدر المتيقن منه فالافتاء كان في الصدر الاول بنقل الرواية.
                  4 ـ إحالة الأئمة (ع) على هؤلاء الأصحاب الأخيار قد بينوا (عليهم السلام) سببه وعلته وهو انهم (ع) استحفظوهم رواياتهم وائتمنوهم على الحلال والحرام ينقلون بكل ثقة وأمانة ما استودعوا فلا وجه للمقارنة بينهم وبين فقهاء اليوم[1] كيف وهؤلاء هم القرى الظاهرة في القرآن مع أن خصوصيتهم لم يجز تعديها لغيرهم في زمن الحضور فمن باب أولى منع تعديها لغيرهم في الغيبة.
                  عن المفضّل بن عمر قال: ( سمعت أبا عبد اللَّه‏ عليه السلام يوماً ودخل عليه الفيض بن المختار [يقول‏ ] إذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس ، وأومأ إلى رجل ، فسالت أصحابنا ، فقالوا ، زرارة بن أعين) اختيار معرفة الرجال ص‏218 ـ219.
                  عن يونس بن عمّار ، قال: قلتُ لأبي عبد اللَّه‏ عليه السلام: إنَّ زرارة قد روى عن أبي جعفر عليه السلام: «أنّه لا يرث مع الأمّ والأب والابن والبنت أحدٌ من الناس شيئاً إلّا زوج او زوجة». فقال أبو عبد اللَّه‏ عليه السلام: «أمّا ما رواه زرارة عن أبي جعفر فلا يجوز لي ردّه [فلا يجوز لك أن ترده.]) اختيار معرفة الرجال ـ ص‏217.
                  عن أبي بصير قال : ( أن أبا عبدالله (ع) قال له ـ في حديث ـ : لولا زرارة ونظراؤه لظننت أن أحاديث أبي (ع) ستذهب) رجال الكشي ج 1 : 345 | 210 ـ وسائل الشيعة ج 27 ـ ص 142.
                  عن داود بن سرحان ، قال: سمعت أبا عبد الله‏ عليه السلام يقول: «إنّ أصحابَ أبي‏ عليه السلام كانوا زيناً أحياءً وأمواتاً ، أعني: زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، ومنهم ليث المرادي ، وبريد العجلي ، هؤلاء القوّامون بالقسط ، هؤلاء القائلون بالصدق ، هؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون) اختيار معرفة الرجال ، ص 246.
                  عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (بشر المخبتين بالجنة: بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث أبن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست). وسائل الشيعة ج 18 ص103.
                  وعن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبي عليه السلام إلاّ زرارة، وأبو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفّاظ الدين وأمناء أبي عليه السلام على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة). وسائل الشيعة ج18 ص 104.
                  عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ أنه قال للحسن البصري : (... نحن القرى التي بارك الله فيها ، وذلك قول الله عز وجل لمن أقر بفضلنا ، حيث أمرهم الله أن يأتونا ، فقال : (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ) والقرى الظاهرة : الرسل والنقلة عنا إلى شيعتنا و[ فقهاء ] شيعتنا إلى شيعتنا وقوله : ( وقدرنا فيها السير ) فالسير مثل للعلم ، يسير به ليالي وأياما مثلا ، لما يسير به من العلم في الليالي والايام عنا إليهم في الحلال والحرام والفرائض ، آمنين فيها إذا أخذوا ( عن معدنها ) ، ( الذي امروا أن يأخذوا عنه ) ، آمنين من الشك والضلال والنقلة ( إلى الحرام من الحلال، فهم ) أخذوا العلم ( عمن وجب لهم بأخذهم عنهم المغفرة ) ، لأنهم أهل ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا ذرية مصفاة بعضها من بعض ، فلم ينته الاصطفاء إليكم ، بل إلينا انتهى، ونحن تلك الذرية ، لا أنت ولا أشباهك يا حسن... ) وسائل الشيعة ج 7 .
                  عن عن إبراهيم بن عبد الحميد : ( قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : رحم الله زرارة بن أعين ، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي ( عليه السلام ) .) وسائل الشيعة ج 7
                  ـ وعن سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : ما أجد أحدا أحيى ذكرنا ، وأحاديث أبي ( عليه السلام ) إلا زرارة ، وأبو بصير ليث المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين وامناء أبي (عليه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة) وسائل الشيعة ج 7.
                  ـ عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ أنه ذم رجلاً ، فقال : ( لا قدس الله روحه ، ولا قدس مثله ، إنه ذكر أقواما كان أبي ( عليه السلام ) ائتمنهم على حلال الله وحرامه ، وكانوا عيبة علمه ، وكذلك اليوم هم عندي مستودع سرّي ، وأصحاب أبي حقّاً إذا أراد الله بأهل الأرض سوءاً ، صرف بهم عنهم السوء ، هم نجوم شيعتي أحياء وأمواتا ، ( هم الذين أحيوا ) ذكر أبي ( عليه السلام ) ، بهم يكشف الله كل بدعة ، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين ، وتأويل الغالين ، ثم بكى ، فقلت : من هم ؟ فقال : من عليهم صلوات الله ، ( وعليهم رحمته ) أحياء وأمواتا : بريد العجلي ، وأبو بصير ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم .) وسائل الشيعة ج 7
                  5 ـ سؤال السائلين في الروايات كاشف عن عدم المفروغية من جواز الرجوع مطلقا إلى الفقهاء بل المستفاد من هذه النصوص احتمال المفروغية عند الشيعة من الردع عن السيرة العقلائية ويؤيده نص الإمام (ع) على أشخاص بأعيانهم وبالتالي فروايات الأصحاب مع روايات الإفتاء تكون رادعا عن الارتكاز والسيرة[2] ولا اقل رادعا عن الإطلاق في الرجوع لغير من نصبه المعصوم (ع) وهو متصل به (ع).
                  بالنتيجة: روايات الأصحاب وروايات الإفتاء أجنبية تماما عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.


                  [1] ـ يقول السيد الخميني : ( ...ومنها: روايات كثيرة دالة على الارجاع إلى فقهاء أصحابنا، ويظهر منها أن الامر كان ارتكازيا ( لدى ) الشيعة، مثل ما عن الكشي ، بإسناده عن شعيب العقرقوفي ، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ، فمن نسأل؟ قال: (عليك بالاسدي) يعني أبا بصير. وعن علي بن المسيب ، قال: قلت للرضا عليه الصلاة والسلام: شقتي بعيدة، ولست أصل إليك في كل وقت، فممن آخذ معالم ديني؟ قال: (من زكريا بن آدم القمي ، المأمون على الدين والدنيا). قال علي بن المسيب: فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم، فسألته عما احتجت إليه فيعلم من أمثالهما: أن ارتكازهم كان على الرجوع إلى العلماء، وارادوا أن يعرف الامام شخصا ثقة مأمونا، وأن علي بن المسيب كان يسأل عما احتاج إليه من الامور الفرعية، وأجابه زكريا بما رزقه الله فهمه من الكتاب وأخبار أهل البيت، باجتهاده ونظره. ومثلهما غيرهما ، بل إنكار رجوع عوام الشيعة في البلاد النائية عن الائمة (عليهم السلام) إلى علمائهم، مجازفة محضة. هذا، لكن بقي الاشكال: وهو أن هذا الاختلاف الكثير الذي نشاهده بين الفقهاء في الفتوى، لا أظن وجوده في عصر الائمة (عليهم السلام)، ومعه لا يمكن إمضاء الرجوع في ذلك العصر، أن يكشف منه الامضاء في هذا العصر كما لا يخفى...) الاجتهاد والتقليد ـ ص 79 ـ 81.

                  [2] ـ يقول محمد سعيد الحكيم : (وأما الاستدلال بالنصوص الكثيرة المتضمنة إرجاع الائمة عليهم السلام إلى آحاد أصحابهم كأبي بصير ومحمد بن مسلم والحارث بن المغيرة والمفضل بن عمر ويونس بن عبد الرحمن وزكريا بن آدم والعمري وابنه بدعوى: أنها وان وردت في موارد خاصة، إلا أنه يقرب فهم عدم الخصوصية لمواردها والتعدي لجميع موارد السيرة الارتكازية. ولا سيما مع تضمن جملة منها التنبيه إلى أن ملاك الارجاع الوثاقة والامانة. فيشكل: بأن ملاك الارجاع الذي تضمنته هو وثوقهم عليهم السلام بدين الشخص وعلمه، وهو لا يستلزم جواز التقليد لكل من يثق به المكلف حسبما يسعه ويتوصل إليه، مع قطع النظر عن شهادتهم عليهم السلام الذي هو محل الكلام ومورد السيرة، فليست تلك النصوص في مقام إمضاء سيرة العقلاء على الرجوع لاهل الخبرة، ولا يستفاد منها تبعا، بل هي متكفلة ببيان موارد ثقتهم عليهم السلام التي يرتفع صاحبها إلى أسمى المراتب، لكشفها عن كماله بمرتبة عالية لا تحرز في غيره. ولذا يمكن الارجاع بالنحو المذكور مع الردع عن السيرة، لسد الخلل والتعويض عن النقص الحاصل بالردع عنها.) المحكم في أصول الفقه ـ ج 6 ـ ص 322 ـ 323.
                  Last edited by ya fatema; 26-03-2012, 18:24.

                  Comment

                  • د. توفيق المغربي
                    مشرف
                    • 13-02-2012
                    • 259

                    #10
                    رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات



                    الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 8

                    3 جمادى الاولى 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-03-26 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي

                    الدرس 8

                    التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنـــــــــــــا

                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    والحمد لله رب العالمين

                    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا



                    بيان بطلان الاستدلال بروايات فضل العلم والعلماء على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم


                    1. روايات فضل العلم والعلماء


                    1.1. الطائفة الاولى : " العلماء ورثة الانبياء "

                    -عن أبي البختري عن أبي عبدالله (ع) قال: إن العلماء ورثة الانبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين). الكليني ـ الكافي ج 1: باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.


                    - عن القداح عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول الله (ص): من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) الكليني ـ الكافي ج 1: باب ثواب العالم والمتعلم.
                    1.1.1. مناقشة صدور الروايات

                    أما الرواية الأولى فهي ضعيفة السند بحسب مباني "علماء الشيعة القائلين بوجوب التقليد"
                    وحتى لو أضفنا إليها الرواية الثانية فلا يقطع بصدور هذا اللفظ (العلماء ورثة الأنبياء) عن المعصوم (ع) إلا بضميمة الروايات الخاصة بآل محمد (ع) ونحن كلامنا في عقيدة وجوب تقليد المجتهد فلا بد من دليل قطعي يقيني فإذا كان نقليا وجب الإتيان بالمتواتر او المحفوف بالقرائن التي تفيد القطع بصدوره وهي هنا مفقودة...وهذا يكفي لإسقاط الاستدلال بمطلق لفظ (العلماء ورثة الأنبياء).



                    بالنتيجة : الرواية الأولى ضعيفة السند والثانية ظنية السند عند الأصوليين فلا يقطع إذا بصدور هذا الوصف (ورثة الأنبياء) في حق مطلق العلماء.
                    1.1.2. مناقشة الدلالة

                    1 ـ لو قلنا أن كل علماء الشيعة ورثة الأنبياء وقلنا أن الموروث هو العلم بالأحكام فتكون الحجية في نفس الموروث أي حصريا في الفتوى نقلا ورواية عن المُوَرِّث أي المعصوم (ع) بدون دخالة رأي الفقهاء كما كانت فتوى المعصوم (ع) نقلا لحكم الله الواقعي وغير متقومة برأيه (ع)[1] وبالتالي فلا دلالة في الروايات على أزيد من قبول الرواية وهو العلم الموروث وهذا لا خلاف فيه وهو أجنبي عن عقيدة وجوب تقليد الفقهاء (التزاما أو أخذا أو....أو عملا مستندا لقول ورأي المجتهد على اختلاف الاصطلاحات).

                    2 ـ لو قلنا بان المراد من الروايتين هو "مطلق العلماء" فيكون الإشكال هنا في اختلاف العلماء في موضوع البحث ـ أي التقليد ـ فهل علماء الشيعة الأوائل الذين حفظوا الدين كالشيخ الصدوق والكليني والشيخ المفيد هل هم أيضا علماء بهذا المعنى وهم لا يقولون بوجوب التقليد ؟ وغيرهم من كبار علماء الشيعة هل هم أيضا علماء بالمعنى المراد هنا أم لا وهم يفتون ببطلان تقليد المجتهد !!أم أن العلماء المراد (أنهم ورثة الأنبياء هنا) هم فقط الأصوليين دون غيرهم من علماء الشيعة ؟!

                    3 ـ إن اقتران صفة "العلماء" بـصفة "وراثة المعصوم (الأنبياء) (ع) " هو تقييد للإطلاق الى عامة العلماء والفقهاء بل من المحتمل أن يكون لفظ "ورثة الأنبياء" هو تعريف للعلماء المشار إليهم هنا أي أنهم سموا علماء لأنهم ورثوا الأنبياء ع.........ومع القول بان دلالتها في وجوب الرجوع إليهم مطلقا في الأحكام الشرعية والقبول منهم وان علمهم هو علم الأنبياء (ع) تنصرف مباشرة إلى المعصوم لان العلم الذي يورثه الأنبياء (ع) هو علم (واقعي) يقيني 100% لا مجال فيه للشك فيكون الوارث (أي العلماء) علمه يقيني لا يخطئ يعني معصوم ومعلوم قطعا أن المجتهد يخطئ وان علمه (حكمه الظاهري) مظنة وليس يقينا والظن والخطاء لا يكونان إرثا للأنبياء ع..........وعليه فالحديثين أجنبيين حتى عن الكلام في الفقهاء والمجتهدين ويؤيده ما جاء في ذيل الرواية الأولى ( فان فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) فضلا عن كونهما أجنبيتين عن عقيدة وجوب التقليد كما تقدم.

                    4 ـ ان العلماء الذين هم ورثة الأنبياء (ع) هم محمد وآل محمد (ع) خاصة وهو القدر المتيقن فإطلاق الوصف الخاص بهم (ع) ـ بعد أن حصرت الروايات "العلماء" وكذلك "لورثة" بهم (ع) ـ يحتاج إلى دليل أو قرينة وهما مفقودان هنا فلا مجال للاستدلال بالروايات على غير المعصوم فضلا عن كونها أجنبية تماما عن عقيدة وجوب تقليد الفقهاء كما تبين.

                    بالنتيجة : رواية "العلماء ورثة الانبياء" خاصة بهم عليهم السلام ولا مجال للاستدلال بها على الفقهاء والمراجع مع كونها اجنبية عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم في الاحكام...ولو تنزلنا فنقول ان الاستدلال بها غير تام لعدم قطع احتمال كونها في الاوصياء (ع) دون غيرهم كما صرح به مجموعة من كبار الاصوليين منهم : المحقق النائيني[2] والمحقق الاصفهاني[3] ومحمد سعيد الحكيم[4] والمحقق الخوئي[5].






                    [1] عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إنّا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّها آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وأصول علم نتوارثها كابر عن كابر ، نكتنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضّتهم ) بصائر الدرجات صفحة 320 .حديث صحيح ومعناه متواتر.

                    [2] ـ المحقق النائئيني : ((- قال : "مجاري الأمور بيد العلماء " و"العلماء ورثة الأنبياء " ونحو ذلك من الأخبار الواردة في علو شأن العالم ،فمن المحتمل قريباً كون العلماء فيها هم الأئمة ع ...)) أحمد الخوانساري ـ -تقرير بحث النائيني ـ منية الطالب ج 2 ـ ص232.

                    [3] ـ المحقق الاصفهاني : (ويندفع: بأن المحتمل قويا أن يراد بالعلماء الائمة (عليهم السلام) كما ورد عنهم (ع ) (نحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء) ، وقد فسر أولوا العلم واهل الذكر واشباههما الواردة في الكتاب بهم (ع) ، مع أن الخبر المتضمن للارث يعين الموروث وهو العلم كما في المتن.) المحقق الاصفهاني ـ حاشية على المكاسب ـ ج 2 ـ ص 385

                    [4] ـ محمد سعيد الحكيم : (( ...بل لعلهم عليهم السلام هم المعنيون بالحديث الأول والثاني أي "العلماء ورثة الأنبياء" و "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل" لأنهم هم العلماء الحقيقيون الذين اخذوا من الأنبياء ما عندهم كما يناسبه ما في خبر أبي البختري عن أبي عبد الله ع.... والظاهر من نصوص كثيرة.) محمد سعيد الحكيم ـ مصباح المنهاج -التقليد-ص199

                    [5] ـ السيد الخوئي : (( بل يمكن أن يراد من تلك الأخبار كون المراد من العلماء هم الأئمة والأوصياء (عليهم السلام ) لكونهم هم العلماء بالمعنى الحقيقي ، فمع دلالة تلك الأخبار على كون العلماء ورثة الأنبياء عن التصرف في أموال الناس وأنفسهم فلا دلالة فيها لكونها ثابتة للفقيه أيضاً ، فنعم الدليل الحاكم قوله ع : نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون إذن فيمكن دعوى أن كلما ورد في الروايات من ذكر العلماء فالمراد منهم الأئمة (ع) إلا إذا كانت قرينة على الخلاف .... )) السيد الخوئي ـ مصباح الفقاهة ـ ج3 ـ ص289.
                    Last edited by ya fatema; 27-03-2012, 19:34.

                    Comment

                    • د. توفيق المغربي
                      مشرف
                      • 13-02-2012
                      • 259

                      #11
                      رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                      الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 9
                      10 جمادى الاولى 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-04-02 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي
                      الدرس 9

                      التسجيل الصوتي للمحاضرة

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      والحمد لله رب العالمين
                      وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

                      تتمة بيان بطلان الاستدلال بروايات فضل العلم والعلماء على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم

                      روايات فضل العلم والعلماء

                      الطائفة الثانية : "منزلة الانبياء"


                      1.1.1. مناقشة صدور الرواية

                      ربما يكون الافضل ان شاء الله ان نترك مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني[1] يتكلم فهو الزم لمن يعتقد بحجية الفقهاء
                      السؤال: المراد من الحديث (علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل)
                      الجواب من مركز الدراسات التابع للسيستاني : ( ........إن هذا الحديث ورد بلفظ: (علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل) عوالي اللئالي 4/77 ح 67 ـ وعنه في البحار 2/22 ح 67 ـ تحرير العلامة 1/3 ـ وعنه في مستدرك الوسائل 17/320 ح 30 و 11/صفات القاضي ح 30 ـ تذكرة الاولياء /9 ـ مصابيح الانوار 1/434 ـ الانوار النعمانية 3/347 ـ المحصول للرازي 5/72 ـ سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي 10/337 ـ ينابيع المودة للقندوزي 3/353 ـ خلع النعلين لابن ابي واصل ـ وعنه تاريخ ابن خلدون 1/325 . وورد بلفظ:
                      (علماء امتي كسائر الأنبياء قبلي) جامع الاخبار 45 , الفصل 20 وبلفظ :
                      (إن منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل) الفقه الرضوي (ع) 338 ـ وعنه البحار 78/346 ح 4 ] .وبلفظ :
                      (علماء أمتي أفضل من أنبياء بني أسرائيل) مفتاح الفلاح للشيخ البهائي (ره) ـ وعنه بلغة الفقيه للسيد محمد بحر العلوم 2/229. هذه الأخبار ضعيفة السند , إذ أنها في أحسن الحالات مرسلات
                      وعلى فرض ورود الخبر عن النبي (ص), فان معنى (العلماء) هنا فيه إشارة إلى الأئمة (ع) بدلالة حديث: (نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون) بصائر الدرجات 29 ـ الكافي 1/26 ح 4 ـ وعنه في وسائل الشيعة , ب 7 صفات القاضي ح 18 ] . ودمتم في رعاية الله )) انتهى جواب مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني .

                      1.1.2. مناقشة الدلالة

                      1 ـ النقاش في دلالتها قد تقدم في مناقشة روايات (العلماء ورثة الأنبياء) حتى بعد التنزل
                      ونضيف إليه :
                      2 ـ ان القول بإطلاق لفظ الرواية ينتج منه ان المقصود هنا هو "مطلق العلماء" فيلزمه القول بعصمة الفقهاء فالمقارنة تكون في مطلق الأوصاف ومن أهمها العصمة وجوب الطاعة المطلقة وبالتالي تكون النتيجة باطلة ...مضافا إلى ما في المقارنة من تنقيص لمقامات الانبياء (ع) ...فهل يقول احد من الفقهاء انه كنبي من انبياء بني اسرائيل ثم اليس عيسى (ع) وهو من اولي العزم من انبياء بني اسرائيل (ع) ؟؟ فاذا قطعنا بعدم الاطلاق وبالتنزيل الى تبليغ الاحكام فهو كما تقدم لا يتجاوز نقل الروايات.
                      3 ـ لو تنزلنا وغضضنا النظر عما تقدم فيكفي القول بعدم تمامية الدلالة لقوة وظهور المقصود بالعلماء هنا هو خصوص الأئمة عليهم السلام وهم (ع ) العلماء الحقيقيون فصرفها لمن دونهم يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة.
                      بالنتيجة : روايات المنزلة أيضا أجنبية عن عقيدة وجوب التقليد مع انها خاصة في الائمة (ع) ولو تنزلنا فيكفي عدم قطع هذا الاحتمال لإبطال الاستدلال.

                      1.2. الطائفة الثالثة : " اللهم ارحم خلفائي"


                      عن الصدوق في "الفقيه" عن النبي (ص) أنه قال: (اللهم ارحم خلفائي، فقيل له: يارسول الله ومن خلفاؤك قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي). ) الوسائل ج 18، باب 8 من أبواب صفات القاضى، حديث 5 و 50 و 53.

                      1.2.1. مناقشة السند

                      الرواية وردت عن الصدوق إما مرسلة أو مسندة بأسانيد ضعيفة بحسب مباني الأصوليين وبما أن مسالة اعتبار صحة ما حكم الصدوق بصحته خلافية بين الأصوليين أنفسهم فلا يمكن اعتبار الرواية صحيحة السند أي ظنية الصدور فضلا عن القطع بصدورها[2].
                      1.2.2. مناقشة الدلالة

                      1 ـ لو قلنا بان العلماء هم أيضا خلفاء الرسول ص وقلنا بتنزيل الخلافة ـ بعد القطع بعدم شموليتها لكل ما كان فيه الرسول ص قائما ـ بجهة تبليغ الأحكام[3] فهذا لا يتجاوز نقل الرواية والتعليم وهو غير التقليد وبالتالي فالروايات أجنبية عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بل ولا يمكن حتى الاستدلال بها على الإفتاء خارج النصوص الشرعية لظهور الحديث في النقل[4] عنه (ص) (يروون حديثي وسنتي) مع أن الإفتاء مرحلة متقدمة عن التقليد.
                      2 ـ ظهور النص في الأوصياء (ع) فهم فقط خلفاء رسول الله (ص) دون غيرهم وهم أتوا بعده ويروون يقينا حديثه وسنته على الظاهر وعلى الحقيقة فإنهم محدثون من الملك عن رسول الله (ص) حتى عد ذلك أصلا كما عن المحقق السبحاني[5] وقد تواتر[6] معنى ان حديثهم (ع) حديث رسول الله (ص) وحديثه (ص) قول الله ..... وأما راوي حديثه وسنته (ص) في الغيبة الكبرى فلا يصدق على كل من اطلع على الكتب ولو تنزلنا وقلنا أنها تصدق على من اطلع على الكتب فيكون الإشكال هنا ـ بالإضافة إلى كون النص في نقل الرواية والسنة ـ انه لا يوجد دليل على صرفها للفقيه الأصولي دون غيره من الفقهاء خصوصا من يقول منهم ببطلان التقليد.
                      3 ـ لو قلنا إن الفقيه المجتهد أيضا خليفته (ص) فالخلافة التي هي القيام مقامه لا يكون متعلقها الاجتهاد ولا الإفتاء بالأحكام الظاهرية لان الرسول ص لم يكن مجتهدا (بالمعنى الأصولي) ولا كان يفتي بغير الحكم الواقعي اليقيني بل كان يبلغ عن الله وبالتالي فلا يبقى ـ بعد التنزل ـ إلا نقل حديثه وسنته المقطوع بنسبتهما له (ص) حتى يصدق عليه انه قام مقامه في تبليغ الحكم عن الله[7] .....وهذا أجنبي عن عقيدة وجوب تقليد المجتهد غير المعصوم (ع).
                      بالنتيجة : لا دلالة في رواية "اللهم ارحم خلفائي" على عقيدة وجوب التقليد كما تبين لا اقل لقوة احتمال كون الحديث في خصوص الأوصياء (ع) ولو تنزلنا فأدنى ما يقال في الاستدلال بها انه غير تام لعدم إطلاق في الخلافة ولعلها في تبليغ الأحكام نقلا ورواية كما عن جمع من أعلام الأصوليين ومنهم : الآخوند الخراساني ومحمد سعيد الحكيم والمحقق الخوئي والمحقق الاصفهاني[8].




                      1.3. الطائفة الرابعة : " مجاري الامور والاحكام على ايدي العلماء"

                      ـ قال صاحب تحف العقول[9]: (( وروى عن الامام التقى السبط الشهيد أبى عبد الله ، الحسين بن علي عليهما السلام....الى ان قال وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون . ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة)) تحف العقول - ابن شعبة الحراني - ص 237 – 239.

                      1.3.1. مناقشة السند

                      الحديث سنده ضعيف جدا حيث حكي عن عوالي اللالي مرسلا كما عن محمد سعيد الحكيم مثلا حيث قال : ( (مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله والامناء على حلاله وحرامه)، .... وفيه: - مع ضعف سنده جدا، حيث حكي عن عوالي اللالى روايته مرسلا في ضمن حديث طويل لا يخلو متنه عن ضعف واضطراب -: أنه لا يخلو عن إجمال، وقد يظهر منه إرادة الائمة (ع)...) محمد سعيد الحكيم ـ مصباح المنهاج ـ الاجتهاد والتقليد ـ ص 202.[10]
                      1.3.2. مناقشة الدلالة

                      1 ـ لو قلنا ان العلماء هم الفقهاء وقلنا أن الأمور والأحكام هي قضايا الناس والحقوق والأحكام الشرعية فكون مجاريها على أيديهم هو نقل فتاوى المعصوم (ع) وإنفاذ التشريع بين الناس أي القضاء والحكومة وإيصال الحقوق لأهلها وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بالرواية حتى على حق الإفتاء للفقهاء مع انه مرحلة متقدمة على التقليد ولو تنزلنا إلى الإفتاء فهذا لا يعدو معارضة النصوص واستظهار الحكم الشرعي منها وبالتالي فليس هناك دلالة على وجوب تقليد غير المعصوم في الرواية.
                      2 ـ الظاهر من "العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه" هو خصوص الأئمة (ع)، كما يشهد به سائر فقرات الحديث التي سيقت في مقام توبيخ الناس على تفرقهم عنهم واستخفافهم بحقهم (ع)، حيث انه صار سببا لغصب الخلاقة وزوالها عن أيدى من كانت مجارى الأمور بأيديهم[11] ....أما الفقهاء الاصوليين فهم علماء بالأحكام الظاهرية[12] عن طريق الاجتهاد ولا يصدق عليهم علماء بالله[13] ولا أمناء على حلال الله وحرامه[14].
                      3 ـ لو قلنا أن الفقهاء أيضا مجاري الأمور والأحكام على أيديهم فالإشكال هنا هو أنهم كذلك لأنهم أمناء على الحلال والحرام فيكونون حصرا الفقهاء الذين ينصبهم خليفة الله في أرضه مباشرة أي يأتمنهم خليفة الله فكما أن الله ائتمنه ، هو يأتمن من يشاء الله على الحكم بين الناس أي القضاء وإيصال الحقوق أو لو تنزلنا إلى الإفتاء نقول فهو يستحفظ من يشاء على نقل التشريع منه إلى الناس أي بمعنى نائب خاص أو الأصحاب كما في زمن الصادق ع.
                      بالنتيجة : لا يمكن الاستدلال بالرواية لان الظاهر من العلماء هو خصوص الائمة (ع) ولا اقل ان الاحتمال لا مجال لإلغائه مما يجعل الاستدلال غير تام وهذا كافي في المقام. ولو تنزلنا فالرواية لا يمكن الاستفادة منها متنا للدلالة على وجوب تقليد غير المعصوم بل ولا يمكن حتى الاستدلال بها على الإفتاء والتشريع خارج النصوص إضافة إلى أن الاستدلال بها على الإفتاء ضمن النصوص الشرعية دون تنصيب من المعصوم مباشرة لا يخلوا من الإشكال كما تقدم.
                      تعليق : والى ههنا نكتفي بالرد على الاستدلال بمثل هذه النصوص وهي سندها كما تقدم بين مرسل وضعيف واما دلالتها فلا اقل غير تامة بعدم قطع الفقهاء بكون المقصود منها هم المجتهدين والقدر المتيقن من الروايات هو أنها في المعصومين سلام الله عليهم خاصة.






                      [1] الجواب من مركز الدراسات التابع للسيستاني على السؤال: المراد من الحديث (علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل)
                      [2] السيد الخوئي : (الفصل الثاني النظر في صحة روايات من لا يحضره الفقيه وقد استدل على أن روايات كتاب من لا يحضره الفقيه كلها صحيحة - بما ذكره في أول كتابه - حيث قال: (ولم أقصد في قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته، وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره، وتعالت قدرته، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع.. وغيرها من الاصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم). والجواب: أن دلالة هذا الكلام على أن جميع ما رواه الشيخ الصدوق في كتابه - من لا يحضره الفقيه - صحيح عنده، وهو يراه حجة - فيما بينه وبين الله تعالى - واضحة، إلا أنا قد ذكرنا: أن تصحيح أحد الاعلام المتقدمين رواية لا ينفع من يرى إشتراط حجية الرواية بوثاقة راويها أو حسنه، على أنا قد علمنا من تصريح الصدوق نفسه - على ما تقدم - إنه يتبع في التضعيف والتصحيح شيخه ابن الوليد، ولا ينظر هو إلى حال الراوي نفسه، وأنه ثقة أو غير ثقة. أضف إلى ذلك أنه يظهر من كلامه المتقدم: أن كل رواية كانت في كتاب شيخه ابن الوليد أو كتاب غيره من المشايخ العظام والعلماء الاعلام يعتبرها الصدوق رواية صحيحة، وحجة فيما بينه وبين الله تعالى. وعلى هذا الاساس ذكر في كتابه طائفة من المراسلات (المرسلات)، أفهل يمكننا الحكم بصحتها باعتبار أن الصدوق يعتبرها صحيحة ؟ وعلى الجملة: إن أخبار الشيخ الصدوق عن صحة رواية وحجيتها إخبار عن رأيه ونظره، وهذا لا يكون حجة في حق غيره.) المحقق الخوئي ـ معجم رجال الحديث ـ ج 1 ـ ص 87 ـ 88.
                      [3] ـ محمد سعيد الحكيم : (.. (اللهم ارحم خلفائي، فقيل له: يارسول الله ومن خلفاؤك قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي).... ظاهر في خلافتهم في تبليغ الحديث والسنة وتعليمهما...) محمد سعيد الحكيم ـ مصباح المنهاج ـ الاجتهاد والتقليد ـ ص 200.
                      [4] ـ المحقق الخوئي : (وأما قوله (صلى الله عليه وآله): اللهم ارحم خلفائي، قيل: ومن خلفاؤك يا رسول الله، قال: الذين يأتون بعدي، فان الظاهر من ذلك خليفتهم في نقل الرواية والحديث، كما قال (صلى الله عليه وآله): ويروون حديثي وسنتي ) الخوئي ـ مصباح الفقاهة ـ ج3 ـ ص 291.
                      [5] ـ المحقق جعفر السبحاني : ((الأصل 137 : ((الاحاديث والروايات التي وصلت إلينا من أئمة أهل البيت الاثني عشر تنتهي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى معدن الوحي، لانّ الائمة الاطهار سَمِعُوا هذه الروايات من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (إمّا مباشرةً أو سمعوها ورووها عن آبائهم). أو انّهم نقلوها عن كتاب علي (عليه السلام)، أو لكونهم محدَّثين أُلقيت إليهم وأُلهمُوا بها إلهاماً.)).... ...إن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ليسوا بمجتهدين أو " مفتين " - بالمعنى الاصطلاحي الرائج للفظتين - بل كل ما ينقل عنهم حقائق حصلوا عليها من الطرق التالية: ـ ألف) - النقل عن رسول الله (ص) ـإن الأئمة المعصومين (ع ) أخذوا أحاديثهم من جدهم رسول الله (ص) (خلفا عن سلف وكابرا عن كابر) ثم رووها للناس.......
                      ب): الرواية من كتاب علي (عليه السلام) ... الحقيقة كان ذلك الكتاب من إملاء رسول الله (ص) وكتابة علي (ع ) ....يقول الإمام الصادق عن هذا الكتاب: " طوله سبعون ذراعا، إملاء رسول الله (ص) قاله من فلق فيه، وخط علي بن أبي طالب (عليه السلام) بيده، فيه والله جميع ما تحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة " ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب بقي عند أهل البيت يتوارثه إمام من إمام، وقد نقل الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) روايات عديدة منه وربما أطلعوا بعض شيعتهم عليه.ويوجد قسم كبير من أحاديثه الآن في المجاميع الحديثية الشيعية وبالأخص كتاب " وسائل الشيعة") الشيخ جعفر السبحاني ـ العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع) – الحديث والاجتهاد والفقه ـ ص ـ 318.
                      [6] مركز الابحاث العقائدية التابع للسيستاني : ((السؤال: هل لهذا الحديث سند صحيح ..... :روي ان أبا عبدالله عليه السلام قال: حديثي حديث أبي, وحديث أبي حديث جدي, وحديث جدي حديث الحسين, وحديث الحسين حديث الحسن, وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وحديث رسول الله قول الله عزوجل .الجواب: الأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة معناً كهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي يصرحون بها أن حديثهم هو حديث جدهم, وتلك الأحاديث التي تشير إلى عدم الاختلاف بين أحاديثهم وأن كلام المتأخر هو كلام المتقدم منهم, فلا يحتاج بعد ثبوت التواتر المعنوي للنظر في أسانيد كل حديث حديث فإن مضمون هذا الحديث متواتر معنوي قطعاً....))
                      [7] الآخوند الخراساني وهو يناقش دلالة الاخبار على ولاية الفقيه : (...ولا دلالة في كون اولى الناس بالانبياء اعلمهم على الولاية...ولا في اطلاق الخلافة عليهم، ولا في جعلهم حاكما، ولا قاضيا، لعدم اطلاق في الخلافة، ولعلها في تبليغ الاحكام التى هي من شئون الرسالة، وظهور كونهم حاكما وقاضيا في خصوص رفع الخصومة، كما يشهد ملاحظة المقبولة والمشهورة...)) الآخوند الخراساني ـ حاشية على المكاسب ص 94ـ 95.
                      [8]المحقق الاصفهاني : (ويندفع: بأن المحتمل قويا أن يراد بالعلماء الائمة (ع) كما ورد عنهم (ع) ...والمراد من الخليفة أيضا هو من يقوم مقامهم في تبليغ الاحكام، فأنه شأن النبي (ص) والامام (ع) بما هما نبي وإمام، فإنه المناسب لقوله (ص) حيث سئل عن خلفائه (هم الذين يأتون بعدي ويروون حديثي وسنتي).) المحقق الاصفهاني ـ حاشية على المكاسب ـ ج 2 ـ ص 385
                      [9]قال: (( وروى عن الامام التقى السبط الشهيد أبى عبد الله ، الحسين بن علي عليهما السلام في طوال هذه المعاني اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول : " لولا ينهيهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم " وقال : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل - إلى قوله - لبئس ما كانوا يفعلون " وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون والله يقول : " فلا تخشوا الناس واخشون " وقال : " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " فبدأ الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه ، لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها وذلك أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفيئ والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها ، ثم أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس مهابة . يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يد لكم عنده ، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر ، أليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون فاستخففتم بحق الأئمة ، فأما حق الضعفاء فضيعتم وأما حقكم بزعمكم فطلبتم . فلا مالا بذلتموه ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه . لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تكرمون وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسول الله صلى الله عليه وآله محقورة والعمى والبكم والزمني في المدائن مهملة لا ترحمون ولا في منزلتكم تعملون ولا من عمل فيها تعينون وبالادهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون ، كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون . وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون . ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة . ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم أمور الله في أيديهم ، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات ، سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم ، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستبعد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب ، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم اقتداء بالأشرار وجرأة على الجبار ، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع ، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس ، فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة شديد ، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد فيا عجبا ومالي [ لا ] أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم ، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا . اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان ولا التماسا من فضول الحطام ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الاصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك ، فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم وعملوا في اطفاء نور نبيكم . وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير)) تحف العقول - ابن شعبة الحراني - ص 237 – 239.
                      [10] محمد سعيد الحكيم ـ مصباح المنهاج ـ الاجتهاد والتقليد ـ ص 202
                      [11] ـ الآخوند الخراساني : (واما كون مجارى الامور بيد العلماء، وان كان عبارة اخرى عن ولايتهم، الا ان الظاهر من " العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه " هو خصوص الائمة، كما يشهد به سائر فقراته التى سيقت في مقام توبيخ الناس على تفرقهم عنهم (عليه السلام)، حيث انه صار سببا لغصب الخلاقة وزوالها عن ايدى من كانت مجارى الامور بايديهم. والخبر طويل رواه مرسلا عن ابى عبد الله الحسين (ع) في تحق العقول، فلاحظ تمامه) الآخوند الخراساني ـ حاشية على المكاسب ص 94
                      [12] ـ المحقق الخوئي : (...واظهر من جميع من ارادة الائمة (ع) من العلماء، قوله (ع): مجاري الامور في يد العلماء بالله ، فان العلماء بالله ليس غير الائمة (ع)، بل غيرهم العلماء بالحلال والحرام من الطرق الظاهرية. ومع قبول شمول العلماء بالله للفقيه ايضا فلا دلالة فيها على المدعي، إذ المراد من ذلك كون جريان الامر به لا يكون الا في يد الفقيه، بحيث لولاه تقف الامر، فهو لا تكون الا في توقف الامر بدونها الحلال والحرام،...) المحقق الخوئي ـ مصباح الفقاهة ـ ج3 ـ ص 290.
                      [13] ـ المحقق الاصفهاني : (منها: قوله (عليه السلام) (مجاري الامور بيد العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه).....واورد عليه بأن الرواية منقولة في تحف العقول، وسياقها يدل على أنها في خصوص الائمة (ع)، والظاهر أنه كذلك، فإن المذكور فيها هم العلماء بالله لا العلماء باحكام الله) المحقق الاصفهاني ـ حاشية على المكاسب ـ ج 2 ـ ص 388.
                      [14] المحقق الخوانساري (وأما قوله (ع) "مجاري الامور بيد العلماء" وقوله: "العلماء ورثة الأنبياء" ونحو ذلك من الأخبار الواردة في علو شأن العالم، فمن المحتمل قريبا كون العلماء فيها هم الأئمة (ع)، كما في الخبر المعروف "مداد العلماء كدماء الشهداء" ، ولا سيما الخبر الأول الدال بإطلاقه على الولاية العامة، فإن فيه قرائن تدل على أن المراد من العلماء فيه: هم الأئمة (ع)، فإنهم هم الامناء على حلال الله وحرامه.) السيد احمد الخوانساري ـ تقرير بحث المحقق النائيني ـ منية الطالب ـ ج 2 ـ ص ـ 233 ـ 234.
                      ـ محمد سعيد الحكيم : ( (مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله والامناء على حلاله وحرامه)، .... وفيه: - مع ضعف سنده جدا، حيث حكي عن عوالي اللالى روايته مرسلا في ضمن حديث طويل لا يخلو متنه عن ضعف واضطراب -: أنه لا يخلو عن إجمال، وقد يظهر منه إرادة الائمة ع ، حيث انه بعد أن تضمن النكير على الناس في تسامحهم في الدين وتركهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: (وأنتم أعظم الناس مصيبة، لما غلبتم عليه من منازل العلماء ولو كنتم تسعون [ لو يسعون خ. ل ] ذلك [ وذلك خ. ل ] بأن مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله والامناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق...). ولاسيما مع التعبير فيه بالعلماء بالله، لا بالدين.) محمد سعيد الحكيم ـ مصباح المنهاج ـ الاجتهاد والتقليد ـ ص 202.
                      Last edited by ya fatema; 02-04-2012, 19:28.

                      Comment

                      • اختياره هو
                        مشرف
                        • 23-06-2009
                        • 5310

                        #12
                        رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                        الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 10
                        11 جمادى الاولى 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-04-03 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي
                        الدرس 10


                        للاستماع للمحاضرة ــ شرح الاستدلال الاول ــ اضغط هنا
                        للاستماع للمحاضرة في شرح الاستدلال الثاني ـ اضغط هنــــا

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        والحمد لله رب العالمين
                        وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

                        بيان بطلان الاستدلال بالآيات القرآنية على بدعة وجوب التقليد
                        تمهيد :
                        نذكر انه على فرض حجية ظواهر النصوص لابد أن يكون الاستدلال تاما (قطعيا) وكل الآيات التي يستدلون بها أجنبية عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بل والعلماء الاصوليين انفسهم يقرون بذلك وينفون وجود دليل من القرآن على وجوب التقليد كما سيتبين ان شاء الله.
                        1.1. الاستدلال الاول : آية الذكر
                        (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) النحل 43.
                        1.1.1. مناقشة دلالة الآية
                        لو قلنا أن أهل الذكر عنوان غير خاص بآل محمد (ع) بمعنى أنه يمكن أن يصدق أيضا على غيرهم (ع) ـ مع أن الأخبار كثيرة في اختصاصه بهم (ع) ـ واذا كان الاستدلال بظاهر قوله سبحانه وتعالى (فاسالوا ....ان كنتم لا تعلمون ) فيكون المعنى كما قال الشيخ الأنصاري ((الظاهر من وجوب السؤال عند عدم العلم وجوب تحصيل العلم، لا وجوب السؤال للعمل بالجواب تعبدا))[1] وكذلك الشيخ محمد كاظم الخراساني ((... وأما الآيات، فلعدم دلالة آية النفر والسؤال على جوازه، لقوة احتمال أن يكون الارجاع لتحصيل العلم لا للاخذ تعبدا...))[2] والمحقق ضياء الدين العراقي حيث قال ((أما آية السؤال ، فلقوة احتمال كون ايجاب السؤال عن أهل الذكر لأجل حصول العلم بالواقع ، لا لمحض التعبد بقولهم ولو لم يفد العلم للسائل ( فالمراد ) من الآية والله العالم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون حتى تعلموا ، كما يقال لمن ينكر شيئا لعدم علمه به سل فلانا ان كنت لا تعلم))[3] ويؤيده امور منها ما ذكره السيد محمد باقر الصدر :
                        ـ أن الأمر بالسؤال في الآية وارد في سياق الحديث مع المعاندين والمتشككين في النبوة من الكفار، ومن الواضح أن هذا السياق لا يناسب جعل الحجية التعبدية ، وإنما يناسب الإرشاد إلى الطرق التي توجب زوال التشكك ، ودفع الشبهة بالحجة القاطعة ، لأن الطرف ليس ممن يتعبد بقرارات الشريعة .
                        ـ الأمر بالسؤال مفرع على قوله: ( َمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ) والتفريع يمنع عن انعقاد إطلاق في متعلق السؤال لكي يثبت الأمر بالسؤال في غير مورد المفرع عليه وأمثاله....[4]
                        ـ مضافا إلى ان الملازمة بين السؤال والقبول التعبدي يستلزم العلم اليقيني من المسؤول في كل ما يسال عنه ولا احد من الفقهاء يدعي انه يعلم بالأحكام الواقعية التي يفتي بها فضلا عن ان يدعي علمها كلها كي يخرج من المشمولين بالأمر بالسؤال ولذلك يقول السيد الخوئي: ((الصحيح إن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد وذلك لأن موردها ينافي القبول التعبدي .... فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبداً من دون أن يحصل منها علم بالمسألة...))[5]
                        فالمسئول في الآية لابد أن يكون واجب الطاعة فيما يسال عنه من حلال وحرام وأمر ونهي، وهذا خاص بالأئمة المعصومين (ع) والقول بوجوب طاعة غير المعصوم يستلزم الأمر بالمعصية وهذا محال، قال الإمام علي (ع) : ((وإنما أمر الله بطاعة الرسول صلى الله عليه واله لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية )) الوسائل ج18 ص93.
                        بين أهل البيت (ع) أن الآية خاصة فيهم (ع) في روايات كثيرة وصريحة فكيف يمكن تعدي ما اختص به آل محمد (ع) بدون دليل على جواز الإطلاق؟!...أما القول بان هذه الخصوصية في التفسير الباطن ولا ينافي حجية الإطلاق في التفسير الظاهر فمردود لورود الردع في روايات اهل البيت (ع) مضافا إلى الإشكال في دعوى كون النصوص الواردة عنهم (ع) من التفسير الباطن :
                        روى الميرزا النوري وكذلك السيد البروجردي عن علي بن الحسين ، ومحمد بن علي (عليهم السلام) : ((وعليكم بطاعة من لا تعذرون في ترك طاعته - طاعتنا أهل البيت - فقد قرن الله طاعتنا بطاعته وطاعة رسوله ، ونظم ذلك في آية من كتابه ، منا من الله علينا وعليكم ، فأوجب طاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة الأمر من آل رسوله ، وأمركم أن تسألوا أهل الذكر ، ونحن والله أهل الذكر ، لا يدعي ذلك غيرنا الا كاذب ، تصديق ذلك في قوله تعالى : * ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ) * ثم قال : * ( فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) * فنحن أهل الذكر ، فاقبلوا أمرنا ، وانتهوا إلى نهينا ، فإنا نحن الأبواب التي أمرتم أن تأتوا البيوت منها ، فنحن والله أبواب تلك البيوت ، ليس ذلك لغيرنا ، ولا يقوله أحد سوانا ) مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 17 - ص 283 – 284 ـ جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج 1 - ص 178
                        ونذكر تيمنا طرفا من الروايات في تفسيرهم عليهم السلام للآية :
                        ـ عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سمعته يقول: ( قال علي بن الحسين عليه السلام :على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم وعلى شيعتنا ما ليس علينا ،أمرهم الله عز وجل أن يسألونا ، قال: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب ، إن شئنا أجبنا وان شئنا امسكنا) الكافي ج1 ص237 .
                        ـ عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : قال :- ( إن من عندنا يزعمون إن قول الله عز وجل (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ). إنهم اليهود والنصارى، قال: إذاَ يدعونكم إلى دينهم، قال: قال بيده إلى صدره: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون) الكافي ج1 ص237.
                        ـ عن أبي بكر الحضرمي قال:- ( كنت عند أبي جعفر (ع) ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألة ، قال : ولا واحدة يا ورد ؟ . قال: بلى قد حضرني منها واحدة، قال: وما هي؟ . قال قول الله تبارك وتعالى (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) من هم ؟ . قال: نحن، قلت علينا أن نسألكم ؟ قال: نعم، قلت عليكم أن تجيبونا ؟ قال: ذاك إلينا ) الكافي ج1 ص236.
                        ـ وعن أبي جعفر (ع) في قوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قال: (نحن أهل الذكر، ونحن المسئولون ) بصائر الدرجات ص60.
                        ـ وعن أبي عبد الله (ع) في قول الله تعالى : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قال: الذكر محمد صلى الله عليه واله ونحن أهله ونحن المسئولون) بصائر الدرجات ص60.
                        أما الإشكال بان الردع إنما هو إطلاق (أهل الذكر) على غيرهم عند وجودهم (ع) وأنه لو ماتت الآية بموت من نزلت فيه لمات القرآن، وأن القرآن يجري مجرى الحدثين فجوابه :
                        ـ اولا : معلوم أن المصداق في الغيبة هو الإمام المهدي (ع) ومن أسباب الغيبة إعراض الناس عن سؤاله مع أن كتب علماء الشيعة مليئة بقصص لقائه (ع) بالكثير من الناس وجوابه (ع) على سؤالهم وما احتاجوه منه (ع).
                        ـ ثانيا : ان الزمان لا يخلو من حجة وعليه يكون المسئول من أهل الذكر في الغيبة هو الإمام المهدي (ع) مباشرة أو بواسطة من أقامه (ع) كسفير لضرورة وجوده وان لم يرسله الإمام (ع) لعدم وجود القابل. وزمن الغيبة يجري التكليف فيه مجرى الفترات بين إرسال الرسل فالأمر بالسؤال كالأمر بطاعة الرسول أو النبي في القرآن وهو مشروط بوجود المسئول فإذا انتفى الشرط انتفى التكليف المشروط به.
                        ـ ثالثا : الخصوصية موجود مثلها كثير في القرآن كاختصاص آية التطهير والولاية والمودة بآل محمد (ع) وبالتالي تكون آية الذكر مثلها خاصة فيهم ولا يجوز تعديها لغيرهم (ع).
                        كما ذكر ذلك سعيد الحكيم حيث قال : ((أنه لابد من رفع اليد عن ظهور الاية، البدوي في إرادة مطلق العلماء من أهل الذكر، بالنصوص الكثيرة الظاهرة، بل الصريحة في اختصاص أهل الذكر بالائمة عليهم السلام وعدم شمولها لغيرهم بالنحو الذي ينفع في ما نحن فيه، كصحيح محمد بن مسلم... ونحوه غيره. ... فلابد من رفع اليد عن قرينة السياق بذلك. ودعوى: أن ذلك من التفسير بالباطن الذي لا يمنع من حجية الظهور. مدفوعة: بأن التفسير بالباطن إنما لا ينافي حجية الظهور إذا لم يرد مورد الردع عنه، كما تضمنته النصوص المذكورة مع أن كون التفسير المذكور من التفسير بالباطن محل إشكال، ولعله لا يناسب مساق النصوص المذكورة. ومما ذكرنا يظهر اندفاع ما ذكره بعض مشايخنا من أن ذلك من باب تطبيق الكلي على مصداقه، فلا ينافي عمومه لغيره، وقد ورد عنهم عليهم السلام: (انه لو ماتت الاية بموت من نزلت فيه لمات القرآن، وأن القرآن يجري مجرى الشمس والقمر). وجه الاندفاع: أن ظاهر النصوص المذكورة ليس محض تطبيق أهل الذكر عليهم عليهم السلام، ولا نزولها فيهم عليهم السلام، بل تخصيصها بهم علهم السلام، كما تقدم، فتكون كسائر الايات المختصة بهم، كآيات المودة، والولاية، والتطهير وغيرها، التي لا يلزم موتها، لانهم عليهم السلام باقون ما بقي القرآن مرجعا للناس، وحجة عليهم.)) سعيد الحكيم ـ مصباح المنهاج ـ التقليد ـ ص12
                        وان كان فيما تقدم كفاية لدفع الاستدلال بالآية على بدعة وجوب التقليد ولكن لا باس من ذكر بعض من أنكر الاستدلال بها.
                        1.1.2. بعض الفقهاء الذين انكروا الاستدلال بها على وجوب التقليد
                        الشيخ مرتضى الأنصاري : (...وارد في الأخبار المستفيضة : ان أهل الذكر هم الأئمة (عليهم السلام ) ... أن الظاهر من وجوب السؤال عند عدم العلم وجوب تحصيل العلم، لا وجوب السؤال للعمل بالجواب تعبدا)[6] .
                        ـ الشيخ محمد كاظم الخراساني[7]: (... وأما الآيات، فلعدم دلالة آية النفر والسؤال على جوازه،لقوة احتمال أن يكون الارجاع لتحصيل العلم لا للاخذ تعبدا، ، مع أن المسؤول في آية السؤال هم أهل الكتاب كما هو ظاهرها، أو أهل بيت العصمة الاطهار كما فسر به في الاخبار....).
                        ـ الشيخ محمد تقي البروجردي[8] : (... هو العمدة في المستند لوجوب أصل التقليد ( والا ) فما عداه من الأدلة الشرعية قابل للمناقشة ...... ( واما الآيات ) فعمدتها آيتي النفر والسؤال ( وهما ) أيضا قاصرتان عن إفادة حجية فتوى العالم في حق العامي ( أما ) آية السؤال .... ( فالمراد ) من الآية والله العالم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون حتى تعلموا ، ... ( والى ) ما ورد من تفسير أهل الذكر بالأئمة المعصومين (ع) المعلوم إفادة قولهم العلم بالواقع......)
                        ـ السيد الخميني قال: ((...مضافاً إلى ظهور الآية في أن أهل الذكر هم علماء اليهود والنصارى، إرجاع المشركين إليهم، وإلى ورود روايات كثيرة في إن أهله هم الأئمة (ع)، بحيث يظهر منها أنهم أهله لا غير...))[9]
                        السيد محمد باقر الصدر[10] قال: (...أن الأمر بالسؤال في الآية ليس ظاهراً في الأمر المولوي لكي يستفاد منه ذلك ، لأنه وارد في سياق الحديث مع المعاندين والمتشككين في النبوة من الكفار ، ومن الواضح أن هذا السياق لا يناسب جعل الحجية التعبدية ، ....هذا على أن مورد الآية لا حجية فيه للأخبار الآحاد لأنه مرتبط بأصول الدين...).
                        ـ المحقق الخوئي[11] : (.....ولكن الصحيح إن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد ..... فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبداً من دون أن يحصل منها علم بالمسألة......)
                        بالنتيجة فالآية لا يمكن الاستفادة منها للدلالة على جواز تقليد غير المعصوم فضلا عن الوجوب بل ولا يمكن حتى الاستدلال بها على وجوب سؤال العلماء لأنها خاصة في أهل البيت (ع) إضافة إلى أن الاستدلال بها على وجوب القبول التعبدي دون تحصيل العلم (اي التقليد) مدفوع كما تقدم.




                        1.2. الاستدلال الثاني : آية النفر
                        ذكر بعضهم للاستدلال على بدعة عقيدة وجوب التقليد بآية النفر :
                        (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة 122
                        1.2.1. مناقشة الدلالة
                        لو قلنا ان الطائفة النافرة هم العلماء في عصر الغيبة ونفيرهم هو للدراسة وان الآية أوجبت عليهم إنذار قومهم إذا رجعوا إليهم وأذنت لهم في تبليغ ما تعلموا وقلنا أيضا أن الآية أوجبت على من تم إنذاره أن يحذر فهذا لا يعدوا القول بوجوب البحث والفحص عند الإنذار وعدم الإهمال.....أما وجوب قبول القول والتصديق عند الإنذار دون دليل فليس ظاهر من الآية بل هو خلاف الحذر ـ لان الحذر ظاهره هو اخذ المأمن من المهلكة والعقوبة أي إحراز اليقين بالنجاة ـ ويؤيده شمول التفقه للعقائد وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بظاهر الآية حتى على وجوب قبول القول فضلا عن وجوب العمل به إضافة إلى أن العمل عند الإنذار (أي العمل خوفا أو تحرزا) لا يكون تقليدا إلا باعتقاد حجية المنذر أو حجية ما انذر به وكلاهما يحتاج الى دليل وهو مفقود هنا وبالتالي فليس هناك دلالة على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم في الآية.

                        ظاهر الإنذار هو التبليغ مع التحذير وبيان ما يوجب العقاب والتخويف من العذاب والهلاك ويتحقق بالمواعظ والنصح وقصص من سبق من الامم وذكر احوال الناس في القبر والقيامة والنار ...اما الافتاء فليس ظاهر من الانذار واذا تنزلنا وقلنا بان الافتاء متضمن في الانذار وان الانذار واجب فلا ينتج وجوب الافتاء مع امكانية الانذار بالمواعظ اضافة الى ان الافتاء يحتاج ترخيص وإذن فهو تشريع ويؤيده ان التفقه في الدين اعم من العقائد والاحكام......فلا يمكن الاستدلال بالآية حتى على وجوب الافتاء بل ولا حتى على جوازه لكل من تفقه في الدين فضلا عن الاستدلال بها على وجوب تقليد غير المعصوم.
                        ظاهر الإنذار في الآية ـ مع قطع النظر عن تفسير آل محمد (ع) ـ بعد الرجوع من النفير مشروط بتحقق التفقه المطلوب في الدين فلا وجه للقول بإطلاق الإنذار وبالتالي لا يمكن الاستدلال بالآية على حجية الإنذار بل لا يمكن الاستدلال بها حتى على جواز الإنذار لكل من ادعى التفقه فضلا عن كونها أجنبية عن عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم كما تقدم.
                        المعنى الوارد عن أهل البيت (ع)[12] وهو ان النفير إلى المعصوم (ع) لنقل الأخبار ووجوب البحث والفحص عن الإمام (ع) اللاحق إذا مضى الإمام السابق أو للتفقه والتعلم عنده ثم نقل ما فيه إذن بنشره وتعليمه بين الناس وهذا هو النفير الواجب (للتفقه الواجب) ولا يمكن تعديه الى وجوب النفير الى غير المعصوم لأن التعلم عند غير المعصوم لا يكون واجبا إلا بنص وهو هنا مفقود فالكلام في الغيبة الكبرى ولا احد من الفقهاء يقول انه نفر الى الامام المهدي (ع) ....وأما القول بان التفقه واجب حتى في الغيبة الكبرى وعليه فالإنذار يبقى واجبا فمردود بكون الإنذار في الآية مشروط بالرجوع من النفير الواجب (وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ) ولا اطلاق في الآية للانذار بعد كل دعوى تفقه وبالتالي فلا يمكن الاستدلال بالآية حتى على جواز الانذار فضلا عن الافتاء.
                        اذا فالآية لايمكن الاستفادة منها متنا للدلالة على وجوب تقليد غير المعصوم بل ولا يمكن حتى الاستدلال بها على الإفتاء والتشريع لان الاية في الانذار وليس الافتاء ولو تنزلنا الى الإفتاء فيبقى الاستدلال غير تام لعدم دلالة الحذر على قبول الفتوى تعبدا إضافة إلى احتمال كون وجوب الحذر متوقف على حصول العلم.
                        فغاية ما تدل عليه الآية هو وجوب تعلم الأحكام الشرعية عن النبي (ص) والأئمة (ع) وإيصالها إلى الناس الذين هم بعيدون عن الأئمة (ع) وهذا المعنى نصت عليه روايات أهل البيت (ع) ومن شاء فليراجع مثلا كتاب الكافي وغيره من الكتب المعتبرة وهذا ما عمل به اصحاب الائمة (ع) وايضا العلماء المتقدمين القريبين من زمن النصوص الشرعية وبعض المتأخرين ولم يقل احد منهم بوجوب تقليد غير المعصوم.
                        ولنورد الآن بعض الامثلة من اقوال الفقهاء والعلماء الاصوليين في نقض الاستدلال بالآية الكريمة :
                        يقول السيد المرتضى[13]: (... والمنذر هو المخوف المحذر الذي ينبه على النظر والتأمل، ولا يجب تقليده ولا القبول منه بغير حجة، ولهذا قال تعالى -: (لعلهم يحذرون) ومعنى ذلك ليحذروا، ولو أراد ما ادعوا لقال - تعالى -: (لعلهم يعملون أو يقبلون)...)
                        ـ الشيخ الانصاري[14] : (...لا يستفاد من الكلام إلا مطلوبية الحذر....، بل يمكن أن يتوقف وجوبه على حصول العلم، فالمعنى: لعله يحصل لهم العلم فيحذروا. ...التفقه الواجب ليس إلا معرفة الامور الواقعية من الدين، ..... فانحصر وجوب الحذر فيما إذا علم المنذر صدق المنذر في إنذاره بالاحكام الواقعية......فهذه الاية نظير ما ورد من الامر بنقل الروايات، فإن المقصود من هذا الكلام ليس إلا وجوب العمل بالامور الواقعية، لا وجوب تصديقه فيما يحكي ولو لم يعلم مطابقته للواقع.... لا إنشاء حكم ظاهري لهم بقبول كل ما يخبرون به وإن لم يعلم مطابقته للواقع.)
                        ـ الشيخ محمد كاظم الخراساني: (... وأما الآيات، فلعدم دلالة آية النفر والسؤال على جوازه،لقوة احتمال أن يكون الارجاع لتحصيل العلم لا للاخذ تعبدا....).[15]
                        الشيخ محمد تقي البروجردي[16] : ( وكيف كان ) فما ذكرناه من الدليل الارتكازي هو العمدة في المستند لوجوب أصل التقليد ( والا ) فما عداه من الأدلة الشرعية قابل للمناقشة ......... ( واما الآيات ) فعمدتها آيتي النفر والسؤال ( وهما ) أيضا قاصرتان عن إفادة حجية فتوى العالم في حق العامي ....( واما ) آية النفر... ( فمعنى الآية ) والله العالم انه يجب على النافرين الانذار بما تفقهوا إذا رجعوا إلى المتخلفين لعله يحصل لهم العلم فيحذرون......)

                        ـ السيد الخميني[17] بعد مناقشة الدلالة قال : (...والانصاف: أن الاية أجنبية عن حجية قول المفتي، ......... هذا حال الايات الشريفة، والايات الاخر التي استدل بها ، أضعف دلالة منهما.)
                        ـ المحقق جعفر السبحاني[18] : (...فلا اطلاق لها يدل على وجوب القبول بمجرد السماع فضلا عن اطلاقها لحال التعارض والانصاف انها اجنبية عن حجية قول المفتى ...) تهذيب الاصول ـ تحقيق بحث السيد الخميني ـ ج 3 ـ ص 178 ـ 179.

                        1.3. الآيات الأخرى كآية الكتمان وغيرها
                        الآيات الأخرى كآية الكتمان وغيرها فالاستدلال بها اضعف مما تقدم
                        ـ يقول محمد سعيد الحكيم يقول : ( ...ثم إنه قد يستدل بايات اخر، كاية الكتمان وغيرها، وهو ضعيف كما اوضح في مبحث حجية خبر الواحد والعمدة في المقام آية النفر....) كتاب الاجتهاد والتقليد ص 13. وقال ايضا (...كما تقدم الاشكال في الاستدلال بايات أخر قد استدل بها على حجية الفتوى أيضا كآيتي الذكر والكتمان - حيث يظهر بمراجعة ذلك ضعف الاستدلال بها على حجية الفتوى) المحكم في أصول الفقه ـ ج 6 ـ ص 321.
                        ـ وقد مر ايضا قول السيد الخميني : (والانصاف: أن الاية أجنبية عن حجية قول المفتي، ......... هذا حال الايات الشريفة، والايات الاخر التي استدل بها ، أضعف دلالة منهما.) الاجتهاد والتقليد ص 95.
                        ـ وكذلك نفى عدد من كبار العلماء والفقهاء الأصوليين وجود دليل من القرآن أو أي دليل نقلي تام جملة وتفصيلا ومعلوم ان اعلام الاصول يعتبرون العمدة في الاستدلال هو ما يسمى بالدليل العقلي او بناء العقلاء وسنفصل القول ان شاء الله فيه فيما يلي.



                        ********************************
                        هوامش
                        [1] الشيخ مرتضى الأنصاري ـ كتاب فرائد الأصول ج1 ص288.
                        [2] الشيخ محمد كاظم الخراساني ـ كتاب كفاية الأصول ص 472 ـ473.
                        [3] الشيخ محمد تقي البروجردي ـ تقرير بحث الشيخ ضياء الدين العراقي نهاية الأفكار ـ الجزء الرابع, ـ في مبحث الاستصحاب والتعادل والتراجيح ـ ص 242 ـ 243
                        [4] السيد محمد باقر الصدر ـ دروس في علم الأصول ـ ج1 ـ ص256
                        [5] السيد الخوئي ـ كتاب الاجتهاد والتقليد ص90.
                        [6] الشيخ مرتضى الأنصاري : (...أولاً إن الاستدلال إن كان بظاهر الآية ، فظاهرها بمقتضى السياق إرادة علماء أهل الكتاب ............ وان كان مع قطع النظر عن سياقها ، ففيه : انه وارد في الأخبار المستفيضة : ان أهل الذكر هم الأئمة (عليهم السلام ) وقد عقد في اصول الكافي بابا لذلك ، وأرسله في المجمع (أي مجمع البيان) عن علي (عليه السلام). ورد بعض مشايخنا هذه الأخبار بضعف السند، بناء على اشتراك بعض الرواة في بعضها وضعف بعضها في الباقي. وفيه نظر، لأن روايتين منها صحيحتان، وهما روايتا محمد بن مسلم والوشاء ، فلاحظ، ورواية أبي بكر الحضرمي حسنة أو موثقة. نعم ثلاث روايات اخر منها لا تخلو من ضعف، ولا تقدح قطعا. وثانيا: أن الظاهر من وجوب السؤال عند عدم العلم وجوب تحصيل العلم، لا وجوب السؤال للعمل بالجواب تعبدا، كما يقال في العرف: سل إن كنت جاهلا. ويؤيده: أن الآية واردة في اصول الدين وعلامات النبي (صلى الله عليه وآله) التي لا يؤخذ فيها بالتعبد إجماعا...) كتاب فرائد الأصول ج1 ص288.
                        [7] كتاب كفاية الأصول ص 472 ـ473.
                        [8] الشيخ محمد تقي البروجردي في تقرير بحث الشيخ ضياء الدين العراقي يقول : ( وكيف كان ) فما ذكرناه من الدليل الارتكازي هو العمدة في المستند لوجوب أصل التقليد ( والا ) فما عداه من الأدلة الشرعية قابل للمناقشة ...... ( واما الآيات ) فعمدتها آيتي النفر والسؤال ( وهما ) أيضا قاصرتان عن إفادة حجية فتوى العالم في حق العامي ( أما ) آية السؤال ، فلقوة احتمال كون ايجاب السؤال عن أهل الذكر لأجل حصول العلم بالواقع ، لا لمحض التعبد بقولهم ولو لم يفد العلم للسائل ( فالمراد ) من الآية والله العالم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون حتى تعلموا ، كما يقال لمن ينكر شيئا لعدم علمه به سل فلانا ان كنت لا تعلم ( مضافا ) إلى ورود الآية المباركة في أصول العقائد التي لا يكتفي فيها بغير العلم ، لظهورها بمقتضى السياق في إرادة علماء أهل الكتاب والسؤال عنهم فيما لديهم من علامات النبوة المكتوبة في كتبهم السماوية ( والى ) ما ورد من تفسير أهل الذكر بالأئمة المعصومين (ع) المعلوم إفادة قولهم العلم بالواقع......) نهاية الافكار ـ الجزء الرابع, ـ في مبحث الاستصحاب والتعادل والتراجيح ـ ص 242 ـ 243.

                        [9] الاجتهاد والتقليد ص89.
                        [10] السيد محمد باقر الصدر قال: (...أن الأمر بالسؤال في الآية ليس ظاهراً في الأمر المولوي لكي يستفاد منه ذلك ، لأنه وارد في سياق الحديث مع المعاندين والمتشككين في النبوة من الكفار ، ومن الواضح أن هذا السياق لا يناسب جعل الحجية التعبدية ، وإنما يناسب الإرشاد إلى الطرق التي توجب زوال التشكك ، ودفع الشبهة بالحجة القاطعة ، لأن الطرف ليس ممن يتعبد بقرارات الشريعة . ونلاحظ أيضا أن الأمر بالسؤال مفرع على قوله: ( َمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ) والتفريع يمنع عن انعقاد إطلاق في متعلق السؤال لكي يثبت الأمر بالسؤال في غير مورد المفرع عليه وأمثاله. هذا على أن مورد الآية لا حجية فيه للأخبار الآحاد لأنه مرتبط بأصول الدين...). دروس في علم الأصول ـ ج1 ـ ص256

                        [11] المحقق الخوئي : (.....ولكن الصحيح إن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد وذلك لأن موردها ينافي القبول التعبدي .........فموردها النبوة ويعتبر فيها العلم والمعرفة ولا يكفي فيها مجرد السؤال من دون أن يحصل الإذعان فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبداً من دون أن يحصل منها علم بالمسألة......) كتاب الاجتهاد والتقليد ص90

                        [12] ـ عن الفضل بن شاذان عن الرضا ع قال : ( فإن قال فلم امر الحج ؟ قيل : لعلة الوفادة إلى اللّه عزوجل وطلب الزيادة ......مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الائمة (ع) إلى كل صقع وناحية كما قال اللّه عزوجل : (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون * وليشهدوا منافع لهم)......) وسائل‏ الشيعة ـ ج 11 ـ ص ـ 12
                        ـ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) إِنَّ قَوْماً يَرْوُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ : اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ . فَقَالَ : صَدَقُوا . فَقُلْتُ : إِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةً ، فَاجْتِمَاعُهُمْ عَذَابٌ . قَالَ : لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ وَذَهَبُوا إِنَّمَا أَرَادَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) . فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَيَتَعَلَّمُوا ثُمَّ يَرْجِعُوا إلى قَوْمِهِمْ فَيُعَلِّمُوهُمْ إِنَّمَا أَرَادَ اخْتِلَافَهُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ لَا اخْتِلَافاً فِي دِينِ اللَّهِ إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ )) علل ‏الشرائع ج : 1 ص ـ85.
                        ـ صحيحة يعقوب بن شعيب: (قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إذا حدث على الامام حدث كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عزوجل: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إلى قوله: يَحْذَرُونَ) قال: هم في عذر ما داموا في الطلب، وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم) الكافي ـ ج 1 ـ ص ـ 427
                        ـ صحيحة عبد الأعلى قال: (سألت أبا عبد الله، عليه السلام، عن قول العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية. قال: حق والله. قلت: فإن إماما هلك، ورجل في خراسان لا يعلم من وصيه، لم يسعه ذلك؟ قال: لا يسعه إن الإمام إذا مات وقعت حجة على من هو معه في البلد، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم أن الله عز وجل يقول: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة...). الكافي ج ـ 1 ص 378
                        ـ صحيحة محمد بن مسلم قال: (قلت لابي عبد الله عليه السلام أصلحك الله بلغنا شكواك فاشفقنا، فلو أعلمتنا أو أعلمنا من بعدك؟ فقال: ان عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث ولا يهلك عالم إلا وبقى من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله، قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم أن لا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما اهل هذه البلدة فلا - يعني المدينة - وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم ان شاء الله تعالى يقول: (فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) قال: قلت أرأيت من مات في طلب ذلك، فقال: بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت، فقد وقع اجره على الله، قال: قلت فإذا قدموا، بأي شئ يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطي السكينة والوقار والهيبة.) . علل الشرائع ـ ج 2 ـ ص ـ 591.
                        ـ صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. وفيها : (...قال الله تبارك وتعالى: (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) وقال الله (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فقد فرضت عليكم المسألة والرد إلينا، ولم يفرض علينا الجواب. قال الله عزوجل: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعني من اتخذ دينه رأيه بغير إمام من أئمة الهدى...) قرب الاسناد ـ ص 350.

                        [13] يقول السيد المرتضى وان كان كلامه في مقام دفع الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد الا ان محصول الكلام جاري في المقام : (...إذا سلمنا أن اسم الطائفة يقع على الواحد والاثنين، فلا دلالة لكم في الآية، لانه تعالى سماهم منذرين، والمنذر هو المخوف المحذر الذي ينبه على النظر والتأمل، ولا يجب تقليده ولا القبول منه بغير حجة، ولهذا قال تعالى -: (لعلهم يحذرون) ومعنى ذلك ليحذروا، ولو أراد ما ادعوا لقال - تعالى -: (لعلهم يعملون أو يقبلون) والنبي - صلى الله عليه وآله وإن سميناه منذرا، وكان قبول قوله واجبا، فمن حيث كان في ابتداء دعوته يكون مخوفا، ثم إذا استقر دليل نبوته...) السيد المرتضى ـ الذريعة (أصول فقه) ـ ج 2 ـ ص ـ 534 ـ 535.
                        [14] ـ الشيخ الانصاري : (...لا يستفاد من الكلام إلا مطلوبية الحذر عقيب الانذار بما يتفقهون في الجملة، لكن ليس فيها إطلاق وجوب الحذر، بل يمكن أن يتوقف وجوبه على حصول العلم، فالمعنى: لعله يحصل لهم العلم فيحذروا. فالاية مسوقة لبيان مطلوبية الانذار بما يتفقهون ومطلوبية العمل من المنذرين بما أنذروا. وهذا لا ينافي إعتبار العلم في العمل. ولهذا صح ذلك فيما يطلب فيه العلم. فليس في هذه الاية تخصيص للادلة الناهية عن العمل بما لم يعلم...التفقه الواجب ليس إلا معرفة الامور الواقعية من الدين، فالانذار الواجب هو الانذار بهذه الامور المتفقه فيها. فالحذر لا يجب إلا عقيب الانذار بها. فإذا لم يعرف المنذر - بالفتح - أن الانذار هل وقع بالامور الدينية الواقعية أو بغيرها خطاء أو تعمدا من المنذر - بالكسر - لم يجب الحذر حينئذ. فانحصر وجوب الحذر فيما إذا علم المنذر صدق المنذر في إنذاره بالاحكام الواقعية......فهذه الاية نظير ما ورد من الامر بنقل الروايات، فإن المقصود من هذا الكلام ليس إلا وجوب العمل بالامور الواقعية، لا وجوب تصديقه فيما يحكي ولو لم يعلم مطابقته للواقع..... ونظيره جميع ما ورد من بيان الحق للناس ووجوب تبليغه إليهم، فإن المقصود منه إهتداء الناس إلى الحق الواقعي، لا إنشاء حكم ظاهري لهم بقبول كل ما يخبرون به وإن لم يعلم مطابقته للواقع.) فرائد الاصول ـ ج 1 ـ ص 130.
                        [15] كتاب كفاية الأصول ص 472 ـ473.
                        [16] ـ الشيخ محمد تقي البروجردي في تقرير بحث الشيخ ضياء الدين العراقي يقول : ( وكيف كان ) فما ذكرناه من الدليل الارتكازي هو العمدة في المستند لوجوب أصل التقليد ( والا ) فما عداه من الأدلة الشرعية قابل للمناقشة ...... ( واما الآيات ) فعمدتها آيتي النفر والسؤال ( وهما ) أيضا قاصرتان عن إفادة حجية فتوى العالم في حق العامي ....( واما ) آية النفر ، فلمنع اقتضائها وجوب الحذر مطلقا ولو مع عدم حصول العلم للمنذرين بالفتح ( إذ لا إطلاق ) من هذه الجهة وإنما اطلاقها مسوق لايجاب الانذار على النافرين بما تفقهوا من الاحكام ، لا لبيان وجوب الحذر والقبول مطلقا ، فيمكن ان يكون الحذر المطلوب عقيب الانذار منوطا بحصول العلم لاقتضاء تراكم إخباراتهم لافشاء الحق الموجب لحصول العلم ( فمعنى الآية ) والله العالم انه يجب على النافرين الانذار بما تفقهوا إذا رجعوا إلى المتخلفين لعله يحصل لهم العلم فيحذرون ( وربما يشهد ) لذلك استشهاد الإمام (ع) بالآية على وجوب نفر جماعة من كل بلد لمعرفة الامام اللاحق إذا حدث على الامام السابق حدث ( كقول أبي عبد الله (ع) ليعقوب بن شعيب بعد ما سئله عن الامام إذا حدث عليه حدث كيف يصنع الناس .. أين قول الله عز وجل فلولا نفر الآية : ثم قال (ع) هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم ، مع وضوح ان الإمامة لا تثبت الا بالعلم ( مؤيدا ) ذلك بما في الآية من التعبير بالطائفة التي هي عبارة عن الجماعة ( إذ من المعلوم ) ان اخبار الجماعة بشيء موجب عادة للعلم بذلك الشيء......) نهاية الافكار ـ الجزء الرابع, ـ في مبحث الاستصحاب والتعادل والتراجيح ـ ص 242 ـ 243.
                        [17] السيد الخميني: (.....وأما كون الانذار من سنخ ما يتفقه فيه، أي بيان الاحكام بنحو الانذار، فليست الاية ظاهرة فيه...........وأما وجوب العمل بقول المنذر بمجرده فلا تدل الاية عليه. ...........وأما التفقه في الدين، فهو أعم من الاصول والفروع، فلا وجه لاختصاصه بالثاني، والاخبار الواردة في تفسيرها تدل على تعميمه ، فحينئذ لا يمكن أن يقال: بوجوب قبول قوله تعبدا، لعدم جريانه في الاصول. ............. وأما كون التحذر بمعنى التحذر العملي، أي قبول قول الغير والعمل به، فهو خلاف ظاهرها،............وأما وجوب قبول السامع بمجرد السماع، فلا إطلاق للاية يدل عليه، فضلا عن إطلاقها لحال التعارض. والانصاف: أن الاية أجنبية عن حجية قول المفتي، ......... هذا حال الايات الشريفة، والايات الاخر التي استدل بها ، أضعف دلالة منهما.) الاجتهاد والتقليد ص 92 ـ 95.
                        [18] المحقق جعفر السبحاني : (...ان دعوى كون ماينذر به من جنس ما يتفقه فيه ممنوعة...... ولا دليل على كون ما انذر من جنس ماتفقه فيه ......كما ان حمل الحذر على قبول قول الغير والعمل بمقتضاه خلاف الظاهر فانه ظاهر فى الحذر بمعنى الخوف القلبى الحاصل من انذار الناذرين . والعمدة انه لااطلاق للآية الكريمة ...... فلا اطلاق لها يدل على وجوب القبول بمجرد السماع فضلا عن اطلاقها لحال التعارض والانصاف انها اجنبية عن حجية قول المفتى ...) تهذيب الاصول ـ تحقيق بحث السيد الخميني ـ ج 3 ـ ص 178 ـ 179.
                        Last edited by ya fatema; 09-04-2012, 18:34.
                        السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                        Comment

                        • اختياره هو
                          مشرف
                          • 23-06-2009
                          • 5310

                          #13
                          رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                          الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 11
                          18 جمادى الاولى 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-04-10 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي
                          الدرس 11

                          التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنـــــــــا

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          والحمد لله رب العالمين
                          وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا


                          1. بيان بطلان الاستدلال العقلي

                          1.1. تذكير
                          لقد بينا فيما قبل كيف ان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بدعة ابتدعها كاظم اليزدي وانه لا يوجد عليها دليل من القرآن او الرويات وقبل ان نتطرق الى ما يسمى بـ"الديل العقلي" ربما تكون هناك فائدة لذكر اقوال بعض علماء وفقهاء الاصول واقرارهم بعدم الدليل النقلي.
                          1.2. اعترافهم بعدم وجود دليل نقلي والتمسك بالاستدلال العقلي
                          ـ المحقق محمد كاظم الخراساني : (ـ فصل في التقليد وهو أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيات، أو للالتزام به في الاعتقاديات تعبدا، بلا مطالبة دليل على رأيه.... لا يذهب عليك أن جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة، يكون بديهيا جبليا فطريا لا يحتاج إلى دليل....... بل هذه هي العمدة في أدلته ، وأغلب ما عداه قابل للمناقشة ،....) كفاية الاصول ـ ص 472 ـ 473.
                          ـ الشيخ ضياء الدين العراقي : ( ...(وكيف كان ) فما ذكرناه من الدليل الارتكازي هو العمدة في المستند لوجوب أصل التقليد ( والا ) فما عداه من الأدلة الشرعية قابل للمناقشة...) الشيخ محمد تقي البروجردي ـ تقرير بحث الشيخ ضياء الدين العراقي ـ نهاية الافكار ـ الجزء الرابع ـ مبحث الاستصحاب والتعادل والتراجيح .
                          ـ السيد الخميني : (...المعروف أن عمدة دليل وجوب التقليد هو ارتكاز العقلاء...) كتاب الاجتهاد والتقليد ـ ص 63. ويقول ايضا : (...أما دليل وجوب اتباع المجتهد، فلأنه ليس إلا بناء العقلاء الممضى، كما يظهر للناظر في الادلة، وإنما يعمل العقلاء على رأيه لإلغاء احتمال الخلاف...) كتاب الاجتهاد والتقليد ـ ص 145.
                          ـ الشيخ السبحاني : (( في الادلة التى استدلوا على جواز التقليد. واستدل القوم عليه بوجوه اتقنها واهمها بل يمكن ان يقال انه الدليل الوحيد، بناء العقلاء على رجوع الجاهل على العالم بل قد عد ذلك من القضايا الفطرية الارتكازية...)) الشيخ السبحاني ـ تقرير بحث السيد الخميني ج 3 ـ تهذيب الأصول
                          ـ السيستاني في جواب عن السؤال : "حجیة التقلید لابد ان تنتهي الی الاجتهاد فما الحكم في تقلید العوام الذين لایلتفتون الی ذلك فهم یقلدون تقلیداً للآباء او العلماء؟ "
                          قال : ((اصل التقلید بمعنی رجوع الجاهل الی العالم امر ارتكازي وعلیه جرت سیرة العقلاء في الرجوع الی اهل الخبرة في جمیع موارد الحاجة الیهم فان كان من رجع الیه (العامي) واجداً لجمیع الشروط المذكورة في الرسائل العملیة فهو یقطع بحجیة فتاواه لا عن تقلید وهذا المقدار یكفیه نعم لیس له تقلید الفاقد لبعض الشروط المحتملة دخالتها في الحجیة الا اذا افتی الواحد للجمیع بعدم اعتبارها.)) السيستاني[1] ـ الأسئلة والأجوبة ـ التقليد (97) ـ السؤال 45.
                          ـ مركز الدراسات التابع للسيستاني : (...أولاً: ربما لا نحتاج إلى دليل نقلي في وجوب التقليد، وذلك لتسالم العقلاء في الرجوع إلى أهل الخبرة في كل أمر مجهول ... فمن أصابه مرض ما فهو يرجع في ذلك إلى الطبيب، ومن أراد أن يعرف زيف معدن ما من أصالته - كالذهب - فهو يرجع فيه إلى الصائغ وهكذا .. فالرجوع إلى أهل الخبرة أمر عقلائي مركوز في ذهن وخاطر كل انسان.. وعلوم الشريعة هي احدى تلك العلوم التي توجب الاختصاص والتبحر فيها واستنباط الأحكام منها،........... ان وجوب التقليد ....إنما هو أمر فطري عقلي دليله العقل والسيرة العقلائية.....) مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني[2]
                          وليتبين الامر بوضوح نقول ان هذا الدليل المزعوم مبني على قاعدة عقلية وهي "رجوع الجاهل الى العالم" والاستدلال اما يكون بمقتضاها فيكون الحكم عقلي اوبمقتضى السيرة العقلائية في الرجوع الى ذوي الخبرة او الاختصاص في الصناعات والامور الدنيوية.

                          1.3. اولا دليل العقل
                          حكم العقل القطعي لا بد ان يكون فيه العقل قاطعا كل شك او لنقل قاطعا لكل احتمال خلاف.
                          ـ يقول السيد الخوئي : ( ...إذ لا يجوز - لدى العقل - الاعتماد على غير ما علم بحجيته حيث يحتمل معه العقاب. وعلى هذا يترتب أن العامي لابد في استناده إلى فتوى المجتهد أن يكون قاطعا بحجيتها في حقه أو يعتمد في ذلك على ما يقطع بحجيته، ولا يسوغ له أن يستند في تقليده على مالا يعلم بحجيته، إذ معه يحتمل العقاب على افعاله وتروكه....) ص 83 ـ 84. وقال ايضا (ان حجية أي حجة لابد من أن تنتهى إلى العلم) الاجتهاد والتقليد ص 91.
                          1.3.1. قاعدة رجوع الجاهل الى العالم
                          القاعدة العقلية : "رجوع الجاهل الى العالم" لا اشكال فيها ولكن تطبيقها الصحيح في الدين لا يقارن بالعلوم الدنيوية والحرف كما يفعل مركز الدراسات التابع للسيستاني
                          وتمثيل الاحكام الشرعية بالصناعات والحرف هو مغالطة و(تنظير المسألة بمثل رجوع المريض إلى الطبيب فهو قياس مع الفارق)[3] ولنفصل القول :
                          الرجوع الى الطبيب وهو عالم في الطب بقدر ما في علاج المرض هل يضمن النجاة ام ان الهلاك محتمل؟
                          أكيد ان الهلاك محتمل!
                          والمرجع والمجتهد كالطبيب لا يقال فيه انه عالم مطلق والرجوع اليه يقال فيه ما يقال في الرجوع الى الطبيب اي:
                          من يرجع الى المرجع المجتهد يضع آخرته بيد عالم بقدر ما وليس هو عالم مطلق ولا متصل بعالم مطلق اذن فهلاكه محتمل !
                          مع ان هلاك المريض أقصاه يكون جسدي وهلاك الإنسان برجوعه إلى المجتهد غير المعصوم يمكن أن يكون نتيجته نار أبدية.
                          و (كل شخص عامى أو غيره على علم من أن المسائل الشرعية مورد الخلاف بين العلماء ....... إذا رجع إلى الكتب الفقهية رأى أن للشهيد قولا وللشيخ قولا آخر وهكذا. ...) كما يقول السيد الخوئي في كتاب الاجتهاد والتقليد ص 98.
                          والاختلاف بين اثنين كما هو معلوم يعني بطلان وخطأ واحد منهما على الأقل
                          ولا يمكن ادعاء إلغاء احتمال الخلاف: ( مع هذه الاختلافات الكثيرة المشاهدة من الفقهاء، بل من فقيه واحد في كتبه العديدة، بل في كتاب واحد؟! ) و(دعوى قلة خطأ الفقهاء بالنسبة إلى صوابهم، بحيث يكون احتماله ملغى - وإن كثر - بعد ضم الموارد بعضها إلى بعض، غير وجيهة، مع ما نرى من الاختلافات الكثيرة في كل باب إلى ما شاء الله.) السيد الخميني الاجتهاد والتقليد ص 84.
                          بالإضافة إلى كون ما فيه المجتهد "عالم او صاحب اختصاص" هو مبني على (استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي ) العلامة الحلي ـ كفاية الاصول عنه: ص463.
                          فتقليد المجتهد مظنة كما عن الوحيد البهبهاني : (فإن قلت: تقليد المجتهد أيضا مظنة. قلت: نعم، لكن ليس كغيره، .....) الرسائل الفقهية ـ ص 37.
                          ولا احد من الفقهاء يقول انه عالم بالاحكام الواقعية.
                          وهذا كافي لنقض تطبيق قاعدة رجوع الجاهل إلى العالم على المصاديق التي يشيرون إليها اي : المراجع والمجتهدون.
                          1.3.2. أمثلة من أقوال بعض العلماء في رد الاستدلال بالقاعدة
                          ـ يقول السيد مرتضى الحسيني الفيروز آبادي ‏النجفي: ((الحق ان جواز التقليد و رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى‏ مطلق أهل الخبرة من كل فن هو مما استقر عليه بناء العقلاء ... و هذا من غير أن يستقل به العقل و يحكم به اللب فإن العقل انما يستقل ‏بحجية شي‏ء إذا لم يحتمل فيه الخلاف كما في العلم و اليقين دون ما احتمل فيه الخلاف‏ والخطأ وإن حصل منه الوثوق والاطمئنان ........ ان العامي الجاهل إن كان رجوعه إلى العالم هو بمقتضي‏ طبعه الأصلي و جبليته و فطرته من دون التفات إلى شي‏ء فهو و إلا بأن تفطن أن‏ مجرد بناء العقلاء مما لا يكاد يكفي مدركاً ما لم ينضم إليه الإمضاء من الشرع لم ‏يجز له الرجوع إلى العالم عقلا ما لم يحرز بنفسه إمضاء الشارع له أو يعرف دلالة ساير الأدلة الدالة عليه ))[4]
                          بالنتيجة : العقل لا يحكم بوجوب تقليد غير المعصوم بل بحسب القاعدة الاصولية العقل يقول: بما أنّ التقليد للمجتهد يتضمن احتمال الخلاف، واحتمال الخلاف موجب لاحتمال العقاب، فالعقل يقول هنا بوجوب دفع الضرر المحتمل من تقليد المجتهد فيدفعه.
                          ـ يقول المحقق جعفر السبحاني :
                          ((أنّ العقل يفرِّق بين الضرر الدنيوي المحتمل فلا يحكم بوجوب دفعه إلاّ إذا كان خطيراً لا يتحمّل. وأمّا الضرر الأُخروي الذي هو كناية عن العقاب الأُخروي فيُؤكِّد العقل على وجوب دفعه و يستقلّ به، فلا يرخّص استعمال شيء فيه احتمال العقوبة الأُخروية، ولو احتمالاً ضعيفاً...)) الشيخ جعفر السبحاني ـ الموجز في أُصول الفقه ـ ج 2.
                          وايضا العقل ـ بحسب ما تقرر في الاصول ـ لا يسوغ له أن يستند في تقليده على مالا يعلم بحجيته، إذ معه يحتمل العقاب على افعاله وتروكه وحجية راي المجتهد غير معلومة فالعقل اذ يحكم بعدم الجواز.

                          ************************
                          [1] - السيستاني: http://www.sistani.org/index.php?p=2...369&perpage=98
                          [2] http://www.aqaed.com/faq/4278
                          [3] الشيخ محمد حسن القديري ـ البحث في رسالات عشر ـ http://zainealdeen.com/library/hadet...h/seerah13.htm
                          [4] السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي‏النجفي : (( (ثم هل المراد) من كون جواز التقليد و رجوع الجاهل إلى العالم بديهياً جبلياً فطرياً أن جواز التقليد مما استقر عليه بناء العقلاء و قد جرى عليه ديدنهم أو أن جواز التقليد مما استقل به العقل و حكم به اللب ....( و على كل حال) الحق ان جواز التقليد و رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى‏ مطلق أهل الخبرة من كل فن هو مما استقر عليه بناء العقلاء و قد جرى عليه‏ ديدنهم و لو في الجملة كما صرح به المصنف أي فيما حصل منه الوثوق و الاطمئنان‏ لا مطلقاً و هذا من غير أن يستقل به العقل و يحكم به اللب فإن العقل انما يستقل ‏بحجية شي‏ء إذا لم يحتمل فيه الخلاف كما في العلم و اليقين دون ما احتمل فيه الخلاف‏ والخطأ وإن حصل منه الوثوق والاطمئنان (و من هنا يظهر) ان مجرد بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم مما لا يكفي مدركاً لجواز التقليد ما لم يحرز إمضاء الشارع له .........(بقي شي‏ء) وهو ان العامي الجاهل إن كان رجوعه إلى العالم هو بمقتضي‏ طبعه الأصلي و جبليته و فطرته من دون التفات إلى شي‏ء فهو و إلا بأن تفطن أن‏ مجرد بناء العقلاء مما لا يكاد يكفي مدركاً ما لم ينضم إليه الإمضاء من الشرع لم ‏يجز له الرجوع إلى العالم عقلا ما لم يحرز بنفسه إمضاء الشارع له أو يعرف دلالة ساير الأدلة الدالة عليه...)) السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي‏النجفي (1329 هـ ـ 1410 هـ ) ـ عناية الاصول في شرح کفاية الاصول ج 6.
                          Last edited by ya fatema; 10-04-2012, 19:06.
                          السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                          Comment

                          • د. توفيق المغربي
                            مشرف
                            • 13-02-2012
                            • 259

                            #14
                            رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                            الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 12

                            24 جمادى الاولى 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-04-16 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي

                            الدرس 12

                            التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                            بسم الله الرحمن الرحيم

                            والحمد لله رب العالمين

                            وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا


                            · بيان بطلان الاستدلال العقلي (تتمة)

                            1.1. ثانيا دليل السيرة

                            تبين اذا ان هذه العقيدة والحكم بوجوب تقليد غير المعصوم ليس لا حكما شرعيا ولا عقليا في الحقيقة ولو كان الدليل هو حكم العقل فما الحاجة الى الاستدلال بعادة الناس أي السيرة واستحسانات لا ترقى حتى الى استحسانات ابي حنيفة ؟!

                            وعلى أي حال نقول باختصار ان الاستدلال بالسيرة ايضا مردود وذلك لان :

                            1ـ سيرة العقلاء ـ ان تمت ـ فلا ينتج منها وجوب التقليد

                            2ـ شروط الاستدلال بالسيرة غير متحققة فمن شروطها :

                            · اثبات اتصالها بزمان المعصوم (ع) ولم يثبت هذا الامر في موضوع التقليد.

                            · االقطع برضا الشارع بالسيرة بعدم الردع عنها وهو ايضا غير حاصل لان الردع وارد.

                            لنقف مع الشيخ المظفر في كتابه اصول الفقه لتعريف السيرة و شروط الاستدلال بها وكذلك ما ينتج من الاستدلال بها

                            ـ يقول الشيخ محمد رضا المظفر[1] : ((.... إن بناء العقلاء لا يكون دليلا إلا إذا كان يستكشف منه على نحو اليقين موافقة الشارع وإمضاؤه لطريقة العقلاء، لأن اليقين تنتهي إليه حجية كل حجة. وقلنا هناك: إن وافقة الشارع لا تستكشف على نحو اليقين إلا بأحد شروط ثلاثة. .... إن السيرة إما أن ينتظر فيها أن يكون الشارع متحد المسلك مع العقلاء إذ لا مانع من ذلك. وإما ألا ينتظر ذلك، لوجود مانع من اتحاده معهم في المسلك، كما في الاستصحاب. فإن كان الأول: .... فلابد أن يعلم اتحاده في المسلك معهم، ... وإن كان الثاني: فإما أن يعلم جريان سيرة العقلاء في العمل بها في الأمور الشرعية، كما في الاستصحاب. وإما ألا يعلم ذلك، كما في الرجوع إلى أهل الخبرة في إثبات اللغات...... وإن كان الثاني - أي لم يعلم ثبوت السيرة في الأمور الشرعية - فإنه لا يكفي حينئذ في استكشاف موافقة الشارع عدم ثبوت الردع منه، إذ لعله ردعهم عن إجرائها في الأمور الشرعية فلم يجروها، أو لعلهم لم يجروها في الأمور الشرعية من عند أنفسهم فلم يكن من وظيفة الشارع أن يردع عنها في غير الأمور الشرعية لو كان لا يرتضيها في الشرعيات..... وعليه، فلأجل استكشاف رضا الشارع وموافقته على إجرائها في الشرعيات لابد من إقامة دليل خاص قطعي على ذلك. ... أما ما لم يثبت فيها دليل خاص كالسيرة في الرجوع إلى أهل الخبرة في اللغات، فلا عبرة بها وإن حصل الظن منها، لأن الظن لا يغنى عن الحق شيئا، ...إن السيرة عند المتشرعة ... هي في الحقيقة من نوع الإجماع، ... والسيرة على نحوين: تارة يعلم فيها أنها كانت جارية في عصور المعصومين (عليهم السلام) ... أو يكون مقررا لها. واخرى لا يعلم ذلك أو يعلم حدوثها بعد عصورهم.....وإن كانت على النحو الثاني: فلا نجد مجالا للاعتماد عليها في استكشاف موافقة المعصوم على نحو القطع واليقين، كما قلنا في الإجماع، وهي نوع منه. بل هي دون الإجماع القولي في ذلك، كما سيأتي وجهه.... إن السيرة عندما تكون حجة فأقصى ما تقتضيه أن تدل على مشروعية الفعل وعدم حرمته في صورة السيرة على الفعل، أو تدل على مشروعية الترك وعدم وجوب الفعل في صورة السيرة على الترك.... أما استفادة الوجوب من سيرة الفعل والحرمة من سيرة الترك، فأمر لا تقتضيه نفس السيرة. بل كذلك الاستحباب والكراهة، لأن العمل في حد ذاته مجمل لا دلالة له على أكثر من مشروعية الفعل أو الترك....والغرض أن السيرة بما هي سيرة لا يستكشف منها وجوب الفعل ولا استحبابه في سيرة الفعل، ولا يستكشف منها حرمة الفعل ولا كراهته في سيرة الترك....))

                            ـ ويقول السيد محمد باقر الصدر[2]: ((ومن الواضح ان السكوت انما يدل على الامضاء في حالة مواجهة المعصوم لسلوك معين.....وعلى ضوء ما ذكرناه نعرف ان ما يمكن الاستدلال به على اثبات حكم شرعي هو السيرة المعاصرة للمعصومين، لانها هي التي ينعقد لسكوت المعصوم عنها ظهور في الامضاء دون السيرة المتأخرة. وقد يتوهم ان السيرة المتأخرة معاصرة أيضا للمعصوم، وان كان غائبا فيدل سكوته عنها على امضائه، وليست لدينا سيرة غير معاصرة للمعصوم. والجواب على هذا التوهم: ان سكوت المعصوم في غيبته لا يدل على امضائه لا على اساس العقل ولا على أساس استظهاري)) السيد محمد باقر الصدر ـ دروس في علم الاصول ـ الحلقة الثانية ـ تعريف علم الاصول

                            وايضا يقول السيد الصدر في مباحث الاصول[3] : ((و قد ظهر مما ذكرنا أنّ حجّية السيرة العقلائية مشروطة: أولا بأن تكون السيرة جارية في الموارد الشرعية كي تشكّل خطرا على أغراض المولى. و ثانيا بعدم وصول الردع و لو بروايات ضعيفة السند. كما ظهر مما ذكرناه أنّ العبرة إنّما هي بالسيرة المعاصرة لزمان الشارع....و أمّا في السيرة العقلائية فوجود سيرة في زمن متأخر عن زمان الإمام لا يدلّ على موافقة الإمام لها بافتراض أنّه لو لم يرض بها لأصدر بيانات تصلح للردع عنها في الزمان المتأخر، و ذلك لأنّهم عليهم السّلام إنّما يتحفظون على الأحكام بالطريق الاعتيادي لا بإعمال الغيب. )) السيد الصدر ـ مباحث ‏الأصول/ الصفحة 128/ الجزء الثاني

                            ـ وايضا مثال آخر من كلام المرجع الفياض :

                            ((ان سيرة العقلاء إذا حدثت بعد زمن التشريع ولم تكن موجودة في زمن المعصومين (ع)، فلا يمكن اثبات امضائها شرعاً ولا طريق لنا إلى ذلك وان كان منشائها الارتكاز الثابت في إذهانهم.)) محمد اسحاق الفياض ـ المباحث الاصولية ج 8.

                            اذا فحجية السيرة العقلائية التي لم يتم إثبات قيامها في زمن المعصوم (ع) بدليل قطعي محل خلاف بين الأصوليين (والشك في حجيتها هو عدم حجيتها)

                            ـ يقول الشيخ القديري : ((وأما الأدلة الدالة على حجية قول الغير في حق العامي ووجوب التقليد فوجوه. ذكرها السيد الاستاذ – مد ظله –. (يقصد السيد الخوئي رحمه الله ) : الأول: السيرة العقلائية...... ولكن شيئا من هذه الوجوه لايتم. اما السيرة العقلائية فلايعلم قيامها في مثل الرجوع إلى المفتي الذي تكون مبادىء فتواه حدسية اجتهادية كثيرة الخطأ، ومع قيامها لم تعهد في زمان الشارع والائمة المعصومين عليهم السلام حتى نكشف رأيهم عليهم السلام من عدم ردعهم عنها، وتنظير المسألة بمثل رجوع المريض إلى الطبيب قياس مع الفارق فتدبر جيدا. واما دليل الانسداد فلا يثبت الا لزوم التبعيض في الاحتياط، واما حجية قول العالم فأجنبية عن مدلوله كما لا يخفى.....))[4].

                            اذا بما ان القطع بقيام السيرة في مثل الرجوع الى المجتهد مفقود فالاستدلال غير تام بل ولو تم بمعجزة لا ينتج منه وجوب المستدل عليه كما هو واضح مما تقدم.

                            واذا غضضنا النظر عن كل هذه الوجوه التي تقدمت نقول:

                            ان الاستدلال بالسيرة ينهدم بمجرد ورود رواية ولو ضعيفة السند رادعة كما تقدم من كلام السيد الصدر رحمه الله وذلك لابتنائها على شرط القطع بعم الردع من المعصوم (ع).

                            وهذه رواية صريحة صحيحة وبيان مشهور ينقله ويفتي به الشيخ المفيد في كتابه العقائدي المسمى بـ"تصحيح اعتقادات الإمامية " : عن الصادق عليه السلام :

                            ((قال - عليه السلام - : ( إياكم والتقليد ، فإنه من قلد في دينه هلك ) إن الله تعالى يقول : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ، ولكنهم أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم - حلالا ، فقلدوهم في ذلك ، فعبدوهم وهم لا يشعرون ) .)) تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - ص 72 - 73

                            فلما لا تكفي هذه الرواية الصحيحة والبيان الواضح في الردع ان كان اطلع عليه الفقهاء وعلماء الاصول ؟! وان لم يطلعوا عليه فتلك مصيبة اخرى...!

                            بل ان الروايات الصحيحة والصريحة القطعية الدلالة الرادعة عن التقليد كثيرة جدا وقد قيل بتواترها.

                            قال الحر العاملي رحمه الله في الفصول : (( باب 14 - عدم جواز تقليد غير المعصوم في الاحكام الشرعية : 1 - محمد بن يعقوب، عن عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبى بصير، عن أبى عبد الله (ع) قال:" قلت له: (إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون. " اقول: والاحاديث في ذلك متواترة...))[5].

                            ولنذكر طرفا مما رواه الحر العاملي في الوسائل :

                            ـ ( 33382 ) 1 - محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ( عن أبيه ) ، عن عبد الله بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير - يعني المرادي - عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) * فقال : أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون .

                            ورواه أحمد بن محمد بن خالد في ( المحاسن ) مثله .

                            ـ ( 33384 ) 3 - وعن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل : * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) * فقال : والله ما صاموا لهم ، ولا صلوا لهم ، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم . ورواه البرقي في ( المحاسن ) عن أبيه ، عن حماد مثله

                            ـ ( 33406 ) 25 - أحمد بن محمد البرقي في ( المحاسن ) عن أبيه ، عمن ذكره عن عمرو بن أبي المقدام ، عن رجل ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قول الله : * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) قال : والله ما صلوا لهم ولا صاموا ، ولكن أطاعوهم في معصية الله .

                            ـ ( 33409 ) 28 - وعن جابر ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله : * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) * قال : أما أنهم لم يتخذوهم آلهة ، إلا أنهم أحلوا لهم حلالا فأخذوا به ، وحرموا حراما فأخذوه به . فكانوا أربابهم من دون الله .

                            ـ ( 33410 ) 29 - وعن حذيفة قال : سألته عن قول الله عز وجل : * ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) * فقال : لم يكونوا يعبدونهم ولكن كانوا إذا أحلوا لهم أشياء استحلوها ، وإذا حرموا عليهم حرموها.






                            الهوامش
                            [1] ـ (( المقصود من " السيرة " - كما هو واضح - استمرار عادة الناس وتبانيهم العملي على فعل شئ، أو ترك شئ. والمقصود بالناس: إما جميع العقلاء والعرف العام من كل ملة ونحلة، فيعم المسلمين وغيرهم. وتسمى السيرة حينئذ " السيرة العقلائية ". والتعبير الشايع عند الأصوليين المتأخرين تسميتها ب‍ " بناء العقلاء ". وإما جميع المسلمين بما هم مسلمون، أو خصوص أهل نحلة خاصة منهم كالإمامية مثلا. وتسمى السيرة حينئذ " سيرة المتشرعة " أو " السيرة الشرعية " أو " السيرة الإسلامية ". وينبغي التنبيه على حجية كل من هذين القسمين لاستكشاف الحكم الشرعي فيما جرت عليه السيرة وعلى مدى دلالة السيرة، فنقول:

                            - ١ - حجية بناء العقلاء....... إن بناء العقلاء لا يكون دليلا إلا إذا كان يستكشف منه على نحو اليقين موافقة الشارع وإمضاؤه لطريقة العقلاء، لأن اليقين تنتهي إليه حجية كل حجة. وقلنا هناك: إن موافقة الشارع لا تستكشف على نحو اليقين إلا بأحد شروط ثلاثة. .... إن السيرة إما أن ينتظر فيها أن يكون الشارع متحد المسلك مع العقلاء إذ لا مانع من ذلك. وإما ألا ينتظر ذلك، لوجود مانع من اتحاده معهم في المسلك، كما في الاستصحاب.

                            فإن كان الأول: فإن ثبت من الشارع الردع عن العمل بها فلا حجية فيها قطعا.

                            وإن لم يثبت الردع منه فلابد أن يعلم اتحاده في المسلك معهم، لأ أنه أحد العقلاء، بل رئيسهم، فلو لم يرتضها ولم يتخذها مسلكا له كسائر العقلاء لبين ذلك ولردعهم عنها ولذكر لهم مسلكه الذي يتخذه بدلا عنها، لا سيما في الأمارات المعمول بها عند العقلاء، كخبر الواحد الثقة والظواهر.

                            وإن كان الثاني: فإما أن يعلم جريان سيرة العقلاء في العمل بها في الأمور الشرعية، كما في الاستصحاب. وإما ألا يعلم ذلك، كما في الرجوع إلى أهل الخبرة في إثبات اللغات.

                            فإن كان الأول، فنفس عدم ثبوت ردعه كاف في استكشاف موافقته لهم، لأن ذلك مما يعنيه ويهمه، فلو لم يرتضها - وهي بمرأى ومسمع منه - لردعهم عنها ولبلغهم بالردع بأي نحو من أنحاء التبليغ، فبمجرد عدم ثبوت الردع منه نعلم بموافقته، ضرورة أن الردع الواقعي غير الواصل لا يعقل أن يكون ردعا فعليا وحجة.......

                            وإن كان الثاني - أي لم يعلم ثبوت السيرة في الأمور الشرعية - فإنه لا يكفي حينئذ في استكشاف موافقة الشارع عدم ثبوت الردع منه، إذ لعله ردعهم عن إجرائها في الأمور الشرعية فلم يجروها، أو لعلهم لم يجروها في الأمور الشرعية من عند أنفسهم فلم يكن من وظيفة الشارع أن يردع عنها في غير الأمور الشرعية لو كان لا يرتضيها في الشرعيات.

                            وعليه، فلأجل استكشاف رضا الشارع وموافقته على إجرائها في الشرعيات لابد من إقامة دليل خاص قطعي على ذلك. وبعض السير من هذا القبيل قد ثبت عن الشارع إمضاؤه لها، مثل الرجوع إلى أهل الخبرة عند النزاع في تقدير قيم الأشياء ومقاديرها، نظير القيميات المضمونة بالتلف ونحوه، وتقدير قدر الكفاية في نفقة الأقارب، ونحو ذلك. أما ما لم يثبت فيها دليل خاص كالسيرة في الرجوع إلى أهل الخبرة في اللغات، فلا عبرة بها وإن حصل الظن منها، لأن الظن لا يغنى عن الحق شيئا، كما تقدم ذلك هناك.

                            - ٢ - حجية سيرة المتشرعة

                            إن السيرة عند المتشرعة من المسلمين على فعل شئ أو تركه هي في الحقيقة من نوع الإجماع، بل هي أرقى أنواع الإجماع، لأ نهى إجماع عملي من العلماء وغيرهم، والإجماع في الفتوى إجماع قولي ومن العلماء خاصة.

                            والسيرة على نحوين: تارة يعلم فيها أنها كانت جارية في عصور المعصومين (عليهم السلام) حتى يكون المعصوم أحد العاملين بها أو يكون مقررا لها. واخرى لا يعلم ذلك أو يعلم حدوثها بعد عصورهم.

                            فإن كانت على النحو الأول: فلا شك في أنها حجة قطعية على موافقة الشارع، فتكون بنفسها دليلا على الحكم كالإجماع القولي الموجب للحدس القطعي برأي المعصوم. وبهذا تختلف عن " سيرة العقلاء " فإنها إنما تكون حجة إذا ثبت من دليل آخر إمضاء الشارع لها ولو من طريق عدم ثبوت الردع من قبله، كما سبق.

                            وإن كانت على النحو الثاني: فلا نجد مجالا للاعتماد عليها في استكشاف موافقة المعصوم على نحو القطع واليقين، كما قلنا في الإجماع، وهي نوع منه. بل هي دون الإجماع القولي في ذلك، كما سيأتي وجهه.

                            قال الشيخ الأعظم في كتاب البيع في مبحث المعاطاة: وأما ثبوت السيرة واستمرارها على التوريث (يقصد توريث ما يباع معاطاة) فهي كسائر سيراتهم الناشئة من المسامحة وقلة المبالاة في الدين مما لا يحصى في عباداتهم ومعاملاتهم، كما لا يخفى..... ولأجل هذا لا نثق في السيرات الموجودة في عصورنا أنها كانت موجودة في العصور الإسلامية الأولى. ومع الشك في ذلك فأجدر بها ألا تكون حجة، لأن الشك في حجية الشئ كاف في وهن حجيته، إذ لا حجة إلا بعلم.

                            - ٣ - مدى دلالة السيرة

                            إن السيرة عندما تكون حجة فأقصى ما تقتضيه أن تدل على مشروعية الفعل وعدم حرمته في صورة السيرة على الفعل، أو تدل على مشروعية الترك وعدم وجوب الفعل في صورة السيرة على الترك.

                            أما استفادة الوجوب من سيرة الفعل والحرمة من سيرة الترك، فأمر لا تقتضيه نفس السيرة. بل كذلك الاستحباب والكراهة، لأن العمل في حد ذاته مجمل لا دلالة له على أكثر من مشروعية الفعل أو الترك...... ....والغرض أن السيرة بما هي سيرة لا يستكشف منها وجوب الفعل ولا استحبابه في سيرة الفعل، ولا يستكشف منها حرمة الفعل ولا كراهته في سيرة الترك....)) أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٣ - الصفحة ١٧٦



                            [2] ـ ((ومن الواضح ان السكوت انما يدل على الامضاء في حالة مواجهة المعصوم لسلوك معين، وهذه المواجهة على نحوين: احدهما: مواجهة سلوك فرد خاص يتصرف أمام المعصوم، كأن يمسح أمام المعصوم في وضوئه منكوسا ويسكت عنه. والآخر: مواجهة اجتماعي وهو ما يسمى بالسيرة العقلائية كما إذا كان العقلاء بما هم عقلاء يسلكون سلوكا معينا في عصر المعصوم، فانه بحكم تواجده بينهم يكون مواجها لسلوكهم العام، ويكون سكوته دليلا على الامضاء. ومن هنا أمكن الاستدلال بالسيرة العقلائية عن طريق استكشاف الامضاء من سكوت المعصوم. والامضاء المستكشف بالسكوت ينصب على النكتة المركوزة عقلائيا لا على المقدار الممارس من السلوك خاصة.

                            وهذا يعني أولا: ان الممضى ليس هو العمل الصامت لكي لا يدل على أكثر من الجواز، بل هو النكتة، اي المفهوم العقلائي المرتكز عنه فقد يثبت به حكم تكليفي او حكم وضعي.

                            وثانيا: ان الامضاء لا يختص بالعمل المباشر فيه عقلائيا في عصر المعصوم، ففيما اذا كانت النكتة اوسع من حدود السلوك الفعلي كان الظاهر من حال المعصوم امضاء‌ها كبرويا وعلى امتدادها.

                            وعلى ضوء ما ذكرناه نعرف ان ما يمكن الاستدلال به على اثبات حكم شرعي هو السيرة المعاصرة للمعصومين، لانها هي التي ينعقد لسكوت المعصوم عنها ظهور في الامضاء دون السيرة المتأخرة. وقد يتوهم ان السيرة المتأخرة معاصرة أيضا للمعصوم، وان كان غائبا فيدل سكوته عنها على امضائه، وليست لدينا سيرة غير معاصرة للمعصوم.

                            والجواب على هذا التوهم: ان سكوت المعصوم في غيبته لا يدل على امضائه لا على اساس العقل ولا على أساس استظهاري، اما الاول فلانه غير مكلف في حالة الغيبة بالنهي عن المنكر وتعليم الجاهل، وليس الغرض بدرجة من الفعلية تستوجب الحفاظ عليه بغير الطريق الطبيعي الذي سبب الناس أنفسهم إلى سده بالتسبيب إلى غيبته. واما الثاني فلان الاستظهار مناطه حال المعصوم، ومن الواضح ان حال الغيبة لا يساعد على استظهار الامضاء من السكوت.

                            وعلى هذا يعرف ان كشف السيرة العقلائية عن امضاء الشارع، انما هو بملاك دلالة السكوت عنها على الامضاء لا بملاك ان الشارع سيد العقلاء وطليعتهم، فما يصدق عليهم يصدق عليه كما يظهر من بعض الاصوليين، وذلك لان كونه كذلك بنفسه يوجب احتمال تميزه عنهم في بعض المواقف، وتخطئته لهم في غير ما يرجع إلى المدركات السليمة الفطرية لعقولهم كما واضح.)) السيد محمد باقر الصدر ـ دروس في علم الاصول ـ الحلقة الثانية ـ تعريف علم الاصول



                            [3] ((و قد ظهر مما ذكرنا أنّ حجّية السيرة العقلائية مشروطة: أولا بأن تكون السيرة جارية في الموارد الشرعية كي تشكّل خطرا على أغراض المولى. و ثانيا بعدم وصول الردع و لو بروايات ضعيفة السند. كما ظهر مما ذكرناه أنّ العبرة إنّما هي بالسيرة المعاصرة لزمان الشارع. أمّا في سيرة المتشرعة فالأمر واضح لأنّنا استكشفنا الحكم الشرعي منها من باب استكشاف العلّة من المعلول. ببيان أنّ هذه السيرة إمّا نشأت من الغفلة، أو من السماع، و الأول باطل بحساب الاحتمالات، فيتعين الثاني.

                            و أمّا السيرة المتأخّرة عنهم عليهم السّلام فلا يمكن بشأن أصحابها السماع من الإمام عليه السّلام فهي إمّا أن تكون ناشئة من التسامح، أو من السماع من الفقهاء، أو غير ذلك دون السماع من المعصوم كما هو واضح.

                            و أمّا في السيرة العقلائية فوجود سيرة في زمن متأخر عن زمان الإمام لا يدلّ على موافقة الإمام لها بافتراض أنّه لو لم يرض بها لأصدر بيانات تصلح للردع عنها في الزمان المتأخر، و ذلك لأنّهم عليهم السّلام إنّما يتحفظون على الأحكام بالطريق الاعتيادي لا بإعمال الغيب. )) السيد الصدر ـ مباحث ‏الأصول/ الصفحة 128/ الجزء الثاني



                            [4] الشيخ محمد حسن القديري ـ البحث في رسالات عشر ـ http://zainealdeen.com/library/hadet...h/seerah13.htm

                            [5] الحر العاملي ـ الفصول المهمة في أصول الأئمة ـ ج 1 http://www.yasoob.com/books/htm1/m013/12/no1266.html
                            Last edited by ya fatema; 16-04-2012, 19:23.

                            Comment

                            • د. توفيق المغربي
                              مشرف
                              • 13-02-2012
                              • 259

                              #15
                              رد: عقائد ـ بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ المرحلة 1 ـ دكتور توفيق ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                              التسجيل الصوتي للدرس الثالث عشر

                              الحوزة المهدوية ـ المرحلة 1 المادة : بيان بطلان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم ـ درس 13

                              25 جمادى الاولى 1433 هـ ـ قـ / موافق 2012-04-17 ـ المدرس : توفيق محمد المغربي

                              الدرس 13

                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              والحمد لله رب العالمين

                              وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا




                              · رد الاشكالات

                              لقد تبين مما تقدم ان عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بدعة بدون دليل خداعا للبسطاء وعندما يواجه العلماء غير العاملين بهذه الحقيقة يلجئون إلى الشبهات والإشكالات وإليكم أهم الإشكالات التي يطرحونها
                              1.1. الإشكال 1 : ماذا نفعل في الغيبة ان لم نقلد؟ هل على الجميع حتى الامي استنباط الحكم الشرعي من الروايات؟

                              وكمثال ننقل طرفا مما اجاب به مركز الدراسات التابع للسيستاني لما جوبه بنقد الاستدلال برواية (فللعوام ان يقلدوه) :

                              (...فاذا كان البناء على ان التقليد ليس بواجب فهذا معناه ان يسعى كل انسان لتحصيل علوم الشريعة بنفسه واستنباط الأحكام منها للعمل بها وتحصيل فراغ الذمة من التكاليف المشغولة بها ذمته جزماً من صلاة وصوم وحج وزكاة وخمس وما شابه.. وهذا الأمر قد يعسر الوصول إليه - أي بلوغ درجة الاجتهاد واستنباط الأحكام - لأنه يتطلب جهوداً خاصة وتفرغاً تاماً للدرس والتحصيل مما قد لا يقدر عليه الكثير من الناس بل أن اغلب الناس كما هو مشاهد يهمهم تحصيل معاشهم أكثر مما يهمهم تحصيل العلم واستنباط الأحكام .. فلابد اذن في هذه الحالة من ان يتوفر ذوي اختصاص في هذا الجانب يقضون حاجة الناس في معرفة أحكام الشريعة ليعملوا بها، كما هو الشأن تماماً في وجوب توفر ذوي الاختصاص في الطب والهندسة والبناء والنجارة والصياغة وما شاكل ذلك ليقضوا حاجة الناس في الاختصاصات المذكورة.) مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني[1]

                              ـ اقول هذا اشكال وليس دليلا :

                              الم يكن هناك شيعة في زمن الغيبة الكبرى قبل أن يبتدع كاظم اليزدي هذه العقيدة في رسالته العروة الوثقى ؟!

                              ثم: هل كان الشيخ المفيد فقيهاً ، هل كان الشيخ الطوسي فقيهاً ، هل كان الكليني فقيهاً ، هل كان الصدوق فقيهاً ؟

                              والجواب أنهم فقهاء ...

                              فهل كانت لديهم كتب فيها الأحكام الشرعية، وكان الشيعة في زمنهم يعملون وفق ما نقلوا فيها أم لا ؟

                              ثم هل تجدون في كتبهم باباً اسمه التقليد كما في كتب الأصوليين كتاب التقليد ؟؟

                              قد تقدم بيان هذا الامر ونضيف هنا اقرارا آخر من نفس مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني في جواب على سؤال آخر[2] :

                              السؤال

                              : تاريخ الإجتهاد والتقليد: ما الدليل التاريخي على وجوب التقليد و متى ولد التقليد تاريخياً ؟

                              جواب مركز الدراسات العقائدية :

                              ((ان الناس في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمن الائمة المعصومين الظاهرين عليهم السلام كانوا يرجعون اليهم صلوات الله عليهم اجمعين في معرفة الاحكام الشرعيه وهذا الذي يعمله الناس ما هو الا تقليد منهم اليهم صلوات الله عليهم وفي بعض الاحيان يجعل الامام عليه السلام بينه وبين الناس واسطه ممن يعرف الاحكام الشرعية ويجيد فهم اقوال الامام فيكون واسطه لنقل الحكم من الامام الى الناس ففي رواية للامام ابي جعفر عليه السلام انه قال لأبان بن تغلب: (اجلس في المسجد وافت الناس فاني احب ان يرى في شيعتي مثلك), ويسأل احد الرواة الامام عن يونس بن عبد الرحمن اأخذ منه معالم ديني فيقول له الامام: نعم.
                              أما ما حصل في زمن الغيبة الصغرى فان الامام عين شخصاً ليقوم مقامه في ايصال الاحكام الى الناس وهم السفراء الاربعه.

                              وأما ما حصل في زمن الغيبه الكبرى فان الامام الغائب (عليه السلام) أرجع الناس الى رواة حديث الائمة (عليهم السلام) فقال: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم) و(من كان من الفقهاء صائنا لنفسه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فعلى العوام ان يقلدوه).

                              وقد برز مع بداية الغيبة الكبرى مجموعه من الفقهاء واستمرت الحال إلى الآن, فمن أولئك الفقهاء نذكر:

                              العياشي صاحب التفسير

                              علي بن بابويه القمي المنوفي 329هـ

                              ابن ابي عقيل العماني استاذ جعفر بن قولويه عاصر السمري اخر السفراء توفي سنه 369هـ.

                              ابن الجنيد الاسكافي من اساتذة الشيخ المفيد توفي 381هـ ويعرف هو وابن ابي عقيل القديمين لانهما كانا في اول الغيبه الكبرى.

                              الشيخ المفيد ولد 336هـ توفي 413هـ

                              السيد المرتضى ولد 355 توفي 436هـ

                              الشيخ الطوسي ولد 385 وتوفي 460هـ

                              هؤلاء مجموعة من الفقهاء الذين عاصروا بداية الغيبة الكبرى والتي كانت لهم مؤلفات في الفقة وكان الناس يرجعون اليهم في معرفة الاحكام الشرعية.
                              وقد بحث وكتب في تاريخ علم الفقه الشيخ محمد الانصاري في مقدمته لكتاب توضيح الرشاد في تاريخ حصر الاجتهاد وللاغا بزرك الطهراني وكذلك الشيخ محمد مهدي الاصفي في مقدمة لشرح اللمعة الدمشقية المعروفة بطبعة كلانتر والشيخ علي آل كاشف الغطاء في كتابه: ادوار علم الفقه واطواره.... (انظر علم الفقه لشيخ علي خازم ص12)......... وما يذكر من ان اول من نادى بالتقليد هو الشيخ الانصاري ناتج من سوء فهم! وذلك لان المشككين لما لم يجدوا في الكتب الفقهيه ذكر باب الاجتهاد والتقليد الا عند الشيخ الانصاري وما بعده توهموا ان اول من نادى بالتقليد هو الشيخ الانصاري في حين تجد فقهاءنا الذين سبقوا الشيخ الانصاري كانوا يبحثون كتاب الاجتهاد والتقليد في الكتب الاصوليه فعدم ذكرهم لباب الاجتهاد والتقليد في الكتب الفقهيه بسبب انهم بحثوا ذلك في الكتب الاصولية لا انهم لا يدعون الناس الى التقليد لمن لا يستطيع منهم الاجتهاد او الاحتياط!.)) مركز الدراسات العقائدية التابع للسيستاني

                              رغم ان كلام المركز ليس دقيقا لان الشيخ الانصاري ليس عنده باب يسمى "الاجتهاد والتقليد" في كتاب فقهي له ولكن اول من ابتدع هذا هو كاظم اليزدي المعاصر له وهو تلميذه ومعاصر له ولكن ما يهمنا هو اعترافهم بان كتاب التقليد انما يوجد في كتب الاصوليين فقط بل ولم يدخل كتب الفقه الا مؤخرا كما سبق وان اثبتناه في بداية البحث.

                              ومن يطلع على الكتاب الذي ارجع اليه مركز الدراسات التابع للسيستاني وهو كتاب "مدخل إلى علم الفقه عند المسلمين الشيعة" للشيخ علي خازم[3] يجد فيه التصريح بما ذكرناه.

                              قال : الشيخ علي خازم :

                              ((...وحيث ان هذا الكتاب مخصص لمن اراد التعرف على الفقه عند المسلمين الشيعة فقد خصصنا جدولا للتعريف بالائمة وسفراء الامام المهدى وابرز الفقهاء من بداية الغيبة الكبرى الى يومنا هذا....)) فذكر الائمة عليهم السلام والسفراء الاربعة ثم كتب عنوانا بـ((ابرز فقهاء الغيبة الكبرى وهذا جدول بابرز الفقهاء من بداية عصر الغيبة الكبرى الى يومنا)) فذكر منهم : ((الشيخ الصدوق على بن بابويه القمى توفى 329 ه‍. .... الشيخ المفيد وهو محمد بن محمد بن النعمان ولد 336 ه‍ وتوفى 413 ه‍. كتابه في الفقه معروف بالمقنعة. ....الشيخ أبو جعفر الطوسى المعروف بشيخ الطائفة ولد 385 ه‍ وتوفى حوالى 460 ه‍، ... له في الفقه كتاب النهاية.))

                              ثم حصر ـ انواع المصنفات في الفقه عند الشيعة في لائحة وذكر فيها :

                              ((3. كتب الحديث المدونة بعد الغيبة الصغرى واهمها

                              (الكافي) للكلينى (المتوفى 329 ه‍)

                              و (من لا يحضره الفقيه) لا بن بابويه القمى (توفى 381 ه‍) الى وسائل الشيخ الحر العاملي (1104 ه‍) و (جامع احاديث الشيعة) الذى صنف باشراف آية الله البروجردي (المتوفى 1381 ه‍)

                              4. كتب الفقه التى حذفت منها الاسانيد واخرجت الفتوى بنفس نص الحديث مرتبة على ابواب الفقه

                              (كالمقنع) و (الهداية) للشيخ الصدوق (المتوفى 381 ه‍)،

                              و(المقنعه) للشيخ المفيد (المتوفى 413 ه‍). ....))

                              الى ان قال في - ص ـ 53 عند ذكره الكتب الفقهية وابوابها :

                              ((الكتب الفقهية: العبادات ١ - كتاب الاجتهاد والتقليد ....وهذا الكتاب لم يلحق بالفقه إلا في العصور الأخيرة فيما كان يبحث عنه في أصول الفقه....)).

                              اذا :

                              كان هناك شيعة في زمن الغيبة الكبرى...

                              وكان هناك فقهاء كالشيخ المفيد الشيخ الطوسي والكليني ، والصدوق...

                              وكانت لديهم كتب فيها الأحكام الشرعية ، وكان الشيعة في زمنهم يعملون وفق ما نقلوا فيها ولا نجد في كتبهم باباً اسمه التقليد كما في كتب الأصوليين كتاب التقليد !!

                              ـ يقول المحقّق جعفر السبحاني تحت عنوان "لا قياس ولا استحسان ولا..." :

                              ((وفي ظلّ أحاديث العترة الطاهرة المروية عن النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم استغنى فقهاء الشيعة عن القياس والاستحسان والاعتماد على كلّ دليل ظني ما لم يدل دليلٌ قطعيٌ على حجّيته، حيث إنّهم دوّنوا الأصول والفروع في حياة أئمّتهم وجاءوا بجوامع حديثية عديدة في أعصارهم وبعدهم إلى أن وصلت النوبـة إلى المحمدين الثلاثـة: أبي جعفر الكليني (المتوفّـى329هـ) والشيـخ الصدوق (306 ـ 381هـ) والشيخ الطوسي ( 385 ـ460هـ) فألفوا الجوامع الحديثية الكبرى، فصارت مداراً في استنباط الأحكام، فألّف الكليني كتاب الكافي في الأصول والفروع في ثمانية أجزاء، والصدوق كتاب «الفقيه» في أربعة أجزاء، والطوسي كتاب التهذيب في عشرة أجزاء والاستبصار في أربعة أجزاء، شكر اللّه مساعيهم.)) المحقق السبحاني ـ تذكرة الاَعيان[4]

                              إذن ، ماذا تقولون :

                              هل علماء الشيعة الأوائل الذين حفظوا المذهب هم الحق ، أم هؤلاء اليوم هم الحق؟؟؟
                              1.1.1. اقوال الفقهاء الاوائل في بطلان وجوب تقليد غير المعصوم

                              ـ الكليني : (... ـ 329 هـ ) في كتابه الكافي قال في مقدمته :

                              ((...والشرط من الله جل ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة.... ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا " مستودعا " - نعوذ بالله منه - سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة ، فذاك في المشيئة إن شاء الله تبارك وتعالى أتم إيمانه ، وإن شاء سلبه إياه ، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا " ويمسي كافرا " ، أو يمسي مؤمنا " ويصبح كافرا " ، لأنه كلما رأى كبيرا " من الكبراء مال معه ، وكلما رأى شيئا " استحسن ظاهره قبله...))

                              ثم عنون باباً سماه " باب التقليد" ونقل الكثير من الروايات الناهية عن تقليد غير المعصوم (ع) نذكر منها :

                              عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : ( " اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ " ؟ فقال : " أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم ما أجابوهم ، ولكن أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون ) الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 53

                              ـ الشيخ المفيد : (336هـ ـ 413هـ) ايضا في كتابه تصحيح اعتقادات الامامية افتى ببطلان التقليد قال : قال الامام الصادق (عليه السلام): ( إياكم والتقليد ، فإنه من قلد في دينه هلك إن الله تعالى يقول (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ ) فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ، ولكنهم أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا، فقلدوهم في ذلك، فعبدوهم وهم لا يشعرون) . تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - ص 72 – 73

                              ومن ثم هل تعتبرون كبار علماء الشيعة الذين يقولون ببطلان التقليد وضلال من يقول به باطل ، وحاشاهم ؟!

                              ثم :

                              ـ الفيض الكاشاني ( 1007 هـ 1091 هـ ) الذي يقال فيه :

                              ((أمره في الفضل والفهم والنبالة في الفروع والاَصول والاِحاطة بالمعقول والمنقول وكثرة التأليف والتصنيف مع جودة التعبير والترصيف أشهر من أن يخفى، كان بيته بيتاً جليلاً رفيعاً من كبار بيوتات العلم والعمل، ومن أحسن كتبه كتاب «الوافي» فقد جمع فيه أحاديث الكتب الاَربعة القديمة، وفرغ منه سنة 1068هـ .كما انّ من أحسن تصانيفه في الفقه «مفاتيح الشرائع» الذي شرحه المحقّق البهبهاني.) كما ينقل السبحاني عن السيد الخوانساري ـ كتاب تاريخ الفقه الإسلامي وأدوارُهُ للمحقق جعفر السبحاني ص 397.

                              ـ والميرزا النوري ( 1254 هـ ـ 1320 هـ ) الموصوف انه :

                              (إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، ومن أعاظم علماء الشيعة، وكبار رجال الإسلام ..) وصاحب مستدرك الوسائل الذي قال فيه الشيخ محمّد كاظم الخراساني صاحب ( الكفاية ) (تحت منبره البالغين إلى خمسمائة أو أكثر بين مجتهد أو قريب من الاجتهاد بأن الحجة للمجتهد في عصرنا هذا لا تتم قبل الرجوع إلى المستدرك الاطلاع على ما فيه من الأحاديث) كما ينقله آغا بزرك الطهراني في كتابه أعلام الشيعة ثم يكمل قائلا ((هذا ما قاله بنفسه عندما وصل بحث العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص، وكان بنفسه يلتزم ذلك عملاً، فقد شاهدت عمله على ذلك عدة ليال وفقت فيها لحضور مجلسه الخصوصي في داره الذي كان ينعقد بعد الدرس العمومي لبعض خواص تلامذته كالسيد أبي الحسن الموسوي، والشيخ عبد الله الكبايكاني، والشيخ علي الشاهرودي، والشيخ مهدي المازندراني، والسيد راضي الأصفهاني وغيرهم، وذلك للبحث في أجوبة الاستفتاءات، فكان يأمرهم بالرجوع إلى الكتب الحاضرة في ذلك المجلس وهي الجواهر والوسائل ومستدرك الوسائل، فكان يأمرهم بقراءة ما في المستدرك من الحديث الذي يكون مدركاً للفرع المبحوث عنه كما أشرت إليه في الذريعة (ج2 ص110-111)، وأما شيخنا الحجة شيخ الشريعة الأصفهاني فكان من الغالين في المستدرك ومؤلفه، سألته ذات يوم -وكنا نحضر بحثه في الرجال- عن مصدره في المحاضرات التي كان يلقيها علينا فأجاب: كلنا عيال على النوري، يشير بذلك إلى المستدرك، وكذا كان شيخنا الأعظم الميرزا محمد تقي الشيرازي، وغير هؤلاء من الفطاحل مقر له بالعظمة رحمه الله)) آغا بزرك الطهراني ـ كتاب أعلام الشيعة الجزء الأول من القسم الثاني .

                              والذي قال فيه تلميذه الشيخ كاشف الغطاء :

                              ( علامة الفقهاء والمحدثين ، جامع أخبار الأئمة الطاهرين ، حائز علوم الأولين والآخرين ، حجة الله على اليقين ، من عقمت النساء عن أن تلد مثله ، وتقاعست أساطين الفضلاء فلا يداني أحد فضله ونبله ، التقي الأواه المعجب ملائكة السماء بتقواه ، من لو تجلى الله لخلقه لقال هذا نوري ، مولانا ثقة الإسلام الحاج ميرزا حسين النوري ، أدام الله تعالى وجوده الشريف . ) في مقدمة قصيدته المطبوع في آخر كتاب كشف الأستار : 245 .

                              ـ ونعمة الله الجزائري ( 1050هــ ـ 1112 هـ) ، الذي وصف من صاحب "روضات الجنات" بانه ((كان من أعاظم علمائنا المتأخرين , وأفاخم فضلائنا المتبحرين , واحد عصره في العربية والأدب والفقه والحديث)) السيد محمد باقر الخونساري ـ روضات الجنات ج8 ـ ص 150. وذكره البروجردي في طرائف المقال والحر العاملي في أمل الآمل

                              ـ والحر العاملي ( 1033 هـ ـ 1104 هـ ) ، صاحب الوسائل الغني عن التعريف.

                              وغيرهم ...

                              هل هؤلاء باطل وكلهم يقولون ببطلان التقليد ؟!

                              1.2. الاشكال 2 : ما حكم الذين كانوا يعتقدون بوجوب التقليد قبل مجئ الامام اليماني عليه السلام ؟!

                              اما الاشكال الثاني الذي يلجاء اليه المنادون ببدعة عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بعد ان يبين لهم انصار الامام المهدي (ع) انصار الامام احمد الحسن (ع) عدم وجود الدليل على بدعتهم هو هذا السؤال :

                              ما حكم الذين كانوا يعتقدون بوجوب التقليد قبل مجئ الامام اليماني عليه السلام ؟!
                              1.2.1. الجواب

                              القول بوجوب تقليد غير المعصوم هو قول باطل ووجود باطل في العقيدة لا يعني الاخراج مطلقا من الولاية.

                              وعموما نحن لسنا مكلفين بمعرفة حال الناس السابقين والى اين مآلهم والله يحاسب كل انسان بحسب عمله !

                              ـ ايضا الزمن الذي سبق بعث الامام احمد الحسن (ع) هو كالزمن الذي سبق بعث موسى (ع) والذي سبق بعث محمد (ص) فهو زمن فترة والله قد سكت عن حكم الفترات.

                              قال تعالى في جواب فرعون ـ لما سال نفس السؤال (ما بال القرون الأولى) ـ على لسان موسى (ع) ـ لان موسى اجابه بامر الله ـ

                              قال : (علمها عند ربي) يعني لا تسأل عنها لان السؤال عنها لا علاقة له بموضوع البحث الان (وهو ـ اي موضوع البحث ـ رسالة موسى عن الله)

                              فجوابنا على سؤال الفقهاء

                              ((ما حكم الذين كانوا يعتقدون بوجوب التقليد قبل مجئ الامام اليماني عليه السلام ؟!))

                              هو نفس جواب موسى (ع) لفرعون وهو جواب الله سبحانه وتعالى : علمها عند ربي.

                              فبالاضافة الى اننا لسنا مكلفين لا بمعرفة حكم الفترات ولا بمعرفة أحوال الناس وما مصيرهم فالسؤال لا علاقة له بموضوع البحث وهو عقيدة تقليد غير المعصوم التي تبين انه لا دليل عليها.

                              والحمد لله وحده




                              [1] مركز الدراسات العقائدية http://www.aqaed.com/faq/4278
                              [2] مركز الدراسات العقائدية http://www.aqaed.com/faq/558
                              [3] http://www.yasoob.com/books/htm1/m001/05/no0590.html
                              [4] المحقق السبحاني ـ تذكرة الاَعيان http://www.imamsadeq.com/ar.php/page...Ar134P1.html#5
                              Last edited by اختياره هو; 11-05-2012, 17:47.

                              Comment

                              Working...
                              X
                              😀
                              🥰
                              🤢
                              😎
                              😡
                              👍
                              👎