إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء العاشر

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء العاشر

    مع الشيخ الطوسي في غيبته - 6 / وُلدَ أم لم يلده من أحد أبدا - 4

    إبراهيم عبد علي


    بعد إنتهاء المؤلف من إيراد رواياته الـ " 5 " عن السيدة حكيمة بنت الجواد ، يذكر لنا مجموعة أخرى من الروايات ، التي تؤكد ، حسب وجهة نظره ، ولادة ، ووجود إبن الحسن ، سنحاول استعراضها وتحليلها تباعا ...

    ( أحمد بن علي الرازي عن محمد بن علي ، عن حنظلة بن زكريا قال : حدّثني أحمد بن بلال بن داود الكاتب ، وكان عاميّا ، بمحلّ النصب لأهل البيت " ع " ، يُظهر ذلك ولا يكتمه ، وكان صديقا لي ، يُظهر " لي " مودّة بما فيه من طبع أهل العراق ، فيقول " لي " كلما لقيني : لكَ عندي خبر تفرح به ، ولا أخبرك به ... فأتغافل عنه ، إلى أن جمعني وإياه موضع خلوة ، فاستقصيتُ عنه ، وسألتُ أن يخبرني به ، فقال : كانت دورنا بسرّ من رأى ، مقابل دار إبن الرضا " يعني أبا محمد " فغبتُ عنها دهرا طويلا إلى قزوين وغيرها ، ثمّ قضى لي الرجوع إليها ، فلمّا وافيتها ، وقد كنتُ فقدتُ جميع من خلفته من أهلي وقراباتي ، إلا عجوزا كانت ربّتني ، ولها بنت معها ، وكانت " أي العجوز " من طبع الأول ؛ مستورة ، صائنة ، لا تحسن الكذب ... فقالت لي العجوز : بعد خروجكَ ، مِن عندنا بسنتين ، كنتُ في هذا البيت ، نائمة ، بالقرب من الدهليز ، ومعي إبنتي ، وأنا بين النائمة واليقظانة ؛ إذ دخل رجل حسن الوجه ، نظيف الثياب ، طيّب الرائحة ، فقال : يا فلانة يجيئكِ الساعة مَن يدعوكِ في " مِن " الجيران ، فلا تمتنعي من الذهاب معه ، ولا تخافي .. ففزعتُ ، فناديتُ إبنتي ، وقلتُ لها ؛ هل شعرتِ بأحد دخلَ البيت ؟ .. فقالت ؛ لا .. فذكرتُ الله ، وقرأتُ ، ونمتْ .. فجاء الرجل بعينه ، وقال لي مثل قوله ، ففزعتُ ، وصحتُ بإبنتي ، فقالت : لم يدخل البيت " أحد " فاذكري الله ولا تفزعي .. فقرأتُ ، ونمتْ .. فلمّا كان في الثالثة ، جاء الرجل وقال : يا فلانة قد جاءكِ مَن يدعوكِ ، ويقرع الباب ، فاذهبي معه .. وسمعتُ دقّ الباب ، فقمتُ وراء الباب وقلتُ : مَن هذا ؟ .. فقال : إفتحي ولا تخافي .. فعرفتُ كلامه ، وفتحتُ الباب فإذا خادم معه أزار ، فقال : يحتاج إليكِ بعض الجيران ، لحاجة مهمة ، فادخلي " ؟! " ولفّ رأسي بالملاءة وأدخلني الدار ، وأنا أعرفها ، فإذا بشقاق مشدودة وسط الدار ، ورجل قاعد بجنب الشقاق ، فرفع الخادم طرفه ، فدخلتُ ، وإذا إمرأة قد أخذها الطلق ، وإمرأة قاعدة خلفها ، كأنها تقبّلها " ؟! " فقالت المرأة : تعينينا فيما نحن فيه ؟ .. فعالجتُها بما يُعالج به مثلها ، فما كان إلا قليلا حتى سقط غلام ، فاخذتُه على كفي ، وصحتُ ؛ غلام ، غلام .. وأخرجتُ رأسي من طرف الشقاق ، أبشّر الرجل القاعد ، فقيل لي ؛ لا تصيحي .. فلمّا رددتُ وجهي إلى الغلام ، وقد كنتُ فقدته من كفي ، فقالتْ لي المرأة القاعدة : لا تصيحي .. وأخذ الخادم بيدي ، ولفّ رأسي بالملاءة ، وأخرجني من الدار ، وردّني إلى داري ، وناولني صرّة ، وقال : لا تخبري بما رأيتِ أحدا .. فدخلتُ الدار ، ورجعتُ إلى فراشي ، في هذا البيت ، وإبنتي نائمة ، فأنبهتها وسألتها ؛ هل علمتِ بخروجي ورجوعي ؟ .. فقالت ؛ لا .. وفتحتُ الصّرة في ذلك الوقت ، وإذا فيها عشرة دنانير عددا .... )

    إذن ، عندنا هنا رواية جديدة ، تنسف الروايات السابقة عن السيدة حكيمة ، لأنّ هذه العجوز " مجهولة الهوية " هي مَن أولدتْ أم القائم ، وليستْ العمّة حكيمة .. الغريب في الأمر ، هو ؛ أنّ طفلا يُحيطه الله بكل هذه الرعاية ، ويجري على يديه المعاجز ، من سجود ، ونطق ، وأختفاء ، وغير ذلك ، ويدّخره ، تعالى ، ليوم عظيم ، ولمهمة عظيمة ، ثمّ يعجز ، جلّت قدرته ، عن أن يُيسّر لأمّه أمر ولادته ، فيضطر أهله إلى الإستعانة بعجوز ، ليس لهم أية صلة ، أو ثقة ، بها ، لتعينهم على ولادة " الطفل " فيعطوها عشرة دنانير ، ويطلبوا منها كتمان الأمر ... ولا أدري ما هي ضرورة مشهد تغطية رأس العجوز بـ " الملاءة " ساعة دخولها إلى ، وخروجها من بيت الإمام ، وهي قد رأت كل شيء في الداخل ؛ المرأة الحامل ، والمرأة التي معها ، والطفل وأبيه ، وعلى ما يبدو ، فإنّ " العجوز " تعرفهم جيدا ، وهذا ما يُفهم من سياق الرواية ، وإخبار العجوز لإبن داود الكاتب ، الذي أخبر بدوره حنظلة بن زكريا " المُوالي الذي لا يعلم بولادة إمامه الحجة ، أو على الأقل هو في حيرة مِن أمره بشأن هذه الولادة ، ولذا نرى إبن الكاتب ( الناصبي ) يقول له ( كلما لقيَه ) ؛ لكَ عندي خبر تفرح به ... " ...

    ( وروى علان الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن الحسين بن علي النيشابوري الدقاق ، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر " ع " عن السّياري قال : حدّثني نسيم ومارية قالت " ـا " : لمّا خرجَ صاحب الزمان من بطن أمه ، سقط جاثيا على ركبتيه ، رافعا سبّابته نحو السّماء ، ثمّ عطس ، فقال : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلى الله على محمد وآله ، عبداً داخراً لله ، غير مستنكف ، ولا مستكبر .. ثمّ قال : زعمَتْ الظلمة أنّ حجة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام ، لزال الشكّ .. ) ـ2ـ

    مرة أخرى نرى " نسيما " هذا أو هذه ، ففي المرة الأولى ، روت لنا نسيم أنها دخلتْ على صاحب الزمان ، بعد مولده بعشر ليال ، فعطستْ عنده ، فقال لها الإمام " الذي له من العمر عشرة أيام فقط " : يرحمكِ الله ... بينما نجد في ( روايتنا هذه ) أنّ الإمام هنا هو مَن عطس وليس نسيما ... وكذلك نرى أنّ عطسة الإمام هنا كانت ، في اليوم الأول لولادته ، بينما في الرواية " النسيمية " السابقة ، كانت " العطسة " في اليوم العاشر منها ... ونجد ، أيضا ، أنّ نطق الإمام في اليوم الأول لولادته ، يختلف ، هنا ، عن نطقه ، في الروايات الـ ( 5 ) السابقة عن سيدتنا حكيمة بنت الجواد ...

    ( وروى علان بإسناده : أنّ السيّد " يعني صاحب الزمان " وُلد في سنة ست وخمسين ومائتين من الهجرة ، بعد مُضيّ أبي الحسن بسنتين ) ـ3ـ

    ولا أدري ، وأظنّ أنّ الله نفسه لا يدري ، كيف لإمرأة أن تلدَ ، بعد وفاة زوجها بسنتين ...

    ( محمد بن علي الشلمغاني قال : حدّثني الثقة " ؟ " عن إبراهيم بن إدريس قال : وجّهَ لي مولاي أبو محمد " ع " بكبش ، وقال : عقه عن إبني فلان ، وكُل ، وأطعِم أهلك .. ففعلتُ ، ثمّ لقيته بعد ذلك ، فقال لي : المولود الذي وُلد لي مات .. ثمّ وجّهَ إليّ بكبشين ، وكتبَ : بسم الله الرحمن الرحيم عُق هذين الكبشين عن مولاك ، وكُل هنأكَ الله ، وأطعِم إخوانك .. ففعلتْ ، ولقيته بعد ذلك ، فما ذكر لي شيئا ) ـ4ـ

    والمؤلف هنا ينقل هذه الرواية عن الشلمغاني ، الذي يُعدّه من المذمومين ، والملاحدة ، والملعونين من قبَل صاحب الزمان نفسه ، حسب ما يقوله الطوسي نفسه ..

    ونفهم من هذه الرواية ، أنّ أمر الولادة لم يكن سرّا ، تمّ التكتّم عليه ، كما مرّ معنا سابقا ، بل الأمر على العكس من ذلك هنا ، فهنالك ما يوحي بـ " الإشهار " و " الإعلان " بدليل أنّ أباه العسكريّ " ع " يبعث بكبش هنا ، وآخر هناك ، ويبيّن لأصحابه ، أنّ هذه العقيقة لولده ، وهنالك رواية أيضا ، تذكر أنه " ع " يأمر أحد أصحابه في مدينة قم ، أن يعقّ عن وَلده ، ويُطعم الناس ، ويخبرهم أنّ هذه العقيقة هي لمولود العسكري .. وهذه من الأدلة التي يذكرها الإثنا عشرية لإثبات ولادة مهديهم ، حتى أنهم يذكرون أنه ( ما عُقّ عن مولود ، كما عُقّ عن ابن الحسن ) وقد وصل الأمر بإحدى الروايات التي يذكرها " مولانا " الصّدوق ؛ بأنه قد عُقّ عنه ثلاثمائة عقيقة ... ولا أدري كيف تتناسب هذه الشهرة ، وهذا الإعلان ، مع الكتمان الشديد ، وإخفاء أمر الولادة ، حتى عن أقرب المقرّبين ؟ .. ثمّ إننا نجد في هذه الرواية ، تناقضا غريبا ، فالراوي إبراهيم بن إدريس يقول أنه لقى الإمام بعد فترة من الزمن ، ليُفاجأ بقوله له " إنّ المولود الذي وُلد لي مات " ثمّ يردف مباشرة " ثمّ وجّهَ إليّ بكبشين وكتب " عق هذين الكبشين عن مولاك " .. ! ..

    أعجبُ ، والله ، كيف يستشهد الشيخ الطوسي " رحمه الله " برواية سقيمة ، سندا ، ومضمونا ، مثل هذه الرواية ... ثمّ إنني اتسائل ، ولعلكم أيضا تتسائلون معي ، أين هو الشيخ عثمان بن سعيد العمري ( ثقة الهادي والعسكري ووكيل المهدي حسب الرواية الإثنا عشرية ) من كل ذلك ؟! أيُعقل أن يغيبَ ، ويحضر الآخرون ، كعجوز ليست محلّ ثقة ، أو نسيما ومارية خادمتي العسكري ، أو أبو نصر ، وكافور ، خادمي العسكري ، أو فارسيا مجهول الهوية ( لعن الله أبا لؤلؤة ) ، أو غيرهم ممن لا يصل لأهمية العمري ؟ .. إنّ هذا الأمر يدعو للتساؤل ، فعلا ، فكيف يغيبُ مَن ينبغي حضوره وشهادته ، ويحضر مَن لا أهمية لحضوره وغيابه ؟ أليس العمري هو الوكيل الأول للـ " الحجة بن الحسن " ، فكيف لا يذكر لنا ما يؤكد ولادة إمامه وحضوره بعض التفاصيل التي تؤكد هذا الأمر ، خصوصا أنه أقرب المقرّبين ، كما هو المُدّعى ؟..

    وكي نبقى أمينين في نقلنا ، وأستعراضنا ، لـ " غيبة الطوسي " ، فهنالك رواية واحدة يذكرها المؤلف ، تتحدّث عن الوكيل الأول عثمان بن سعيد العمري ، وجوابه عن سؤال أحد التائهين ، الحائرين ، من شيعة علي والحسين " عليهما السلام " :

    ( محمد بن يعقوب ، عن بعض أصحابنا " ؟ " عن عبد الله بن جعفر الحميري ، أنه سأل الشيخ عثمان بن سعيد العمري : أنتَ رأيتَ الخلف من أبي محمد ؟ .. فقال العمري : إي والله ، ورقبته مثل هذا .. وأومأ بيده .. فقلتُ : بقيتْ واحدة .. فقال العمري : هات .. قلت : الإسم ؟ فقال : محرّمٌ عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، فليس لي أن أحلل ، وأحرّم ، ولكن عنه صلوات الله عليه ... فإذا وقعَ الإسمُ ، وقعَ الطلب ، فالله الله ، إتقوا الله ، وأمسكوا عن ذلك ) ـ5ـ

    ملاحظات حول الرواية :

    1ـ هذه الرواية " الشريفة " لا تتحدّث عن الولادة ، بقدر ما تتحدّث عن الرؤية ، والغريب في الأمر ، هو أنّ " الحميري " يسأل " العمري " ( أنتَ رأيتَ الخلف ؟ ) مع العلم أنه من المفترض بالنسبة للحميري ، أن لا يسأله مثل هذا السؤال ، كون " العمري " هو الوكيل الأوحد للخلف ، وهو الوحيد الذي يكون على إتصال مباشر ومستمر معه ، إضافة إلى أنّ صيغة السؤال توحي بـ " الرؤية في الماضي " أو " الرؤية لمرة واحدة سابقة " للتدليل على وجود الشخص ، فيما المفترض هو إستمرارية الرؤية ، تبعا لإستمرارية الوكالة ..

    2ـ الرواية ينقلها الكليني عن " بعض أصحابنا " دون ذكر أسماء هؤلاء الأصحاب ، لتتبّع حالهم ، لمعرفة مدى وثاقتهم وأمانتهم ..

    3ـ يُجيب العمري عن سؤال الحميري بـ " إي والله ، ورقبته مثل هذا " ولا أدري ما دخل رقبة الإمام بالموضوع ؟ فقد كان يكفي للعمري أن يقول " نعم رأيته وكان من صفته كذا وكذا " فيذكر طوله ولونه وبعض الصفات الجسدية الأخرى " المعقولة " ..

    4ـ حينما سأل الحميري " سيدنا " العمري ، عن إسم " مولانا المنتظر " أجابه الثاني بالرفض قائلا : محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ... وهذا يعني أنّ الحميري ـ وهو مَن هو عند الإثني عشرية ، من جلالة القدر ، وعلوّ الشان ، والتبحّر في العلم ، والقرب من المنهل العلوي ـ يجهل إسم إبن الحسن " إمام زمانه " وحاولَ معرفته ، والتأكّد ، بدءاً ، من وجوده ، من خلال وكيله العمري ، الذي جابهه بالرفض ، بل بتحريم حتى مجرّد السؤال عن الأسم ، بحجة أنه لو عُرف الإسم ، لاشتدّ الطلب على صاحبه من " سلطان الوقت " ولا أدري ما الضير في أن يقول له العمري أنه " محمد " ؟ .. فهل يُعقل أنّ السلطة العباسية وقتذاك ، ستعتقل أو تقتل كل شخص إسمه " محمد " ؟ .. هذا والله أمر مُحال ، للكثرة الهائلة لإسم محمد في أمة محمد " ص " .. المُدهش في الموضوع هو أنّ الكثير من " الرافضة " وبضمنهم كثير من علماء وفقهاء العصور الأولى للـ " الغيبة " كانوا يتحرّجون من ذكر إسم " محمد " بن الحسن ، مع معرفتهم لإسمه ، فقد كانوا يكتفون بالقول " الحجة بن الحسن " وما أشبه ذلك ، فالمهم لديهم هو أنهم لا يتلفظون بإسم " محمد " وحتى في مجال التأليف والكتابة ، حينما كانوا يصلون إلى موضع إسم الإمام ، يكتبوه بهذا الشكل " م . ح . م . د " ...

    ثمّ يذكر المؤلف رواية أخرى عن " الوكيل الثاني " محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، هذا نصّها :

    ( أخبرني جماعة ، عن محمد بن علي بن الحسين قال : أخبرنا أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال : سألتُ محمد بن عثمان رضي الله عنه ، فقلتُ له : رأيتَ صاحب هذا الأمر ؟ .. فقال : نعم ، وآخر عهدي به ، عند بيت الله الحرام ، وهو يقول ؛ اللهم أنجز لي ما وعدتني ... ) ـ6ـ

    وهنا ، أيضا ، نجد أنّ نفس الشخص الذي مرّ معنا في الرواية السابقة وهو ( عبد الله بن جعفر الحميري ) الذي كان قد سأل الشيخ عثمان العمري حول رؤيته للحجة المنتظر ، يعود هنا ، وبعد فترة من الزمن ، بالتأكيد ، ليسأل إبن ( العمري الأول ) أي الوكيل الثاني للمهدي ، محمد بن عثمان العمري ، ذات السؤال .. وأرى ، أيضا ، أنّ السؤال بالطبع غير منطقي ، ولا يتفق مع مفهوم " الوكالة الخاصة " التي يدّعيها الإثنا عشرية لمحمد بن عثمان ، فمن المنطقي ، والضروري جدا ، أن يكون قد رآه ، بل يراه بإستمرار ، ويسأله ـ كما هو المدّعى ـ عن مسائل الشيعة ، ويجلب منه إجاباته لهم ، خصوصا أنه كان وكيلا للإمام لأكثر من أربعين عاما .. أضف إلى ذلك ، كون السائل " الحميري " ليس شخصا عاديا لدى الشيعة ، ليغيبَ عنه هذا الأمر ، للدرجة التي يسأل فيها الأب وإبنه عنه ، فهو من علماء الشيعة البارزين ، وله مؤلفاته الإمامية المهمة ..

    ثمّ يختم الشيخ " رحمه الله " أدلته النقلية حول ولادة ومهدوية " الحجة بن الحسن " بذكر ( الأخبار المتضمنة لمن رآه " ع " وهو لا يعرفه ، أو عرفه فيما بعد " وهي " أكثر من أن تحصى ، غير أنّا نذكر طرفا منها ) ـ7ـ

    ( أخبرنا جماعة ، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري ، عن أحمد بن علي الرازي قال : حدّثني شيخ " ؟ " وَرَدَ الرّي على أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي ، فروى له حديثين ، في صاحب الزمان " ع " وسمعتهما منه ، كما سَمع ، وأظنّ ذلك قبل سنة ثلاثمائة أو قريبا منها ، قال : حدّثني علي بن إبراهيم الفدكي قال : قال الآودي " الأزدي " : بينا أنا في الطواف ، قد طفتُ ستة ، وأريد أن أطوف السابعة ، فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة ، وشاب حسن الوجه ، طيّب الرائحة ، هيوب ، ومع هيبته متقرب إلى الناس ، فتكلمَ ، فلم أر أحسن من كلامه ، ولا أعذب من منطقه ، في حسن جلوسه " ؟ " فذهبتُ أكلّمه ، فزبرني الناس " ؟ " فسألتُ بعضهم : مَن هذا ؟ فقال " ؟ " : إبن رسول الله " ص " ، يظهر للناس في كل سنة يوما ، لخواصّه " ؟ " فيحدّثهم ، ويحدّثونه .. فقلت : مسترشد أتاك ، فأرشدني ، هداك الله .. فناوَلني حصاة ، فحوّلتُ وجهي ، فقال لي بعض جلسائه : ما الذي دفع إليك إبن رسول الله ؟ .. فقلتُ : حصاة .. فكشفتُ عن يدي ، فإذا أنا بسبيكة من ذهب ، وإذا أنا به قد لحقني ، فقال : ثبتتْ عليك الحجة ، وظهر لك الحق ، وذهب عنك العمى ، أتعرفني ؟.. فقلت : اللهمّ لا .. فقال المهديّ : أنا قائم الزمان ، أنا الذي أملأها عدلا ، كما مُلئتْ ظلما وجورا ، إنّ الأرض لا تخلو من حجة ، ولا يبقى الناس ، في فترة ، أكثر من تيه بني إسرائيل ، وقد ظهر أيامُ خروجي ، فهذه أمانة في رقبتكَ ، فحدّثْ بها إخوانكَ من أهل الحق ) ـ8ـ

    وهذه الرواية لاتحدّد لنا هوية المهدي بالتحديد ، كما أنها تشير إلى قرب الظهور لأنّ ( الناس لا تبقى في فترة ، أكثر من تيه بني إسرائيل ) حسب تعبير المهدي هذا نفسه ، وكما هو معروف ، فتيه بني إسرائيل هو ( 40 ) سنة ، وبما أننا نعرف أنّ زمن هذه الرواية ، كما يذكر لنا الراوي ، هو عام ( 300 هـ ) أي بعد حوالي أربعين سنة من غيبة " المهدي " أو أقلّ من ذلك بسنة واحدة ، نرى " المهدي " يربط بين ظهوره ، وإنتهاء مدة " الفترة " التي حصلتْ للناس ، بسبب غيبته ، والتي حدّدها بـ ( 40 ) عاما ، من خلال إشارته لتيه بني إسرائيل ، ولهذا قال للرجل " قد ظهرَ أيامُ خروجي ، فحدّث بذلك أخوانك " .. وكان هذا عام ( 300 هـ ) وها قد مضى على " ظهرَ أيام خروجي " أكثر من ( 1130 ) سنة !! ..

    ( أحمد بن علي الرازي ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن عبد ربه الأنصاري الهمداني ، عن أحمد بن عبد الله الهاشمي ، من وُلد العبّاس ، قال : حضرتُ دار أبي محمد الحسن بن علي ، عليه السلام ، بسرّ من رأى ، يوم توفيَ ، وأُخرجَتْ جنازته ، ووُضعتْ ، ونحن تسعة وثلاثون رجلا قعود ننتظر ، حتى خرجَ إلينا غلام عشّاري ، حافٍ ، عليه رداء قد تقنّعَ به ، فلمّا أن خرجَ ، قمنا هيبة له ، من غير أن نعرفه ، فتقدّمَ ، وقام الناس فإصطفوا خلفه ، فصلى عليه ، ومشى ، فدخلَ بيتا ، غير الذي خرجَ منه ) ـ9ـ

    ولا أدري لمَ كان عددهم ( 39 ) فأكمِلتْ بالغلام عدّتهم ؟ .. ولماذا أحصى الراوي عدّتهم أساسا ، ثمّ أين كان " جعفر بن علي الهادي " أخو المتوفى ؟ .. وكذلك أين هي الأعداد الهائلة التي شهدت جنازة " إبن الرّضا " في ذلك اليوم السامرائي العظيم ، والذي عُطلتْ فيه الأسواق ، ونوديَ في الشوارع والأزقة " مات إبن الرّضا " ، حسب ما يذكر ذلك الشيخ الطوسي نفسه ؟ .. ثمّ ألا يخاف هذا الغلام على نفسه ، من بطش السلطة العباسية ، والتي تقول الروايات الشيعية ، أنها تجدّ في البحث عنه ، وأنّ أباه " ع " قد أخفى ولادته وشخصه خوفا عليه من القتل ؟ .. ثمّ كيف للناس أن يأتمّوا ، في صلاتهم ، بصبيّ لم يتجاوز الرابعة أو الخامسة من العمر ؟ .. فلو فرضنا أنّ بعضا منهم يعرف الصبيّ شخصيا ، ويعرف سرّه ، فأين إعتراض البقية عليه ، ممّن إئتموا به في صلاتهم ؟ ..

    ولولا إلتزامنا بعدم الخروج عن كتاب " الغيبة " للشيخ الطوسي " رحمه الله " لأوردنا رواية أخرى ، ينقلها " الصّدوق " عن أبي الأديان البصري ، تتفق مع هذه الرواية ببعض المضمون ، وتختلف بآخر .. فكتابنا هو " غيبة " الطوسي ، لا غيره ، وإلاّ لو أنّا حاولنا الإستعانة بمصادر شيعية أخرى ، عن هذا الموضوع ، لإبداء المقارنة ، وتوسيع أفق الدراسة ، لإتّسعتْ ، بالتأكيد ، رقعة التناقضات ، ولمُلئنا منها رعبا ...

    وهكذا ينتهي المؤلف من ذكر أدلته النقلية التي يرى أنها تثبت وجود مهديّه " سلام الله عليه " وبعدها يختم هذه المرويّات المقدّسة بذكر ( المعجزات الدالة على صحّة إمامته في زمان الغيبة ) ويقول ، كعادته ؛ أنها أكثر من أن تُحصى ، فيورد لنا ( 5 ) روايات بائسة سندا ، ومضمونا .. ! ..

    ولننتقل ، الآن ، للحديث عن أحد مراجع الدين المعاصرين ، للشيعة الإثني عشرية ، لنعرفَ شأنهُ و " الغيبة " ....



    ــــــــــــــ

    1ـ الكتاب : 145ـ 146

    2ـ الكتاب : 147

    3ـ الكتاب : 147

    4ـ الكتاب : 148

    5ـ الكتاب : 146 ـ 147

    6ـ الكتاب : 151

    7ـ الكتاب : 152

    8ـ الكتاب : 152 ـ 153

    9ـ الكتاب : 155 ـ 156
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎