إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

آية توبة آدم – الجزء الأول

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    آية توبة آدم – الجزء الأول

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    قال تعالى:﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمات فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾ ([1]).
    الآية الشريفة تبين من جهة بعض زوايا قصة آدم (عليه السلام) ومن جهة أُخرى تعتبر دليلاً مهماً على مشروعية التوسل وطلب الشفاعة، ومن جهة ثالثة تتحدّث عن عنصر التوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتعدّ من آيات الفضائل للخمسة الطاهرين، فهناك روايات واردة في كتب العامّة والخاصّة تشير إلى ارتباط هذه الآية الشريفة بأهل البيت (عليهم السلام) كما سيتّضح ذلك في طيّات البحث.
    بعد أن جرى ما جرى من وسوسة إبليس وإخراج آدم وحواء من الجنّة التفت آدم إلى أنه ظلم نفسه، وبسبب وساوس الشيطان تمّ إخراجه من تلكم الأجواء المرفّهة وذلك النعيم العظيم حيث خرج بعدها إلى أجواء المشقّة والبلاء في الحياة الدنيا، ثمّ إنّ آدم فكّر هنا وصمم على جبران الخطأ الذي صدر منه وتوجه بكلِّ وجوده إلى الله تعالى في حالة من الندم الشديد والحسرة العظيمة، فشمله لطف الله تعالى في هذا الحال كما تقول الآية الشريفة :﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمات فَتابَ عَلَيْهِ اِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾.
    وأما ما هي هذه الكلمات وما هو المراد منها ؟ فسيتّضح ذلك في المباحث اللاحقة.
    التوبة في الأصل بمعنى «الرجوع» ووردت في الآيات القرآنية بمعنى الرجوع من الذنب، هذا فيما لو نسبت هذه الكلمة إلى الشخص المذنب، ولكن أحياناً تنسب هذه الكلمة إلى الله تعالى وتعني حينئذ الرجوع بالرحمة على العبد، أي الرحمة التي سلبت من العبد بسبب معصيته وارتكابه للذنب تعود إليه عندما يتحرك هذا الإنسان في خطّ الطاعة والإنابة إلى الله تعالى.
    وعلى أيّة حال فإنّ الجملة أعلاه «اِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ» هي السبب في قبول توبة آدم.
    ماذا كانت الكلمات ؟
    أما المراد من الكلمات التي تلّقها آدم من الله تعالى وتوسل بها إلى الله ليقبل توبته فهناك آراء مختلفة في تفسيرها، ونكتفي هنا بالإشارة إلى ثلاث نظريات منها:
    1 ـ إنّ المراد من الكلمات هو ما ورد في الآية 23 من سورة الأعراف في قوله تعالى :﴿رَبَّنا ظَلَمْنا اَنْفُسَنا وَاِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾.
    فعندما نطق آدم وحواء بهذه الكلمات قبل الله تعالى توبتهم ([2]).
    2 ـ إنّ المراد من الكلمات كما يرى «مجاهد» هي هذا الدعاء اَللّهُمَّ لا اِلهَ إلاّ اَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ رَبِّ اِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي اِنَّكَ خَيْرُ الْغافِرينَ. اَللّهُمَّ لا اِلهَ إلاّ اَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ رَبِّ اِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَارْحَمْنِي، اِنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمِينَ. اللّهُمَّ لا اِلَهَ اِلاّ اَنْتَ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ رَبِّ اِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي، فَتُبْ عَلَيَّ اِنَّكَ اَنْتَ التَّوّابُ الرَّحيم) ( [3]).
    3 ـ إنّ المراد من الكلمات هو : النبي محمّد، الإمام عليّ، فاطمة، الحسن والحسين (عليهم السلام) أي أن آدم توسل إلى الله تعالى بهؤلاء الخمسة الطاهرين واستشفع إلى الله بهم فقبل الله تعالى توبته ببركتهم([4]).
    وهناك أحاديث كثيرة وردت في مصادر الشيعة وأهل السنّة تؤيد النظرية الثالثة هذه، رغم إمكانية الجمع بين النظريات الثلاث المذكورة آنفاً ولا منافاة فيما بينها، أي أن آدم توسل بهؤلاء الخمسة الأطهار، ولكنّ صيغة التوبة وردت على لسانه كما رأينا في النظرية الأولى والثانية.
    وكما رأينا أن بعض علماء أهل السنّة رجّحوا النظرية الثالثة التي هي مورد اتفاق علماء الشيعة وأوردوا روايات تدلُّ على هذا المطلب، نشير هنا إلى سبعة منهم:
    1 ـ العلاّمة البيهقي في كتاب دلائل النبوّة ([5]).
    2 ـ العلاّمة ابن عساكر في المسند ([6]).
    3 ـ العلاّمة السيوطي في تفسير الدرّ المنثور([7]).
    4 ـ العلاّمة السيوطي في جمع الجوامع ([8]).
    5 ـ العلاّمة الكاشفي في معارج النبوّة ([9]).
    6 ـ العلاّمة القندوزي في ينابيع المودّة ([10]).
    7 ـ العلاّمة ابن المغازلي في المناقب ([11]).
    ونكتفي هنا بذكر رواية واحدة من هذه الروايات الشريفة:
    ينقل ابن المغازلي عن ابن عبّاس قوله : سُئِلَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) عَنِ الْكَلِماتِ التي تَلَقّاها آدَمَ، قال : سَئَلَهُ آدَمُ بِحَقِّ مُحَمَّد وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ اِلاّ ما تُبْتَ عَليّ فَتابَ عَلَيْه ([12]).
    وورد أنه عندما قُبلت توبة آدم صنع آدم لنفسه خاتماً وكتب على فصه اسم نبي الإسلام بعنوان «رسول الله» واسم علي بن أبي طالب بعنوان أمير المؤمنين.
    الخلاصة أنه طبقاً للروايات الكثيرة الواردة في كتب الفريقين أن المراد من الكلمات التي توسل بها آدم إلى الله تعالى وقبلت توبته ببركة هذه الكلمات هم «الخمسة الأطهار» فهل أن هذا المقام السامي في عالم الوجود تحقّق لشخص آخر غير أهل البيت (عليهم السلام) ؟
    ألا تدلُّ هذه الفضيلة العظيمة على أن هؤلاء الأشخاص هم أفضل البشر على الإطلاق ؟
    إذا كان كذلك (وهو كذلك حتماً) وأراد الله تعالى أن يختار خليفة لنبيّه الكريم فهل يعقل أن تسمح حكمة الله تعالى بأن يكون أشخاص آخرون خلفاء لرسول الله مع وجود الشخص الأفضل ؟
    وإذا أراد الناس أن يختاروا لأنفسهم شخصاً بعنوانه إماماً وخليفة عليهم فهل يجيز العقل أن يختار العقلاء أشخاصاً آخرين مع وجود الأفضل منهم ؟ والحكم إليكم.
    توسل النبي آدم:
    فأدم (ع) توسل إلى الله بالخمسة أصحاب الكساء، من هنا يقال هل أن التوسل بغير الله أمر مشروع وجائز ؟
    مع الأسف أن مكّة المكرمة والمدينة المنورّة ومقدّرات هاتين المدينتين المباركتين قد وقع بيد الوهابيين الذين يعيشون الإعتقادات الجافّة والخشنة ويرتدون ثياب القداسة الزائفة في مخالفتهم الشديدة لمسألة التوسل هذه ويمنعون المسلمين من زيارة قبر النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والتوسل بمقامه وكرامته عند الله تعالى وكذلك زيارة قبور أئمّة البقيع الطاهرين (ع) وسائر عظماء الإسلام المدفونين في البقيع، فمن أين لهم الحقّ في تحميل عقائدهم الخشنة على سائر المسلمين حتّى على الكثير من أهل السنّة أيضاً ؟
    لو كان لهم مثل هذا الحقّ فلماذا لا يتحركون لفرض كيفية الصلاة التي يعتقدون بها في وجوب التكتف على سائر المسلمين ؟
    هذه بعض الأسئلة وعلامات الإستفهام التي تراود كلّ مسلم يزور مكّة والمدينة ولا يجد جواباً لها… أجل إن الوهابيين يخالفون بشدّة مسألة التوسل ويرون أنها تتنافى مع التوحيد وأنها من قبيل الشرك بالله تعالى ! وقد حان الكلام لبحث مسألة التوسل ومشروعيته من خلال الآيات القرآنية وروايات المعصومين (ع). للبحث بقية.

    [1]- سورة البقرة: الآية 37.
    [2]- نقل هذا القول العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان : ج 1، ص 89 عن علماء ومفسّرين مثل «الحسن» و«قتادة» و«عكرمة» و«سعيد بن جبير.
    [3]- التبيان : ج 1، ص 169.
    [4] – مجمع البيان : ج 1، ص 89.
    [5]- نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3 ص 76.
    [6]- نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3، ص 77.
    [7]- الدرّ المنثور : ج 1، ص 60 نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3، ص 78.
    [8] – نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3، ص 78.
    [9] – معارج النبوّة : الركن 2، ص 9 نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3، ص 78
    [10]- ينابيع المودّة : ص 97 نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3، ص 79.
    [11]- نقلاً عن احقاق الحقّ : ج 3 ص 77.
    [12]- احقاق الحقّ : ج 3، ص 76.


    ( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 13 – السنة الثانية – بتاريخ 19-10-2010 م – 11 ذوالقعدة 1431 هـ.ق)



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎