إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

قراءة في آية المودة – الجزء الثالث

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    قراءة في آية المودة – الجزء الثالث

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    تفسير آية المودّة من خلال الروايات:

    لقد وردت في شرح وتفسير هذه الآية الشريفة روايات مختلفة من طرق الشيعة والسنّة، وفيما يلي نماذج من هذه الروايات:
    1 ـ نقل أحمد من كبار علماء أهل السنّة في كتابه «فضائل الصحابة» عن سعيد ابن جبير عن عامر هذه الرواية: لَمّا نَزَلَتْ ﴿ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاَّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبى)قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؟ مَنْ قَرابَتُكَ؟ مَنْ هؤُلاءُ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنا مَوَدَّتُهُمْ؟ قالَ: عَلِيٌّ وَفاطِمَةُ وَابْناهُما، وقالَها ثَلاثا (احقاق الحقّ: ج 3، ص 2. وذكرت هذه الرواية أيضاً في الدرّ المنثور: ج 6، ص 7)

    ونستوحي من هذه الرواية الشريفة عدّة اُمور:

    الأوّل:إنّ الرواية أعلاه تصرّح بأن المراد من القربى في هذه الآية هم أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)لا النبي نفسه ولا أقرباء المسلمين ولا مطلق الأعمال الصالحة والخيّرة.

    مضافاً إلى أن كلمة القربى هنا لا تستوعب جميع أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله)، بل تتحدّد بأشخاص معدودين ذُكرت أسماءهم في هذه الرواية.

    الثاني:ونستوحي أيضاً أن هذا السؤال والإستفهام عن القربى كان يدور في أذهان الصحابة أيضاً ولذلك لم يتوجّهوا صوب الإحتمالات الواهية التي ذكرها بعض علماء أهل السنّة بل فهموا بصورة مباشرة من المودّة هنا هي مودّة أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وكذلك أدركوا أن الآية لا تقصد بالقربى جميع أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله) ولذلك طلبوا من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أن يحدّد لهم هؤلاء الذين وجبت مودّتهم.

    الثالث:أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فهموا من هذه الآية وجوب المودّة والمحبّة للقربى كما ذهب إليه جميع علماء الشيعة وكذلك أهل السنّة أيضاً، ومع غض النظر عن التفاسير الواردة في كلمة «القربى» فإنّهم يرون وجوب مودّة أهل البيت (عليهم السلام)ومحبتهم، ولكن نكرر السؤال هنا وهو: لماذا وجبت محبّة أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)؟

    هل أن هذه المسألة حال بعض الأحكام الشرعية التي لا ندرك مغزها وفلسفتها، أي من قبيل الاُمور التعبدية؟ أو ليست كذلك بل الغرض منها واضح وهو أن هذه المحبّة تقع مقدمة لسلوك الإنسان في خط الإطاعة لهؤلاء العظماء واتباعهم؟

    إذا أردنا أن يكون لدينا تفسير صحيح لآية المودّة وسائر الآيات المرتبطة بها بالإستعانة بالرواية المطوّلة التي ذكرها الفخر الرازي والرواية المذكورة آنفاً، لوجد القوم بأن الحكمة في هذه المحبّة والمودّة هي ما يقود الإنسان نحو الولاية والحكومة والخلافة، الولاية التي تقع رديفاً للرسالة وعدلاً للنبوّة، فكما أن الرسالة هي عماد الإسلام فكذلك الولاية هي أساس قوامها واستمرارها.

    ولاسيّما إذا التفتنا إلى هذه الحقيقة، وهي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالرغم من وجود أقرباء وأرحام مثل العبّاس وأولاده وكذلك أولاد أبي طالب وسائر أبناء عبدالمطلب وأحفاده فإنه أشار بالتحديد إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فهذا يمكنه أن يكون قرينة قويّة على أن المراد بالمودّة هنا هي الولاية والإمامة، حيث إنّ المحبّة العادية تشمل جميع أقوام النبي ويجب على الإنسان مودّتهم أجمع.

    2 ـ أورد المرحوم الطبرسي في «مجمع البيان» عن الحاكم الحسكاني في «شواهد التنزيل» نقلاً عن أبي امامة الباهلي الرواية التالية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)ونقرأها أيضاً في مضمونه في دعاء الندبة حيث يقول: إنَّ اللهَ تَعالى خَلَقَ الاَنْبياءَ مِنْ أَشْجار شَتّى وَخَلَقَ أَنَا وَعَلِيّاً مِنْ شَجَرَة واحِدَة فَاَنَا أَصْلُها وَعَلِيٌّ فَرْعُها وَفاطِمَةُ لِقاحُها وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ثِمارُها وَأَشْياعُنا أَوْراقُها، فَمَنْتَعَلَّقَ بِغُصْن مِنْ أَغْصانِها نَجا وَمَنْ زاغَ عَنها هَوى وَلَوْ أَنَّ عبداً عَبَدَ اللهَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ اَلْفَ عام ثُمَّ اَلْفَ عام ثُمَّ اَلْفَ عام حَتَّى يَصيرَ كَالشَّنِّ الْبالي([1]) ثُمَّ لَمْ يُدْرِكَ مَحَبَّتَنا كَبَّهُ اللهُ عَلى مِنْخَرَيْهِ فِي النّارِ ثُمَّ تَلا:﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى﴾.

    في هذه الرواية الشريفة ننلاحظ عدّة نقاط:

    الأوّل:إنّ هذه الرواية أيضاً تصرّح بأن «المودّة بالقربى» هي مودّة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، وتدلُّ بصورة جليّة وبتعبيرات مثيرة جدّاً على أن هذه المحبّة والمودّة ليست اعتيادية بل هي المحبّة التي تفضي إلى الولاية والخلافة.

    الثاني:إنّ الرواية المذكورة آنفاً ترسم في الحقيقة معالم «الشجرة الطيبة» الواردة في القرآن الكريم، وأحد تفاسير الشجرة الطيبة يماثل في مضمونه ما ورد في هذه الرواية.

    الثالث:إنّ أوراق الأشجار تقوم بحفظ وحراسة الثمار، فلو لم تكن للشجرة أوراق فإنّ الثمار ستتعرض للذبول في مقابل أشعة الشمس وسائر الآفات المحتملة.

    إنّ وظيفة الشيعة وفقاً لهذه الرواية الذين يمثّلون أوراق هذه الشجرة الطيبة هي حفظ وحراسة الثمار الطيبة لهذه الشجرة، أي الإمامة والولاية والزعامة.

    الرابع:ويستفاد من هذه الرواية أيضاً أن العبادة بين الصفا والمروة لها شأن خاص لا يوجد في سائر أماكن المسجد الحرام، ولكن حتّى هذه العبادة في هذا المكان المقدّس لا تساوي شيئاً بدون الولاية.

    الخامس:نكرر أيضاً أنه لو كان المراد من المحبّة في هذه الرواية وسائر الروايات المشابهة هي المحبّة العادية فإنّ هالة من الإبهام والغموض ستحيط بجميع هذه الأحاديث والروايات، ولكن إذا فسّرنا المودّة هنا بالولاية والإمامة فسيرتفع ذلك الغموض ويتّضح المعنى بصورة جليّة.

    إنّ مجموع هذه القرائن والشواهد تدلُّ على أن المودّة المذكورة في الآية الشريفة والروايات المتعلّقة بها لا يمكن أن تكون مودّة عادية ومحبّة بمعنى التعلّق العاطفي فقط.

    تفسير المودّة في كلمات الإمام الصادق (عليه السلام) :

    ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قولهما أَحَبَّ اللهَ مَنْ عَصاهُ) ([2]).

    وعلى هذا الأساس فإنّ الإنسان الذي يتحرّك في سلوكه الفردي والإجتماعي من موقع المخالفة للإمام علي (عليه السلام) فإنه لا يحبّه قطعاً، ولهذا فإنّ المحبّة الحقيقية هي التي تقود الإنسان في خط الطاعة والعبودية لله تعالى، ولهذا السبب نقول أن المحبّة والمودّة بدون الإتباع العملي والطاعة والعبودية هي أساساً ليست بمحبّة حقيقية ومودّة واقعية.

    وهنا نلفت النظر إلى هذه القصة:كان حاجب أحد الشعراء الماهرين ويتمتع بقريحة جيدة وصفاء قلب، وأحياناً كان يقوم بنضم بعض الأبيات الشعرية على مذاق العوام، وفي أحد الأيّام أنشد قصيدة في وصف التعلّق بأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) وقال:يا حاجب إذا كانت المعاملة في الحشر مع علي *** فأذنب ما شئت فإني ضامن

    أي أن حبّ عليّ (عليه السلام) كافل للنجاة يوم القيامة حتّى لو غرق الإنسان في بحر الذنوب، وبهذا تكون المحبّة للإمام عليّ (عليه السلام) كما وردت في الشعر أعلاه بمثابة ضوء أخضر للمذنبين ليرتكبوا ما يشاؤون من الذنوب والمعاصي.

    وفي نفس الليلة رأى هذا الشاعر الإمام علي (عليه السلام) في عالم الرؤيا فقال له الإمام (عليه السلام).

    ـ يا حاجب ما هذا الشعر الذي قلته؟
    فقال حاجب: وكيف أقول؟
    فأصلح له الإمام هذا البيت من الشعر وقال:
    يا حاجب إذا كانت المعاملة في المحشر مع عليّ *** فأخجل من علي وقلل من الذنب
    وعليه فإنّ المحبّة والمودّة هنا بمعنى التحرّك في خطّ الطاعة والرسالة والتقوى والإبتعاد عن الذنوب. للبحث بقية ستأتي إن شاء الله.

    [1]- شنّ: تعني القربة البالية، والعرب يطلقون على جميع الآنية والظروف المصنوعة من الجلد (شن)، ولكن تطلق هذه الكلمة على (القِربة العتيقة)خاصة، والبالي يعني العتيق، وعليه فالمراد من هذه العبارة أن الشخص قد يصير بسبب كثرة العبادة وطول العمر والعجز الشديد كالقِربة البالية الفارغة من الماء.
    [2]- روضة المتّقين: ج 13، ص 156.
    ……………………………………………………………………………………………………………….
    ( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 1 – السنة الثالثة – بتاريخ 19-7-2011 م – 17 شعبان 1432 هـ.ق)



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎